أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩
أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرّجاء بن أبي منصور ، أنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي بن القاسم الكاتب ، وأبو طاهر أحمد بن محمود ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو بكر محمّد بن عبد الرّحمن بن يزيد الحلبي ـ بحلب ـ نا عبيد بن الهيثم أبو محمّد ، نا أبو بدر شجاع بن الوليد ، نا زياد بن خيثمة ، عن إسماعيل السّدّي ، عن أبي عمارة الحيري عن علي قال :
خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعل لا يمرّ على حجر ولا على شجر ، ولا على شيء إلّا سلّم عليه.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي (١) ، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ح وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور السّلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، نا أبو داود ، أخبرني ـ وفي حديث ابن حمدان : حدّثني ـ سليمان بن معاذ ، نا سماك بن حرب ، عن جابر ـ زاد ابن حمدان : ابن سمرة ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن بمكة حجرا كان يسلّم عليّ ليالي بعثت إنّي لأعرفه إذا مررت عليه» (٢) [١١١٢].
أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا سعيد بن أحمد بن محمّد العيّار ، أنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم السّليطي ، أنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الشرقي (٣) ، نا أحمد بن حفص ، حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن سماك (٤) بن حرب ، عن جابر بن سمرة أنه قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني لأعلم حجرا بمكة كان يسلّم عليّ حين بعثت ، إني لأعرفه» (٥) [١١١٣].
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن العاصمي ، أنا أبو عمر بن
__________________
(١) بالأصل : الخيزرودي ، خطأ.
(٢) أخرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة في كتاب الفضائل ص (١٧٨٢) وجامع الترمذي ٥ / ٥٩٢ ودلائل النبوة للبيهقي ٢ / ١٥٣ ودلائل أبي نعيم رقم ٣٠٠.
(٣) بالأصل : الشرفي ، والصواب بالقاف ، وهذه النسبة إلى محلة شرقي نيسابور.
(٤) بالأصل : سماط ، خطأ ، وصوبنا الكلمة عن الرواية السابقة.
(٥) دلائل البيهقي ٢ / ١٥٣ من حديث إبراهيم بن طهمان. وانظر ما مرّ قبل حاشيتين.
مهدي ، أنا أبو عبد الله بن مخلد ، نا عبد الله بن شبيب ، نا أيوب بن سليمان ، نا أبو بكر ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لما استعلن لي جبريل جعلت لا أمرّ بحجر ولا شجر إلّا قال لي : السلام عليك يا رسول الله» [١١١٤].
[ما ذكر في إجابة الأشجار إذا دعاهن عند سؤال من يريد لإظهار آية ودلالة](١)
أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا إبراهيم بن منصور سبط بحرويه ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا إبراهيم بن الحجّاج ، نا عبد الواحد بن زياد ، نا سليمان الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عبّاس قال :
جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم كان يداوي ويعالج فقال له : أي محمّد ، إنك تقول أشياء ، فهل لك أن أداويك ، قال : «إيه». قال : وعنده نخل وشجر ، قال : فدعا رسول الله عذقا (٢) منها فأقبل إليه وهو يسجد ، ويرفع رأسه ويسجد ويرفع حتى انتهى إليه فقام بين يديه ، ثم قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارجع إلى مكانك» فرجع إلى مكانه. فقال العامري : والله لا أكذبه بشيء يقوله بعدها أبدا (٣) [١١١٥].
قال : العذق النخلة.
كذا رواه لنا الخلّال ، وقد سقط من متنه ألفاظ.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي (٤) ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو يعلى ، نا إبراهيم بن الحجّاج ، نا عبد الواحد بن زياد ، نا سليمان الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عبّاس قال :
جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم كان يداوي ويعالج فقال له : يا محمّد ، إنك تقول أشياء ، فهل لك إلى أن أداويك ، قال : فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال له : «هل لك أن أداويك؟» قال : «إيه» ، وعنده نخل وشجر قال : فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عذقا منها فأقبل إليه وهو يسجد ويرفع ويسجد حتى انتهى إليه ، فقام بين يديه ثم قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١) عنوان أضفناه للإيضاح.
(٢) في دلائل النبوة لأبي نعيم رقم ٢٩٧ «عرقا».
(٣) أخرجه أبو نعيم في الدلائل رقم ٢٩٧ ، والترمذي (رقم ٣٦٣٢) والحاكم في المستدرك ٢ / ٦٢٠.
(٤) بالأصل : الخيزرودي ، والصواب ما أثبت.
«ارجع إلى مكانك» فرجع إلى مكانه ، فقال : والله لا أكذبك بشيء تقوله بعدها أبدا [١١١٦].
قال : والعذق : النخلة.
رواه محمّد بن أبي عبيدة ، عن الأعمش فقال : عن أبي ظبيان عن ابن عبّاس.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن عمران الصرّاف ، نا محمّد بن محمّد بن سليمان ، نا محمّد بن عبد الله بن نمير ، نا ابن أبي عبيدة ، نا أبي ، عن الأعمش عن أبي ظبيان ، عن ابن عبّاس قال :
جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن عندي علما وطبا مما تشتكي ، هل يريبك من نفسك شيء إلى ما تدعو؟ قال : «أدعوا إلى الله وإلى الإسلام» ، قال : إنك لتقول قولا فهل لك من آية؟ قال : «نعم ، إن شئت أريتك آية» ، وبين يديه شجرة ، فقال لغصن منها : «تعال يا غصن» ، قال : فانقطع الغصن من الشجرة ثم أقبل .... (١) حتى قام بين يديه ، قال : «ارجع إلى مكانك» ، فقال العامري : يا آل عامر بن صعصعة ، لا أكذبك على شيء قلته أبدا [١١١٧].
وهكذا رواه أبو معاوية الضرير عن الأعمش.
أخبرنا أبو بكر الفرضي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا عبد العزيز بن جعفر بن محمّد الخرقي ، أنا أبو حامد الحضرمي ، نا محمّد بن شجاع المروزي ، نا أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان عن ابن عبّاس قال :
جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أرني الخاتم الذي بين كتفيك ، فإني من أطبّ الناس ، قال : «ألا أريك آية» قال : بلى ، قال : فنظر إلى نخلة فقال : ادع لي ذاك العذق ، فجعل ينقز (٢) حتى قام بين يديه ، فقال له : «ارجع» ، فرجع ، وقال العامري : يا آل بني عامر ، يا آل بني عامر ، ما رأيت رجلا أسحر (٣) [١١١٨].
أخبرنا أبو سهل بن سعدوية ، أنا إبراهيم بن منصور سبط بحرويه ، أنبأ أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا أبو خيثمة ، نا روح بن أسلم ، ثنا حمّاد بن سلمة ، نا
__________________
(١) كلمة غير واضحة بالأصل.
(٢) غير مقروءة بالأصل وإعجامها مضطرب وقد تقرأ : بيقر ، أو ، ببقر ، والمثبت عن دلائل البيهقي.
(٣) انظر مسند أحمد ١ / ٢٢٣ والبيهقي في الدلائل ٦ / ١٥ ـ ١٦ والبداية والنهاية ٦ / ١٢٤.
علي بن زيد ، عن أبي رافع عن عمر بن الخطّاب :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بالحجون (١) وهو كئيب حزين ، فقال : «اللهم أرني آية ، ولا أبالي من كذّبني بعدها من قومي» فنادى شجرة من قبل عقبة أهل المدينة فناداها فجاءت تشق الأرض حتى انتهت إليه ، فسلّمت عليه ، ثم أمرها فرجعت فقال : «ما أبالي من كذّبني بعدها من قومي» (٢) [١١١٩].
أخبرنا عاليا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي (٣) ، أنا أبو عمرو (٤) بن حمدان ، أنا أبو يعلى ، نا إبراهيم بن الحجّاج ، ثنا حمّاد ، عن علي بن زيد ، عن أبي رافع عن عمر بن الخطّاب :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بالحجون وهو كئيب حزين فقال : «اللهم أرني اليوم آية لا أبالي من كذّبني بعدها من قومي» فنادى شجرة من قبل عقبة أهل المدينة ، فناداها ، فجاءت تشق الأرض حتى انتهت إليه فسلّمت عليه ، ثم أمرها فذهبت قال : فقال : «ما أبالي من كذّبني بعدها من قومي» [١١٢٠].
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن الزينبي ، نا أبو بكر محمّد بن إسماعيل بن العبّاس الورّاق ـ إملاء ـ نا أبو القاسم عبد الله بن محمّد ، نا أحمد بن عمران الأخنسي سنة ثمان وعشرين ومائتين ، نا محمّد بن فضيل ، نا أبو حيّان التيمي ـ وكان صدوقا ـ عن مجاهد عن ابن عمر قال :
كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر ، فدنا منه أعرابي فقال : يا أعرابي أين تريد؟ قال : إلى أهلي ، قال : «هل لك إلى خير؟» [قال : ما هو؟](٥) قال : «تشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله» قال : من يشهد على ما تقول؟ قال : «هذه الشجرة السّدر» [فدعاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٦) وهي في شاطئ الوادي ، فأقبلت تخدّ
__________________
(١) الحجون موضع بأعلى مكة.
(٢) أخرجه أبو نعيم في الدلائل رقم ٢٩٠ ، ونقله السيوطي في الخصائص ١ / ٣٠٢ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٠ والبيهقي في الدلائل ٦ / ١٣ ونقله ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ١٢٤ عن البيهقي.
(٣) بالأصل : الخيزرودي خطأ ، والصواب ما أثبت.
(٤) بالأصل : أبو عمر ، خطأ ، والصواب ما أثبت.
(٥) زيادة اقتضاها السياق عن دلائل البيهقي.
الأرض حتى قامت بين يديه ، واستشهدها ثلاثا فشهدت ثلاثا أنه كما قال صلىاللهعليهوسلم ، قال : ثم رجعت إلى مكانها ، فقال الأعرابي : أرجع إلى قومي فإن اتّبعوني وإلّا رجعت فكنت معك (١) [١١٢١].
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي (٢) ، أنا أبو عمرو بن حمدان.
وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، وأم البهاء فاطمة بنت محمّد قالتا : أنبأ إبراهيم بن منصور السلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : نا أبو يعلى ، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن أنس قال :
جاء جبريل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يوما وهو جالس حزين قد ضربه بعض أهل مكة ، فقال : ما لك؟ فقال : فعل بي هؤلاء وفعلوا ، قال : تحب أن أريك آية؟ قال : «نعم» قال : فنظر إلى شجرة من وراء الوادي فقال : ادع تلك الشجرة ، فدعاها ـ وقال ابن حمدان : قال : فدعاها ـ فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه ، فقال لها : «ارجعي فرجعت» ـ وقال ابن حمدان : قال : فرجعت ـ رآه ابن المقرئ حتى عادت وقالا : ـ «إلى مكانها» ـ زاد ابن المقرئ : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «حسبي» [١١٢٢].
أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا محمّد بن علي بن مخلد (٣) ..... (٤) ، نا إسماعيل بن عمرو البجلي ، نا حيّان (٥) بن علي عن صالح بن حيّان (٥) ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال :
جاء أعرابي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أسلمت فأرني شيئا أزدد به يقينا ، قال : «ما الذي تريد؟» قال : ادع تلك الشجرة فلتأتك قال : «اذهب فادعها» ، قال : فأتاها الأعرابي ، فقال : أجيبي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فمالت على جانب من جوانبها
__________________
(١) رواه البيهقي في الدلائل من طريق أبي حيان عن عطاء ، ونقله عن البيهقي ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ١٢٥.
(٢) بالأصل : الخيزرودي ، خطأ. والصواب ما أثبت.
(٣) في دلائل أبي نعيم : محمد.
(٤) كلمة غير واضحة تركنا مكانها بياضا.
(٥) بالأصل : حبان ، والمثبت عن دلائل أبي نعيم.
فقطعت عروقها ، ثم مالت على الجانب الآخر فقطعت عروقها ، ثم أدبرت فقطعت عروقها ، ثم أقبلت عن عروقها وفروعها مغبرة فقالت : عليك السلام يا رسول الله ، قال : فقال الأعرابي : حسبي حسبي يا رسول الله ، فقال لها : «ارجعي» فرجعت ، فجلست على عروقها وفروعها كما كانت ، فقال الأعرابي : يا رسول الله ، ائذن لي أن أقبّل رأسك ورجليك ، فأذن له ، ثم قال : يا رسول الله ائذن لي أن أسجد لك ، فقال : «لا يسجد أحد لأحد ، ولو أمرت أن يسجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقّه عليها» (١) [١١٢٣].
أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى الموصلي ، نا أبو خيثمة ، نا وكيع ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن يعلى بن مرة ، عن أبيه مرة قال :
كنت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر فنزلنا منزلا فقال لي : «ائت تلك الأشاءتين (٢) فقل لهما إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمركما أن تجتمعا» ، فأتيتهما فقلت لهما ذلك ، فدنت إحداهما إلى الأخرى فاجتمعتا فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم فاستتر بهما فقضى حاجته ، ثم دبت كل واحدة منهما إلى مكانها [١١٢٤].
هذا مختصر من حديث :
أخبرنا بتمامه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمّد الشّحّامي ، قالا : أنا أبو نصر عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن الحسين ، أنا أبو زكريا يحيى بن إسماعيل ، نا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن الحسن الشرقي (٣) ، نا عبد الله بن هاشم بن حيّان (٤) العبدي ، نا وكيع بن الجرّاح ، نا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن يعلى بن مرّة قال :
كنت رأيت من النبي صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أشياء عجبا : كنت معه في سفر فنزلنا منزلا فقال
__________________
(١) أخرجه بهذا الإسناد أبو نعيم في الدلائل رقم ٢٩١ ونقله الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٠ والسيوطي في الخصائص ٢ / ٢٠٠.
(٢) تقرأ بالأصل الأشانين ، والمثبت عن دلائل البيهقي.
(٣) بالأصل : الشرفي ، والصواب ما أثبت بالقاف ، ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٤٠.
(٤) بالأصل : حبان ، بالباء الموحدة ، والصواب حيان ، بالياء المثناة من تحت ، ترجمته في سير الأعلام ١٢ / ٣٢٨.
لي : «ائت تلك الأشاءتين (١) ـ يعني شجرتين صغيرتين ـ فقل لهما : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمركما أن تجتمعا» قال : فأتيتهما فقلت لهما ، فوثبت كل واحدة منهما إلى صاحبتها فاجتمعا (٢) ، فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم فاستتر بهما فقضى حاجته ثم رجع ، فقال لي : «ائتهما فقل لهما ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمركما أن ترجعا» ، قال : فأتيتهما فقلت لهما ، فرجعت كل واحدة منهما إلى مكانها.
قال : ثم خرجنا فنزلنا منزلا ، فجاء بعير حتى قام بين يديه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من أصحاب هذا البعير؟» قال : فجاء أصحابه ، فقال : «ما شأن هذا البعير يشكو؟» فقالوا : يا رسول الله بعير كان عندنا فأنفذنا أن ننحره غدا ، فقال : «لا تنحروه ، دعوه».
فقال : ثم خرجنا فنزلنا منزلا ، فجاءته امرأة معها صبي لها به لمم ، فقال : «اخرج عدو الله ، أنا رسول الله» ، فبرأ ، فلما رجعنا من سفرنا أهدت لنا كبشين ونشا من أقط وسمن فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا يعلى خذ الأقط والسمن وأحد الكبشين وردّ عليها الآخر» [١١٢٥].
وكذا رواه يونس بن بكير عن الأعمش بتمامه :
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، نا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن يعلى بن مرة عن أبيه قال : سافرت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرأيت منه أشياء عجبا ، نزلنا منزلا فقال : «انطلق إلى هاتين الأشاءتين (١) فقل : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لكما أن تجتمعا» ، فانطلقت فقلت لهما ذلك ، فنزت (٣) كل واحدة من أصلها فنزت (٤) كل واحدة إلى صاحبتها فالتقتا جميعا ، فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاجته من ورائهما ثم قال : «انطلق فقل لهما لتعد كل واحدة إلى مكانها» ، فأتيتهما فقلت ذلك لهما ، فنزت (٤) كل واحدة حتى عادت إلى مكانها.
__________________
(١) بالأصل : الأشانين ، والصواب ما أثبت ، باعتبار ما يأتي بعد ، والأشاء : كسحاب صغار النخل ، وهمزته أصلية (القاموس).
(٢) كذا ، وفي دلائل أبي نعيم : فاجتمعتا ، وهو الأظهر ، وفي دلائل البيهقي : فالتقتا.
(٣) في دلائل البيهقي : فانتزعت.
(٤) البيهقي : فنزلت.
وأتت امرأة فقالت : إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه في كل يوم مرتين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ادنيه» ، فأدنيته (١) منه فتفل في فيه وقال : «اخرج عدو الله ، أنا رسول الله» ، ثم قال لها : «إذا رجعنا فاعلمينا ما صنع» ، فلما رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم استقبلته ومعها كبشان وأقط وسمن ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خذ هذا الكبش» فأخذ منه ما أراد ، فقالت : والذي أكرمك ما رأينا به شيئا مذ فارقتنا.
ثم أتاه بعير فقام بين يديه ، فرأى عينيه تدمعان ، فبعث إلى أصحابه فقال : «ما لبعيركم هذا يشكوكم؟» فقالوا : كنا نعمل عليه ، فلما كبر وذهب عمله تواعدنا لننحره غدا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فلا تنحروه ، واجعلوه في الإبل فيها» (٢) [١١٢٦].
وكذا روي من وجه آخر عن يعلى.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين الزهري ، وأبو الفتح المختار بن عبد الحميد بن المنتصر ، وأبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق الهروي ، قالوا : أنا الإمام أبو الحسين عبد الرّحمن بن محمّد بن المظفّر الداودي ، أنبأ عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي ، أنا إبراهيم بن خريم (٣) الشاشي ، نا عبد بن حميد الكشّي ، أنبأ عبد الرزّاق ، أنبأ معمر ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن حفص ، عن يعلى بن مرّة الثقفي قال :
ثلاثة أشياء رأيتها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بينا نحن نسير معه إذ مررنا ببعير يشنأ (٤) عليه ، قال : فلما رآه البعير جرجر ووضع جرانه (٥) فوقف عليه النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «أين صاحب هذا البعير؟» فجاء ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بعنيه» قال : لا ، بل أهبه لك ، قال : «لا ، بل بعنيه» ، قال : لا ، بل أهبه لك ، إنه لأهل بيت ما لهما معيشة غيره ، قال : أما إذ ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف ، فأحسنوا إليه.
__________________
(١) البيهقي : فأدنته.
(٢) رواه البيهقي في الدلائل من طريق أحمد بن عبد الجبار ٦ / ٢١ ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٦ وقال : رواه أحمد بإسنادين والطبراني بنحوه ، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح. والحاكم في المستدرك ٢ / ٦١٧.
(٣) بالأصل : حريم ، بالحاء المهملة ، والصواب ما أثبت : خريم بالخاء المعجمة. وقد مضى.
(٤) في دلائل البيهقي : يستقي عليه.
(٥) جران البعير بالكسر : مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره (القاموس).
قال : ثم سرنا فنزلنا منزلا فنام النبي صلىاللهعليهوسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ، ثم رجعت إلى مكانها ، فلما استيقظ النبي صلىاللهعليهوسلم ذكرت له فقال : «هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلّم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأذن لها».
قال : ثم سرنا فمررنا بماء ، فأتته امرأة بابن لها به جنّة ، فأخذ النبي صلىاللهعليهوسلم بمنخره ثم قال : «اخرج أنا محمّد رسول الله».
قال : ثم سرنا ، فلما رجعنا من سفرنا مررنا بذلك الماء ، فأتته المرأة بجزر ولبن ، فأمرها أن ترد الجزر وأمر أصحابه فشربوا اللبن ، فسألها عن الصبي فقالت : والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريب بعدك (١) [١١٢٧].
أخبرتنا أم المجتبي فاطمة بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور السّلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا محمّد بن يزيد بن رفاعة الرفاعي أبو هشام ، نا إسحاق بن سليمان ، نا معاوية بن يحيى الصّدفي ، عن الزهري ، أنا خارجة بن زيد : أن أسامة بن زيد بن حارثة حدّثه قال :
خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجته التي حجها ، فلما هبطنا بطن الرّوحاء (٢) عارضت رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأة معها صبي لها ، فسلّمت عليه ، فوقف لها فقالت : يا رسول الله ، هذا ابني فلان ، والذي بعثك بالحق ما زال في خنق (٣) واحد أو كلمة يشبهها (٤) منذ ولدته إلى الساعة ، فادع (٥) إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبسط يده فجعله بينه وبين الرّحل (٦) ثم تفل في فيه ، ثم قال : «اخرج عدو الله [فإني رسول الله» ، قال : ثم ناولها إياه ، وقال : «خذيه ، فلا بأس عليه](٧) فلن تري منه شيئا يريبك بعد اليوم إن شاء الله».
__________________
(١) بهذا السند الحديث أخرجه البيهقي في الدلائل ٦ / ٢٣ ـ ٢٤ وانظر مجمع الزوائد ٥ / ٧ ، والبداية والنهاية ٦ / ١٣٥ والقسم الخاص بسلام الشجرة عليه صلىاللهعليهوسلم أخرجه أبو نعيم في الدلائل برقم ٢٩٣ من طريق عبد الرزّاق.
(٢) الروحاء : مكان بين مكة والمدينة وهو يبعد قرابة ثلاثين ميلا عن المدينة.
(٣) كذا ، وفي المختصر : «جنن» وبهامشه : الجنون وعبارة البيهقي في الدلائل : ما أفاق من يوم ولدته إلى يومه هذا.
(٤) غير واضحة بالأصل والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٥) كذا رسمها بالأصل ، وفي المختصر : «فاكتنع» أي دنا.
(٦) بالأصل : الرجل خطأ ، والصواب عن البيهقي.
(٧) ما بين معكوفتين مكانه بياض بالأصل ، والعبارة المستدركة عن دلائل النبوة للبيهقي.
قال أسامة : [فقضينا حجّنا](١) ثم انصرفنا فلما نزلنا الرّوحاء فإذا تلك المرأة أم الصبيّ قد جاءت ومعها شاة مصلية ، فقالت : يا رسول الله أنا أم الصبيّ الذي أتيتك به ، قالت : لا والذي بعثك بالحق ما رأيت منه شيئا يريبني إلى هذه الساعة ، قال أسامة : فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أسيم ـ قال الزهري : وهكذا كان يدعو يحمشه (٢) ـ ناولني ذراعها» ، فأصلحت الذراع فناولتها إياه فأكلها ثم قال : «يا أسيم ناولني الذراع» ، فقلت :
يا رسول الله قد قلت لي ناولني فناولتكها فأكلتها ، ثم قلت : ناولني فناولتكها فأكلتها ثم قلت : ناولني الذراع ، وإنما الشاة ذراعان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما إنك لو أهويت إليها ما زلت تجد فيها ذراعا ما قلت لك ، قال : يا أشيم ، قم فاخرج فانظر هل ترى حجرا (٣) لمخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم» ، فخرجت فمشيت حتى حسرت ، فما قطعت الناس وما رأيت شيئا أرى أنه يواري أحدا ، وقد ملأ الناس ما بين السّدّين قال : «فهل رأيت شجرا أو رجما» (٤)؟ قلت : بلى قد رأيت نخلات صغارا (٥) إلى جانبهن رجم من حجارة فقال : «يا أسيم (٦) اذهب إلى النخلات فقل لهن : يأمركنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يلحق بعضكن ببعض حتى تكنّ سترة لمخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقل ذلك للرّجم» (٧) ، فأتيت النخلات فقلت لهن الذي أمرني به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقافزهن (٨) بعروقهن وترابهن حتى لصق بعضهم ببعض ، فكنّ كأنهن نخلة واحدة ، وقلت ذلك للحجارة ، فو الذي بعثه بالحق كأني أنظر إلى تقافزهن حجرا حجرا حتى علا بعضهم بعضا ، فكنّ كأنهم جدار ، فأتيته فأخبرته فقال : «خذ الإداوة» فأخذتها ثم انطلقنا نمشي ، فلما دنونا منهن سبقته فوضعت الإداوة ثم انصرفت إليه ، فانطلق يقضي حاجته ، ثم أقبل وهو يحمل الإداوة ، فأخذتها منه ، ثم رجعنا ، فلما دخل الخباء قال لي : «يا أسيم انطلق
__________________
(١) ما بين معكوفتين مكانها بياض بالأصل وكلمة «عنا» ولا معنى لها ، فالعبارة المستدركة عن مختصر ابن منظور ، وفي دلائل البيهقي : فلما قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجته انصرف ....
(٢) في دلائل أبي نعيم : يرخّمه.
(٣) كذا ، وفي دلائل أبي نعيم : «خمرا» والخمر : الستر ، وفي دلائل البيهقي : هل ترى من خمر.
(٤) الأصل : رحما ، والمثبت عن دلائل البيهقي.
(٥) بالأصل : صغار ، والصواب ما أثبت.
(٦) الأصل : أشيم ، بالشين المعجمة ، والصواب بالسين المهملة.
(٧) الأصل : للرحم ، خطأ.
(٨) غير واضحة بالأصل وقد تقرأ «تقارقهن» والمثبت عن المختصر ، وفي دلائل أبي نعيم : يتقافزن ، وفي البيهقي : يخددن الأرض.
إلى النخلات فقل (١) لهن : يأمر كن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ترجع كل نخلة منكن إلى مكانها ، وقل ذلك للحجارة» ، فأتيت النخلات ، فقلت لهن الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقافزهن بعروقهنّ وترابهنّ حتى (٢) كلّ نخلة منهن إلى مكانها ، وقلت ذلك للحجارة ، فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقافزهن حجرا حجرا حتى عاد كل حجر إلى مكانه ، فأتيته فأخبرته صلىاللهعليهوسلم (٣) [١١٢٨].
ح وأخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأ أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي ، نا أبو عبد الرّحمن عبد الله بن عمر بن صالح الجعفي ، نا إسحاق بن سليمان الرازي ، نا معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري ، عن خارجة بن زيد بن ثابت أن أسامة بن زيد حدّثه قال :
حججنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجته التي حجّ فيها ، فلما هبطنا بطن الرّوحاء عارضت رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأة تحمل صبيا لها ، فسلّمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يسير على راحلته ثم قالت : يا رسول الله هذا ابني فلان ، والذي بعثك بالحق ما أبقى من خنق واحد من لدن ولدته إلى ساعته هذه ، فحبس رسول الله صلىاللهعليهوسلم الراحلة ، فوقفت ، ثم اكتنع (٤) إليها ، فبسط إليها يده وقال : هاتيه لأوضعه على يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فضمه إليه فجعل بينه وبين واسطة الرحل ثم تفل في فيه قال : «اخرج يا عدو الله ، فإني رسول الله صلىاللهعليهوسلم» ثم ناولها إياه ، فقال : «خذيه ، فلن تري (٥) شيئا منه تكرهينه بعد هذا إن شاء الله» ، فأخذته ثم انصرفت ، قال : ثم مضينا ، فحججنا ، قال : فلما انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم نزلنا بالرّوحاء ، قال أسامة : إذا تلك المرأة قد استقبلت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشاة مصلية فوضعتها بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قالت : يا رسول الله أنا المرأة أم الصبي الذي لقيتك به ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فما فعل ابنك؟» قالت : والذي بعثك
__________________
(١) بالأصل : فقلن.
(٢) غير واضحة بالأصل ، وفي دلائل أبي نعيم «رجعت» وهي تناسب أيضا.
(٣) أخرجه البيهقي في الدلائل ٦ / ٢٥ ـ ٢٦ وأخرج أبو نعيم في الدلائل برقم ٢٩٨ القسم : بعد حجته صلىاللهعليهوسلم وانصرافه من الحج.
(٤) رسمها بالأصل : «النع» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٥) بالأصل : ترين ، خطأ والصواب ما أثبت.
بالحقّ ما رأيت منه شيئا يريبني إلى يومي هذا ، قال أسامة : فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أسيم» ـ قال الزهري : وكان بذلك يدعوه يرخّمه ـ ، «ناولني ذراعها» ، قال أسامة : فأخذت الذراع فناولته إياها فأكلها ، ثم قال : «يا أسيم ناولني الذراع» ، فناولته إياها فأكلها ، ثم قال : «يا أسيم ناولني الذراع» ، فقلت : يا رسول الله إنك قلت : ناولني الذراع فناولتكها ، ثم قلت : ناولني الذراع فناولتك الذراع الآخر ، وإنما للشاة ذراعان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو لم تراجعني وأهويت إليها ما زلت تجد فيها ذراعا ما قلت لك» ثم قال : «يا أسيم ، اخرج فانظر هل ترى لي رجما من الأرض لمخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم» فخرجت فمشيت حتى حسرت ، فلم أقطع الناس ولم أر شيئا أرى أنه يواري أحدا ، فرجعت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لقد ملأ الناس ما بين الصدين (١) ، وما رأيت من شيء يواري أحدا ، فقال : «أما رأيت شجرا ورجما؟» قلت : بلى ، قد رأيت إلى جانبهن رجما من حجارة ، قال : «فانطلق إلى النخلات فقل لهن : يقول لكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تلفّفنّ بعضكن إلى بعض حتى تكنّ سترة لمخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم» ، فخرجت حتى أتيت النخلات ، فقلت لهن الذي أمرني به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال أسامة : فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى قفزهنّ بعروقهنّ وترابهنّ حتى لصق بعضهنّ إلى بعض ، فكنّ كأنهن نخلة واحدة ، ثم أتيت الرجم ، فقلت للحجارة الذي أمرني به ، قال : فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقافزهن (٢) حجرا حجرا حتى لصق بالنخلات وعلا بعضهم بعضا حتى كنّ كأنهن جدار ، فرجعت إليه ، فأخبرته بذلك فقال : «خذ الإداوة» ، ثم انصرفنا ، فقضى من حاجته ، ثم أقبل إلى الإداوة بيده فتلقيته فأخذتها منه ، ثم مضينا فلما دخل الخباء قال : «يا أسيم انطلق إلى الحجارة وإلى النخلات فقل لهن يأمر كن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن تعدن إلى ما كنتن عليه ، وقل للحجارة يأمر كن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن تعدن رجما كما كنتنّ» ، فأتيت النخلات ، فقلت لهن الذي أمرني به ، فو الذي بعثه بالحقّ لكأني أنظر قفزهن وترابهن حتى عادت كل نخلة منها في موضعها ، قال : ثم قلت للحجارة ذلك ، فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى قفزهن حجرا حجرا حتى أتين مكانهن الذي كنّ فيه رجما كما كن ، فانصرفت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، قد أتيت النخلات وقلت لهنّ الذي أمرتني به ، ففعلن ما أمرتهنّ به ، وقلت
__________________
(١) في الرواية السابقة : «السدين» ومثلها في دلائل أبي نعيم.
(٢) غير مقروءة بالأصل : «فقرايهن» والمثبت عن المختصر.
للحجارة ذلك حتى عادت رجما كما كانت [١١٢٩].
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن إسماعيل الفضيلي ، أنا أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق ، وأبو بكر أحمد بن يحيى بن الحسن الأذريجاني ، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعب ..... (١) ، قالوا : أنا أبو الحسن الداودي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي ، أنا عيسى بن عمر بن العباس السّمرقندي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن عبد الرّحمن بن بهرام السّندي ، أنا عبد الله بن موسى ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال :
خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر ، فكان لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا يرى ، فنزلنا بفلاة من الأرض ليس فيها شجر ولا علم فقال : «يا جابر اجعل في إداوتك ماء» ثم انطلق بنا ، قال : فانطلقنا حتى لا نرى ، فإذا هو بشجرتين بينهما أربع أذرع ، فقال : «يا جابر انطلق إلى هذه الشجرة فقل : يقل لكي الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما» فرجعت إليها ، فجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم خلفهما [حتى قضى حاجته] ثم رجعتا إلى مكانهما ، فركبنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بيننا كأنما علينا الطير تظلنا ، فعرضت له امرأة معها صبي لها ، فقالت : يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات [لا يدعه] ، قال : فتناول [رسول الله صلىاللهعليهوسلم] الصبيّ ، فجعله بينه وبين مقدم الرّحل ، ثم قال : «اخسأ عدو الله أنا رسول الله ، اخسأ عدو الله ، أنا رسول الله ـ ثلاثا ـ» ثم دفعه إليها ، فلما قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان فعرضت لنا المرأة معها صبيّها ومعها كبشان تسوقهما ، فقالت : يا رسول الله اقبل مني هذين ، فو الذي بعثك بالحق ما عاد إليه بعد فقال : «خذوا منها واحدا وردوا عليها الآخر».
قال : ثم سرنا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بيننا كأنما علينا الطير تظلّنا ، فإذا جمل نادّ حتى إذا كان بين السماطين خرّ ساجدا ، فحبس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال على الناس : «من صاحب الجمل؟» فإذا فتية من الأنصار ، قالوا : هو لنا يا رسول الله ، قال : فما شأنه؟ قالوا : استقينا عليه منذ عشرين سنة وكانت به شحيمة فأردنا أن ننحره فنقسمه بين غلماننا ، فانفلت منا ، قال : «بيعونيه» قالوا : لا ، بل هو لك يا رسول الله ، قال : «أمالي ، فأحسنوا
__________________
(١) غير مقروءة بالأصل.
إليه حتى يأتيه أجله» قال (١) عنه ذلك يا رسول الله نحن أحق بالسجود لك من البهائم ، قال : «لا ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ، ولو كان ذلك لكان النساء لأزواجهن» (٢) [١١٣٠].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقور ، أنا عيسى بن علي الوزير ، أخبرنا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا شيبان ، نا مهدي بن ميمون ، نا محمّد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن جعفر قال :
أردفني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم خلفه فأسرّ إليّ حديثا لا أحدّث به أحدا من الناس ، قال : وكان أحب ما استتر رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحاجته (٣) هدف (٤) أو حابس (٥) نخل فدخل حائط رجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلىاللهعليهوسلم اغرورقت عيناه ، فأتاه النبي صلىاللهعليهوسلم فمسح رأسه سراته (٦) وذفريه فسكن ، ثم قال : «من رب هذا الجمل ، لمن هذا الجمل» ، فجاء فتى من الأنصار ، فقال : هو لي يا رسول الله ، فقال : «ألا تتّقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله عزوجل إيّاها ، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه» (٧) [١١٣١].
أخبرنا أبو بكر الفرضي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسين بن المظفّر ، أنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي.
ح وأخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن المزرفي (٨) ، أنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون ، أنا أبو القاسم بن حبابة (٩) ، نا أبو القاسم البغوي ،
__________________
(١) غير واضحة بالأصل.
(٢) أخرجه من طريق يونس بن بكير البيهقي في الدلائل ٦ / ١٨ ـ ١٩ ومختصرا في سنن أبي داود ـ أول كتاب الطهارة. وابن ماجة ح (٣٣٥) مختصرا أيضا ، وباختلاف في مجمع الزوائد ٩ / ٧ ـ ٨.
(٣) تقرأ بالأصل : ناحية ، والصواب المثبت عن المختصر ودلائل البيهقي.
(٤) الهدف : كل بناء مرتفع مشرف.
(٥) كذا بالأصل ، وفي صحيح مسلم والمختصر : حائش النخل ، والحائش : جماعة النخل ، لا واحد من لفظه.
(٦) سراة الشيء : أعلاه وأوسطه وأسفله.
(٧) أخرجه مسلم من طريق مهدي بن ميمون ٣ كتاب الحيض (٢٠) باب ١ / ٢٦٨ وابن ماجة ح (٣٤٠) وأبو داود في الجهاد ح (٢٥٤٩) والبيهقي في الدلائل ٦ / ٢٦ ـ ٢٧.
(٨) بالأصل : المرزوقي ، خطأ ، والصواب ما أثبت.
(٩) بالأصل : حنانة ، خطأ ، والصواب ما أثبت.
قالا : ثنا شيبان ، نا القاسم بن الفضل ، نا أبو نضرة (١) ، عن أبي سعيد الخدري قال :
بينما راعي (٢) يرعى بالحرّة ـ زاد البغوي : شاء ـ إذ انتهر الذئب شاة من شائه ، فحال الراعي بين الذئب وبين الشاة ، فأقعى الذئب على ذنبه ثم قال للراعي : ألا تتقي الله ، تحول بيني وبين رزق ساقه الله إليّ ، فقال ابن حبابة : فقال الراعي : العجب من ذئب يقعى على ذنبه يتكلم بكلام ، فقال ابن حبابة : كلام الإنس ، فقال الذئب للراعي :
ألا أحدثك بأعجب مني ، فقال ابن حبابة : من هذا رسول الله بين الحرتين ـ زاد البغوي :
يحدّث الناس بأنباء ما قد سبق ، فساق الراعي الشاء حتى انتهى إلى المدينة فزواها ، وقالا في زاوية (٣) : من زواياها ، ثم دخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحدّثه بما قال الذئب ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الناس فقال للراعي : «حدّثهم» ـ زاد ابن حبابة قال : وقالا :
وقام الراعي فأخبر الناس بما قال الذئب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «صدق الراعي ألا أن من أشراط الساعة كلام السّباع الإنس» ـ وقال ابن المظفّر : للإنس ، «والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السّباع الإنس ، ويكلم الرجل شراك نعله وعذبة سوطه ويخبره فخذه بما فعل أهله بعده» (٤) [١١٣٢].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو القاسم بن البسري (٥) ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمّد بن بنت منيع ، نا سويد ـ هو ابن سعيد ـ نا مسلم بن خالد المدلجي عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب أنه حدّثه عن أبي سعيد الخدري قال :
بينما أعرابي في بعض نواحي المدينة في غنم له عدا (٦) الذئب فأخذ شاة من غنمه ، فأدركه الأعرابي ، فأنقذها وهجهجه ـ يعني تكلم ، قال والذئب يمشي ثم قام
__________________
(١) بالأصل نصرة ، والمثبت عن دلائل البيهقي.
(٢) كذا.
(٣) بالأصل : رواية ، والمثبت عن دلائل البيهقي.
(٤) من طريق القاسم بن الفضل الحداني أخرج قسما منه الترمذي ٤ / ٤٧٦ وأحمد في المسند ٣ / ٨٣ عن يزيد عن القاسم ، والبيهقي في الدلائل من طريق عبيد الله بن موسى ٦ / ٤١ ـ ٤٢ وأبو نعيم في الدلائل من طريق أبي داود الطيالسي رقم ٢٧٠ ، والحاكم ٤ / ٤٦٧ والسيوطي في الخصائص ٢ / ٢٦٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ٢٩١.
(٥) بالأصل : البشري ، خطأ ، والصواب بالسين المهملة.
(٦) بالأصل : غذا ، خطأ والمثبت عن دلائل البيهقي.
مستقرا بذنبه مستقبل الأعرابي ، فقال : ويلك ، أما تتق الله حيث أخذت مني رزقا رزقنيه الله ، فصفق الأعرابي بيده ثم قال : والله ما رأيت كاليوم قط قال الذئب : فما ذاك يعجبك ، قال الأعرابي : والله ما يزيدني إلّا عجبا ألا أعجب من ذئب مقعى (١) على استه مستذفر بذنبه يخاطبني ، قال : فو الله إنه؟؟؟ (٢) ما هو أعجب من ذلك ، قال : وما هو أعجب من ذلك؟ قال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم في النخلات بين الحرتين يحدّث الناس عن أنباء ما قد سبق ، وما يكون بعد ، قال : فنعق الأعرابي بغنمه إلى بعض نواحي المدينة ثم مشى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فضرب عليه بابه ، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخبره الأعرابي ، فصدّقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «إذا صلّيت الظهر فاحضرني» ، فلما صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الظهر قال : «أين الأعرابي ، حدّث الناس بما سمعت ورأيت» فحدّث الأعرابي الناس بما رأى من الذئب وسمع ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند ذلك : «صدق في آيات تكون قبل الساعة ، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده» (٣) [١١٣٣].
[ظهور بركته في الشاة التي لم يكن فيها
لبن حتى نزل لها لبن](٤)
أخبرنا أبو الفضل الفضيلي ، وأبو المحاسن أسعد بن علي ، وأبو بكر أحمد بن يحيى ، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى ، قالوا : أنا أبو الحسن الدراوردي ، نا عبد الله بن أحمد السرخسي ، نا عيسى بن عمر السمرقندي ، نا عبد الله بن عبد الرّحمن الدارمي ، نا محمّد بن يوسف ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن رجل من مزينة أو جهينة قال :
صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الفجر ، فإذا هو بقريب من مائة ذئب قد ابعثن وفودا للذئاب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ترضخون لهم شيئا من طعامكم ، وتأمنون على ما سوى ذلك» ، فشكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحاجة قال : فادنوهن قال : فخرجن ولهن عواء [١١٣٤].
__________________
(١) كذا.
(٢) لفظة غير مقروءة ورسمها بالأصل : «؟؟؟ رك».
(٣) من طريق شهر بن حوشب أخرجه البيهقي في الدلائل ٢ / ٤٢ ـ ٤٣ وأبو نعيم في الدلائل رقم ٢٧١ وفيهما باختلاف ، ونقله ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ١٤٤.
(٤) عنوان أضفناه للإيضاح.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (١) ، حدّثني أبي ، نا أسود بن عامر ، أنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب ، عن المقداد بن الأسود قال :
لما نزلت المدينة عشرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة عشرة ، يعني في كل بيت قال :
فكنت في العشرة الذين كان النبي صلىاللهعليهوسلم فيهم ، قال : ولم يكن لنا إلّا شاة نتجزأ (٢) لبنها ، قال : فكنا إذا أبطأ علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم شربنا وبقّينا للنبي صلىاللهعليهوسلم نصيبه ، فلما كان ذات ليلة أبطأ علينا ، قال : ونمنا ، فقال المقداد : لقد أطال النبي صلىاللهعليهوسلم ما أراه يجيء الليلة لعل إنسانا دعاه ، قال : فشربته ، فلمّا ذهب من الليل جاء فدخل البيت قال : فلما شربته لم أنم ، قال : فلما دخل سلّم ولم [يشدّ](٣) ثم مال إلى القدح ، فلما لم ير شيئا سكت ، ثم قال :
«اللهم أطعم من أطعمنا الليلة» ، قال : وثبت فأخذت السكين وقمت إلى الشاة قال : «ما لك؟» قلت : أذبح ، قال : «لا ، ائتني بالشاة» ، فأتيته بها ، فمسح ضرعها ، فخرج شيء ثم شرب ثم نام [١١٣٥].
هذا حديث غريب ، (٤) من حديث المقداد والمشهور عنه ما :
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي (٥) ، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ح وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت : أنا إبراهيم بن منصور السلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا هدبة ، نا حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن المقداد بن عمرو الكندي قال :
قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعي رجلان من أصحابي ، فطلبنا هل يضيفنا أحد ـ زاد ابن حمدان : فأتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلنا : يا رسول الله ، أصابنا جوع وجهد ، وإنا تعرّضنا هل يضيفنا أحد ، فلم يضفنا أحد ، ثم أتينا وقالا : ـ فدفع إلينا أربعة أعنز ، فقال :
__________________
(١) مسند الإمام أحمد ٦ / ٤.
(٢) المسند : نتحرى.
(٣) بياض بالأصل ، والكلمة مستدركة عن مسند أحمد.
(٤) رسمها بالأصل : حين.
(٥) بالأصل : الخيزرودي خطأ ، والصواب ما أثبت.
«يا مقداد خذ هذه فاحتلبها فجزّها أربعة أجزاء ، جزءا إليّ وجزءا لك ، وجزءين لصاحبيك» ، فكنت أفعل ذلك ، فلما كان ذات ليلة شربت جزئي ، وشرب صاحباي جزئيهما وجعلت جزء النبي صلىاللهعليهوسلم في القعب ، وأطبقت عليه ، فاحتبس النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت لي نفسي : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد دعاه أهل بيت من المدينة فتعشى معهم ورسول الله ـ وقال ابن المقرئ : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ لا يحتاج إلى هذا اللبن ، فلم تزل نفسي تديرني حتى قمت إلى القعب فشربت ما فيه ، فما تقارفي بطني أخذني ما ندمت ، وما حدث ، فقالت لي نفسي : يجيء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جائع ظمآن فيرفع القعب فلا يجد فيه شيئا ، فيدعو عليك ، فتسجّيت كأني نائم وما بي نوم ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلّم تسليمة أسمع اليقظان ، ولم يوقظ النائم ، فلما لم ير في القعب شيئا ، رفع رأسه إلى السماء فقال :
«اللهم أطعم من أطعمنا واسق من سقانا» فاغتنمت دعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذت الشفرة وأنا أريد أن أذبح بعض تلك الأعنز فأطعمه فضربت بيدي فوقعت على ضرعها ، فإذا هي حافل ، ثم نظرت إليهن جميعا ، فإذا هنّ حفّل ، فحلبت في القعب حتى امتلأ ثم أتيته ـ زاد ابن المقرئ : به ـ وقالا : وأنا أتبسم ، فقال : «هيه بعض سوآتك يا مقداد» فقلت :
ـ وقال ابن حمدان : قلت : يا رسول الله اشرب ، ثم الخبر ـ وقال ابن حمدان : ثم أخبر ـ فشرب ثم شربت ما بقي ـ وزاد ابن المقرئ : منه ـ ثم أخبرته فقال : يا مقداد هذه بركة كان ينبغي بك أن تعلمني حتى توقظ صاحبينا نسقيهما من هذه البركة ، قال : فقلت :
ـ وقال ابن حمدان : قلت : ـ يا رسول الله إذا شربت أنت البركة وأنا ، فما أبالي من أخطأت (١) [١١٣٦].
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن شبابة بن سوار ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت (٢).
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد التركي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو حفص بن شاهين ، نا علي بن محمّد بن أحمد العسكري ، نا عبد الله بن محمّد بن (٣)
__________________
(١) أخرجه مسلم في الأشربة (٣٦) ، باب إكرام الضيف (٣٢) ، ص ١٦٢٥ من حديث شبابة والنضر بن شميل عن سليمان بن المغيرة ، والبيهقي في الدلائل من طريق أبي داود الطيالسي عن سليمان بن المغيرة عن ثابت ٦ / ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) انظر الحاشية السابقة.
(٣) في دلائل البيهقي : بن أبي مريم.
مريم ، نا أسد بن موسى ، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، نا محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، نا عبد الرّحمن بن الأصبهاني قال : سمعت عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر الصّدّيق رضياللهعنه قال :
خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مكة ، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بيت متنحيا ، فقصد إليه ، فلما نزلنا لم يكن فيه إلّا امرأة ، فقالت (١) : يا عبد الله إنما أنا امرأة وليس معي أحد ، فعليكما بعظيم الحي إن أردتما القرى ، قال : فلم يجبها وذلك عند المساء ، فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها ، فقالت له : يا بني انطلق بهذه العنز والشفرة إلى هذين الرجلين ، فقل لهما : تقول لكما أمي اذبحا هذه وكلا وأطعمانا ، فلما جاء قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «انطلق بالشفرة وجئني بالقدح» قال : إنها قد غرّبت وليس لها لبن ، قال : [«انطلق»](٢) فانطلق فجاء بقدح فمسح النبي صلىاللهعليهوسلم ضرعها ، ثم حلب حتى ملأ القدح ثم قال : «انطلق إلى أمك» ، فشربت حتى رويت ، ثم جاء به فقال : «انطلق بهذه وجئني بأخرى» ، ففعل بها ذلك ، ثم سقى الغلام ثم جاء بالأخرى ففعل بها كذلك ، ثم سقى أبا بكر ، ثم جاء بأخرى ففعل بها كذلك ثم شرب النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال : فبتنا ليلتنا ثم انطلقنا ، فكانت تسميه المبارك ، وكثرت غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة ، فمرّ أبو بكر فرآه ابنها فعرفه ، فقال : يا أمّه إن هذا الرجل الذي كان مع المبارك ، فقامت إليه ، فقالت : يا عبد الله من الرجل الذي كان معك؟ قال : وما تدرين من هو؟ قالت : لا ، قال : هو النبي صلىاللهعليهوسلم ، قالت : فادخلني عليه ، قال : فأدخلها عليه ، فأطعمها وأعطاها (٣).
أخبرنا أبو بكر الفرضي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأ أحمد بن معروف ، أنبأ الحارث بن أبي أسامة ، أنا محمّد بن سعد (٤) ، أنا خلف بن الوليد الأزدي ، نا خلف بن خليفة ، عن أبان بن بشير (٥) ، عن شيخ من أهل البصرة ، ثنا نافع :
__________________
(١) بالأصل : فقال.
(٢) زيادة لازمة للإيضاح.
(٣) أخرجه البيهقي في الدلائل ٢ / ٤٩١ ـ ٤٩٢ وزيد في آخره : قال : ولا أعلمه إلّا قال : أسلمت» ونقله ابن كثير في البداية والنهاية ٣ / ١٩١.
(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ١ / ١٧٩.
(٥) في ابن سعد : «بشر» والمثبت يوافق عبارة دلائل أبي نعيم ، ودلائل البيهقي نقلا عن ابن سعد.
أنه كان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في زهاء أربع مائة رجل ، فنزل بنا على غير ماء ، فكأنه اشتد على الناس ورأوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم نزل فنزلوا إذ أقبلت عنز تمشي حتى أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، محدّدة القرنين ، قال : فحلبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فأروى الخيل (١) ، وروي ، قال : ثم قال : «يا نافع أملكها وما أراك تملكها» (٢) ، قال : فلما قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما أراك تملكها قال : فأخذت عودا فركزته في الأرض ، قال : وأخذت رباطا (٣) فربطت الشاة ، فاستوثقت منها ، قال : ونام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونام الناس ، ونمت قال : واستيقظت فإذا الحبل محلول وإذا لا شاة قال : فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، قال : قلت : الشاة ذهبت ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا نافع أوما أخبرتك أنك لا تملكها؟
إن الذي جاء بها هو الذي ذهب بها» (٤) [١١٣٨].
[كلام الظبية وشهادتها للنبي صلىاللهعليهوسلم بالرسالة](٥)
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٦) ، أنا أبو بكر أحمد (٧) بن الحسن القاضي ، أنا أبو علي حامد بن محمّد الهروي ، نا بشر بن موسى ، نا أبو حفص عمرو بن علي ، نا يحيى (٨) بن إبراهيم الغزّال ، نا الهيثم بن جماز (٩) ، عن أبي كثير [عن](١٠) زيد بن أرقم قال :
كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض سكك المدينة ، قال : فمررنا بخباء أعرابي ، وإذا ظبية مشدودة إلى الخباء ، فقالت الظبية : يا رسول الله إنّ هذا الأعرابي قد اصطادني ولي
__________________
(١) في ابن سعد : الجند.
(٢) بالأصل : «أمللها ... تمللها» والصواب المثبت عن ابن سعد وأبي نعيم والبيهقي.
(٣) بالأصل : «ياطا» والمثبت عن ابن سعد.
(٤) أخرجه البيهقي في الدلائل ٦ / ١٣٧ من طريق خلف بن خليفة ، وأبو نعيم في الدلائل رقم ٣٣٢ وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ١٠٣.
(٥) عنوان استدركناه للإيضاح.
(٦) دلائل النبوة للبيهقي ٦ / ٣٤ ـ ٣٥.
(٧) البيهقي : محمد.
(٨) في دلائل البيهقي ودلائل أبي نعيم : يعلى.
(٩) في المصدرين السابقين : حمّاد.
(١٠) زيادة لازمة عن المصدرين السابقين.