تاريخ مدينة دمشق - ج ٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عبد الله بن عتبة ـ كلهم ـ عن عائشة فيما قال لها أهل الإفك فبرأها الله ممّا قالوا. وكلهم حدثني طائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت لها (١) اقتصاصا ، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عنها ، وبعض حديثهم يصدّق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض قالت :

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [معه](٢) فقالت عائشة : فأقرع بيننا في غزاة غزاها ، فخرج [بها](٢) سهمي ، فخرجت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [وذلك](٢) بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي ، فأنزل فيه ، حتى إذا فرغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من غزوته تلك ، ودنوا من المدينة ، نودي بالرحيل ، فخرجت حين أذنوا بالرحيل ، فتبرّزت لحاجتي حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع (٣) أظفار ـ وصوابه ظفار ـ قد انقطع فخرجت في التماسه فحبسني ابتغاؤه ، وجاء (٤) الرهط الذين يرحلون لي ، واحتملوا هودجي فحملوه على بعيري الذي كنت أركب عليه ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك لم يهبّلهنّ اللحم (٥) ، إنما تأكل إحدانا العلقة (٦) من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه ، وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الحمل وساروا ، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش ، وجئت مبادرة وليس بها منهم داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ ، فبينا أنا كذلك في منزلي إذ غلبتني عيناي (٧) فنمت ، وكان صفوان بن المعطّل السّلمي من وراء الجيش ، فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرف (٨) حين رآني ، وقد كان يراني قبل الحجاب (٩) ، فاستيقظت باسترجاعه ، فخمرت وجهي

__________________

(١) أي أحفظ وأحسن سردا وإيرادا للحديث.

(٢) الزيادة عن مسلم.

(٣) الجزع ضرب من الخرز ، وقيل هو الخرز اليماني. وظفار : مدينة باليمن قرب صنعاء (معجم البلدان).

(٤) عند مسلم : «وأقبل» والرهط الجماعة دون العشرة.

(٥) أي يثقلن باللحم والشحم. يقال : هبله اللحم وأهبله : إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.

(٦) أي القليل من الطعام.

(٧) في مسلم : عيني.

(٨) في مسلم : فعرفني.

(٩) مسلم : قبل أن يضرب الحجاب عليّ.

١٢١

بجلبابي ، والله ما تكلمنا بكلمة ، ولا سمعت من كلامه غير استرجاعه ، حين أناخ راحلته فوطئ على يديها فانطلق بالراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر (١) الظهيرة ، وقد هلك من أهل الإفك من هلك ، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبيّ ، فاشتكيت حين قدمت المدينة شهرا ، والناس يفيضون في قول الإفك (٢) لا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اللطف الذي كنت أراه منه حين أشتكي ، إنما يدخل فيقول : «كيف تيكم؟» ثم ينصرف فذاك الذي يريبني منه ، ولا أشعر بشيء (٣) حتى خرجت بعد ما نقهت (٤) أنا وأم مسطح (٥) ـ وهي بنت أبي رهم بن عبد المطلب بن عبد مناف وأمّها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر ، وابنها مسطح بن أثاثة (٦) بن المطّلب ، فأقبلت أنا وأمّ مسطح ، فقلت : فرغنا من شأننا ، فعثرت أمّ مسطح في مرطها (٧) ، فقلت فيما ذا؟ قالت : فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «كيف تيكم؟» فقلت : أتأذن لي فآتي أبويّ؟ ـ وحينئذ أريد أن استيقن الخبر من قبلهما ـ قالت : فأذن لي من الغد ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمّه ما ذا يتحدث الناس به؟ قالت : يا بنية هوّني عليك ، فو الله لقلّ ما كانت امرأة وضيئة ، عند رجل يحبها ولها ضرائر إلّا كثّرن عليها. قلت : سبحان الله! ولقد تحدث الناس بهذا ، فمكثت تلك الليلة أبكي حتى أصبحت لا يرقى (٨) لي دمع ولا أكتحل بنوم ، قالت : ثم أصبحت أبكي ، فدعا

__________________

(١) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن مسلم. ونحر الظهيرة : وقت القائلة وشدّة الحرّ. وقوله : موغرين : الموغر ، النازل في وقت الوغرة وهي شدة الحر.

(٢) يفيضون في قول أهل الإفك : أي يخوضون فيه. والإفك : بكسر فسكون ، وحكى القاضي عياض فيهما الفتح : الكذب.

(٣) في مسلم : بالشر.

(٤) نقهت : يقال نقه ينقه نقوها فهو ناقه ، ونقه ينقه نقها فهو ناقه هو الذي أفاق من المرض وبرأ منه ، وهو قريب عهد به.

(٥) بعدها في مسلم : ـ وسقطت العبارة من الأصل ـ.

قبل المناصع ، وهو متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل. وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا. وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه. وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا. فانطلقت أنا وأم مسطح.

(٦) في مسلم : أثاثة بن عباد بن المطلب.

(٧) المرط : كساء من صوف ، وقد يكون من غيره. وبعدها في مسلم : فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت. أتسبّين رجلا قد شهد بدرا. قالت : أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟.

(٨) في مسلم : «لا يرقأ» أي لا ينقطع.

١٢٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسامة بن زيد وعليا حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله ، فأمّا أسامة فأشار على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما يعلم من براءة أهله وبالذي في نفسه من الودّ لهم. فقال : يا رسول الله ما نعلم إلّا خيرا. وأمّا علي فقال : يا رسول الله لم يضيّق الله عليك النساء ، والنساء سواها كثير. فإن تسأل الجارية تصدقك ، فدعا بريرة فقال : «يا بريرة رأيت شيئا يريبك؟» قالت : والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه (١) قط أكثر من إنها حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبيّ فقال : «من يعذرني من رجل بلغ في أهلي أذاه ، فو الله ما علمت إلّا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلّا معي».

فقام سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من إخواننا الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا ما أمرتنا ، فقام سعد بن عبادة : وهو سيّد الخزرج وقد كان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن استحملته (٢) الحميّة فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر والله لا تقتله ولا تقدر على قتله ، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال : ـ يعني لسعد بن عبادة ـ : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، وتبادر الحيان ـ الأوس والخزرج ـ حتى همّوا أن يقتتلوا والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قائم على المنبر ، فلم يزل يسكتهم (٣) حتى سكتوا ، فمكثت يومي ذلك لا يرقى لي دمع ولا اكتحل بنوم ، وبت ليلتي لا ترقى لي دمع ولا أكتحل بنوم ، فأصبح أبواي عندي ، وقد لبثت ليلتي ويومي لا يرقى لي دمع ، وهما يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان وأنا أبكي إذ (٤) استأذنت امرأة من الأنصار عليّ ، فأذنت لها ، فجلست تبكي فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجلس ـ فلم يجلس قبل ذلك منذ قيل ما قيل ، ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه شيء ـ فتشهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم جلس جلسة فقال : «أمّا بعد يا عائشة؟ فإنه قد بلغني كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه ، فإن العبد إذا أذنب ثم تاب إلى الله تاب الله عليه» ، فلما قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة ، فقلت لأبي :

__________________

(١) عن مسلم وبالأصل «أغمضه» وفي مسلم «عليها» بدل «قط» وأغمضه عليها : يعني أعيبها به.

(٢) في مسلم : اجتهلته.

(٣) في مسلم : يخفضهم.

(٤) بالأصل «إذا» خطأ ، واللفظة لم ترد في مسلم.

١٢٣

أجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما قال ، فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت لأمّي : أجيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [فقلت](١) وإني جارية حديثة السّن لم أقرأ كثيرا من القرآن والله لقد علمت أنكم قد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم ، فصدّقتم به ، ولئن قلت : إني بريئة ـ والله يعلم أني بريئة ـ لا تصدّقوني ، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلّا أبا يوسف : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)(٢) قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم أني بريئة.

وما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحيا يتلى ، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر ، ولكني كنت أرجو أن يري الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النوم رؤيا يبرّئني الله بها ، فو الله ما رام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مجلسه ، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أخذه ما كان يأخذه من البرحاء (٣) ، قالت : وهو العرق حين ينزل عليه الوحي ، وكان إذا أوحي إليه يأخذه من البرحاء حتى أنه لينحدر عليه مثل الجمان (٤) من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القرآن الذي أنزل عليه. فسري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يضحك ، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال : «يا عائشة ، أمّا بعد فقد برّأك الله» فقالت أمّي قومي إليه فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلّا الله عزوجل [وأنزل الله تعالى] : (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ)(٥) إلى آخر العشر آيات كلها ، فلما أنزل الله هذا كله في براءتي. قال أبو بكر ـ وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره ـ والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة فأنزل الله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ، وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ)(٦) الآية ، فقال أبو بكر : والله إنّي لأحب أن يغفر الله ، لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها منه أبدا ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سأل زينب بنت جحش فقال : «يا زينب ما ذا علمت ورأيت؟» فقالت له زينب : ما

__________________

(١) زيادة عن مسلم.

(٢) سورة يوسف ، الآية : ١٨ وفيها : «والله».

(٣) البرحاء : الشدة.

(٤) الجمان : الدرّ.

(٥) سورة النور ، الآية : ١١.

(٦) سورة النور ، الآية : ٢٢.

١٢٤

علمت ولا رأيت إلّا خيرا أحمي سمعي (١) وبصري. قالت : وهي التي كانت تساميني (٢) من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعصمها الله بالورع ، فطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك من أهل الإفك [١٢١١].

فقال الزهري : فهذا ما انتهى إلينا من خبر هؤلاء الرهط من أهل الحديث.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد ، أنا أبو (٣) سليمان بن زبر قال : وفيها ـ يعني سنة اثنتين وتسعين ومائة ـ ولد أحمد بن العلاء أخو هلال.

أخبرنا أبو بكر بن المزرفي ، أنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو أحمد محمّد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدّهّان ، نا أبو علي محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن الحافظ الرّقي ـ في تاريخ الرّقة ـ قال : أحمد بن العلاء ، كنيته أبو عبد الرحمن ، مات وهو قاضي ديار مضر (٤) سنة أربع وسبعين ومائتين.

هذا وهم والمحفوظ ما أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم فيما قرأته عليه عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم الرازي ، أنا أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم بن عمر الصوّاف ، أنا القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار الأذني (٥) ، أنا أبو عروبة الحسين بن محمّد بن مودود ـ في الطبقة الثامنة من أهل الجزيرة ـ قال : أحمد بن هلال الرّقّي يكنى أبا عبد الرحمن ، لا يخضب ، مات بالرقة في سنة ست وسبعين ومائتين وهو على القضاء.

قرأت بخط أبي القاسم تمام بن محمّد ، وأنبأني أبو القاسم النسيب ، عن أبي علي الأهوازي ، أنا تمام بن محمّد ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علّان الحرّاني

__________________

(١) أي أصون سمعي وبصري من أن أقول : سمعت ولم أسمع ، وأبصرت ولم أبصر.

(٢) أي تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهي مفاعلة من السمو ، وهو الارتفاع.

(٣) بالأصل : «بن سليمان» والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٤) بالأصل ومختصر ابن منظور ٣ / ٢٠٣ وتهذيب ابن عساكر ١ / ٤٢٦ ، والمثبت عن سير أعلام النبلاء : ترجمته ١٣ / ٣١٠.

(٥) الأذني بفتح الألف والذال ، هذه النسبة إلى أذنة وهي من مشاهير البلدان بساحل الشام عند طرسوس. (الأنساب).

١٢٥

الحافظ ، قال : أحمد بن العلاء بن هلال بن عمر مولى بني [باهلة](١) أخو هلال بن العلاء ، أخبرني محمود قال : أبو عبد الرّحمن أحمد بن العلاء مات سنة ست وسبعين ومائتين.

قال أبو الحسن : وسمعت محمد بن سعيد يقول : أحمد بن العلاء ، كنيته أبو عبد الرحمن. مات وهو قاضي ديار مضر سنة أربع وسبعين ومائتين.

أنبأنا أبو القاسم النسيب ، عن أبي علي الأهوازي ، أنا تمام بن محمّد ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علّان ، أنا محمود ، عن هلال ـ يرثي أخاه وأبا الهيثم بن أخيه ـ توفيا في عشرين يوما ، مات أبو عبد الرحمن قبل :

أيا أيها القبران شوقي إليكما

طويل وقد أفنيت دمعي عليكما

تضمّنتما دوني حبيبين فالطفا

وشخصين حلّا أمس في (٢) حفرتيكما

حبيبين كانا مؤنسين فأصبحا

مرعى (٣) على طول البلا مؤنسيكما

سلام ورضوان وروح ورحمة

ومغفرة المولى على ساكنيكما

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن مطبوعة ابن عساكر ٧ / ١٠٧.

(٢) غير واضحة بالأصل ، وفي تهذيب ابن عساكر ١ / ٤٢٦ «حلّا بين حفرتيكما» والمثبت يوافق المطبوعة.

(٣) في المطبوعة ٧ / ١٠٧ فأضحيا برغمي.

١٢٦

ذكر من اسم أبيه عيسى من الأحمدين

٦٨ ـ أحمد بن عيسى بن علي بن ماهان

أبو جعفر الرازي المعروف بالجوّال (١)

سمع بدمشق : هشام بن عمّار ، ودحيما وحدث عنهما ، وعن عبد العزيز بن يحيى المدني ، وأبي غسان محمّد بن عمرو زنيج (٢) ، ومحمّد بن أبان البلخي ، وعبد الرحمن بن مسلم الواقدي.

روى عنه : مكرم بن أحمد القاضي ، وعبد الرحمن بن محمّد بن أحمد بن سياه ، وأحمد بن إسحاق الشعّار الأصبهانيان ، وموسى بن محمّد بن علي بن عبد الله.

أنبأنا أبو علي الحداد ، ثم حدّثنا أبو مسعود عبد الرحيم بن علي عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ (٣) ، نا عبد الرحمن بن محمّد بن أحمد بن سياه المذكر ، نا أحمد بن عيسى بن ماهان ، نا عبد الرحمن بن مسلم ، نا علي بن ثابت الجزري ، عن الوازع بن نافع ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار» [١٢١٢].

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن منجويه الدّينوري ، نا موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله ، نا أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي ببغداد ، نا هشام بن عمّار ، نا مروان بن معاوية ، عن أبي

__________________

(١) بالأصل «الحوال» والمثبت عن م ، وانظر ذكر أخبار أصبهان ١ / ١١١.

(٢) ضبطت بالتصغير عن تقريب التهذيب.

(٣) الخبر في ذكر أخبار أصبهان ١ / ١١٢.

١٢٧

عبد الله الثقفي ، نا عرفجة الثقفي قال : كان علي بن أبي طالب يأمر الناس بقيام رمضان ، ويأمر (١) للرجال إماما وللنساء إماما. قال عرفجة : فكنت أنا إمام النساء.

أنبأنا أبو علي الحداد ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه قال : قال أبو نعيم الحافظ (٢) : أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي ، أبو جعفر الجوّال قدم علينا سنة تسع وثمانين ومائتين ، أملى علينا في الجامع ، عن عبد العزيز بن يحيى المدني ، وهشام بن عمّار ، ودحيم والشاميين ، انتقى عليه الوليد بن أبان ومشايخنا ، وانتخب عليه (٣) ببغداذ أبو الأذان (٤) ، صاحب غرائب وحديث كثير.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال : قال لنا أبو بكر الخطيب (٥) : أحمد بن علي بن عيسى بن ماهان ، أبو جعفر الرازي ، قدم بغداد وحدث بها عن أبي غسان زنيج وغيره. روى عنه مكرم بن أحمد القاضي ، سمعت أبا نعيم الحافظ يقول : أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي ، أبو جعفر الجوال صاحب غرائب وحديث كثير ، حدّث بأصبهان بن عبد العزيز بن يحيى المديني (٦) ، وهشام بن عمّار ، ودحيم ، وانتخب عليه ببغداد أبو الأذان.

٦٩ ـ أحمد بن عيسى بن يوسف

أبو جعفر

سمع بدمشق : هشام بن عمّار.

روى عنه أبو أحمد بن عدي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا إسماعيل بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي ، نا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن يوسف ـ ببيت المقدس ـ نا

__________________

(١) في مختصر ابن منظور ٣ / ٢٠٣ ويجعل.

(٢) ذكر أخبار أصبهان ١ / ١١١ ـ ١١٢.

(٣) عن أخبار أصبهان ، وبالأصل «عنه».

(٤) عن أخبار أصبهان وبالأصل «الانان».

(٥) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٨.

(٦) تاريخ بغداد : المدني.

١٢٨

هشام بن عمّار بن نصير ـ بدمشق سنة أربع وأربعين ومائتين ـ نا عمر بن المغيرة ، نا الرّبيع بن لوط ، عن البراء بن عازب :

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقيه وأخذ بيده قلت : يا رسول الله ما كنت أحسب هذه المصافحة إلّا من أخلاق الأعاجم وسنّتهم [قال : «لا ،](١) إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا لم يتتاركا حتى يغفر لهما» [١٢١٣].

٧٠ ـ أحمد بن عيسى

أبو سعيد الخرّاز (٢) الصّوفي البغدادي

حدث عن : إبراهيم بن بشّار الخراساني صاحب إبراهيم بن أدهم ، ومحمّد بن منصور الطوسي.

روى عنه : أبو الحسن علي بن محمّد المصري الواعظ ، وأبو جعفر الصيدلاني ، وعلي بن حفص الرازي ، وأبو محمّد الجريري (٣) الصّوفيّ ، وأبو بكر أحمد بن الحسن الدقاق (٤) ، ومحمّد بن علي الكتاني ، ومحمد بن أحمد بن مقاتل. واجتاز بصيدا من ساحل دمشق في سياحته.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا أبو الفتح يوسف بن عمر القوّاس ، نا علي بن محمّد المصري ، نا أبو سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز البغدادي الصّوفي ، نا عبد الله بن إبراهيم الغفّاري ، نا جابر بن سليم ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«سوء الخلق شؤم ، وشراركم أسوأكم خلقا» [١٢١٤].

قال الخطيب : وهكذا رواه أبو عبد الرحمن السّلمي عن القوّاس.

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور ٣ / ٢٠٣.

(٢) هذه النسبة إلى خرز الأشياء من الجلود كالقرب والسطائح والسيور وغيرها.

(٣) بالأصل «الحريري» والصواب والضبط عن تبصير المنتبه ١ / ٣٢٠ وفيه : شيخ الصوفية ببغداد بعد الجنيد أبو محمد الجريري.

(٤) كذا وفي المطبوعة ٧ / ١١٠ «الزقاق».

(٥) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٦.

١٢٩

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي ، أنا أبو بكر محمّد بن يحيى بن إبراهيم المزكّي ، قال : قال أبو عبد الرّحمن السّلمي أحمد بن عيسى الخرّاز أبو سعيد. إمام القوم في كلّ فنّ من علومهم. بغداديّ الأصل ، له في مبادئ أمره عجائب وكرامات مشهورة. ظهرت بركته عليه ، وعلى من صحبه ، وهو أحسن القوم كلاما خلا الجنيد فإنه الإمام. وقيل : إن أوّل من تكلم في علم الفناء والبقاء أبو سعيد الخرّاز.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال : قال لنا أبو بكر الخطيب (١) : أحمد بن عيسى ، أبو سعيد الخرّاز الصّوفيّ من كبار شيوخنا (٢) كان أحد المذكورين بالورع والمراقبة ، وحسن الرعاية والمجاهدة ، وحدّث شيئا يسيرا عن إبراهيم بن بشار صاحب إبراهيم بن أدهم وعن غيره ، روى عنه علي بن محمّد المصري.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري قال : قال لنا أبي الأستاذ أبو القاسم رحمه‌الله :

ومنهم أبو سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز من أهل بغداد صحب ذا النون المصري ، والنّباجي (٣) وأبا عبيد البسري ، والسّري ، وبشرا وغيرهم. مات سنة سبع وسبعين ومائتين.

قال أبو سعيد الخرّاز : كل باطن يخالف ظاهر فهو باطل.

وقال أبو سعيد الخرّاز : صحبت الصّوفية ما صحبت ، فما وقع بيني وبينهم خلف ، قالوا : لم؟ قال : لأني كنت معهم على نفسي.

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي نصر بن ماكولا (٤) قال : وأما الخرّاز ـ أوله خاء معجمة وبعدها راء وآخره زاي ـ أبو سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز ، الصوفي ، له تصانيف.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا محمّد بن يحيى بن إبراهيم ح.

__________________

(١) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٦.

(٢) في تاريخ بغداد : شيوخهم.

(٣) اسمه سعيد بن بريد الصوفي ، له ترجمة مطولة في حلية الأولياء ٩ / ٣١٠ وتحرف فيها إلى : «سعيد بن يزيد الساجي».

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ١٨٦.

١٣٠

وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو بكر الخطيب (١) ، أنا إسماعيل بن أحمد الحيري (٢) قالا : أنا محمّد بن الحسين السّلمي قال : سمعت أبا بكر بن الطرسوسي يقول : أبو سعيد الخرّاز قمر الصّوفية.

وأخبرنا أبو الحسين بن قبيس ، نا أبو بكر الخطيب (٣) ، أنبأنا أبو سعد الماليني ، قال : سمعت علي بن عمر الدّينوري يقول : سمعت إبراهيم بن شيبان يقول : قال الجنيد : لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخرّاز لهلكنا ، قال علي : فقلت لإبراهيم : وإيش كان حاله؟ فقال : أقام كذا وكذا سنة يخرز ما فاته [ذكر](٤) الحق بين الخرزتين.

سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول : سمعت الكتّاني يقول : سئل أبو سعيد الخرّاز هل يصير العارف إلى حال يجفو عليه البكاء؟ فقال : نعم إنما البكاء في أوقات سيرهم إلى الله ، فإذا نزلوا بحقائق القرب ، وذاقوا طعم الوصول من برّه ، زال عنهم ذلك.

أنبأنا أبو الحسن الفارسي ، أنا محمّد بن يحيى ، أنا أبو عبد الرحمن السّلمي قال : سمعت أبا الحسن علي بن نصر الشيروي ببغذاذ يقول : سمعت المرتعش يقول : الخلق كلهم عيال على أبي سعيد الخرّاز ، إذا تكلم هو في شيء من الحقائق.

قال : وسمعت أبا علي الأهوازي يقول : سمعت الجلّاء بمكة يقول : بلغني أن أبا سعيد الخرّاز كان مقيما بمكّة وكان من أفقه الصّوفية ، وكان له ابنان ، فمات أحدهما قبله فرآه في المنام ، فقال له : يا بني أوصني ، فقال : يا أبة لا تعامل الله على الحمق. قال : يا بني زدني ، قال : لا تخالف الله فيما يريد ، قال : يا بني زدني ، قال : لا تطيق ، قال : قل ، قال : لا تجعل بينك وبين الله قميصا ، قال فما لبس القميص ثلاثين سنة. فقال لإبراهيم الخوّاص ذلك ، فقال : أحجب ما كان من ربه في ذلك الوقت.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٦.

(٢) بالأصل : «الحرى» والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧.

(٤) زيادة عن تاريخ بغداد ، وهي أيضا مستدركة على أصله.

١٣١

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرحمن السّلمي قال : سمعت محمّد بن عبد الله بن شاذان يقول : سمعت محمد بن علي الكتّاني يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : الاشتغال بوقت ماض تضييع وقت ثان.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس أنا أبو بكر الخطيب (١) ، حدّثني أبو نصير إبراهيم بن هبة الله بن إبراهيم الجرباذقاني (٢) ـ بها لفظا ـ نا أبو منصور معمر بن أحمد الأصبهاني ح.

وحدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ـ إملاء ـ بأصبهان ، أنا أبو مطيع محمد [بن عبد](٣) الواحد الصحّاف ، أنا أبو منصور معمر ـ يعني ابن أحمد الأصبهاني ـ قال : سمعت أبا الفتح الفضل بن جعفر قال : سمعت أبا الفضل بن العباس. ـ وقال الخطيب : أنا الفضل العباس ، وقالا : ابن الشاعر يذكر عن تلميذ ـ وقال الخطيب تلميذة ـ لأبي سعيد الخرّاز قال : وقال الخطيب : قالت : كنت أسأله مسألة قالا : والإزار بيني بينه مشدود فأستقرى حلاوة كلامه فنظرت في بقية الإزار. وقال الخطيب : في ثقب (٤) من الإزار ـ فرأيت شفته فلما وقعت عيني عليه سكت. وقال : جرى هاهنا حدث فأخبريني ما هو؟ فعرفته أني نظرت إليه. فقال : أما علمت أن نظرك إليّ معصية! وهذا العلم لا يحتمل التخليط ، فلذلك حرمت هذا العلم.

والصواب ما في رواية الخطيب.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، نا أبو سعد (٥) الماليني ، نا أبو بكر محمّد بن عبد الله الرازي ، قال : سمعت محمّد بن علي الكتاني يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : من ظن أنه ببذل المجهود يصل فمتعنّ ، ومن ظن أنه بغير بذل المجهود يصل فمتمنّ (٦).

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٧.

(٢) هذه النسبة إلى جرباذقان ، بلدتان ، الأولى بين جرجان وأسترآباذ ، والثانية : بين أصبهان والكرج. (انظر ياقوت ـ والأنساب).

(٣) بياض بالأصل والمثبت عن م ، وانظر سير أعلام النبلاء : ١٩ / ١٧٦ ترجمته.

(٤) عن تاريخ بغداد وبالأصل «نقب».

(٥) بالأصل «أبو سعيد» خطأ والصواب ما أثبت ، انظر سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٠ واسما : أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله.

(٦) بالأصل «فمتعنّي ... فمتمنّي» بإثبات الياء ، وهو جائز ، والأصح ما أثبت.

١٣٢

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو بكر الخطيب (١) ، أنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي بنيسابور ، قال : سمعت أبا بكر محمّد بن عبد الله الرازي.

ح وأخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي ، قال : سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن يقول : سمعت محمد بن عبد الله يقول : سمعت أبا جعفر الصيدلاني يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : من ظنّ أنه ببذل الجهد يصل ، فمتعنّ (٢) ، ومن ظن أنه بغير الجهد ـ وقال العبدوي : بذل الجهد ـ يصل فمتمنّي (٢).

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق ـ أنا وأبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ـ نا أبو بكر الخطيب (٣) ، حدثني عبد العزيز بن علي الأزجي ، قال :

سمعت علي بن عبد الله الهمداني بمكة يقول : حدثنا محمّد بن الحسن ، نا أبو القاسم بن مردان ببغداذ قال : كان عندنا بنهاوند فتى يصحبني ، وكنت أنا أصحب أبا سعيد الخرّاز ، فكنت إذا رجعت حدثت ذلك الفتى ما أسمع من أبي سعيد ، فقال لي ذات يوم : إن سهل الله لك الخروج خرجت معك حتى أرى هذا الشيخ الذي تحدّثني عنه ، فخرجت وخرج معي ووصلنا إلى مكة ، فقال لي : ليس نطوف حتى نلقى أبا سعيد ، فقصدناه وسلمنا عليه ، فقال الشاب مسألة ـ ولم يحدثني أنه يريد أن يسأل عن شيء ـ فقال له الشيخ : سل ، فقال : ما حقيقة التوكل؟ فقال الشيخ : أن لا يأخذ الحجة من حمولا ، وكان الشاب قد أخذ حجة من حمولا ـ وهو رئيس نهاوند ـ وما علمت به أنا ، فورد على الشاب أمر عظيم وخجل ، فلما رأى الشيخ ما جاء (٤) به عطف عليه وقال : ارجع إلى سؤالك ، ثم قال أبو سعيد : كنت أراعي شيئا من هذا الأمر في حداثتي ، فسلكت بادية الموصل فبينا أنا سائر إذ سمعت حسّا من ورائي ، فحفظت قلبي عن الالتفات ، فإذا الحس قد دنا مني ، وإذا سبعين قد صعدا على كتفي فلحسا خدّيّ ، فلم أنظر إليهما حيث بعدا ولا حيث نزلا.

سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت الشيخ أبا عبد

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٧.

(٢) كذا بالأصل بإثبات ياء المنقوص في الرفع ، وتقدم أنه جائز ، والذي في تاريخ بغداد : «فمتمنّ ... فمتعنّ» تقديم وتأخير ، وبالتنوين في اللفظتين.

(٣) تاريخ بغداد ١٤ / ٤٠٠ في ترجمة أبي القاسم بن مردان (وقع في تاريخ بغداد : مروان).

(٤) في تاريخ بغداد : ما حلّ به.

١٣٣

الرّحمن السّلمي يقول : سمعت محمّد بن عبد الله يقول : سمعت أبا جعفر الصّيدلاني يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : قال لي بعض مشايخي عليك بمراعاة سرّك والمراقبة ، قال : فبينا أنا يوما أسير في البادية فإذا أنا بخشخشة خلفي ، فهالني ذلك وأردت أن ألتفت فلم ألتفت ، فرأيت (١) شيئا واقفا على كتفي فانصرف ، وأنا مراعي لسرّي ، ثم التفتّ فإذا سبع عظيم.

وأخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي قال : وحكي عن أبي سعيد الخرّاز أنه قال : كنت في بعض أسفاري وكان يظهر لي (٢) كل ثلاثة أيام شيئا فكنت آكله وأشتغل ، فمضى ثلاثة أيّام وقتا من الأوقات ولم يظهر شيء ، فضعفت وجلست فهتف بي هاتف : أيما أحبّ إليك سبب أو قوة؟ فقلت : القوة ، فقمت من وقتي ، ومشيت اثني عشر يوما لم أذق شيئا ولم أضعف.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرحمن السّلمي قال : وسمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت أبا نصر الأصبهاني يقول : سمعت محمّد بن عيسى البياضي يقول : قال أبو سعيد الخرّاز : العلم ما استعملك ، واليقين ما حمّلك.

رواها الخطيب : عن القشيري عن السّلمي.

سمعت أبا المظفّر القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن الحسين يقول : سمعت أبا عبد الله الرازي يقول : سمعت أبا العباس الصيّاد يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : رأيت إبليس في النوم وهو يمرّ عني ناحية ، فقلت : تعال. فقال : إيش أعمل بكم؟ أنتم طرحتم عن نفوسكم ما أخادع به الناس. قلت : وما هو؟ قال : الدنيا ، فلما ولى عني (٣) التفت إليّ وقال : غير أن لي فيكم لطيفة ، قلت : وما هي (٤)؟

قال : صحبة الأحداث.

__________________

(١) بالأصل «فرأينا».

(٢) كتبت بين اللفظتين فوق السطر.

(٣) عن م وبالأصل «مني»

(٤) عن م ، وبالأصل «هو»

١٣٤

أخبرنا أبو الحسن زيد بن الحسين بن زيد بن حمزة الموسوي ـ بطوس ـ أنا أبو شجاع محمّد بن سعدان الشيرازي المقاريضي قال : سمعت علي بن بكران يقول : سمعت [الشيخ أبا الأزهر يقول : سمعت أبا الحسن علي بن محمّد البصري المعروف بالحمال يقول : سمعت](١) أبا محمّد بن جعفر يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز قال : رأيت إبليس في منامي ، وكان بيده عصا فرفعته حتى أضربه بها ، فقال لي قائل : هذا لا يفزع من العصا. فقلت له : من أيّ شيء يفزع؟ قال : من نور مكنون (٢) في القلب.

أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمّد الحافظ ، أنا أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي (٣) ، أنا أبي ، أنا أبو سعد (٤) الماليني ، قال : سمعت أبا الحسين محمّد بن أحمد بن سمعون يقول : سمعت أبا الحسن علي بن محمّد بن أحمد المصري يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : ليس في طبع المؤمن قول لا ، وذلك أنه إذا نظر إلى ما بينه وبين ربّه من أحكام الكرم استحيا أن يقول لا.

قال : وأنا أبو سعد قال : سمعت أبا إسحاق عبد الملك بن حيّان المرادي يقول : سمعت الحسن بن عبد العزيز يقول : جاء أبو سعيد الخرّاز إلى رجل من أبناء الدنيا فقال : جئتك من عنده ، وأنا أعرف (٥) به منك وأنت تشهد لي بذلك فلا تردني إليه.

أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم المكي ، نا الحسين بن علي بن محمد الشيرازي ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم ، نا أبو العباس محمد بن الحسن ، نا أبو القاسم عثمان بن مردان ـ قدم علينا بغداذ ـ قال : سمعت أحمد بن عيسى يقول : إذا صدق المريد في بدايته أيّده الله بالتوفيق ، وجعل له واعظا من نفسه ، كما روي في الحديث وذلك أني أصبت ميراثا فآخذ منه القوت ، وأتقلل منه شيئا موزونا كل يوم معلوما ، ولزمت العزلة مع ذلك ، فكأني خوطبت في سرّي ، ثم سمعت قائلا يقول : إذا أنت أكلت الطعام في كل ليلة فبما ذا

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٢) في مختصر ابن منظور ٣ / ٢٠٦ يكون.

(٣) الطريثيثي نسبة إلى طريثيث ناحية وقرى من أعمال نيسابور ، وطريثيث قصبتها.

(٤) بالأصل «سعيد» خطأ ، والصواب ما أثبت ، وقد مرّ قريبا.

(٥) عن مختصر ابن منظور ٣ / ٢٠٦ وبالأصل «أعوذ به».

١٣٥

تفضل على سائر الناس؟ ولكن اجعله في كل ليلتين أكلة ، فلزمت ذلك وقتا ، وصعب عليّ جدا ، وذلك لا من طريق نفسي وامتناعها عليّ ، ولكن لعلمي بأنّ الطيّ منزلة عظيمة عالية ، وهبة من الله جزيلة رفيعة لا يعطيها إلّا من عرف قدرها ، فرغبت إلى الله تعالى فيها ، فسألته إدامتها لي والتفضّل بها عليّ ، فوهبها إليّ بفضله ومنّه ، فكنت آكل ذلك القوت الذي كنت آكله في (١) ليلة واحدة ، أتناوله في ليلتين ، وكنت الليلة التي أطويها يأتيني شخص جميل حسن البشرة نظيف الثياب ، بجام أبيض فيه عسل فيقول لي : كل فألعقه وأصبح شبعان ـ وهذا في المنام ـ ثمّ فني القوت الذي ادّخرته ، فكنت أجيء بعض الطرقات إذا اختلط الظلام إلى موضع أصحاب البقل وأتقمّم (٢) منه ما سقط منهم ، وبقيت على ذلك أيضا وقتا كبيرا (٣) ، ثم كنت أخيط القميص في القرية لقوم مساكين ، وأكتفي بأجرته أياما. فبينا أنا يوما مارا أريد القرية في طلب الخياطة ، رأيت مسجدا في وسط مقبرة ، وفيه سدرة كبيرة وفيها نبق أخضر مباح ، فقلت في نفسي : هذا المباح هاهنا وأنت تريد معاشرة الناس ومعاملتهم؟ فلزمت المقابر أتعلّل (٤) من ذلك النبق ، وآخذ منه دوين البلغة حتى فني النبق ، ولم يبق منه شيء ، ثم بقيت بعد ذلك سنين وقوتي العظام ، ثم مكثت بعد العظام ، وقوتي الطين اليابس والرطب من الأنهار ، فكنت أحيانا لا أفرق بين الطين الرطب إذا أخذته من النهر وبين الخبيص من طيبه عندي ، وما وجدت لاختلاف هذه الأحوال ـ صيفا ولا شتاء ـ ضيقا من عقل ولا ضعفا في (٥) بدن ، وكنت عند البقل أضعف إذا تناولته.

وقال ابن جهضم : سمعت أبا بكر محمّد بن داود يقول : سمعت أبا بكر الكتاني يقول : تكلم أبو سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز بمكة في مسألة علم ، فأنكروا عليه ، فوجّه إليه الأمير : قم فاخرج من مكة ، فتناول نعله وقام ليخرج ، فقلنا له : اجلس يا أبا سعيد حتى ندخل على الأمير ونخاطبه [بما يصلح](٦) ، ونعرفه بمكانك فقال : معاذ لله!

__________________

(١) بالأصل : آكله في كل ليلة.

(٢) تقمم تتبع الكناسات.

(٣) الأصل والمختصر ، وفي المطبوعة : كثيرا.

(٤) في المختصر : أتقلل.

(٥) المختصر : من.

(٦) بياض بالأصل والزيادة عن م.

١٣٦

اسكتوا فلو قال غير هذا اتهمت حالي فيما بيني وبين الله عزوجل. هذا ضد ، من أين يقبلني إلا لعلّة فيّ وخرج.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس الفقيه ، نا أبو بكر الخطيب (١) ، أنا الحسن بن الحسين النعّال (٢) ، أنا أحمد بن نصر الذارع (٣) قال : سمعت أبا محمّد الحسن بن ياسين يقول : سمعت علي بن حفص الرازي يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : ذنوب المقربين حسنات الأبرار.

كتب إليّ أبو سعد أحمد بن عبد الجبّار بن الطيوري يخبرني عن عبد العزيز بن الأزجي ، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم ، نا علي بن العروس القيرواني قال : ذكر أحمد بن شاكر القيرواني قال : ذكر عند المعلّم أبي سعيد أحمد بن عيسى الخرّاز أقوام يظهر عليهم سرعة الانتساب إلى الله عزوجل عند الحوادث ونزول الأحكام. فقال أبو سعيد : إن أبعد الناس من الله عزوجل من يدّعي الإشارة (٤) والقرب ، وأكثرهم إليه إشارة أمقتهم عنده.

أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الفاضلي ـ بنوقان ـ قال : سمعت أبا سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري يقول : سمعت أبا الحسن علي بن محمود الزوزني ببغداذ قال : سمعت أبا الحسن علي بن مثنى قال : سمعت الحسين بن علي الصّوفي بمكة يقول : قال أبو سعيد الخرّاز : أقلّ ما يلزم المسافر في سفره أربعة أشياء : يحتاج إلى علم يسوسه ، وذكر يؤنسه ، وورع يحجزه ، ونفس تحمله ، فإذا كان هكذا لم يبال أكان بين الأحياء أم بين الأموات.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو سعد الماليني ، أنا علي بن الحسن المصري قال : سمعت عثمان بن سعيد بن عثمان يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول الرّضا قبل القضاء تفويض ، والرّضا مع القضاء تسليم.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٧.

(٢) في تاريخ بغداد : النعالي.

(٣) عن تاريخ بغداد وبالأصل «الذراع». وفي م : الذراع.

(٤) في م والمطبوعة : المعرفة.

١٣٧

قال وأنا [أبو](١) سعد الماليني قال : سمعت أبا القاسم عمر بن أحمد بن محمد البغداذي ـ بشيراز ـ يقول : سمعت أبا الحسن علي بن محمّد الواعظ يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ؟)(٢) هل جزاء من انقطع عن نفسه إلا التعلّق بربّه؟ وهل جزاء من انقطع عن أنس المخلوقين إلّا الأنس بربّ العالمين؟ وهل جزاء من صبر علينا إلّا الوصول إلينا؟ ومن وصل إلينا هل يجمل به أن يختار علينا؟ وهل جزاء التعب في الدّنيا والنصب فيها إلّا الراحة في الآخرة؟ وهل جزاء من صبر على البلوى إلّا التقرّب إلى المولى؟ وهل جزاء من سلّم قلبه إلينا أن يجعل توليته إلى غيرنا؟ وهل جزاء من بعد عن الخلق إلا التقرّب إلى الحق؟

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي وأبو المظفّر بن القشيري وأبو القاسم الشّحّامي قالوا أنا سعيد بن محمّد البحيري قال : سمعت محمّد بن الحسين السّلمي قال : سمعت أبا الحسين الفارسي ح.

وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرحمن السّلمي قال : سمعت أبا الحسين الفارسي يقول : سمعت أبا محمّد البحيري يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول ، في معنى هذا الحديث ـ وقال البحيري في معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعني : «جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها» [١٢١٥].

زاد البيهقي : فقال : ـ وقالا وا عجبا ممّن لا يرى محسنا غير الله كيف لا يميل بكليته إليه؟

رواها الخطيب (٣) عن أحمد بن علي [بن الحسين](٤) المحتسب عن السّلمي.

أخبرنا أبو منصور بن زريق ـ أنا ، وأبو الحسن بن سعيد ـ نا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا أبو منصور محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّاز ـ بهمذان ـ نا علي بن الحسن بن

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن م وفيها : أبو سعيد.

(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٦٠.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ٢٧٧.

(٤) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ٤٣٩ في ترجمة الحوارية أخت أبي سعيد الخراز.

١٣٨

محمّد الصّيقلي (١) القزويني قال : سمعت فاطمة بنت أحمد السّامرية تقول : [سمعت الحوّارية أخت أبي سعيد الخراز تقول :](٢) سمعت أبي أبا سعيد الخراز ـ وسئل عن قوله تعالى : (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ)(٣) قال ؛ خزائنه في السّماء العفو (٤) ، وفي الأرض القلوب ، لأن الله تعالى جعل قلب المؤمن بيت خزائنه (٥) ، ثم أرسل رياحا فهبّت فكنسته من الشرك والكفر والنفاق والغش والخيانة ثم أنشأ سحابة فأمطرت ، ثم أنبت (٦) فيه شجرة ، فأثمرت الرّضا والمحبّة والشكر والصّفوة والإخلاص والطاعة ؛ فهو قوله تعالى : (أَصْلُها ثابِتٌ)(٧).

كتب إليّ أبو سعد بن الطيوري ، يخبرني عن عبد العزيز بن علي الأزجي.

ح وأنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني ، عن عبد العزيز بندار الشيرازي ح.

وأنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم بن الحكاك بمكّة ، أنا الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي.

قالوا : أنا علي بن عبد الله بن جهضم قال : سمعت أبا علي الحسن بن أحمد بن عبد العزيز يقول : سمعت الزّقّاق يقول : قال لي سعيد بن أبي سعيد الخرّاز : طلبت من أبي دانق فضة ، فقال لي : يا بني اصبر فلو أراد أبوك يركب (٨) الملوك إلى بيته ما تأبّوا عليه.

وأنبأنا أبو جعفر المكي ، أنا الحسين بن يحيى ، أنا الحسين بن علي الشيرازي ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم ، نا أبو القاسم يحيى بن المؤمّل قال : سمعت شيخي أبا

__________________

(١) بالأصل الصقلي ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ بغداد.

(٣) سورة المنافقون ، الآية : ٧.

(٤) في تاريخ بغداد والمختصر : العبر.

(٥) عن تاريخ بغداد وبالأصل «خزانته».

(٦) عن تاريخ بغداد وبالأصل «أنبتت».

(٧) سورة إبراهيم ، الآية : ٢٤.

(٨) عن المختصر ، وبالأصل «تركب».

١٣٩

بكر محمّد بن عبد الرّحمن (١) الشّقّاق يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : بقيت إحدى عشرة سنة أتردّد من مكة إلى المدينة ، ومن المدينة إلى مكة ؛ أريد أحجّ حجّة ، لا أرى مكة وأرى ربّ مكة ، فما صحّ لي منه يقين ، فلما كان بعد إحدى عشرة سنة ، [و](٢) أنا راجع من المدينة إلى مكة تراءى لي بعض الجنّ فقال لي : يا أبا سعيد قد والله رحمتك من كثرة تردادك في هذا الموضع ، وقد حضرني فيك أبيات فاسمع ، قلت : هات ، فأنشأ يقول :

أتيه فلا أدري من التيه من أنا

سوى ما يقول الناس فيّ وفي جنسي

أتيه على جنّ البلاد وإنسها

وإن لم أجد خلقا أتيه على نفسي

قال أبو سعيد : فقلت له : اسمع يا من لا يحسن يقول ، إن كنت تحسن تسمع وقلت :

أيا من يرى الأسباب أعلى وجوده

ويفرح بالتيه الدّنيّ وبالأنس

فلو كنت من أهل الدنوّ لغبت عن

مباشرة الأملاك والعرش والكرسي

وكنت بلا حال مع الله واقفا

تصان عن التذكار للجنّ والإنس

فاسمع صفاتي في الوجود فإنني

إذا غبت عن نفسي كغيبوبة الشمس

وقامت صفاتي للمليك بأسرها

وغابت صفاتي حين غبت عن الحسّ

وغاب الذي من أجله كان غيبتي

فذاك فنائي فافهموا يا بني جنسي

فهذا وجودي في المغيب بحاله

أقرّ به حتى يواري الثرى رمسي

ولست أبالي بعد موتي بصرعتي

ولو صيّر المحبوب دار الشقا حبسي

إذا كان ودي في ضميري ثابتا

وكان يراني في العذاب فهو عرسي

قال ابن جهضم : وحدثني أبو الحسن علي بن محمّد الخوارزمي المصري قال أبو سعيد السّكري : قال أحمد بن عيسى الخرّاز : كنت في البادية فنالني جوع شديد ، فغلبتني نفسي أن أسأل الله عزوجل طعاما. فقلت : ليس هذا من أفعال المتوكلين ،

__________________

(١) كذا بالأصل ، والذي في الأنساب (الشقاق) أن الذي صحب الخراز هو أبو بكر محمد بن عبد الله الشقاق الصوفي. وفي حلية الأولياء : الدقاق.

(٢) الزيادة ضرورية لاستقامة المعنى.

١٤٠