مسند الرضا عليه السلام

داود بن سليمان بن يوسف الغازي

مسند الرضا عليه السلام

المؤلف:

داود بن سليمان بن يوسف الغازي


المحقق: السيد محمّد جواد الحسيني الجلالي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٢٣

ذو حرفة وصنعة فإن الناس يفضلون التعامل معه على التعامل مع غيره ، فتزداد البركة في رزقه ، مما يؤدي إلى السعادة الشخصية والاجتماعية بالبذل والعطاء والكرم والاحسان ، فيكون سعيدا في حياته الدنيا ، ومبشرا بالجنة في عقباه.

على العكس من سئ الخلق ، فإنه يحذره كل من عرفه حتى أقرباؤه وذويه ، ولا يتعاملون معه إلا بقدر الضرورة فهو دائما بعيد من ود الاخرين وتعاطفهم وتعاملهم.

والملاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد مدح رسوله الكريم بحسن الخلق مع ما كان يمتاز (ص) به من صفات الكمال ، فقال : (وإنك لعلى خلق عظيم) (١).

وقد وردت في الاحاديث أن الائمة عليهم السلام كانوا يعلمون الناس الدعاء بحسن الخلق فمما ورد عن النبي (ص) أنه كان يقول : (اللهم حسنت خلقي فحسن خلقي) (٢). وفي دعاء النظر إلى المرآة : (اللهم حسنت خلقي فحسن خلقي وارزقني).

وليس الخلق ـ بصورة عامة ـ صفة راسخة في الانسان لا يمكن تغييرها ، بل هي اكتسابية وقابلة للتغيير بالممارسة وقهر النفس عما اعتادت عليه.

ويمكن تحسين الخلق بالاعتبار بأحوال المتصفين بحسن الخلق ، والمثابرة على الاقتداء بهم في الحياة.

__________________

(١) القلم : ٦٨ / ٤.

(٢) رواه الترمذي : ٣٥٨٣ ، والقضاعي في مسند الشهاب : ١٤٧٢ ، ورواه بلفظ (أحسنت) أحمد في المسند ١ : ٤٠٣ و ٦ : ٦٨ و ١٥٥.

١٠١

[١٧]

قول رسول الله (ص) :

(من قال حين يدخل السوق :

(سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله (١) ، وحده لا شريك له ، وله الملك وله الحمد ،

يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير (٢) وهو على كل شئ قدير)

اعطي من الاجر بعدد ما خلق الله تعالى إلى (٣) يوم القيامة).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٨٧ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣١ ، الباب ٣١ ، الحديث ٤٢. وفي الامالي : ٤٨٦ ، الباب ٨٨ ، الحديث ١٣ ، ورواه السبزواري في جامع الاخبار : ٢٠٣ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ١٠ : ٣٥٩ ، الحديث ٢١ و ٧٦ : ١٧٢ ، الحديث ٢ ، عن عيون الاخبار ٢ : ٣١ ، وفي ٩٣ : ١٧٤ ، الحديث ١٩ ، عن جامع الاخبار ، وفي ١٠٣ : ٩٧ ، الحديث ٢٦ و ٢٧ ، عن عيون الاخبار ، وصحيفة الرضا عليه السلام.

ورواه المحدث البحراني في الوسائل ١٢ : ٣٠٣ ، الباب ١٩ من أبواب استحباب ذكر الله في الاسواق ، الحديث ٣ ، والعلامة النوري في مستدرك الوسائل ١٣ : ٢٦٦ ، الباب ١٦ ، الحديث ٢ ، عن الصحيفة.

__________________

(١) في صحيفة الرضا عليه السلام زيادة : (والله اكبر). وفي هامش الصحيفة : (إن هذه الزيادة لم ترد في بعض النسخ والمستدرك). وفي بعض النسخ زيادة : (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

(٢) لم ترد (وهو حي لا يموت ، بيده الخير) في البحار ٩٣ : ١٧٤.

(٣) لم ترد (إلى) في البحار ١٠ : ٣٦٩.

١٠٢

ورواه من العامة :

أحمد بن حنبل في مسنده ١ : ٤٧ ، والدارمي في مسنده ٢ : ٢٩٣ ، وابن ماجة في سننه ٢ : ٧٥٢ ، الحديث ٢٢٣٥ ، والترمذي في سننه ٥ : ٤٩١ ، الباب ١٨ ، الحديث ٢١٥٦ ، والزبيدي في إتحاف السادة المقربين ٥ : ٩٩ ، وابن السني في عمل اليوم والليلة : ٧٩ ، والديلمي في الفردوس ، الحديث ٥٤٧٤.

فقه الحديث :

السوق مصيدة من مصائد الشيطان ، ففيه يلتهي الناس بامور الدنيا من البيع والشراء ، الذى غالبا ما يقترن بالحلف والكذب وغير ذلك.

والناس في السوق بين بائع ومشتر ومتفرج ، فالبائع همه إنفاق سلعته أو إبدالها بما يعود له بنفع أكثر.

والمشتري همه تحصيل ما يريده ، فهو يقلب النظر بين البضائع ليجد بينها ضالته ثم يقارن بين أنواع ما يجد وينتخب الافضل.

وأما المتفرج ، فهو مضيع لوقته بين هذين ، وقد يضيع وقت الاخرين بالتشبه بالمشترين لكي يبعد عن نفسه تهمة البطالة.

والجميع يشتركون غالبا في الغفلة عن الله والاخرة ، وفي هذا الحديث تحريض على التوجه إلى الله في السوق ، فمن يذكر هذه الفقرات في السوق يكون أقرب إلى طاعة الله وأبعد عن معصيته ، لان ذكر الله يؤثر في جميع حركاته وتصرفاته. وفي البحار (٧٧ : ٤٢٢) : إن أمير المؤمنين عليه السلام دخل سوق البصرة فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون فبكى بكاء شديدا : ثم قال : (يا عبيد الدنيا وعمال أهلها ، إذا كنتم بالنهار تحلفون ، وبالليل في فراشكم تنامون ، وفي خلال ذلك عن الاخرة تغفلون ، فمتى تجهزون الزاد وتفكرون في المعاد ...).

١٠٣

[١٨]

قول رسول الله (ص) :

(إن لله عز وجل عمودا من ياقوت أحمر ، رأسه تحت العرش ، وأسفله على ظهر الحوت في الارض السابعة السفلى ، فإذا قال العبد : (لا إله إلا الله) من نية صادقة (١) ، اهتز العرش وتحرك العمود (٢) فيقول الله تعالى (٣) إسكن يا عرشي (٤) فيقول : كيف اسكن وأنت لم تغفر لقائلها!؟ فيقول (٥) الله (٦) اشهدوا سكان سماواتي (٧) إني (٨) غفرت لقائلها).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٨٨ ، ورواه الشيخ الصدوق في العيون ٢ : ٣١ ، الباب ١٣ ، الحديث ٤٣. والتوحيد : ٢٣ ، الباب الاول الحديث ٢٠ ، ومصادقه الاخوان : ٥٠ ، الباب ١٧ ، الحديث ٥ ، ورواه الشيخ المفيد في الارشاد ١ : ٢٦ ، الباب ١٢ ، الحديث ٢ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ٩٣ : ١٩٣ ، الحديث ٦ ، والشيخ العاملي في الوسائل ٤ : ١٢٢٦ ، الحديث ١٦.

ورواه من العامة :

المنذري في الترغيب والترهيب ٢ : ٤١٦ ، وأبو نعيم في حلية الاولياء

__________________

(١) لم ترد : (من نية صادقة) في صحيفة الرضا عليه السلام والبحار.

(٢) في صحيفة الرضا عليه السلام والبحار زيادة : (وتحرك الحوت).

(٣) في البحار : (تبارك وتعالى) ، وفي صحيفة الرضا عليه السلام : (عز وجل).

(٤) في صحيفة الرضا عليه السلام : (إسكن عرشي).

(٥) في هامش الصحيفة ، عن بعض النسخ : (فقال).

(٦) في البحار زيادة : (تبارك وتعالى) ، وفي صحيفة الرضا عليه السلام زيادة : (عزوجل).

(٧) في هامش الصحيفة ، عن بعض النسخ : (السماوات).

(٨) في صحيفة الرضا عليه السلام والبحار زيادة : (قد).

١٠٤

٣ : ١٦٤ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ : ٨٢ ، وابن عراق في تنزيه الشريعة ٢ : ١٦٩ ، وابن القيسراني في التذكرة : ١٦٧ ، وفيه : (إن لله عمودا من نور فإذا قال العبد : لا إله إلا الله اهتز).

فقه الحديث :

ورد في الشرع الاشارة إلى مفاهيم ومعان لم تألف الاذهان القاصرة والمحدودة تفهمها بالشكل الصحيح ، فلذا عبر عنها بألفاظ يفهم العامة منها معان قريبة مما هو المراد في الواقع ، من باب مجرد التشبيه للمعقول بالمحسوس ومن هذه الالفاظ العرش والكرسي ، ولا بد في معرفتها من مراجعة الائمة والراسخون في العلم. فبمراجعة الائمة في تفهم معنى الكرسي نعرف أن المراد به العلم لا الموجود المادي الذي يتبادر عند إطلاق هذه اللفظة.

فعند مواجهتنا لاحاديث لا نفهم لها معنى بحسب تصوراتنا المادية ، لا يصح أن نطرحها لمجرد عدم استيعابنا لمعانيها ، فإن معلومات البشر لا تحيط بكى شئ ، وكم من أشياء أنكرتها عقولنا في أول الامر ثم بمراجعة أهل العلم والتفسير وقفنا على معانيها الصحيحة.

وحديث العمود والحوت من هذا القبيل ، فليس المراد بألفاظ الحديث المعاني المألوفة ، وإذا تصورت بهذه المعاني فإنها تكون غريبة وبعيدة عن الواقع المحسوس.

والذي يتلخص من هذا الحديث : أن العرش قائم على خلق عظيم هائل يكون العرش بمفهومه الحقيقي في أعلاه ، وأسفله على خلق أعظم من ذلك ، وهذا الاخير ذو حس وشعور وإدراك يسمع أصواب الخلائق ويدركها ، فعند قول العبد (لا إله إلا الله) يتحرك لجلال هذا الذكر فيطلب المغفرة من الله للقائل.

ومنه يظهر عظمة هذا الذكر وأثره في العالم العلوي.

١٠٥

[١٩]

قول رسول الله (ص)

(حافظوا على الصلوات الخمس ،

فإن الله عزوجل (١) ـ إذا كان يوم القيامة ـ

يدعو العبد (٢) فأول شئ يسأل عنه (٣) الصلاة ،

فإن جاء بها تامة وإلا زج (٤) في النار).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٩١ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٠ ، الحديث ٤٥ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ١٠ : ٣٦٩ ، الحديث ٢٢. و ٨٣ : ٢٠٨ ، ذيل الحديث ١٥ ، ورواه المحدث العاملي في الوسائل ٢٥ : ١٩ ، الباب ٧ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، الحديث ٦ ، عن عيون الاخبار ، والعلامة النوري في مستدرك الوسائل ٣ : ٢٨ ، الباب ٧ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، الحديث ٤ ، عن صحيفة الرضا عليه السلام.

ورواه من العامة :

أبي داود في سننه : ٥٥٠ ، والخطيب في تأريخ بغداد ١٢ : ٤٢٤ ، والمنذري في الترغيب والترهيب ١ : ٤٣٧ و ٢٣٥ ، والحاكم في المستدرك ١ : ٢٠.

__________________

(١) في البحار : (تبارك وتعالى).

(٢) كذا في البحار والمصادر الحديثية ، وفي نسخة الاصل : (العباد).

(٣) كذا في البحار والمستدرك ، وفي نسخة الاصل : (عنها).

(٤) في هامش نسخة الاصل : (أي دفع). وفي صحيفة الرضا عليه السلام : (زخ به). وفي هامش الصحيفة ، عن بعض النسخ : (زج).

١٠٦

[٢٠]

قول رسول الله (ص) :

(لا تضيعوا صلاتكم ، فإن من ضيع صلاته حشر مع قارون وهامان وفرعون (١)

وكان حقا على الله تعالى أن يدخله النار (٢) مع المنافقين ،

فالويل (٣) كل الويل (٤) لمن لم يحافظ على صلواته وأداء سننه (٥)).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٩١ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣١ ، الباب ٣١ ، الحديث ٤٦ ، والسبزواري في جامع الاخبار : ٨٧ ، والعلامة المجلسي في البحار ٨٢ : ٢٠٢ ، الحديث ٢ عن جامع الاخبار. و ٨٣ : ١٤ ، الحديث ٢٣ ، عن العيون وصحيفة الرضا عليه السلام ورواه المحدث العاملي في الوسائل ٣ : ١٩ ، الباب ٧ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ٧ ، عن عيون الاخبار ، ورواه العلامة النوري في المستدرك ٣ : ٢٨ ، الباب ٧ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ٥ ، عن صحيفة الرضا عليه السلام

__________________

(١) في هامش الصحيفة : (فرعون وهامان). وفي البحار ٨٢ : ٢٠٢ زيادة : (لعنهم الله وأخزاهم)

(٢) في هامش الصحيفة : لم ترد في بعض النسخ عبارة : (مع قارون وهامان وفرعون وكان حقا على الله تعالى أن يدخله النار).

(٣) في الوسائل والمستدرك : (والويل).

(٤) لم ترد (كل الويل) في الصحيفة والبحار والوسائل والمستدرك.

(٥) لم ترد (وأداء سننه) في البحار ٨٢ : ٢٠٢. وفي البحار ٨٣ : ١٤ والمستدرك : (سنة نبيه). وفي الوسائل : (سننه (سنة نبيه)). وفي هامش الصحيفة ، عن بعض النسخ : (سننها) ، وفي بعض النسخ : (سنن).

١٠٧

[٢١]

قول رسول الله (ص)

(من استذل مؤمنا أو حقره (١) لفقره وقلة ذات يده (٢)

شهره الله يوم القيامة (٣) ثم يفضحه (٤)).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ١٠٥ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٣ ، الحديث ٥٨. وفي ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : ٤٢٤. ورد أيضا في روضة الواعظين : ٥٢٤. وجامع الاخبار : ١٣٠. ومشكاة الانوار : ١٢٨ ، ورواه الشيخ الكليني في الكافي ٢ : ٣٥٣ ، الحديث ٩ والبرقي في المحاسن ١ : ٩٧ ، الحديث ٦٠ ، والشيخ ورام في تنبيه الخواطر : ٢٠٨ وأورد العلامة المجلسي قطعة منه في البحار ٧٢ : ٤٦ ، الحديث ٥٧. كما أورده في البحار ٧٢ : ٤٩ ، ذيل الحديث ٥٨. و ٧٥ : ١٤٢ ، الحديث ٤ ، عن العيون. وفي ٧٥ : ١٤٦ ، الحديث ١٥ ، عن ثواب الاعمال والمحاسن.

ورواه المحدث العاملي في الوسائل ٨ : ٥٨٩ ، الحديث ٦ و ٧. وأيضا في الوسائل ٨ : ٥٨٩ ، الحديث ٨ ، عن عقاب الاعمال. و ٨ : ٥٩١ ، الحديث ٤.

ورواه من العامة :

ابن عراق في تنزيه الشريعة ٢ : ٣١٦ ، والقرطبي في الجامع ٣ : ٢٩.

__________________

(١) في الكافي : (واستحقره) وفي الوسائل (٨ : ٥٩١) : (واحتقره).

(٢) في الكافي والبحار (٧ : ١٤٦) والوسائل : (لقلة ذات يده ولفقره).

(٣) إلى هنا ورد في الوسائل ٨ : ٥٨٩.

(٤) في الكافي والبحار (٧٥ : ١٤٦) والوسائل : (شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق).

١٠٨

فقه الحديث :

المؤمن أعظم حرمة عند الله من الكعبة ، فكما أن الكعبة ضرورية الاحترام والتعظيم والتكريم فكذلك المؤمن ، بل المؤمن أعظم حرمة منها ومن ملك مقرب كما ورد في الحديث.

وعليه ، فالاستخفاف به وتحقيره وعدم الاعتناء به يكون حراما ، وهناك عقوبة كبيرة لمن يرتكب ذلك ، وبالاخص لو كانت هذه الاهانة تعود لاسباب مادية كالفقر وأمثاله ، فإن الفقر هو امتحان واختبار للانسان المؤمن في الدنيا يمتحن الله به عبده فالاستخفاف بالمؤمن بهذا الامتحان الالهي عظيم عند الله ، وقد وعد في الحديث الشريف على ذلك توعيدا رهيبا ، وهو أن الله سبحانه يشهره في القيامة على رؤوس الخلائق.

ويا لها من كارثة أو يوقف الانسان في ذلك الموقف الرهيب حيث القلوب واجفة أبصارها خاشعة ، ثم يعرض في تلك الحالة هذا العبد المسئ في حق من أكرمه الله بالايمان وامتحنه بالفقر. فيا له من موقف مخجل ـ بحضرة الانبياء والرسل والائمة والصالحين والمؤمنين ، وحتي الكفار والمنافقين ـ أن يؤنب العبد على فعل كان من الممكن أن يعرض عنه في الدنيا ويصرف همه إلى إنقاذ نفسه من ورطات اخرى بدل أن يصرفه في توهين كرامة حبيب الله.

ثم ليت الامر ينتهى بهذا ، بل الله الحكم العدل يقتص هو لعبده المؤمن في ذلك الموقف من المسئ فيبدأ هو يفضح المسئ على رؤوس الاشهاد.

فأيهما يكون أعظم وأصعب أن يشهر المؤمن بالفقر في الدنيا وهو فخر المؤمن ، أو يشهر المسئ بأعظم من ذلك في الاخرة علي رؤوس الاشهاد ، نسأل الله سبحانه العصمة والامان.

١٠٩

[٢٢]

قول رسول الله (ص) :

(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (١) ،

وأبوهما خير منهما).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ١٠٣ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٣ ، الحديث ٥٦. والامالي : ١٠٩ ، الباب ٢٦ الحديث ٢٧. وكمال الدين : ٢٥٨ ، الباب ٢٤ ، الحديث ٣ ، ورواه الشيخ الطوسي في أماليه ١ : ٨٣ ، الباب ٣ ، الحديث ٣٦. وقرب الاسناد : ٥٣ ، ورواه الشيخ المفيد في أماليه : ٢١ ، الباب ٣ ، الحديث ٢ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ١٧ : ٢٤٢ ضمن الحديث ٢. و ٢٥ : ٣٦٠ ، الحديث ١٨. و ٣٩ : ٩٠ ، الحديث الاول و ٤٣ : ٦٤ ، الحديث ١٤. و ٤٣ : ٢٦٣ ، الحديث ١٨. و ٦٠ : ٣٠٢ ، الحديث ١٢.

ورواه من العامة جمع غفير ، أوردنا قائمة بالمصادر لذلك في مقدمة كتاب (نوادر الاثر أن عليا عليه السلام خير البشر) فليراجع. وراجع التفصيل في الملحق ١.

فقه الحديث :

إن الله أكرم ال الرسول وخصهم بفضائل جمة : منها : دنيوية كإقدامهم في رص اسس الدين وإرواء الاسلام بالتضحية والشهادة ، ومنها : اخروية وهو ما اشير إليه في هذا الحديث.

وفي الحديث شهادة بحتمية الجنة لهؤلاء ، وبهذه الخصوصية يظهر لزوم اتباعهم وأفضليتهم على غيرهم.

__________________

(١) في صحيفة الرضا عليه السلام : (سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين).

١١٠

[٢٣]

قول رسول الله (ص) :

(إذا كان يوم القيامة تجلى (١) الله لعبده المؤمن ، فيوقفه (٢) على ذنوبه ذنبا ذنبا ،

ثم يغفر الله تعالى له ولا يطلع (٣) الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا

ويستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد ، ثم يقول لسيئاته : كوني (٤) حسنات).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ١٠٤ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٣ ، الباب ٣١ ، الحديث ٥٧ ، ورواه الحسين بن سعيد في كتاب الزهد : ٩١ ، الحديث ٢٤٥ ، وفي كتاب المؤمن : ٣٤ ، الحديث ٦. وأورده مرسلا في روضة الواعظين : ٥٧٧ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ٧ : ٢٨٧ ، الحديث ٢ ، عن العيون ، و ٦٩ : ٢٦١.

فقه الحديث :

في هذا الحديث بيان لبعض ما يتفضل الله على المؤمن في الاخرة ، وهي غفران ذنوبه بل تبديلها إلى حسنات ، وتصديق ذلك في كتاب الله قوله تعالى : (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) (الفرقان : ٢٥ / ٧٠) وسيأتي ما يفيد معنى الحديث بالارقام و ٢٥ و ٢٧ و ٣٠.

__________________

(١) كذا في المصادر ، وفي نسختنا : (تخلى) ، وفي العيون (٢ : ٣٣) معنى (تجلى الله لعبده) : ظهر له بآية من آياته يعلم بها أن الله مخاطبه.

(٢) في البحار (٦٩ : ٢٦١) : ((فيقفه).

(٣) العبارة في البحار هكذا : (ثم يستغفر له الله ، لا يطلع).

(٤) في صحيفة الرضا عليه السلام : (كن).

١١١

[٢٤]

قول رسول الله (ص) :

(ما كان ولا يكون إلى يوم القيامة مؤمن

إلا وله جار يؤذيه)

ورد هذا الحديث في الاربعين حديثا المستدركة لصحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٩ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٣ ، الباب ٣١ ، الحديث ٥٩ ، ورواه السبزواري في جامع الاخبار : ٣٣ ، ورواه الشيخ الطوسي في أماليه ١ : ٢٨٦ ، الحديث ٧٧ ، عن جامع الاخبار وعيون الاخبار وصحيفة الرضا عليه السلام. ورواه في ٧٢ : ٤٤ ، الحديث ٥٢ ، عن صحيفة الرضا عليه السلام.

كما رواه المحدث العاملي في الوسائل ٨ : ٨٦ ، الباب ٨٥ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ١١ و ١٢ ، عن العيون ، كما ورد في كشف الغمة ٢ : ٢٦٨ وفي الفصول المهمة : ٢٣٤ ، عن الرضا عليه السلام ، وفي مشكاة الانوار : ٢١٤ عن أبي عبد الله.

ورواه من العامة :

المتقي الهندي في كنز العمال ، الحديث ٧١٦ ، عن علي عليه السلام.

فقه الحديث :

هذا الحديث يؤكد على لزوم تحمل أذى الجار ، وإن ذلك من علائم الايمان وقد ورد التأكيد على الوصية بالجار كثيرا ، وفي حديث معنى حسن الجوار : (ليس حسن الجوار كف الاذى ، ولكن حسن الجوار الصبر على الاذي) (١)

__________________

(١) البحار ٧٧ : ٣٢٠ ، وكنز العمال : ٤٤٢٢٦.

١١٢

[٢٥]

قول رسول الله (ص)

(من بهت مؤمنا أو مؤمنة فقال فيه (١) ما ليس فيه

أقامة الله تعالى (٢) على تل (٣) من نار حتى يخرج مما قال (٤)).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٣٧ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٣٣ ، الباب ٣١ ، الحديث ٦٣. ومعاني الاخبار : ١٦٤ ، الباب ١٢٥ ، الحديث الاول. وثواب الاعمال ٢ : ٢٨٦ ، الباب ٦٢ ، الحديث الاول ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ٧٥ : ١٩٤ ، الحديث ٥ ، عن العيون وصحيفة الرضا عليه السلام ، كما رواه المحدث البحراني في الوسائل ٨ : ٦٠٣ ، الباب ١٥٣ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ٢ ، عن العيون والصحيفة. وأورد مرسلا في روضة الواعظين : ٥٤٢ ، وروى العلامة النوري في المستدرك ٩ : ١٢٧ ، الباب ١٣٣ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث الاول ، كما يلي : (من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه بعثه الله عزوجل في طينه خبال حتى يخرج مما قال). عن كتاب المؤمن : ٦٦ ، الحديث ١٧٢.

ورواه من العامة :

الزمخشري في ربيع الابرار ٢ : ١٨٣ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣ : ٥٦٤ ،

__________________

(١) في هامش النسخة : (أي في حقه) ، وفي البحار والوسائل : (أو قال فيه).

(٢) لم ترد (تعالى) في الوسائل. وفي صحيفة الرضا عليه السلام : (الله عزوجل).

(٣) التل ـ بفتح التاء ـ الاكمة ، وهي ما ارتفع من الارض.

(٤) في صحيفة الرضا عليه السلام والبحار والوسائل زيادة : (فيه). وفي هامش الصحيفة : لم ترد (فيه) في بعض النسخ.

١١٣

الحديث ٧٩٢٤.

فقه الحديث :

البهتان : هو القول في الشخص بما ليس فيه ، وهذا على البرئ أعظم من الجبال الراسيات كما في البحار (١). ولا يحس بهذا إلا من تعرض له ويتضاعف هذا التأثير على المؤمن الذي غالبا ما يتصف بالعفاف والستر ، فيوجب ذلك مضاعفة التأثير على قلبه.

وفي الحديث تأكيد على حرمة بهت المؤمن والعقاب بإيقاف الباهت يوم القيامة على تل من نار حتى يأتي بمبرر لما قاله في المؤمن.

وفي بعض الاحاديث : (يحسبه الله في طينه خبال حتى يخرج مما قال قلت : وما طينه خبال؟ قال : صديد يخرج من فروج المومسات ، يعني الزواني) (٢).

هذا بالاضافة إلى ما ورد في الكتاب العزيز من الوعيد لمن يبهت المؤمن حيث قال تعالى : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) (٣).

وقال تعالى : (ومن يكتسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا) (٤)

__________________

(١) البحار ٧٥ : ١٩٤.

(٢) انظر البحار ٧٥ : ١٩٤.

(٣) الاحزاب : ٣٣ / ٥٨.

(٤) النساء : ٤ / ١١٢.

١١٤

[٢٦]

قول رسول الله (ص) :

(إن الله تعالى يحاسب (١) كل خلق إلا من أشرك [بالله] (٢) ،

فإنه لا يحاسب (٣) ويؤمر به إلى النار).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٤٠ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٤ ، الحديث ٦٦ ، ورواه السبزواري في جامع الاخبار : ٥٠٠ ، الحديث ١٣٨٦ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ٧ : ١١١ ، الحديث ٤١ ، عن جامع الاخبار. و ٧ : ٢٦٠ ، الحديث ١١ ، عن العيون وصحيفة الرضا عليه السلام.

فقه الحديث :

ورد في القرآن العظيم : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء ٤ / ٤٨ و ١١٦). وهذا يدل على أن الشرك بالله ظلم عظيم لا يحتاج معه إلى حساب يوم القيامة.

وأما الذنوب الاخرى ، فهي إن غفرها الله سبحانه في القيامة فهو ولي النعمة والمغفرة ، وإن لم يغفرها فإنها توجب العقاب والحساب يوم القيامة ، والامر في ذلك أيضا إليه فإن شاء غفر ، كما وعد للمؤمن ومر في الحديث ٢٤ ، إن شاء عاقب وعذب بما يستحقه المذنب.

__________________

(١) في الصحيفة : (ليحاسب) ، وفي هامش الصحيفة : (يحاسب).

(٢) من جميع المصادر الناقلة للحديث ، وفي البحار ٧ : ٢٦٠ زيادة : (عز وجل).

(٣) في العيون زيادة : (يوم القيامة).

١١٥

[٢٧]

قول رسول الله (ص) :

(مثل المؤمن عند الله كمثل ملك مقرب ، وإن المؤمن أعظم عند الله تعالى

من ملك مقرب ، وليس أحب إلى الله تعالى من تائب مؤمن (١) أو مؤمنة تائبة).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم ٢٧ ، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٩ الباب ٣١ ، الحديث ٣٣ ، والسبزواري في جامع الاخبار ٢ : ٢٨ ، الحديث ٣٣. وورد في مشكاة الانوار : ٧٨ ، وراه العلامة المجلسي في البحار ٦ : ٢١ ، الحديث ١٥. و ١٠ : ٣٦٧ ، الحديث ٦ و ٣٦ : ٣٢٦ ، ذيل الحديث ١٨٢ و ٦٠ : ٢٩٩ ، الحديث ٦ ، عن صحيفة الرضا عليه السلام. و ٦٧ : ٧٢ ، الحديث ٤١ ، ورواه المحدث العاملي في الوسائل ١١ : ٣٥٩ ، الباب ٨٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ١٣ ، كما رواه العلامة النوري في مستدرك الوسائل ١٢ : ١٢٥ ، الباب ٨٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث الاول ، عن صحيفة الرضا عليه السلام.

وقد تقدم الحديث ٢١ و ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ في فضل المؤمن ، فراجع.

فقه الحديث :

هذا الحديث يبين فضل المؤمن عند الله سبحانه وتعالى وكرامته عليه وأنه مثل ملك مقرب ، فكما أنه لا يجوز لاحد الاستهانة بالملك المقرب عند الله فكذا المؤمن ، بل الحديث يصرح بأن المؤمن أعظم عند الله من ملك مقرب.

وهذا ما ورد نظيره في أحاديث اخرى صرحت بأن الملائكة لتضع أجنحتها لطال العلم رضى به ، وتستغفر له. (انظر البحار ١ : ١٧٧).

__________________

(١) كذا في نسختنا ، وفي المصادر : (مؤمن تائب).

١١٦

[٢٨]

قول رسول الله (ص) :

(إياكم ومخالطة السلطان فإنه ذهاب الدين

وإياكم ومعونته ، فإنكم لا تحمدون أمره).

ورد هذا الحديث في الاربعين حديثا المستدركة لصحيفة الامام الرضا عليه السلام بالرقم ٢٥ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ١٠ : ٣٦٨ ، الحديث ٧ ، فيما وجده بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي نقلا من خط الشهيد الاول.

ورواه من العامة :

الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ : ٢٤٦ ، عن ابن عباس.

فقه الحديث :

للملك سكر كما أن للشراب سكر (١) فالسلطان تأخذه العزة بما يمنحه القانون من الحرية في التصرف ، وغفلته عن الله وعن القيامة ـ ولو للحظة ـ قد تسبب الكوارث للامة والدمار الذي لا يمكن تلافيه أبدا من خراب ديار وإزهاق أرواح وغير ذلك.

ومن خواص المقتدر والسلطان إنه إذا أحس بتعرض مقامه للخطر ولو احتمالا فإنه لن يتوقف في إزالة كل ما يهدد ملكه لو كان أقرب الناس إليه (الملك عقيم) ، ويتوقع ممن حوله حتى من لا يمت إليه بصلة أن يعينه على تثبيت ملكه وسلطانه وتأييد مواقفه حتى لو كانت منافية للشريعة.

__________________

(١) البحار ٧٣ : ١٤٢.

١١٧

[٢٩]

قول رسول الله (ص)

(من مر (١) على المقابر وقرأ : (قل هو الله أحد) (٢) إحدى عشرة (٣) مرة (٤)

ثم وهب أجره للاموات (٥) اعطي أجره بعدد الاموات (٦)).

ورد هذا الحديث في صحيفة الامام الرضا عليه السلام بالرقم ٢٨ ، ورواه السبزواري في جامع الاخبار ١٩٦ ، الحديث ١٣٤٤. كما ورد في مصباح الزائر : ١٩٢ ، ورواه العلامة المجلسي في البحار ١٠ : ٣٦٨ ، الحديث ٨ ، في ما وجده بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي جد الشيخ البهائي ، ورواه العلامة النوري في مستدرك الوسائل ٢ : ٤٨٣ ، عن البلد الامين : ٥. وهامش مصباح الكفعمي : ١٠ ، عن فوائد ابن مسخر ، عن الامام الرضا عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن النبي (ص).

ورواه من العامة :

الرافعي في التدوين ٢ : ٢٩٧ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ، الحديث ٤٢٥٩٦. والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ١٠ : ٣٧١.

__________________

(١) في هامش الصحيفة ، عن بعض النسخ : (مضى).

(٢) في مستدرك الوسائل : (التوحيد).

(٣) في جامع الاخبار : (أحد عشر). وفي هامش الصحيفة ، عن بعض النسخ : (عشر مرات).

(٤) العبارة في كنز العمال هكذا : (فقرأ فيها إحدى عشرة مرة (قل هو الله أحد)).

(٥) في كنز العمال : (للاموات).

(٦) في مستدرك الوسائل : (اعطي من الاجر بعددهم). وفي جامع الاخبار وكنز العمال : (اعطي من الاجر بعدد الاموات).

١١٨

[٣٠]

قول رسول الله (ص) :

(أيما عبد من عبادي مؤمن ابتليته ببلاء (١) على فراشه فلم يشتك (٢) إلى عواده أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ،

فإن قبضته فإلى رحمتي ، وإن عافيته عافيته وليس له ذنب.

فقيل : يا رسول الله ، لحم خير من لحمه؟ قال : لحم (٣) لم يذنب

قيل : ودم خير من دمه؟ قال لم يذنب (٤)

رواه العلامة المجلسي في البحار ٨١ : ٢٠٨ ، عن دعوات الراوندي ، هذا وروى الشيخ الكليني في الكافي ٣ : ١١٥ ـ ١١٦ ، الباب ٣ من كتاب الجنائز ، بإسناده ، عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهم السلام ، قال : قال رسول الله (ص) قال الله عزو جل : (من مرض ثلاثا فلم يشك إلى أحد من عواده ، إبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ، فإن عافيته عافيته ولا ذنب له ، وإن قبضته قبضته إلى رحمتي) ، وروى معناه ، بإسناده ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن بعض أصحابه ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام وعن الحسين بن محمد

__________________

(١) كذا في البحار نقلا عن دعوات الراوندي. وفي نسخة الاصل : (من عبادي مؤمن ابتلاه الله تعالى ببلاء).

(٢) في البحار : (يشك).

(٣) في البحار : (ما لحم).

(٤) العبارة في البحار : (قال : لحم لم يذنب ، ودم خير من دمه : دم لم يذنب).

١١٩

عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن الفضل ، عن غالب ابن عثمان ، عن بشير الدهان ، عن أبي عبد الله عليه السلام.

كما روى عن علي بن إبراهيم ، بإسناده عمن روى عن أبي عبد الله عليه السلام قلت : جعلت فداك ، وكيف يبدله؟ قال : يبدله لحما ودما وشعرا وبشرة لم يذنب فيها).

فقه الحديث :

البلاء في الدنيا تذكير واختبار وتمحيص.

قال سبحانه وتعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) (١) ، وقال : (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما هم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) (٢).

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال وقد خرج للاستسقاء ، (إن الله يبتلي عباده عند الاعمال السيئة بنقص الثمرات ، وحبس البركات ، وإغلاق خزائن الخيرات ، ليتوب تائب ، ويقلع مقلع ، ويتذكر متذكر ، ويزدجر مزدجر) (٣). ومن جملة ما يبتلي الانسان في حياته هو المرض ، وبالمرض يتذكر الانسان نعمة العافية فيعرف قدرها ويحاول استغلالها في المستقبل فيما فيه رضى الله سبحانه. فإن الصحة والامان نعمتان مجهولتان لا يعرفهما إلا من فقدهما.

والحديث يؤكد على عدم الشكوى عند المرض ، ولا يراد منه عدم التوجع من الالم ، إنما المراد عدم الشكوى من الله في تعريضه لهذا الامتحان ، بل الرضا بقضاء الله وقدره.

__________________

(١) الانبياء ٢١ / ٣٥.

(٢) آل عمران ٣ : ١٧٩.

(٣) البحار ٩ : ٧٦.

١٢٠