الإمام على عليه السلام في آراء الخلفاء

الشيخ مهدي فقيه إيماني

الإمام على عليه السلام في آراء الخلفاء

المؤلف:

الشيخ مهدي فقيه إيماني


المترجم: يحيى كمالي البحراني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6289-50-9
الصفحات: ٢٢٣

قال الرجل : أعطني لا شئ.

فاخرجه الى الصحراء وأراه السراب ، فقال عليه السلام : ذلك لا شئ ، ثم قال عليه السلام : اذهب فخبره.

قال الرجل : وكيف؟

قال عليه السلام : أما سمعت بقول الله تعالى : (كسراب بقيعة يحسبه الضمان ماءا حتى إذا جاء لم يجده شيئا) (١). (٢)

١١ ـ معاوية يعترف باعلمية علي عليه اسلام ويرجع إليه في حل مسالة

أخرج العلامة الحافظ المتقي الهندي باسناده عن أبي الوضين قال : إن رجلا تزوج إلى رجل من أهل الشام ابنة له ابنة مهيرة ، فزوجه وزف إليه ابنة له اخرى بنت فتاة فسألها الرجل بعد ما دخل بها : ابنة من أنت؟ فقالت : ابنة فلانة تعني الفتاة ، فقال : إنما تزوجت إلى أبيك ابنة المهيرة. فارتفعوا إلى معاوية بن أبي سفيان فقال : امرأة بامرأة. وسال من حوله من أهل الشام. فقالوا : إمرأة بامرأة.

فقال الرجل لمعاوية : ارفعنا إلى علي بن أبي طالب.

فقال : اذهبوا إليه ، فاتوا عليا. فرفع علي عليه السلام شيئا من الارض وقال : القضاء في هذا ايسر من هذا ، لهذه ما سقت إليها بما استحللت من فرجها ، وعلى أبيها أن يجهز الاخرى بما سقت إلى هذه ولا تقربها حتى تنقضي عدة هذه الاخرى.

قال أبو الوضين : وأحسب انه عليه السلام جلد أباها أو أراد أن يجلده (٣).

__________________

(١) النور : ٣٩.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب السروي ٢ : ٣٨٢.

(٣) كنز العمال ٥ : ٨٣٦ ح ١٤٥١٣ خرجه عن ابن أبي شيبة ، المناقب للسروي ٢ : ٣٧٦.

١٦١

١٢ ـ معاوية يسال عليا عليه السلام عن حكم مسالة في النكاح

أخرج الامام مالك والشافعي وسعيد بن منصور بن شعبة المروزي وعبد الرزاق والبيهقي باسنادهم جميعا عن سعيد بن المسيب قال : إن رجلا من أهل الشام يقال له ابن خيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلهما معا ، فاشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه ، فكتب إلى أبي موسى الاشعري يسال له علي بن أبي طالب عليه السلام عن ذلك.

فسال أبو موسى عن ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال له علي عليه السلام : إن هذا الشئ ما هو بارضي ، عزمت عليك لتخبرني.

فقال له أبو موسى : كتب إلي معاوية بن أبي سفيان أن أسالك عن ذلك.

فقال علي عليه السلام : أنا أبو الحسن القرم (١) إن لم يات باربعة شهداء فليعط برمته (٢).

قال ابن شهر اشوب : إن كان الزاني محصنا فلا شئ على قاتله لانه قتل من يجب عليه القتل (٣).

١٣ ـ معاوية يعترف : علم علي عليه السلام أجمع العلوم وأحكمها

بعث جواسيس معاوية إليه نبا انتصاب مالك الاشتر واليا على مصر من قبل

__________________

(١) القرم : قال ابن الاثير في النهاية ٤ : ٤٩ مادة قرم : القرم أي المقدم في الرأي.

(٢) الموطا ٢ : ٧٣٨ كتاب الاقضية باب «١٩» باب القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلا ح ١٨ ، مسند الشافعي ٢ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ، كتاب الجنائز والحدود ، السنن الكبرى ٨ : ٢٣٠ ، وج ١٠ : ١٤٧ ، كنز العمال ١٥ : ٨٣ ـ ٨٤ ح ٤٠١٩٨ أخرجه عن الشافعي ، وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي. تيسير الوصول ٤ : ٨٦ باب من قتل زانيا بغير بينة ح ١ ، السيرة الحلبية ٣ : ١٤٩.

(٣) المناقب لابن شهر آشوب ٢ : ٤١.

١٦٢

أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام ، فبعث معاوية إلى رجل من أهل الخراج في القلزم يثق به وقال له : إن الاشتر قد ولي مصر فان كفيتنيه ـ وقضيت عليه ـ لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت فاحتل في هلاكه ما قدرت عليه.

فاحتال هذا القلزمي في أن تظاهر له بحب علي عليه السلام وأتاه بطعام حتى إذا طعم سقاة شربة عسل قد جعل فيها سما ، فلما شربها مات. فسلبوا منه كتاب أمير المؤمنين علي عليه السلام إليه ـ الذي يعد دستورا وقانونا في الادارة والحكومة والسياسة الاسلامية المعروف بعهد مالك الاشتر ـ وأرسلوه إلى معاوية.

فجعل معاوية ينظر فيه بدقة وتمعن فتعجب من احتوائه على شتى الاصول الادارية وشموله أرفع القيم وأتقنها ، فتحير معجبا بما رآه في ذلك العهد وعزم على أن يحتفظ به.

فقال الوليد بن عقبة ـ وهو عند معاوية آنذاك وقد رأى إعجابه به : مر بهذه الاحاديث أن تحرق.

فقال له معاوية : مه ، لا رأي لك.

فقال الوليد : أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب عندك تتعلم منها؟

قال معاوية : ويحك!! أتأمرني أن أحرق علما مثل هذا! والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم.

فقال الوليد : إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله؟

فقال : لو لا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لاخذنا عنه ، ثم سكت هنيهة ، ثم نظر إلى جلسائه فقال : دعوني أنظر فيه لاني ما سمعت أحكم منه وأتقن وفيه آداب

١٦٣

الحكم والقضاء والسياسة (١).

أقول : لقد حان الاوان لشيعة آل أبي سفيان أن يتاملوا قليلا في اعتراف خليفتهم ورأيه في اصول القوانين في الحكم الاسلامي الذي كتبه أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى واله على مصر مالك الاشتر الذي كلف بتطبيق هذه المنشور القويم في تلك الولاية وكذا يتدبر هؤلاء في كيفية تخطيط معاوية لقتل مالك الاشتر ، حتى يعرفوا عليا عليه السلام وخصائصه العلمية ومؤهلاته الجامعة في أولويته على غيره في مسالة الخلافة ـ ويطلعوا أكثر على جرائم معاوية وانحرافاته الاعتقادية والعلمية.

١٤ ـ معاوية يعترف : ذهب الفقه والعلم بموت علي عليه السلام

أخرج المؤرخ ابن عبد البر القرطبي : كان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسال له علي بن أبي طالب عليه السلام عن ذلك ، فلما بلغه قتله قال : ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب.

فقال له أخوه عتبة : لا يسمع هذا منك أهل الشام.

فقال له : دعني عنك. (٢)

١٥ ـ معاوية يعترف : علي عليه السلام هو الشجاع المطرق

قال ابن أبي الحديد : لما دعا الامام علي عليه السلام معاوية في صفين إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما ، قال له عمرو : لقد أنصفك.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٦ : ٧٤ ـ ٧٥.

(٢) الاستيعاب ٣ : ١١٠٨ ، الفتوحات الاسلامية ٢ : ٤٥٣ ، فتح الملك العلي للغماري : ٤٤ ، الشرف المؤبد : ٩٥.

١٦٤

فقال معاوية : ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم!! أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق؟! أراك طمعت في أمارة الشام بعدي (١).

١٦ ـ معاوية يسال عليا عليه السلام في مسالة الخنثى

أخرج العلامة المتقي الهندي عن الحافظ سعيد بن منصور باسناده عن الشعبي قال : قال أمير المؤمنين علي عليه السلام : الحمد لله الذي جعل عدونا يسالنا عما نزل به من أمر دينه ، إن معاوية كتب إلي يسالني عن الخنثى.

فكتبت إليه : أن ورثه من قبل مباله (٢).

١٧ ـ معاوية يعترف : ماتت الفضائل بموت علي عليه السلام

أخرج العلامة ابن عساكر الدمشقي بطرق ثلاثة ، وكذا روى غيره بطرق اخرى : انه لما جاء نعي علي عليه السلام إلى معاوية ، استرجع ، وكان قابلا مع امرأته فاختة بنت قرظة نصف النهار في يوم صائف ، فقعد باكيا وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ماذا فقدوا من العلم؟

فقالت له امرأته : تسترجع عليه اليوم وتبكي وأنت تطعن عليه بالامس!

فقال : ويحك لا تدرين ما ذهب من علمه وفضله وسوابقه؟ وما فقد الناس من حلمه وعلمه (٣).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٠ و ٥ : ٢١٧ ، محاضرات الادباء للجاحظ ١ : ١٣١.

(٢) كنز العمال ١١ : ٨٣ ح ٣٠٧٠١.

(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ : ٥٨٣ ، المناقب للخوارزمي : ٣٩١ فصل «٢٦» ح ٤٠٨ ، فرائد السمطين ١ : ٣٧٢ ـ ٣٧٣ باب «٦٨» ح ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، نظم درر السمطين : ١٣٤.

وقال المحمودي معلقا على هذه الرواية : وغير خفي على ذوي الدراية والفطانة ان ما تضمنه الحديث وما بسياقه مخالف لجبلة معاوية ، مباين لما كان استقر عليه عمل ابن هند من محادة أولياء الله ، وسعيه في استئصالهم بكل حيلة ومكر وغدر. نعم الملائم لسيرة

١٦٥

١٨ ـ معاوية يترحم على علي عليه السلام ويعترف : عقمت الامهات أن يلدن مثله

روى العلامة الزمخشري : سال معاوية عقيلا عن قصة الحديدة المحماة.

فبكى عقيل وقال : أنا احدثك ـ يا معاوية ـ عنه ، ثم احدثك عما سالت.

نزل بالحسين عليه السلام ابنه ضيف فاستسلف درهما اشترى به خبزا ، واحتاج إلى الادام ، فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقا من زقاق العسل جاءتهم من اليمن ، فاخذ منه رطلا ، فلما طلبها علي عليه السلام ليقسمها قال : يا قنبر ، أظن أنه حدث بهذا الزق حدث ، فاخبره.

فغضب عليه السلام وقال : علي بالحسين ، فرفع عليه الدرة.

فقال الحسين عليه السلام : بحق عمي جعفر ـ وكان علي عليه السلام إذا سئل بحق جعفر سكن ـ.

فقال له : فداك أبوك ، وإن كان لك فيه حق ، فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم! أما لو لا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يقبل ثنيتك لاوجعتك ضربا.

__________________

معاوية وما انعقد عليه ضميره هو ما ذكره الخوئي في منهاج البراعة ٩ : ١٢٧ : ولما بلغ إلى معاوية نعي أمير المؤمنين فرح فرحا شديدا وقال : إن الاسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه. ثم قال :

قل للارانب ترعى أينما سرحت

وللضباء بلا خوف ولا وجل

وقال الراغب في المحاضرات عن شريك : والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال : يا جارية ، غنيني فاليوم قرت عيني! فانشات تقول :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

فلا قرت عيون الشامتينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طرا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطاريا

وأفضلهم ومن ركب السفينا

 (المعرب)

١٦٦

ثم دفع إلى قنبر درهما كان مصرورا في ردائه وقال : اشتر به خير عسل تقدر عليه.

قال عقيل : والله لكاني أنظر إلى يدي علي عليه السلام وهي على فم الزق ، وقنبر يقلب العسل فيه ، ثم شده وجعل يبكي ويقول : اللهم اغفر لحسين فانه لم يعلم!!

فقال معاوية : ذكرت من لا ينكر فضله ، رحم الله أبا حسن ، فلقد سبق من كان قبله ، وأعجز من ياتي بعده! هلم حديث الحديدة.

قال عقيل : نعم ، أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته ، فجمعت صبياني وجئته بهم ، والبؤس والضر ظاهران عليهم.

فقال عليه السلام : ائتني عشية لادفع إليك شيئا ، فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحي ، ثم قال : ألا فدونك فاهويت ـ حريصا قد غلبني الجشع ـ اظنها صرة فوضعت يدي على حديدة تلتهب ، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره.

فقال عليه السلام : ثكلتك امك! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ـ بنار هذه الدنيا ـ وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه! أتئن من الاذى ولا أئن من لظى؟ ثم قرأ : (إذ الاغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون) (١).

ثم قال : ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى ، فانصرف إلى أهلك.

فجعل معاوية يتعجب من هذه الحكاية ويقول : هيهات هيهات!!! عقمت الامهات أن يلدن مثله (٢).

__________________

(١) ، غافر : ٧١.

(٢) شرح نهج البلاغة ١١ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، ربع الابرار ٣ : ٨٠ باب ٥٢.

١٦٧
١٦٨

الامام علي عليه السلام

في

رأي عمر بن عبد العزيز

١٦٩
١٧٠

١ ـ عمر بن عبد العزيز يروي حديث المنزلة

روى العلامة الحافظ ابن عساكر الدمشقي بسنده عن عمر بن عبد العزيز ـ الخليفة الاموي وحفيد مروان بن الحكم ـ ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول لعلي عليه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى (١).

٢ ـ عمر بن عبد العزيز يروي حديث تأثير إيمان علي عليه السلام على قلب جبرئيل عليه السلام

أخرج العلامة الخطيب الخوارزمي بسنده عن الحافظ ابن مردويه قال : لما بلغ عمر بن عبد العزيز ان قوما تنقصوا علي بن أبي طالب عليه السلام صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى عليه النبي صلى الله عليه واله وذكر عليا عليه السلام وفضله وسابقته ثم قال : حدثني عراك بن مالك الغفاري ، عن ام سلمة قالت : بينا رسول الله صلى الله عليه واله عندي إذ أتاه جبرئيل فناداه ، فتبسم رسول الله ضاحكا ، فلما سرى عنه قلت : بابي أنت وامي ـ يا رسول الله ـ ما أضحكك؟

فقال : أخبرني جبرئيل انه مر بعلي وهو يرعى ذودا له وهو نائم قد أبدى بعض جسده قال : فرددت عليه ثوبه فوجدت برد إيمانه قد وصل إلى قلبي (٢).

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ١٧ : ١٤٥.

(٢) المناقب للخوارزمي : ١٢٩ ـ ١٣٠ ح ١٤٤.

١٧١

٣ ـ عمر بن عبد العزيز يروي جزاء من سب عليا عليه السلام

أخرج العلامة ابن أبي الحديد عن أبي غسان النهدي ، قال : قال عمر بن عبد العزيز : كان أبي يخطب فلا يزال مستمرا في خطبته حتى إذا صار إلى ذكر علي عليه السلام وسبه تقطع لسانه ، واصفر وجهه ، وتغيرت حاله ، فقلت له في ذلك.

فقال : أو قد فطنت لذلك؟ إن هؤلاء لو يعلمون من علي عليه السلام ما يعلمه أبوك ما تبعنا منهم رجل (١).

٤ ـ عمر بن عبد العزيز يروي حديث «من كنت مولاه فعلي مولاه»

أخرج العلامة أبو نعيم الاصفهاني وغيره من الحفاظ والمؤرخين بسندهم عن يزيد بن عمر بن مورق قال : كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس ، فتقدمت إليه فقال لي : ممن أنت؟

قلت : من قريش.

قال : من أي قريش؟

قلت : من أي بني هاشم؟

قال : فسكت.

فقال : من أي بني هاشم؟

قلت : مولى علي.

قال : من علي؟

فسكت.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢٢١ رواه عن نقض العثمانية للاسكافي.

١٧٢

قال ابن مورق : فوضع ـ عمر بن عبد العزيز ـ يده على صدري وقال : وأنا والله مولى علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم قال : حدثني عدة انهم سمعوا النبي صلى الله عليه واله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ثم قال : يا مزاحم ، كم تعطي أمثاله؟

قال : مائة أو مائتي درهم.

قال : أعطه خمسين دينارا.

وقال ابن أبي داود : ـ أعطه ـ ستين دينارا لولايته علي بن أبي طالب عليه السلام.

ثم قال : الحق ببلدك فسياتيك مثل ما ياتي نظراءك (١).

٥ ـ عمر بن عبد العزيز يعترف : علي عليه السلام أزهد الناس

أخرج العلامة الخطيب الخوارزمي عن الحافظ ابن مردويه باسناده عن عمر بن عبد العزيز قال : ما علمنا أن أحدا كان في هذه الامة بعد النبي صلى الله عليه واله أزهد من علي بن أبي طالب عليه السلام (٢).

__________________

(١) حلية الاولياء ٥ : ٣٦٤ ، اسد الغابة : ٥ : ٣٨٣ ترجمة عمر بن عبد العزيز ، تاريخ مدينة دمشق ٥ : ٣٢٠ رواية زريق القرشي المدني ، فرائد السمطين ١ : ٦٦ باب «١٠» ح ٣٢ ، نظم درر السمطين : ١١٢.

(٢) المناقب للخوارزمي : ١١٧ فصل «١٠» ح ١٢٨.

١٧٣
١٧٤

الامام علي عليه السلام

في

رأي بعض خلفاء بني العباس

١٧٥
١٧٦

١ ـ خمس خلفاء يروون حديث سد الابواب

أخرج الحافظ ابن مندة الاصفهاني في كتاب مناقب العباس في مسانيد المأمون ، قال : حدثني أمير المؤمنين الرشيد ، حدثني أمير المؤمنين المهدي ، حدثني أمير المؤمنين المنصور ، حدثني أبي ـ السفاح ـ ، عن عبد الله بن العباس ـ حبر الامة ـ قال : قال النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام ، أنت وارثي ، وقال صلى الله عليه واله : إن موسى سال الله تعالى أن يطهر مسجده ـ لا يسكنه إلا موسى وهارون وابنا هارون ـ وإني سالت الله تعالى أن يطهر مسجدي لك ولذريتك من بعدك.

ثم أرسل إلى أبي بكر : أن سد بابك ، فاسترجع أبو بكر وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وقال : فعل هذا بغيري؟

فقيل : لا.

فقال : سمعا وطاعة ، فسد بابه.

ثم أرسل إلى عمر فقال صلى الله عليه واله : سد بابك ، فاسترجع ـ عمر ـ وقال : فعل هذا بغيري؟

فقيل : بابي بكر.

فقال ـ عمر ـ : إن في في أبي بكر اسوة حسنة ، فسد بابه.

ثم أرسل صلى الله عليه واله إلى رجل آخر فسد بابه.

ولما خاض الناس في ذلك ـ بانه لم يامر عليا عليه السلام بسد بابه ـ صعد رسول الله صلى الله عليه واله المنبر فقال : ما أنا سددت أبوابكم ، ولا أنا فتحت باب علي عليه السلام ، ولكن الله

١٧٧

سد أبوابكم وفتح باب علي عليه السلام (١).

أقول : أخرج العلامة الاميني حديث سد الابواب عن ثمان وثلاثين طريقا ومصدرا حديثي وغيره من مسانيد وجوامع أهل السنة عن أربعة عشر صحابيا وثلاث وعشرين نصا (٢).

 ومن يراجع كتاب إحقاق الحق للعلامة التستري المرعشي وملحقاته يرى ان هذا الحديث قد روي في أكثر من ستين مصدرا من كتب أهل السنة فقط (٣).

ولا يخفى أن هذا الحديث كاشف عن منقبة عالية وسامية لعلي بن أبي طالب عليه السلام ويثبت تقدمه وأولويته على غيره للخلافة عن النبي صلى الله عليه واله ، كما نرى أن عليا عليه السلام ناشد عدلاءه وقرناءه الذين قرنهم به عمر في الشورى واحتج عليه السلام بهذا الحديث عليهم ولم يرد عليه أحد من أعضاء الشورى العمرية أو يكذبه في ذلك.

وأخرجه أيضا العلامة المجلسي في بحاره باربعة عشر لفظا مختلفا رواه عن طرق شيعية وسنية عديدة (٤).

__________________

(١) الطرائف لابن طاووس : ٦٠ ـ ٦١ أخرجه عن ابن مندة ، العمدة لابن يطرق : ١٧٦ ح ٢٧٣ الفصل العشرون ، وفيه : العباس ، أخرجه عن ابن منذة : ٢٢٦ ح ٢٨٨ ، غاية المرام للبحراني : ٦٤٠ أخرجه عن ابن مندة ، الغدير ٣ : ٢٠٥. أخرجه عن السيوطي عن النسائي ، جامع الاحاديث للمسانيد والمراسيل للسيوطي ٤ : ٣١٢ ح ١٢٩٦٣ وفيه : سدوا هذه الابواب ...

(٢) الغدير ٣ : ٢٠٢ ـ ٢٠٩.

(٣) انظر إحقاق الحق ٤ : ١٢٩ ، ٤٠٨ ، ٤١٠ ، ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ٥٠٢ ، وج ٥ : ٦٠ ، ٧٦ ، ٨٧ ، ٤٥٠ ، ٤٨٦ ، وج ١٥ : ٦٣٠ ، وج ١٦ : ٣٣٢ ـ ٣٧٥ ، وج ١٨ : ١٥ ، وج ٢١ : ٢٤٣ ـ ٢٥٥.

(٤) بحار الانوار ٣٩ : ١٩ ـ ٣٥ كتاب تاريخ أمير المؤمنين عليه السلام باب «٧٢٠» باب ان النبي صلى الله عليه واله أمر بسد الابواب ... إلا بابه عليه السلام ح ١ ـ ١٤.

١٧٨

٢ ـ ثلاث خلفاء عباسيين يروون حديث المنزلة

أخرج العلامة الحافظ أبو بكر أحمد بن علي المشهور بالخطيب البغدادي وآخرون من حفاظ أهل السنة ومؤرخيهم باسنادهم عن المأمون العباسي ، عن أبيه هارون العباسي ، عن أبيه المهدي العباسي ، قال : دخل علي سفيان الثوري فقلت : حدثني بافضل فضيلة عندك لعلي عليه السلام!.

فقال ـ سفيان ـ : حدثني سلمة بن كهيل ، عن حجية بن عدي ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي (١).

٣ ـ المأمون يعترف بحديث الغدير والمنزلة

أخرج الحافظ القندوزي وغيره من الحفاظ والمؤرخين من السنة والشيعة حديثا ذكره ابن مسكويه صاحب التاريخ بحوادث الاسلام في كتاب سماه نديم الفريد أو نديم الاحباب يقول فيه : لما ولى المأمون العباسي الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام ولاية العهد بعد ما دعاه من المدينة إلى خراسان ـ وبايعه الامام عليه السلام في ذلك بشرط أن لا يتدخل في شؤون الحكومة من عزل أو نصب أحد وغيره من الامور ـ وضرب المأمون النقود باسم الرضا عليه السلام احتج بنو العباس على المأمون وكتبوا إليه كتابا شجبوا فعله وطلبوا منه الجواب.

فكتب المأمون إليهم كتابا شرح فيه مواقف الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ومناقبه وفضائله ، وأحقيته في الخلافة عن غيره ، ودوره في ديمومة الدين ، ودفاعه

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ : ٧٠ ـ ٧١ ترجمة أبي الحسن أحمد بن جعفر الصيدلاني رقم ١٦٩٣ ، موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي ١ : ٣٩٧ عن طريقين ترجمة إبراهيم بن سعيد الجوهري رقم ١٦ ، الرياض النضرة ٣ : ١١٧ عن الحافظ السلفي في النسخة البغدادية ، جامع الاحاديث للسيوطي ٤ : ٤١١ ح ٧٨٨٧ ، كنز العمال ١٣ : ١٥٠ ح ٣٦٤٧٠ ، الروضة الندية في شرح التحفة العلوية للكحلاني اليمني : ١٠٢ عن السيوطي.

١٧٩

عن النبي صلى الله عليه واله ، وملكاته النفسية وخصائصه العائلية وكان مما كتب : فلم يقم مع رسول الله صلى الله عليه واله أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب عليه السلام ، فانه آزره ووقاه بنفسه ، ونام في مضجعه ، ثم لم يزل بعد متمسكا باطراف الثغور ، وينازل الابطال ، ولا ينكل عن قرن ، ولا يولي عن جيش ، منيع القلب ، يامر على الجميع ولا يؤمر عليه أحد ، أشد الناس وطاة على المشركين ، وأعظمهم جهادا في الله ، وأفقههم في دين الله ، وأمرأهم لكتاب الله ، وأعرفهم بالحلال والحرام ، وهو صاحب الولاية في حديث خم ، وصاحب قوله : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي (١).

أقول : ومن يرد الاطلاع أكثر فليراجع مصادره في الذيل.

٤ ـ المأمون يعترف بحديث الطائر المشوي ويستدل به على أحقية علي للخلافة

قبل الخوض في بيان الحديث المتعلق بهذا الموضوع لا بد م الاشارة إلى مسالتين ولو بالاختصار :

١ ـ ذكر أكثر من مائة وواحد وثلاثين عالما وحافظا من علماء أهل السنة والجماعة انه أهدت إحدى النساء المسلمات طائرا مشويا إلى رسول الله صلى الله عليه واله ، مع ان إحدى زوجاته وغلامه أنس بن مالك كانا حاضرين في الدار ولكنه صلى الله عليه واله دعا ربه أن ياتيه بعلي بن أبي طالب عليه السلام لما كان له عند الله شانا كبيرا ليأكل معه ذلك الطير المشوي. أو انه اراد بدعائه : اللهم ائتني باحب خلقك ياكل معي هذا الطعام أن يري مقام الامام علي عليه السلام للاخرين.

__________________

(١) ينابيع المودة : ٤٨٤ باب» ٩٢ «باختصار ، الطرائف للسيد ابن طاووس : ٢٧٥ ـ ٢٨٢ ، عبقات الانوار ١ : ١٤٧ ، بحار الانوار ٤٩ : ٢٠٨ ـ ٢١٤.

١٨٠