المناقب

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي

المناقب

المؤلف:

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣

الفصل السادس والعشرون

في بيان مقتله عليه السلام

٤٠٠ ـ أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسين علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا ابراهيم بن اسماعيل القاري ، حدثني عمر بن سعيد الدارمي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، أخبرني خالد ابن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن اسلم : ان ابا سنان الدؤلي حدثه انه عاد علياً عليه‌السلام في شكوى اشتكاها قال : فقلت له : لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه فقال : ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه لاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصادق المصدق يقول : انك ستضرب ضربة هاهنا ، وضربة هاهنا ـ واشار إلى صدغيه ـ فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك ويكون صاحبها اشقاها كما كان عاقر الناقة اشقى ثمود (١).

٤٠١ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارث الاصفهاني الفقيه ، أخبرنا محمد بن حيان ـ وهو أبو الشيخ الاصبهاني ـ حدثني أبو الحسين محمد بن محمد الجرجاني ، عن موسى بن عبد الرحمان

__________________

(١) رواه الحاكم في مستدركه ٣ / ١١٣ ورواه البيهقي في سننه ٨ / ٥٨ واورده ابن الاثير في اسد الغابة ٤ / ٣٣.

٣٨١

الكندي ، حدثنا : أحمد بن الحسين ـ وفيما اجاز لنا شيخنا أبو عبد الله الحافظ ـ حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الاصفهاني ، حدثنا أبو جعفر محمد بن العباس بن ايوب الاجرم وأبو حامد أحمد بن جعفر بن سعيد الاشعري قالا : حدثنا أبو عيسى محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن مسروق ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمان الحراني ، حدثنا اسماعيل بن راشد قال كان من حديث ابن ملجم وأصحابه لعنهم الله ان عبد الرحمان بن ملجم لعنه الله والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي ، اجتمعوا بمكة فذكروا امر الناس وعابوا على ولاتهم ، ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم وقالوا ما نصنع بالحياة بعدهم وقالوا اخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم فلو شرينا بانفسنا انفسهم فاتينا ائمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فارحنا منهم البلاد وثأرنا بهم اخواننا فقال ابن ملجم : انا اكفيكم علي بن أبي طالب وكان من اهل مصر ، وقال البرك بن عبد الله : انا اكفيكم معاوية بن أبي سفيان ، وقال عمرو بن بكر التميمي : انا اكفيكم عمرو بن العاص ، فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص الرجل منهم عن صاحبه الذي وجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه ، فأخذوا اسيافهم فسموها واتعدوا لتسع عشرة (١) من شهر رمضان ، يثب كل واحد منهم إلى صاحبه الذي توجه إليه ، فاقبل كل رجل إلى المصر الذي كان فيه صاحبه الذي طلب ، فاما ابن ملجم المرادي لعنه الله فخرج فلقى أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئاً من أمره فرأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب وكان علي عليه‌السلام قتل منهم يوم النهروان عددا ، فذكروا قتلاهم ولقى من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام وقد كان علي قتل اباها واخاها وكانت فائقة الجمال ، فلما راها التست بعقله ونسى حاجته التي جاء لها فخطبها فقال : لا اتزوجك

__________________

(١) هذا هو الصحيح ولكن في [ ر ] سبع عشرة.

٣٨٢

حتى تشفي قلبي قال : وما تشائين؟

قالت : ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن أبي طالب ، فقال هو مهرك ، فأما قتل علي فلا اراك تدركينه ، قالت تريدني قال بلى قالت فالتمس غرته فان اصبته انتفعت بنفسك ونفسي وتحفد (١) العيش معي ، وان هلكت فما عند الله خير وابقى من الدنيا وزبرج اهلها ، فقال : والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب قالت فإذا اردت ذلك فانى اطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك على امرك ، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له « وردان » فكلمته في ذلك فأجابها وجاء ابن ملجم رجلاً من اشجع يقال له شبيب بن بحرة فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال وما ذاك قال قتل علي بن أبي طالب ، قال ثكلتك امك ، لقد جئت شيئاً اداً (٢) كيف تقدر على ذلك؟ قال : اكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة ، شددنا عليه فقتلناه فان نجونا شفينا انفسنا وادركنا ثارنا وان قتلنا فما عند الله خير من الدنيا ، قال له : ويحك لو كان غير علي كان اهون علي ، قد عرفت بلاءه في الاسلام وسابقته مع النبي وما اجدني أنشرح لقتله ، قال أما تعلم (٣) انه قتل أهل النهروان العباد المصلين قال بلى قال فاقتله بمن قتل من اخواننا ، فاجابه فجاؤا حتى دخلوا على قطام وهى في المسجد الاعظم معتكفة فيه ، فقالوا لها : لقد اجتمع (٤) رأينا على قتل علي قالت فإذا اردتم ذلك فأتوني ثم عادوا ليلة الجمعة التي قتل علي في صبيحتها سنة اربعين فقال هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي ان يقتل كل واحد منا

__________________

(١) تحفد : على صيغة المجهول من حفده أي خدمه ، ورجل محفوداي مخدوم ... ومنه حديث امية : بالنعم محفود ـ لسان العرب.

(٢) الاد : الامر الفظيع العظيم .. وفي التنزيل العزيز « لقد جئتم شيئاً ادّا » [ مريم : ٨٩ ] ـ لسان العرب.

(٣) في [ ر ] : انا نعلم.

(٤) في [ ر ] : اجمع.

٣٨٣

صاحبه فدعت لهم بالحريرة فعصبتهم واخذوا اسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي عليه‌السلام ، فلما خرج شد عليه شبيب لعنه الله بالسيف فضربه بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو بالطاق ، وضربه ابن ملجم لعنه الله فاقرنه بالسيف وهرب وردان حتى دخل منزله فدخل عليه رجل من بني أمية وهو ينزع الحريرة من صدره فقال ما هذه الحريرة والسيف؟ فاخبره بما كان فانصرف فجاد بسيفه فعلى به وردان حتى قتله وخرج شبيب نحو أبواب كندة في الغلس ، فصاح الناس فلقيه رجل من حضر موت يقال له عويص وفي يد شبيب السيف فاخذه وجثم عليه الحضرمي ، فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشى على نفسه فتركه فنجا بسيفه ونجا شبيب في غمار الناس فشدوا على ابن ملجم لعنه الله فاخذوه إلا ان رجلا من همدان يكنى أبا اد أخذه فضرب رجله فصرعه ، وتأخر علي فدفع في ظهر جعدة بن هبيرة المخزومي فصلى بالناس الغداة ثم قال علي عليه‌السلام : علي بالرجل ، فادخل عليه فقال : أي عدو الله ، الم احسن اليك؟ قال بلى قال فما حملك على هذا قال : [ ان سيفي هذا ] شحذته اربعين صباحا فسألت الله ان يقتل به شر خلقه فقال علي عليه‌السلام : فلا اراك إلا مقتولا به ولا أراك إلا من شر خلق الله.

فذكروا : أن محمد بن حنفية قال : والله اني لا صلى تلك الليلة التي ضرب فيها علي بن أبي طالب في المسجد في رجال كثير من المصر ، يصلون قريبا من السدة ما هم إلا قياماً وركوعاً وسجوداً فلا يسأمون من اول الليل إلى آخره إذ خرج علي عليه‌السلام لصلاة الغداة فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة ، الصلاة ، فما ادري اخرج من السدة فتكلم إذ نظرت إلى بريق السيوف وسمعت : الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك ، فرأيت سيفا ثم رأيت ثانياً ، وسمعت عليا عليه‌السلام يقول : لا يفوتنكم الرجل وشد عليه الناس من كل جانب فلم ابرح حتى اخذ ابن ملجم قبحه الله وادخل على

٣٨٤

علي عليه‌السلام فدخلت فيمن دخل ، فسمعت عليا عليه‌السلام يقول : النفس بالنفس ، فان هلكت فأقتلوه كما قتلني ، وان بقيت رأيت فيه رأيي.

وذكروا أن الناس دخلوا على الحسن بن علي فزعين لما حدث من أمر علي عليه‌السلام فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه إذ ثارت « ام كلثوم » بنت علي عليه‌السلام فقالت : أي عدو الله انه لا بأس على أبي ، والله يخزيك ، فقال ابن ملجم : على ما تبكين؟ لقد اشتريت سيفي بألف وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة لجميع أهل الأرض ما بقى أحد (١).

وذكروا ان جندب بن عبد الله دخل على علي عليه‌السلام يسليه فقال : يا أمير المؤمنين ان فقدناك ـ فلا نفقدك ـ فنبايع الحسن؟ قال لا آمركم ولا انهاكم ، انتم ابصر (٢) قال فزد فدعا حسنا وحسينا فقال :

اوصيكما بتقوى الله ولا تبغيا الدنيا وان بغتكما ، ولا تبكيا على شيء زوي عنكما ، وقولا الحق وارحما اليتيم واعينا الضائع واصنعا للآخرة وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً ، اعملا بما في الكتاب فلا تأخذكما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى محمد ابن الحنفية فقال : هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال : نعم ، قال فاني أوصيك بمثله وأوصيك بتوقير أخويك ، لعظيم حقهما عليك ولا تؤثر (٣) امراً دونهما.

ثم قال اوصيكما به فانه شقيقكما وابن أبيكما وقد علمتما ان أباكما كان يحبه ، وقال للحسن : يا بني أوصيك بتقوى الله وإقام الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها فانه لا صلاة إلا بطهور ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة وأوصيك بعفو الذنب وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٣٥ وفيه : عمرو بن بكير.

(٢) راجع تعاليقنا على الرقم ٤٠٦

(٣) في [ ر ] : لا توثق.

٣٨٥

في الدين والتثبت في الامر والتعاهد في القرآن وحسن الجوار والامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجتناب الفواحش (١).

فلما حضرته الوفاة اوصى فكانت وصيته :

بسم الله الرحمن الرحيم.

هذا ما أوصى [ به ] علي بن أبي طالب ، أوصى انه يشهد : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ثم ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين (٢) ثم اوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فاني سمعت أبا القاسم عليه‌السلام يقول : ان صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام.

انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الايتام فلا تغيروا افواههم ولا يضيعن بحضرتكم.

الله الله في جيرانكم فانهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا انه سيورثهم.

الله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم.

الله الله في الصلاة فانها عماد دينكم.

الله الله في بيت ربكم فلا يخلون ما بقيتم فانه ان ترك لم تناظروا.

الله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار.

الله الله في الجهاد في سبيل الله باموالكم وأنفسكم.

الله الله في الزكاة فانها تطفي غضب الرب ، الله الله في ذمة أهل بيت

__________________

(١) انظر مقتل أمير المؤمنين لابن ابي الدنيا ح / ٣٣.

(٢) في [ ر ] : اول المسلمين.

٣٨٦

نبيكم فلا يظلموا بين ظهرانيكم ، الله الله في أصحاب نبيكم فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى بهم.

الله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم ، الله الله فيما ملكت ايمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان قال : أوصيكم بالضعيفين : نساؤكم وما ملكت ايمانكم ، الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم من ارادكم وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما امركم الله.

ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيتولى الامر شراركم ثم تدعو فلا يستجاب لكم.

علكيم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ، واتقوا الله ان الله شديد العقاب.

حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيكم ، استودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكفن في ثلاثة اثواب ليس فيها قميص وكبر عليه الحسن تسع تكبيرات ، وولى الحسن عمله ستة اشهر (١) وقد كان علي عليه‌السلام نهى الحسن عن المثلة فقال : يا بني عبد المطلب لا الفينكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون قتل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، الا لا يقتل بي إلا قاتلي ، انظر يا حسن ، ان أنا مت من ضربتي هذه ، فاضربه ضربة ولا تمثل بالرجل فاني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ، فلما قبض علي عليه‌السلام بعث الحسن عليه‌السلام إلى ابن ملجم لعنه الله ، فقال للحسن : هل لك في خصلة ، اني

__________________

(١) اورد ابن ابي الدنيا هذه الوصية بعينه في مقتل أمير المؤمنين ح / ٣٠.

٣٨٧

والله ما اعطيت عهدا إلا وفيت به اني اعطيت الله عهداً أن اقتل علياً ومعاوية أو اموت دونهما ، فان شئت خليت بيني وبينه ولك الله على ان اقتله وان قتلته ثم بقيت لآتينك حتى اضع يدي في يدك فقال : لا والله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله ثم أخذه الناس فأدرجوه في بواري ثم احرقوه بالنار.

٤٠٢ ـ وأخبرنا الشيخ الإمام أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن ابن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان ـ فيما اذن لي في الرواية عنه ـ أخبرنا الشيخ الأديب أيو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن ابراهيم الطهراني ـ سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ـ أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني ، قال أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني وأخبرنا بهذا الحديث عالياً الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني ـ في كتابه الي من اصفهان سنة ثمان وثمانين واربعمائة ـ عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا أحمد بن صبيح القرشي ، حدثنا يحيى بن يعلى ، عن اسماعيل البزاز ، عن أم موسى سرية (١) لعلي قالت : قال علي لام كلثوم : يا بنية ما أراني إلا وقل ما اصحبكم قالت ولم يا ابة؟ قال رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البارحة في المنام وهو يمسح الغبار عن وجهي وهو يقول : الي يا علي ، لا عليك قضيت ما عليك.

٤٠٣ ـ وأخبرنا عين الائمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي ، أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الوبري الخوارزمي رحمه‌الله حدثنا الشيخ أبو القاسم ميمون بن علي بن ميمون الميموني ، حدثنا الشيخ

__________________

(١) سرية : امرأة سرية من نسوة سريات وسرايا ، وسراة المال : خياره لسان العرب.

٣٨٨

صالح ابو شعيب صالح بن محمد بن صالح بن شعيب ، أخبرنا أبو حاتم حدثنا أبو عبد الرحمان ، حدثنا عثمان البغدادي ، حدثنا عبد الرحمان بن صالح ، حدثنا عمر بن هشام ، حدثنا اسماعيل ابن أبي خالد ، عن عامر قال : لما ضرب علي تلك الضربة قال فما فعل ضاربي ، اطعموه من طعامي واسقوه من شرابي فان عشت فانا أولى بحقي ، وان مت فاضربوه ولا تزيدوه ، ثم أوصى إلى الحسن فقال : لا تغال في كفني فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لا تغالوا في الكفن وامشوا بين المشيتين فان كان خيراً عجلتموه وان كان شراً القيتموه عن اكتافكم (١).

الآثار :

٤٠٤ ـ أخبرني الشيخ الإمام تاج الدين ، شمس الادباء ، أفضل الحفاظ محمد بن بينمان بن يوسف الهمداني ـ فيما كتب إلي من همدان ـ حدثنا الشيخ الجليل السيد أبو سعد شجاع بن المظفر بن شجاع العدل ـ في ذي الحجة سنة أربع وتسعين واربعمائة ـ أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن هلال ، حدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن الحرث القعينى ، حدثنا العباس ابن محمد الدوري ، حدثنا أبو النصر ، حدثني أبو معشر ، عن محمد بن عبد الرحمان القرشي ، عن الزهري قال : قال عبد الملك بن مروان : أي واحد أنت أن حدثتني ما كانت علامة يوم قتل علي بن أبي طالب؟ قال والله يا أمير المؤمنين ما رفعت حصاة ببيت المقدس إلا كان تحتها دم عبيط ، فقال : اني واياك غريبان في هذا (٢).

٤٠٥ ـ وأخبرني الامام سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار

__________________

(١) مقتل أمير المؤمنين لابن ابي الدنيا / ٦٥.

(٢) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح / ١٠٩ ونظيره في مستدرك الصحيحين للحاكم ٣ / ١٤٤.

٣٨٩

الديلمي الهمداني ـ فيما كتب إلي من همدان ـ أخبرني أبي شيرويه بن شهردار ، أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد الميداني ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن عمر سمعت : أبا القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الرفا بالكوفة يقول : كنت بالمسجد الحرام فرأيت الناس مجتمعين حول مقام إبراهيم عليه‌السلام ، فقلت : ما هذا؟ قالوا راهب أسلم ، فاشرفت فإذا بشيخ كبير عليه جبة صوف وقلنسوة صوف ، عظيم الخلق وهو قاعد بحذاء مقام إبراهيم فسمعته يقول : كنت قاعداً في صومعتي فاشرفت منها فإذا طائر كالنسر قد سقط على صخرة على شاطئ البحر ، فتقيأ فرمى بربع انسان ، ثم طار فتفقدته فعاد فتقيأ بربع انسان ، ثم طار ثم جاء فتقيأ بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقيأ بربع انسان ثم طار فدنت الارباع فقامت رجلا فهو قائم وانا اتعجب منه حتى انحدر الطير فضربه واخذ ربعه وطار ثم رجع فاخذ الربع الآخر ، ثم رجع فاخذ الربع الآخر ثم رجع فاخذ الربع الآخر فبقيت اتفكر وتحسرت ان لا اكون لحقته فسألته من هو فبقيت اتفقد الصخرة حتى رأيت الطير قد اقبل فتقيأ فرمى بربع انسان فنزلت فقمت بازائه فلم ازل حتى جاء الربع الرابع ثم طار فالتأم رجلا فقام قائما فدنوت منه فسألته فقلت : من أنت؟ فسكت عني فقلت : بحق من خلقك من أنت؟ فقال أنا عبد الرحمان بن ملجم ، فقلت وأيش عملت؟ قال : قتلت علي بن أبي طالب فوكل بي هذا الطير منذ قتلته يقتلني كل يوم أربعين قتلة ، فهو يخبرني وانقض الطير فأخذ ربعه وطار فسألت عن علي فقالوا ابن عم رسول الله فأسلمت.

٤٠٦ ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا علي بن محمد القريشي ،

٣٩٠

حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات القزاز ، حدثنا محمد بن عمر ، عن أبان ابن تغلب ، عن سلمة بن كهيل ، عن عبد الله بن سميع قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ قبل أن يضرب بثلاث ـ أين شقيكم هذا؟ أما والله ليخضبن هذه من هذا ، قال فلما ضرب دخلت عليه فقلت : يا أمير المؤمنين استخلف قال : لا ، قلت اتق الله فما تقول لربك؟ قال : اقول تركتهم كما تركهم رسول الله ، ان شئت اصلحتهم وان شئت أفسدتهم (١).

٤٠٧ ـ وأنباني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني ـ نزيل بغداد ـ أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله ، أخبرنا الحسن ابن علي بن محمد ، أخبرني محمد بن العباس بن محمد بن زكريا قال : قرأ على أبي الحسن ابن معروف ، حدثنا الحسين بن الفهم ، حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا خالد بن مخلد ومحمد بن الصلت قالا : أخبرنا الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن محمد بن الحنفية قال : دخل علينا ابن ملجم لعنه الله الحمام وانا والحسن والحسين جلوس في الحمام ، فلما دخل كأنهما اشمأزا منه ، فقالا : ما أجرأك تدخل علينا؟ قال فقلت لهما : دعاه عنكما فلعمري ما يريد بكما

__________________

(١) الحديث من الموضوعات على أمير المؤمنين عليه‌السلام وتدل على ذلك الاحاديث الصحيحة المتواترة المصرحة بانه عليه‌السلام ناشد في كثير من المناسبات ـ جمعاً من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحديث الغدير واستخلافه اياه فيه ، وقد ثبت عندنا أيضا انه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قد نص على امامة الحسن وسائر الائمة (ع) مثل ما نص على ابيهم أمير المؤمنين (ع) غير مرة ولكنهم لم يطيعوا امره ولم ينفذوا وصيته فبالأحرى ان لا ينفدوا وصية علي (ع) ولا يطيعوه في استخلافه للحسن (ع). كما وان الروايات الصحيحيه وردت عندنا في نص أمير المؤمنين (ع) على استخلاف ابنه الحسن (ع). راجع لذلك كتاب « الارشاد » للشيخ المفيد وكتاب « الكافي » للكليني وغيرهما من كتب التاريخ والحديث والكلام. ولا مجال لنا هنا لذكر أكثر من هذا.

كل هذا إلى جانب ان الحديث في المقام ضعيف السند لجهالة عبد الله بن سميع الراوي له ، ويحيى بن الحسن بن الفرات القزاز وغيرهما مما هم موضع الطعن عند عديد من اصحاب الجرح والتعديل.

٣٩١

لأجسم من هذا ، فلما كان يوم أتى به أسيرا قال ابن الحنفية : ما انا اليوم باعرف به من يوم دخل علينا الحمام فقال علي عليه‌السلام : انه اسير ، فاحسنوا نزله واكرموا مثواه ، فان بقيت قتلت أو عفوت ، وان مت فاقتلوه قتلتي « ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين » (١).

٤٠٨ ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن اسحاق ، حدثنا اسحاق بن اسماعيل ، حدثنى جرير ، عن المغيرة قال : لما جاء معاوية [ خبر ] وفاة على وهو قائل مع امرأته بنت قرظة في يوم صائف قال « إنا لله وإنا إليه راجعون » (٢) ماذا فقدوا من العلم والفضل والخير؟ فقالت له امرأته : تسترجع عليه اليوم؟ قال : ويلك لا تدرين ماذا ذهب من علمه وفضله وسوابقه (٣).

٤٠٩ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبوا الوليد الفقيه ، حدثنا الهيثم بن خلف ، حدثنا على بن الربيع الانصاري ، حدثنا حفص بن غياث ، عن أبي روح ، عن مولى لعلي : إن الحسن بن علي (٤) صلى على علي ، وكبر أربعاً (٥).

__________________

(١) الامامة والسياسة ١ / ١٦٠ ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ / ٣٥ وفيه : فلعمري ما يريد بكما أحشم من هذا ...

(٢) في الأصلين : تقديم وتأخير بين هذين الجملتين قال انا لله .. وهو قائل مع امرائة ...

(٣) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح / ٩٥. وهذا الحديث يتنافى مضمونه حديثا آخر أظهر فيه معاوية موقفا مبايناً لهذا الموقف ، فقد جاء في منهاج البراعة ٩ / ١٢٧ : انه لما بلغ نعى أمير المؤمنين إلى معاوية فرح فرحا شديداً وقال : ان الاسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه ... بل هو يتنافى مع موقفه العام من امام المتقين فهو الذي عادى علياً عليه‌السلام وقاتله وقتل انصاره واعوانه واختلق ضده الاحاديث.

(٤) من هنا إلى صفحة : ٣٩٦ ، سطر : ٥ ساقط من [ و ].

(٥) رواه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٤٣ ورواه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٣٧.

٣٩٢

٤١٠ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الجبار ، عن عباس الهمداني ، عن عثمان بن المغيرة قال : لما ان دخل رمضان كان علي عليه‌السلام يتعشى ليلة عند الحسن [ وليلة عند ] الحسين [ وليلة عند ] ابن عباس ولا يزيد عن ثلاث لقم ويقول : [ يأتيني ] امر الله وانا اخمص انما هي ليلة أو ليلتان فاصيب من الليل (١).

٤١١ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا اسحاق ابراهيم بن اسماعيل القاري يقول : سمعت عثمان ابن سعيد الدارمي يقول : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول : ولى علي بن أبي طالب خمس سنين ، وقتل سنة أربعين من مهاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن ثلاث وستين سنة ، قتل يوم الجمعة [ ودفن يوم الأحد ] الحادي والعشرين من شهر رمضان ومات يوم الاحد ودفن بالكوفة (٢).

٤١٢ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل

____________

وصلاة الجنائز فيها خمس تكبيرات ، تفتتح بالاولى وتنتهي بالخامسة ، يدعو المصلي عقيب اربع منها ثم يكبر الخامسة وينصرف ، فلعل الحسن عليه‌السلام كبر الخامسة بصوت خافض لم يسمعها الراوي ـ على تقدير صحة الرواية هذا وقد روى ابو الفرج في « مقاتل الطالبيين » / ٤١ وابو حنيفة الدينوري في « الاخبار الطوال » / ٢١٦ : انه صلى ـ (ع) ـ فكبر خمساً.

وقد صلى زيد بن ارقم فكبر خمساً فقيل له. فقال : رأيت أبا القاسم صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى على جنازة فكبر خمساً فلا اتركه ابداً.

رواه الجماعة الا البخاري! المنتقى ٢ / ٨٦ ، مسند أحمد ٤ / ٣٧٠ سنن البيهقي ٤ / ٣٦ ، شرح معاني الآثار ١ / ٤٩٣ ، المصنف لابن ابي شيبة ٣ / ٣٠٣.

(١) اسد الغابة ٤ / ٣٥ وفيه : « عبد الله بن جعفر » بدل « ابن عباس » ورواه ايضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٣٨٧.

(٢) رواه أيضاً الجويني في فرائد السمطين ١ / ٣٨٨ والمعروف عند الامامية انه ضرب في الليلة « ١٩ » من شهر رمضان واستشهد في الليلة الحادي والعشرين منه ودفن بالغري بظاهر الكوفة.

٣٩٣

القطان ببغداد ، أخبرنا علي بن عبد الرحمان بن ماتي بالكوفة ، حدثنا أحمد بن حازم ، عن أبي غرزة قال أخبرنا عبيدالله بن موسى ، أخبرنا سكين ، حدثنا حفص بن خالد ، عن أبيه ، عن جده جابر قال اني لشاهد لعلي عليه‌السلام وأتاه المرادي يستحمله فحمله ثم قال :

عذيري من خليلي من مراد

اريد حياته ويريد قتلي (١)

ثم قال : هذا والله قاتلي ، قالوا : يا أمير المؤمنين أفلا تقتله؟ قال : لا ، فمن يقتلني إذا ، ثم قال :

اشدد حيازيمك للموت

فان الموت آتيكا

ولا تجزع من الموت

إذا حل بواديكا (٢)

٤١٣ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنى أبو سعيد أحمد بن محمد النخعي ، حدثنا عبد الرحمان بن أبي حاتم ، حدثني أبي ، حدثني عمر بن طلحة الفناد ، حدثني اسباط بن نصر قال :

__________________

أريد حباءه ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

(١) هذا بيت شعر تمثل به أمير المؤمنين عليه‌السلام حيت اتاه ابن ملجم المرادي لعنه الله واخزاه ، واصل البيت لعمرو بن معدى كرب الزبيدي وكان من اعظم فرسان العرب في الجاهلية وصدر الإسلام ، وقد أسلم في سنة تسع أو عشر ولكنه ارتد في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسل إليه علياً عليه‌السلام فبارزه ولما تمكن منه هرب عمرو ، ثم تاب وعاد إلى الاسلام. وكان صاحب السيف المعروف بالصمصامة. وكان عمرو شاعرا مجيدا وله ديوان شعر ، شهد القادسية وقتل رستم وتوفي آخر خلافة عمر ، وقيل انه قتل في وقعة نهاوند وقيل : مات في خلافة عثمان في خروجه إلى الري ...

ومطلع قصيدته :

اعاذل عدتي بدني ورمحي

وكل مقلـص سلس القياد

وختامها : اريد حياته و ...

وفي الاغاني : اريد حباءه ...

والحباء : العطاء بلا من ولا اذى ، وعذيرك من فلان : علم من يعذرك منه ـ انظر الاغاني ١٥ / ٢٠٨ وما بعده ـ واسد الغابة ٤ / ١٣٢.

(٢) رواه ابن ابي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين ح / ٢٦ بصورة اخرى.

٣٩٤

سمعت اسماعيل ابن عبد الرحمان يقول : كان عبد الرحمان بن ملجم المرادي قبجه الله عشق امرأة من الخوارج من تيم الرباب يقال لها قطام فنكحها واصدقها ثلاثة آلاف درهم وقتل على ، ففى ذلك يقول الفرزدق :

فلم أر مهراً ساقه ذو سماحة

كمهر قطام بين غير معجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وضرب علي بالحسام المصمم (١)

فلا مهر أغلى من علي وان غلا

ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم (٢)

____________

(١) المصمم على وزن الفاعل بمعنى السيف الذي يمر في العظام أو يقطع المفصل ، أو السيف الشديد الصلب ـ لسان العرب وفتح الميم لضرورة الشعر.

(٢) رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين / ح ٧٦ بصورة اخرى وفيه : أنبأني سعيد بن يحيى الاموي قال أنشدني أبي لابن حطان في ابن ملجم :

ولم ار مهراً ساقه ذو سماحة

كمهر قطام بين غير معجم

٣٩٥

الفصل السابع والعشرون

في بيان مبلغ نسبه وبيان مدة خلافته وبيان ما جاء من الاختلاف في ذلك

٤١٤ ـ قال « رضي الله عنه » : اكثر روايات المحدثين وأصحاب التواريخ : أنه استشهد وهو ابن ثلاث وستين سنة على ما أخبرنا به الامام الزاهد الحافظ ابو الحسن علي بن أحمد العاصمي (١) ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل ابن أحمد الواعظ ، أخبرني أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرني أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو بكر بن دارم الحافظ ، حدثني محمد بن موسى ابن حماد البريري (٢) حدثني يعقوب بن ابراهيم بن صالح ـ صاحب المعلى ـ قال : حدثني على بن عاصم ، حدثني القاسم بن معن ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : قتل علي عليه‌السلام يوم الجمعة سنة اربعين ، وكان خلافته خمس سنين إلا ثلاثة اشهر ، قتله عبد الرحمان بن ملجم المرادي وهو يوم قتل ابن ثلاث وستين سنة أو أربع وستين سنة.

٤١٥ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي بالكوفة ، حدثني الحسن بن حميد بن الربيع اللخمي ، حدثنا الحسين بن علي السلمي ،

__________________

(١) إلى هنا ساقط من [ و ].

(٢) البرير : هو اسم يشتمل قبائل كثيرة في جبال المغرب من برقة إلى آخر المغرب على البحر المحيط وفي الجنوب إلى بلاد السودان وهم امم وقبائيل لا تحصى و ... مراصد الاطلاع.

٣٩٦

حدثني عمر بن محمد بن حسان ، عن الحسين بن زياد قال : قال ابو معشر : عن شرحبيل بن سعد قال : استخلف علي بن أبي طالب عليه‌السلام آخر سنة خمس وثلاثين وهو ابن ثمان وخمسين سنة وستة أشهر ، فلما كان سنة اربعين قتل يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان سنة أربعين ، وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان خلافته اربع سنين وتسعة أشهر (١).

٤١٦ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن اسحاق ، حدثني أبو عبد الله ـ وهو أحمد بن حنبل ـ حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريح ، اخبرني محمد بن عمر بن علي : ان علي بن أبي طالب عليه‌السلام مات لثلاث أو أربع وستين سنة (٢).

قال « رضي الله عنه » : فذكر أبو على البيهقي السلامي في تاريخه : ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام استخلف في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلافته اربع سنين وتسعة اشهر ، ثم قتله عبد الرحمان بن ملجم لعنه الله ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة اربعين. وذكر أبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي صاحب « المحبر الكبير » : أن مدة خلافته ، كانت خمس سنين إلا شهرين ، ثم قتله ابن ملجم لعنه الله في شهر رمضان ضربه قبل دخول العشر الاواخر بليلتين ، ومات أول ليلة من العشر الاواخر في سنة اربعين وهو ابن ثلاث وستين سنة وصلى عليه الحسن عليه‌السلام.

وذكر أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب « المعارف » : ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر

__________________

(١) رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين ح / ٤١ مع اختلاف في المتن.

(٢) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح / ٥٠ وفيه في آخر الحديث : أو نحو ذلك.

٣٩٧

رمضان سنة أربعين ، وكان ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

وذكر عن ابن اسحاق : انه قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة.

وروى عن بعضهم انه استشهد وهو ابن ثمان وخمسين سنة (١) على ما أخبرنا الشيخ الامام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد ، أخبرنا أبو عمرو ابن السماك ، حدثنا حنبل بن اسحاق ، حدثني الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين ، ومات لها الحسن ، وقتل الحسين لها ومات علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة (٢).

وذكر أصحاب التواريخ : ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قبض عن تسعة وعشرين ولد لصلبه : أربعة عشر ذكرا ، وخمس عشرة انثى ، خمسة منهم لفاطمة بنت رسول الله : الحسن والحسين ومحسن وزينب الكبرى وام كلثوم الكبرى ، وسائرهم من امهات شتى « رضى الله عنهم أجمعين ».

النظم :

هل أبصرت عيناك في المحراب

كأبى تراب من فنى محراب

لله در أبى تراب إنه

أسد الحروب وزينة المحراب

هو ضارب وسيوفه كثواقب

هو مطعم وجفانه كجوابي

هو ما هد أرض الدماء ومطلـع

شهب الأسنة في سماء ضراب

هو قاصم الأصلاب غير مدافـع

يوم الهياج وقاسم الأسلاب

إن النبي مدينة لعلومه

وعلي الهادي لها كالباب

لولا علي ما اهتدى في مشكل

عمر الاصابة والهدى لصواب

__________________

(١) المعارف / ٩١.

(٢) مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ح / ٤٧.

٣٩٨

قد نازع الطير النبي ورده

من رده فاصدق وقل بكذاب

وطهارة الهادي علي أشعرت

بطهارة الأرحام والإصلاب

ما ارتاب في فضل المحق المهتدي

غير الغنوى المبطل المرتاب

قد حاز غايات العلى لما كبا

من دونهن مشمروا الطلاب

فتح المبشر باب مسجده له

إذ سد فيه سائر الابواب

فزع العدى أسنانهم لما منوا

منه بليث كاشر الانياب

كالشهد مولانا علي المرتضى

للاولياء وللعدى كالصاب (١)

في السلم طود في الحروب عقيقه

بالعدل راض للهضيمة آبى (٢)

فالى الثريا كم أثار عجاجة

من كل رأس في الثرى منساب

غيث هطول يوم بسط حرائب

ليث صؤول يوم قض حراب (٣)

إن الوصي مجندل عمر الضبا

في الله بين دكادك وروابي (٤)

إن الوصي لملقح لوقايع

ولدت حتوف أسودها في الغاب

__________________

(١) الصابي ، الذي يميل إلى الفتنة وفي لسان العرب : وفي حديث الفتن لتعودن فيها اساود صبى ، هي جمع صاب كغاز وغزى ، وهم الذين يصبون إلى الفتنة أي يميلون إليها ، وقيل : انما هو صباء جمع صابئ بالهمزة كشاهد وشهاد ، ويروي : صب ، .. وفي حديث هوازن : قال دريد بن الصمة : ثم الق الصبى على متون الخيل أي الذين يشتهوه الحرب ويميلون إليها ويحبون التقدم فيها والبراز. لسان العرب.

(٢) العقيقة : الشعاع ومنه قيل : السيف كالعقيقة ومثل العقيقة والعقق : البرق إذا رأيته في وسط السحاب كانه سيف مسلول لسان العرب. الهضيمة : ان يتهضمك القوم شيأ أي يظلموك لسان العرب.

(٣) الحرائب ، جمع الحريبة : يقال حريبة الرجل ماله الذي يعيش به.

(٤) ضبا ضباء : لصق بالأرض ، فيمكن أن يكون الضبا وصفا لعمرو ويكون المراد تساقطه وتسافله. الدكادك ، جمع الدكدك أو الدكداك : من الرمل ما تكبس واستوى وايضاً ارض فيها غلظ لسان العرب.

الروابي ، جمع الرابية : ما اشرف من الرمل مثل الدكداكة ، والدكداكة اشد اكتنازا واغلظ لسان العرب.

٣٩٩

ان الوصي لفى صباه جامع

عزم الكهول إلى صيال شباب

إن الوصي أبا تراب دس في

بطـن التراب جماجم الا تراب

إن الوصي لموضع الأسرار إذ

زم النبي مطية لذهاب (١)

إن الوصي اخا النبي المصطـفى

زمن الصبا ما جرذيل تصابى

إن الوصي ضميره لم ينسدل

يوما على الاحقاد للاصحاب

إن الوصي كمن علمتم لبه

متثبت في مدحـض الالباب

إن الوصي عن الفواحش معرض

ومعرض لكتائـب وكتاب

ورث السماحة والحماسة معشرا

جبلوا بأجمعهم على الانجاب

وجلت خطابته عرايس حرداً

للفاضلين كثيرة الخطاب

وله مناقب مد مدحى ضبعـه

فيها وأكثرها وراء نقاب

أعربت عنها ملأ حيزومى ولم

أقطـع مطامع حلية الاعراب

يا عاتبي بهوى علي زدته

صدقا هواى فزد بكمت عتاب

أهوى جديد القلـب في إيمانه

رث العمامة بالي الجلباب

أرهبتني بلوائم لفقتها

لما علمت بشأنه عجابي

وأهبت نحوى بالملام بأننى

بهوى علي قد ملات إهابي

ولقد اتى هذا الفتى ما قد أتى

في هل أتى فالى متى ارهابي

إن كان أسباب السعادة جمة

فهوى علي أأكد الاسباب

وكسوت أعقابي بنظمي مدحة

حللا تجد علي بلى الاحقاب

حسناه ؛ وهو وفاطم أهواهم

حقا وأوصى بالهوى أعقابي

وقال رضي الله عنه في مدحه عليه‌السلام :

ألا هل من فتى كأبي تراب

وانى مثله فوق التراب (٢)

__________________

(١) زم الانوف : ان يخرق الأنف ويعمل فيه زمام كزمام الناقة ليقاد به ـ النهاية

(٢) في الغدير : امام طاهر.

٤٠٠