لمحات من المعاد

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-397-829-7
الصفحات: ١٦٤

فالميزان حقّ يلزم الاعتقاد به وإن كان وقع الاختلاف في معناه وكيفيّته ، لذلك قال العلّامة المجلسي :

«فنحن نؤمن بالميزان ونردّ علمه إلى حملة القرآن ، ولا نتكلّف علم ما لم يوضح لنا بصريح البيان» (١).

ولذلك أيضاً نقل السيّد شبّر الأقوال في الميزان والموزون عن الشيخ المفيد والشيخ البهائي والمفسّرين والمتكلّمين ثمّ قال هو قدس سره :

«والأحوط الأولى الايمان بالميزان وردّ العلم بحقيقتها إلى الله وأنبيائه وخلفائه ، ولا نتكلّف علم ما لم يوضّح لنا بصريح البيان ، والله العالم بحقيقة الحال».

ولعلّ من الصحيح أن نقول في مقام الجمع ، بل لظاهر التعبير في الآية المباركة بالموازين بصيغة الجمع ، وبقرينة الأحاديث الشريفة : انّ الموازين متعددة ، فكلّ ما يوزن به العمل ويقدّر به الفعل ويميّز به الحق عن الباطل والمقبول عن المردود ، ويكون محكّاً للعمل ، يكون ميزاناً.

فمن الموازين نفس أميرالمؤمنين عليه السلام كما تلاحظه في السلام عليه بميزان الأعمال في زياراته الشريفة.

مثل زيارته المطلقة التي يرويها المفضّل الجعفي عن الامام الصادق عليه السلام :

«السلام على ميزان الأعمال ، ومقلب الأحوال ، وسيف ذى الجلال» (٢).

وكذا مثل زيارته الاخرى المرويّة عن الامام الباقر عليه السلام :

«السلام على يعسوب الايمان ، وميزان الأعمال» (٣).

ومن الموازين الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين كما تلاحظ ذلك في أحاديث

__________________

(١) البحار : ج ٧ ، ص ٢٥٣.

(٢) مصباح الزائر : ص ١٢٦.

(٣) المستدرك : ج ١٠ ، ص ٢٢٢ ، ب ٢١ ، ح ١.

٨١

تفسير قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) (١).

ففي حديث داود الرقّي في تفسير هذه الآية الشريفة عن الامام الصادق عليه السلام قال : «أطيعوا الامام بالعدل ولا تبخسوه حقّه» (٢).

وفي حديث الحسين بن خالد عن الامام الرضا عليه السلام أيضاً قال :

«لا تبخسوا الامام حقّه ولا تظلموه» (٣).

ومن الموازين الأنبياء وأوصياؤهم كما تلاحظه في حديث هشام بن سالم المتقدّم جاء فيه :

«وهم الأنبياء والأوصياء» عليهم السلام (٤).

بل يمكن أن يكون من الموازين نفس عمل شرعي كالصلاة مثلاً تكون ميزاناً.

من حيث كونها إن قُبلت قُبل ما سواها ، وإن رُدّت رُدّ ما سواها كما يستفاد من بعض الأحاديث (٥).

بل جاء في بعض الأحاديث أنّ الصلاة ميزان تلاحظه مع بيانه في مقامه مع معانٍ له (٦).

نسأل الله تعالى مزيد الاحسان ، ورجحان الميزان ، بالعمل الصالح ، وببركة ولاية أهل البيت عليهم السلام والصلاة عليهم ومحبّتهم وشفاعة أميرالمؤمنين عليه السلام وفاطمة الزهراء عليها السلام وأهل البيت عليهم السلام كما عرفته من الأحاديث المتقدّمة وتلاحظه في البحار ج ٨ ، ص ٥٩ ب ٢١ ، ح ٨٢ وتجده بوضوح في الزيارة الحسينيّة المطلقة الأولى ، جاء فيها : «بكم يُدرك الله ترة كلّ مؤمن يُطلب بها».

__________________

(١) سورة الرحمن ، الآية ٩.

(٢) تأويل الآيات الباهرة : ص ٦٣٣ ، ح ٥.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٤٣.

(٤) معاني الأخبار : ص ٣١ ، ح ١.

(٥) الوسائل : ج ٣ ، ص ٢٢ ، ب ٨ ، ح ١٠.

(٦) مصابيح الأنوار : ج ٢ ، ص ٢٣٢.

٨٢

(٨)

الحساب

الحساب في أصل اللغة معناه : عدّ الأشياء (١).

ويفسّر حساب يوم القيامة بمحاسبة الخلق لمجازاتهم (٢).

وببيان جامع يُقال :

الحساب هي المقابلة بين الأعمال والجزاء عليها ، والموافقة للعبد على ما فرّط منه ، والتوبيح له على سيّئاته ، والحمد له على حسناته (٣).

وسيأتي في الفصل الآتي كيفيّة ضبط الأعمال وتوفيتها للانسان في يوم القيامة.

والحساب من عقائدنا الحقّة (٤).

وقد فصّل الشيخ الصدوق قدس سره بيان الحساب بقوله :

«منه ما يتولّاه الله تعالى ، ومنه ما يتولّاه حججه ، فحساب الأنبياء والرسل والأئمّة عليهم السلام يتولاه الله عزّوجلّ ، ويتولّى كلّ نبي حساب أوصيائه ، ويتولّى الأوصياء حساب الأُمم.

والله تعالى هو الشهيد على الأنبياء والرسل ، وهم الشهداء على الأوصياء والأئمّة شهداء على الناس» (٥).

__________________

(١) ترتيب العين : ج ١ ، ص ٣٧٩.

(٢) التبيان : ج ٨ ، ص ٥٤٩.

(٣) التصحيح : ١١٤.

(٤) الاعتقادات للشيخ الصدوق : ص ٧٣.

(٥) الاعتقادات للشيخ الصدوق : ص ٧٣.

٨٣

وقال العلّامة المجلسي أعلى الله مقامه :

«اعلم أنّ الحساب حقّ نطقت به الآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة فيجب الاعتقاد به.

وأمّا ما يحاسب العبد به ويُسأل عنه فقد اختلف فيه الأخبار ..

فمنها : ما يدلّ على عدم السؤال عمّا تصرف فيه من الحلال.

وفي بعضها لحلالها حساب ولحرامها عقاب.

ويمكن الجمع بينهما بحمل الأولى على المؤمنين والأخرى على غيرهم ...

أو الأولى على الأمور الضرورية كالمأكل والملبس والمسكن والمنكح ، والأخرى على ما زاد على الضرورة كجمع الأموال زائدا على ما يحتاج إليه أو صرفها فيما لا يدعوه إليه ضرورة ولا يستحسن شرعا ، ويؤيده بعض الأخبار» (١).

وقال السيّد شبّر أعلى الله درجته :

«المقالة الثانية : في الحساب والسؤال وردّ مظالم العباد ، والآيات والأخبار في ذلك كثيرة ، والايمان بذلك مجملاً واجب» (٢).

ودلّ على حقانيّة الحساب وحقيقته الكتاب والسنّة القطعيّة.

أمّا الكتاب المجيد :

١ ـ قوله تعالى :

(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (٣).

٢ ـ قوله تعالى :

(وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ

__________________

(١) البحار : ج ٧ ، ص ٢٧٥.

(٢) حقّ اليقين : ج ٢ ، ص ١١٢.

(٣) سورة البقرة ، الآية ٢٨١.

٨٤

وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١).

٣ ـ قوله تعالى :

(ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) (٢).

٤ ـ قوله تعالى :

(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ) (٣).

٥ ـ قوله تعالى :

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا) (٤).

٦ ـ قوله تعالى :

(لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (٥).

وأمّا السنّة القطعيّة :

١ ـ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله :

«لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ، وشبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت» (٦).

٢ ـ حديث أميرالمؤمنين عليه السلام :

«يوقف العبد بين يدي الله تعالى فيقول : قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٨٤.

(٢) سورة الأنعام ، الآية ٦٢.

(٣) سورة الأنبياء ، الآية ١.

(٤) سورة الانشقاق ، الآيات ٧ ـ ٩.

(٥) سورة الرعد ، الآية ١٨.

(٦) أمالي الشيخ الصدوق ، المجلس العاشر ، ص ٣٥.

٨٥

فتستغرق النعم العمل فيقولون : قد استغرق النعم العمل فيقول : هبوا له النعم.

وقيسوا بين الخير والشر منه فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنّة وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله وإن كان عليه فضل وهو من أهل التّقوى ولم يشرك بالله تعالى واتقى الشرك به فهو من أهل المغفرة ، يغفر الله له برحمته إن شاء ، ويتفضل عليه بعفوه» (١).

٣ ـ حديث ابن شعيب الحدّاد عن الامام الصادق عليه السلام قال :

«قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا أول قادم على الله ، ثمّ يقدم علي كتاب الله ، ثمّ يقدم علي أهل بيتي ، ثمّ يقدم علي أمتي فيقفون فيسألهم ما فعلتم في كتابي وأهل بيت نبيكم؟» (٢).

٤ ـ حديث الحسين بن هارون عن الامام الصادق عليه السلام انه قال في قول الله تعالى :

«(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) قال : يسأل السمع عما يسمع ، والبصر عما يطرف ، والفؤاد عما عقد عليه» (٣).

٥ ـ حديث محمّد بن مسلم الثقفي قال :

«سألت أبا جعفرٍ عليه السلام عن قول الله عزّوجلّ : (فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

فقال عليه السلام : يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتّى يقام بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحدا من الناس فيعرفه ذنوبه حتّى إذا أقر بسيئاته قال الله عزّوجلّ للكتبة : بدّلوها حسنات ، وأظهروها للناس.

فيقول الناس حينئذ : ما كان لهذا العبد سيئة واحدة؟!

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي : ص ٢١٢ ، الحديث ٣٦٩.

(٢) بصائر الدرجات : ص ٤١٢ ، ح ١.

(٣) البحار : ج ٧ ، ص ٢٧٤ ، ب ١١ ، ح ٤٦.

٨٦

ثم يأمر الله به إلى الجنة فهذا تأويل الآية وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة» (١).

حديث رسول الله صلى الله عليه وآله :

«إنّ الله يحاسب كلّ خلق إلّا من أشرك بالله ، فاّنه لا يحاسب يوم القيامة ويؤمر به إلى النّار» (٢).

٧ ـ حديث البرقي عن أميرالمؤمنين عليه السلام جاء فيه :

«وأمّا الذنب الذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم لبعض ، إن الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال : وعزّتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ، ولو كف بكف ولو مسحة بكف ونطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء.

فيقتص الله للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة ثم يبعثهم الله إلى الحساب» (٣).

٨ ـ الحديث العلوي الشريف :

«سئل عليه السلام كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟

فقال عليه السلام : كما يرزقهم على كثرتهم.

فقيل فكيف يحاسبهم ولا يرونه؟

قال كما يرزقهم ولا يرونه» (٤).

٩ ـ حديث ابراهيم بن عبّاس الصولي عن الامام الرضا عليه السلام عن آبائه الطاهرين عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه قال :

«يا علي إن أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداّ رسول

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي : ص ٧٢ ، ح ١٠٥.

(٢) عيون الأخبار : ج ٢ ، ص ٣٣ ، ح ٦٦.

(٣) المحاسن ، كتاب الاشكال : ص ٦ ، ح ١٨.

(٤) نهج البلاغة : الحكمة ٣٠٠.

٨٧

الله وأنك ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك.

فمن أقر بذلك وكان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له أبداً ...» (١).

١٠ ـ حديث اسحاق بن عمّار عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال :

«إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنّة ، فقير في الدنيا وغني في الدنيا.

فيقول الفقير : يا ربّ على ما أوقف؟ فو عزّتك إنك لتعلم أنك لم تولّني ولاية فأعدل فيها أو أجور ، ولم ترزقني مالا فأؤدي منه حقّاً أو أمنع ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفافاً على ما علمت وقدّرت لي.

فيقول الله جلّ جلاله : صدق عبدي خلوا عنه يدخل الجنّة.

ويبقى الآخر حتى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثم يدخل الجنّة ، فيقول له الفقير : ما حبسك؟ فيقول : طول الحساب ما زال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي ثم أسأل عن شيء آخر حتى تغمدني الله عزّوجلّ منه برحمة وألحقني بالتأئبين ، فمن أنت؟ فيقول : أنا الفقير الذي كنت معك آنفا ، فيقول : لقد غيرك النعيم بعدي» (٢).

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الاخرى التي تدلّ على محاسبة العباد في يوم التناد.

وقانا الله تعالى من هول الحساب وصعوبته ، ومن خوف يوم الطامّة وشدّته ، ببركة سادة الأمّة وشفعاء القيامة محمّد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

فانّ السعادة العظمى في ولايتهم ، والفوز الأكبر في متابعتهم ، والنجاة والخلاص

__________________

(١) عيون الأخبار : ج ٢ ، ص ١٢٧ ، ح ٨.

(٢) أمالي الشيخ الصدوق : ص ٣٢١ ، المجلس ٥٧.

٨٨

للمؤمنين ببركتهم ـ اولئك يبدّل الله سيّئاتهم حسنات ـ كما تقدم وتبيّن في جملة من الروايات.

ويحسن في المقام بيان بعض الخصال التي توجب أمن يوم المعاد ، والكرامة فيه والتخلّص من أهوال يوم القيامة وحسابه ، بذكر مضامين بعض الأحاديث المتضمّنة لها ، وهي خصال حسنة كثيرة مثل :

قراءة القرآن الكريم ، وزيارة الهداة المعصومين خصوصاً زيارة سيّدنا الامام الرضا عليه السلام ، واحترام مساجد الله عزّ اسمه ، وطول القنوت في الصلاة ، وصيام رجب ، وقضاء حوائج المؤمنين ، وتوقير ذي الشيبة ، وكظم الغيظ ، واجتناب الفحشاء والشهوات مخافة من الله تعالى.

وقد جمع أحاديثها العلّامة المجلسي في سابع البحار فراجع بيان النبيل إن شئت التفصيل.

٨٩

(٩)

الأعمال

أعمال العباد وأفعالهم التي قد تكون صالحة ، وقد تكون سيّئة ، وقد تكون خيراً ، أو شرّاً.

فبالاضافة إلى أنّ جميعها محفوظة عند الله تعالى ، ومشهودة لديه ، وكفى به شهيداً وشاهداً كما قال عزّ اسمه :

(... وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (١).

وبالاضافة إلى أن كلّها قامت عليها شهادة العدل المعصوم الذي لا يُردّ قوله كما قال جلّ شأنه :

(... لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ...) (٢).

وفي الحديث الرضوي الشريف :

«نحن شهداء الله وأعلامه في بريّته» (٣).

وبالاضافة إلى أن جميع الأفعال والأقوال مسجّلة عند الملائكة الموكّلين ، كما قال الله جلّ وعلا :

(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (٤).

__________________

(١) سورة يونس ، الآية ٦١.

(٢) سورة الحجّ ، الآية ٧٨.

(٣) كنز الدقائق : ج ٩ ، ص ١٤٧.

(٤) سورة ق ، الآية ١٨.

٩٠

وقال جلّ جلاله :

(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (١). (٢)

فتكون الحجّة تامّة كاملة في المجازاة على أعمال العباد وأقوالهم بل ونواياهم عند من يعلم نوايا القلوب وخفايا الصدور كما قال تعالى :

(يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (٣).

بالاضافة إلى جميع ذلك الذي هو الميزان العدل ، والقول الفصل توفّى أعمال العباد في يوم الجزاء ضمن أسناد موثوقة لا يتطرق إليها خلل ولا زلل بالانحاء التالية :

١ ـ تطاير الكتب.

٢ ـ إعطاء الصحف.

٣ ـ إنطاق الجوارح.

وقد ثبت ذلك بالآيات القرآنيّة ، والأحاديث المعصوميّة :

أمّا من القرآن الكريم :

١ ـ يدلّ على اعطاء النحو الأوّل قوله تعالى :

(وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) (٤).

٢ ـ يدلّ على النحو الثاني قوله تعالى :

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ

__________________

(١) سورة الانفطار ، الآيات ١٠ ـ ١٢.

(٢) كنز الدقائق : ج ١٤ ، ص ١٦٧.

(٣) سورة التغابن ، الآية ٤.

(٤) سورة الإسراء ، الآيتان ١٣ ـ ١٤.

٩١

مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا) (١).

٣ ـ يدلّ على النحو الثالث قوله تعالى :

(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (٢).

وذلك حينما ينكرون ما في صحيفة عملهم من معاصيهم ، فيختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم.

(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ...) (٣).

واعلم أنّ هذا القسم الأخير ايفاء الأعمال يكون لغير المؤمن كما في حديث الامام الباقر عليه السلام قال :

«وليست تشهد الجوارح على مؤمن ، إنّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب ، فأمّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه» (٤).

وأمّا من الحديث الشريف :

١ ـ للنحو الأوّل : حديث خالد بن نجيح عن الامام الصادق عليه السلام قال :

«إذا كان يوم القيامة دفع إلى الإنسان كتابة ثم قيل له : اقرأ.

قلت : فيعرف ما فيه؟

فقال : إن الله يذكره فما من لحظة ، ولا كلمة ، ولا نقل قدم ، ولا شيء فعله إلا ذكره كأنّه فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا : يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها» (٥).

__________________

(١) سورة الانشقاق ، الآيات ٧ ـ ١٢.

(٢) سورة يس ، الآية ٦٥.

(٣) سورة فصّلت ، الآية ٢١.

(٤) حقّ اليقين : ج ٢ ، ص ١٢٢.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٢٨ ، ح ٣٤.

٩٢

٢ ـ للنحو الثاني : حديث القاسم محمّد بن علي قال :

«إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه ، وحاسبه فيما بينه وبينه ... وإذا أراد بعبد شرّاً حاسبه على رُءُوس الناس ، وبكته ، وأعطاه كتابه بشماله ...» (١).

٣ ـ للنحو الثالث : حديث الامام الصادق عليه السلام عن آباءه الطاهرين عليهم السلام أنّه قال أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبته التي يصف فيها هول القيامة :

«ختم على الأفواه فلا تكلم وقد تكلمت الأيدي ، وشهدت الأرجل ، ونطقت الجلود بما عملوا ، فلا يكتمون الله حديثا» (٢).

وهذا من أبلغ الحجّة باقرار نفس العضو بما ارتكبه من فعل.

بل يستفاد من بعض الأحاديث أنّ الأرض تشهد بفعل العبد ، ففي حديث أبي كهمس انه سُئل أبو عبدالله ، يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرّقها؟

قال عليه السلام :

«بل هاهنا ، وهاهنا ، فانها تشهد له يوم القيامة» (٣).

وقد استفيد من بعض الآيات والأحاديث الشريفة هنا أنّ الجزاء يناسب العمل ، فتُجسّم الأعمال الصالحة بصورة حسنة ، وتُجسّم الأعمال السيّئة بصورة سيّئة كما تلاحظه في كلام المحقّق التستري (٤) ، واحتمله العلّامة المجلسي (٥) وتلاحظه في اُصول الكافي (٦).

__________________

(١) كتاب الزهد : ص ٩٢ ، ح ٢٤٦.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٦٤.

(٣) علل الشرائع : ص ٣٤٣ ، ح ١.

(٤) فوائد المشاهد : ص ١٧١.

(٥) البحار : ج ٧ ، ص ٣٢٢.

(٦) اُصول الكافي : ج ٢ ، ص ٥٩٨ ، ح ١ وص ٦٠١ ، ح ١١.

٩٣

ثمّ أنّه بعد إيفاء أعمال العباد يكون الجزاء ، فتجزى كلّ نفس بما كسبت من خيرٍ أو شرٍّ ، جزاء من رب العالمين بفضله ورحمته ، وبعدله وعدالته.

قال تعالى :

(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّـهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (١).

وقال عزّ اسمه :

(الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (٢).

أمّا ثوابه على الأعمال الصالحة فمن فضله ورحمته ولطفه بالعباد من غير استحقاق لهم.

وأمّا عقابه على الأعمال السيّئة فبعدله وعدالته وحكمه الحق وانتصافه من غير ظلم حيث ان عدالته من اُصول عقائدنا بدليل الكتاب والسنّة والعقل.

فمن الكتاب مثل قوله تعالى :

(إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) (٣).

ومن السنّة مثل حديث الامام الصادق عليه السلام :

«من زعم أنّ الله يُجبر عباده على المعاصي أو يكلّفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته ، ولا تقبلوا شهادته ، ولا تصلّوا وراءه ، ولا تعطوه من الزكاة شيئاً» (٤).

ومن العقل حكمه باستغناء الله عن الظلم وعدم احتياجه إلى الجور حتّى يظلم أو يجور.

__________________

(١) سورة يونس ، الآية ٤.

(٢) سورة غافر ، الآية ١٧.

(٣) سورة النساء ، الآية ٤٠.

(٤) البحار : ج ٥ ، ص ١١ ، ب ١ ، ح ١٧.

٩٤

فان الظلم والجور ناشٍ اما من العجز أو النقص أو الحقد والبُخل أو الجهل أو السفاهة والله غني قوي بالذات ومنزّه عن تلك الصفات إذن فالله تعالى عادل ، لا يكون منه عقاب إلّا باستحقاق العبد ، من دون ظلم من الله ، فالله عادل ، في الدنيا والآخرة ، وبالعدل قامت السماوات والأرض ، وكلّ أفعاله بحكمة وعدالة.

ومن طريف ما روى في عدالة الله تعالى حديث صاحب الحدائق قدس سره في قضيّة النبي داود عليه السلام (١) ، فراجع.

فيا تُرى اذا كان الله عادلاً لطيفاً بعباده في هذه الدار الدنيا فكيف في الآخرة التي يكون الانسان فيها ضعيفاً غاية الضعف لا ينفعه مال ولا بنون والله أجل من أن يظلم وهو الغنيّ عن الظلم.

ويلزم التنبيه في المقام على ما هو الشيء الهامّ ...

وهو أنّ اللازم في الأعمال الصالحة التي يرجى بها الفوز في الآخرة أن تكون واجدة لخصال ثلاثة :

١ ـ تحسين العمل ، ففي حديث الامام الصادق عليه السلام :

«إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف الله عمله لكلّ حسنة سبعمأة ، وذلك قول الله تعالى : (وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ) (٢).

فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب الله.

فقيل له : وما الاحسان؟

قال عليه السلام : إذا صلّيت فأحسن ركوعك وسجودك ، وإذا صمت فتوقّ كلّما فيه فساد صومك ، وإذا حججت فتوق ما يحرم عليك في حجّك وعمرتك ، وكلّ عمل تعمله فليكن

__________________

(١) الكشكول : ج ٣ ، ص ١٦٣.

(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٦١.

٩٥

تقيّأ من الدنس» (١).

٢ ـ إبقاء العمل ، ففي حديث الامام الباقر عليه السلام :

«الابقاء على العمل أشدّ من العمل ، فسئل وما الابقاء على العمل؟

قال عليه السلام : يصل الرجل بصلةٍ وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فتكتب له سرّاً ، ثمّ يذكرها فتُحمى فتكتب علانية ، ثمّ يذكرها فتُحمى وتكتب له رياء».

٣ ـ قبول العمل ، وهو شرط العمل ، والذي لا يقبل العمل إلّا به ، وهو ولاية أهل البيت عليهم السلام وبدونها لا يكون العمل ومقبولاً بالغاً من بلغ.

كما عليه الأحاديث المتواترة المتظافرة في بابه المشتمل على ٧١ حديثاً في البحار مثل :

١ ـ حديث الامام الصادق عليه السلام :

«يا ميسر ما بين الركن والمقام روضة من رياض الجنة ، وما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة.

ولو أن عبداً عمره الله ما بين الركن والمقام وما بين القبر والمنبر يعبده ألف عام ثم ذبح على فراشه مظلوما كما يذبح الكبش الأملح ثم لقي الله عزّوجلّ بغير ولايتنا لكان حقيقا على الله عزّوجلّ أن يكبه على منخريه في نار جهنم» (٢).

٢ ـ حديث الامام الباقر عليه السلام :

«والله لو أن عبداً صف قدميه في ذلك المكان ـ أي بين الركن والمقام ـ وقام الليل مصليا حتى يجيئه النهار وصام النهار حتى يجيئه الليل ولم يعرف حقنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل الله منه شيئاً أبداً» (٣).

__________________

(١) سفينة البحار : ج ٦ ، ص ٥١٧.

(٢) البحار : ج ٢٧ ، ص ١٨٠ ، ح ٢٧.

(٣) البحار : ج ٢٧ ، ص ١٧٨ ، ح ٢٥.

٩٦

٣ ـ حديث الامام الصادق عليه السلام عن آبائه الطاهرين عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال :

«يا علي والذي بعثني بالنبوّة واصطفاني على جميع البرية لو أن عبدا عبد الله ألف عام ما قبل الله ذلك منه إلا بولايتك وولاية الأئمة من ولدك.

وإن ولايتك لا تقبل إلا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك.

بذلك أخبرني جبرئيل ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».

٩٧

(١٠)

الوسيلة

الوسيلة في أصل المعنى اللغوي هي بمعنى : ما يُتقرّب ويتوصّل له إلى الشيء برغبة ، وهي أخص من الوصيلة ، لتمضمّن الوسيلة معنى الرغبة (١).

يقال : وسلت إلى الله تعالى أي رغبت إليه ، والوسيلة ما يتقرّب له (٢).

ورسول الله وأهل بيته سلام الله عليهم هم الوسيلة إلى الله تعالى ورضوانه والوصلة إلى عفوه وغفرانه كما ثبت في الحديث (٣). والوسيلة المقصودة في المقام هي الوسيلة في الآخرة.

وهي أعلى درجة في الجنّة من منزلة النبي والعترة صلوات الله عليهم (٤).

وهي من المقام المحمود لرسول الله صلى الله عليه وآله (٥).

وفي الحديث أنّ الوسيلة أعلى درجة في الجنّة ، ونهاية غاية الأمنيّة ، وذروة ذوائب الزلفة ...

لها ألف مرقاة مشرفة على الجنان كلّها ..

ورسول الله قاعدٌ يومئذٍ عليها ، وقد أشرق بنور وجهه الموقف ..

__________________

(١) المفردات : ص ٥٢٥.

(٢) مجمع البحرين : ص ٥٠٠.

(٣) مرآة الأنوار : ص ٢٢٠.

(٤) مرآة الأنوار : ص ٢٢٠.

(٥) سفينة البحار : ج ٧ ، ص ٣٨٥.

٩٨

وأميرالمؤمنين في الدرجة الرفيعة التالية لرسول الله صلى الله عليه وآله ...

والأنبياء والرسل على المراقى (١).

ففي ذلك اليوم الرهيب ، والمشهد العجيب يظهر من منزلة النبي وآله صلوات الله عليهم ، وكرامة الله لهم في لواء حمدهم ، ومحمود مقامهم ، وكرسي كرامتهم وكوثرهم ، وشفاعتهم ما يبهر العقول ، ومنها وسيلتهم.

قال في حقّ اليقين :

وقد تواترت بذلك الأخبار من طرق العامّة والخاصّة ، بل كاد يكون من ضروريّات الدين ، فالايمان بذلك واجب (٢).

والدليل على هذه المنزلة الفاخرة قائم من الكتاب والسنّة الزاهرة في آيات كريمة ، وأحاديث مكرّمة ...

نذكرها فيما يلي :

من الكتاب :

١ ـ قوله تعالى :

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا) (٣).

٢ ـ قوله تعالى :

(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ) (٤).

من السنّة :

١ ـ حديث الحسين بن سعيد بسنده عن الامام الصادق عن آبائه عليهم السلام قال :

__________________

(١) مرآة الأنوار : ص ٢٢٠.

(٢) حقّ اليقين : ج ٢ ، ص ١٢٥.

(٣) سورة الإسراء ، الآية ٧٩.

(٤) سورة الضحى ، والآيتان ٤ ـ ٥.

٩٩

«قال النبي صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة وعدني المقام المحمود ، وهو واف لي به ، إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر له ألف درجة فأصعد حتى أعلو فوقه.

فيأتيني جبرئيل عليه السلام بلواء الحمد فيضعه في يدي ويقول يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، فأقول لعلي : اصعد فيكون أسفل مني بدرجة فأضع لواء الحمد في يده.

ثم يأتي رضوان بمفتايح الجنة فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى فيضعها في يدي ، فأضعها في حجر علي بن أبي طالب.

ثم يأتي مالك خازن النار ، فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى هذه مفاتيح النار ، أدخل عدوك وعدو أمتك النار فآخذها وأضعها في حجر علي بن أبي طالب.

فالنار والجنة يومئذ أسمع لي ولعلي من العروس لزوجها ، فهي قول الله تعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (١).

٢ ـ حديث ابن سنان في الوسيلة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال :

«هي ـ الوسيلة ـ درجتي في الجنة ، وهي ألف مرقاة جوهر ، إلى مرقاة زبرجد ، إلى مرقاة لؤلؤة ، إلى مرقاة ذهب ، إلى مرقاة فضة ، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين.

فهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب فلا يبقى يومئذ نبي ولا شهيد ولا صديق إلا قال طوبى لمن كانت هذه درجته.

فينادي المنادي ويسمع النداء جميع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين

__________________

(١) تفسير فرات الكوفي : ص ٤٣٧ ، ح ٥٧٨.

١٠٠