المناقب

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي

المناقب

المؤلف:

الموفق بن احمد البكري المكي الحنفي الخوارزمي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣

بكر لم تر الشمس إلا خرجت وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلي بين يديه والحسن عن يمينه قابضا بيده ، والحسين عن شماله وفاطمة خلفه ثم قال : هلموا فهؤلاء ابناؤنا الحسن والحسين وهؤلاء أنفسنا لعلي ونفسه وهذه نساؤنا لفاطمة ، قال فجعلوا يستترون بالأساطين ويستتر بعضهم ببعض ، تخوفا أن يبدأهم بالملاعنة ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه ، وقالوا أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم ، قال أقلتكم وصالحوه على الفي حلة (١).

الآثار :

١٩٠ ـ وأخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الحافظ أبو سعيد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين القرشي بن الصباغ بالكوفة ـ بقراءتي عليه ـ حدثنا الحسن ابن محمد السكوني ، حدثنا الحضرمي ، حدثنا محمد بن سعيد المحاربي ، حدثنا حسين الاشقر ، عن قيس ، عن عمار الدهني ، عن سالم قال : قيل لعمر : نراك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : انه مولاي (٢).

١٩١ ـ وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا ظاهر بن محمد بن سمعان الجواليقي ـ بعسكر مكرم (٣) بقراءتي عليه ـ حدثني أبو طاهر عبد الرحمان ، ابن عبد الوارث بن ابراهيم العسكري ، حدثني أبي ، حدثنا عمرو ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن اسماعيل الزبيدي ، عن ابراهيم بن حيان ، عن أبي جعفر

__________________

(١) انظر تفسير الدر المنثور ٢ / ٣٧ وما بعدها ـ وذكره ابن المغازلي في مناقبه / ٢٦٣ باختصار.

(٢) ذكره ابن حجر في صواعقه / ٢٦.

(٣) عسكر مكرم ، بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء : بلدة مشهورة من نواحي خوزستان ـ مراصد الاطلاع.

١٦١

قال : جاء اعرابيان إلى عمر يختصمان ، فقال عمر يا أبا الحسن اقض بينهما ، فقضى علي على أحدهما ، فقال المقضى عليه : يا أمير المؤمنين هذا يقضى بيننا؟ فوثب إليه عمر فأخذ بتلبيبه ثم قال : ويحك ما تدري من هذا ، هذا مولاى ومولى كل مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن (١).

١٩٢ ـ وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الجوهرى ببغداد بقراءتي ، حدثنا محمد بن عمران بن موسى ، حدثنى أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي ، حدثنا ابو العيناء ، حدثنى يعقوب بن إسحاق بن أبي اسرائيل ، قال : نازع عمر بن الخطاب رجل في مسألة ، فقال له عمر : بينى وبينك هذا الجالس ، واومى إلى علي عليه‌السلام ، فقال الرجل : أهذا الهن؟ فنهض عمر عن مجلسه فأخذ بأذنيه حتى اشاله من الأرض وقال : ويلك أتدرى من صغرت؟ مولاى ومولى كل مسلم (٢).

١٩٣ ـ وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه بقراءتي عليه ، وعبد الرحمان بن محمد النجيبي بمصر بقراءتي عليه ، قالا : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الاعرابي ، حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا زافر ، عن الصلت بن بهرام ، عن الشعبي قال : نظر أبو بكر الصديق إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام مقبلا ، فقال : من سره ان ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجوده منه منزلة ، واعظمهم عند الله غناء ، واعظمهم عليه فلينظر إلى علي. فقال علي : لئن هذا لانه ارأف الناس بالناس ، وانه لأوّاه وانه لصاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغار وانه لأعظم غناء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذات يده ، ثم قال علي بن قارم : من

__________________

(١) ذخائر العقبى للمحب الطبري / ٦٨.

(٢) الرياض النضرة ٢ / ١٢٨.

١٦٢

اتاك بخلاف هذا عنهم فلا تقبل منهم. قال عبد الرحمان : ينبئهم وقال فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام (١).

١٩٤ ـ وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مجالد الشروطي بالكوفة بقراءتي عليه ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا محمد بن عمران العجلي الربعي ، حدثنا مسهر بن عبد الملك بن مسلم ، عن أبيه عن عبد خير قال : اجتمع عند عمر جماعة من قريش فيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام فتذاكروا الشرف وعلي عليه‌السلام ساكت فقال عمر : مالك يا أبا الحسن ساكتاً وهو ساكت فكأن علياً عليه‌السلام كره الكلام فقال عمر لتقولن يا أبا الحسن فقال علي :

الله أكرمنا بنصر نبيه

وبنا أعز شرائـع الاسلام

في كل معترك تزيل سيوفنا

فيها الجماجم عن فراخ الهام

ويزورنا جبريل في أبياتنا

بفرائض الإسلام والاحكام

فتكون أول مستحل حله

ومحرم لله كل حرام

نحن الخيار من البرية كلها

ونظامها وزمام كل زمام

إنا لنمنع من أردنا منعـه

ونقيم رأس الاصيد القمقام

وترد عادية الخميس سيوفنا

فالحمد للرحمان ذى الانعام (٢)

وقال السيد الحميري :

يا بايع الدين بدنياه

ليس بهذا أمر الله

من أين أبغضت علي الرضا

وأحمد قد كان يرضاه

__________________

(١) ورد نظيره في تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ / ١٦٢ ونظيره في ج ٣ / ٧٠ وكنز العمال ١٣ / ١١٥.

(٢) تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٣٠٠.

١٦٣

من الذي أحمد من بينهم

يوم غدير الخم ناداه

أقامه من بين أصحابه

وهم حواليه فسماه

هذا علي بن أبي طالـب

مولى لمن قد كنت مولاه

فوال من والاه يا ذا العلى

وعاد من قد كان عاداه

ولبديع الزمان أبي الفضل أحمد بن الحسين الهمداني « ره » :

يا دار منتجع الرسالة

وبيت مختلف الملائك

يابن الفواطم والعواتـك

والترايك والارائك

أنا حائـك ان لم أكن

مولى ولائك وابن حائك

١٦٤

الفصل الخامس عشر

في بيان امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إياه بتبليغ سورة براءة

١٩٥ ـ أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا الباغندي ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، حدثنا عباد ابن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر ببراءة وأمره بان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه علياً ، فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء (١) ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله القصوى ، فخرج أبو بكر فزعاً فظن انه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا علي فدفع إليه كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمره على الموسم ، وأمر علياً أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، فانطلقا فحجا فقام علي أيام التشريق فنادى فقال : ان الله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بريئان من كل مشرك ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر (٢) ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، قال فكان ينادى بهذا فإذا بحّ (٣) قام أبو هريرة فنادى بها (٤)

__________________

(١) الرغاء كغراب : صوت ذوات الخف ، رغا البعير : إذا ضج مجمع البحرين.

(٢) فسيحوا : سيروا آمنين.

(٣) البح بالضم : غلظة بالصوت ـ النهاية.

(٤) صحيح الترمذي ٥ / ٢٧٥ ـ انساب الاشراف ٢ / ١٥٤ ـ مستدرك الصحيحين ٢ / ٥٢.

١٦٥

فهذه الرواية تصرح بان الأمير علي الحاج كان أبا بكر وانما خرج علي عليه‌السلام بقراءة براءة والنداء بهؤلاء الكلمات ـ وعلى هذا أهل المغازي ـ.

١٩٦ ـ وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، حدثنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثني أبو عبد الله ـ وهو أحمد بن حنبل ـ قال : حدثني وكيع ، قال : قال اسرائيل ، قال أبو إسحاق ، عن زيد بن يثيع. عن أبي بكر : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه ببراءة إلى أهل مكة : لا يحج العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله قال : فسار بها ثلاثاً ثم قال لعلي : الحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت ، قال ففعل ، فلما قدم على النبي أبو بكر بكى ، وقال : يا رسول الله احدث في شيء؟ قال لا ، ولكن امرت ان لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني (١).

١٩٧ ـ وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، اخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آبادي ، حدثنا أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد وموسى بن اسماعيل قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن انس بن مالك : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث سورة براءة مع أبي بكر ، ثم ارسل فاخذها فدفعها إلى علي وقال : لا يؤدي عني الا انا أو رجل مني ، من اهل بيتي (٢).

* * *

__________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ / ٦٤٠ ـ مسنده ١ / ٣ ـ تفسير الطبري ١٠ / ٤٦.

(٢) فضائل الصحابة ٢ / ٥٦٢ ـ مسنده ٣ / ٢١٢ مع اختلاف يسير.

١٦٦

الفصل السادس عشر

في بيان محاربته مردة الكفار ومبارزته أبطال المشركين

والناكثين والقاسطين والمارقين وبيان ما جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

في حيازته من الفضائل بذلك وهي أربعة فصول :

الفصل الأول

في بيان محاربة الكفار

١٩٨ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا علي بن أحمد ابن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن حارثة ، عن علي في قصة بدر ، قال : فنزل عتبة واتبعه أخوه شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فقال : من يبارز؟ فانتدب له شاب من الأنصار فقال : لا حاجة لنا في قتالكم ، إنا نريد بني عمنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قم يا علي ، قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، فقتل حمزة عتبة ، وقال علي : عمدت إلى شيبة فقتلته ، واختلف الوليد وعبيدة ضربتين فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، قال : فملنا على الوليد فقتلناه واسرنا منهم سبعين وقتلنا منهم سبعين (١).

__________________

(١) سنن البيهقي ٣ / ٢٧٦ ـ مستدرك الصحيحين ٢ / ٣٨٥.

١٦٧

١٩٩ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا علي بن حماد ، حدثنا محمد بن المغيرة ، حدثنا القاسم بن الحكم ، حدثنا مسعر ، عن الحكم بن عتيبة عن عيينة ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دفع الراية إلى علي يوم بدر وهو ابن عشرين سنة (١).

٢٠٠ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك بن نصر الاموي ببخارى ، حدثنا أبو أيوب سليمان بن أحمد بن يحيى الثغرى بحمص ، حدثنا أبو عمارة محمد ابن أحمد بن يزيد بن المهتدى ، حدثنا عبد الجبار بن عبد الله ، حدثنا سليمان ابن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر : هذا رضوان ملك من ملائكة الله ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (٢).

٢٠١ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله بن الحسين الغضائري ببغداد ، حدثنا أبو جعفر الرزاز ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، حدثنا يونس بن بكير ، عن المسيب بن مسلم الازدي ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، فلما نزل خيبر اخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، وأن أبا بكر أخذ راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم

__________________

(١) للحديث مصادر كثيرة منها : مستدرك الصحيحين ٣ / ١١١ ـ مناقب ابن المغازلي / ٣٦٦ و ٤٣٤ الاغاني لابي الفرج الاصفهاني ٤ / ١٧٥ ـ وليس فيه « ابن عشرين » ورواه أحمد في فضائل الصحابة ٢ / ٦٥٠ مع اختلاف يسير.

(٢) مناقب ابن المغازلي / ١٩٨ ـ ذخائر العقبى / ٧٤.

١٦٨

نهض فقاتل قتالاً شديداً ، ثم رجع ، فاخذها عمر فقاتل قتالا هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فاخبر بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأعطينها غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة ، وليس ثم علي ، فتطاولت لها قريش ورجا كل واحد منهم ان يكون صاحب ذلك ، فاصبح وجاء علي على بعير له حتى اناخ (١) قريباً وهو ارمد قد عصب عينه بشقة برد قطرى (٢) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مالك؟ قال رمدت بعدك ، فقال ادن منى ، فتفل في عينه فما وجعها حتى مضى لسبيله ، ثم اعطاه الراية فنهض بالراية معه وعليه جبة ارجوان حمراء ، قد أخرج خملها فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مظهر (٣) يمانى ، وحجر وقد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول :

قد علمت خيبر أنى مرحب

شاكى السلاح بطل مجرب

إذا الليوث اقبلـت تلهب

واحجمت عن صولة المغلب

قال علي عليه‌السلام :

انا الذي سمتنى امي حيدرة

هزبر غابات شديد القسورة

أكيلكم (٤) بالسيف كيل السندرة (٥)

فاختلفا ضربتين فضربه علي فقد الحجر والمغفر ورأسه ، حتى وقع في

__________________

(١) اناخ الجمل : ابركه ، برك البعير : ناخ في موضع فلزمه ـ مجمع البحرين.

(٢) البرود القطرية : حمر لها اعلام فيها بعض الخشونة ـ لسان العرب.

(٣) الخمل : الهدب ، والهدب طرف الثوب الذي لم ينسج ـ المظهر : القوى الظهر.

(٤) في [ ر ] اكيلهم.

(٥) السندرة : مكيال واسع أي اقتلكم قتلاً واسعاً ذريعاً.

١٦٩

الاضراس وأخذ المدينة (١).

٢٠٢ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين البيهقي هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنى أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن اسحاق قال : وخرج عمرو بن عبد ود فنادى : من يبارز؟ فقام علي فقال : انا لها يا نبي الله ، فقال : انه عمرو ، اجلس ، ونادى عمرو : ألا رجل وهو يؤنبهم ويقول : اين جنتكم التى تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ، أفلا تبرزون الي رجلاً؟ فقام علي فقال : يا رسول الله انا ، فقال : انه عمرو ، قال : وان كان عمراً ، فاذن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فمشى إليه حتى أتاه وهو يقول :

لا تعجلـن فلقد اتا

ك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة

والصدق منجا كل فائـز

إني لارجو ان اقيم

عليك نائحة الجنائـز

من ضربة نجلاء يبقى

ذكرها عند الهزاهـز

فقال له عمرو : من أنت؟ قال : أنا علي ، قال ابن عبد مناف؟ قال أنا علي بن أبي طالب ، قال : غيرك يابن أخي من أعمامك ، فانى اكره ان اهريق دمك ، فقال علي : لكني والله ما اكره أن اهريق دمك ، فغضب ونزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا ، واستقبله على بدرقته (٢) فضربه عمرو في الدرقة ، فقدها وأثبت فيها السيف ، وأصاب رأسه فشجه وضربه علي على حبل العاتق فسقط وثار العجاج ، وسمع رسول الله

__________________

(١) للحديث مصادر كثيرة منها : مناقب ابن المغازلي / ١٧٦ مسند أحمد ١ / ١٩٩ ـ فضائل الصحابة له ٢ / ٥٦٤ ـ الطبقات لابن سعد ٢ / ١١٠ ـ مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٨.

(٢) الدرقة جمع درق : الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب.

١٧٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله التكبير ، فعرف أن عليا قد قتله ، ثم اقبل علي نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووجهه يتهلل (١).

٢٠٣ ـ وأخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، حدثنا أبو حاتم محمد ابن عبد الواحد بن محمد الخزاعي املاء لفظا ، أخبرني أبو محمد ابراهيم بن محمد بن أسد بن عبد الملك السروي الحافظ ، حدثنا صالح بن أحمد بن يونس الهروي ، حدثنى علي بن أحمد بن عبد الرحمان الدمشقي ، حدثنا ضمرة ابن ربيعة ، عن مالك بن أنس ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، يفتح الله عليه ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فبات المسلمون كلهم يستشرفون لذلك ، فلما أصبح قال : أين علي بن أبي طالب؟ قالوا : أرمد العين ، قال : ائتونى به فاتى به فلما أتاه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادن مني فدنا منه ، فتفل في عينيه ومسحهما بيده ، فقام علي بن أبي طالب عليه‌السلام من بين يديه وكأنه لم يرمد (٢).

٢٠٤ ـ وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا أبي شيرويه ، أخبرنا

__________________

(١) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٢ ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ / ١٦٩ ـ ح / ٢١٧.

(٢) الحديث رواه عدة من الحفاظ منها : أبو نعيم في حلية الاولياء ١ / ٦٥ ـ ابن سعد في الطبقات ٢ / ١١١ ـ الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٥.

١٧١

أبو الفضل ، أخبرنا أبو علي ، أخبرنا أحمد بن نصر ، حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن ابن عباس قال : لما قتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام عمرو بن عبد ود ، دخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيفه يقطر دماً ، فلما رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كبر ، فكبر المسلمون ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم اعط عليا فضيلة لم تعطها أحداً قبله ، ولا تعطيها أحداً بعده ، فهبط جبرئيل ومعه اترجة من الجنة ، فقال له : ان الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول لك حى بهذه علي بن أبي طالب ، فدفعها إليه فانفلقت في يده فلقتين ، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة : تحية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب (١).

الآثار :

٢٠٥ ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرني والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت أحمد بن عبد الجبار العطاردي يقول : سمعت يحيى بن آدم يقول : ما شبهت قتل علي عمراً إلا بقول الله عزوجل (٢) : « فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت » (٣).

٢٠٦ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله

__________________

(١) كتاب مائة منقبة لابن شاذان / ١٢٧ ح / ٦٢ مع اختلاف في ذيل الحديث ورواه أيضا الكنجي في كفاية الطالب / ٧٧.

(٢) البقرة : ٢٥١.

(٣) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٤.

١٧٢

الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع ـ مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برايته ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود ، فطرح ترسه من يده فتناول علي باب الحصن فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم القاه من يده فلقد رأيتنى في نفر من سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب ما استطعنا ان نقلبه (١).

٢٠٧ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، اخبرنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا ابراهيم بن اسماعيل الشوطي ، حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن ليث ، عن أبي جعفر ، عن جابر بن عبد الله قال : حمل علي عليه‌السلام باب خيبر يومئذ فجرب بعده فلم يحمله إلا أربعون رجلا (٢).

٢٠٨ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق بن يسار قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام حين ناول فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السيف :

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست ب رعديد ولا بلئيم

لعمري لقد اعذرت عن نصر أحمد

ومرضاة رب بالعباد رحيم

__________________

(١) الحديث رواه أحمد في المسند ٦ / ٨ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٦١.

(٢) تاريخ بغداد ١١ / ٣٤٢ وفيه جربوه .. كنز العمال ١٣ / ١٣٦ مع اختلاف يسير ورواه أيضاً الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٦١.

١٧٣

قال ابن اسحاق : وسمع في ذلك اليوم ، وهاجت ريح شديدة فسمع مناد ينادي ؛ يقول :

لا سيف إلا ذو الفقار

ولا فتى إلا علي

فاذا ندبتم هالكا

فابكوا الوفى اخا الوفى (١)

٢٠٩ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن أبي قيس بن عباد القيسي قال : سمعت أبا ذر يقسم قسما ان هذه الآية : « هذان خصمان اختصموا في ربهم » (٢) نزلت في الذين برزوا يوم بدر الثلاثة : والثلاثة حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة والوليد (٣) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث هشيم.

٢١٠ ـ وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، حدثنا أحمد بن كامل بن خالد بن كامل القاضي ، حدثنا العباس بن حمد ، حدثنا سعيد بن يحيى بن الازهر ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن مازن العابدي قال : قال علي ابن أبي طالب : ما وحدت من قتال القوم بداً أو الكفر بما انزل الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ١٠٠ مع اختلاف تاريخ الطبري ٢ / ٢١١ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٥٢.

(٢) الحج : ١٩.

(٣) حديث مشهور رواه الحفاظ الاثبات منها : البخاري في صحيحه ٥ / ٩٥ ـ كتاب المغازلي وكتابا لتفسير [ سورة الحج : ١٩ ـ ٢١ ] ـ مسلم في صحيحة كتاب التفسير ٨ / ٢٤٦ وابن المغازلي في مناقبه / ٢٦٤ والحاكم في مستدركه ٢ / ٣٨٦.

(٤) رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢٢٠ وفيه : عن ابن نباته ـ انساب الاشراف للبلاذرى ٢ / ٢٣٦ عن طارق بن شهاب.

١٧٤

وللسيد الحميري :

وعلي يوم بدر عممت

كفه السيف وليداً فانعفر

ذاك يرويه سليمان لنا

صدق الاعمش في ذاك وبر

وحد الله ولم يشرك به

وقريش أهل عود وحجر

وللصاحب كافي الكفاة :

من كمولانا علي

والوغى تحمي لظاها

من يصيد الصيد فيها

بالضبا حين انتضاها

انتضاها ثم امضاها

عليهم فارتضاها

من له في كل يوم

وقعات لا تضاهي

كم وكم حرب عقام (١)

سد بالصمصام فاها

اذكرا افعال بدر

لست ابغى ما سواها

اذكرا غـزوة احد

انه شمس ضحاها

اذكرا حرب حنين

إنه بدر دجاها

واذكرا الاحزاب تعلم

إنه ليث شراها (٢)

واذكرا أمر براءة

واصدقاني من تلاها

واذكرا مهجة عمرو

كيف أقناها تجاها

واذكرا من زوج الـز

هراء كيما يتباهى

واذكرا بكرة طير

فلقد طار نباها

واذكرا لي قلل العلم

ومن حل ذراها

حاله حالة هارون

لموسى فافهماها

أعلى حب على لا

مني القوم سفاها

__________________

(١) حرب عقام : شديدة لا يلوى فيها احد على احد يكثر فيها القتل ويبقى النساء أيامي ـ لسان العرب.

(٢) الشرى : تقدم معناه.

١٧٥

اهملوا قرباه جهلا

وتخطوا مقتضاها

ردت الشمس عليه

بعد ما غاب سناها

أول الناس صلاة

جعل التقوى حلاها


الفصل الثاني

في بيان قتال أهل الجمل وهم الناكثون

٢١١ ـ أخبرني الشيخ الامام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله ابن الحسن الهمداني ـ المعروف بالمروزي فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان ـ فيما اذن لي في الرواية عنه ـ أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني ـ سنة ثلاث وسبعين واربعمائة ـ أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني حدثنا وقال أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ، وأخبرنا بهذا الحديث عالياً الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني في كتابه إلى من اصفهان ـ سنة ثمان وثمانين واربعمائة ـ عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، أخبرنا شهاب بن عباد ، حدثنى جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد قال : ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام ما يلقى من بعده ، قال : فبكى وقال : أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي الا دعوت الله لي ان يقبضني الله ، قال يا علي تسألني ان ادعو الله لأجل مؤجل ، قال : فقال : يارسول الله على ما اقاتل القوم؟ قال : على الاحداث في الدين.

٢١٢ ـ وبهذا الاسناد عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا عثمان بن

١٧٦

محمد ، حدثنا يونس بن أبي يعقوب ، حدثنا حماد بن عبد الرحمان الانصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن علي عليه‌السلام قال : عهد إلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ان اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقيل له : يا أمير المؤمنين من الناكثون؟ قال : الناكثون اصحاب الجمل ، والمارقون الخوارج ، والقاسطون أهل الشام (١)

٢١٣ ـ وبهذا الأسناد عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن أحمد البرزاز ، حدثنا جدى محمد بن الخطاب ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهنى ، عن سالم بن أبي الجعد قال : ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خروج بعض امهات المؤمنين ، فضحكت عايشة فقال : انظري يا حميرا لا تكونين هي ، ثم التفت إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أبا الحسن ان وليت من امرها [ شيئاً ] فارفق بها (٢).

٢١٤ ـ وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنا محمد بن الحسين الدقاق البغدادي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا إبراهيم بن الحسن التغلبي ، حدثنا يحيى بن يعلى ، حدثنا عمر بن يزيد ، حدثنا عبد الله بن حنظلة ، حدثنى شهر بن حوشب قال : كنت عند ام سلمة « رض » فسلم رجل ، فقيل من أنت؟ قال : أنا أبو ثابت مولى أبي ذر ، قالت : مرحباً بأبي ثابت ، أدخل فدخل فرحبت به فقالت : اين طار قلبك حين طارت القلوب مطايرها ، قال مع علي بن

__________________

(١) اسد الغابة لابن اثير الجزري : ٤ / ٣٣.

(٢) مستدرك الصحيحين ٣ / ١١٩.

١٧٧

أبي طالب عليه‌السلام ، قالت وفقت والذي نفس ام سلمة بيده لسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ولقد بعثت إبنى عمر ، وابن أخى عبد الله ـ أبي امية ـ وأمرتهما ان يقاتلا مع علي من قاتله ولولا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله امرنا أن نقر في حجالنا أو في بيوتنا ، لخرجت حتى أقف في صف علي (١).

٢١٥ ـ وأخبرني أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي هذا ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا عبدوس هذا كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنى محمد بن عبد الله بن الحسين ، حدثنا علي بن الحسين بن اسماعيل ، حدثنا محمد بن الوليد العقيلي ، حدثنى قثم بن أبي قتادة الحراني ، حدثنا وكيع ، عن خالد النواء ، عن الأصبغ بن نباتة قال : لما ان اصيب زيد بن صوحان يوم الجمل ، أتاه علي وبه رمق ، فوقف عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فهو لما به فقال : رحمك الله يا زيد ، فوالله ما عرفناك إلا خفيف المؤنة ، كثير المعونة ، قال : فرفع إليه رأسه فقال وأنت ، يرحمك الله ، فوالله ما عرفتك إلا بالله عالما ، وبآياته عارفا ، والله ما قاتلت معك من جهل ولكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : علي أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ألا وان الحق معه ، ألا وان الحق معه يتبعه ، ألا فميلوا معه (٢).

٢١٦ ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي

__________________

(١) نظيره في مستدرك الصحيحين ٣ / ١١٩ و ١٢٤ ـ ورواه أيضا الجويني / في فرائد السمطين ١ / ١٧٧.

(٢) رواه الكشي في رجاله / ٦٣ ـ انساب الاشراف ٢ / ١٦٣ مع اختلاف في المتن.

١٧٨

الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري ، حدثنا عبيدالله بن موسى ، حدثنا ابو ميمونة ، عن أبي بشير الشيباني قال : لما قتل عثمان ، اختلف الناس في علي يقولون له : نبايعك ومعهم طلحة والزبير والمهاجرون والانصار ، فقال لا حاجة لى في الإمرة ، انظروا إلى من تختارون اكون معكم ، قال فاختلفوا إليه أربعين ليلة ، فابوا عليه إلا أن يكون يفعل ، وقالوا نحن منذ أربعين ليلة ليس أحد يأخذ على سفيهنا ، قال على : اصلى بكم ويكون مفتاح بيت المال بيدي وليس أمرى دونكم ، أترضون بهذا؟ قالوا نعم ، قال وليس أن أعطى أحداً درهماً دونكم؟ قالوا : نعم ، يقول ذلك لهم ثلاثة أيام ، قالوا نعم ، فقعد على المنبر وبايعه الناس قال فنزل واعطى كل ذي حق حقه ، وسكن الناس وهدؤا قال فلم يكن إلا يسيراً حتى دخل عليه طلحة والزبير فقالا. يا أمير المؤمنين ان أرضنا أرض شديدة ، وعيالنا كثير. ونفقتنا كثيرة ، قال : الم أقل لكم اني لا أعطى أحدا دون أحد؟ قالوا بلى قال فأتوا باصحابكم فان رضوا بذلك أعطيتكم وإلا لم أعطكم دونهم ، ولو كان عندي شيء اعطيتكم من الذي لي لو انتظرتم حتى يخرج عطائي أعطيتكم من عطائي قالوا ما نريد من الذي لك شيئاً ، وخرجا من عنده فلم يلبثا إلا قليلاً حتى دخلوا عليه فقالوا ائذن لنا في العمرة؟ قال : ما تريدون العمرة ولكن تريدون الغدرة ، قالوا كلا قال قد اذنت لكما ، اذهبا ، قال فخرجوا حتى أتوا مكة وكانت ام سلمة وعائشة بمكة فدخلوا على ام سلمة فقالوا لها وشكوا إليها فوقعت فيهما وقالت انتم تريدون الفتنة ونهتهم عن ذلك نهياً شديداً ، قال فخرجوا من عندها حتى أتوا عائشة فقالوا لها مثل ذلك ، وقالوا نريد أن تخرجي معنا نقاتل هذا الرجل قالت نعم.

١٧٩

قال فكتب أمير مكة إلى علي : أن طلحة والزبير جاءا فاخرجا عائشة ، ما ندري أين خرجوا بها (١) فصعد المنبر فدعا الناس فقال : انا كنت أعلم بكم فأبيتم ، قالوا وما ذاك؟ قال : ان طلحة والزبير أتياني فذكرا حالهما ، فقلت : ليس عندي شيء ، فاستأذناني في العمرة ، فقد أخرجا عائشة إلى البصرة تقاتلكم ، قالوا : نحن معك فمرنا بامرك ، قال : ان هؤلاء يجتمعون عليكم وارضكم شديدة ، سيروا أنتم إليهم ، وكتب إلى أمير الكوفة : يستنفر الناس قال : فاجتمعوا بالبصرة فقال علي : من ياخذ المصحف ثم يقول لهم ماذا تنقمون ، تريقون دماءنا ودمائكم؟ فقال رجل : انا يا أمير المؤمنين ، قال : انك مقتول ، قال : لا ابالي ، قال : خذ المصحف قال : فذهب إليهم فقتلوه ، ثم قال من الغد مثل ما قال بالامس ، فقال رجل : انا ، قال : انك مقتول كما قتل صاحبك بالامس ، قال : لا ابالى ، قال فذهب فقتل ، ثم قتل آخر كل يوم واحد فقال علي : قد حل لكم قتالهم الآن ، قال فبرز هؤلاء وهؤلاء فاقتتلوا قتالاً شديداً ، قال وقتل طلحة في المعركة وانهزم أصحاب الجمل ، قال وعايشة واقفة على بعيرها ليس عندها أحد ، فقال علي لمحمد بن أبي بكر : خذ بزمام بعير اختك ، فأتاها فقالت : من أنت؟ قال ابنك (٢) ، قالت كلا ، قال بلى ولو كرهت ، قال وقد كان علي عليه‌السلام قبل ذلك قال أين الزبير؟ قالوا هوذا واقف ، فأرسل إليه رسولا : ادن منى حتى أخبرك ، قال وهو في السلاح قال وعلي قباطان وبرنس وسيف وقلنسوة ، فقال له الحسن : يا أمير المؤمنين ذاك في السلاح وليس عليك إلا ما أرى ، قال له علي : أنته عني ، قال فدنا كل واحد منهما من الآخر حتى اختلفت رؤوس دابتيهما ، فقال له علي : تذكر يوم كنت أنا وأنت في مكان كذا وكذا ، فمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : لتقاتلن هذا وأنت ظالم له؟ قال له الزبير : ذكرتني ما قد

__________________

(١) الامامة والسياسة ١ / ٦٢.

(٢) مراده ان عائشة ام المؤمنين.

١٨٠