المناقب

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي

المناقب

المؤلف:

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣

واشهد ان علي بن أبي طالب عليه‌السلام قاتلهم وانا معه فامر بذلك الرجل فالتمس فاتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي نعته (١).

٢٤٣ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرني أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة من اصل كتابه ، حدثنا أحمد بن حازم ، عن أبي عروة ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، حدثنا الاعمش ، عن اسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، حدثنا ابن أبي غرزة ، حدثنا عبيدالله بن موسى أخبرنا فطر بن خليفة ، عن اسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانقطعت نعله فخلف عليا عليه‌السلام يصلحها ، فمشى قليلا ثم قال : ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر ، فقال أبو بكر ، أنا هو؟ قال لا ، قال عمر : انا هو؟ قال لا ، ولكن خاصف النعل يعنى عليا عليه‌السلام فأتيناه فبشرناه فلم يرفع برأسه كأنه كان قد سمعها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢٤٤ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثني موسى بن مسعود ، حدثني عكرمة بن عمار ، عن سماك ابن زميل الدؤلى وقد كان يهوى نجدة قال : قال ابن عباس : لما اعتزلت الخوارج دخلوا دارا وهم ستة آلاف ، واجمعوا على ان يخرجوا على علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله [ معه ] يعني مع

__________________

(١) صحيح البخاري الجزء الرابع / ٢٠٠ وصحيح مسلم الجزء الثالث كتاب الزكاة / ١١٢ كنز العمال ١١ / ٣٠٧ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٢٦٥ ـ خصائص النسائي / ٣٠٥.

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ / ٦٣٧ ـ اسد الغابة ٤ / ٣٢ مع اختلاف يسير ـ مستدرك الصحيحين ٣ / ١٢٢ ـ ونظيره في حلية الاولياء لابي نعيم ١ / ٦٧.

٢٦١

علي عليه‌السلام قال وكان لا يزال يجيء انسان فيقول : يا أمير المؤمنين ان القوم خارجون عليك ، فيقول : دعوهم فانى لا اقاتلهم حتى يقاتلوني وسوف يفعلون ، فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت له : يا أمير المؤمنين ابرد بالصلاة (١) لعلي ادخل على هؤلاء القوم ، فأكلمهم فقال : انى اخافهم عليك ، فقلت : كلا وكنت رجلاً حسن الخلق لا اوذى احداً فأذن لى فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمنية وترجلت ودخلت عليهم نصف النهار فدخلت على قوم لم ار قوماً قط أشد منهم اجتهاداً ، جباههم قرحة من السجود وايديهم كأنها ثفن الابل ، وعليهم قمص مرخصة مشمرين ، مهشمة وجوههم من السهر ، فسلمت عليهم فقالوا مرحبا يابن عباس ، ما جاء بك قلت أتيتكم من عند المهاجرين والانصار من عند صهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي وعليهم نزل القرآن وهو أعلم بتأويله منكم ، فقالت طائفة منهم لا تخاصموا قريشاً فان الله عزوجل قال : « بل هم قوم خصمون » (٢) قال اثنان أو ثلاثة لنكلمنه ، فقلت هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمهاجرين والانصار وعليهم نزل القرآن وليس فيكم منهم احد وهم اعلم بتأويله منكم ، قالوا ثلاثاً ، قلت هاتوا ، قالوا اما احداهن فانه حكم الرجال في امر الله وقد قال الله عزوجل : « إن الحكم إلا لله » (٣) فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عزوجل ، فقلت هذه واحدة ، فما [ الثانية ]؟ قالوا اما الثانية فانه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فلئن كانوا مؤمنين ما حل لنا قتالهم وسباهم؟ فقلت : وماذا الثالثة؟ قالوا انه محا نفسه من أمير المؤمنين فان لم يكن أمير المؤمنين فانه لأمير الكافرين ، قلت هل عندكم غير هذا؟ قالوا كفانا هذا ، قلت لهم : اما قولكم حكم الرجال في امر الله فانا اقرأ عليكم في كتاب الله عزوجل ما ينقض قولكم ، اترجعون؟ قالوا : نعم ، قلت فان الله قد

__________________

(١) أي خفف الصلاة.

(٢) الزخرف : ٥٨.

(٣) الانعام : ٥٧ ـ يوسف : ٤٠ و ٦٧.

٢٦٢

صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن ارنب ، وتلا هذه الايه : « لا تقتلوا الصيد وانتم حرم » إلى قوله « يحكم به ذوا عدل منكم » (١) وقال في المرأة وزوجها : « وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها » (٢) الآية : فناشدتكم الله هل تعلمون حكم الرجال في اصلاح ذات بينهم وفي حقن دمائهم أفضل أم حكمهم في أرنب وبضع امرأة ، فايهما ترون أفضل؟ قالوا : بل هذه ، قلت خرجت من هذه؟ قالوا : نعم ، قلت : واما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم افتسبون أمكم عائشة؟ فوالله ان قلتم ليست بأمنا ، لقد خرجتم من الاسلام ، والله ولئن قلتم نسبيها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الاسلام وانتم بين ضلالتين ، ان الله عزوجل قال : « النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه أمهاتهم » (٣) فان قلتم ليست بأمنا لقد خرجتم من الإسلام ، اخرجت من هذه؟ قالوا : نعم ، قلت واما قولكم محى نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بما (٤) ترضون ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الحديبية كاتب المشركين أبا سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو وقال يا علي : اكتب « هذا ما صالح عليه محمد رسول الله » فقال المشركون : والله ما نعلم أنك رسول الله ، ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أللهم انك تعلم اني رسولك ، امح يا علي ، اكتب « هذا ما كاتب عليه محمد بن عبد الله » فوالله لرسول الله خير من علي ، فلقد محى نفسه ، قال فرجع منهم الفان وخرج سائرهم فقتلوا (٥).

٢٤٥ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو بكر محمد بن

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

(٢) النساء : ٣٥.

(٣) الاحزاب : ٦.

(٤) في المخطوطتين : عن ترضون.

(٥) مستدرك الصحيحين ٢ / ١٥٠ ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي عليه‌السلام ٣ / ١٩١ ـ خصائص النسائي / ٣٢٦.

٢٦٣

الحسين بن علي بن المؤمل ، أخبرنا أبو أحمد الحافظ ، أخبرنا أبو عروبة ، حدثنا اسماعيل بن يعقوب ، حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا عبد الله بن عيسى ، حدثنا يونس بن عبيد ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني : ان علياً عليه‌السلام خطب أهل الكوفة فقال : يا أهل الكوفة لولا أن تبطروا (١) لحدثتكم بما وعدكم الله على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين تقتلونه ، منهم المخدج اليد وهو صاحب الثدية ، فوالله لا يقتل منكم عشرة ولا يفلت منهم عشرة ، فاطلبوه فطلبوه فلم يقدروا عليه ثم قال : اطلبوه والله ما كذبت ولا كذبت ، فطلبوه فوجدوه منكباً على وجهه في جدول من تلك الجداول ، فأخذوا برجله فجروه فأتوا به أمير المؤمنين رضي الله عنه فكبر وحمد الله وخر ساجداً ومن معه من المسلمين (٢)

__________________

(١) البطر : التجبر وشدة النشاط.

(٢) فضائل الصحابة ٢ / ٦١٢ ـ تاريخ بغداد ١١ / ١١٨ وفي ١ / ١٧٤ روى جزأ منه مسند احمد ١ / ١١٣ و ١٢١ و ١٢٢ ـ خصائص النسائي / ٣٢٢ ـ كنز العمال ١١ / ٢٩٦ مع اختلاف.

٢٦٤

الفصل السابع عشر

في بيان ما نزل من الآيات في شأنه

٢٤٦ ـ أخبرنا الإمام الأجل شمس الائمة سراج الدين أبو الفرج محمد بن أحمد المكي ـ أدام الله سموه ـ أخبرنا الشيخ الامام الزاهد أبو محمد اسماعيل بن علي بن اسماعيل ، حدثنا السيد الاجل الامام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن علي المؤدب المعروف بالمكفوف بقراءتي عليه ـ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر ، أخبرني الحسين بن محمد بن أبي هريرة ، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا محمد بن الاسود ، عن مروان بن محمد ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله ان منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس ، وان قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقنا رفضونا وآلوا (١) على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يواكلونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا ، فشق ذلك علينا ، فقال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » (٢) ثم ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع ، وبصر بسائل فقال له النبي

____________

(١) آلو : حلفوا واقسموا.

(٢) المائدة : ٥٥.

٢٦٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل أعطاك احد شيئا؟ قال : نعم ، خاتماً من ذهب. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من اعطاك؟ قال : ذلك القائم واومى بيده إلى علي عليه‌السلام ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : على أي حال اعطاك هو؟ قال : اعطاني وهو راكع فكبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قرأ : « ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون » (١) (٢) فانشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك :

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطيء في الهدى ومسارع

ايذهب مدحيك والمحبر ضائعاً

وما المدح في حب الاله بضائع (٣)

فانت الذي اعطيت إذ كنت راكعا

فدتـك نفوس القوم ياخير راكع

فانزل فيك الله خير ولاية

فبينها في محكمات الشرائع (٤)

٢٤٧ ـ وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني اجازة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري ـ رضي الله عنه وارضاه في داره باصبهان في سكة الخوز ـ أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنا أحمد بن محمد بن السري ، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر ، حدثني أبي ، حدثني عمي الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن زياد البزاز ، عن إبراهيم بن مهاجر ، حدثني يزيد بن شراحيل الانصاري ـ كاتب علي عليه‌السلام ـ قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : حدثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانا مسنده إلى صدري فقال : أي علي الم تسمع قول الله

__________________

(١) المائدة : ٥٦.

(٢) تفسير الطبري ٦ / ١٨٦ و ١٨٧.

(٣) في فرائد السمطين في جنب الاله ...

(٤) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ١ / ١٨١ ـ وفرائد السمطين للجويني ١ / ١٨٩ ـ تفسير الدر المنثور ٢ / ٢٩٣ ـ وللمزيد انظر العمدة لابن البطريق من تحقيقنا / ١١٩ إلى ١٢٥.

٢٦٦

تعالى : « ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية » (١) أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الامم للحساب تدعون غراً محجلين (٢).

٢٤٨ ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، حدثنا أبويحيى عبد الرحمان بن سلم الرازي الاصبهاني ، حدثنا يحيى بن حريش ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن عمر ، قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون » فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودخل المسجد والناس يصلون ما بين راكع وقائم ، وإذا سائل ، قال له : يا سائل اعطاك احد شيئاً؟ قال : لا ، الا هذا الراكع لعلي اعطاني خاتما (٣).

٢٤٩ ـ وأنبأني أبو العلاء الحافظ الحسن بن أحمد العطار الهمداني اجازة ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحافظ ، حدثنا محمد بن عمر بن غالب ، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة ، حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) البينة : ٧.

(٢) شواهد التنزيل للحسكاني ٢ / ٣٥٦ ـ تفسير الدر المنثور ٦ / ٣٧٩ وكفاية الطالب / ٢٤٦.

(٤) حديث مشهور وله مصادر كثيرة منها : تفسير الثعلبي المخطوط الورق / ٧٤ ـ مناقب ابن المغازلي / ٣١١ ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي عليه‌السلام ٢ / ٤٠٩.

٢٦٧

وآله : ما أنزل الله آية فيها « يا أيها الذين آمنوا » إلا وعلي رأسها وأميرها (١).

٢٥٠ ـ وأخبرني الشيخ الامام أبو محمد العباس بن محمد بن أبي منصور الغضارى الطوسي ـ فيما كتب إلى من نيسابور ـ أخبرنا القاضي أبو سعيد محمد ابن سعيد بن محمد بن الفرخزادي ، أخبرنا الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد ابن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد الشيباني العدل ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الخوارزمي ـ ابن عم الاحنف بن قيس ـ حدثنا أحمد بن حماد المروزي ، حدثني محبوب بن حميد البصري ـ وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة ـ بن حامد ـ [ حدثني القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : قال الامام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي ، وأخبرنا أيضا عبد الله بن حامد أخبرني ] (٢) أحمد بن عبد الله المزني ، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سهيل بمن علي بن مهران الباهلي بالبصرة ، حدثنا أبو مسعود عبد الرحمان بن فهر بن هلال ، حدثني القاسم بن يحيى ، عن أبي علي العنزي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى : « يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا » (٣) قال : مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه أبو بكر وعمر ، وعادهما عامة العرب ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً ـ وكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء ـ فقال علي عليه‌السلام : إن بريء ولداي مما بهما ، صمت لله ثلاثة أيام شكراً.

وقالت فاطمة : إن برئ ولداى مما بهما ، صمت لله ثلاثة أيام شكراً ،

__________________

(١) حلية الاولياء ١ / ٦٤ ـ شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ١ / ٥١ ـ فضائل الصحابة ٢ / ٦٥٤ ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي عليه‌السلام ٢ / ٤٠٩.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في [ و ].

(٣) الانسان : ٧.

٢٦٨

وقالت جارية يقال لها فضة : إن برأ سيداي مما بهما ، صمت ثلاثة أيام شكراً ، فألبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قليل ولا كثير ، فانطلق علي عليه‌السلام إلى شمعون بن جابا الخيبري ـ وكان يهوديا ـ فاستقرض منه ثلاثة اصوع من شعير.

٢٥١ ـ وفي حديث المزني عن ابن مهران الباهلي : فانطلق علي عليه‌السلام إلى جار له من اليهود يعالج الصوف ، يقال له شمعون بن جابا ، فقال : هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بثلاثة اصوع من شعير؟ قال : نعم ، فأعطاه ، فجاء بالشعير والصوف فاخبر فاطمة عليها‌السلام بذلك فقبلت وأطاعت ، قالوا فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرصا وصلى علي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، اطعموني اطعمكم الله من موائد الجنة ، فسمعه علي رضي الله عنه فبكى فانشأ يقول :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

قد قام بالباب له حنين (١)

يشكو إلى الله ويستكين

يشكو الينا جائعا حزين

كل امرئ بكسبه رهين

وفاعل الخيرات

يستبين موعده جنة عليين

حرمها الله على الضنين

وللبخيل موقف مهين

تهوى به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

فانشأت فاطمة عليها‌السلام تقول :

__________________

(١) حن حنيناً : صوت لا يسما عن طرب أو حزن.

٢٦٩

امرك يابن عم سمع وطاعة

ما بي من لؤم ولا ضراعة

غذيت من خبز له صناعة

اطعمه ولا ابالي الساعة

ارجو إذا اشبعت ذا مجاعة

ان ألحق الاخيار والجماعة

وادخل الخلد ولي شفاعة

قال : فاعطوه الطعام باجمعه ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا الا الماء القراح ، فلما ان كان اليوم الثاني قامت فاطمة عليها‌السلام إلى صاع فطحنته واختبزته ، وصلى علي عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم اتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيم فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، يتيم من اولاد المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة ، اطعموني اطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي عليه‌السلام فانشأ يقول :

فاطم بنت السيد الكريم

بنت نبي ليس بالزنيم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم

قد حرم الخلد على اللئيم

يزل في النار إلى الجحيم

شرابه الصديد (١) والحميم

قال فانشأت فاطمة عليها‌السلام تقول :

اني لأعطيه ولا ابالي

وأوثر الله على عيالي

امسوا جياعاً وهم اشبالي

اصغرهما يقتل في القتال

بكر بلا يقتل باغتيال

للقاتل الويل مع الوبال

تهوى به النار إلى سفال

مصفد اليدين بالاغلال

كبوله زادت على الاكبال (٢)

__________________

(١) الصديد : هو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد ـ لسان العرب.

(٢) الكبول : القيود.

٢٧٠

قال : فاعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا الا الماء القراح ، فلما كان في (١) اليوم الثالث قامت فاطمة عليها‌السلام إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته ، وصلى علي عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم اتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم اسير ، فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا ، اطعموني فاني اسير محمد اطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي عليه‌السلام فانشأ يقول :

فاطم يا بنت النبي أحمد

بنت نبي سيد مسود

هذا اسير للنبي المهتد

مكبلاً في غله مقيد

يشكوا الينا الجوع قد تمرد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

فاطعمي من غير من أنكد

حواست جمع كن

قال فانشأت فاطمة عليها‌السلام تقول :

لم يبق مما جئت غير صاع

قد دميت كفي مع الذراع

ابناي والله من الجياع

ابوهما للخير ذو اصطناع

يصطنع المعروف بابتداع

عبل الذراعين طويل الباع (٢)

وما على رأسي من قناع

إلا قناع نسجه من صاع (٣)

قال فاعطوه ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح ، فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم ، اخذ علي عليه‌السلام بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين عليه‌السلام واقبل نحو رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) كذا في الاصلين ولكن « في » زائدة.

(٢) عبل الذراعين : طويلهما الباع : قد رمد اليدين ، طويل الباع : كريم مقتدر.

(٣) هذا هو الصحيح وفي المخطوط : « نسجه النساع » ومعناه غير واضح وان امكن حمله على معنى صحيح.

٢٧١

وآله وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا أبا الحسن ما اشد ما يسوءني ما أرى بكم؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع ، وغارت عيناها ، فلما رآها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : واغوثاه بالله ، أهل بيت محمد يموتون جوعا! فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد خذ هنأك الله في اهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل؟ فاقرأه « هل أتى على الانسان » إلى قوله : « انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً » إلى آخر السورة.

وزادني ابن مهران الباهلي في هذا الحديث : فوثب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخل على فاطمة ، فلما رأى ما بهم ، انكب عليهم ثم قال : انتم منذ ثلاث فيما ارى وانا غافل عنكم! فهبط جبرئيل بهذه الآيات : « ان الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً »(١) قال : هي عين في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين (٢).

٢٥٢ ـ أخبرنا الشيخ الامام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا الشيخ الامام عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني اجازة ، أخبرنا الشريف أبو طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري في داره باصبهان في سكة الخوز (٣) ، أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك

__________________

(١) الدهر ـ ٦ ـ ٨.

(٢) لاحظ مناقب ابن المغازلي / ٢٧٢ ـ ٢٧٤ ـ اسد الغابة ٥ / ٥٣٠ خالياً عن ذكر الاشعار ـ ورواه الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ / ٢٩٩ عن علي عليه‌السلام أوجز من ذلك.

(٣) سكة الخوز محلة كانت باصبهان ، قال في معجم البلدان ج ٢ ص ٤٩٥ (خوز) والخوزيون محلة باصبهان نزلها قوم من الخوز فنسب إليهم فيقال لها : درخوزيان ...

٢٧٢

الاصبهاني ، حدثنا محمد بن أحمد بن سالم حدثني ابراهيم بن أبي طالب النيشابوري ، حدثنا محمد بن النعمان بن شبل ، حدثنا يحيى بن أبي زوق الهمداني ، عن أبيه ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله تعالى : « ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيما وأسيرا » قال نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه‌السلام وفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ظلا صائمين حتى إذا كان آخر النهار واقترب الافطار قامت فاطمة عليها‌السلام إلى شيء من طحين كان عندها فخبزته قرص ملة (١) وكان عندها نحي (٢) فيه شيء من سمن قليل فأدمت القرصة الملة شيء من السمن ينتظران بها افطارهما ، فأقبل مسكين رافع صوته ينادي : المسكين الجائع المحتاج ، فهتف على بابهم فقال علي عليه‌السلام لفاطمة : عندك شيء تطعمينه هذا المسكين؟ قالت فاطمة : هيأت قرصا وكان في النحي شيء من سمن ، فجعلته فيه انتظر به افطارنا ، فقال لها علي عليه‌السلام آثري به هذا المسكين الجائع المحتاج ، فقامت فاطمة عليها‌السلام بالقرص مأدوماً فدفعته إلى المسكين فجعله المسكين في حضنه وخرج به متوجها من عندهما يأكل من حضن نفسه ، فاقبلت امرأة معها صبي صغير تنادي : اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم ، ولا أحد ، فلما رأت المرأة التي معها اليتيم المسكين يأكل من حضن نفسه ، اقبلت باليتيم فقالت : يا عبد الله اطعم هذا اليتيم المسكين مما أراك تأكل ، فقال لها المسكين : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق ساقه الله تعالى [ إلي ] ، ولكني ادلك على من اطعمني ، فقالت : فأدللني عليه؟ فقال لها : أهل ذلك البيت الذي ترين ، واشار إليه من بعيد فان في ذلك المنزل رجلا وامرأة اطعمانيه ، قالت المرأة : فان الدال على الخير كفاعله ، قال المسكين وإني لارجو أن يطعما يتيمك كما اطعماني ، فأقبلت باليتيم حتى

__________________

(١) الملة : الجمرة والرماد الحارة وخيز الملة الخبز التي يخبز فيها.

(٢) النحي : بكسر النون زق السمن.

٢٧٣

ضربت على علي ونادت : يا أهل المنزل اطعموا اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم ، من فضل ما رزقكم الله ، فقال علي عليه‌السلام لفاطمة : عندك شيء؟ فقال : فضل طحين عندي فجعلته حريرة وليس عندنا غيره ، وقد اقترب الافطار فقال لها علي : آثرى به هذا المسكين اليتيم « وما عند الله خير وابقى » (١) فقامت فاطمة عليها‌السلام بالقدر بما فيه فكبتها في حضن المرأة ، فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم مما في حضنها ، فلم تجز بعيداً حتى اقبل أسير من اسراء المشركين ينادي : الأسير الغريب المسكين الجائع ، فلما نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبي من حضنها ، اقبل إليها فقال : يا أمة الله اطعميني مما اراك تطعمينه هذا الصبي ، قالت المرأة : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق ، رزق الله هذا اليتيم المسكين ، ولكني ادلك على من اطعمني كما دلني عليه سائل قبلك ، قال لها الاسير : وأن الدال على الخير كفاعله ، فقالت له : أهل ذلك المنزل الذي ترى فيه رجلا وامرأة ، اطعما مسكينا سائلا وهذا اليتيم ، فانطلق الاسير إلى باب علي وفاطمة عليهم‌السلام فهتف بأعلى صوته : يا أهل المنزل ، اطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل ما رزقكم الله تعالى ، فقال على لفاطمة : اعندك شيء؟ قالت : ما عندي طحين اصبت فضل تميرات فخلصتهن من النوى وعصرت النحي فقطرته على التمرات ودققت ما كان عندي من فضل الاقط ، فجعلته حيساً (٢) فما فضل عندنا شيء نفطر عليه غيره ، فقال لها علي عليه‌السلام : آثرى به هذا الاسير المسكين ، الغريب ، فقامت فاطمة إلى ذلك الحيس فدفعته إلى الاسير ، وباتا يتضوران على الجوع من غير افطار ، ولا عشاء ولا سحور ، ثم اصبحا صائمين حتى اتاهما الله سبحانه برزقهما عند الليل ، فصبرا

__________________

(١) القصص : ٦٠.

(٢) الحيس : تمر واقط وسمن تخلط وتعجن وتسوى كالثريد ـ المعجم الوسيط.

٢٧٤

على الجوع (١) فنزل في ذلك « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيماً واسيراً » أي على شدة شهوتهم له « مسكيناً » قرص ملة ، « ويتيما » حريرة ، « واسيراً » حيساً ، « انما نطعمكم » يخبر عن ضميرهما « لوجه الله » يقول ارادة ما عند الله من الثواب « لا نريد » ( منكم ) في الدنيا ( جزاء ) يعنى ثوابا « ولا شكوراً » يقول ثناء يثنون به علينا « انا نخاف » يخبر عن ضميرهما « من ربنا يوما عبوساً قمطريراً « قال العبوس : تقبض ما بين العينين من اهواله وخوفه ، والقمطرير : الشديد ، « فوقهم الله شر ذلك » يقول خوف ذلك « اليوم ، ولقيهم نضرة » يقول بهجات الجنة ، « وسروراً » يقول سرهما من قرة العين بالجنة « وجزاهم » يقول واثابهم « بما صبروا » على الجوع حتى آثروا بالطعام لافطارهم اليتيم والمسكين والاسير ، حيساً وحريراً « متكئين فيها على الارائك » الارائك : الأسرة المرمولة (٢) بالدر والياقوت والزبرجد في عليين مضروبة عليها الحجال « لا يرون فيها شمسا » يوذيهم حرها ، « ولا زمهريراً » يقول لا يؤذيهم برده ، و« دانية » قريبة « عليهم ظلالها وذللت [ قطوفها ] » يقول قربت الثمار منهم « تذليلاً » يأكلونها قياما وقعوداً ومتكئين ومستلقين على ظهورهم ، ليس القائم باقدر عليها من المتكى ، وليس المتكى باقدر عليها من المستلقى ، « ويطوف عليهم ولدان » من الوصفاء « مخلدون » قال مسورون باسورة الذهب والفضة ، وقال مخلدون لم يذوقوا طعم الموت قط ، وانما خلقوا خدما لأهل الجنة ، « إذا رأيتهم حسبتهم » من بياضهم وحسنهم « لؤلؤا منثوراً » لكثرتهم ، فشبه بياضهم وحسنهم باللؤلؤ ، وكثرتهم بالمنثور.

المراسيل :

٢٥٣ « قال رضي الله عنه » قوله تعالى : « فاليوم الذين آمنوا من الكفار

__________________

(١) في [ و ] : على غير افطار.

(٢) الاسرة كالاجنة : وزناً : جمع سرير ، والمرمولة : المزينة.

٢٧٥

يضحكون على الارائك ينظرون » (١) قيل نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وغيرهم من مشركي مكة ، كانوا يضحكون من بلال وعمار واصحابهما (٢).

٢٥٤ ـ وقيل ان علي بن أبي طالب عليه‌السلام جاء في نفر من المسلمين إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسخر به المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم قالوا لأصحابهم : رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه فانزل الله هذه الآية قبل ان يصل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) عن مقاتل والكلبي.

٢٥٥ ـ « قال رضي الله عنه » قيل لما نزلت قوله : « قل لا اسئلكم عليه اجراً إلا المودة في القربى » (٤) قالوا هل رأيتم اعجب من هذا يسفه احلامنا ويشتم آلهتنا ويرى قتلنا ويطمع أن نحبه فنزل : « قل ما سئلتكم من أجر فهو لكم » (٥) أي ليس في ذلك اجر لأن منفعة المودة تعود اليكم وهو ثواب الله تعالى ورضاه.

٢٥٦ ـ وروى أبو الأحوص عن أبي اسحاق في قوله تعالى : « وقفوهم انهم مسؤولون » (٦) يعنى عن ولاية علي (٧).

٢٥٧ ـ قوله تعالى : « أم حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون » (٨) قيل : نزلت في قصة بدر في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث لما برزوا لقتال عتبة وشيبة والوليد. ف‍ « الذين آمنوا » حمزة وعلي وعبيدة ، « والذين اجترحوا السيئات » عتبة وشيبة والوليد (٩).

__________________

(١) المطففين : ٣٤ ـ ٣٥.

(٢) روى نظيره الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ / ٣٢٧ في تفسير الآية / ٢٩.

(٣) تفسير الكشاف للزمخشري ٣ / ٣٢٣.

(٤) الشورى : ٢٣.

(٥) سبأ : ٤٧.

(٦) الصافات : ٢٤.

(٧) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ / ١٠٦.

(٨) الجاثية : ٢١.

(٩) نظيره في شواهد التنزيل ٢ / ١٦٨.

٢٧٦

٢٥٨ ـ قوله تعالى : « لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة » (١) نزلت في أهل الحديبية ، قال جابر : كنا يوم الحديبية الفاً واربعمائة فقال لنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنتم اليوم خيار أهل الارض ، فبايعنا تحت الشجرة على الموت فما نكث الاجد بن قيس وكان منافقا ، وأولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب عليه‌السلام لانه قال [ تعالى ] : « وأثابهم فتحاً قريباً » ـ يعنى فتح خيبر ـ وكان ذلك على يد علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٢)

٢٥٩ ـ قال رضي الله عنه : روى السيد أبو طالب باسناده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى : من احبك وتولاك ، اسكنه الله معنا ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر » (٣)

٢٦٠ ـ قوله تعالى : « السابقون السابقون » (٤) ، قيل : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، وقيل : السابقون إلى الطاعة ، وقيل إلى الهجرة ، وقيل إلى الاسلام واجابة الرسول ، وكل ذلك موجود في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٥).

٢٦١ ـ قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة » (٦) قيل سأل الناس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاكثروا ، فامروا بتقديم الصدقة على المناجاة ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام قدم ديناراً فتصدق به ، ثم نزلت رخصة (٧).

__________________

(١) الفتح : ١٨.

(٢) رواه أيضاً الكنجي في كفاية الطالب / ٢٤٧ واورده ابن هشام في السيرة النبوية ٣ / ٣١٥.

(٣) القمر : ٥٤ ـ ٥٥.

(٤) الواقعة : ١٠.

(٥) ورد نظيره في شواهد التنزيل ١ / ٢٥٦.

(٦) المجادلة : ١٢.

(٧) للحديث مصادر كثيرة منها : صحيح الترمذي ٥ / ٤٠٦ ـ خصائص النسائي / ٢٧٦ مناقب ابن

٢٧٧

٢٦٢ ـ وعن علي عليه‌السلام : ان في كتاب الله لآية ، ما عمل بها احد قبلى ولا يعمل بها احد بعدي [ وهي ] « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة » [ عملت بها ] ثم نسخت (١) وقيل عمل بها افاضل الصحابة منهم علي والاول أظهر.

٢٦٣ ـ وعن ابن عمر انه قال : ثلاث لعلي وددت أن تكون لي واحدة منهن كانت أحب الي من حمر النعم : تزويجه فاطمة ، واعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى (٢).

٢٦٤ ـ قوله تعالى : « يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات بيايعنك » (٣) روى الزبير ابن العوام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعو النساء إلى البيعة حين نزلت هذه الآية ، فكانت فاطمة بنت اسد ام علي بن أبي طالب عليه‌السلام أول امرأة بايعت (٤).

٢٦٥ ـ وعن جعفر بن محمد : ان فاطمة بنت أسد أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة إلى المدينة على قدميها ، وكانت ابر الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان الناس يحشرون يوم القيامة عراة فقالت : واسوأتاه ، فقال لها : اني اسأل الله ان يبعثك كاسية ، وسمعته يذكر ضغطة القبر ، فقالت : واضعفاه ، فقال : انى أسأل الله ان يكفيك ذلك.

__________________

المغازلي / ٣٢٥ وما بعدها ـ تفسير الطبري ٢٨ / ١٤.

(١) لهذا الحديث ايضاً مصادر كثيرة منها : تفسير الطبري ٢٨ / ١٤ وتفسير الكشاف ٣ / ٢١٠ والدر المنثور للسيوطي ٦ / ١٨٧.

(٢) الحديث ليس في الاصلين ، ولكن موجود في المطبوع بالنجف.

(٣) الممتحنة : ١٢.

(٤) و (٥) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ١ / ١٤.

٢٧٨

٢٦٦ ـ قال روى أبو صالح ، عن ابن عباس : ان عبد الله بن ابي واصحابه خرجوا فاستقبلهم نفر من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : انظروا كيف أرد ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيد بني هاشم ، خلد (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال علي عليه‌السلام : يا عبد الله اتق الله ولا تنافق ، فان المنافق شر خلق الله فقال : مهلا يا أبا الحسن والله ايماننا كإيمانكم ، ثم تفرقوا ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : كيف رأيتم ما فعلت؟ فأثنوا عليه خيرا ، ونزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزؤن » (٢) فدلت الآية على ايمان علي عليه‌السلام ظاهراً وباطناً ، وعلى قطعه موالاة المنافقين واظهاره عداوتهم والمراد بالشياطين رؤساء الكفار (٣).

٢٦٧ ـ قوله تعالى : « أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه » (٤) قال ابن عباس : هو علي عليه‌السلام شهد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منه (٥).

٢٦٨ ـ قوله [ تعالى ] : « ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً » (٦). قال ابن عباس : هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٧).

٢٦٩ ـ وروى زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي رضي الله عنه قال : لقيني رجل فقال : يا أبا الحسن أما والله انى لأحبك في الله ، فرجعت إلى رسول الله

__________________

(١) الخلد ، بالتحريك : من اسماء النفس ـ لسان العرب ، وخلد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه بحكم آية المباهلة ويؤيده الروايات.

(٢) البقرة : ١٤.

(٣) انظر نظيره في شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ١ / ٧٢.

(٤) هود : ١٧.

(٥) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ١ / ٢٧٥ إلى ٢٨٢.

(٦) مريم : ٩٦.

(٧) شواهد التنزيل ١ / ٦٤ ـ الدر المنثور ٤ / ٢٨٧ ـ مناقب ابن المغازلي / ٣٢٧.

٢٧٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بقول الرجل ، فقال رسول الله : لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفاً؟ قال : فقلت : والله ما اصطنعت إليه معروفاً ، فقال رسول الله : الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق اليك بالمودة ، قال فنزل قوله تعالى : « ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا » (١).

٢٧٠ ـ قال الله تعالى : « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا » (٢) قيل : نزل قوله تعالى : « فمنهم من قضى نحبه » في حمزة وأصحابه ، كانوا عاهدوا الله لا يولون الأدبار ، فجاهدوا مقبلين حتى قتلوا ، [ و ] « ومنهم من ينتظر » علي بن أبي طالب عليه‌السلام مضى على الجهاد ولم يبدل ولم يغير.

الآثار :

٢٧١ ـ أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ زين الائمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرني القاضى الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو سعيد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدى ، أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال حدثنا حماد ـ يعنى ابن سلمة ـ عن الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس : ان الوليد بن عقبة قال لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : أنا ابسط منك لساناً واحد منك سناناً واملا منك حشواً في الكتيبة ، فقال له علي عليه‌السلام : على رسلك ، فانك فاسق ، فانزل الله عزوجل : « افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً لا يستوون » (٣) يعنى عليا [ المؤمن ] والوليد الفاسق (٤)

٢٧٢ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن الفضل

__________________

(١) انظر تفصيل ذلك في شواهد التنزيل ١ / ٣٥٩ ...

(٢) الاحزاب : ٢٣.

(٣) السجدة : ١٨.

(٤) تفسير الطبري ٢١ / ٦٨ ـ تاريخ بغداد ١٣ / ٣٢١ وذكره الزمخشري في الكشاف ٢ / ٥٢٥.

٢٨٠