تاريخ مدينة دمشق - ج ١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البنا ، عن أبي تمام علي بن محمد بن الحسن ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أبو الطّيّب محمد بن القاسم بن جعفر ، نا ابن أبي خيثمة ، نا هارون [بن معروف](١) ، نا ضمرة ، نا ابن شوذب ، عن أبي المنهال ، عن أبي زياد ، قال : قال لي كعب : أترى هذه الأهواء التي هي فيكم اليوم ـ يعني بالعراق ـ فإنها ستنقل إلى الشام.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا أبو القاسم تمام الرازي ، أنا أبو الميمون بن راشد ، نا أبو الأصبغ عبد العزيز بن سعيد الهاشمي الدمشقي ، نا محمد بن سماعة ، نا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن الزّهري ، قال : ينبغي للناس أن يدعوا من حديث أهل المدينة حديثين ، ومن حديث أهل مكة حديثين ، ومن حديث أهل العراق حديثين ، ومن حديث أهل الشام حديثين. فأمّا حديثا (٢) أهل المدينة فالسّماع والقيان (٣). وأمّا حديثا (٤) أهل مكة فالصرف والمتعة ، وأما حديثا (٥) أهل العراق فالنبيذ والسحور ، وأما حديثا (٦) أهل الشام فالطلاء والطاعة.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عبد الله إسحاق بن محمد السّوسي ، قالا : نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، نا أحمد بن عيسى التّنّيسي ، نا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت الأوزاعي يقول : يترك من قول أهل مكة المتعة والصرف ، ومن قول أهل المدينة السماع وإتيان النساء في أدبارهن ، ومن قول أهل الشام الجبر والطاعة ، ومن قول الكوفة النبيذ والسحور.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود السّوسي (٧) ، أنا جدي أبو

__________________

(١) زيادة عن المطبوعة ١ / ٣٤٦.

(٢) بالأصل «حديث» والمثبت عن خع.

(٣) في المطبوعة : والغناء.

(٤) بالأصل «حديث» والمثبت عن خع.

(٥) بالأصل «حديث» والمثبت عن خع.

(٦) بالأصل «حديث» والمثبت عن خع.

(٧) السوسي بالواو بين السينين المهملتين ، الأولى مضمومة ، والأخرى مكسورة.

هذه النسبة إلى سوس ، وسوسة.

قال السمعان : وظني أن أبا القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل بن مظكود السوسي من سوس المغرب (سوسة بلدة بالمغرب). وفي اللباب : مطكوذ ، وفي المطبوعة : مطلود.

٣٦١

محمد المقرئ ، أنا أبو علي الأهوازي ، أنا تمام بن محمد الحافظ ، نا أبو بكر محمد بن إدريس بن الحجاج الأنطاكي ، [نا](١) محمد بن علي العسقلاني ، قال : سمعت روّاد بن الجرّاح يقول : سمعت أبا عمرو الأوزاعي يقول : لا نأخذ من قول أهل العراق خصلتين ، ومن قول أهل مكة خصلتين ، ولا من قول أهل المدينة خصلتين ، ولا من قول أهل الشام خصلتين. فأمّا أهل العراق : فتأخير السحور وشرب النبيذ ، وأما أهل مكة فالمتعة والصرف (٢). وأما أهل المدينة فإتيان النساء في أدبارهن والسماع. وأما أهل الشام فبيع العصير وأخذ الديوان.

وهذان الأمران قد ذهبا. أما بيع العصير فليس في الشام اليوم عالم يبيحه. وإنما يفعل ذلك أهل الفسوق. وأما الديوان فقد منعهموه (٣) السلطان.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الدّاراني ، أنا سهل بن بشر الإسفرايني ، أنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلّاب المشغراني ، نا العباس بن الوليد بن صبح الخلّال ، نا مروان بن محمد ، نا الهيثم بن حميد ، حدثني النعمان بن المنذر الغسّاني ، قال : كنت مع مكحول بالصّائفة قال : فأتاه فتيان من أهل العراق قال : فجعلوا يسألونه قال : فجعل يخبرهم ، قال : فقالوا له : عن من ومن حدثك؟ قال : فنشط لهم مكحول ، فجعل يسند لهم. قال : فلما تهيأ قيامه ضحك ، ثم قال : هكذا ينبغي لكم يا أهل العراق ، فلا يصلحكم إلّا هذا. وأما أصحابنا هؤلاء أهل الشام فيأخذون كما تيسّر. قال : ثم قام.

بلغني عن أبي الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي فيما قرأته بخط أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن صابر ، وذكر أنه نقله من خطه ، نا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن بشر الهروي ، أنا محمد بن سليمان الواسطي أبو بكر ، قال : سمعت أحمد بن داود الحداد يقول : سمعت ابن فضيل يقول : سمعت الأعمش يقول : كنا إذا جاءنا الحديث فأنكرناه قلنا : شامي.

__________________

(١) زيادة عن خع.

(٢) الصرف : بيع الذهب والفضة بذهب أو فضة ، وبيع النقد بالنقد (القاموس الفقهي).

(٣) كذا بالأصل وخع ومختصر ابن منظور ١ / ١٣٦ وفي المطبوعة أثبت محققها : منعه.

٣٦٢

قال : ونا أبو عبد الله الهروي ، نا صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب أبو علي الحافظ ، حدثني أحمد بن إبراهيم الدّورقي قال : سمعت أبا داود الطيالسي يقول : سمعت شعبة يقول : لا تكتب عن الشامي كثيرا.

أنبأنا أبو الحسن محمد بن مروان بن عبد الرّزّاق الزّعفراني ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي ، وهبة الله بن أحمد الأكفاني ، قالوا : نا أبو بكر الخطيب ، نا محمد بن جعفر بن علّان ، أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي ، نا أبو سعيد العدوي ، نا أحمد بن عبيد الله الغدّاني (١) ، قال : قيل لعبد الرحمن بن مهدي : أي الحديث أصح؟ قال : حديث أهل الحجاز ، قيل : ثم من؟ قال : حديث أهل البصرة؟ قال : قيل : ثم من؟ قال : حديث أهل الكوفة. قال : فالشام؟ قال : فنفض يده.

في ثبوت هذه الحكاية نظر ، لأن العدوي كذّاب ، وإن صحّ فيحتمل أنه إنما قال ذلك لأن الغالب على أحاديث أهل الشام أحاديث الفتن والملاحم ، أو لأنهم لا يسألون عن الإسناد ويأخذون الأحاديث كما تيسر ، كما في الحكاية التي قبلها ، عن مكحول والله أعلم. فأما إذا جاء الحديث مسندا من رواية ثقاتهم بعضهم عن بعض فهو صحيح تلزم به الحجة ، كما يلزم بأحاديث غيرهم من أهل الأمصار.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي الحافظ ، أنا قاضي القضاة أبو بكر محمد بن المظفر بن بكران الشامي ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي ، أنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن يوسف بن الدخيل الصّيدلاني ، نا أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن محمد بن حمّاد العقيلي ، نا معاذ بن المثنّى ، نا محمد بن المنهال ، نا حميد بن إبراهيم ، قال : قال عمرو بن عبيد عن هذه الآية : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٢) قال : قلت : هم أهل الشام؟ قال : نعم.

عمرو هو القدري ، لا يحتج بما يرويه عن غيره لزيغه عن المحجة ، فكيف بما يقوله برأيه في كتاب الله مما لا يعضده بالحجة؟.

__________________

(١) بضم الغين وفتح الدال المهملة الخفيفة ، هذه النسبة إلى غدانة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٥٠.

٣٦٣

قرأت على أبي القاسم الشحّامي ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا الحاكم (١) أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت جعفر بن محمد المراغي يقول : قرأت على أبي الأزهر جماهر بن محمد الغسّاني بدمشق ، نا محمود بن خالد ، نا الوليد بن مسلم سمعت الأوزاعي يقول : كانوا يستحبّون (٢) أن يحدثوا أهل الشام بفضائل أهل البيت ليرجعوا عما كانوا عليه.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب ، عن أبي القاسم علي بن الفضل بن الفرات المقرئ ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أبو الحسن بن جوصا (٣) ، نا عبد الله بن خبيق (٤) ، قال : سمعت يوسف بن أسباط يقول : سمعت الثوري يقول : إذا كنت بالشام فحدّث بفضائل علي. وإذا كنت بالعراق فحدّث بفضائل عثمان.

وهذا لما كان في أهل الشام من الانحراف عن أهل بيت الرسول ، فأما الآن فقد أمن ذلك ، لما وقفوا عليه من فضلهم المنقول.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا تمام بن محمد الرازي ، أنا الحسن بن أحمد بن يعقوب ، نا يحيى بن محمد بن سهل ، نا محمد بن يعقوب ـ يعني ـ الغسّاني ، نا أبو اليمان ، نا صفوان ، عن الفرج بن محمد أنه سمع أبا ضمرة يقول : قال كعب : ليزولنّ سنير (٥) عن موضعه ، فينطلق به فلا يدرى أين يسلك به ، وأنه لوتد من أوتاد جهنم.

قال محمد بن يعقوب : قال أبو اليمان : يذهب به إلى النار.

يعني لكثرة من يسكن به من النصارى.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفرايني ، قالا : نا أبو بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا محمد بن الحسن بن زياد النقاش ، قال : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت أحمد بن أبي

__________________

(١) عن خع وبالأصل «الحافظ».

(٢) عن خع ومختصر ابن منظور ١ / ١٣٧ وبالأصل «يسحبون» خطأ.

(٣) عن خع وبالأصل «حوصا».

(٤) بالأصل وخع : «حبيق» ، والمثبت والضبط عن التبصير ٢ / ٥٢٤.

(٥) سنير بفتح أوله وكسر ثانيه ، جبل بين حمص وبعلبك على الطريق وعلى رأسه قلعة سنير ، ويمتد مغربا إلى بعلبك ويمتد مشرقا إلى القريتين وسلمية (معجم البلدان).

٣٦٤

الحواري قال : قدمت الكوفة فلقيت أبا بكر بن عياش ، فقلت : حدثني ، فإني رجل غريب. فقال : أهل بلدي أحق منك. قلت : إني رجل من أهل الشام. قال : ذاك أبعد لك.

وهذا لما كان بين أهل الشام وأهل الكوفة من الإحن ، فأما الآن فقد صار المسلمون إخوانا وبرءوا من المحن.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجليّ (١) قالا : أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني ، أنا أبو القاسم الصّيدلاني ، نا علي بن محمد الكاتب ، نا أبو الحسن علي بن الحسين الطويل ، حدثني أحمد بن محمد السكري ، حدثني ابن عمي أبو يحيى السّكري قال : دخلت مسجد دمشق ، فرأيت في مسجدها خلقا (٢). فقلت : هذا بلد قد دخله جماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليهم ، وملت إلى حلقة في المسجد في صدرها شيخ جالس فجلست إليه. فسأله رجل ممن بين يديه ، فقال : يا أبا المهلّب ، من علي بن أبي طالب؟ قال : خنّاق كان بالعراق. اجتمعت إليه جميعة (٣) فقصد أمير المؤمنين يحاربه ، فينصره الله عليه. قال : فاستعظمت ذلك وقمت فرأيت في جانب المسجد شيخا يصلي إلى سارية ، حسن السمت والصلاة والهيئة فقعدت إليه ، فقلت له : يا شيخ أنا رجل من أهل العراق جلست إلى تلك الحلقة ، وقصصت عليه القصة فقال لي : في هذا المسجد عجائب. بلغني أن بعضهم يطعن على أبي محمد حجّاج بن يوسف ، فعليّ بن أبي طالب من هو.

في إسناد هذه الحكاية غير واحد من المجاهيل ، وقد رويت بإسناد أمثل من هذا عن أهل حمص ، وهي بهم أشبه.

أخبرنا بها أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسني ، أنا رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل بن محمد ، نا أحمد بن مروان الدّينوري ، نا محمد بن سعيد

__________________

(١) بالأصل وخع : «المحلى» والمثبت والضبط عن التبصير ٤ / ١٣٤٤.

(٢) كذا بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور ١ / ١٣٨ «حلقا».

(٣) في مختصر ابن منظور : جمعية.

٣٦٥

البزار ، نا أحمد بن محمد بن يونس اليمامي ، نا عبد الرّزّاق ، قال : سمعت معمرا يقول : دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم لهم رواء ، فظننت بهم الخير فجلست إليهم. فإذا هم ينتقصون عليّ بن أبي طالب ، ويقعون فيه. فقمت من عندهم ، فإذا شيخ يصلّي ، ظننت به خيرا فجلست إليه ، فلما حسّ بي جلس وسلّم. فقلت له : يا عبد الله ، ما ترى هؤلاء القوم يشتمون عليّ بن أبي طالب وينتقصونه ، وجعلت أحدّثه بمناقب علي بن أبي طالب ، وأنه زوج فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو الحسن والحسين ، وابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا عبد الله ما لقي الناس من الناس؟ لو أن أحدا نجا من الناس لنجا منهم أبو محمد رحمة الله ، هو ذا يشتم وينتقص قلت : ومن أبو محمد؟ قال : الحجاج بن يوسف رحمه‌الله وجعل يبكي فقمت عنه ، وقلت : لا استحل أن أبيت بها (١) فخرجت من يومي.

وهذا اليمامي ضعيف.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا أبو القاسم السهمي ، أنا أبو أحمد بن عدي ، أخبرني إسحاق بن إبراهيم ، قال : ذكرت اليمامي هذا لعبيد الكشوري فقال : هو فينا كالواقدي فيكم وسيأتي ذكره في هذا الكتاب وذكر من ضعّفه.

وأما ما يحكيه العامة من تأخير معاوية صلاة الجمعة إلى يوم السبت ، ورضا أهل الشام بذلك فأمر مختلق لا أصل له ، ومعاوية ومن كان معه في عصره بالشام من الصحابة والتابعين أتقى لله وأشد محافظة على أداء فريضة (٢) ، وأفقه في دينه من أن يخفى عنهم أن ذلك لا يجوز.

ولم أجد لذلك أصلا في شيء من الروايات ، وإنما يحكى بإسناد منقطع : أن بعض مغفلي أهل الشام امتحن بذكر ذلك في العراق في زمن الحجاج ، فلعل بعض الناس بلغه ذلك فعزاه إلى أهل الشام وانتشر عنه.

وذلك فيما قرأته على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، عن أبي بكر

__________________

(١) في المطبوعة : هنا.

(٢) في المطبوعة : «فرائضه» وفي خع ومختصر ابن منظور كالأصل.

٣٦٦

أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، أخبرني أبو الفتح عبد الرّزّاق بن محمد بن أبي شيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني بها ، نا جدي ، حدثني أحمد بن إبراهيم المضاجعي (١) ، نا محمد بن النّضر بن سلمة ، حدثني محمد بن عبد الوهاب أبو أحمد النيسابوري ، أنا علي بن خشنام قال : كان للحجاج قاض بالكوفة من أهل الشام يقال له أبو حمير. فحضرت الجمعة فمضى يريدها فلقيه رجل من أهل العراق فقال : أبا حمير : أين تذهب؟ قال : إلى الجمعة. قال : أما بلغك أن الأمير قد أخّر الجمعة اليوم؟ فانصرف راجعا إلى بيته ، فلما كان من الغد قال له الحجاج : أين كنت يا أبا حمير لم تحضر معنا الجمعة؟ قال : لقيني بعض أهل العراق فأخبرني أن الأمير أخّر الجمعة فانصرفت. قال : فضحك الحجاج. وقال : أبا حمير ، أما علمت أن الجمعة لا تؤخر.

وهذه الحكاية إن صحت تدل على بطلان ما يدّعى على معاوية من ذلك ، لأنه لو كان قد تقدم ذلك من معاوية لما خفي على أبي حمير حتى كان يقول للحجاج فقد فعل مثل هذا معاوية ، ولا على الحجاج حتى يقول لأبي حمير هذا كما قال معاوية لأهل الشام. والله يعيذنا من إشاعة الكذب في سلف الأمة ، ويمنّ علينا بالثبات على الحق فيما يحكيه ، وهو ولي العصمة.

وإنما يتم من الأمر ما هذا سبيله على من اشتهر منه تغفيله.

كما أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي بن المزرفي ، نا أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله ، أنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن القاسم بن جامع الدهّان ، نا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال : سألت أبا عمر (٢) هلالا يعني ابن العلاء عن أبي بكر بن بدر قال : ذكروا أنه خرج يوم خميس قد لبس ثيابه يريد الجمعة ، فمرّ بميمون بن مهران فقال له : أين تريد؟ قال الجمعة فقال له ميمون : قد أخّروها إلى غد فرجع إلى أهله. فقال لهم : قال لي ميمون بن مهران أنهم قد أخّروا الجمعة إلى غد.

فأما من كان (٣) في عصر معاوية من الصحابة والتابعين فلا يجوز أن يلحق بهم ما

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي خع «الصائفي» وفي المطبوعة : «المصاحفي».

(٢) في مختصر ابن منظور ١ / ١٣٩ «أبا عمرو» تحريف ، وانظر تقريب التهذيب.

(٣) عن خع ، وبالأصل «من كلف» وفي مختصر ابن منظور : «ما كان».

٣٦٧

لا يليق من اختراعات المخترعين. وقد كان معاوية يأمر بحضور الجمعة أهل القرى القاصية ، من ساكني قين (١) وقردا (٢) وزاكية (٣) فكيف يظنّ به أنه أخّرها عن حاضرتها من مرتقبي تأديتها ومنتظريها؟ وهذا ما لا يظنه به إلّا أهل الغباوة ولا يكلفه في حق ذلك القرن إلّا أهل الشقاوة.

وقد أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي ، أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي الفقيه ، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرّزّاق بن الفضيل الكلاعي ح.

وأخبرنا أبو الحسن علي بن زيد السّلمي المؤدب ، نا نصر بن إبراهيم ، قالا : أنا أبو الحسن محمد بن عوف المزني ، أنا أبو علي الحسن بن منير التنوخي ، أنا أبو بكر محمد بن خريم العقيلي ، نا هشام بن عمّار ، نا عمرو بن واقد ، نا يونس بن حلبس ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان على هذا المنبر ، منبر دمشق يقول : يا أهل قردا ، يا أهل زاكية ، يا أداني البثنيّة (٤) الجمعة الجمعة. وربّما قال : يا أهل قين ، يا قاضي (٥) الغوطة الجمعة الجمعة لا تدعوها.

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي خع «بين» وقين ماء لفزارة! ولعلها قينية قرية كانت مقابل الباب الصغير من مدينة دمشق (معجم البلدان).

(٢) قردا : بالتحريك ، كذا ورد في معجم البلدان.

(٣) زاكية : قرية من قرى حوران (انظر المطبوعة ١ / ٣٥٣).

(٤) البثنيّة قرية بين دمشق وأذرعات (ياقوت).

(٥) في مختصر ابن منظور : يا أقاصي الغوطة.

٣٦٨

باب

ذكر بعض ما بلغنا من أخبار ملوك الشّام

قبل أن يدخل الناس في دين الإسلام

أخبرنا أبو محمد هبة الله بن إسماعيل بن عمر السيّدي الفقيه ، أنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البحيري ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو يعلى الموصلي ، نا شباب ، نا المعتمر التيمي قال : سمعت أبي ، عن سليمان ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : لما كان يوم ظهرت الروم على فارس فأعجب بذلك المؤمنون فنزلت : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ) إلى قوله عزوجل : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ)(١) بظهور الروم على فارس.

أخبرناه أبو القاسم الشحّامي ، أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن بن محمد الجنزرودي ، أنا أبو سعيد محمد بن الحسين بن موسى بن محمويه بن ثور بن عبد الله السّمسار ، نا أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف الحافظ القهستاني (٢) ، نا نصر بن علي الجهضمي ، نا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : لما كان يوم بدر وظهرت الروم على فارس ، فأعجب بذلك المؤمنون ، ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا ، أنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون ، أنا أبو الحسن الدار قطني ، نا أحمد بن القاسم بن نصر ، نا محمد بن سليمان لوين ، نا عبد الرحمن بن أبي الزّناد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن نيار بن مكرم (٣) وكانت

__________________

(١) سورة الروم ، الآيات : ١ ـ ٢ ـ ٣.

(٢) بضم القاف والهاء وسكون السين ، هذه النسبة إلى قهستان ناحية بخراسان بين هراة ونيسابور (الأنساب).

(٣) ضبط اللفظتين عن تقريب التهذيب ، بالنص.

٣٦٩

له صحبة قال : لما نزلت : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ) [خرج بها أبو بكر إلى المشركين ، فقالوا : هذا كلام صاحبك. قال : الله تعالى أنزل هذا. وكانت فارس قد غلبت الروم](١) واتّخذوهم شبه العبيد. وكان المشركون يحبون ألّا تغلب الروم فارس ، لأنهم أهل كتاب وتصديق بالبعث. فقالوا لأبي بكر : نبايعك على أن الروم لا تغلب فارس. فقال أبو بكر : البضع ما بين الثلاث إلى التسع. [قالوا :](٢) تنتظر من ذلك ست سنين لا أقل ولا أكثر. قال : فوضعوا الرّهان ، وذلك قبل أن يحرم الرهان فرجع (٣) أبو بكر بها إلى أصحابه فأخبرهم الخبر. فقالوا : بئس ما صنعت ، الا أقربها كما قال الله تعالى لو شاء الله أن يقول (٤) شيئا لقال. فلما كانت سنة ست لم تظهر الروم على فارس ، فأخذوا الرهان فلما كانت سنة سبع ظهرت الروم على فارس فذلك قوله : (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).

قال الدار قطني : هذا حديث غريب من حديث عروة بن الزبير ، عن نيار بن مكرم الأسلمي ، عن أبي بكر الصّدّيق. تفرد به أبو الزناد عبد الله بن ذكوان عنه ، ولم يروه عنه غير ابنه عبد الرحمن.

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الأزهري ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون ، أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن ، نا محمد بن يحيى الذهلي ، نا علي بن عبد الله ، [نا معن بن عيسى](٥) ، نا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ، وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) ناحب أبو بكر قريشا ، ثم أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إني قد ناحبتهم ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فهلا احتطت ، فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع» [٣٧٠].

قال الجمحي : المناحبة : المراهنة ، وذلك قبل أن يكون تحريم ذلك.

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.

(٢) زيادة عن خع.

(٣) بالأصل : «فوضع» والصواب ما أثبت عن خع.

(٤) كذا والعبارة في خع أوضح : أن يقول ستا لقال.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.

٣٧٠

قال : ونا محمد بن يحيى ، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، نا ابن أخي ابن شهاب ، عن عمه (١) أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا بكر الصديق حين أنزل الله هاتين الآيتين قال : ونا يعقوب أيضا ، نا أبي عن صالح ، قال : قال ابن شهاب : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه بلغه أن أبا بكر الصديق حين أنزل الله هاتين الآيتين لقي رجالا من المشركين فقال لهم : إن أهل الكتاب سيغلبون فارسا. قالوا : في كم؟ قال : في بضع سنين قالوا : فنحن نناجيك (٢) على ذلك ، فسمّ سنين نناجيك (٣) عليها. فسمّى أبو بكر سبع سنين ، فعقدوا المناحبة على ذلك قبل أن يحرم القمار. فلما رجع أبو بكر أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لم فعلت ، فكل ما دون العشر بضع» [٣٧١] وكان ظهور فارس على الروم لسبع سنين ، فعجب (٤) أبو بكر ثم أظهر الله الروم على فارس زمان الحديبية ـ وقال في حديث ابن أخي ابن شهاب بعد الحديبية ـ ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب. وكان ظهور المؤمنين على المشركين بعد مدّة الحديبية.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا محمد بن كامل القاضي ، أنا محمد بن سعد بن محمد بن الحسن العوفي ، حدثني أبي حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، حدثني أبي عن جدي عطية بن سعد ، عن ابن عباس في قوله : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ) قال : قد مضى ، كان ذلك في أهل فارس والروم. وكانت فارس قد غلبتهم ، ثم غلبت الروم بعد ذلك. ولقي نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مشركي العرب ، والتقت الروم وفارس ، ونصر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومن معه من المسلّمين على مشركي العرب. ونصر أهل الكتاب على مشركي العجم. ففرح المؤمنون بنصر الله تعالى إيّاهم ، ونصر أهل الكتاب على العجم.

قال عطية : وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك فقال : التقينا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومشركو العرب ، والتقت الروم وفارس فنصرنا الله تعالى على مشركي العرب ، ونصر الله تعالى أهل الكتاب على المجوس. ففرحنا بنصر الله إيّانا على المشركين ، وفرحنا بنصر

__________________

(١) بالأصل : «عن عبد» والصواب عن خع ، والعبارة : «عن عمه» ساقط من المطبوعة.

(٢) الأصل وخع ، وفي المطبوعة : نناحبك.

(٣) الأصل وخع ، وفي المطبوعة : نناحبك.

(٤) عن المطبوعة وبالأصل وخع «منحب».

٣٧١

الله أهل الكتاب على المجوس فذلك قوله : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).

وأخبرنا أبو عبد الله أيضا ، أنا أبو بكر ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا محمد بن صالح بن هانئ ، نا الحسين بن الفضل البجلي ، نا معاوية بن عمرو الأزدي ، نا أبو إسحاق الفزاري (١) ، عن سفيان (٢) الثوري ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل الكتاب. وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أهل أوثان. فذكر ذلك المسلمون لأبي بكر. فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما إنهم سيظهرون» فذكر أبو بكر لهم ذلك فقالوا : اجعل بيننا وبينكم أجلا ، إن ظهروا كان لك كذا وكذا ، وإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا. فجعل بينهم أجل خمس سنين فلم يظهروا ، فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ألا جعلته ـ أراه قال : دون العشرة ـ» [٣٧٢] قال فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ). قال فغلبت الروم ثم غلبت (٣) بعد (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).

قال سفيان : وسمعت أنهم ظهروا يوم بدر.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أبو بكر بن مالك ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا معاوية بن عمرو ، نا إسحاق ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي حمزة (٤) ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قوله عزوجل : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ) قال : غلبت وغلبت قال : كان المشركون يحبون أن يظهر فارس (٥) لأنهم أهل أوثان وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب ، فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما إنهم سيظهرون». قال فذكره أبو بكر لهم فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا ، فإن ظهرنا كان لنا

__________________

(١) بالأصل «الفراوي» والمثبت عن خع.

(٢) بالأصل «سليمان» والمثبت عن خع.

(٣) كذا بالأصل وخع ومختصر ابن منظور ١ / ١٤٠ وفي المطبوعة : نزلت.

(٤) في خع : «عمرة» وقد مرّ ذكره في الحديث السابق.

(٥) عن خع وبالأصل «الروم» خطأ.

٣٧٢

كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا ، فجعل أجلا خمس سنين فلم يظهروا ، فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ألا جعلتها إلى دون ـ قال : أراه قال : العشر» [٣٧٢]. قال : قال سعيد بن جبير : البضع ما دون العشر ، ثم ظهرت الرّوم بعد. قال : فذلك قوله : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ) إلى قوله : (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) قال : يفرحون بنصر الله.

أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور السلمي وأنا حاضرة ، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ ، أنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، نا إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، نا المؤمّل ، نا إسرائيل ، نا أبو إسحاق عن البراء قال : قال : لما نزلت (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) قال : لقي ناس أبا بكر فقالوا : ألا ترى إلى صاحبك يزعم أن الروم ستغلب فارس؟ قال : صدق. قال : فهل لك أن نبايعك على ذلك؟ قال : نعم. قال أبو بكر : فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ما أردت إلى هذه»؟ فقال : يا رسول الله ما فعلته إلّا تصديقا لله ورسوله قال : فتعرّض لهم ، وأعظم لهم الخطر ، واجعله إلى بضع سنين ، فإنه لن تمضي السنون حتى يظهر الروم على فارس قال : فمر بهم أبو بكر فقال : هل لكم في العود ، فإن العود أحمد قالوا : نعم ، فبايعوه وأعظموا الخطر ، فلم تمض السنون حتى ظهرت الروم على فارس. فأخذ الخطر وأن فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هذا التحليب» [٣٧٣] صوابه التنحيب.

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ح ، وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله بن الحسن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، قال : فحدثنا أبو اليمان : أخبرني شعيب ح.

قال : ونا الحجاج بن أبي منيع ، نا جدي ، جميعا عن الزّهري : أنا.

وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر المعدّل ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد الأزهري ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون التاجر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد الأزهري ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون التاجر ، أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن ، نا محمد بن يحيى الذّهلي ، ومحمد بن حيّوية

٣٧٣

الإسفرايني ، قالا : نا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزّهري ، أخبرني عبيد الله (١) بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : أن عبد الله بن عباس (٢) أخبره : أنه سمع عمر بن الخطاب يسأل الهرمزان عظيم الأهواز ، وكان نزل على حكم عمر فأسلم فعفا عنه. فسأله عمر عن شأن جيوش ـ وقال يعقوب : عن جيوش ـ فارس التي بعث كسرى مع شهربراز ـ قال حجاج : مع شهيار ـ وعن حديث ـ وقال يعقوب : حرب ـ الروم وما الذي سبب من كشف فارس عنهم. فقال (٣) الهرمزان : كان كسرى بعث شهربراز ، وبعث معه جنود فارس فملك الشام ومصر وخرب عامة حصون الروم ، وطال (٤) زمانه بالشام ومصر وتلك الأرض. فطفق كسرى يستبطئه ـ قال يعقوب : وقال غير الزّهري : كان عامل كسرى إذا انتهى إلى حصن من حصونهم ابتنى حصنا بجنب حصنهم ، فنزل هو وجنده ثم حاصرهم بجنده وعسكره وقاتلهم ، فكانوا يخلون له الحصن إذا طال (٥) حصارهم وانضموا إلى من وراءهم من الحصون ـ عاد الحديث إلى حديث الزّهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس :

فطفق كسرى يستبطئه ويكتب إليه : إنك لو أردت أن تفتح ـ وقال يعقوب : بفتح ـ مدينة الروم افتتحتها ـ وقال يعقوب : فتحتها ـ ولكنك رضيت بمكانك فأردت طول السلطان. فأكثر إليه كسرى من الكتب في ذلك ، وأكثر شهريزار مراجعته واعتذارا إليه فلما طال ذلك على كسرى كتب إلى عظيم من عظماء فارس مع شهربراز ، يأمره بقتل ـ وفي حديث وجيه. أن يقتل شهربراز ويلي أمر الجنود. فكتب إليه ذلك العظيم يذكر أن شهربراز جاهد ناصح ، وأنه هو أنبل ـ وقال يعقوب : وهو أمثل ـ الجنود ـ وقال يعقوب : بالحرب منه. فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنّه (٦). فكتب أيضا يراجعه ويقول : إنه ليس لك عبد مثل شهربراز ، وإنك لو تعلم ما يوازي من مكايدة ـ وقال حجاج : مكيدة ـ الروم عذرته. فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنّه (٧) وليلينّ أمر الجنود

__________________

(١) بالأصل وخع : «أبي عبيد الله» ، لفظة «أبي» مقحمة ، فحذفناها.

(٢) بالأصل : «عباس بن عبد الله» خطأ.

(٣) عن خع وبالأصل «فقالوا» خطأ.

(٤) عن خع ومختصر ابن منظور ١ / ١٤١ وبالأصل «وكان».

(٥) عن خع وبالأصل «كان».

(٦) بالأصل «ليقتله» والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.

(٧) بالأصل «ليقتله» والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.

٣٧٤

ـ فقال يعقوب : الجيوش ـ فكتب إليه يراجعه أيضا. فغضب كسرى فكتب إلى شهربراز يعزم عليه لتقتلن ذلك العظيم. فأرسل شهربراز إلى ذلك العظيم من فارس فأقرأه كتاب كسرى فقال له : راجع فيّ ، فقال له : قد علمت ـ وقال يعقوب : فقال لقد علمت ـ أن كسرى لا يراجع وقد علمت محبتي إيّاك ، ولكنه قد جاءني ما لا أستطيع تركه. فقال له ذلك الرجل : أفلا تدعني أرجع إلى أهلي فآمر فيهم ـ وقال يعقوب : فآمرهم بأمري ـ وأعهد إليهم عهدي؟ فقال : بلى ، وذلك الذي أملك لك ، فانطلق إلى أهله ، فأخذ صحائف كسرى الثلاث التي كتب إليه. فجعلهن في كمه ، ثم جاء حتى دخل على شهربراز فدفع (١) إليه الصحيفة [الأولى ، فاقترأها شهربراز ـ زاد وجيه : فقال له شهربراز : أنت خير مني فدفع ـ وقال يعقوب : ثم دفع إليه الصحيفة](٢) الثانية فاقترأها ، فنزل عن مجلسه ـ وقال يعقوب : سريره ـ وقال احبس عليه فأبى أن يفعل ، ودفع إليه الصحيفة الثالثة ـ زاد يعقوب فقال : أنت خير مني وقالا : ـ فاقترأها فلما فرغ منها ـ وفي حديث وجيه فلما فرغ شهربراز من قراءته ـ قال : أقسم بالله لأسوأنّ كسرى. فأجمع شهربراز المكر بكسرى ، وكاتب هرقل ، وذكر له أن كسرى قد أفسد فارس وجهز بعوثها وابتليت بملكه وسأله أن يلقاه بمكان [نصف](٣) يحكمان فيه الأمر ويتعاهدان ـ زاد يعقوب فيه ـ ثم يكشف عنه شهربراز جنود فارس ويخلي بينه وبين السير إلى كسرى.

فلما جاء كتاب شهربراز دعا رهطا من عظماء الروم فقال لهم حين جلسوا : أنا اليوم أحزم الناس أو أعجز الناس ، وقد أتاني [أمر](٤) لا تحسبونه. وسأعرض عليكم ، فأشيروا عليّ فيه ، ثم قرأ عليهم كتاب شهربراز (٥) فاختلفوا عليه في الرأي ، فقال بعضهم : هذا مكر من كسرى ـ وقال حجاج : من قبل كسرى ـ وقال بعضهم : أراد هذا العبد أن يلقاك خاف كسرى تسميت (٦) بك ثم لا يبالي ما لقي. فقال هرقل : إن الرأي

__________________

(١) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع رسمت : فرفع.

(٢) ما بين معكوفتين ساقط من الأصل واستدرك عن خع ، ومختصر ابن منظور.

(٣) زيادة عن مختصر ابن منظور.

(٤) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.

(٥) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع «شهريار».

(٦) كذا وردت العبارة في الأصل وخع ، لا معنى لها ، وهي أوضح : أن يلقاك كسرى فيشمت بك.

٣٧٥

ليس حيث ذهبتم إنه مكاتب ما كاتب (١) ـ وقال يعقوب : ذهبتم إليه ـ إنه لعمري ما كاتب (٢) ـ نفس كسرى بأن يشتم هذا الشتم الذي أجد في كتاب شهربراز ـ وقال يعقوب في الكتاب لشهربزار. وما كان شهربراز ليكتب بهذا الكتاب وهو ظاهر على عامة ملكي إلّا من أمر ـ وقال يعقوب لأمر ـ حدث بينه وبين كسرى وإني والله لألقينّه. فكتب إليه هرقل : إنه قد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه ، وإني لاقيك لموعدك (٣) مكان ـ وقال يعقوب : فموعدك ـ كذا وكذا فاخرج بأربعة آلاف من أصحابك ، فإني خارج في مثلهم ، فإذا بلغت مكان كذا ـ زاد يعقوب وكذا ـ فضع ممن معك خمسمائة ، فإني سأضع بمكان كذا ـ زاد يعقوب وكذا ـ مثلهم ـ زاد وجيه : ثم ضع بمكان كذا خمسمائة ، فإني سأضع بمكان كذا مثلهم ـ حتى نلتقي أنا وأنت في خمسمائة. وبعث هرقل الرسل من عنده إلى شهربراز فأمرهم أن يقوموا على ذلك فإن فعل شهربراز لم يرسلوا إليه وإن [أبى](٤) ذلك عجلوا إليه بكتاب فرأى رأيه. ففعل شهربراز وسار هرقل في أربعة آلاف التي خرج بهؤلاء ـ وقال يعقوب : لم يضع منهم أحدا حتى التقيا للموعد ومع هرقل أربعة آلاف ومع شهربراز خمسمائة. فلما رآهم شهربراز أرسل إلى هرقل : أغدرت؟ فأرسل إليه هرقل : لم أغدر ، ولكن خفت الغدر من قبلك. وأمر هرقل بقبة ديباج فضربت لهما بين الصفين. فنزل هرقل فدخلها (٥) ودخل ـ وقال يعقوب : وأدخل ـ بترجمانه وأقبل شهربراز حتى دخل عليه فانتحيا وبينهما ـ وقال يعقوب : ومعهما ترجمان ـ حتى أحكما أمرهما ، واستوثق كل واحد منهما بالعهود ـ وقال يعقوب : بالعهد ـ والمواثيق حتى إذا فرغا من أمرهما خرج هرقل فأشار إلى شهربراز أن يقتل الترجمان لكي يخفي أمرهما وسرّهما ، فقتله شهربراز. ثم انكشف [شهربراز](٦) فجيّش الجنود ، وسار جيش هرقل إلى كسرى حتى أغار ـ وقال وجيه : أغاروا ـ على كسرى ومن بقي معه. فكان ذلك أول هلكة كسرى. ووفا هرقل لشهربراز بما أعطاه من ترك أرض فارس وسبيها. فانكشف

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي خع : ذهبتم إنه طابت ... ما طابت.

(٢) كذا بالأصل ، وفي خع : ذهبتم إنه طابت ... ما طابت.

(٣) في خع : «بموعدك» وفي مختصر ابن منظور : فموعدك.

(٤) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.

(٥) بالأصل : «يدخلها» والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.

(٦) زيادة عن خع.

٣٧٦

حين ولّى ـ وقال حجاج : فسدت (١) فارس ، وقال [وجيه :](٢) وانكشف حين (٣) فسدت على كسرى ، فقتلت فارس كسرى ولحق شهربراز بفارس والجنود التي معه (٤).

وأخبرناه أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، نا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، حدثني أبو تقيّ هشام بن عبد الملك بن عمران اليحصبي اليزني ، نا الوليد بن مسلم ، حدثني محمد بن مهاجر الأنصاري ـ وذكر له مسير هرقل إلى بيت المقدس ـ فقال : إن كسرى وفارس ظهرت على الروم بالشام وما دون خليج القسطنطينية (٥) وسار بجنوده حتى نزل بخليجها ، وأخذ في كبسه (٦) بالحجارة والكليس (٧) ليتخذوا طريقا يبسا.

فبينا هو على ذلك إذ بلغه أن ملك الهند وملك الخزر قد خلفاه في بلاده من العراق ، فانصرف عن القسطنطينية وخلف على ما ظهر عليه من مدائن الشام عاملا (٨) في جماعة من أساورته وخيولهم ، فنزل ذلك العامل حمص وضبط له ما خلفه عليه. ومضى كسرى إلى عراقه. فإذا الحرب قد نشبت بين ملك الهند وملك خزر ، فكتبا إليه كلاهما يسألانه النصرة على كل واحد منهما على أن يردّ من والاه على صاحبه جميع ما استباح وشيئا من بلاده ويزيده كذا وكذا. فرأى كسرى وأساورته أن يظاهر ملك خزر على ملك الهند لجواره ملك خزر ومقارعته إياه في كل يوم ، ولخرة (٩) ملك الهند عليه وتناوله الفرصة منه إذا أمكنته من بعد. فوالى كسرى ملك خزر على ملك

__________________

(١) عن خع وبالأصل : فصدر.

(٢) زيادة عن خع.

(٣) عن خع وبالأصل «جيش».

(٤) راجع الحديث بتمامه في المعرفة والتاريخ ٣ / ٣٠١ ـ ٣٠٤ ببعض اختلاف.

(٥) بالأصل : «القسطنطينة» وقد صححت في كل الخبر.

(٦) كبسه : يقال كبست النهر والبئر كبسا طممتها بالتراب (اللسان ـ كبس).

(٧) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع «والكليس».

(٨) بالأصل وخع : «عاملان» والمثبت عن مختصر ابن منظور ، والعبارة التالية تثبت صحة ما قررناه.

(٩) في المطبوعة «لحزة» وفي مختصر ابن منظور : «لجرأة».

٣٧٧

الهند فقهراه واستنقذا ما كان أصاب من بلاده واستباحا عسكره ، فخرج مغلوبا مدحورا. وردّ ملك خزر إلى كسرى ما كان أصاب من بلاده من سبي أو غير ذلك ، وزاده هدية ثلاثين ألف مملوك. وانصرف عنه جنوده. فملّك كسرى على الثلاثين ألف مملوك الذين خلفهم ملك خزر عنده ، رجلا وسيّرهم إلى ما خلف القسطنطينية وأسكنهم تلك البلاد ، وهي يومئذ خراب (١).

قال أبو تقي : فحدثنا الوليد قال : قال محمد بن مهاجر الأنصاري : فهم اليوم برجّان (٢).

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد التميمي ، أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن موسى الغساني القاضي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن بن علي بن يعقوب بن أبي العقب ، قالا : أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب قال : قرئ على أبي عبد الملك أحمد بن إبراهيم بن بشر القرشي ، نا أبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي قال : قال الوليد : فأخبرني أبو بشر الوليد بن محمد ، عن ابن شهاب الزّهري : أن المشركين جادلوا المسلمين بمكة قبل أن يخرجوا منها إلى المدينة ، وقالوا لهم : تقولون إنكم ستغلبونا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم ، فكيف وقد غلبت فارس المجوس الروم أهل الكتاب ، فسنغلبهم نحن كم غلبت فارس الروم. فأنزل الله عزوجل : (الم. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ، وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) الآية.

قال الزّهري : فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا بكر حين أنزل الله عزوجل الكتاب لقي رجلا من المشركين فقال : إن أهل الكتاب سيغلبون فارس. قالوا : في كم؟ قال : في بضع سنين. قالوا : فنحن نناجيك (٣) على ذلك ، فناحب (٤) فسمى أبو بكر سبع سنين ، وعقد النجاية (٥) وذلك قبل تحريم القمار ، فلما

__________________

(١) الخبر في المعرفة والتاريخ ٣ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ باختلاف بعض الألفاظ ، ومختصر ابن منظور ١ / ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٢) كذا ، انظر أرجان ورخان في معجم البلدان ، وما أورده فيهما وعنهما بعيد ، وكتب محقق مختصر ابن منظور : البرجال من ولد يونان من يافث وهي مملكة واسعة.

(٣) في المطبوعة ؛ نناحبك.

(٤) عن المطبوعة ، ورسمها بالأصل وخع : «نجابا».

(٥) كذا بالأصل ، وفي المطبوعة : «النحابة».

٣٧٨

رجع أبو بكر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره الخبر. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لم فعلت؟ فكل ما دون العشرة (١) فهو من البضع» [٣٧٤].

قال مجاهد : قد مضت غلبة الروم فارس كما قال في بضع سنين ، وظهرت عليها على رأس تسع سنين.

قال عطاء الخراساني ، عن عكرمة : في بضع سنين ، والبضع ما بين ثلاث إلى العشر في العدد. ففرح المؤمنون بظهور الروم وتصديق القرآن.

قال الزّهري : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الروم ظهرت على فارس على رأس تسع سنين. وذلك في زمن الحديبية فنحب أبو بكر ، وفرح بذلك المؤمنون.

قال مجاهد قوله : (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه.

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن البغدادي الحافظ ، أنا أبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه القاضي ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن علي السّمسار ، قالوا : أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن خرّشيذ قوله : نا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ـ إملاء ـ نا عبد الله بن شبيب ، حدّثني محمد بن خالد بن عثمة (٢) ، نا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي ، عن الزّهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي بكر في مناحبة قريش : «ألا احتطت؟ فإن البضع ما بين الثلاث إلى التسع» [٣٧٥].

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن الجندي ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين ، قالا : أنا علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، قال الوليد : فأخبرني أسيد الكلابي عن العلاء بن الزبير الكلابي ، عن أبيه قال : رأيت غلبة فارس الروم ، ثم رأيت غلبة الروم فارس ، ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم وظهورهم بالشام والعراق ، وكل ذلك في خمس عشرة سنة.

__________________

(١) عن خع وبالأصل «العشر».

(٢) ضبطت عن تقريب التهذيب وفيه : بمثلثة ساكنة قبلها فتحة ، ويقال إنها أمه.

٣٧٩

باب

تبشير المصطفى عليه الصّلاة والسّلام

أمته المنصورة بافتتاح الشام

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن عمر بن سهل الفقيه ، وأبو المظفر عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم القشيري ، قالا : أنا أو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البحيري ، أنا زاهر بن أحمد السّرخسي ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، نا أبو مصعب ، نا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، عن سفيان بن أبي زهير ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «يفتح اليمن فيأتي قوم يبسّون (١) فيتحملون بأهاليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، ويفتح العراق فيأتي قوم يبسّون فيتحملون بأهاليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» [٣٧٦] وسقط من كتاب القشيري ذكر الشام.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلّال ، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور السّلمي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا المفضل بن محمد بن إبراهيم ، أنا أبو مصعب ، نا مالك ، عن هشام ، عن أبيه ، عن ابن الزبير ، عن سفيان بن أبي زهير عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمثل معناه.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا محمد بن عبد الله بن الحسين وأبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى ، قالا : أنا أبو القاسم البغوي ، نا محمد بن زنبور أبو صالح المكي ، حدّثني (٢) ابن أبي حازم.

قال : ونا أبو موسى الفروي ، نا أبو ضمرة ح.

__________________

(١) بسست الدابة وأبسستها إذا سقتها وزجرتها ، وهو من كلام أهل اليمن (اللسان ـ النهاية).

(٢) في المطبوعة : «حدثني أبو حازم» وفي خع : كالأصل.

٣٨٠