تاريخ مدينة دمشق - ج ١

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

والأنبار. فاستنفر عليّ الناس ، فابطئوا وتثاقلوا فخطبهم فقال : أيها الناس المجتمعة أبدانهم ، المتفرقة أهواؤهم ، ما عزّت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم. كلامكم يوهي الصمّ الصّلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم ، فإذا دعوتكم إلى المسير أبطأتم وتثاقلتم ، وقلتم : كيت وكيت ، أعاليل أباطيل. سألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول ، حيدي (١) حياد لا يمنع الضيم الذليل. ولا يدرك الحق إلّا بالجد والصدق. فأيّ دار بعد داركم تمنعون ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور والله من غررتموه (٢) ، ومن قاربكم (٣) فاز بالسهم الأخيب. أصبحتم والله لا أصدّق قولكم ، ولا أطمع في نصركم. فرق الله بيني وبينكم. وأعقبني بكم من هو خير لي منكم. وأعقبكم مني من هو شرّ لكم مني. أما إنكم ستلقون بعدي ثلاثا : ذلا شاملا ، وسيفا قاطعا ، وأثرة قبيحة. يتخذها فيكم الظالمون سنّة. فتبكي لذلك أعينكم ، ويدخل الفقر بيوتكم ، وستذكرون عند تلك المواطن ، فتودّون أنكم رأيتموني ، وهرقتم دماءكم دوني ، ولا يبعد الله إلّا من ظلم ، والله لوددت أني أقدر أن أصرّفكم صرف الدينار بالدراهم ، عشرة منكم برجل من أهل الشام. فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إنّا وإيّاك كما قال الأعشى :

علّقتها عرضا وعلّقت رجلا

غيري وعلّق أخرى غيرها الرجل

علقتا بحبك وعلقت أنت بأهل الشام وعلق أهل الشام معاوية.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر ، أنا أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم بن محمد الصّوّاف ، نا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس ، نا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد الدّولابي ، حدثني يحيى بن عثمان بن صالح ، حدثني إبراهيم بن أبي الحسين أبو إسحاق ـ كاتب هارون بن عبد الله الزهري ـ حدثني سعيد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن دغفل قال : قال المال : أنا أسكن العراق ، فقال القدر (٤) : أنا أسكن معك ، وقالت الطاعة :

__________________

(١) عن اللسان «حيد» ، وبالأصل : «جيدي جياد».

(٢) عن مختصر ابن منظور ١ / ١٢٢ وبالأصل «عززتموه».

(٣) في مختصر ابن منظور : فاز بكم.

(٤) كذا بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور ١ / ١٢٣ والمطبوعة : «الغدر».

٣٢١

أنا أسكن معك الشام. قال الجفاء : أنا أسكن معك. قال العيش : أنا أسكن مصر. قال الموت : أنا أسكن معك. وقالت المروءة : أنا أسكن الحجاز فقال الفقر : وأنا أسكن معك.

قال أبو زكريا : وسمعت أنه كان مكتوب على صخرة بباب العريش يقرأه من دخل مصر : ادخل إلى بلد وفيّ ، وعيش رخيّ ، وموت وحيّ (١).

أبو زكريا : يعني يحيى بن عثمان بن صالح.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا زيد بن بشر ، أنا ابن وهب : سمعت الليث بن سعد يقول : حدثني يحيى بن سعيد أن (٢) سليمان بن يسار قال له : لو أنزل أخوان من حصن فسكن أحدهما الشام وسكن الآخر العراق ثم لقيت الشامي فوجدته يذكر الطاعة وأمر الطاعة والجهاد ، ولو لقيت الآخر لوجدته يسأل عن السّنّة يقول : كيف سنة كذا وكذا ، وكيف الأمر في كذا وكذا.

أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني ، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن (٣) عبد الله بن محمد بن هارون المعروف بدرا (٤) إمام الجامع العتيق. وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن سليمان الحافظ قالا : أنا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق البرجي (٥) ، أنا أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الجورجيري (٦) ، نا أبو يعقوب إسحاق بن الفيض ، نا القاسم بن الحكم ، نا شيخ يكنى أبا هانئ المكتب قال : سئل عامر عن قتال أهل العراق وأهل الشام. فقال عامر : لا يزالون يظهرون علينا ـ أهل الشام ـ لأنهم جهلوا [الحق](٧) واجتمعوا وعلمتم وتفرقتم. فلم يكن الله ليظهر أهل فرقة على جماعة أبدا.

__________________

(١) أي عجل (قاموس).

(٢) عن المطبوعة وبالأصل «بن» والخبر في مختصر ابن منظور ١ / ١٢٣ عن إسماعيل (كذا) بن يسار.

(٣) بالأصل : «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله» والمثبت عن خع.

(٤) في المطبوعة : بزرا.

(٥) هذه النسبة إلى برج وهي من قرى أصبهان (الأنساب).

(٦) هذه النسبة إلى جورجير ، وهي محلة معروفة كبيرة بأصبهان.

(٧) زيادة عن خع.

٣٢٢

أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنبأ أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن شيبان العطار ببغداد ، أنا أبو بكر بن الجعابي الحافظ ، نا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ، نا محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث ، نا أبو مسهر ، نا سعيد بن عبد العزيز قال : إذا كان علم الرجل حجازيا ، وخلقه عراقيا ، وطاعته شامية ، فناهيك به قصر به أبو بكر بن الأشعث الدمشقي عن أبي مسهر.

ورواه أبو زرعة الدمشقي الحافظ فزاد فيه سليمان بن موسى الأشدق.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنبأ أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا زرعة ، نا أبو مسهر ، ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى قال : إذا كان علم الرجل حجازيا ، وخلقه عراقيا ، وطاعته شامية فقد كمل.

وكذا رواه الوليد بن مسلم ، عن سعيد.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، نا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، حدثني أبو سعيد يعني دحيما ، نا الوليد ، نا سعيد عن سليمان بن موسى قال : إذا وجدت الرجل علمه علم حجازي ، وسخاؤه سخاء عراقي ، واستقامته استقامة شامي ، فهو رجل.

أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن أبي الحديد ، أنا جدي (١) ، أنا أبو علي الأهوازي ، أنا علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه ، أنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول ، نا أخطل يعني ابن الحكم ، نا الوليد بن مسلم ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى قال : كان يقال : إذا [كان](٢) سخاء الرجل سخاء كوفيا ، وعلمه حجازيا ، وطاعته شامية فقد كمل.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم ، نا عبد الله بن محمد بن جعفر ، وأحمد بن إسحاق ، قالا : نا أحمد بن عمرو الضحاك ، نا عبد الرحمن بن إبراهيم

__________________

(١) قوله : «أنا جدي» سقط من المطبوعة.

(٢) زيادة عن خع.

٣٢٣

دحيم ، نا الوليد بن مسلم ، نا سعيد ، عن سليمان قال : إذا وجدت علم الرجل حجازيا ، وسخاءه عراقيا ، واستقامته استقامة شامية فهو رجل.

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين الغسّاني ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا عبد الوهّاب الميداني ، أنبأ أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا محمد بن جرير (١) قال : قال إسحاق ـ أظنه الموصلي ـ حدّثت (٢) عن عبد الله بن الربيع قال : قال أبو جعفر لإسماعيل بن عبد الله : صف لي الناس فقال : أهل الحجاز مبتدأ الإسلام وبقية العرب ، وأهل العراق ركن الإسلام ومقاتلة عن الدين ، وأهل الشام حصن الأمة وأبنية (٣) الأمة ، وأهل خراسان فرسان الهيجاء أو أعنّة الرجل (٤) ، والترك منابت الحصون (٥) وأبناء المغازي ، وأهل الهند حكماء استغنوا ببلادهم فاكتفوا بها عما سواها (٦) ، والروم أهل كتاب وتدين نجاهم (٧) من القرب إلى البعد ، والأنباط كان ملكهم قديما فظهر (٨) لكلّ قوم عبيد. قال : فأي الولاة أفضل؟ قال : الباذل للعطاء ، والمعرض عن السيئة. قال : فأيهم أخرق؟

[قال :](٩) أنهكهم للرعية ، وأتعبهم لها بالخرق والعقوبة. قال : فالطاعة على الخوف أبلغ في حاجة الملك له الطاعة على المحبة؟ قال : يا أمير المؤمنين الطاعة على الخوف تسرّ العدو (١٠) وتبالغ (١١) عند المعاينة ، والطاعة على المحبة تضم (١٢) الاجتهاد ، وتبالغ (١٣) عند الغفلة. قال : فأي الناس أولاهم بالطاعة؟ قال : أولاهم

__________________

(١) بعدها بالأصل : «قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ...» والعبارة مقحمة وأثبتنا الصواب عن خع. وانظر تاريخ الطبري ٨ / ٧٠ حوادث سنة ١٥٨.

(٢) عن الطبري ، وبالأصل وخع : حديث.

(٣) الأصل وخع ومختصر ابن منظور ١ / ١٢٤ وفي الطبري : وأسنّة.

(٤) في خع : «أو أعنة الرجال» وفي الطبري : «وأعنّة الرجال» وفي مختصر ابن منظور : وأعنّة الرجاء.

(٥) في الطبري : «الصخور» وفي المصادر كالأصل.

(٦) الطبري : عما يليهم.

(٧) الأصل وخع ، وفي المصادر الباقية : نحاهم.

(٨) في المصادر : فهم.

(٩) زيادة عن الطبري.

(١٠) الأصل وخع وفي الطبري ومختصر ابن منظور : الغدر.

(١١) في مختصر ابن منظور : وتتابع.

(١٢) في الطبري : تضمر.

(١٣) في مختصر ابن منظور : وتتابع.

٣٢٤

بالمضرّة والمنفعة. قال : ما علامة؟ ذلك قال : سرعة الإجابة وبذل النفس. قال : فمن ينبغي للملك أن يتّخذه وزيرا؟ قال : أسلمهم قلبا وأبعدهم من الهوى.

قرأت في سماع أبي طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر (١) الأنباري ، وأنبأني عنه أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأ هبة الله بن إبراهيم بن عمر الصّوّاف ، أنا أبو الطّيّب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرئ ، أنا أبو أحمد جعفر بن سليمان ، أنا أبو الحسن الميموني قال : وذكر أبو عبد الله ـ يعني أحمد ـ كورة من نحو الشام فقال : قدرية ويتكلمون به في مساجدهم ويتعرضون للناس ولكن أهل دمشق ، وأهل حمص خاصة أصحاب سنّة. وهم إن رأوا الرجل يخالف السنة أخرجوه من بينهم. كانت حمص مسكن ثور بن يزيد ، فلما عرفوه بالقدر أخرجوه من بينهم فسكن بيت المقدس (٢).

__________________

(١) بالأصل : «الصفرا».

(٢) في المطبوعة : آخر الجزء الخامس ، ويتلوه إن شاء الله في السادس : باب توثيق ....

٣٢٥

باب

توثيق أهل الشام في الرّواية

ووصفهم بصرف الهمّة إلى العلم والعناية

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن المقرئ في كتابه ، وحدّثني أبو مسعود عبد الرحيم بن علي بن أحمد الأصبهاني عنه ، أنبأ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، نا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء ، نا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن جبير بن نفير قال : دخلنا على عبد الله بن عمر نسأله ونسمع منه فقال لنا : إن الله بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشيرا ونذيرا فاتّبعته ناصية (١) من الناس. كان الرجل يخرج من بين أبويه فيبايعه. فقاتلوا على الدين حتى أمّن الله الناس ، وحتى لزموا كلمة الحق. فلما مات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تشايع الناس وتحزبوا فقامت تلك الناصية ، فقاتلوا الناس حتى ردّوا الناس إلى كلمة الإسلام ، وحتى قالوا : لا إله إلّا الله وإن نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم حق. فلما اجتمعوا انطلق تلك الناصية براية محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعهم الشرائع التي جاء بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والهجرة ، مهاجرين حتى نزلوا الشام ، وتركوا الناس أعوانا (٢) فمن رآهم فلم يتعلّم من هديهم وينتهي إليه ، وعمي عنه ثم ابتغاه من الأعراب فهم أقل علما وأشدهم غمّا (٣).

أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي ، أنا أبو بكر البيهقي ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن أحمد السمرقندي ، أنا أبو بكر محمد بن هبة الله الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو بكر الحميدي ، نا يحيى بن سليم سمعت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان

__________________

(١) أي من أشرافهم (راجع القاموس : نصى).

(٢) في مختصر ابن منظور ١ / ١٢٥ أعرابا.

(٣) في مختصر ابن منظور والمطبوعة : عمى.

٣٢٦

يحدث عن الزهري قال : قالت عائشة : يا أهل العراق ، أهل الشام خير منكم. خرج إليهم نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كثير ، فحدّثونا ما نعرف. وخرج إليكم نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قليل ، فحدثتمونا بما نعرف وما لا [نعرف](١) قال وقال الزهري : إذا سمعت بالحديث العراقي فاردد به ، ثم أردده.

وقال البيهقي : فأردد به ثم اردد به (٢) وهو الصواب.

أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي وهبة الله بن أحمد الأكفاني ، قالا : أنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد ، نا عبد الرحمن بن عمر بن نصر ، نا علي بن هاشم البغدادي الوراق ، نا أبو بكر بن أبي داود ، نا أحمد بن أبي الحواري قال ح.

وأنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن سلفة الأصبهاني الحافظ ، قال : سمعت المبارك بن عبد الجبّار الصيرفي يقول : سمعت أبا الحسن العتيقي يقول :

سمعت عمر بن أحمد الواعظ يقول : سمعت عبد الله بن سليمان يقول : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : سمعت الوليد بن مسلم يقول : دخلت الشام عشرة آلاف عين (٣) رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك بن أحمد الحافظ ، أنبأ أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا أبو القاسم عبد الملك بن بشران ، أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصوّاف ، نا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا أبي ، نا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : لقيني شامي فقال : إنّ مصحفنا ومصحف أهل البصرة أثبت من مصحف أهل الكوفة قال : قلنا : لم؟ قال : لأن أهل الكوفة عوجلوا ، ويقرءون على قراءة عبد الله. فعوجل مصحفهم قبل أن يعرض. ومصحفنا ومصحف أهل البصرة لم يبعث به حتى عرض.

قرأت بخط أبي علي أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني نزيل دمشق ، وأنبأنا به

__________________

(١) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور ١ / ١٢٥.

(٢) كذا بالأصل وخع والمطبوعة ، وفي مختصر ابن منظور ١ / ١٢٥ «فأرود به ثم أرود به».

(٣) عن مختصر ابن منظور وبالأصل «عينا».

٣٢٧

أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب ، عن أبي القاسم علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات ، أنا أبو علي ، ثنا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا بكر بن سهل الدمياطي وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو ، وأبو علاثة الحرّاني ، قالوا : ثنا صفوان بن صالح ، عن الوليد بن مسلم ، ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم (١) قال : قال لي أبو الدّرداء : اعدد من يقرأ عندنا ، يعني في مجلسنا هذا. قال : قال أبو عبيد الله : فعددت ألفا وستمائة ونيفا. فكانوا يقرءون ويتسابقون عشرة عشرة لكلّ عشرة منهم مقرئ ، وكان أبو الدّرداء قائما يستفتونه في حروف القرآن ، يعني المقرئين ، فإذا أحكم الرجل من العشرة القراءة تحول إلى أبي الدّرداء. وكان أبو الدّرداء يبتدئ في كلّ غداة إذا انفتل من الصّلاة فيقرأ جزءا من القرآن ، وأصحابه محدقون به يسمعون (٢) ألفاظه. فإذا فرغ من قراءته جلس كلّ رجل منهم في موضعه وأخذ على العشرة الذين أضيفوا إليه وكان ابن عامر مقدما فيهم.

قال : وحدّثنا سليمان بن أحمد ، نا أبو زرعة الدمشقي ، نا هشام ، نا يزيد (٣) بن مالك ، عن أبيه قال : كان أبو الدّرداء يأتي المسجد ثم يصلّي الغداة ، ثم يقرأ في الحلقة ويقرئ ، حتى إذا أراد القيام قال لأصحابه : هل من وليمة نشهدها أو عقيقة أو فطرة؟ فإن قالوا نعم قام إليها ، وإن قالوا لا قال : اللهم إني أشهدك أني صائم ، وأن أبا الدّرداء هو الذي سنّ هذه الحلق يقرأ فيها.

قرأت بخط أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن تمام السّكسكي الفقيه ، قال : قال الشيخ يعني أبا عمر (٤) الكلبي [عهدت المسجد الجامع](٥) يعني بدمشق وإنّ عند كلّ عمود شيخا ، وعليه الناس يكتبون العلم.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، قال : أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل البزاز بالبصرة ، نا أبو

__________________

(١) ضبطت عن تقريب التهذيب ، وفيه : «أبو عبد الله» بدل «أبو عبيد الله» ، وهو كاتب أبي الدرداء.

(٢) في المطبوعة : يستمعون.

(٣) الأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور : «يزيد بن أبي مالك» وعقب في المطبوعة عن هامش الأصل المعتمد : كذا قال : والصواب ابن أبي مالك.

(٤) في مختصر ابن منظور : أبو عمرو.

(٥) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.

٣٢٨

علي الحسن بن محمد بن عثمان النسوي ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، قالا : نا يعقوب بن سفيان ، نا هشام بن عمّار ، نا عبد الملك بن محمد ، قال : سمعت الأوزاعي يقول : كانت الخلفاء بالشام فإذا كانت ثلاثة (١) سألوا عنها علماء أهل الشام وأهل المدينة ، وكانت أحاديث العراق لا تجاوز جدر بيوتهم.

زاد ابن درستويه : فمتى كان علماء أهل الشام يحملون عن خوارج أهل العراق؟.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل السّوسي ، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد السلام بن أبي الحزوّر ، قراءة عليه ، أنا أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين بن السّمسار ، أنا أبو يعلى عبد العزيز بن عبد العزيز ، أنا ابن عمي إسحاق بن عبد الخالق ، نا أحمد بن مروان ، نا أبو بكر أخو خطاب ، نا خالد بن خداش ، سمعت سفيان بن عيينة يقول : من أراد المناسك فعليه بأهل مكة ، ومن أراد مواقيت الصلاة فعليه بأهل المدينة ، ومن أراد السير فعليه بأهل الشام ، ومن أراد شيئا لا يعرف حقه من باطله فعليه بأهل العراق.

أنبأنا علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني ، وأبو تراب حيدرة (٢) بن أحمد بن الحسين الأنصاري ، وأبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني ، قالوا : ثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنا أبو علي الحسن بن علي الأشناني ، نا أبو محمد معاذ بن محمد بن عبد الغالب بن ثوابة ، نا أبو يعقوب إسحاق بن يعقوب بن إسحاق ، نا أبو يحيى البلخي ، حدثني أبو نصر بن علي الجهضمي ، عن الأصمعي ، عن سفيان بن عيينة ، قال : إذا أردت الحديث الصحيح ، والإسناد الجيد فعليك بأهل المدينة ، وإذا أردت النسك فعليك بأهل مكة ، وإذا أردت المغازي فعليك بأهل الشام.

أنبأنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك ، عن أبيه ، نا محمد بن الحسين السّلمي ، نا محمد بن أبي حامد ، نا عيسى بن عبد الله العثماني ،

__________________

(١) الأصل وخع وفي مختصر ابن منظور والمطبوعة : بلية.

(٢) عن خع وبالأصل : حيدة.

٣٢٩

نا هلال بن العلاء ، نا الأصمعي ، عن سفيان بن عيينة ، قال : من أراد الإسناد والحديث الذي يسكن إليه فعليه بأهل المدينة ، ومن أراد المناسك والعلم بها والمواقيت فعليه بأهل مكة ، ومن أراد المقاسم وأمر الغزو فعليه بأهل الشام ، ومن أراد شيئا لا يعرف حقه من باطله فعليه بأهل العراق.

كتب إليّ أبو عبد الله محمد بن الفضل العراقي (١) الفقيه ، وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري ، وحدثني عنهما أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان المرادي الفقيه ، عنهما قالا : أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرحمن السّلمي ، أنا محمد بن علي بن طلحة المرورودي ، نا أحمد بن علي الأصبهاني ، نا زكريا بن يحيى السّاجي قال : سمعت ابن بنت الشافعي يقول : إن أردت الصّلاة ـ يعني ـ فعليك بأهل المدينة ، وإن أردت المناسك فعليك بأهل مكة ، وإن أردت الملاحم فعليك بأهل الشام ، والرأي عن أهل الكوفة.

وأخبرنا [أبو القاسم](٢) ابن السمرقندي ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ـ لفظا ـ نا أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل المعروف بأبي (٣) الشيخ ، نا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ح.

وأخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي ، أنا أبو بكر البيهقي ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، نا عبد الله بن جعفر ، قالا : نا يعقوب بن سفيان ، قال : سمعت الحسن بن الربيع يقول : سمعت ابن المبارك يقول : ما دخلت الشام إلّا لأستغني عن حديث أهل الكوفة. وفي حديث ابن درستويه : ما رحلت (٤) إلى الشام.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن أبي العلاء المعدّل ، وأبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفرايني ، قالا : نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ ،

__________________

(١) الأصل وخع وفي المطبوعة : الفراوي.

(٢) زيادة عن خع.

(٣) عن المطبوعة وبالأصل وخع : ابن الشيخ.

(٤) عن خع وبالأصل : دخلت.

٣٣٠

أخبرني علي بن أحمد بن علي المؤدب ، نا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، أنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الرامهرمزي (١) ، حدثني محمد بن عبيد الله قال : سمعت أبا طالب بن نصر يقول : سمعت موسى بن هارون يقول : أهل البصرة يكتبون لعشر سنين ، وأهل الكوفة لعشرين ، وأهل الشام لثلاثين.

قال ابن خلّاد : وقال أبو عبد الله الزبيري : نسخت كتب الحديث في العشرين لأنها مجتمع العقل ، قال : وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسن بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا سعيد يعني ابن أسد ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الجرجاني ، أنا حمزة بن يوسف السّهمي ، أنا أبو أحمد بن عدي ، نا أحمد بن علي المدائني ، نا الليث بن عبدة ، نا الحسن بن واقع (٢) ، قالا : نا (٣) ضمرة ، عن رجاء بن أبي سلمة ، عن عطاء الخراساني ، قال : ما رأيت فقيها أفقه ، إذا وجدته ، من شامي.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني بقراءتي عليه ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد بن طوق الطبراني ، أنا أبو علي عبد الجبّار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم الخولاني ، نا أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك ، نا يزيد بن محمد بن عبد الصمد ، نا أبو مسهر يعني عبد الأعلى بن مسهر ، نا صدقة بن خالد ، قال : سمعت عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر يقول : كان يقال : من أراد العلم فلينزل بداريّا بين عنس وخولان (٤).

زاد غيره عن يزيد بن محمّد قال يزيد : عنس وخولان قريتان بدمشق فيهما مسجدان ، فتجتمع في واحد عنس ، وفي واحد خولان.

فإذا كان هذا في أهل داريّا وهي قرية من قرى دمشق ، فما ظنك بأهل البلد الكبير الذي يحوي الخلق.

__________________

(١) هذه النسبة إلى رامهرمز وهي إحدى كور الأهواز من بلاد خوزستان (الأنساب).

(٢) في خع : رافع.

(٣) الخبر في تاريخ داريا للخولاني ص ٥٢.

٣٣١

باب

وصف أهل الشّام بالدّيانة

وما ذكر عنهم من الثّقة والأمانة

قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، وقرأته بخطه ، نا أبو القاسم تمام بن محمد الرازي ، نا إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان ، نا أحمد بن المعلّى ، نا محمود بن خالد ، نا عمر بن عبد الواحد ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : باعت امرأة طستا في سوق الصّفر بدمشق فوجده المشتري ذهبا. فقال لها : أما إني لم أشتره إلّا على أنه صفر وهو ذهب ، فهو لك. فقالت : ما ورثناه إلّا على أنه صفر فإن كان ذهبا فهو لك قال : فاختصما إلى [الوليد بن](١) عبد الملك فأحضر رجاء بن حيّوة فقال : انظر فيما بينهما. فعرضه رجاء على المرأة فأبت أن تقبله ، وعرضه على الرجل فأبى أن يقبله. فقال : يا أمير المؤمنين اعطها ثمنه واطرحه في بيت مال المسلمين.

قرأت على أبي القاسم الخضر بن عبدان ، عن عبد العزيز ونقلته من خطه ، أنا تمام الرازي ، نا إبراهيم بن محمد بن صالح ، نا أحمد بن المعلّى ، نا محمود بن خالد ، نا عمر بن عبد الواحد ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن أبيه ، قال : رأيت سوارا من ذهب وزنه ثلاثون مثقالا معلّقا (٢) في قنديل من قناديل مسجد دمشق أكثر من شهر لا يأتيه أحد فيأخذه.

أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدوية ، أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار ، أنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن

__________________

(١) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور ١ / ١٢٨ وهامش الأصل.

(٢) بالأصل وخع «معلق» والمثبت الصواب عن مختصر ابن منظور ١ / ١٢٨.

٣٣٢

يعقوب ، نا أبو بكر محمد بن هارون الرّوياني ، نا أبو يونس محمد بن أحمد بن يزيد بن عبد الله بن يزيد الجمحي المكي بالمدينة ، حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن المنذر ، حدثني حمزة بن عتبة اللهبي ، عن محمد بن عمران الحجبي ، عن جعفر بن محمد ، قال : كنت مع أبي محمد بن علي بمكة في ليالي العشر قبل التروية بيوم أو يومين ، وإني قائم في الحجر وأنا جالس وراءه. فجاءه رجل أبيض الرأس واللحية ، جليل ، بعيد ما بين المنكبين ، عريض الصدر ، عليه ثوبان غليظان في هيبة المحرم ، فجلس (١) إلى جنبه فظن أبي أنه يريده ، فخفف الصلاة ، ثم سلّم فأقبل عليه. فقال له الرجل : يا أبا جعفر أخبرني عن بدء هذا البيت كيف كان؟ فقال أبو جعفر محمد بن علي : ممن أنت؟ قال : رجل من أهل الشام. فقال محمد بن علي : إن أحاديثنا إذا سقطت إلى الشام جاءتنا صحاحا وإذا سقطت إلى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص.

أخبرناه أعلى من هذا أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء ، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلّص ، أنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان الطوسي ، نا أبو عبد الله الزّبير بن بكّار الزّبيري ، حدثني حمزة بن عتبة اللهبي (٢) ، حدّثني محمد بن عمران ، عن جعفر بن محمد ، قال : كنت مع أبي محمد بن علي بمكة في ليالي العشر قبل التروية بيوم أو يومين ، وأبي قائم يصلي في الحجر ، وأنا جالس وراءه فجاءه رجل أبيض الرأس واللحية ، جليل [العظام](٣) بعيد ما بين المنكبين ، عريض الصدر ، عليه ثوبان غليظان في هيأة المحرم. فجلس إلى جنبه فعلم أبي أنه يريد أن يخفف الصلاة ، فسلّم ثم أقبل عليه ، فقال له الرجل : يا أبا جعفر ، أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان؟ فقال له أبو جعفر محمد بن علي : ممن أنت؟ قال : رجل من أهل الشام. فقال له محمد بن علي : إن أحاديثنا إذا سقطت إلى الشام جاءتنا صحاحا ، وإذا سقطت إلى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص. ثم قال له : بدء خلق هذا البيت ، فذكر الحديث.

__________________

(١) عن خع وبالأصل : يجلس.

(٢) اللهبي بفتح اللام والهاء ، هذه النسبة إلى أبي لهب عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (الأنساب).

(٣) زيادة عن خع.

٣٣٣

باب

النهي عن سبّ أهل الشام

وما روي في ذلك عن أعلام الإسلام

أنبأنا أبو طالب (١) محمد بن الحسين بن محمّد بن إبراهيم الحنّائي. وأبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين بن محمد الموازيني ، قالا : أنا أبو عبد الله محمد بن عبد السّلام بن سعدان ، أنا محمد بن سليمان الرّبعي ، نا علي بن الحسين بن ثابت الزّرّائي (٢) ، نا هشام بن خالد ، عن الوليد بن مسلم ، نا ابن لهيعة ، حدثني عياش بن عباس ، عن عبد الله بن زرير ، قال : قال علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «تكون في آخر الزمان فتنة تخلّص الناس فيها كما تخلص الذهب في المعدن» [٣٦٢] قال علي : وما أدري يومئذ ما المعدن. فلا تسبوا أهل الشام لكن سبوا شرارهم ، فإن منهم الأبدال. وذكر الحديث.

أنبأنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الحداد ، أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الهمداني ح.

وأنبأنا أبو علي الحداد أنا أبو علي نعيم الحافظ ، قالا : نا سليمان بن أحمد الطّبراني ، نا علي بن سعيد الرازي ، نا علي بن الحسين الخوّاص الموصلي ، نا زيد بن أبي الزرقاء ، نا ابن لهيعة ، نا عياش بن عباس القتباني (٣) ، عن عبد الله بن زرير الغافقي ، عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «تكون في آخر الزمان فتنة يحصّل فيها الناس كما يحصّل الذهب في المعدن. فلا تسبوا أهل الشام. ولكن سبّوا

__________________

(١) الأصل وخع وفي المطبوعة : أبو طاهر.

(٢) كذا ، وفي معجم البلدان «الزري» واسمه ـ نقلا عن ابن عساكر : علي بن الحسين بن ثابت بن جميل أبو الحسن الجهني الزري من أهل زرّا التي تدعى اليوم زرع من حوران (معجم البلدان : زرّا).

(٣) الأصل وخع : «الفتياني» والصواب : القتباني عن تقريب التهذيب.

٣٣٤

شرارهم. فإن فيهم الأبدال. يوشك أن يرسل على أهل الشام سيب من السماء فيغرق جماعتهم حتى لو قاتلتهم الثعالب لغلبتهم ، فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات ، المكثر يقول : هم خمسة عشر ألفا ، والمقلّ يقول هم اثنا عشر ألفا ، إمارتهم : أمت أمت. يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك ، فيقتلهم الله جميعا ، ورد الله إلى المسلمين الفيتهم ونعمتهم وقاصيهم وبراربهم» [٣٦٣].

الصواب : وادانتهم (١).

قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث إلّا زيد بن أبي الزرقاء.

هذا وهم من الطبراني ، فقد رواه الوليد بن مسلم أيضا ، عن ابن لهيعة كما تقدم ، ورواه الحارث بن يزيد المصري ، عن عبد الله بن زرير الغافقي المصري ، فوقفه على علي ولم يرفعه.

أخبرناه أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمد بن علي المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي (٢) ، أنا أحمد بن علي بن محمد ، أنا أبي ، أنا أبو عمرو محمد بن مروان بن عمر السعيدي ، نا أحمد بن منصور الرمادي ، نا عبد الله بن صالح ، حدثني أبو شريح أنه سمع الحارث بن يزيد يقول : حدثني عبد الله بن زرير الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب يقول : لا تسبّوا أهل الشام ، فإن فيهم الأبدال وسبّوا ظلمتهم.

أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن العافية النابلسي ، أنا أبو الحسن علي بن طاهر بن جعفر السّلمي النحوي ، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد ، وأبو الحسن علي بن الخضر السّلمي ، قالا : أنا أبو عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر ، أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي ، نا أبو علي الحسين بن حميد العكّي ـ بمصر ـ نا زهير بن عبّاد ، نا عبد الحميد بن علي أبو سعيد ، عن أبي فضالة ، عن رجاء بن حيوة ، عن علي أنه قال : يا أهل العراق لا تسبّوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال ، لا يموت منهم رجل إلّا أثبت الله مكانه آخر ثم قال : يا رجاء اذكر لي رجلين صالحين

__________________

(١) كذا بالأصل وخع ، وفي مختصر ابن منظور : ودانيهم.

(٢) هذه النسبة إلى سوسنجرد ، قرية بنواحي بغداد (الأنساب).

٣٣٥

ببيسان ، فإن الله تبارك وتعالى اختص بيسان برجلين من الأبدال. لا يذكر منّان ولا طعّان على الأئمة ، فإنه لا يكون منهم الأبدال.

أبو فضالة هو الفرج بن فضالة الحمصي ، وقد أسقط من هذا الحديث عروة بن رويم اللّخمي بين الفرج ورجاء وأسقط منه أيضا الحارث بن حرمل بين رجاء وعلي.

أخبرناه أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن كرتيلا ، أنا محمد بن علي المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر السّوسنجردي (١) ، أنا أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد ، أنا أبي أبو طالب علي بن محمد ، أنا أبو عمرو محمد بن مروان القرشي ، نا زياد بن يحيى أبو الخطّاب ، نا أبو داود الطيالسي ، عن الفرج بن فضالة ، نا عروة بن رويم اللخمي ، عن رجاء بن حيوة ، عن الحارث بن حرمل ، عن علي بن أبي طالب ، قال : لا تسبّوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال.

وقال لي الحارث : يا رجاء اذكر لي رجلين صالحين من أهل بيسان فإنه بلغني أن الله تعالى اختص أهل بيسان برجلين من الأبدال لا يموت واحد إلّا جعل مكانه واحد ، ولا تذكر لي منهما متماوتا ولا طعّانا على الأئمة فإنه لا يكون منهما (٢) الأبدال.

وأخبرناه أعلى من هذا أبو القاسم بن السمرقندي ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا تمام بن محمد الرازي ، وأبو محمد بن أبي نصر ، وأبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن الجندي وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن القطّان ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي العقب ، قالوا : أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، نا أبو زرعة الدمشقي ، نا يسرة (٣) ، نا فرج بن فضالة ، عن عروة بن رويم ، عن رجاء بن حيوة ، عن الحارث بن حرمل ، عن علي بن أبي طالب قال : يا أهل العراق لا تسبّوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال. قال رجاء بن حيوة : اذكر لي رجلين من أهل بيسان فإنه بلغني أنه اختص بيسان برجلين من الأبدال لا يقبض الله رجلا منهم إلّا بعث الله مكانه رجلا. ولا تذكر لي متماوتا ولا طعّانا على الأئمة فإنه لا يكون منهم الأبدال.

__________________

(١) بالأصل وخع : البوسنجردي ، تحريف ، والصواب ما أثبت ، انظر الحاشية السابقة.

(٢) الأصل وخع وفي مختصر ابن منظور ١ / ١٢٩ : منهم.

(٣) ضبطت عن تقريب التهذيب ، وانظر الخلاصة والتبصير ٤ / ١٤٩٣.

٣٣٦

أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد الخطيب ، أنا جدي أبو (١) عبد الله ، أنا أبو المعمر المسدّد بن علي بن عبد الله [بن العباس ابن أبي السّجيس ، نا أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف الربعي ، نا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن] (٢) عبد السّلام مكحول ، أنا ابن المقرئ ، نا سفيان ، عن زياد ، عن الزّهري ، عن عثمان بن شيبة قال : سبّ رجل أهل الشام عند علي فقال : لا تسبّوا أهل الشام جمّا (٣) غفيرا ، فإن منهم ـ أو فيهم ـ الأبدال كذا فيه عثمان بن شيبة ، وإنما هو أبو عثمان بن سنّة (٤).

أخبرنا بصوابه أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشّحامي ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد الأزهري ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون ، أنا أبو حامد بن الشّرقي ، أنا محمد بن يحيى الذّهلي ، نا نعيم بن حماد ح.

وأخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، حدثني سعيد ـ يعني ـ ابن منصور ، قالا : نا سفيان عن زياد بن سعيد ، عن الزّهري ، عن أبي عثمان بن سنّة (٥) قال : قام رجل فسبّ أهل الشام فقال علي : لا تسبّوهم [جمّا غفيرا ، فإن فيهم الأبدال.

وفي حديث يعقوب : سبّ رجل أهل الشام عند علي ، فقال علي : لا تسبّوا أهل الشام](٦) جمّا غفيرا ، فإن فيهم ـ أو منهم ـ الأبدال.

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن البغدادي ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم الطهراني (٧) وأبو عمرو بن مندة ، قالا : أنا الحسن بن

__________________

(١) عن خع وبالأصل «بن» خطأ.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.

(٣) يقال : جاء القوم جما غفيرا ، والجماء الغفير ، وجماء غفيرا : أي مجتمعين كثيرين ... وأصل الكلمة من الجموم والجمة ، وهو الاجتماع والكثرة ، والغفير من الغفر ، وهو التغطية والستر ، فجعلت الكلمتان في موضع الشمول والإحاطة ، ولم تقل العرب الجماء إلّا موصوفا ، وهو منصوب على المصدر : كطرّا وقاطبة ، فإنها أسماء وضعت موضع المصدر.

(٤) ضبطت عن التبصير ٢ / ٧٧١.

(٥) عن خع وبالأصل «شيبة».

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.

(٧) في المطبوعة : الظهراني.

٣٣٧

محمد بن يوسف ، أنا أحمد بن محمد بن عمر النسائي (١) ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا الحسن بن أبي الربيع ، أنا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن الزّهري ، عن عبد الله بن صفوان ، قال : قال رجل يوم صفّين : اللهم العن أهل الشام. فقال علي : لا تسبّ أهل الشام جمّا غفيرا ، فإنّ بها الأبدال فإنّ بها الأبدال ، فإنّ بها الأبدال.

أخبرناه عاليا أبو عبد الله الفراوي الفقيه ، أنا أبو بكر البيهقي الحافظ ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أحمد بن منصور ، نا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن الزّهري ، عن عبد الله بن صفوان ، قال : قال رجل يوم صفّين : اللهم العن أهل الشام قال : فقال له علي : لا تسبّ أهل الشام جمّا غفيرا ، فإن بها الأبدال ، فإن بها الأبدال ، فإن بها الأبدال.

خالف عبد الله بن المبارك المروزي ، ومحمد بن كثير المصّيصي عبد الرّزّاق بن همّام ، عن معمر ، وصالح بن كيسان في عبد الله بن صفوان ، فقالا : صفوان بن عبد الله.

فأما رواية ابن المبارك :

فأخبرناها أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا ، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا إبراهيم بن محمد بن الفتح ، نا محمد بن سفيان بن موسى ، نا سعيد بن رحمة ، قال : سمعت ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزّهري ، أخبرني صفوان بن عبد الله بن صفوان أن رجلا قال يوم صفّين : اللهم العن أهل الشام. فقال علي : لا تسبّوا أهل الشام جمّا غفيرا فإن فيهم الأبدال كارهين لما ترون ، وإن فيهم يكون الأبدال.

وأمّا رواية ابن كثير : فأخبرنا بها أبو بكر وجيه ابن طاهر الشحامي وأبو سهل محمد بن الفضل بن محمد الأبيوردي (٢) ، قالا : أنا أحمد بن الحسن بن محمد ، أنا

__________________

(١) كذا بالأصل وخع. والصواب في نسبته اللّنباني بضم اللام وسكون النون هذه النسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان ، ولها باب يعرف بهذه المحلة يقال له : باب لنبان والمشهور بالنسبة إليها : أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن أبان العبدي اللنباني ، محدث مشهور مكثر رحل إلى العراق وسمع كتب أبي بكر عبد الله محمد بن أبي الدنيا (الأنساب : اللنباني).

(٢) هذه النسبة إلى أبيورد ، مدينة بخراسان بين سرخس ونسا (معجم البلدان).

٣٣٨

محمد بن عبد الله بن حمدون التاجر ، أنا أبو حامد بن الشّرقي ، نا محمد بن يحيى الذّهلي ، نا محمد بن كثير الصّنعاني ، عن معمر ، عن الزّهري ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، قال : قام رجل يوم صفّين : فقال اللهم العن أهل الشام فقال علي : مه لا تسبّ أهل الشام جمّا غفيرا ، فإن فيهم الأبدال.

وأمّا (١) حديث صالح فأخبرناه أبو حفص عمر بن محمد بن الحسن بن محمد الفرغولي (٢) ، نا عثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي (٣) ، أنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود بن علي العلوي ح.

وأخبرنا أبو سهل محمد بن الفضل بن محمد الأبيوردي ، وأبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي ، قالا : أنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري ، أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون ، قالا : أنا أبو حامد بن الشّرقي ، نا محمد بن يحيى الذّهلي ، نا يعقوب (٤) بن إبراهيم بن سعد ، نا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، أخبرني صفوان بن عبد الله بن صفوان أنّ عليا قال بصفّين وأهل العراق يسبّون أهل الشام فقال : يا أهل العراق لا تسبّوا أهل الشام جمّا غفيرا فإن فيهم رجالا كارهين لما ترون وإنه بالشام يكون الأبدال.

ورواه الأوزاعي ، عن الزّهري فقصر به ، لم يذكر ابن صفوان ولا أبا عثمان بن سنّة.

أنبأناه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر بن السمرقندي ، وهبة الله بن أحمد الأكفاني ، قالا : أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد (٥) بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو الدّحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل ، أنا أبو عامر موسى بن عامر ، نا الوليد ، نا أبو عمرو ، عن الزّهري : أنه حدثهم أن ناسا من أهل العراق سبّوا أهل الشام

__________________

(١) قدم هذا الحديث في المطبوعة ، ووضع بعد حديث الزهري عن عبد الله بن صفوان.

(٢) بالأصل وخع : «الفرعوني» خطأ ، والصواب عن الأنساب ، وهذه النسبة «الفرغولي» ـ بفتح الفاء وسكون الراء وضم الغين ـ إلى فرغول وظني أنها قرية من قرى دهستان.

(٣) هذه النسبة إلى محم ، وهو بيت كبير بنيسابور يقال لهم المحمية (الأنساب : المحمي) ، وذكر اسمه في الأنساب (الفرغولي) : عثمان بن محمد بن عبد الله المحمي.

(٤) كررت بالأصل مرتين ، والصواب عن خع.

(٥) الأصل وخع وفي المطبوعة : عبد الوهاب.

٣٣٩

بصفين فقال علي : لا تسبّوا أهل الشام جمّا غفيرا ، فإن فيهم قوما يكرهون ما ترون ، بالشام يكون الأبدال ، بالشام يكون الأبدال.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا أبو الحسن علي بن عمر الدّارقطني ، أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن بكير التميمي ، أنا أبو علي سهل بن علي الدوري ، أنا أبو الحسن الأثرم ، قال : قال أبو عبيدة : ـ وفي حديث : يا أهل العراق ـ لا تسبّوا أهل الشام جمّا غفيرا فإن فيهم الأبدال يعني جماعتهم كلهم ، والغفير. يقول : هم في جماعتهم واستوائهم إذا اجتمعوا كالبيضة في اجتماعها واستوائها. قال : البيضة هي جمّاء ليس لها حيود ، والواحد حيد ، أي ما شرف منها ، وهي غفير تغفر الرأس أي تغطيه (١).

قال الرّاعي :

صغيرهم وكلّهم سواء

هم الجمّاء في اللؤم الغفير (٢)

وقال العبسي :

وإنّ وراء الأثل غزلان أيكة

مضمّخة آذانها والغفائر

والغفائر ما غطين به رءوسهن.

قال ذو الرمة :

سقى دارها مستمطر ذو غفارة (٣)

[أي] سحابة. وغفارتها : سحابة رقيقة تكون فوق أخرى كثيفة ، وقالوا : هو الغفر.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن

__________________

(١) في اللسان (جمم) : الجماء : الغفير الجماعة. والجماء : بيضة الرأس ، سميت بذلك لأنها جماء أي ملساء ، ووصفت بالغفير لأنها تغفر أي تغطي الرأس. قال ابن الأعرابي : ولا أعرف الجماء في بيضة السلاح عن غيره.

(٢) ملحق ديوان الراعي ط بيروت ص ٣٠٤ فيما نسب له.

(٣) تمامه : ديوانه ص ٩٧ :

سقى دارها مستمطر ذو غفارة

أجشّ تحرّى منشأ العين رانح

٣٤٠