بلاغات النساء

أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر [ ابن طيفور ]

بلاغات النساء

المؤلف:

أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر [ ابن طيفور ]


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مكتبة بصيرتي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٢٤

حديدا وجوابا عتيدا وهالتني رعبا وأوسعتني سبا ثم التفت معاوية الى عبيد بن أوس فقال ابعث لها ما تقطع به عنا لسانها وتقضي به ما ذكرت من دينها وتخف به الى بلادها وقال اللهم اكفني شر لسانها فلما أتاها الرسول بما أمر به معاوية قالت يا عجبي لمعاوية يقتل زوجي ويبعث الي بالجوائز فليت أبي كرب سد عني حره صله خذ من الرضعة ما عليها فاخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة فمرت بحمص فقتلها الطاعون فبلغ ذلك الاسلع فاقبل الى معاوية كالمبشر له فقال له افرخ روعك يا أمير المؤمنين قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد وقد كفيت شر لسانها قال وكيف ذلك قال مرت بحمص فقتلها الطاعون فقال له معاوية فنفسك فبشر بما احببت فإن موتها لم يكن على أحد اروح منه عليك ولعمري انتصفت منها حين افرغت عليك شؤبوبا وبيلا فقال الاسلع ما اصابني من حرارة لسانها شئ إلا وقد اصابك مثله أو أشد منه

(كلام امراة من بني ذكوان في مجلس معاوية)

قال حدثني عبد الله بن الضحاك الهدادي قال حدثنا هشام بن محمد عن عوانه وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التميمي عن أبيه عن خالد بن سعيد عن رجل من بني امية قال حضرت معاوية يوما وقد اذن للناس اذنا عاما فدخلوا عليه لمظالمهم وحوائجهم فدخلت امراة كأنها قلعة ومعها جاريتان لها فحدرت اللثام عن لون كأنما أشرب ماء الدر في حمرة التفاح ثم قالت الحمد لله يا معاوية الذي خلق اللسان فجعل فيه البيان ودل به على النعم واجري به القلم فيما ابرم وحتم ودرأ وبرأ وحكم وقضا صرف الكلام باللغات المختلفة على المعاني المتفرقة الفها بالتقديم والتأخير

٦١

والاشباه والمناكر والموافقة والتزايد فادته الاذان القلوب وأدته القلوب الى الالسن بالبيان استدل به على العلم وعبد به الرب وابرم به الامر وعرفت به الاقدار وتمت به النعم فكان من قضاء الله وقدره ان قربت زيادا وجعلت له بين آل سفيان نسبا ثم وليته احكام العباد يسفك الدماء بغير حلها ولا حقها ويهتك الحرم بلا مراقبة الله فيها خؤون غشوم كافر ظلوم يتخير من المعاصي أعظمها لا يرى لله وقارا ولا يظن ان له معادا وغدا يعرض عمله في صحيفتك وتوقف على ما اجترم بين يدي ربك ولك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة وبينك وبينه صهر فلا الماضين من أئمة الهدى اتبعت ولا طريقتهم سلكت جعلت عبد ثقيف على رقاب أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يدبر امورهم ويسفك دماءهم فماذا تقول لربك يا معاوية وقد مضى من اجلك أكثره وذهب خيره وبقي وزره إني امرأة من بني ذكوان وثب زياد المدعى الى أبي سفيان على ضيعتي ورثتها عن أبي وأمي فغصبنيها وحال بيني وبينها وقتل من نازعه فيها من رجالي فاتيتك مستصرخة فإن انصفت وعدلت وإلا وكلتك وزياد الى الله عز وجل فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده والمنصف لي منكما حكم عدل فبهت معاوية ينظر إليها متعجبا من كلامها ثم قال ما لزياد لعن الله زيادا فانه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها وعلى مساويه من يثيرها ثم أمر كاتبه بالكتاب الى زياد يأمره بالخروج إليها من حقها وإلا صرفه مذموما مدحورا ثم أمر لها بعشرين الف درهم وعجب معاوية وجميع من حضره من مقالتها وبلوغها حاجتها

٦٢

(كلام أم سنان بنت خيثمة بن خرشة)

قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثني عبد الله بن سليمان المديني عن أبيه عن سعيد بن حذافة قال حبس مروان بن الحكم غلاما من بني ليث في جناية جناها بالمدينة فأتته جدة الغلام أم أبيه وهي أم سنان بنت خيثمة بن خرشة المذحجية فكلمته في الغلام فاغلظ لها مروان فخرجت الى معاوية فدخلت عليه فانتسبت له فقال مرحبا بك يا بنت خيثمة ما أقدمك أرضي وقد عهدتك تشنئين قربي وتحضين علي عدوي قالت يا أمير المؤمنين ان لبني عبد مناف اخلاقا طاهرة واعلاما ظاهرة لا يجهلون بعد علم ولا يسفهون بعد حلم ولا يتعقبون عفو فاولى الناس باتباع سنن آبائه لانت قال صدقت نحن كذلك فكيف قولك

عزب الرقاد فمقلتي ما ترقد

والليل يصدر بالهموم ويورد

يا آل مذحج لا مقام فشمروا

ان العدو لآل أحمد يقصد

هذا علي كالهلال يحفه

وسط السماء من الكواكب

اسعد خير الخلائق وابن عم محمد

وكفي بذاك لمن شناه تهدد

ما زال مذ عرف الحروب مظفرا

والنصر فوق لواءه ما يفقد

قالت كان ذلك يا أمير المؤمنين وانا لنطمع بك خلفا فقال رجل من جلسائه كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة ايضا

اما هلكت أبا الحسين فلم تزل

بالحق تعرف هاديا مهديا

فاذهب عليك صلاة ربك ما دعت

فوق الغصون حمامة قمريا

قد كنت بعد محمد خلفا لنا

أوصى اليك بنا فكنت وفيا

فاليوم لا خلف نأمل بعده

هيهات نمدح بعده انسيا

٦٣

قالت يا أمير المؤمنين لسان نطق وقول صدق ولئن تحقق فيك ظننا فحظك أوفر والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين الا هؤلاء فادحض مقالتهم وابعد منزلتهم فانك ان فعلت ازددت بذلك من الله تبارك وتعالى قربا ومن المؤمنين حبا قال وانك لتقولين ذلك قالت يا سبحان الله والله ما مثلك من مدح بباطل ولا اعتذر اليك بكذب وانك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا كان والله علي (عليه السلام) احب الينا من غيره إذ كنت باقيا قال ممن قالت من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص قال وبم استحققت ذلك عليهم قالت بحسن حلمك وكريم عفوك قال وانهما ليطمعان في قالت هما والله لك من الرأي على مثل ما كنت عليه لعثمان رحمه الله قال والله لقد قاربت فما حاجتك قالت إن مروان ابن الحكم تبنك بالمدينة تبنك من لا يريد البراح منها لا يحكم بعدل ولا يقضي بسنة يتتبع عثرات المسلمين ويكشف عورات المؤمنين حبس ابن ابني فأتيته فقال كيت وكيت فالقمته اخشن من الحجر والعفته أمر من الصبر ثم رجعت الى نفسي باللائمة فاتيتك يا أمير المؤمنين لتكون من أمري ناظرا وعليه معديا قال صدقت لا أسألك عن ذنبه ولا عن القيام بحجته اكتبوا لها باخراجه قالت يا أمير المؤمنين وأنى لي بالرجعة وقد نفذ زادي وكلت راحتي فأمر لها براحلة موطأة وخمسة آلاف درهم

(كلام لنساء متفرقات)

اسحق بن إبراهيم الموصلي قال سمعت اعرابية تقول تيسروا للقاء الله عز وجل فإن هذه الايام تدرجنا ادراجا أحمد بن الحارث قال سمعت أبا عبد الله بن الاعرابي يقول عن عثمان بن حفص الثقفي قال مر ذو

٦٤

الاصبع العدواني بجوار يختلين في روضة من زهرتها فوقف ينظر اليهن فقالت احداهن امض لشأنك فو الله ما منك السوار قال وما ذاك قالت رأيتك إذا جلست تهدمت وإذا قمت عجنت وإذا مشيت هدجت قال أبو نصر النعامي سئلت بنت الخس عن المعزى فقالت طعم شهر وعناء دهر قال وقيل لها اشترى ابوك ضأنا قالت هنيئا لابي العناء وقرية لا حمي لها قيل لها اشترى ابوك ابلا قالت هنيئا لابي الجمال قيل اشترى خيلا قالت هنيئا له العز بطونها كنز وظهورها عز قيل اشترى ابوك حمرا قالت عازبة الليل خزي النهار

(كلام نائلة بنت الفرافصة)

وجدته في بعض الكتب ولم اروه عن أحد قال لما قتل عثمان بن عفان مكث ثلاثا ثم دفن ليلا قال فغدت نائلة ابنة الفرافصة الكلبية زوجته متسلبة في اطمار معها نسوة من قومها وغيرهم الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستقبلت القبلة بوجهها ووجهت احدى نسوتها تستنهض الناس لها قال فتقوضت الخلق نحوها وقد سدلت ثوبها على وجهها والقت كمها على رأسها حتى آذنوها باجتماع الناس قال فحمدت الله واثنت عليه وصلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قالت عثمان ذو النورين قتل مظلوما بينكم بعد الاعتذار وان اعطاكم العتبى معاشر المؤمنة وأهل الملة لا تستنكروا مقامي ولا تستكثروا كلامي فانى حرى عبرى رزئت جليلا وتذوقت ثكلا من عثمان بن عفان ثالث الاركان من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الفضل عند تراجع الناس في الشورى يوم الارشاد فكان الطبيب المرتضى المختار حتى لم يتقدمه متقدم ولم يشك في فضله متأثم

٦٥

القوا إليه الازمة وخلوه والامة حين عرفوا له حقه وحمدوا مذاهبه وصدقه فكان واحدهم غير مدافع وخيرتهم غير منازع لا ينكر له حسن الغناء ولا عنه سماح النعماء إذ وصل اجنحة المسلمين حين نهضوا الى رؤوس أئمة الكفر حيث ركضوا فقلدوه الامور إذ لم يكن فيهم له نظير فسلك بهم سبيل الهدى وبالنبي وصاحبيه اقتدى مخسئا للشيطان الى مداحره مقصيا للعدوان الى مزاحره تنقشع منه الطواغيت وتزايل عنه المصاليت امتد له الدين واتصل به السبيل المستقيم ولحق الكفر بالاطراف قليل الالاف والاحلاف فتركه حين لا خير في الاسلام في افتتاح البلاد ولا رأي لاهله في تجهيز البعوث فاقام يمدكم بالرأي ويمنعكم بالادنى يصفح عن مسيئكم في اساءته ويقبل محسنكم باحسانه ويكافيكم بماله ضعيف الانتصار منكم قوي المعونة منكم فاستلنتم عريكته حين منحكم محبته واجركم ارسانكم آمنا جرأتكم وعدوانكم فاراهكموا الحق اخوانا واراكموه الباطل شيطانا في عقب سيرة من رأيتموه فظا وعددتموه غليظا قهركم منه بالقمع وطاعتكم اياه على الجدع يعاملكم الحنة وتحولكم بالضرب وكان والله اعلم بآدابكم ومصالحكم فلله هو قد نظر في ضمائركم وعرف اعلانكم وسرائركم فحين فقدتم سطوته وامنتم بطشته ورأيتم ان الطرق قد انشعبت لكم والسبل قد اتصلت بكم ظننتم ان الله يصلح عمل المفسدين فعدوتم عدوة الاعداء وشددتم شدة السفهاء على التقي النقي الخفيف بكتاب الله عز وجل لسان الثقيل عند الله ميزانا فسفكتم دمه وانتهكتم حرمه واستحللتم منه الحرم الاربع حرمة الاسلام وحرمة الخلافة وحرمة الشهر الحرام وحرمة البلد الحرام فليعلمن الذين سعوا في امره ودبوا في قتله ومنعونا عن دفنه اللهم

٦٦

ان بئس للظالمين بدلا وانهم شر مكانا واضعف جندا لتتعبدنكم الشبهات ولتفرقن بكم الطرقات ولتذكرن بعدها عثمان ولا عثمان وكيف بسخط الله من بعده واين كنتم كعثمان ذي النورين منفس الكرب زوج ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصاحب البرمد ورومة هيهات والله ما مثله بموجود ولا مثل فعله بمعدود يا هؤلاء انكم في فتنة عمياء صماء طباق السماء ممتدة الحيران شوهاء العيان في لبس من الامر قد توزع كل ذي حق حقه ويئس من كل خبر اهله فلهوات الشر فاغرة وآيات السوء كاشرة وعيون الباطل خزر واهله شزر ولئن نكرتم عثمان وبشعتم الدعة لتنكرن غير ذلك من غيره حين لا ينفعكم عقاب ولا يسمع منكم استعتاب ثم اقبلت بوجهها على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت اللهم اشهد

أيا قبر النبي وصاحبيه

عذيري ان شكوت ضياع ثوبي

فاني لا سبيل فتنفعوني

ولا ايديكم في منع حوبي

ثم انصرفت باكية مسترجعة وتفرق الناس مع انصرافها

(كلام عائشة بنت عثمان ابن عفان)

قال كان علي بن أبي طالب (ع) في ماله بينبع فلما قتل عثمان بن عفان خرج عنق من الناس يتساعون الى علي (عليه السلام) تشتد بهم دوابهم واستطاروا فرحا واستفزهم الجذل حتى قدموا به فبايعوه فلما بلغ ذلك عائشة ابنة عثمان صاحت بأعلى صوتها يا ثارات عثمان انا لله وإنا إليه راجعون أفيت نفسه وطل دمه في حرم رسول صلى الله عليه وآله وسلم ومنع من دفنه اللهم ولو يشاء لامتنع ووجد من الله عز وجل حاكما ومن المسلمين ناصرا ومن المهاجرين شاهدا حتى يفئ الى الحق من صد عنه

٦٧

أو تطيح هامات وتفرى غلاصم وتخاض دماء ولكن استوحش مما آنستم به واستوخم ما استمرأتموه يا من استحل حرم الله ورسوله واستباح حماه لقد نقمتم عليه اقل مما اتيتم إليه فراجع فلم تراجعوه واستقال فلم تقيلوه رحمة الله عليك يا ابتاه احتسبت نفسك وصبرت لامر ربك حتى لحقت به وهؤلاء الان قد ظهر منهم تراوض الباطل واذكاء الشنآن وكوامن الاحقاد وادراك الاحن والاوتار وبذلك وشيكا كان كيدهم وتبغيهم وسعي بعضهم ببعض فما اقالوا عاثرا ولا استعتبوا مذنبا حتى اتخذوا ذلك سببا في سفك الدماء واباحة الحمى وجعلوا سبيلا الى البأساء والعنت فهلا علنت كلمتكم وظهرت حسكتكم إذ ابن الخطاب قائم على رؤوسكم ماثل في عرصاتكم يرعد ويبرق بارعابكم يقمعكم غير حذر من تراجعكم الاماني بينكم وهلا نقمتم عليه عودا وبدأ إذ ملك ويملك عليكم من ليس منكم بالخلق اللين والجسم الفصيل يسعى عليكم وينصب لكم لا تنكرون ذلك منه خوفا من سطوته وحذرا من شدته ان يهتف بكم متقسورا أو يصرخ بكم متعذورا ان قال صدقتم قالته وان سأل بذلتم سألته بحكم في رقابكم واموالكم كانكم عجائز صلع واماء قصع فبدأ معلنا لابن أبي قحافة بارث نبيكم على بعد رحمه وضيق بلده وقلة عدده فوقا الله شرها زعم لله دره ما اعرفه ما صنع أو لم يخصم الانصار بقيس ثم حكم بالطاعة لمولى أبي حذافة يتمايل بكم يمينا وشمالا قد خطب عقولكم واستمهر وجلكم ممتحنا لكم ومعترفا اخطاركم وهل تسموا هممكم الى منازعته ولو لا تيك لكان قسمه خسيسا وسعيه تعيسا لكن بدر الرأي وثنى بالقضا وثلث بالشورى ثم غدا سامرا مسلطا درته على عاتقه

٦٨

فتطأطأتم له تطأطأ الحقة ووليتموه ادباركم حتى علا اكتافكم فلم يزل ينعق بكم في كل مرتع ويشد منكم على كل محنق لا ينبعث لكم هتاف ولا يأتلف لكم شهاب يهجم عليكم بالسراء ويتورط بالحوباء عرفتم أو نكرتم لا تألمون وتستنطقون حتى إذا عاد الامر فيكم ولكم واليكم في مونقة من العيش عرقها وشيج وفرعها عميم وظلها ظليل تتناولون من كثب ثمارها أنى شئتم رغدا وحليت عليكم عشار الارض دررا واستمرأتم أكلكم من فوقكم ومن تحت ارجلكم في خصب غدق وامق شرق تنامون في الخفض وتستلينون الدعة ومقتم زبرجة الدنيا وحرجتها واستحليتم غضارتها ونضرتها وظننتم ان ذلك سيأتيكم من كثب عفوا ويتحلب عليكم رسلا فانتضيتم سيوفكم وكسرتم جفونكم وقد أبى الله ان تشام سيوف جردت بغيا وظلما ونسيتم قول الله عز وجل ان الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا فلا يهنيكم الظفر ولا يستوطنن بكم الحصر فإن الله بالمرصاد وإليه المعاد والله ما يقول الظليم إلا على رجلين ولا ترن القوس إلا على سيتين فاثبتوا في الغرز ارجلكم فقد ضللتم هداكم في المتيهة الحرقاء كما ضل ادحية الحسقل وسيعلم كيف تكون إذا كان الناس عباديد وقد نازعتكم الرجال واعترضت عليكم الامور وساورتكم الحروب بالليوث وقارعتكم الايام بالجيوش وحمى عليكم الوطيس فيوما تدعون من لا يجيب ويوما تجيبون من لا يدعو وقد بسط باسطكم كلتا يديه يرى انهما سبيل الله فيد مقبوضة واخرى مقصورة والرؤوس تنزو عن الطلى والكواهل كما ينقف التنوم فما ابعد نصر الله من الظالمين واستغفر الله مع المستغفرين

٦٩

(كلام فاطمة بنت عبد الملك)

اخبرنا محمد بن سعد قال اخبرنا السجستاني قال اخبرنا العتبي قال حدثني حماد بن النضر عن محمد بن الليث عن عطا قال قلت لفاطمة بنت عبد الملك اخبريني عن عمر بن عبد العزيز قالت افعل ولو كان حيا ما فعلت ان عمر رحمه الله كان قد فرغ للمسلمين نفسه ولامورهم ذهنه فكان إذا أمسى مساء لم يفرغ فيه من حوائج يومه دعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله ثم صلى ركعتين ثم اقعى واضعا رأسه على يديه تسيل دموعه على خديه يشهق الشهقة يكاد ينصدع لها قلبه أو تخرج لها نفسه حتى يرى الصبح وقد اصبح صائما فدنوت منه فقلت له يا أمير المؤمنين الشئ منك ما كان قال اجل فعليك بشأنك وخلني بشأني فقلت إني ارجو ان أيقظ قال اذن اخبرك انى نظرت فوجدتني قد وليت أمر هذه الامة احمرها واسودها ثم ذكرت الفقير الجائع والغريب الضائع والاسير المقهور وذا المال القليل والعيال الكثير واشياء من ذلك في اقاصي البلاد واطراف الأرض فعلمت ان الله عز وجل سائلي عنهم وان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجيجي لا يقبل الله مني فيهم معذرة ولا تقوم لي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجة فرحمت والله يا فاطمة نفسي رحمة دمعت لها عيني ووجع لها قلبي فانا كلما ازددت ذكرا ازددت خوفا فأيقظي أودعي

(كلام عكرشة بنت الاطش)

العباس بن بكار قال حدثنا أبو بكر الهذلي وعبد الله بن سليمان عن عكرمة وقال حدثنا المقدمي باسناده عن الشافعي قالوا دخلت عكرشة

٧٠

بنت الاطش على معاوية وبيدها عكاز في اسفله زج مسقى فسلمت عليه بالخلافة وجلست فقال لها معاوية يا عكرشة الان صرت أمير المؤمنين قالت نعم إذ لا علي حي قال ألست صاحبة الكور المسدول والوسيط المشدود والمتقلدة بحمائل السيف وأنت واقفة بين الصفين يوم صفين تقولين (يا ايها الناس عليكم انفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ان الجنة دار لا يرحل عنها من قطنها ولا يحزن من سكنها فابتاعوها بدار لا يدوم نعيمها ولا تنصرم همومها كونوا قوما مستبصرين ان معاوية دلف اليكم بعجم العرب غلف القلوب لا يفقهون الايمان ولا يدرون ما الحكمة دعاهم بالدنيا فأجابوه واستدعاهم الى الباطل فلبوه فالله الله عباد الله في دين الله واياكم والتواكل فإن في ذلك نقص عروة الاسلام واطفاء نور الايمان وذهاب السنة واظهار الباطل هذه بدر الصغرى والعقبة الاخرى قاتلوا يا معشر الانصار والمهاجرين على بصيرة من دينكم واصبروا على عزيمتكم فكأني بكم غدا قد لقيتم أهل الشام كالحمر النهاقة والبغال الشحاجة تضفع ضفع البر وتروث روث العتاق. انتهت حكاية قولها ثم قال معاوية فوالله لو لا قدر الله وما أحب ان يجعل لنا هذا الامر لقد كان انكفأ على العسكران فما حملك على ذلك قالت يا أمير المؤمنين ان اللبيب إذا كره امرا لم يحب اعادته قال صدقت اذكري حاجتك قالت أمير المؤمنين ان الله قد رد صدقاتنا علينا ورد اموالنا فينا إلا بحقها وانا قد فقدنا ذلك فما ينعش لنا فقير ولا يجبر لنا كسير فإن كان ذلك عن رأيك فما مثلك من استعان بالخونة ولا استعمل الظالمين قال معاوية يا هذه انه تنوبنا امور هي اولى بنا منكم من بحور تنبثق وثغور تنفتق قالت يا سبحان الله ما فرض

٧١

الله لنا حقا جعل لنا فيه ضررا على غيرنا ما جعله لنا وهو علام الغيوب قال معاوية هيهات يا أهل العراق فقهكم ابن أبي طالب فلن تطاقوا ثم أمر لها برد صدقتها وانصافها وردها مكرمة

(كلام الدارمية الحجونية)

وقال المقدمي أبو اسحاق قال حج معاوية سنة من سنيه فسأل عن امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فاخبر بسلامتها فبعث إليها فجئ بها فقال لها كيف حالك يا ابنة حام قالت بخير ولست لحام إنما انا امراة من قريش من بني كنانة ثمت من بني ابيك قال صدقت هل تعلمين لم بعثت اليك قالت لا يا سبحان الله وانى لي بعلم ما لم اعلم قال بعثت اليك ان اسألك علا م أحببت عليا (عليه السلام) وابغضتيني وعلا م واليتيه وعاديتيني قالت أو تعفيني من ذلك قال لا أعفيك ولذلك دعوتك قالت فأما إذ ابيت فاني احببت عليا (عليه السلام) على عدله في الرعية وقسمه بالسوية وابغضتك على قتالك من هو أولى بالامر منك وطلبك ما ليس لك وواليت عليا (عليه السلام) على ما عقد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الولاية وحب المساكين واعظامه لاهل الدين وعاديتك على سفكك الدماء وشقك العصا قال صدقت فلذلك انتفخ بطنك وكبر ثديك وعظمت عجيزتك قالت يا هذا بهند (ام معاويه (والله يضرب المثل لا انا قال معاوية يا هذه لا تغضبي فانا لم نقل إلا خيرا انه ان انتفخ بطن المرأة تم خلق ولدها وإذا كبر ثديها حسن غذاء ولدها وإذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها فرجعت المرأة فقال لها هل رأيت عليا قالت أي والله لقد رأيته قال كيف رأيته قالت لم ينفخه الملك ولم

٧٢

تصقله النعمة قال فهل سمعت كلامه قالت نعم قال فكيف سمعته قالت كان والله كلامه يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صداء الطست قال صدقت هل لك من حاجة قالت وتفعل إذا سألت قال نعم قالت تعطيني مئة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها قال ماذا تصنعين بها قالت اغذوا بألبانها الصغار واستحنى بها الكبار واكتسب بها المكارم واصلح بها بين عشائر العرب قال فإن انا اعطيتك هذا أحل منك محل علي (عليه السلام) قالت يا سبحان الله أو دونه أو دونه فقال معاوية

إذا لم اجد منكم عليكم

فمن ذا الذي بعدي يؤمل بالحلم

خذيها هنيئا واذكري فعل ماجد

حباك على حرب العداوة بالسلم

أما والله لو كان عليا ما اعطاك شيئا قالت أي والله ولا برة واحدة من مال المسلمين يعطني ثم أمر لها بما سألت

(كلام جروة بنت مرة بن غالب)

أبو عبد الله محمد بن زكريا قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثني عبد الله بن سليمان المديني عن أبيه وسهيل التميمي عن أبيه عن عمته قالت احتجم معاوية بمكة فلما امسى ارق ارقا شديدا فارسل الى جروة ابنة غالب التميمية وكانت مجاورة بمكة وهي من بني اسيد بن عمرو بن تميم فلما دخلت قال لها مرحبا يا جروة ارعناك قالت أي والله يا أمير المؤمنين لقد طرقت في ساعة لا يطرق فيها الطير في وكره فأرعت قلبي وريع صبياني وافزعت عشيرتي وتركت بعضهم يموج في بعض يراجعون القول ويديرون الكلام خشية منك وشفقة علي فقال لها ليسكن روعك ولتطب نفسك فإن الامر على خلاف ما ظننت إني احتجمت فاعقبني ذلك ارقا

٧٣

فارسلت اليك تخبريني عن قومك قالت عن أي قومي تسألني قال عن بني تميم قالت يا أمير المؤمنين هم اكثر الناس عددا واوسعه بلدا وابعده امدا هم الذهب الاحمر والحسب الافخر قال صدقت فنزليهم لي قالت يا أمير المؤمنين أما بنو عمرو بن تميم فأصحاب بأس ونجدة وتحاشد وشدة لا يتخاذلون عند اللقاء ولا يطمع فيهم الاعداء سلمهم فيهم وسيفهم على عدوهم قال صدقت ونعم القوم لانفسهم قالت وأما بنو سعد بن زيد مناه ففي العدد الاكثرون وفي النسب الاطيبون يضرون ان غضبوا ويدركون ان طلبوا اصحاب سيوف وجحف ونزال وزلف على أن بأسهم فيهم وسيفهم عليهم وأما حنظلة فالبيت الرفيع والحسب البديع والعز المنيع المكرمون للجار والطالبون بالثار والناقضون للاوتار قال ان حنظلة شجرة تفرع قالت صدقت يا أمير المؤمنين وأما البراجم فاصابع مجتمعة وكف ممتنعة وأما طهية فقوم هوج وقرن لجوج واما بنو ربيعة فصخرة صماء وحية رقشاء يغزون غيرهم ويفخرون بقومهم وأما بنو يربوع ففرسان الرماح واسود الصباح يعتنقون الاقران ويقتلون الفرسان واما بنو مالك فجمع غير مفلول وعز غير مجهول ليوث هرارة وخيول كرارة وأما بنو دارم فكرم لا يدانى وشرف يسامى وعز لا يوازى قال أنت اعلم الناس بتميم فكيف علمك بقيس قالت كعلمي بنفسي قال فخبريني عنهم قالت أما غطفان فاكثر سادة وامنع قادة واما فزاره فبيتها المشهور وحسبها المذكور وأما ذبيان فخطباء شعراء اعزة اقوياء وأما عبس فجمرة لا تطفأ وعقبة لا تعلى وحية لا ترقى وأما هوازن فحلم ظاهر وعز قاهر وأما سليم ففرسان الملاحم واسود ضراغم وأما نمير فشوكة مسمومة وهامة مذمومة

٧٤

ورأية ملمومة وأما هلال فاسم فخم وعز قوم وأما بنو كلاب فعدد كثير وفخر اثير قال لله أنت فما قولك في قريش قالت يا أمير المؤمنين هم ذروة السنام وسادة الانام والحسب القمقام قال فما قولك في علي (عليه السلام) قالت جاز والله في الشرف حدا لا يوصف وغاية لا تعرف وبالله اسال أمير المؤمنين اعفائي مما اتخوف قال قد فعلت وأمر لها بضيعة نفيسة غلتها عشرة آلاف درهم

(كلام ام البراء بنت صفوان)

قال وحدثنا العباس قال حدثنا سهيل بن أبي سفيان التميمي عن أبيه عن جعده بن هبيرة المخزومي قال استأذنت ام البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية فأذن لها فدخلت في ثلاثة دروع تسحبها قد كارت على على رأسها كورا كهيئة المنسف فسلمت ثم جلست فقال كيف أنت يا بنت صفوان قالت بخير يا أمير المؤمنين قال فكيف حالك قالت ضعفت بعد جلد وكسلت بعد نشاط قال سيان بينك اليوم وحين تقولين

يا عمرو دونك صار ما ذا رونق

عضب المهزة ليس بالخوار

اسرج جوادك مسرعا ومشمرا

للحرب غير معرد لفرار

اجب الامام ودب تحت لواءه

وافر العدو بصارم بتار

يا ليتني اصبحت ليس بعورة

فاذب عنه عساكر الفجار

قالت قد كان ذاك يا أمير المؤمنين ومثلك عفا والله تعالى يقول عفا الله عما سلف قال هيهات أما انه لو عاد لعدت ولكنه اخترم دونك فكيف قولك حين قتل قالت نسيته يا أمير المؤمنين فقال بعض جلسائه هو والله حين تقول يا أمير المؤمنين

٧٥

يا للرجال لعظم هول مصيبة

فدحت فليس مصابها بالهازل

الشمس كاسفة لفقد امامنا

خير الخلائق والامام العادل

يا خير من ركب المطى ومن مشى

فوق التراب لمحتف أو ناعل

حاشا النبي لقد هددت قواءنا

فالحق اصبح خاضعا للباطل

فقال معاوية قاتلك الله يا بنت صفوان ما تركت لقائل فقال مقالا اذكري حاجتك قالت هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئا ثم قامت فعثرت فقالت تعس شانئ علي فقال يا بنت صفوان زعمت إلا قالت هو ما علمت فلما كان من الغد بعث إليها بكسوة فاخرة ودراهم كثيرة وقال إذا انا ضيعت الحلم فمن يحفظه

(بلاغات النساء في منازعات الازواج في المدح والذم)

(وصفاتهن لهم في منثور الكلام ومنظومه)

قال أبو عبد الله محمد بن زياد الاعرابي حدثنا أبو معاوية الضرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم انا لك كابي زرع قلت يا رسول الله وما أبو زرع فقال كان نسوة في الجاهلية احدى عشر امرأة قعدن فتذاكرن ازواجهن فذم خمس ومدح ست فأما اولى الذوام (فقالت) زوجي لحم جمل غث بجبل وعر لا سهل فيرتقي ولا سمين فينتقي (تعنى) مهزولا على رأس جبل تصف قلة خيره كالشئ الصعب لا ينال إلا بالمشقة تقول ليس له نقى أي مخ يقال نقوت العظم ونقيته (يقول الشارح) شبهت قلة خيره بلحم الجمل الهزيل وشبهت سوء خلقه بالجبل الصعب المرتقى ثم قالت فلا الجبل سهل فيرتقى لاخذ اللحم ولو هزيلا لان الشئ المزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد

٧٦

بغير تعب ولا اللحم سمين فتتحمل المشقة لاجل تحصيله

وقالت الثانية زوجي عيآياء طبآقاء كل داء له داء شحك أو فلك أو جمع كلالك تقول كل داء من الناس هو فيه ومن ادوائه العياياء العي الذي لا يحسن شيئا ولا يحكم عملا طبآقاء مثل عيآياء به كل داء من جهل وضعف وخرق والعياياء من الابل الذي لا يضرب ولا يلقح (يقول الشارح) شحك من الشحاك وهو عود يعرض في فم الجدي يمنعه من الرضاع فلك المتفكك العظام والمعنى انها تصفه بالجهل وبان كل شئ تفرق في الناس من المعائب موجود فيه وانه لا خير في معاشرته ولا رجاء في رجوليته

وقالت الثالثة زوجي إذا أكل لف وإذا شرب اشتف وإذا رقد التف ولا يدخل الكف حتى يعرف البث (يقال) لف في الاكل اكثر مخلطا من صنوفه واشتف اخذ من الشفافة وهي البقية تبقى في الاناء من الشراب فإذا شربها قيل اشتفها وتشافها تشافا قال وقولها لا يدخل الكف انه كان بجسدها عيب أو داء تكتئب له لأن البث الحزن وكان لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك العيب فيشق عليها تصفه بالكرم (يقول الشارح) في تفسير مؤلف الكتاب للجملة الاخيرة خطأ والصواب انها تصفه بكثرة الاكل والشرب وقلة الجماع وكل ذلك مذموم عند العرب والعرب تتمدح بقلة الاكل والشرب وكثرة الجماع لدلالتها على صحة الذكورية والرجولية ـ والمراد باللف الاكثار من الاكل واستقصاؤه حتى لا يترك شيئا منه والاشتفاف في الشرب استقصاؤه وقولها إذا رقد التف أي رقد الى ناحية وحده وانقبض عن زوجته اعراضا فهي حزينة لذلك وكذلك

٧٧

قالت ولا يولج الكف حتى يعرف البث اي لا يمد يده ليعلم ما هي عليه من الحزن فيزيله والمراد بالبث الحزن

وقالت الرابعة زوجي العشنق ان انطق أطلق وان اسكت اعلق ـ العشنق المفرط الطول تقول ليس عنده غناء من طوله بلا نفع يقول الشارح العشنق الطويل المذموم الطول ويروى انه الطويل النجيب الذي يملك أمر نفسه ولا تحكم النساء فيه بل يحكم فيهن بما شاء فزوجته تهابه ان تنطق بحضرته فهى تسكت على مضض ـ والمراد من قولها انها منه على حذر فإن نطقت بعيوبه يبلغه كلامها فيطلقها وان سكتت عنها فانها عنده معلقة لا هي ذات زوج ولا هي أيم فكأنها قالت انا عنده لا ذات بعل فانتفع به ولا مطلقة فاتفرغ لغيره فهى كالمعلقة بين العلو والسفل لا تستقر باحدهما

وقالت الخامسة زوجي لا انئ خبره اخاف ان لا اذره فاظهر عجره وبجره (العجر) ان يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد والبجر نحوها إلا ان البجر في البطن خاصة وامرأة بجراء لفلان بجره ورجل ابجر إذا كان عظيمها (يقول الشارح) قولها لا انئ خبره أي لا أحكمه وقولها (ان لا اذره) أي لا اتركه وقولها (عجره وبجره) أمره كله أو همومه واحزانه أو عيوبه الظاهرة والكامنة واصل معنى عجر وبجر ما ذكره المصنف ثم استعملا فيما ذكرناه ـ والمراد انها اجملت حال زوجها واكتفت بالاشارة الى معائبه مخافة ان يطول الخطب بذكر جميعها

وقالت الاولى من اللواتى مدحن ازواجهن زوجي ليل تهامه لا حر ولا قر (اي لا برد) ولا مخافة ولا سآمة سآمة تقول لا يسأمني فيمل

٧٨

صحبتي تقول ليس عنده اذى ولا مكروه وهذا مثل لأن الحر والبرد كلاهما فيه مكروه تقول ليس عنده غائلة ولا شرا اخافه (تصفه بجميل العشرة واعتدال الحال)

وقالت الثانية زوجي المس مس ارنب والريح ريح زرنب اغلبه والناس يغلب ـ ريح زرنب وهو ضرب من الطيب تصفه بحسن الخلق ولين الجانب كمس الارنب إذا وضعت يدك على ظهره (يقول الشارح) وتصفه ايضا باستعماله الطيب تظرفا وبانه مع شجاعته تغلبه هي لكرمه معها وهذا معنى قولها اغلبه والناس يغلب ولو اقتصرت على قولها اغلبه لظن انه جبان ضعيف فلما قالت والناس يغلب دل على ان غلبها اياه لكرم سجاياه فتمت بهذه الكلمة المبالغة في حسن أوصافه

وقالت الثالثة زوجي رفيع العماد عظيم الرماد طويل النجاد قريب البيت من الناد (رفيع العماد أي حسبه فوق أحساب قومه كما ان عماد بيوتهم طوال فشبهته بها والنادي مجلس الحي حيث يجتمعون طويل النجاد تصفه بامتداد القامة والنجاد حمائل السيف قريب البيت من النادي أي ينزل بين ظهراني الناس ليعلموا مكانه (يقول الشارح) قولها (رفيع العماد) وصفته بطول البيت وعلوه وهكذا يفعل اشراف العرب ليقصدهم الاضياف والطارقون والوافدون وقولها (عظيم الرماد) تعني ان نار قراه للاضياف لا تطفئ لتهتدي الضيفان إليها فيصير رماد النار كثيرا لذلك وقولها (طويل النجاد) تعني انه طويل القامة يحتاج الى طول حمالة سيفه وفي ضمن كلامها انه صاحب سيف فاشارت الى شجاعته وقولها (قريب البيت من الناد) الناد (أي النادي) وقفت عليها بالسكون لمواخاة

٧٩

السجع وبقية التفسير ذكره المصنف

وقالت الرابعة زوجي ان خرج اسد وان دخل فهد ولا يسأل عما عهد (اسد تصفه بالشجاعة فهد تصفه بكثرة النوم والغفلة في المنزل على وجه المدح) (يقول الشارح) تقول ان خرج على الناس فله شجاعة الاسد جرأة واقداما وان دخل عليها هي كان كالفهد أما في لينه وغفلته لانه يوصف بالحياء وقلة الشر وأما في وثوبه فكأن زوجها يثب عليها في جماعه اياها وثوب الفهد (ولا يسال عما عهد) تعني انه كريم كثير التغاضي لا يسال عما ذهب من ماله

وقالت الخامسة زوجي أبو مالك وما أبو مالك ذوابل كثيرات المبارك قريبات المسارح إذا سمعن صوت مزهر ايقن انهن هوالك (تقول لا يوجههن ليسرحهن نهارا الا قليلا لكنهن يتركن بفنائه فإن نزل به ضيف لم تكن الابل غائبة عنه ولكنها بحضرته فيقريه من البانها ولحومها والمزهر العود تقول قد عود ابله إذا نزل به الضيفان ان ينحر لهم ويسقيهم الشراب ويأتيهم بالمعازف (يقول الشارح) المبارك ج مبرك وهو موضع نزول الابل والمسارح ج مسرح وهو الموضع الذي تطلق لترعى فيه والمزهر آلة من آلات اللهو ـ تصفه بالثروة والاستعداد للكرم ويروى ايضا (وهو امام القوم في المهالك) أي في الحروب أي انه يتقدم لثقته في شجاعته وقالت السادسة زوجي أبو زرع وما أبو زرع وجدني في أهل غنيمة بشق فنقلني الى أهل جامل وصهيل واطيط ودايس ومنق ملأ من شحم عضدي واناس من حلى اذني وبجح نفسي فبجحت إليه فانا انام فاتصبح واشرب فاتقمح واقول فلا اقبح (قولها (وجدني في أهل غنيمة تعني

٨٠