بلاغات النساء

أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر [ ابن طيفور ]

بلاغات النساء

المؤلف:

أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر [ ابن طيفور ]


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مكتبة بصيرتي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٢٤

كان وانصرف عمر بن سعيد لعنه الله بالنسوة والبقية من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووجههن الى ابن زياد لعنه الله فوجههن هذا الى يزيد لعنه الله وغضب عليه فلما مثلوا بين يديه أمر براس الحسين (عليه السلام) فابرز في طست فجعل ينكث ثناياه بقضيب في يده وهو يقول

يا غراب البين اسمعت فقل

إنما تذكر شيئا قد فعل

ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل

حين حكت بقباء بركها

واستحر القتل عبد الاشل

لاهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد ان لا تشل

فجزيناهم ببدر مثلها

واقمنا ميل بدر فاعتدل

لست للشيخين ان لم اثأر

من بني أحمد ما كان فعل

فقالت زينب بنت على (عليها السلام) صدق الله ورسوله يا يزيد ثم كان عاقبة الذين اساؤوا السوءى ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون اظننت يا يزيد انه حين اخذ علينا باطراف الأرض واكناف السماء فاصبحنا نساق كما يساق الاسارى ان بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة وان هذا لعظيم خطرك فشمخت بانفك ونظرت في عطفيك جذلان فرحا حين رايت الدنيا مستوسقة لك والامور متسقة عليك وقد امهلت ونفست وهو قول الله تبارك وتعالى لا يحسبن الذين كفروا إن ما نملي لهم خيرا لانفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين امن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك نساؤك واماؤك وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد هتكت ستورهن واصلحت صوتهن مكتئبات تخدى بهن الاباعر ويحدو بهن الاعادي من بلد الى بلد لا يراقبن ولا يؤوين يتشوفهن

٢١

القريب والبعيد ليس معهن ولي من رجالهن وكيف يستبطأ في بغضتنا من نظر الينا بالشنق والشنآن والاحن والاضغان اتقول ليت اشياخي ببدر شهدوا غير متاثم ولا مستعظم وأنت تنكث ثنايا أبي عبد الله بمخصرتك ولم لا تكون كذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشاقة بإهراقك دماء ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونجوم الارض من آل عبد المطلب ولتردن على الله وشيكا موردهم ولتودن انك عميت وبكمت وانك لم تقل فاستهلوا واهلوا فرحا اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا والله ما فريت إلا في جلدك ولا حززت إلا في لحمك وسترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برغمك وعترته ولحمته في حظيرة القدس يوم يجمع الله شملهم ملمومين من الشعث وهو قول الله تبارك وتعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون وسيعلم من بوأك ومكنك من رقاب المؤمنين إذا كان الحكم الله والخصم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وجوارحك شاهدة عليك فبئس للظالمين بدلا ايكم شر مكانا واضعف جندا مع اني والله يا عدو الله وابن عدوه استصغر قدرك واستعظم تقريعك غير ان العيون عبرى والصدور حرى وما يجزي ذلك أو يغني عنا وقد قتل الحسين (عليه السلام) وحزب الشيطان يقربنا الى حزب السفهاء ليعطوهم اموال الله على انتهاك محارم الله فهذه الايدي تنطف من دمائنا وهذه الافواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات فلئن اتخذتنا مغنما لتتخذن مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك تستصرخ يا ابن مرجانة ويستصرخ بك وتتعاوى واتباعك عند الميزان وقد وجدت افضل زاد زودك معاوية قتلك ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم فو الله ما اتقيت

٢٢

غير الله ولا شكواي إلا الى الله فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فو الله لا يرحض عنك عار ما اتيت الينا ابدا والحمد الذي ختم بالسعادة والمغفرة لسادات شبان الجنان فاوجب لهم الجنة اسال الله ان يرفع لهم الدرجات وان يوجب لهم المزيد من فضله فانه ولي قدير

(كلام ام كلثوم عليها السلام)

عن سعيد بن الحميري أبو معاذ عن عبد الله بن عبد الرحمن رجل من أهل الشام عن شعبة عن حذام الاسدي وقال مرة اخرى حذيم قال قدمت الكوفة سنة احدى وستين وهي السنة التي قتل فيها الحسين (عليه السلام) فرايت نساء اهل الكوفة يومئذ يلتدمن مهتكات الجيوب ورايت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول بصوت ضئيل وقد نحل من المرض يا أهل الكوفة انكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم ثم ذكر الحديث وهو على لفظ هارون بن مسلم واخبر هارون بن مسلم بن سعدان قال اخبرنا يحيى بن حماد البصري عن يحيى بن الحجاج عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليه السلام) قال لما ادخل بالنسوة من كربلاء الى الكوفة كان علي بن الحسين (عليه السلام) ضئيلا قد نهكته العلة ورايت نساء أهل الكوفة مشققات الجيوب على الحسين بن علي (عليه السلام) فرفع علي بن الحسين بن علي (عليه السلام) راسه فقال الا ان هؤلاء يبكين فمن قتلنا ورايت ام كلثوم (عليها السلام) ولم ار خفرة والله انطق منها كانما تنطق وتفرغ على لسان أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد اومأت الى الناس ان اسكتوا فلما سكنت الانفاس وهدات الاجراس قالت ابدأ بحمد الله والصلاة والسلام على نبيه أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختر والخذل ألا

٢٣

فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم إلا وهل فيكم الا الصلف والشنف وملق الاماء وغمز الاعداء وهل انتم كمرعى على دمنة وكفضة على ملحودة إلا ساء ما قدمت انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون اتبكون أي والله فابكوا وانكم والله احرياء بالبكاء فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها ابدا وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة ومنار محجتكم ومدره حجتكم ومفرخ نازلتكم فتعسا ونكسا لقد خاب السعي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة لقد جئتم شيئا ادا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا اتدرون أي كبد لرسول الله فريتم وأي كريمة له ابرزتم وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها شوهاء خرقاء شرها طلاع الأرض والسماء افعجبتم ان قطرت السماء دما ولعذاب الاخرة اخزى وهم لا ينظرون فلا يستخفنكم المهل فانه لا تحفزه المبادرة ولا يخاف عليه فوت الثار كلا ان ربك لنا ولهم لبالمرصاد ثم ولت عنهم قال فرايت الناس حيارى وقد ردوا ايديهم الى افواههم ورايت شيخا كبيرا من بني جعفى وقد اخضلت لحيته دموع عينيه وهو يقول

كهولهم خير الكهول ونسلهم

إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى

وحدثنيه عبد الله بن عمرو قال حدثني إبراهيم بن عبد ربه بن القاسم بن يحيى بن مقدم المقدمي قال اخبرني سعيد بن محمد أبو معاذ الحميري عن عبد الله بن الرحمن رجل من أهل الشام عن حذام الاسدي قال

٢٤

قدمت الكوفة سنة احدى وستين وهي السنة اليي قتل فيها الحسين بن على (عليه السلام) فرايت نساء اهل الكوفة يومئذ قياما يلتدمن مهتكات الجيوب ورايت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول بصوت ضئيل قد نحل المرض يا أهل الكوفة انكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم وسمعت ام كلثوم بنت علي (عليها السلام) وهي تقول فلم ار خفرة والله انطق منها كانما تنزع عن لسان امير المؤمنين علي (عليه السلام) واشارت الى الناس ان امسكوا فسكنت الانفاس وهدات فقالت الحمد رب العالمين والصلاة على جدي سيد المرسلين أما بعد يا أهل الكوفة والحديث على لفظ ابن سعدان

(كلام حفصة بنت عمر بن الخطاب)

وقال العتبي قالت حفصة بنت عمر بن الخطاب في مرض ابيها عمر يا ابتاه ما يحزنك وفادتك على رب رحيم ولا تبعة لاحد عندك ومعي لك بشارة لا اذيع السر مرتين ونعم الشفيع لك العدل لم تخف على الله عز وجل خشنة عيشتك وعفاف نهمتك واخذك باكظام المشركين والمفسدين في الأرض ثم انشات تقول

اكظم الغلة المخالطة القلب

وأعزى وفي القرآن عزائي

لم تكن بغتة وفاتك وحدا

ان ميعاد من ترى للفناء

ووجدت في بعض الكتب ان حفصة بنت عمر رحمه الله خطبت بعد قتل ابيها : الحمد لله الذي لا نظير له والفرد الذي لا شريك وأما بعد فكل العجب من قوم زين الشيطان افعالهم وارعوى الى صنيعهم ورب في الفتنة لهم ونصب حبائله لختلهم حتى هم عدوا الله باحياء البدعة ونبش

٢٥

الفتنة وتجديد الجور بعد دروسه واظهاره بعد دثوره واراقة الدماء واباحة الحمى وانتهاك محارم الله عز وجل بعد تحصينها فاضرى وهاج وتوغر وثار غضبا لله ونصرة لدين الله فاخسأ الشيطان ووقم كيده وكفف ارادته وقدع محنته واصعر خده لسبقه الى مشايعة اولى الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الماضي على سنته المقتدى بدينه المقتص لاثره فلم يزل سراجه زاهرا وضوءه لامعا ونوره ساطعا له من الافعال الغرر ومن الاراء المصاص ومن التقدم في طاعة الله اللباب الى ان قبضه الله إليه قاليا لما خرج منه شانيا لما ترك من امره شيقا لمن كان فيه صبا الى ما صار إليه وائلا الى ما دعى إليه عاشقا لما هو فيه فلما صار الى التي وصفت وعاين لما ذكرت اومأ بها الى اخيه في المعدلة ونظيره في السيرة وشقيقه في الديانة ولو كان غير الله اراد لامالها الى ابنه ولصيرها في عقبه ولم يخرجها من ذريته فاخذها بحقها وقام فيها بقسطها لم يؤده ثقلها ولم يبهظه حفظها مشردا للكفر عن موطنه ونافرا له عن وكره ومثيرا له من مجثمه حتى فتح الله عز وجل على يديه اقطار البلاد ونصر الله بقدمه وملائكته تكنفه وهو بالله معتصم ومتوكل حتى تأكدت عرى الحق عليكم عقدا واضمحلت عرى الباطل عنكم حلا نوره في الدجنات ساطع وضوءه في الظلمات لامع قاليا للدنيا إذ عرفها لافظا لها إذ عجمها وشانيا لها إذ سبرها تخطبه ويقلاها وتريده وياباها لا تطلب سواه بعلا ولا تبغي سواه نحلا اخبرها ان التي يخطب ارغد منها عيشا وانضر منها حبورا وادوم منها سرورا وابقى منها خلودا واطول اياما واغدق منها ارضا وانعت منها جمالا واتم منها بلهنية واعذب منها رفهنية فبشعث نفسه بذلك لعادتها واقشعرت

٢٦

منها لمخالفتها فعركها بالعزم الشديد حتى اجابت وبالراي الجليد حتى انقادت فاقام فيها دعائم الاسلام وقواعد السنة الجارية ورواسي الاثار الماضية واعلام اخبار النبوة الطاهرة وظل خميصا من بهجتها قاليا لاثاثها لا يرغب في زبرجها ولا تطمح نفسه الى جدتها حتى دعي فأجاب ونودي فاطاع على تلك من الحال فاحتذى في الناس باخيه فاخرجها من نسله وصيرها شورى اخوته فباي افعاله تتعلقون وباي مذاهبه تتمسكون ابطرائقه القويمة في حياته ام بعدله فيكم عند وفاته الهمنا الله واياكم طاعته وإذا شئتم ففي حفظ وكلاأته

(كلام اروى بنت الحارث ابن عبد المطلب رحمة الله عليها)

روى ابن عائشة عن حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن انس بن مالك قال دخلت اروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية بن أبي سفيان بالموسم وهي عجوز كبيرة فلما رآها قال مرحبا بك يا عمه قالت كيف أنت يا ابن اخي لقد كفرت بعدى بالنعمة واسأت لابن عمك الصحبة وتسميت بغير اسمك واخذت غير حقك بغير بلاء كان منك ولا من آبائك في الاسلام ولقد كفرتم بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم فاتعس الله منكم الجدود واصعر منكم الخدود حتى رد الله الحق الى اهله وكانت كلمة الله هي العليا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو المنصور على من ناواه ولو كره المشركون فكنا أهل البيت اعظم الناس في الدين حظا ونصيبا وقدرا حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مغفورا ذنبه مرفوعا درجته شريفا عند الله مرضيا فصرنا أهل البيت منكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون يذبحون ابناءهم ويستحيون نساءهم وصار ابن عم سيد المرسلين

٢٧

فيكم نبينا بمنزلة هارون من موسى حيث يقول يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ولم يجمع بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا شمل ولم يسهل لنا وعر وغايتنا الجنة وغايتكم النار قال عمرو بن العاص ايتها العجوز الضالة اقصري من قولك وغضي من طرفك قالت ومن أنت لا ام لك قال : عمرو بن العاص قالت يا ابن اللخناء النابغة اتكلمني اربع على ظلعك واعن بشان نفسك فو الله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ولا كريم منصبها ولقد ادعاك ستة من قريش كله يزعم انه ابوك ولقد رايت امك ايام منى بمكة مع كل عبد عاهر (أي فاجر) فاتم بهم فانك بهم اشبه فقال مروان بن الحكم ايتها العجوز الضالة ساخ بصرك مع ذهاب عقلك فلا يجوز شهادتك قالت يا بني اتتكلم فوالله لانت الى سفيان بن الحارث بن كلدة اشبه منك بالحكم وانك لشبهه في زرقة عينيك وحمرة شعرك مع قصر قامته وظاهر دمامته ولقد رايت الحكم ماد القامة ظاهر الامة سبط الشعر وما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الاتان المقرب فاسال امك عما ذكرت لك فانها تخبرك بشان ابيك ان صدقت ثم التفتت الى معاوية فقالت والله عرضني لهؤلاء غيرك وان امك القائلة في يوم أحد في قتل حمزة رحمة الله عليه

نحن جزيناكم بيوم بدر

والحرب يوم الحرب ذات سعر

ما كان عن عتبة لي من صبر

أبي وغمى واخى وصهري

شفيت وحشي غليل صدري

شفيت نفسي وقضيت نذري

فشكر وحشي علي عمري

حتى تغيب اعظمي في قبري

٢٨

يا بنت رقاع عظيم الكفر

خزيت في بدر وغير بدر

صبحك الله قبيل الفجر

بالهاشميين الطوال الزهر

بكل قطاع حسام يفري

حمزة ليثي وعلي صقري

إذ رام شبيب وابوك غدري

اعطيت وحشي ضمير الصدر

هتك وحشي حجاب الستر

ما للبغايا بعدها من فخر

فقال معاوية لمروان وعمرو ويلكما انتما عرضتماني لها واسمعتماني ما اكره ثم قال لها يا عمة اقصدي قصد حاجتك ودعي عنك اساطير النساء قالت تأمر لي بالفي دينار والفي دينار والفي دينار قال ما تصنعين يا عمة بالفي دينار قالت اشتري بها عينا خرخارة في ارض خوارة تكون لولد الحارث ابن المطلب قال نعم الموضع وضعتها فما تصنعين بالفي دينار قالت ازوج بها فتيان عبد المطلب من اكفائهم قال نعم الموضع وضعتها فما تصنعين بالفي دينار قالت استعين بها على عسر المدينة وزيارة بيت الله الحرام قال نعم الموضع وضعتها هي لك نعم وكرامة ثم قال أما والله لو كان علي ما أمر لك بها قالت صدقت إن عليا ادى الامانة وعمل بامر الله واخذ به وأنت ضيعت امانتك وخنت الله في ماله فاعطيت مال الله من لا يستحقه وقد فرض الله في كتابه الحقوق لاهلها وبينها فلم تأخذ بها ودعانا (أي علي) الى اخذ حقنا الذي فرض الله لنا فشغل بحربك عن وضع الامور مواضعها وما سألتك من مالك شيئا فتمن به إنما سألتك من حقنا ولا نرى اخذ شئ غير حقنا اتذكر عليا فض الله فاك واجهد بلاءك ثم علا بكاؤها وقالت

الا يا عين ويحك اسعدينا

الا وابكى أمير المؤمنينا

رزينا خير من ركب المطايا

وفارسها ومن ركب السفينا

٢٩

ومن لبس النعال أو احتذاها

ومن قرأ المثاني والمئينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين

رايت البدر راع الناظرينا

ولا والله لا انسى عليا

وحسن صلاته في الراكعينا

افي الشهر الحرام فجمعتمونا

بخير الناس طرا اجمعينا

قال فأمر لها بستة آلاف دينار وقال لها يا عمة انفقي هذه فيما تحبين فإذا احتجت فاكتبي الى ابن اخيك يحسن صفدك ومعونتك ان شاء الله

(كلام سودة بنت عمارة رحمها الله)

قال أبو موسى عيسى بن مهران حدثني محمد بن عبيد الله الخزاعى يذكره عن الشعبي ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله قال استاذنت سودة بنت عمارة بن الاسك الهمدانية على معاوية بن أبي سفيان فاذن لها فلما دخلت عليه قال هيه يا بنت الاسك الست القائلة يوم صفين

شمر كفعل ابيك يا ابن عمارة

يوم الطعان وملتقى الاقران

وانصر عليا والحسين ورهطه

واقصد لهند وابنها بهوان

ان الامام اخو النبي محمد

علم الهدى ومنارة الايمان

فقه الحتوف وسر أمام لواءه

قدما بابيض صارم وسنان

قالت أي والله ما مثلي من رغب عن الحق أو اعتذر بالكذب قال لها فما حملك على ذلك قالت حب علي (ع) واتباع الحق قال فو الله ما ارى عليك من اثر علي شيئا قالت انشدك الله يا أمير المؤمنين واعادة ما مضى وتذكار ما قد نسى قال هيهات ما مثل مقام اخيك ينسى وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك واخيك قالت صدق فوك لم

٣٠

يكن اخي ذميم المقام ولا خفي المكان كان والله كقول الخنساء

وان صخرا لتأتم الهداة به

كانه علم في رأسه نار

قال صدقت لقد كان كذلك فقالت مات الراس وبتر الذنب وبالله اسال أمير المؤمنين اعفائي مما استعفيت منه قال قد فعلت فما حاجتك قالت انك اصبحت للناس سيدا ولامرهم متقلدا والله سائلك من امرنا وما افترض عليك من حقنا ولا يزال يقدم علينا من ينوه بعزك ويبطش بسلطانك فيحصدنا حصد السنبل ويدوسنا دوس البقر ويسومنا الخسيسة ويسلبنا الجليلة هذا بسر بن ارطاة قدم علينا من قبلك فقتل رجالي واخذ مالي يقول لي فوهي بما استعصم الله منه والجأ إليه فيه ولو لا الطاعة لكان فينا عز ومنعة فاما عزلته عنا فشكرناك وأما لا فعرفناك فقال معاوية اتهدديني بقومك لقد هممت ان احملك على قتب اشرس فاردك إليه ينفذ فيك حكمه فاطرقت تبكي ثم انشأت تقول

صلى الاله على جسم تضمنه

قبر فاصبح فيه العدل مدفونا

قد حالف الحق لا يبغي به بدلا

فصار بالحق والايمان مقرونا

قال لها ومن ذلك قالت على بن أبي طالب (عليه السلام) قال وما صنع بك حتى صار عندك كذلك قالت قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا قدم علينا من قبله فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين فاتيت عليا (ع) لاشكو إليه ما صنع بنا فوجدته قائما يصلي فلما نظر الي انفتل من صلاته ثم قال لي برأفة وتعطف ألك حاجة فاخبرته الخبر فبكى ثم قال اللهم انك انت الشاهد علي وعليهم اني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك ثم اخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجواب فكتب فيها

٣١

بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فاوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين وما انا عليكم بحفيظ إذا قرات كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام فاخذته منه والله ما ختمه بطين ولا خزمه بخزام فقراته فقال لها معاوية لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان فبطيأ ما تفطمون ثم قال اكتبوا لها برد مالها والعدل عليها قالت الي خاص ام لقومي عام قال ما أنت وقومك قالت هي والله اذن الفحشاء واللوم ان لم يكن عدلا شاملا وإلا فانا كسائر قومي قال اكتبوا لها ولقومها

(كلام الزرقاء بنت عدى)

وقال عيسى بن مهران حدثني العباس بن بكار قال حدثني محمد بن عبيد الله عن الشعبي قال وحدثني أبوكر الهذلى عن الزهري قال حدثني جماعة من بني امية ممن كان يسمر مع معاوية وذكر أبو اسحاق ابراهيم ابن عبد الله بن عبد ربه بن القاسم بن يحيى مقدم قال اخبرني محمد ابن فضل المكي الضبي قال اخبرنا محمد الشافعي صاحب الرأي عن ابيه محمد بن إبراهيم عن خالد بن الوليد المخزومي عن سعد بن حذافة الجمحي قال سمر معاوية ليلة فذكر الزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس امرأة كانت من أهل الكوفة وكانت ممن يعين عليا (عليه السلام) يوم صفين فقال لاصحابه ايكم يحفظ كلام الزرقاء فقال القوم كلنا نحفظه يا أمير المؤمنين قال فما تشيرون علي فيها قالوا نشير عليك بقتلها قال بئس ما اشرتم علي به ايحسن بمثلي ان يتحدث الناس أني قتلت امرأة بعد ما ملكت وصار

٣٢

الامر لي ثم دعا كاتبه في الليل فكتب الى عامله في الكوفة ان اوفد الي الزرقاء ابنة عدي مع ثقة من محرمها وعدة من فرسان قومها ومهدها وطاء لينا واسترها بستر حصيف فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فاقرأها الكتاب فقالت أما انا فغير زائغة عن طاعة وان كان أمير المؤمنين جعل المشيئة الي لم ارم بلدي هذا وان كان حكم الامر فالطاعة له اولى بي فحملها في هودج وجعل غشاءه حبرا مبطنا بعصب اليمن ثم احسن صحبتها وفي حديث المقدمي فحملها في عمارية جعل غشاءها خزا ادكن مبطنا بقوهى فلما قدمت على معاوية قال لها مرحبا واهلا خير مقدم قدمه وافد كيف حالك يا خالة وكيف رايت مسيرك قالت خير مسير كاني كنت ربيبة بيت أو طفلا ممهدا قال بذلك امرتهم فهل تعلمين لم بعثت اليك قالت سبحان الله اني لي بعلم ما لم اعلم وهل يعلم ما في القلوب الا الله قال بعثت اليك ان اسالك الست راكبة الجمل الاحمر يوم صفين بين الصفين توقدين الحرب وتحضين على القتال فما حملك على ذلك قالت يا أمير المؤمنين انه قد مات الرأس وبتر الذنب والدهر ذوغير ومن تفكر ابصر والامر يحدث بعده الامر قال لها صدقت فهل تحفظين كلامك يوم صفين قالت ما احفظه قال ولكني والله احفظه لله ابوك لقد سمعتك تقولين ايها الناس انكم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم وجارت بكم عن قصد المحجة فيالها من فتنة عمياء صماء يسمع لقائلها ولا ينظار لسائقها ايها الناس ان المصباح لا يضئ في الشمس وان الكوكب لا يقد في القمر وان البغل لا يسبق الفرس وان الزف لا يوازن الحجر ولا يقطع الحديد الا الحديد ألا من استرشدنا ارشدناه ومن استخبرنا اخبرناه ان الحق

٣٣

كان يطلب ضالته فأصابها فصبرا يا معشر المهاجرين والانصار فكان قد اندمل شعب الشتات والتأمت كلمة العدل وغلب الحق باطله فلا يعجلن أحد فيقول كيف وانى ليقضي الله امرا كان مفعولا ألا ان خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء والصبر خير في الامور عواقبا ايها الى الحرب قدما غير ناكصين فهذا يوم له ما بعده ثم قال معاوية والله يا زرقاء لقد شركت عليا (عليه السلام) في كل دم سفكه فقالت احسن الله بشارتك يا أمير المؤمنين وادام سلامتك مثلك من بشر بخير وسر جليسه قال لها وقد سرك ذلك قالت نعم والله لقد سرني قولك فانى بتصديق الفعل فقال معاوية والله لوفاؤكم له بعد موته احب من حبكم له في حياته اذكري حاجتك قالت يا امير المؤمنين اني قد آليت على نفسي ان لا اسال اميرا اعنت عليه شيئا ابدا ومثلك اعطى عن غير مسالة وجاد عن غير طلب قال صدقت فاقطعها ضيعة اغلتها في اول سنة عشرة آلاف درهم واحسن صفدها وردها والذين معها مكرمين

(كلام بكارة الهلالية)

حدثني عبد الله بن عمرو قراءة من كتابه علي قال حدثنا ابراهيم بن عبد الله بن محمد بن المفضل قال حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي عن محمد بن إبراهيم عن خالد الوليد عمن سمعه من حذافة الجمحي قال دخلت بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان بعد ان كبرت سنها ودق عظمها ومعها خادمان لها وهي متكئة عليهما وبيدها عكاز فسلمت على معاوية بالخلافة فاحسن عليها الرد واذن لها في الجلوس وكان عنده مروان بن الحكم وعمرو بن العاص فابتدأ مروان فقال اتعرف هذه

٣٤

يا أمير المؤمنين قال ومن هي قال هي التي كانت تعين علينا يوم صفين وهي القائلة

يا زيد دونك فاستثر من دارنا

سيفا حساما في التراب دفينا

قد كان مذخورا لكل عظيمة

فاليوم ابرزه الزمان مصونا

فقال عمرو بن العاص وهي القائلة يا أمير المؤمنين

اترى ابن هند للخلافة مالكا

هيهات ذاك وما اراد بعيد

منتك نفسك في الخلاء ضلالة

اغراك عمرو للشقاء وسعيد

فارجع يا نكد طائر بنحوسها

لاقت عليا اسعد وسعود

فقال سعيد يا أمير المؤمنين وهي القائلة

قد كنت آمل ان اموت ولا ارى

فوق المنابر امية خاطبا

فالله اخر مدتي فتطاولت

حتى رايت من الزمان عجائبا

في كل يوم لا يزال خطيبهم

وسط الجموع لآل أحمد عائبا

ثم سكت القوم فقالت بكارة نبحتني كلابك يا امير المؤمنين واعتورتني فقصر محجني وكثر عجبي وعشى بصري وانا والله قائلة ما قالوا لا ادفع ذلك بتكذيب فامض لشأنك فلا خير في العيش بعد امير المؤمنين فقال معاوية انه لا يضعك شيئ فاذكري حاجتك تقضى فقضى حوائجها وردها الى بلدها (وحدثني) عيسى بن مروان قال حدثني محمد بن عبد الله الخزاعي عن الشعبي قال استأذنت بكارة الهلالية على معاوية فاذن لها فدخلت وكانت امراة قد اسنت وعشي بصرها وضعفت قوتها فهى ترعش بين خادمين لها فسلمت ثم جلست فقال معاوية كيف أنت يا خالة قالت بخير يا أمير المؤمنين غيرك قال غيرك الدهر قالت كذلك هو ذو غير من

٣٥

عاش كبر ومن مات قبر ثم ذكر الحديث على ما رواه سعد بن حذافة في حديث عبد الله بن عمرو ومن قول عمرو وسعيد ومروان ورواية في الحديث قالت ان عشى بصري وقصرت حجتي فانا قائلة ما قالوا وما خفى عليك اكثر فضحك معاوية وقال ليس بما نعى من برك يا خالة غير عدم مجيئك قالت أما الان فلا

(كلام ام الخير بنت الحريش البارقية)

حدثني عبد الله بن سعد قال حدثنا ابراهيم بن عبد الله المقدمي قال اخبرنا محمد بن الفضل المكي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد الشافعي عن خالد بن الوليد المخزومي عن سعد بن حذافة الجمحي وحدثونيه عن العباس بن بكار عن عبيد الله بن عمر الغساني عن الشعبي قال كتب معاوية الى واليه بالكوفة ان أوفد علي أم الخير بنت الحريش بن سراقة البارقية رحلة محمودة الصحبة غير مذمومة العاقبة واعلم انى مجازيك بقولها فيك بالخير خيرا وبالشر شرا فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فاقرأها إياه فقالت أم الخير أما انا فغير زائغة عن طاعة ولا معتلة بكذب ولقد كنت أحب لقاء أمير المؤمنين لامور تختلج في صدري تجري مجرى النفس يغلى بها غلي المرجل بحب البلسن يوقد بجزل السمر فلما حملها واراد مفارقتها قال يا أم الخير ان معاوية قد ضمن لي عليه ان يقبل بقولك في بالخير خيرا وبالشر شرا فانظري كيف تكونين قالت يا هذا لا يطمعك والله برك بي في تزويقي الباطل ولا يؤنسنك معرفتك إياي ان اقول فيك غير الحق فسارت خير مسير فلما قدمت على معاوية أنزلها مع الحرم ثلاثا ثم اذن لها في اليوم الرابع وجمع لها الناس فدخلت عليه

٣٦

فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال وعليك السلام وبالرغم والله منك دعوتني بهذا الاسم فقالت مه يا هذا فإن بديهة السلطان مدحضة لما يحب علمه قال صدقت يا خالة وكيف رايت مسيرك قالت لم أزل في عافية وسلامة حتى اوفدت الى ملك جزل وعطاء بذل فانا في عيش انيق عند ملك رفيق فقال معاوية بحسن نيتي ظفرت بكم واعنت عليكم قالت مه يا هذا لك والله من دحض المقال ما تردى عاقبته قال ليس لهذا اردناك قالت إنما اجري في ميدانك إذا اجريت شيئا اجريته فاسأل عما بدا لك قال كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر قالت لم اكن والله رويته قبل ولا زورته بعد وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة فإن شئت ان احدث لك مقالا غير ذلك فعلت قال لا أشاء ذلك ثم التفت الى اصحابه فقال ايكم حفظ كلام أم الخير قال رجل من القوم انا احفظه يا أمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد قال هاته قال نعم كأني بها يا أمير المؤمنين وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية وهي على جمل أرمك وقد أحيط حولها حواء وبيدها سوط منتشر الضفر وهي كالفحل يهدر في شقشقته تقول يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم ان الله قد اوضح الحق وابان الدليل ونور السبيل ورفع العلم فلم يدعكم في عمياء مبهمة ولا سوداء مدلهمة فالى اين تريدون رحمكم الله افرارا عن أمير المؤمنين ام فرارا من الزحف ام رغبة عن الاسلام ام ارتدادا عن الحق أما سمعتم الله عز وجل يقول ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم ثم رفعت رأسها الى السماء وهي تقول اللهم قد عيل الصبر وضعف اليقين وانتشر الرعب وبيدك يا رب ازمة القلوب فاجمع

٣٧

إليه الكلمة على التقوى والف القلوب على الهدى واردد الحق الى اهله هلموا رحمكم الله الى الامام العادل والوصي الوفي والصديق الاكبر انها إحن بدرية واحقاد جاهلية وضغائن احدية وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك بها ثارات بني عبد شمس ثم قالت قاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون صبرا معشر الانصار والمهاجرين قاتلوا على بصيرة من ربكم وثبات من دينكم وكأني بكم غدا لقد لقيتم اهل الشام كحمر مستنفرة لا تدري اين يسلك بها من فجاج الارض باعوا الاخرة بالدنيا واشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى عما قليل ليصبحن نادمين حتى تحل بهم الندامة فيطلبون الاقالة انه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل ومن لم يسكن الجنة نزل النار ايها الناس ان الاكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها واستبطأوا مدة الاخرة فسعوا لها والله ايها الناس لو لا ان تبطل الحقوق وتعطل الحدود ويظهر الظالمون وتقوى كلمة الشيطان لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه فالى اين تريدون رحمكم الله عن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزوج ابنته وأبي ابنيه خلق من طينته وتفرع من نبعته وخصه بسره وجعله باب مدينته وعلم المسلمين وابان ببغضه المنافقين فلم يزل كذلك يؤيده عز وجل بمعونته ويمضي على سنن استقامته لا يعرج لراحة الدأب ها هو مفلق الهام ومكسر الاصنام إذ صلى والناس مشركون واطاع والناس مرتابون فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر وافنى أهل أحد وفرق جمع هوازن فيا لها من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقا وردة شقاقا قد اجتهدت في القول وبالغت في النصيحة وبالله التوفيق وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

٣٨

فقال معاوية والله يا أم الخير ما أردت بهذا الكلام إلا قتلي والله لو قتلتك ما حرجت في ذلك قالت والله ما يسؤني يا ابن هند ان يجري الله ذلك على يدي من يسعدني الله بشقائه قال هيهات يا كثيرة الفضول ما تقولين في عثمان بن عفان قالت وما عسيت ان اقول فيه استخلفه الناس وهم له كارهون وقتلوه وهم راضون فقال معاوية إيها يا أم الخير هذا والله اصلك الذي تبنين عليه قالت لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ما اردت لعثمان نقصا ولكن كان سباقا الى الخيرات وانه لرفيع الدرجة قال فما تقولين في طلحة بن عبيد الله قالت وما عسى ان اقول في طلحة اغتيل من مأمنه واوتي من حيث لم يحذر وقد وعده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجنة قال فما تقولين في الزبير قالت يا هذا لا تدعني كرجيع الصبيغ يعرك في المركن قال حقا لتقولن ذلك وقد عزمت عليك قالت وما عسيت ان اقول في الزبير ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحواريه وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجنة ولقد كان سباقا الى كل مكرمة في الاسلام واني أسالك بحق الله يا معاوية فإن قريشا تحدث انك احلمها فانا اسالك بان تسعني بفضل حلمك وان تعفيني من هذه المسائل وامض لما شئت من غيرها قال نعم وكرامة قد اعفيتك وردها مكرمة الى بلدها

(كلام عجوز من ولد الحارث بن عبد المطلب)

وحدثني عبد الله بن عمرو قال حدثني محمد بن ابي على البصري قال حدثنا امية بن خالد قال حدثني عبد الرحمن بن مالك الانصاري عن أبيه أنه سمع شيخا لهم يقول قدم إبراهيم بن محمد المدينة فاتته عجوز من

٣٩

ولد الحارث بن عبد المطلب فشكت إليه ضنك المعيشة قال ما يحضرني الكثير ولا ارض لك بالقليل وانا على ظهر سفر فاقبلي ما حضر وتفضلي بالعذر ثم دعا مولى له فقال ادفع إليها ما بقي من نفقتنا وخذي هذا العبد والبعير فقالت بأبي أنت وامي اجزل الله في الاخرة اجرك واعلى في كعبك ورفع فيهما ذكرك وغفر لك يوم الحساب ذنبك فانت والله كما قالت أم جميل بنت حرب بن امية

زين العشيرة كلها

في البدو منها والحضر

ورئيسها في النائبا

ت وفي الرحال وفي السفر

ورث المكارم كلها

وعلا على كل البشر

ضخم الدسيعة ماجد

يعطي الجزيل بلا كدر

 (كلام لنساء متفرقات)

(كلام الجمانة بنت المهاجر) حدثني عبد الله بن شبيب قال حدثني الزبير بن أبي بكر عن محمد بن محمد عن عبد الرحمن بن الحسن عن عمه ان الجمانة بنت المهاجر بن خالد بن الوليد نظرت الى عبد الله بن الزبير وهو يرقا المنبر يخطب بالناس في يوم جمعة فقالت حين رأته رقى المنبر ايا نقار انقر يا نقار أما والله لو كان فوقه نجيب من بني امية أو صقر من بني مخزوم لقال المنبر طيق طيق قال فانمى كلامها الى عبد الله بن الزبير فبعث إليها فاتي بها فقال لها ما الذي بلغني عنك يا لكاع قالت الحق ابلغت يا أمير المؤمنين قال فما حملك على ذلك قالت لا تعدم الحسناء ذاما والساخط ليس براض ومع ذلك فما عدوت فيما قلت لك ان نسبتك الى التواضع والدين وعدوك الى الخيلاء والطمع ولئن ذاقوا وبال امرهم

٤٠