تاريخ مدينة دمشق - ج ٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قدامة بن مظعون حدّثه أن مولى أسامة بن زيد حدّثه (١) : أن أسامة كان يركب إلى مال له بوادي القرى فيصوم الاثنين والخميس فقلت له تصوم في السفر وقد كبرت ورققت فقال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصوم الاثنين والخميس فقلت : يا رسول الله لم تصوم يوم الاثنين والخميس؟.

قال : ونا جعفر ، نا عثمان بن أبي شيبة ، نا يزيد بن هارون ، أنا هشام الدّستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير بإسناده مثله.

أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل وأبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق (٢) ، وأبو بكر أحمد بن يحيى بن الحسن ، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قالوا : أنا عبد الرّحمن بن محمد الدّاودي (٣) ، أنا عبد الله بن أحمد بن حموية (٤) ، أنا عيسى بن عمر بن العباس ، أنا عبد الله بن عبد الرّحمن بن بهرام (٥) ، أنا وهب بن جرير ، نا هشام ، عن يحيى ، عن عمر بن الحكم بن ثوبان أن مولى قدامة بن مظعون حدّثه أن مولى أسامة حدّثه قال : كان أسامة يركب إلى مال له بوادي القرى فيصوم الاثنين والخميس في الطريق ، فقلت له : لم تصوم الاثنين والخميس في السفر وقد كبرت وضعفت أو رققت فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يصوم يوم الاثنين والخميس وقال : «إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس» [٢١٢١].

أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلي ، نا عقبة بن مكرم ، نا يونس بن بكير ، نا محمد بن إسحاق ، عن ابن أسامة بن زيد ، عن جده أسامة بن زيد قال : كنت أصوم شهرا من السنة فذكرته للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أين أنت عن شوّال» فكان أسامة إذا أفطر أصبح الغد صائما من شوال حتى يتم على آخره [٢١٢٢].

أخبرنا أبو علي الحداد وجماعة ـ في كتبهم ـ قالوا : أنا أبو بكر محمد بن

__________________

(١) الخبر في سير الأعلام ٢ / ٥٠٦ وانظر تخريجه فيه.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ٢١٢ (١٣٥).

(٣) ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٢٢٢ (١٠٨) والداودي نسبة إلى داود ، اسم جد (الأنساب).

(٤) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٤٩٢ (٣٦٢) وحموية اسم جد.

(٥) انظر نسبه في ترجمته في سير الأعلام ١٢ / ٢٢٤ (٧٨).

٨١

عبد الله بن ريذة (١) ، أنا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا أبو خليفة ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا قرّة بن خالد حدّثني محمد بن سيرين قال : بلغت النّخلة على عهد عثمان ألف درهم ؛ قال : فعمد أسامة إلى نخلة فنقرها (٢) وأخرج جمّارها وأطعمها أمّة ، فقالوا : ما يحملك على هذا ، وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال : إن أمّي سألتني ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلّا أعطيتها (٣).

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، نا الحسن بن محمد بن أحمد بن يوسف ، نا أبو الحسن اللّنباني ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا أخبرني عمرو بن بكير ، عن أبي عبد الرّحمن الطائي قال : قدم أسامة بن زيد على معاوية بالشام فأجلسه معه وألطفه قال : فمدّ أسامة رجله فقال معاوية : يرحم الله أمّ أيمن كأني أنظر ظنبوب ساقها بمكة كأنه ظنبوب نعامة خرجاء ، فقال أسامة : فعل الله بك يا معاوية هي ـ والله ـ خير منك ، قال : يقول معاوية : اللهم غفرا (٤).

قال : الظنبوب : العظم الظاهر ، وهو الساق. والخرجاء : التي فيها بياض وسواد.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أحمد بن محمد بن النّقّور ، أنا أحمد بن محمد بن عمران ، نا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر ، نا أحمد بن روح ، نا سفيان قال : قال عمرو بن دينار حدّثني محمد بن علي بن حسن أن حرملة مولى أسامة أخبره قال : أرسلني أسامة بن زيد إلى عليّ بن أبي طالب وقال : إنه سيسألك الآن ويقول ما خلف صاحبك؟ فقل له : يقول لك لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ، ولكن هذا الأمر لم أره. قال : فلم يعطني شيئا ، فذهبت إلى حسن وحسين وعبد الله بن جعفر فأوقروا لي راحلتي (٥).

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي بن شجاع ، أنا محمد بن إسحاق ، أنا محمد بن الحسين بن علي المستملي المدني ، نا إسحاق بن

__________________

(١) ضبطت عن التبصير.

(٢) مختصر ابن منظور : فعقرها.

(٣) الخبر في ابن سعد ٤ / ٧١.

(٤) الخبر في سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٠٧.

(٥) الخبر في ابن سعد ٤ / ٧١ ولم يذكر فيه «حسينا».

٨٢

إسماعيل ، نا إسحاق بن سليمان ، عن أبي سنان ، عن المغيرة بن سعد ، عن سعيد المقبري قال : شهدت جنازة أسامة بن زيد فقال ابن عمر : اعجلوا بحبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن تطلع الشّمس (١).

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد (٢) ، أنا أنس بن عياض أبو ضمرة ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : حمل أسامة بن زيد حين مات من الجرف إلى المدينة.

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن اللّالكاني قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا ابن عثمان ـ يعني ـ عبد الله عبدان ، أنا عبد الله ، أنا يونس ، عن الزّهري قال : قد حمل سعد بن أبي وقّاص من العقيق (٣) إلى المدينة وحمل أسامة بن زيد من الجرف. وقد تقدم أنه مات في خلافة معاوية (٤) ، ومات معاوية سنة ستين.

٥٩٧ ـ أسامة بن زيد بن عديّ

أبو عيسى التّنوخي الكاتب ويقال : الكلبيّ مولاهم (٥)

مولى سليح ولي كتابة الوليد بن عبد الملك ، ثم قدم دمشق على يزيد بن عبد الملك ، ثم ولي الخراج لهشام بن عبد الملك.

روى عنه زيد بن أسلم وحرملة بن عمران.

ذكر أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق : أن أسامة بن زيد بن عدي صاحب قصر أسامة من أهل دمشق ، كان على ديوان الجند بدمشق في زمان الوليد بن

__________________

(١) الخبر في سير الأعلام ٢ / ٥٠٧.

(٢) طبقات ابن سعد ٤ / ٧٢.

(٣) العقيق : انظر معجم البلدان ٤ / ١٣٨ ـ ١٣٩.

(٤) ذكر ابن سعد أنه مات في آخر خلافة معاوية (الطبقات ٤ / ٧٢).

(٥) الوزراء والكتاب للجهشياري ص ٥١ و ٥٢ وانظر النجوم الزاهرة ١ / ٢٣٢.

٨٣

عبد الملك ، وتولّى خراج مصر للوليد بن عبد الملك فاستخرج مالها اثني عشر ألف دينار وهو أوّل من اتّخذ صاحب حمالة.

كتب إليّ أبو محمد حمزة بن العباس العلوي ، وأبو الفضل أحمد بن محمد بن سليم ، وحدثني أبو بكر محمد بن شجاع عنهما قالا : أنا أبو بكر الباطرقاني ح.

وأنا أبو بكر محمد بن شجاع أنبأني أبو عمرو بن مندة ، عن أبيه أبي عبد الله ، نا أبو سعيد بن يونس ، نا علي بن أحمد بن سليمان علّان ، نا أحمد بن سعيد الفهري ، نا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدّثني زيد بن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده : أن صنما كان بالاسكندرية يقال له شراحيل على حشفة من حشف البحر مستقبل بإصبع من كفه قسطنطينة لا يدرى أكان عمله سليمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم عمله الإسكندر ذو القرنين ، فكان الحيتان يدورون بالاسكندرية وتصاد عندهما ـ فيما زعموا ـ قال : فأخبرني أبي ، عن أبيه أنه انبطح على بطنه ، ومدّ يديه ورجليه ، فكان طوله قدم ـ وفي نسخة : قدر الصّنم ـ فكتب رجل يقال له أسامة بن زيد كان عاملا على مصر للوليد بن عبد الملك إلى الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين أن عندنا بالإسكندرية صنما يقال له شراحيل من نحاس وقد غلبت علينا الفلوس ، فإن رأى أمير المؤمنين أن ننزله ونضربه فلوسا فعل ، وإن رأى غير ذلك فليكتب إليّ من أمره. فكتب إليه : لا تنزله حتى أبعث إليك أمناء يحضرونه ، فبعث إليه رجالا أمناء حتى أنزل من الحشفة فوجدوا عينيه ياقوتتين حمراوين ليس لهما قيمة ، فضربه فلوسا فانطلقت الحيتان فلم ترجع إلى ما هنالك.

قال : وقال لنا أبو سعيد بن يونس أسامة بن زيد ولي خراج أرض مصر للوليد وسليمان ابني عبد الملك بن مروان وهو الذي بنى مقياس (١) النيل العتيق بجزيرة فسطاط مصر روى عنه زيد بن أسلم وحرملة بن عمران.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطّبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان قال : قال ابن بكير قال الليث بن سعد : فيها ـ يعني سنة سبع أو ست وتسعين ـ دخل أسامة بن زيد مصر أميرا على أهل

__________________

(١) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن م وانظر مختصر ابن منظور ٤ / ٢٥٦.

٨٤

الأرض ، دخل يوم السبت لإحدى عشرة خلت من شهر ربيع الأول ، فقال الليث بن شريح : وفيها يعني سنة تسع وتسعين ـ نزع أسامة بن زيد من مصر في شهر ربيع الآخر [وأمّر حيان بن شريح سنة اثنتين ومائة](١) قال : وفيها ـ يعني سنة أربع ومائة ـ خرج أسامة بن زيد إلى الشام فجعل على الدواوين وأمّر يزيد بن أبي يزيد على مصر.

أخبرنا أبو يعلى حمزة بن علي بن هبة الله بن الحبوبي (٢) ، نا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي ، أنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الأنصاري الأندلسي (٣) الفقيه ، أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد ـ فيما كتب إليّ ـ أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن علي اللّخمي الباجي (٤) الأندلسي ، أنا أبو محمد عبد الله بن يونس ، أنا بقي بن مخلد ، نا أحمد بن إبراهيم الدّورقي ، حدّثني عفان بن مسلم حدّثني جويرية بن أسماء ، عن إسماعيل بن أبي الحكيم (٥) قال : لما بعث سليمان بن عبد الملك أسامة بن زيد الكلبي على مصر دخل أسامة على عمر بن عبد العزيز فقال : يا أبا حفص إنه ـ والله ـ ما على ظهر الأرض من رجل بعد أمير المؤمنين أحبّ إليّ رضا منك ولا أعز عليّ سخطا منك ، وإن أمير المؤمنين قد وجّهني إلى مصر ، فأوصني بما شئت ، واكتب إليّ فيما شئت ، فإنك لن تأمر بأمر إلّا نفّذ إن شاء الله.

قال : ويحك يا أسامة إنك تأتي قوما قد ألحّ عليهم البلاء منذ دهر طويل ، فإن قدرت على أن تنعشهم فانعشهم. قال : يا أبا حفص إنك قد علمت نهمة أمير المؤمنين في المال ، وإنه لا يرضيه إلّا المال ، قال : إنك إن تطلب رضا أمير المؤمنين بسخط الله ، يكن الله قادرا على أن يسخط أمير المؤمنين عليك. قال : إني سأودع أمير المؤمنين وأنت حاضر ـ إن شاء الله ـ فتسمع وصاته.

فلما كان في اليوم الذي أراد أن يسير فيه غدا على سليمان متقلّدا بسيف ، متوشّحا

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن هامشه ومختصر ابن منظور.

(٢) رسمها غير واضح بالأصل وفي م : الحبري والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ٣٥٧.

(٣) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٦٥٨ (٤٤٧).

(٤) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٣٧٧ (٢٦٨).

والباجي نسبة إلى باجة بلدة من بلاد الأندلس (الأنساب).

(٥) في مختصر ابن منظور : «ابن أبي الحكم» تحريف ، انظر تقريب التهذيب.

٨٥

عمامته ، يتحين دخول عمر ، فلما عرف أن عمر قد استقرّ فقعد مقعده عند سليمان استأذن ودخل وسلّم ، ثم مثل قائما فقال : يا أمير المؤمنين هذا وجهي وأردت أن أحدث عهدا يا أمير المؤمنين وأن يعهد إليّ أمير المؤمنين.

قال : احلب حتى ينفيك الدم ، فإذا أنفاك فاحلب حتى ينفيك القيح لا تنفيها لأحد بعدي.

قال : فخرج ، فلم يزل واقفا حتى خرج عمر من عند سليمان ، فسار معه قبل منزل عمر ، فقال : يا أبا حفص قد سمعت وصاة أمير المؤمنين؟ قال : وأنت قد سمعت وصاتي ، قلت : أوصني في خاصّتك قال : ما أنا بموصيك مني في خاصّتي إلّا أوصيك به في العامة (١).

فسار إلى مصر ، فعمل فيها عملا والله ما عمله فيها فرعون. فقد قصّ عليكم ما عمل فرعون.

فقلت له : فما صنعتم به حين وليتم؟ قال : عزلناه ووقفناه بمصر في العسكر ، فو الله ما جاء أحد من الناس يطلب قبله دينارا ولا درهما إلّا وجدناه مثبتا في بيت المال ، كان أمينا في الأرض.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق النّهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خياط (٢) في تسمية عمال يزيد بن عبد الملك الخراج والجند والرسائل : صالح بن جبير الغدّاني ثم عزله ، وولى أسامة بن زيد مولى لأهل اليمن.

وقال حاتم بن مسلم على الخاتم : أسامة بن زيد. وقال شباب (٣) ، في تسمية عمال هشام بن عبد الملك الخراج والجند : أسامة بن زيد ثم عزله وولاها عبيد الله (٤) بن الحبحاب.

__________________

(١) الخبر في الوزراء والكتاب ص ٥١ والنجوم الزاهرة ١ / ٢٣١ باختلاف.

(٢) تاريخ خليفة ص ٣٣٥.

(٣) تاريخ خليفة بن خياط ص ٣٥٢.

(٤) تاريخ خليفة : «عبيدة». مولى بني سلول.

٨٦

٥٩٨ ـ أسامة بن سلمان النّخعي ويقال العنسيّ ، من أهل دمشق

روى عن ابن مسعود وأبي ذرّ.

روى عنه : عمر بن نعيم وقيل : روى عنه مكحول أيضا وهو وهم.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ـ ببغداد ـ أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا عبد الحميد بن بكّار السّلمي البيروتي ، وصفوان بن صالح قالا : نا الوليد ـ هو ابن مسلم ـ أنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن أسامة بن سلمان العنسي ، نا أبو ذرّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن الله عزوجل ليغفر للعبد ما لم يقع الحجاب» قالوا : يا رسول الله ما وقوع الحجاب؟ قال : «أن تموت ـ يعني النفس ـ وهي مشركة» [٢١٢٣].

قال البيهقي : كذا قال الوليد بن مسلم ـ يعني أنه لم يذكر في أسناده عمر بن نعيم ـ خالفه جماعة فرووه عن ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر بن نعيم ، عن أسامة بن سلمان منهم : علي بن الجعد ، وزيد بن الحباب (١) ، وعلي بن عياش ، وعاصم بن علي ، والهيثم بن جميل البغدادي نزيل أنطاكية.

فأما حديث زيد بن الحباب :

فأخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالت : أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا أبو كريب ، نا زيد بن الحباب ، نا عبد الرّحمن بن ثوبان ح.

وأخبرناه أبو عبد الله الفراوي (٢) ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى بن الفضل (٣) ، قالا : نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، نا الحسن بن

__________________

(١) ضبطت بضم المهملة وموحدتين عن تقريب التهذيب.

(٢) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى فراوة وهي بليدة على الثغر مما يلي خوارزم (الأنساب) وهي بين دهستان وخوارزم ، من أعمال نسا.

واسمه محمد بن الفضل بن أحمد ، أبو عبد الله الصاعدي الفقيه الواعظ ، ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٦١٥ (٣٦٢).

(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٥٠ (٢١٨).

٨٧

علي بن عفان ، نا زيد بن الحباب ، حدّثني عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر بن نعيم ، عن أسامة بن سلمان ، عن أبي ذرّ أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ـ وفي حديث ابن عفان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ـ «إن الله ليغفر لعبده ما لم يقع الحجاب» ، فقيل : يا رسول الله ، وما الحجاب؟ قال : «أن تموت النفس وهي مشركة» وفي حديث أبي كريب يغفر لعبده ، وفيه : وما وقوع الحجاب؟ [٢١٢٤].

وأمّا حديث علي بن الجعد :

فأخبرناه أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن هبة الله ، وأبو منصور علي بن علي بن عبيد الله قالوا : أنا أبو محمد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ح.

وأخبرنا أبو سهل بن سعدوية ، أنا أبو الفضل الرازي ، أنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب ، قالا : نا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر ـ يعني ابن نعيم ـ عن أسامة بن سلمان أن أباه حدثهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله ليغفر لعبده ما لم يقع الحجاب» ، قالوا : يا رسول الله وما الحجاب؟ قال : «تموت النفس وهي مشركة» قال أبو مسلم : ما لم يرفع الحجاب [٢١٢٥].

وأما حديث علي بن عياش :

فأخبرناه أبو علي الحداد في كتابه ثم حدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا أبو زرعة الدمشقي وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة قالا : نا علي بن عياش الحمصي (١) قال : ونا محمد بن العباس المؤدب ، نا علي بن الجعد قال : ونا عمر بن حفص السّدوسي ، نا عاصم بن علي قالوا : نا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر بن نعيم ، عن أسامة بن سلمان أن أبا ذرّ حدثهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله يقبل توبة عبده ما لم يقع الحجاب» قالوا : يا رسول الله وما الحجاب؟ قال : «تموت النفس وهي مشركة». قال أبو مسلم : ما لم يرفع الحجاب [٢١٢٦].

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٣٣٨ (٨٣).

٨٨

وأما حديث عاصم بن علي :

فأخبرناه أبو سهل بن سعدوية ، أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا محمد بن هارون الرّوياني ، نا ابن إسحاق ـ وهو الصّغانيّ ـ أنا عاصم بن علي ، نا عبد الرّحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر بن نعيم ، عن أسامة بن سلمان أن أبا ذرّ حدثهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله ليغفر لعبده ما لم يقع الحجاب». قالوا : يا رسول الله وما الحجاب؟ قال : «أن تموت النفس وهي مشركة» [٢١٢٧].

وأما حديث الهيثم :

فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو طالب بن غيلان ، نا أبو بكر الشافعي ، نا أبو الوليد محمد بن أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي ـ سنة سبع وسبعين ومائتين ـ نا الهيثم بن جميل (١) ، نا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر بن نعيم العنسي ، عن أسامة بن سلمان ، أنا أبا ذرّ حدثه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله تعالى يغفر للعبد ما لم يقع الحجاب». قالوا : يا رسول الله وما الحجاب؟ قال : «ما لم تمت النفس مشركة» [٢١٢٨].

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمّام بن محمد ، أنا جعفر بن محمد بن جعفر ، نا أبو زرعة الدمشقي : في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي العليا ، أسامة بن سلمان النّخعي ، يحدث عن أبي ذرّ وابن مسعود (٢).

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عبد الله بن عتّاب بن محمد ، أنا أحمد بن عمير إجازة ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أحمد بن عمير قال : سمعت أبا الحسن محمود بن

__________________

(١) أبو سهل الأنطاكي ، بغدادي الأصل ، ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٣٩٦ (١٠٩).

(٢) ليس في تاريخ أبي زرعة.

٨٩

إبراهيم بن سميع يقول في الطبقة الثانية : أسامة بن سلمان النّخعي ، دمشقي ، حفظ عن ابن مسعود.

أخبرنا أبو الغنائم بن النّرسي ـ في كتابه واللفظ له ـ ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم بن النّرسي قالوا : أنا أبو أحمد الغندجاني ـ زاد ابن خيرون : وأبو الحسين الأصبهاني ـ قالا : أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل البخاري قال (١) : أسامة بن سلمان وهو النّخعي الشامي ، سمع أبا ذرّ [وابن مسعود](٢).

٥٩٩ ـ أسامة بن سلام القرشي

من أهل صهيا (٣) ، له ذكر في كتاب أحمد بن حميد بن أبي العجائز.

٦٠٠ ـ أسامة بن مرشد بن عليّ

ابن المقلّد بن نصر بن منقذ بن نصر بن هاشم

أبو المظفّر الكنانيّ الملقب بمؤيّد الدولة (٤)

له يد بيضاء في الأدب والكتابة والشعر.

ذكر لي أنه ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ، وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ، وخدم بها السلطان ، وقرب منه ، وكان فارسا شجاعا ، ثم خرج إلى مصر فأقام بها مدة ثم رجع إلى الشام وسكن حماة ، واجتمعت به بدمشق وأنشدني قصائد من شعره سنة ثمان وخمسين وخمسمائة (٥).

قال لي أبو عبد الله محمد بن الحسن بن الملحيّ : الأمير مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ شاعر أهل الدهر ، مالك عنان النّظم والنّثر ، متصرّف في معانيه ، لاحق

__________________

(١) التاريخ الكبير ١ / قسم ٢ / ٢١.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك على هامشه.

(٣) صهيا : قرية من إقليم بانياس من أعمال دمشق (معجم البلدان).

(٤) ترجمته في الوافي بالوفيات ٨ / ٣٧٨ وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٦٥ ووفيات الأعيان ١ / ١٩٥ وانظر بالحاشية في المصادر الثلاثة ثبتا بأسماء مصادر أخرى كثيرة ترجمت له. وله ترجمة وافية في بغية الطلب لابن العديم ٣ / ١٣٥٨.

(٥) بغية الطلب ٣ / ١٣٦١.

٩٠

بطبقة أبيه ، ليس يستقصى وصفه بمعان ، ولا يعبّر عن شرحها بلسان ، فقصائده الطوال لا يفرّق بينها وبين شعر ابن الوليد (١) ، ولا ينكر على منشدها نسبتها إلى لبيد ، وهي على طرف لسانه ، بحسن بيانه ، غير محتفل في طولها ، ولا يتعثّر لفظه العالي في شيء من فضولها ، والمقطّعات فأحلى من الشّهد ، وألذّ من النوم بعد طول السّهر (٢) ، في كلّ معنى غريب وشرح عجيب (٣).

كتب على حائط دار سكنها بالموصل (٤) :

دار سكنت بها كرها وما سكنت

روحي إلى شجن فيها ولا سكن

والقبر أستر لي منها وأجمل بي

إن صدّني الدّهر عن عودي إلى وطني

وكتب إلى أخيه (٥) :

عجمتني الخطوب حينا فلمّا

عجزت أن تطيق مني مساغا

لفظتني وسالمتني فقد عا

د حذاري أمنا وشغلي فراغا

وأخو الصبر في الحوادث إن لم

يلقه الحين مدرك ما أراغا

وكتب على حائط جامع (٦) :

هذا كتاب فتى أحلّته النّوى

أوطانها وثبت به أوطانه

شطّت به عن من يحبّ دياره

وتفرّقت أيدي سبا اخوانه

متتابع الزّفرات بين ضلوعه

قلب يبوح ببثّه خفقانه

تأوي إليه مع الظّلام همومه

وتذوده عن نومه وأشجانه

لكنه لا يستكين لحادث

خوف الحمام ولا يراع جنانه

ألفت مقارعة الكماة جياده

وسرى الهواجر لا يني ذملانه (٧)

__________________

(١) يعني البحتري ، ولعله يريد مسلم بن الوليد ، صريع الغواني.

(٢) بغية الطلب ومختصر ابن منظور : السهد.

(٣) بغية الطلب ٣ / ١٣٦١ ـ ١٣٦٢.

(٤) البيتان ليسا في ديوانه.

(٥) الأبيات ليست في ديوانه.

(٦) ديوانه ص ١٥٠.

(٧) بالأصل «زملايه».

٩١

يومان أجمع دهره إمّا سرى

أو يوم حرب تلتظى (١) نيرانه

أنشدنا أبو المظفر (٢) :

نافقت دهري فوجهي ضاحك جذل

طلق وقلبي كئيب مكمد باكي

وراحة القلب في الشكوى ولذّتها

لو أمكنت لا تساوي ذلّة الشّاكي

وأنشدني أيضا (٣) :

أصبحت لا أشكو الخطوب وإنما

أشكو زمانا لم يدع لي مشتكا

أفنى أخلّائي وأهل مودّتي

وأباد إخوان الصّفاء وأهلكا

عاشوا براحتهم ومتّ لفقدهم

فعليّ يبكي لا عليهم من بكا

وبقيت بعدهم كأني حائر

بمفازة لم يلق فيها مسلكا

وأنشدني أيضا (٤) :

أحبابنا كيف اللقاء ودونكم

خوض (٥) المهالك والفيافي الفيح

أبكيتم عيني دما فكأنما

إنسانها بيد الفراق جريح (٦)

فكأن قلبي حين يخطر ذكركم

لهب الضرام تعاورته الرّيح

وأنشدني (٧) :

يا مؤيسي بتجنّيه وهجرته

هل حرّم الحبّ تسويفي وتعليلي

يبدي لي اليأس تصريحا فتكذبه

طماعي وأرى الآمال تملي لي

__________________

(١) بالأصل : «تتلظى».

(٢) ديوانه ص ٩٤ ومعجم الأدباء ٥ / ١٩٩.

(٣) ديوانه ص ٣٠٢.

(٤) الأبيات ليست في ديوانه ، وهي في الوافي بالوفيات ٨ / ٣٨٠ ومعجم الأدباء ٥ / ٢٠١ قالها كما وصف خفقان القلب فبالغ في تشبيهه.

(٥) في المصدرين : عرض المهامة.

(٦) في المصدرين :

أبكيتم عيني دما لفراقكم

فكأنما إنسانها مجروح

في الوافي : «دمعي» بدل «عيني».

(٧) الأبيات ليست في ديوانه.

٩٢

وقد رضيت قليلا [منك](١) تبذله

فما احتيالي إذا استكثرت تقليلي

وأنشدني ما قاله في ضرس له قلعه (٢) :

وصاحب لا يمل (٣) الدّهر صحبته

يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد

لم يبد لي (٤) مذ تصاحبنا فحين بدا

لناظريّ افترقنا فرقة الأبد

وأنشدني (٥) :

ومماذق رجع النداء جوابه

فإذا عرى خطب فأبعد من دعي

مثل الصّدى يخفى عليّ مكانه

أبدا ويملأ بالإجابة مسمعي

وأنشدنا مما عمله بقيسارية (٦) :

أراني نهار الشّيب قصدي وطال ما

تجاوز بي ليل الشّباب سبيلي

وقد كان عذري أن أضلّني الدّجى

فهل لي عذر والنّهار دليلي

وأنشدنا (٧) :

إذا ما عدا خطب من الدهر فاصطبر

فإن الليالي بالخطوب حوامل

وكل الذي يأتي به الدهر زائل

سريعا فلا تجزع لما هو زائل

وأنشدني (٨) :

لا تخدعنّ بأطماع تزخرفها

لك المنى بحديث المين والخدع

فلو كشفت عن الهلكى بأجمعهم

وجدت هلكهم في الحرص والطمع

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن هامشه.

(٢) ديوانه ص ١٥٣ ومعجم الأدباء ٥ / ١٩٤ وبغية الطلب ٣ / ١٣٦٦.

(٣) معجم الأدباء : لا أملّ.

(٤) معجم الأدباء وبغية الطلب : لم ألقه مذ.

(٥) ديوانه ص ٢٥٣.

(٦) البيتان ليسا في ديوانه.

وقيسارية : بلدة على ساحل بحر الشام تعدّ في أعمال فلسطين بينها بين طبرية ثلاثة أيام. (معجم البلدان).

(٧) ديوانه ص ٢٥٦.

(٨) ديوانه ص ٢٥٣.

٩٣

وأنشدني (١) :

لا درّ درّك من رجاء كاذب

يغتّرنا بورود لامع الآل

أبدا يسوّفنا بنصرة خاذل

ووفاء خوّان وعطفة قال

ويري سبيل الرشد لكن ما لنا

عزم مع الأهواء والآمال

وأنشدني مما قاله بمصر (٢) :

أنظر إلى صرف دهري كيف عوّدني

بعد المشيب سوى عاداتي الأول

تغاير صرف الدهر معتبر

وأيّ حال على الأيّام لم يحل

قد كنت مسعر حرب كلّما خمدت

أضرمتها باقتداح البيض في القلل

همّي منازلة الأقران أحسبهم

فرائسي فهم منّي على وجل

أمضي على الهول من ليل وأهجم من

سيل وأقدم في الهيجاء من أجل

فصرت كالغادة المكسال مضجعها

على الحشايا وراء السّجف (٣) والكلل

قد كدت أعفن من طول الثّواء كما

يصدي المهنّد طول اللّبث في الخلل

أروح بعد دروع الحرب في حلل

في الدّبيقي (٤) فبؤسا لي وللحلل

وما الرّفاهة من رأيي ولا وطري

ولا التّنعّم من همّي ولا شغل

ولست أرضى بلوغ المجد في رفه

ولا العلى دون حطم البيض والأسل

وأنشدني بعد ما قاله في خروجه من مصر قال (٥) :

إليك فما تثني شئونك شأني

ولا تملك العين الحسان عناني

ولا تجزعي من بغتة البين واصبري

لعل التنائي معقب لتداني

فللأسد غيل حيث حلّت وإنّما

يهاب التّنائي قلب كلّ هدان

__________________

(١) ديوانه ص ٢٥٧.

(٢) ديوانه ص ٢٥٥.

(٣) السجف : الستر (القاموس).

(٤) الدبيقي نسبة إلى دبيق بليدة كانت بين الفرما وتنيس من أعمال مصر ، خرب الآن ، كانت تتخذ منها الثياب الدبيقية ، وهي ثياب رقيقة. (معجم البلدان ـ تاج العروس).

(٥) ديوانه ص ٢٢٨.

٩٤

ولا تحملي همّ اغترابي فلم أزل

غريب وفاء في الورى وبيان

وفيّا إذا ما خان جفن لناظر

ولم يرع كفّ صحبة لبنان

أرى الغدر عارا يكتب الدّهر وسمة

ويقرأه ما بين الملا الملوان

ولا تسأليني عن زماني فإنّني

أنزّه عن شكوى الخطوب لسان

ولكن سلي عنّي الزمان فإنّه

يحدّث عن صبري على الحدثان

رمتني الليالي بالخطوب جهالة

بصبري على ما نابني وعراني

فما أوهنت عزمي الرزايا ولا لها

بحسن اصطباري في الملمّ يداني

وكم نكبة ظنّ العدى أنّها الرّدى

سمت بي وأعلت في البرية شاني

وما أنا ممن يستكين لحادث

ولا يملأ الهول المخوف جناني

وإن كان دهري غال وفدي فلم يغل

ثنائي ولا ذكري بكلّ مكان

وما كان إلّا للنّوال وللقرى

وغوثا لملهوف وفدية عان

حمدت على حالي يسار وعسرة

وبرّزت في يومي ندى (١) وطعان

ولم أدّخر للدّهر إن راب أو نبا

وللخطب إلّا صارمي وسنان

لأنّ جميل الذكر يبقى لأهله

وكل الذي فوق البسيطة فان

٦٠١ ـ أسباط بن واصل الشّيباني

والد يوسف (٢) بن أسباط الزاهد.

شاعر مدح يزيد بن الوليد وكان قدريّا حكى ذلك ابنه يوسف.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الوحش سبيع (٣) بن المسلّم الفقيه ، عن رشأ بن نظيف المقرئ ، وأبي القاسم علي بن الفضل بن الفرات قالا : أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أبو الحسن بن جوصا ، نا عبد الله بن خبيق قال : قالت لي زوجة يوسف : قال لي يوسف : كان أبي صديقا ليزيد بن الوليد الناقص ، فلما صارت

__________________

(١) عن الديوان والمختصر وبالأصل «يدي» واستدرك البيت على هامش م ، وفيها : يدي.

(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٩ / ١٦٩ وانظر بحاشيتها ثبتا بمصادر أخرى ترجمت له.

(٣) ضبطت عن الإكمال ٢ / ٢٥١ انظر الاستدراك عليه حاشية صفحة ٢٥٢.

٩٥

إليه الخلافة دخل عليه ومعه عشرة من الشعراء ، فسلم عليه بالخلافة وقال له :

أتتك تزفّ زفاف العروس

عن المسلمين فخذها هنيّا

في قصيدة له ، فأمر لهم بكذا وكذا فرّق بينهم ؛ ثم عاش أبي حتى أدرك أبا جعفر فأتاه بقصيدته التي قالها في يزيد ، فأمر له بأربعة آلاف درهم ، فاستقلّها أبي ، وقال : عهد أمير المؤمنين بالفقر قريب.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ـ قراءة ـ نا رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمد بن عبد العزيز ، نا أحمد بن خالد ، عن أبي يوسف قال : سألت يوسف بن أسباط أترك أبوك مالا؟ قال : ترك أبي مائة ألف بالعراق لم آخذ منها شيئا.

قال أبو يوسف : كان يوسف بن أسباط يطحن الشعير بيده ، ويأكل ، ويغزو ولا يأخذ سهمه ولا يأكل منه.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، عن أبي القاسم بن الفرات ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أبو الحسن بن جوصا ، نا عبد الله بن خبيق قال : قال يوسف بن أسباط :

مات أبي وترك مائة ألف ما أخذت منها شيئا إلّا هذا المصحف ، وفي (١) نفسي منه شيء.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو محمد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي ، نا محمد بن هارون ـ وهو أبو نشيط ـ نا سعيد بن شبيب قال : سمعت يوسف بن أسباط يقول : كان أبي قدريّا وأخوالي روافض ، فأنقذني الله تعالى بسيفين.

وقال أسباط : يذكر غيبته عن قتل الوليد وأنّه لم يحضره وقد كان ذلك وبعد من المجلبين عليه والدّاعين إلى قتاله وقتله :

مررت بحيث قضى نحبه

فكاد يشيّب منّي القذالا

لذكري وقيعته إذ مضت

ولم أك باشرت فيها قتالا

فإن أك غيّبت عنها فما

تغيّب قلبي ولا كان مالا

__________________

(١) كذا وفي مختصر ابن منظور ٤ / ٢٦٣ : «وليس في نفسي ...».

٩٦

ولكنني كنت في غيبة

أجلّ من القول عنّي عيالا

أعرّف ذا الجهل شرّاته

وأذكر للناس منه خلالا

ولأسباط بن واصل مما ذكر محمد بن داود بن الجرّاح :

دعاني أناجي إلهي (١) قليلا

إذا الليل ألقى عليّ السّدولا

إليك تيمّمت قولا (٢) أصيلا

أرجّي به ربّ منك الفضولا

لأنك تعطي على قدرة

وأنك (٣) لست بشيء بخيلا

__________________

(١) عن م ومختصر ابن منظور ، مطموسة بالأصل.

(٢) مطموسة بالأصل والمثبت عن م.

(٣) مطموسة بالأصل والمثبت عن م.

٩٧

ذكر من [اسمه](١) إسحاق

٦٠٢ ـ إسحاق بن أحمد

حدّث عن جعفر بن محمد الفريابي فيما أرى.

روى عنه : علي بن بندار الصّوفي القزويني المعروف بالصّيرفي (٢).

أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلّم وأبو محمد بن الأكفاني (٣) وأبو المعالي ثعلب بن جعفر ، أنا جعفر بن أحمد الصّوفي القزويني السّرّاج ، أنا أبو بكر [محمد](٤) بن أحمد بن محمد الأردستاني ، أنا محمد بن الحسن السّلمي ، أنا علي بن بندار الصّوفي ، نا إسحاق بن أحمد الدّمشقي ، نا الفريابي ، نا بشر بن محمد بن يحيى بن وضيح ، عن أيوب ، عن أنس قال : دخلت على البراء بن مالك وقد قال برجله على الحائط ، وهو يترنّم بالشعر ، فقلت : بعد الإسلام والقرآن؟ قال : يا أخي ، الشعر ديوان العرب.

٦٠٣ ـ إسحاق بن أحمد أبو يعقوب الطائي

حدّث عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن إسحاق الزّجاجي (٥).

__________________

(١) سقطت من الأصل وزيادتها لازمة عن م.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ١٠٩ (٧٤).

(٣) من اللفظة بالأصل «إلا» فقط ، والصواب ما أثبت عن م.

(٤) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه وبجانبها كلمة صح. وانظر في نسبه ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٤٢٨.

(٥) ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٤٧٥.

٩٨

روى عنه : أبو نصر بن الجبّان (١).

أنبأنا أبو محمد بن صابر السّلمي ، أنا أبو الحسين بن الحنّائي ، أنا أبو بكر الحداد ، أخبرني أبو نصر بن الجبّان ، حدّثني أبو يعقوب إسحاق بن أحمد الطائي ، نا أبو القاسم عبد الرّحمن بن إسحاق الزجاجي ، نا محمد بن القاسم الأنباري ، عن أبي القاسم العبدي قال : قال المأمون : بينما أنا أدور في بلاد الروم وقفت على قصر عادي مبنيّ من رخام أبيض ، كأن أيدي المخلوقين رفعت عنه تلك الساعة ، عليه مصراعان مردومان ، عليهما كتاب بالحميرية فطلبت من قرأه ، فإذا هو مكتوب : بسم الله الرّحمن الرّحيم :

ما اختلف اللّيل والنهار ولا

دارت نجوم السّماء في الفلك

إلّا بثقل النعيم عن ملك

قد زال سلطانه إلى ملك

وملك ذي العرش دائم أبدا

ليس بفان ولا بمشترك (٢)

قال : فأمرت بفتح المصراعين ، فدخلت ، فإذا أنا بقبة من رخام أبيض مكتوب حواليها مثل تلك الكتابة ، فقرئ فإذا هو مكتوب :

لهفي على مختلس

في قبره محتبس

قد عاش دهرا ملكا

منعّما بالأنس

لم ينتفع لما

أتي بجنده والحرس

وإذا داخل القبّة سرير من ذهب عليه رجل مسجّى حواليه ألواح من فضّة ، مكتوب على لوح منها عند رأسه بمثل الكتابة :

الموت أخرجني من دار مملكتي

فاخترت مضطجعي من بعد تتريف

لله عبد رأى قبري فأحزنه

وخاف من دهره ريب التصاريف

أستغفر الله من ذنبي ومن زللي

وأسأل الله عفوا يوم توقيفي

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٤٦٨.

(٢) لأبي العتاهية ، ديوانه ط بيروت ص ٣١٦ البيتان الأوّل والثاني.

٩٩

ذكر من اسم أبيه إبراهيم ممن اسمه إسحاق

٦٠٤ ـ إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن محمد

ابن عطيّة بن زياد بن مزيد بن بلال بن عبد الله

أبو يعقوب البغدادي (١)

أخو أبي بكر بن الحداد.

سمع بدمشق : أبا عبد الله (٢) أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي ببيت لهيا (٣) ، وببغداد : يوسف بن يعقوب القاضي.

واستوطن مصر ، وروى عنه من أهلها : عبد الغني بن سعيد.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس وأبو منصور بن خيرون قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب : إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن زياد بن مزيد بن بلال بن عبد الله ، أبو يعقوب الأسدي. وهو أخو أبي بكر بن الحداد ، نزل تنّيس (٤) وحدّث بها ، وبمصر ، عن يوسف بن يعقوب القاضي وطبقته ، روى عنه عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ.

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ٦ / ٣٩٨.

(٢) بالأصل «عبد» والمثبت عن م (تقدمت ترجمته في كتابنا رقم ٢٢٩).

(٣) بيت لهيا بكسر اللام وسكون الهاء وياء وألف مقصورة : قرية مشهورة بغوطة دمشق. (معجم البلدان).

(٤) بكسرتين وتشديد النون وياء ساكنة والسين مهملة : جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط.

١٠٠