المناقب

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي

المناقب

المؤلف:

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣

فضرب به على رأسها ، وكفاً بين ثدييها ثم رش جلده وجلدها ثم التزمها فقال : أللهم انها مني واني منها ، أللهم كما أذهبت عنى الرجس وطهرتني فطهرها ، ثم دعا بمخضب آخر ثم دعا علياً عليه‌السلام فصنع به كما صنع بها ثم دعا له كما دعا لها ثم قال : قوما إلى بيتكما ، جمع الله بينكما وبارك في سركما واصلح بالكما ، ثم قام فأغلق عليه بابه بيده.

قال ابن عباس : فأخبرتني أسماء بنت عميس : انها رمقت (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يزل يدعو لهما خاصة ولم يشركهما في دعائه احداً حتى توارى في حجرته(٢)

٣٦٠ ـ وأنبأني أبو العلاء الحافظ الهمداني هذا والامام الاجل نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي ، قالا أنبأنا الشريف الامام الاجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن على الزينبي ، عن الامام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان ، حدثنى القاضي المعافى بن زكريا ، عن الحسن بن علي العاصمي ، عن صهيب بن عباد بن صهيب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه قال : بينا رسول الله في بيت ام سلمة ، إذ هبط عليه ملك له عشرون رأساً في كل رأس الف لسان ، يسبح الله ويقدسه بلغة لا تشبه الأخرى ، راحته أوسع من سبع سموات وسبع ارضين ، فحسب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه جبرئيل فقال يا جبرئيل لم تأتني في مثل هذه الصورة قط؟ قال : ما انا جبرئيل ، انا صرصائيل ، بعثني الله اليك لتزوج النور من النور فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ممن؟ قال ابنتك فاطمة من علي بن أبي طالب عليه‌السلام فزوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة من علي بشهادة ميكائيل وجبرئيل

__________________

(١) رمقته ببصرى ورامقته : إذا أتبعته بصرك تتعهده وتنظر إليه وترقبه ـ لسان العرب.

(٢) رواه أبو نعيم في حلية الاولياء ٢ / ٧٥ ورواه ايضاً الحافظ الكنجي في كفاية الطالب / ٣٠٤.

٣٤١

وصرصائيل قال : فنظر النبي فإذا بين كتفي صرصائيل : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب مقيم الحجة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا صرصائيل منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟ فقال : من قبل ان يخلق الله الدنيا باثنتى عشرة الف سنة (١)

٣٦١ ـ وبهذا الاسناد عن الامام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان ـ هذا ـ حدثنا إبراهيم بن محمد المذاري (٢) الخياط ، عن أحمد بن محمد بن سعيد الرفاء البغدادي في طريق مكة ، عن أحمد بن عليل عن ابن داود بن عبد الله الانصاري ، عن موسى بن على القرشي ، عن قنبر بن أحمد بن كعب ابن نوفل ، عن بلال بن حمامة قال : طلع علينا النبي ذات يوم ووجهه مشرق كدارة القمر ، فقام عبد الرحمان بن عوف فقال : يا رسول الله ما هذا النور؟ فقال : بشارة أتتنى من ربي في أخي وابن عمي وابنتي ، ان الله تعالى زوج فاطمة من على وامر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاقا يعنى صكاكا (٣) بعدد محبى أهل بيتي وانشأ من تحتها ملائكة من نور ودفع إلى كل ملك صكا فإذا استوت القيامة باهلها نادت الملائكة في الخلائق فلا تلقى محباً لنا أهل البيت إلا دفعت إليه صكا ، فيه فكاكه من النار بأخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من امتي من النار (٤).

٣٦٢ ـ وأخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني ـ فيما كتب إلى من همدان ـ اخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، حدثنا أبو طاهر ، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن علي العاصمي باصبهان ، حدثنا المفضل بن محمد ابن اخت عبد الرزاق ،

__________________

(١) كتاب مائة منقبة لابن شاذان / ٣٥ ح / ١٥ ورواه ايضا ابن المغازلي في مناقبه / ٣٤٤.

(٢) المذار ، بالفتح وآخر راء : بلده في ميسان بين واسط والبصرة وهي قصبة ميسان بينها وبين البصرة نحو من اربعة ايام وبها مشهد عظيم به قبر عبد الله بن أبي طالب مراصد الاطلاع.

(٣) الصكاك جمع الصك : الحوالة.

(٤) تاريخ بغداد ٤ / ٢١٠ ـ اسد الغابة ١ / ٢٠٦.

٣٤٢

أخبرنا توبة بن علوان البصري ، حدثني شعبة ، عن أبي حمزة (١) عن ابن عباس قال : لما ان كانت الليلة التي زفت فيها فاطمة إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قدامها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن يسارها ، وسبعون الف ملك من ورائها يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر (٢).

٣٦٣ ـ وأخبرني الشيخ الثقة العدل الحافظ أبو بكر محمد بن عبيدالله بن نصر الزاغوني حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الباقرجي ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي بن بندار ، حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد ابن عامر الطائي ، حدثني أبي أحمد بن عامر بن سليمان ، حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر ، حدثني أبي جعفر بن محمد ، حدثني أبي محمد بن علي ، حدثني أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني أبي علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتانى ملك فقال : يا محمد ان الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول : قد زوجت فاطمة من علي ، فزوجها منه وقد أمرت شجرة طوبى ان تحمل الدر والياقوت والمرجان وان أهل السماء قد فرحوا بذلك ، وسيولد منهما ولدان ، سيدا شباب أهل الجنة (٣) وبهم يزين أهل الجنة ، فابشر يا محمد فانك خير الأولين والآخرين (٤).

٣٦٤ ـ وأنبأني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي أبن محمد الهمداني ـ نزيل بغداد ـ أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد الانصاري وأبو القاسم

__________________

(١) في [ و ] : شعبة بن ابي حمزة.

(٢) تاريخ بغداد ٥ / ٧ ـ ذخائر العقبى / ٣٢ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٩٦.

(٣) في المخطوطتين : سيد كهول اهل الجنة وهو خطأ فاحش.

(٤) رواه المحب الطبري أيضا في ذخائر العقبى / ٣٢.

٣٤٣

هبة الله بن عبد الواحد بن الحصين (١) ، قالا : أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي اذنا ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن عبد الصمد بن الحسن بن محمد بن شاذان البزاز ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن الحسين بن الخطاب بن فرات بن حيان العجلي ـ قراءة علينا من لفظه ومن كتابه ـ حدثنا الحسن بن محمد الصفار الضرير ، حدثنا عبد الوهاب بن جابر ، حدثنا محمد بن عمير ، عن أيوب ، عن عاصم الاحول ، عن ابن سيرين ، عن أم سلمة وسلمان الفارسي وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : لما ادركت فاطمة بنت رسول الله مدرك النساء ، خطبها اكابر قريش من أهل السابقة والفضل في الإسلام والشرف والمال ، وكان كلما ذكرها رجل من قريش لرسول الله اعرض رسول الله عنه بوجهه حتى كان الرجل منهم يظن في نفسه ان رسول الله ساخط عليه ، أو قد نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه وحى من السماء ، ولقد خطبها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر الصديق فقال له رسول الله : يا أبا بكر امرها إلى ربها ، وخطبها بعد أبي بكر عمر ابن الخطاب فقال له كمقالته لابي بكر ، وان أبا بكر وعمر كانا ذات يوم جالسين في مسجد رسول الله ومعهما سعد بن معاذ الأنصاري ، ثم الأوسي فتذاكروا أمر فاطمة بنت رسول الله فقال أبو بكر : لقد خطبها من رسول الله الاشراف فردهم رسول الله وقال : امرها إلى ربها ان شاء ان يزوجها ، زوجها ، وان علي بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله ولم يذكرها له ولا أراه يمنعه من ذلك إلا قلة ذات اليد وانه ليقع في نفسي ان الله ورسوله إنما يحبسانها عليه ، قال ثم اقبل أبو بكر على عمر بن الخطاب وعلى سعد بن معاذ فقال : هل لكما في القيام إلى علي بن أبي طالب حتى تذكرا له هذا ، فان منعه منه قلة ذات اليد ، واسيناه واسعفناه ، فقال له سعد بن معاذ : وفقك الله يا

__________________

(١) في [ و ] : الحسين.

٣٤٤

ابا بكر فما زلت موفقاً ، قوموا بنا على بركة الله ويمنه.

قال سلمان الفارسي : فخرجوا من المسجد فالتمسوا علياً في منزله فلم يجدوه وكان ينضح ببعير كان له الماء على نخل رجل من الانصار باجرة فانطلقوا نحوه فلما رآهم نظر إليهم علي عليه‌السلام ، قال : ما وراكم وما الذي جئتم له؟ فقا له أبو بكر : يا أبا الحسن انه لم يبق خصلة من خصال الخير إلا ولك فيها سابقة وفضل وأنت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمكان الذي قد عرفت من القرابة والصحبة والسابقة وقد خطب الاشراف من قريش إلى رسول الله ابنته فاطمة فردهم وقال : امرها إلى ربها ان شاء ان يزوجها ، زوجها ، فما يمنعك ان تذكرها لرسول الله وتخطبها منه؟ فاني ارجو أن يكون الله سبحانه وتعالى ورسوله إنما يحبسانها عليك قال فتغرغرت عينا علي بالدموع وقال :

يا أبا بكر لقد هيجت منى ما كان ساكنا وايقظتني لأمر كنت عنه غافلا وبالله ان فاطمة لرغبتي وما مثلي يقعد عن مثلها غير اني يمنعني من ذلك قلة ذات اليد ، فقال له أبو بكر : لا تقل هذا يا أبا الحسن فان الدنيا وما فيها عند الله تعالى ورسوله كهباء منثور ، قال ثم ان علي بن أبي طالب عليه‌السلام حل عن ناضحه واقبل يقوده إلى منزله فشده فيه واخذ نعله وأقبل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان رسول الله في منزل زوجته أم سلمة بنت أبي امية بن المغيرة المخزومي ، فدق علي بن أبي طالب الباب

فقالت أم سلمة : من بالباب؟ فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل ان يقول علي ، أنا علي ـ قومي يا أم سلمة فافتحي له الباب ومريه بالدخول ، فهذا رجل يحبه الله ورسوله ويحبهما ، قالت أم سلمة : فقلت فداك أبي وأمي ومن هذا الذي تذكر فيه هذا وانت لم تره؟ فقال مه يا أم سلمة ، هذا رجل ليس بالخرق ولا بالنزق ، هذا اخي وابن عمي واحب الخلق الي

٣٤٥

قالت ام سلمة : فقمت مبادرة ، اكاد أن أعثر بمرطى (١) ، ففتحت الباب فإذا انا بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والله ما دخل حين فتحت له حتى علم اني قد رجعت إلى خدري ، قالت ثم انه دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فقال النبي : وعليك السلام يا ابا الحسن ، اجلس ، قالت أم سلمة : فجلس علي بن أبي طالب عليه‌السلام بين يدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يطرق إلى الارض كأنه قصد لحاجة وهو يستحيي ان يبديها لرسول الله فهو مطرق إلى الارض حياء من رسول الله فقالت أم سلمة : فكأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علم ما في نفس على فقال له : يا أبا الحسن ، إنى أرى انك أتيت لحاجة فقل حاجتك وابد ما في نفسك ، فكل حاجة لك عندي مقضية؟ قال علي ابن أبي طالب : فقلت فداك أبي وامي انك تعلم انك أخذتنى من عمك أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا صبي ، لا عقل لي فغذيتني بغذائك وأدبتني بأدبك فكنت لي أفضل من أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد في البر والشفقة ، وان الله عزوجل هداني بك وعلى يديك وأستنقذني مما كان عليه آبائي (٢) وأعمامي من الحيرة والشرك وانك والله يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذخري وذخيرتي في الدنيا والآخرة يا رسول الله فقد أحببت مع ما قد شد الله من عضدي بك ان يكون لي بيت وان تكون لى زوجة اسكن إليها ، وقد أتيتك خاطباً راغباً اخطب اليك ابنتك فاطمة فهل أنت مزوجني يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قالت ام سلمة : فرأيت وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتهلل فرحا

__________________

(١) المرط : كساء من خز أو صوف أو كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة ـ المعجم الوسيط.

(٢) كلمة « آبائى » زيادة سهوية أو مقحمة فان آباء أمير المؤمنين عليه‌السلام هم آباء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد اجمعت الامامية على طهارتهم من الشرك وكثير من غيرهم ايضاً قائلون بذلك ولهم فيه مؤلفات وراجع تفاسيرهم في قوله تعالى : « وتقلبك في الساجدين » الشعراء : ٢١٩.

٣٤٦

وسرورا ثم تبسم في وجه علي عليه‌السلام وقال له : يا أبا الحسن فهل معك شيء أزوجك به؟ فقال له علي : فداك أبي وامي ، والله ما يخفى عليك من أمرى شيء ، أملك سيفي ودرعي وناضحي ، ما أملك شيئا غير هذا ، فقال له رسول الله : يا علي أما سيفك فلا غناء بك عنه. تجاهد به في سبيل الله وتقاتل به اعداء الله ، وناضحك فتنضح به على نخلك وأهلك وتحمل عليه رحلك في سفرك ، ولكني قد زوجتك بالدرع ورضيت بها منك يا أبا الحسن أأبشرك؟ قال علي عليه‌السلام فقلت : نعم فداك أبي وامي يا رسول الله ، بشرني فانك لم تزل ميمون النقيبة مبارك الطائر رشيد الامر صلى الله عليك فقال لي رسول الله : أبشر يا ابا الحسن فان الله عزوجل قد زوجكها في السماء من قبل ان ازوجكها في الارض ولقد هبط علي في موضعي من قبل ان تأتيني ملك من السماء له وجوه شتى ، واجنحة شتى ، لم ار قبله من الملائكة مثله فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ابشر يا محمد باجتماع الشمل وطهارة النسل فقلت : وما ذاك أيها الملك؟ فقال يا محمد انا سيطائيل الملك الموكل باحدى قوائم العرش سألت ربي عزوجل ان يأذن لي في بشارتك ، وهذا جبرئيل في اثرى يبشرك عن ربك عزوجل بكرامة الله عزوجل قال النبي فما استتم الملك كلامه حتى هبط علي جبرئيل فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا نبي الله ثم انه وضع في يدى حريرة بيضاء من حرير الجنة وفيها سطران مكتوبان بالنور ، فقلت : حبيبي جبرئيل ما هذه الحريرة وما هذه الخطوط؟ فقال جبرئيل : يا محمد ان الله اطلع إلى الارض اطلاعة فاختارك من خلقه وابتعثك برسالاته ثم اطلع إلى الارض ثانية فاختار لك منها اخاً ووزيراً وصاحبا وختناً ، فزوجه ابنتك فاطمة فقلت حبيبي جبرئيل ومن هذا الرجل؟ فقال لي : يا محمد أخوك في الدين وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب ، وان الله اوحى إلى الجنان ان تزخرفي فتزخرفت والى شجرة طوبى ان احملي الحلي والحلل فحملت شجرة طوبى الحلي والحلل

٣٤٧

وتزخرفت الجنان وتزينت الحور العين وامر الله الملائكة ان تجتمع في السماء الرابعة عند البيت المعمور ، قال فهبطت الملائكة : ملائكة الصفيح الأعلى وملائكة السماء الخامسة إلى السماء الرابعة وزقت ملائكة السماء الدنيا وملائكة السماء الثانية وملائكة السماء الثالثة إلى الرابعة وأمر الله عزوجل رضوان فنصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور وهو المنبر الذي خطب فوقه آدم يوم علمه الله الاسماء وعرضهم على الملائكة وهو منبر من نور فأوحى الله عزوجل إلى ملك من ملائكة حجبه ـ يقال له راحيل ـ : ان يعلو ذلك المنبر وان يحمده بمحامده وان يمجده بتمجيده وان يثنى عليه بما هو أهله وليس في الملائكة كلها احسن منطقاً ولا أحلى لغة من راحيل الملك ، فعلا الملك راحيل المنبر وحمد ربه ومجده وقدسه واثنى عليه بما هو أهله فارتجت السماوات فرحا وسرورا قال جبرئيل : ثم اوحى إلي : ان اعقد عقدة النكاح فانى قد زوجت امتى فاطمة ابنة حبيبي محمد من [ عبدى ] علي بن أبي طالب فعقدت عقدة النكاح واشهدت على ذلك الملائكة اجمعين وكتبت شهادة الملائكة في هذه الحريرة ، وقد امرني ربي ان اعرضها عليك وان اختمها بخاتم مسك أبيض وان ادفعها إلى رضوان خازن الجنان وان الله عزوجل لما ان اشهد على تزويج فاطمة من علي بن أبي طالب عليه‌السلام ملائكته امر شجرة طوبى ان تنثر حملها وما فيها من الحلى والحلل ، فنثرت الشجرة ما فيها والتقطته الملائكة والحور العين وان الحور ليتهادينه ويفخرن به إلى يوم القيامة ، يا محمد وان الله امرني ان آمرك أن تزوج عليا في الارض فاطمة وان تبشرهما بغلامين زكيين نجيبين طيبين طاهرين فاضلين ، خيرين في الدنيا والآخرة ، يا أبا الحسن فوالله ما خرج ملك من عندي حتى دققت الباب ألا وإني منفذ فيك امر ربي ، امض يا أبا الحسن امامي فاني خارج إلى المسجد ومزوجك على رؤوس الناس وذاكر من فضلك ما تقربه عينك واعين محبيك في الدنيا والآخرة قال علي بن أبي طالب : فخرجت من عند

٣٤٨

رسول الله مسرعا وانا لا اعقل فرحا وسرورا فاستقبلني أبو بكر وعمر وقالا لي : ما وراك يا أبا الحسن؟ فقلت زوجني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته فاطمة وأخبرني ان الله عزوجل زوجنيها في السماء ، وهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خارج في أثرى ليظهر ذلك بحضرة الناس ، ففرحا بذلك فرحا شديداً ورجعا معي إلى المسجد فوالله ما توسطناه حيناً ، حتى لحق بنا رسول الله وان وجهه ليتهلل سرورا وفرحا.

وقال اين بلال بن حمامة؟ فأجابه مسرعاً بلال وهو يقول : لبيك ، لبيك يا رسول الله فقال له رسول الله : اجمع لي المهاجرين والانصار ، فانطلق بلال لامر رسول الله وجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قريبا من منبره حتى اجتمع الناس ثم رقى على درجة من المنبر ، فحمد الله واثنى عليه وقال : معاشر المسلمين ، ان جبرئيل عليه‌السلام اتانى آنفا فاخبرني عن ربى عزوجل بانه جمع الملائكة عند البيت المعمور وانه أشهدهم جميعاً أنه زوج امته فاطمة بنت رسوله محمد ، من عبده علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأمرني ان ازوجه في الارض واشهدكم على ذلك ثم جلس وقال لعلي عليه‌السلام : قم يا أبا الحسن فاخطب انت لنفسك قال فقام فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وقال : الحمد لله شكراً لانعمه واياديه ولا إله إلا الله ، شهادة تبلغه وترضيه وصلى الله على محمد ، صلاة تزلفه وتحظيه ، والنكاح مما امر الله عزوجل به ورضيه ومجلسنا هذا مما قضاه الله ورضيه واذن فيه وقد زوجنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته فاطمة وجعل صداقها درعي هذا وقد رضيت بذلك فسلوه واشهدوا فقال المسلمون لرسول الله : زوجته يا رسول الله؟ فقال رسول الله : نعم ، فقال المسلمون : بارك الله لهما وعليهما وجمع شملهما ، وانصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ازواجه فامرهن أن يدففن لفاطمة ، فضربن ازواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على رأس فاطمة عليها‌السلام بالدفوف : قال علي بن أبي طالب : واقبل رسول الله صلى الله

٣٤٩

عليه وآله فقال يا أبا الحسن انطلق الآن فبع درعك واتنى بثمنه حتى اهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما ، قال علي عليه‌السلام : فاخذت درعى فانطلقت به إلى السوق فبعته باربعمائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان فلما ان قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال لي : يا أبا الحسن الست اولى بالدرع منك وأنت اولى بالدراهم مني؟ فقلت : نعم قال فان الدرع هدية مني اليك قال فاخذت الدرع والدراهم واقبلت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فطرحت الدرع والدراهم بين يديه واخبرته بما كان من امر عثمان فدعا له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بخير وقبض رسول الله قبضة ودعا بأبي بكر فدفعها إليه وقال : يا أبا بكر اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها وبعث معه سلمان الفارسي وبلال بن حمامة ليعيناه على حمل ما يشترى به.

قال أبو بكر : وكانت الدراهم التي دفعها إلى رسول الله ثلاثة وستين درهما قال : فانطلقت إلى السوق فاشتريت فراشا من خيش (١) مصر محشواً بالصوف ونطعا من أدم ووسادة من أدم محشوة ليف النخل وعباءة خيبرية وقربة للماء ـ وقلت هي خادم البيت ـ وكيزاناً وجراراً ومطهرة للماء وستر صوف رقيق وحملت انا بعضه وسلمان بعضه وبلال بعضه واقبلنا به فوضعناه بين يدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما نظر إليه بكى وجرت دموعه على لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف. قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ودفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باقى ثمن الدرع إلى ام سلمة وقال ارفعى هذه الدراهم عندك ومكثت بعد ذلك شهراً ، لا اعاود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمر فاطمة بشيء استحياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غير اني إذا خلوت برسول الله

__________________

(١) نسج خش من الكتان.

٣٥٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لي : يا أبا الحسن ما احسن زوجتك واجملها. أبشر يا أبا الحسن فقد زوجتك سيدة نساء العالمين. قال علي : فلما كان بعد شهر ، دخل علي أخي عقيل فقال : والله يا أخي ، ما فرحت بشيء قط كفرحي بتزويجك فاطمة ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا أخي ، فما بالك لا تسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يدخلها عليك فتقر أعيننا باجتماع شملكما؟ فقلت : والله يا اخي اني لأحب ذلك ومايمنعني أن اسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك الا حياء منه فقال : اقسمت عليك ، إلا قمت معي تريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلقيتنا في الطريق ام أيمن ـ مولاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فذكرنا ذلك فقالت : لا تفعل يا أبا الحسن ، ودعنا نحن نكلم في هذا ، فان كلام النساء في هذا الأمر احسن وأوقع في قلوب الرجال ، قال ثم انثنت راجعة فدخلت على ام سلمة بنت أبي امية بن المغيرة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعلمتها بذلك واعلمت نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جميعاً فاجتمعت امهات المؤمنين إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان في بيت عائشة بنت أبي بكر فاحدقن به وقلن : فديناك بآبائنا وامهاتنا يا رسول الله قد اجتمعنا لأمر لو ان خديجة في الاحياء ، لقرت بذلك عينها ، قالت ام سلمة : فلما ذكرنا « خديجة » بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : « خديجة » واين مثل « خديجة » ، صدقتني حين كذبني الناس وآزرتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها ، ان الله عزوجل أمرني ان أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد ، لا صخب فيه ولا نصب (١) قالت ام سلمة : فقلنا فديناك بآبائنا وامهاتنا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انك لم تذكر من خديجة أمراً إلا وقد كانت كذلك ، غير انها قد مضت إلى ربها

__________________

(١) القصب : قال ابن الاثير في النهاية : (٤ / ٦٧) القصب في هذا الحديث لؤلؤ مجوف كالقصر المنيف الصخب : الصياح والجلبة وشدة الصوت واختلاطه.

٣٥١

فهنأها الله بذلك وجمع بيننا وبينها في درجات جنته ورحمته ورضوانه يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا اخوك في الدين وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب عليه‌السلام يحب ان تدخل زوجته فاطمة وتجمع بها شمله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ام سلمة فما بال علي لا يسألني ذلك؟ قلت يمنعه من ذلك الحياء منك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالت ام أيمن : فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا ام أيمن : انطلقي إلى على فأتيني به فخرجت من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا انا بعلي ينتظرني ليسألنى عن جواب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما رأني ، قال : ما وراك يا ام أيمن؟ قلت : اجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال على : فدخلت عليه وهو في حجرة عائشة وقمن ازواجه فدخلن البيت واقبلت فجلست بين يدي رسول الله مطرقا نحو الارض ، حياء منه ، فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتحب ان تدخل عليك زوجتك؟ فقلت ـ وانا مطرق ـ نعم فداك أبي وامي ، فقال نعم وكرامة يا أبا الحسن ادخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة غد ان شاء الله ، فقمت من عنده فرحا مسروراً وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ازواجه ليزين فاطمة وليطيبنها ويفرشن لها بيتا حتى يدخلها على بعلها علي ، ففعلن ذلك وأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الدراهم التي دفعها إلى ام سلمة من ثمن الدرع عشرة دراهم فدفعها إلى علي ثم قال : اشتر تمراً وسمناً وإقطاً ، قال علي : فاشتريت بأربعة دراهم تمراً ، وبخمسة دراهم سمنا وبدرهم إقطا ، واقبلت به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحسر النبي عن ذراعيه ودعا بسفرة من ادم وجعل يشدخ (١) التمر بالسمن وجعل يخلطه بالاقط حتى اتخذه حيسا (٢) ثم قال لي : يا علي ادع من

__________________

(١) الشدخ : كسر الشيء الاجوف النهاية.

(٢) الحيس : تمر واقط وسمن ، تخلط وتعجن وتسوى كالثريد ـ المعجم الوسيط.

٣٥٢

احببت فخرجت إلى المسجد وأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متوافرون فقلت : أجيبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام القوم بأجمعهم وأقبلوا نحو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخلت على رسول الله فأخبرته ان القوم كثير ، فجلل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السفرة بمنديل ثم قال : ادخل علي عشرة بعد عشرة ، ففعلت ذلك فجعلوا يأكلون ويخرجون والسفرة لا ينقص ما عليها ، حتى لقد أكل من الحيس تسعمائة رجل وامرأة ، كل ذلك ببركة كف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالت ام سلمة : ثم دعا النبي بابنته فاطمة ودعا بعلي فأخذ عليا بيمينه وأخذ فاطمة بشماله فجمعهما إلى صدره فقبل بين أعينهما ودفع فاطمة إلى علي عليه‌السلام وقال : يا علي نعم الزوجة ، زوجتك ثم اقبل على فاطمة فقال لها : يا فاطمة نعم البعل بعلك ، ثم قام معهما يمشي بينهما حتى ادخلهما بيتهما الذي هيأ لهما ، ثم خرج من عندهما فأخذ بعضادتى الباب وقال : طهركما الله وطهر نسلكما ، انا سلم لمن سالمكما وحرب لمن حاربكما ، استودعكما الله واستخلفه عليكما قال علي عليه‌السلام : ومكث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك ثلاثاً لا يدخل علينا ، فلما كان في صبيحة اليوم الرابع جاءنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ليدخل علينا فصادف في حجرتنا اسماء بنت عميس الخثعمية فقال لها : ما يوقفك هاهنا وفي الحجرة رجل؟ فقالت له : فداك أبي وامي ان الفتاة إذا زفت إلى زوجها تحتاج إلى امرأة تتعهدها وتقوم بحوائجها فاقمت هاهنا لأقضى حوائج فاطمة واقوم بأمرها فتغرغرت عينا رسول الله بالدموع وقال : يا اسماء ، قضى الله لك حوائج الدنيا والآخرة قال علي عليه‌السلام : وكانت غداة قرة وكنت انا وفاطمة تحت العباء ، فلما سمعنا كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأسماء ، ذهبنا لنقوم فنظر الينا رسول الله فقال : سألتكما بحقى عليكما لا تفترقا حتى ادخل عليكما ، فرجع كل واحد منا إلى صاحبه ودخل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقعد عند رؤوسنا وادخل رجليه فيما بيننا

٣٥٣

فأخذت رجله اليمنى وضممتها إلى صدري وأخذت فاطمة رجله اليسرى فضمتها إلى صدرها وجعلنا ندفئ رجلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من القر حتى إذا دفئت رجله قال لي : يا علي آتني بكوز من ماء فأتيته بكوز من ماء فتفل فيه ثلاثاً وقرأ عليه آيات من كتاب الله عزوجل وقال : يا علي اشربه واترك منه قليلاً ففعلت ذلك ، فرش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باقي الماء على رأسي وصدري وقال : اذهب الله عنك الرجس يا أبا الحسن وطهرك تطهيرا ، ثم قال أتنى بماء جديد فتفل فيه ثلاثاً وقرأ عليه آيات من كتاب الله عزوجل ودفعه إلى ابنته فاطمة وقال : اشربي هذا الماء وأتركي منه قليلاً ، ففعلت ذلك فاطمة ورش النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باقي الماء على رأسها وصدرها وقال أذهب الله عنك الرجس وطهرك تطهيرا وأمرني بالخروج عن البيت وخلا بابنته وقال : كيف أنت يا بنية وكيف رأيت زوجك؟ قالت : يا ابة ، خير زوج إلا انه دخل علي نساء قريش وقلن لي : زوجك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من رجل فقير ، لا مال له فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أبوك بفقير ولا بعلك بفقير ، ولقد عرضت علي خزائن الارض من الذهب والفضة فاخترت ما عند ربي عزوجل. لو تعلمين ما يعلم ابوك لسمجت الدنيا في عينك والله يا بنية ما آلوتك نصحا ان زوجتك اقدمهم سلما واكثرهم علما واعظمهم حلما ، يا بنية ان الله عزوجل اطلع إلى الأرض اطلاعة فأختار من أهلها رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك ، يا بنية نعم الزوج زوجك لا تعصين له أمراً ، ثم صاح بي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي فقلت لبيك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ادخل بيتك والطف بزوجتك وارفق بها فان فاطمة بضعة منى ، يؤلمني ما يؤلمها ويسرني ما يسرها ، استودعكما الله واستخلفه عليكما ، قال علي عليه‌السلام : فوالله ما اغضبتها ولا اكرهتها من بعد ذلك على امر حتى قبضها الله عزوجل إليه ولا اغضبتني ولا عصت لى امراً ، ولقد كنت انظر إليها

٣٥٤

فتكشف عني الغموم والاحزان بنظري إليها قال علي عليه‌السلام : ثم قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لينصرف فقالت له فاطمة : يا ابة لا طاقة لي بخدمة البيت ، فاخدمني خادما يخدمني ويعينني على امر البيت ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة أيما احب اليك ، خادم أو خير من الخادم؟ فقال على : فقلت : قولى خير من الخادم ، فقالت : يا ابة خير من الخادم فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تكبرين الله في كل يوم اربعاً وثلاثين تكبيرة ، وتحمدينه ثلاثاً وثلاثين مرة ، وتسبحينه ثلاثاً وثلاثين مرة فذلك مائة باللسان وألف حسنة في الميزان ؛ يا فاطمة انك ان قلتها في صبيحة كل يوم ، كفاك الله ما اهمك من امر الدنيا والآخرة (١).

__________________

(١) أحاديث الزواج في الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ / ١٩ إلى ٢٥ واورد البخاري حديث التسبيحات في صحيحه الجزء الخامس / ١٩.

٣٥٥

الفصل الحادي والعشرون

في بيان انه من أهل الجنة وان الجنة تشتاق إليه وانه مغفور الذنب

٣٦٥ ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن اسحاق ، عن محمد بن ابراهيم التميمي ، عن سلمة بن أبي الطفيل ، عن علي عليه‌السلام قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ان لك بيتا في الجنة وإنك ذو قرنيها ، فلا تتبع النظرة النظرة فانما لك الاولى وليست لك الاخرى (١)

قال « رضي الله عنه » : قال أبو عبيدة : معناه إنك ذو قرني هذه الامة.

٣٦٦ ـ وروى عن على أنه ذكر ذا القرنين فقال : دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قرنيه ، وفيكم مثله ـ اراد به نفسه ـ يعني انا ادعو إلى الحق حتى اضرب على رأسي ضربتين تكون فيهما قتلى (٢).

٣٦٧ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو سعيد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي ، أخبرنا أبو يعلى وأحمد بن الحسن الصوفي قالا : حدثني

__________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ / ٦٤٨ ـ مستدرك الصحيحين ٣ / ١٢٣ ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام.

(٢) الغارات ٢ / ٧٤٠.

٣٥٦

أبو سعيد الأشج ، حدثني تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن محمد بن عمرو الهاشمي ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة بنت رسول الله قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : أما انك يابن أبي طالب وشيعتك في الجنة ، وسيجئ اقوام ينتحلون حبك قبل ثم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لهم نبز (١) يقال لهم الرافضة (٢) فان لقيتهم فاقتلهم فانهم مشركون (٣).

٣٦٨ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ، حدثنا سعيد

__________________

(١) النبز : اللقب ـ لسان العرب.

(٢) جاءت اللفظة في الاصلين الموجودين عندنا هكذا : « الرافضة » والرفض في اللغة كما قال ابن منظور : تركك الشيء ، تقول رفضنى فرفضته ورفضت الشيء ارفضه وارفضه رفضا ورفضا : تركته وفرقته ...

والروافض : جنود تركوا قائدهم وانصرفوا ، فكل طائفة منهم « رافضة » والنسبة إليهم رافضي. والروافض : قوم من الشيعة ، سموا بذلك لأنهم تركوا زيد بن علي [ بن الحسين (ع) ] قال الاصمعي. كانوا بايعوه ثم قالوا له : ابرأ من الشيخين نقاتل معك ، فأبى وقال .. ، فرفضوه وارفضوا عنه فسموا « رافضة ».

فبناء على ذلك ، الرافضى يطلق على كل فرقة مخالفة ثائرة على النظام السائد عادلاً كان أو ظالماً وشرعياً كان أو غيره. والمتعصبون ضد الشيعة يطلقون هذا الاسم على الشيعة ويقصدون ذمهم به والطعن عليهم ويحسبون ان للكلمة معنى سلبيا والحال ان الرفض لا يكون حسنا ولا قبيحاً الا بالنسبة إلى الحكومة التي يتعلق بها ذلك فان كان الحكم حكم الامام المنصوب من قبل الله تعالى المفترض طاعته فرفضه كفر وطغيان وخروج عن الدين ومروق منه ، وان كان نظاماً غير خاضع لاحكام الله وغير مشروع فرفضه جهاد ونهي عن المنكر وعلامة لحسن اسلام المرء وتمسكه بدينه.

والحديث الوارد في المتن على تقدير صحته يشير إلى الرافضين لحكم الامام العادل المرضى عند الله ويعادل كلمة « الرافضة » لفظ « الخارجة ». والظن الغالب ان كلمة « الخارجة » الموجودة في المطبوع كانت تفسيراً لكلمة المتن المخطوط وهي « الرافضة » والمضحح لما رآه انسب واقرب إلى الذهن جعله في المتن مكان كلمة « الرافضة » والله العالم.

(٣) الكامل في الضعفاء ٣ / ٩٥٠.

٣٥٧

ابن مسعود ، حدثنا عبيدالله بن موسى ، حدثنا اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن عبد الرحمان ابن أبي ليلى ، عن على عليه‌السلام قل : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ألا اعلمك كلمات ان قلتهن غفر الله لك على انك مغفور لك : لا إله إلا الله العلى العظيم ، لا إله الا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (١).

__________________

(١) مستدرك الصحيحين للحاكم ٣ / ١٣٨ ـ المعجم الصغير للطبراني ١ / ٢٧٠ ورواه أيضاً ابن حنبل في فضائل الصحابة ٢ / ٦١٦ و ٧١١ وفي المسند ١ / ١٥٨ ونظيره في هذا المجلد ص ٩١ ـ ٩٢ ـ ٩٤.

٣٥٨

الفصل الثاني والعشرون

في بيان انه حامل لوائه يوم القيامة

٣٦٩ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين البيهقى هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد ، أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا محمد بن اسحاق الصنعاني ، حدثنا اسماعيل بن أبان ، حدثنا ناصح أبو عبد الله المحلمي (١) عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة قال : قيل يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال : من عسى ان يحملها إلا من حملها في الدنيا ، علي بن أبي طالب (٢).

٣٧٠ ـ وبهذا الاسناد عن احمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي أحمد ، حدثنا سنان بن حاتم ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا مالك بن دينار قال سألت سعيد بن جبير فقلت : يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : فنظر إلى فقال : كأنك رخى البال (٣) فغضبت وشكوته إلى اخوانه من القراء فقالوا إنك سألته [ جهرة ] وهو خائف من الحجاج وقد لاذ بالبيت (٤) فاسأله الآن فسألته فقال : كان حاملها

__________________

(١) في [ و ] : ناصح بن عبد الله.

(٢) مستدرك الصحيحين للحاكم ٣ / ١٣٨ ـ المعجم الصغير للطبراني ١ / ٢٧٠ ورواه أيضا ابن حنبل في فضائل الصحابة ٢ / ٢١٦ و ٧١١ وفي المسند ١٥٨ ونظيره في هذا المجلد ص ٩١ ـ ٩٢ ـ ٩٤.

(٣) يقال : هو رخى البال : إذا كان في نعمة واسع الحال بين الرخاء ـ لسان العرب.

(٤) وكان ذلك سنة ٩٤ هـ حينما خرج سعيد ومن معه على الوليد بن عبد الملك كما ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه (٨ : ٩٣).

٣٥٩

علي عليه‌السلام كان حاملها على (١) هكذا سمعته من عبد الله بن عباس.

٣٧١ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حدثنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا أبويحيى عبد الرحمان بن محمد بن سلم الرازي باصبهان ، اخبرني يحيى بن ضريس ، حدثنا عيسى بن عبد الله بن عبيدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا أول من تنشق الارض عنه يوم القيامة وأنت معي ، ومعنا لواء الحمد وهو بيدك ، تسير به امامي تسبق به الاولين والآخرين.

٣٧٢ ـ وأنبأني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني ـ نزيل بغداد ـ أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عمر المقري ، أخبرنا عاصم بن الحسين بن محمد ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ، أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ، حدثنا خزيمة بن ماهان المروزي حدثنا عيسى بن يونس ، عن الاعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن اربعة ، فقال له العباس بن عبد المطلب عمه ـ : فداك أبي وامى ومن هؤلاء الاربعة؟ قال : أنا على البراق واخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وعمى حمزة اسد الله على ناقتي العضباء واخى علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدبجة (٢). الجنبين ، عليه حلتان خضراوان من كسوة الرحمان ، على رأسه تاج من نور ، لذلك التاج

__________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ / ٦٨٠ ـ مستدرك الصحيحين ٣ / ١٣٧ وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ولهذا الحديث شاهد من حديث زنفل العرفي وفيه طول فلم اخرجه.

(٢) المدبج : ما زين اطرافه بالديباج ـ النهاية.

٣٦٠