فلاح السائل

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

فلاح السائل

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٩٤

إلى آخر عشرة ايام مع ما تعمله من عمل المستحاضة ثم تغتسل بعد العشرة ايام غسل الحايض ثم تعمل إلى آخر الشهر عمل المستحاضة وكل موضع لا يعلم ايام حيضها فتقضى في ذلك الشهر الصوم عن عشرة ايام وبعض الصلوة عما زاد على ثلثة ايام وهذا التفصيل جيد لمن عرفه من ذوى الافهام.

ذكر ما نورده من الاغسال المندوبة وهو غسل التوبة وغسل الجمعة وغسل اول ليلة من شهر رمضان وغسل كل ليلة مفردة منه وافضل اغساله غسل ليلة النصف منه وغسل ليلة سبع عشرة منه وغسل ليلة تسع عشرة منه وغسل ليلة احدى وعشرين منه وغسل ليلة ثلث وعشرين منه.

وذكر الشيخ ابى قرة رحمة الله في كتابه عمل شهر رمضان غسل ليلة اربع وعشرين منه وغسل ليلة خمس وعشرين منه وليلة سبع وعشرين منه وليلة تسع وعشرين منه.

وروى في ذلك روايات وغسل ليلة عيد الفطر وغسل يوم عيد الفطر وغسل يوم عرفة وهو تاسع ذى الحجة وغسل عيد الاضحى عاشر ذى الحجة وغسل يوم الغدير ثامن عشر ذى الحجة وغسل يوم المباهلة وهو رابع عشرين ذى الحجة وغسل يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وهو يوم سابع عشر ربيع الاول وغسل صلوة الكسوف إذا كان قد احترق كله وتركها متعمدا فيغتسل ويقضيها وغسل صلوة الحاجة وغسل صلوة الاستخارة وغسل الاحرام وغسل دخول الحرم وغسل دخول المسجد الحرام ودخول الكعبة ودخول المدينة ودخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله وعند زيارته عليه اكمل الصلوة وعند زيارة الائمة من عترته اين كانت قبورهم عليهم

٦١

افضل التحيات وغسل اخذ التربة من ضريح الحسين عليه السلام في بعض الروايات.

ذكر غسل الميت وما يتقدمه ويتعقبه الموت هول هائل وخطب شامل يهدم اللذات ويفرق الجماعات ويهجم بالشتات ويحول بين العبد وبين لذة البقاء وبين انسه بالاحباء والاحياء ويقطع حبال الامال ويمنع من نفع الاهل والاموال.

هذا بعض حاله مع الجاهلين باهواله واما العارفون باخطاره والمطلعون على اسراره فانه يفرق بينهم وبين الاستعداد للمعاد ويمنعهم من استدراك ما فرطوا فيه في دار النفاد ويفقرهم من غنى الامكان ويحملهم في اسر الخجل والخذلان ويحجبهم بالرد والحرمان إذا قال قائلهم ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت فيقال كلا وكان قبل ذلك يقال لهم لو عملوا الصالحات مرحبا واهلا ويقذف بهم في مطمورة الوحدة والانفراد ووحشة تفرق الاحشاء والاجساد واهوال سؤال منكر ونكير واستحضار اخطار ما اسلفوا من ذنب صغيرا وكبير واوايل زلازل تهديد ووعيد وفتح باب إلى عذاب شديد.

فما اشبه حال الموت بما وصفه المولى الامن من خطر الموت مولينا على عليه السلام حيث قال لم ار يقينا لاشك فيه صار كشك لا يقين فيه كالموت. اقول ولولا خوف التطويل ذكرت شيئا عظيما في ذلك من الشرح والتفصيل واعرف قوما انجادا امجادا افرادا كان الموت على من مضى منهم سعادة ورحمة ويكون الموت على من بقى منهم زيادة ونعمة فما اشوقهم إلى انقضاء ايام دار الزوال وما اعرفهم بوجوه الاقبال وما اسعفهم

٦٢

بصفات الكمال واما اخوفهم من المقام في الدنيا حذرا من نقصان الاعمال والاحوال كوشفوا بجلالة مولاهم وعرفوا انه جل جلاله يراهم فارواحهم وعقولهم وقلوبهم ونفوسهم مشغولة به لذاته قد بهرهم مقدس ذاته وشرف صفاته ويخدمون خدمة جهد المستطيع ويندبون ويبكون ندب من لم يزل في التفريط والتضييع عرفهم ما اراد من كنه جلاله وعظمة اقباله فشغلهم بجلالته وهيبته وحرمته ومراحمه ومكارمه ونعمته عن حظوظ انفسهم منه.

وما بقى لهم قلب وجنان ولا لسان ولا امكان تصرف فيما يبعدهم عنه تقيدت الجوارح بقيود الحضور في خدمة المعبود وتولهت العقول وتتيهت بهول ذلك الوجود والجود فعظمته جل جلاله لهم ذاهلة ورحمته جل جلاله الكاملة لهم شاغلة إذ كل منهما يملك قلوب العارفين ويشغل عقول المكاشفين.

ولكن اولئك لا يعرفون ان وجدوا وان غابوا لم يفتقدوا وما اعني ان اسمائهم ووجوههم غير معروفة بل الوجوه والاسماء موصوفة واسرارهم واسرار مولاهم عندهم غير مكشوفة ولا تعجب إذا قيل لك انهم لا يعرفون وهم منظورون لان سيدهم ومن هو اعظم كمالا وجلالا منهم قال الله جل جلاله عنه وتريهم ينظرون اليك وهو لا يبصرون.

وانما نرتب حديث الموت وغسل الاموات على الغالب من احوال اهل الغفلات الذين يهدم الموت عليهم ما يحبونه من الاعمار ويخرب ما الفوه من عمارة الديار ويزعجهم عن القرار.

فالعاقل من اهتم غاية الاهتمام بالتأهب لتزلزل الاقدام وعمل ما يوصى به المفرطون فانه إذا فرط في نفسه فالاوصياء في التفريط

٦٣

إذا معذورون.

فمثاله مثال عبد ادخله مولاه حضرته ومكنه ان يسئل مهما شاء فيعجل اجابته أو يعمل كل عمل صالح فيضاعف كرامته فشرع ذلك العبد يفتش زوايا المجلس ويسئل من هناك من الغلمان ويلتمس رقعة يكتب فيها وصية يسندها إلى بعض من هناك من اتباع السلطان إذا اخرجه موليه من حضرة الامكان وغلق الباب بينه وبينه وصار في ذل الهوان وتكون وصيته فيما كان يقدر ان يقضيه من موليه في حال حضوره بين يديه اما يسفهه ويجهله ويعدمه كل من يعرف حاله ويزري عليه.

فكذا حال من مكنه الله جل جلاله في حال حيوته من مناجاته وعباداته وقضاء حاجاته واهمل واغفل وصار يريد الوصية إذا اخرجه مولاه من حضرة الحياة وخرجه بالذل والهوان في اسر الوفاة وغلق الباب بينه وبين القبول اما يكون سفيها أو معدما أو مجهلا أو ملوما عند اهل العقول فإذا لم يقبل العبد نصيحة من يحثه على الاستظهار واستمر على الغفلة والاصرار فالواجب عليه تعجيل ما يمكن تعجيله عند ضيق الخناق وقرب الموت واليقين بالفراق واما ما يضيق الوقت عن تعجيله من استدراك احواله أو ما يحتاج إليه للنظر في امر اطفاله أو عياله أو امواله فليوص الوصية الكاملة بالكتاب والشهود ويبدء فيها بالاهم فالاهم مما يحتاج إليه لليوم الموعود فيبدء بتجهيزه إلى الله جل جلاله على التمام وان كان حاله يضيق عن ذلك المرام فيجتهد بحسب الامكان.

ثم يرد المظالم ان امكن أو باستحلالها من اصحابها كيف كان أو بالوصية إلى الاخوان في ابراء ذمته من الحقوق الواجبة أو المندوبة أو الايثار ووجوه المبار وبقضاء الديون واداء الحقوق والفروض والقيام

٦٤

عنه بكل ما يتهياء النيابة فيه من المفروض كما رتبناه في رد المظالم واستدراك الجرايم.

ولينظر في امور عياله وامواله وليكن وصيته حقيقة ومعنى إلى الله جل جلاله ويتخذه وكيلا فكفى به قيما ببلوغ اماله ثم يسندها صورة وظاهرا إلى من عرف منه في ايام حيوته مراقبة لله جل جلاله في مقاله وفعاله فان تعذر ذلك فيسندها إلى من عرف أو يرجوا منه ان يكون من اهل المروات وذوى البيوتات ممن لم يعرف له التهوين بالاموات ولا الاضاعة لاهل المودات فان تعذر ذلك فيسندها إلى اهل الثروة واليسار وذوى الحياء مع القوة والاقتدار فان تعذر ذلك فيسندها كما قلناه إلى الله جل جلاله بالتفويض إليه والتوكل عليه فانه ان صدق تفويضه وتوكله اقام الله جل جلاله من يقوم بعده في عياله وامواله اكمل مما يؤمله وان لم يكن حاله في حسن الظن بالله جل جلاله واليقين قد بلغ إلى هذا المقام المكين فيسند وصيته إلى اقرب من يرجو منه حصول القيام من اهل الذمام والاهتمام.

ومن صفات العارفين إذا كان لاحدهم ما يبقى بعده للوارثين انهم يراعون قلوبهم وعقولهم فان وجدوها تترك ما يتركونه من التركات خدمة لله جل جلاله وامتثالا لامره الشريف في معونة من يصل إليه من الوراث واهل الوصيات بادروا إلى ذلك على هذه النية الصادقة وكانوا كأنهم قد انفقوها لله جل جلاله ايام حيوتهم الفانية وهؤلاء ما تركوا تركة في التحقيق وانما حملوها معهم زادا لبعد الطريق وجعلوها من الوسايل إلى نجاح المسائل في القرب من المالك الرحيم الشفيق.

٦٥

وان لم يجدوا قلوبهم وعقولهم موافقة على هذا الاخلاص في ترك تركاتهم وانها انما يترك ذلك بالطبع لئلا يرى الناس اولادهم ووراثهم في ذل ضروراتهم ولئلا يشمت بهم شامت من العباد أو لغير ذلك من الخواطر التى لا يكون المراد بها عبادة مالك يوم المعاد فانهم عند هذه الحال يحملون انفسهم قبل الوفاة على اخراجها في الصدقات والقربات وتحصيل صفات الكمال قبل الممات ولا يقنعون ان يتركوها ضايعة بعدهم بغير نية القربات.

فإذا فرغ هذا العبد مما ذكرناه في اصلاح حاله والوصيته لوراثه وعياله وبقى من المهمات ما يحتاج إليه عند الممات وبعد الفوات. فمن ذلك العهد الذى يحتاج الميت إليه ونحن نقدمه اولا لانه يحتاج إلى زمان يجمع الشهود وتمام الشهادة عليه.

ذكر العهد المشار إليه أبو محمد هرون بن موسى بن احمد رضى الله قال اخبرنا أبو احمد عبد العزيز بن يحيى الجلودى اجازة في كتابه الينا قال حدثنا احمد بن عمار بن خالد قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجى قال حدثنا مالك بن خالد الاسدي عن الحسن بن ابراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن عن ابي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام عن آبائه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يحسن الوصية عند موته كان نقصا في عقله ومروته قالوا يارسول الله صلى الله عليه وآله وكيف الوصية قال إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه قال اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم انى اعهد اليك في دار الدنيا انى اشهد ان لا اله الا انت وحدك لا شريك لك وان محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك وان الساعة آتية لاريب فيها وانك تبعث من في القبور وان الحساب حق وان

٦٦

الجنة حق وما وعد الله فيها من النعيم من المأكل والمشرب والنكاح حق وان النار حق وان الايمان حق وان الدين كما وصفت وان الاسلام كما شرعت وان القول كما قلت وان القرآن كما انزلت وانك انت الله الحق المبين وانى اعهد اليك في دار الدنيا انى رضيت بك ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبعلى اماما وبالقرآن كتابا وان اهل بيت نبيك عليه وعليهم السلام ائمتى اللهم انت ثقتى عند شدتي ورجائي عند كربتي وعدتي عند الامور التى تنزل بى وانت ولى في نعمتي والهى وآله آبائى صلى على محمد وآله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ابدا وانس في قبري وحشتي واجعل لى عندك عهدا يوم القاك منشورا.

فهذا عهد الميت يوم يوصى بحاجته والوصية حق على كل مسلم قال أبو عبد الله عليه السلام وتصديق هذا في سورة مريم قول الله تبارك وتعالى لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا.

وهذا هو العهد وقال النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام تعلمها انت وعلمها اهل بيتك وشيعتك قال قال عليه السلام علمنيها جبرئيل عليه السلام.

نسخة الكتاب توضع عند الجريدة مع الميت تقول قبل ان تكتب بسم الله الرحمن الرحيم اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وان الجنة حق وان النار حق وان الساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور ثم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم الشهود المسمون في هذا الكتاب ان اخاهم في الله عزوجل فلان بن فلان ويذكر اسم الرجل واسم ابيه اشهدهم واستودعهم واقر عندهم انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله وانه مقر بجميع الانبياء والرسل عليهم السلام وان عليا ولى الله

٦٧

وامامه وان الائمة من ولده ائمته وان اولهم الحسن والحسين وعلى بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد بن على وعلى بن محمد والحسن بن على والقائم الحجة عليهم السلام وان الجنة حق والنار حق والساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور وان محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله صلى الله عليه وآله ومستخلفه في امته موديا لامر ربه تبارك وتعالى وان فاطمة بنت رسول الله وابنيها الحسن والحسين ابنا رسول الله وسبطاه واماما الهدى وقائدا الرحمة وان عليا ومحمدا وجعفرا وموسى وعليا ومحمدا وعليا وحسنا والحجة عليهم السلام ائمة وقادة ودعاة إلى الله جل وعلا وحججه على عباده.

ثم يقول للشهود يا فلان ويافلان للمسمين في هذا الكتاب اثبتوا لى هذه الشهادة عندكم حى يأتوني بها عند الحوض

ثم يقول الشهود يا فلان نستودعك والشهادة والاقرار والاخاء وموعوده عند رسول الله صلى الله عليه وآله ونقرء عليك السلام ورحمة الله وبركاته.

ثم تطوى الصحيفة وتطبع وتختم بخاتم الشهود وخاتم الميت وتوضع عن يمين الميت مع الجريدة وتكتب الصحيفة بكافور وعود على جهته غير مطيب انشاء الله وبه التوفيق وصل الله على سيدنا محمد النبي وآله الاخيار الابرار وسلم تسليما.

وينبغى إذا حضر الموت ان يستقبل بباطن قدميه القبلة ويكون عنده من يقرء القرآن وآكدها سورة يس والصافات ويذكر الله تعالى ويلقن الشهادتين والاقرار بالائمة واحدا واحدا ويلقن كلمات الفرج

٦٨

وهى لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين والصلوة على محمد وآله الطيبين.

ولا يحضره جنب ولا حايض ثم يحصل اكفانه وكافوره وما يحتاج إليه لتغسيله من اطيب وجوه مقدوراته ويستعده في حيوته لئلا يهون بتكميله بعد وفاته.

ذكر ذلك على ما نذكره من التفصيل اما الكفن فيكون من الثياب البيض الرفيعة الجميلة فقد روى ان الناس يتنافسون في اكفانهم يوم التغابن والمقامات الجليلة.

فما رويته في ذلك ما ذكره أبو جعفر بن بابويه في كتاب مدينة العلم باسناده إلى ابى عبد الله عليه السلام قال تنوقوا في الاكفان فانهم يبعثون بها.

(ووجدت في المجلد الثالث في تاريخ نيشابور للحاكم في ترجمة ابراهيم بن عبد الرحمن بن سهل باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله خير ثيابكم البيض فليلبسها اخياركم وكفنوا فيها موتاكم فانها من خير ثيابكم اقول وقد صار هذا مرويا من الطرفين.

ومن كتاب مدينة العلم باسناده ايضا إلى الصادق عليه السلام قال اجيدوا اكفان موتاكم فانها زينتهم.

وروى صاحب كتاب سير الائمة صلوات الله جل جلاله عليهم باسناده إلى الصادق عليه السلام قال ان ابى عليه السلام اوصاني عند الموت فقال يا جعفر كفني في ثوب كذا وكذا وثوب كذا وكذا فان الموتى يتباهون

٦٩

باكفانهم الخبر.

اقول ولو لم يكن الا انه هو الملبوس الذى يجتمع فيه شمله بموليه على ما يرجوه من السلامة في دنياه والسعادات باخراه وكل مملوك فانه يتجمل في الملبوس عند جمع شمله بمالكه فينبغي تجميل هذا العبد لسيده الذى يرجوه لتخليصه من ساير مهالكه وهو اعز الاثواب واحلاها والذها واعلاها واشرفها واسناها عند العارفين بمعناها وعند المسعودين باقبال الجلالة الالهية والظافرين برضاها.

وقد كنت احرمت في نصيفين من قطن بيضاوين ووفقت بهما في موقف عرفات وكان يوم جمعة وتهيئا الوقوف على صفات المناجاة من بعد صلوة الظهرين حين وقت الوقوف إلى بعد غروب الشمس على ما فتحه علينا جود المالك الرؤف فلما قضيت الحج فيهما نشرتهما وبسطتهما على الكعبة الشريفة واركانها المعظمة المنيعة وعلى الحجر الاسود المكرم وجعلت ذلك كالحسب والسبب إلى رحمة المالك الارحم الاكرم.

ثم لما قدمت المدينة النبوية بسطتهما بطنا وظهرا على الحجرة الميمونة المحمدية وجعلت ذلك كالحسب والسبب إلى شفاعة ذلك المولى الجد المقدم على كل رسول والى ان ابلغ به ومنه نهايات المأمول.

ثم مضيت إلى الائمة الاطهار بالبقيع فصنعت مثل ذلك الصنيع وجعلت ذلك كالحسب والسبب للسلامة من يوم الهايل الفظيع ولما وصلت إلى مشهد مولينا امير المؤمنين على بن ابى طالب عليه السلام بسطتهما بطنا وظهرا لذلك على ضريح ذلك الوالد الابر سيد الاوصياء إلى ان ابلغ منه نهايات الرجاء.

٧٠

ثم حملتهما صحبتي إلى مشهد مولينا الحسين عليه السلام فبسطتهما بطنا وظهرا على ضريحه وجعلت ذلك كالحسب والسبب عنده إلى كل ما يبلغ الامل إليه.

ثم صنعت بهما كذلك في ضريحي مولينا الكاظم مولينا الجواد وضريحي مولينا الهادى ومولينا الحسن العسكري ومحل غيبة مولينا المهدى صلوات الله جل جلاله عليهم اجمعين وجعلت ذلك كالحسب والسبب إلى شفاعتهم ورضا مالك يوم الدين وفصلته وهيأته وهو عندي ومن قلبى في اعز مكان وارجو ان يكون اجتماع شملى فيه بمولاي الحليم الرحيم صاحب الاحسان وادخل به دار الرضوان حتى يخلع الله جل جلاله على مملوكه ما يقتضيه رحمته وجوده من خلع الحب والقرب والقبول ويشرفه بما يراه ويرضاه له عند القدوم والوصول ان شاء الله تعالى.

ولا يقال ان الكفن ما روى عن الائمة عليهم افضل السلام انه يهيأ قبل الممات بل ذلك موجود في الروايات وانه يستحب إذا هيأ قبل مماته ان ينظر إليه كل وقت في حيوته.

وانا اخرج كفني وانظره في كل وقت استصوب النظر إليه وكاننى اشاهد عرضى على الله جل جلاله وانا لابسه وقائم بين يديه.

(ورايت في كتاب الملحق بتاريخ الطبري تأليف احمد بن كامل بن شجرة في حوادث سنة عشرة وثلاثماة ما هذ لفظه في وقت المغرب في عشية يوم الاحد ليومين بقيامن من شوال توفى بها أبو جعفر بن جرير بن يزيد الطبري الفقيه وقد اضحى النهار من يوم الاثنين غد ذلك اليوم في داره برحبة يعقوب وكفن في ثلاثة اثواب حبرة ادرج فيها

٧١

ادراجا وكان قد اعدها لنفسه في حيوته واستجاده ثم ذكر في مدحه لمأد ثيابه عليه شيئا عظيما.

فصل ورايت في الجزء الثاني من كتاب المعجم الكبير للطبراني في مسند حذيفة بن اليمان قال بعث حذيفة من يبتاع له كفنا فابتاعوا له كفنا بثلثماة درهم فقال حذيفة ليس اريد هذا ولكن ابتاعوا ربطتين بيضاوتين خشنتين ورواه من عدة طرق بابسط من هذه الرواية).

فمن الرواية بذلك ما رويناه عن ابى جعفر محمد بن بابويه فيما ذكره في كتاب مدينة العلم باسناده إلى ابى عبد الله عليه السلام قال من كان كفنه معه في بيته لم يكتب من الغافلين وكان ماجورا كلما نظر إليه.

(وقد ذكر المفيد رضى الله عنه في كتاب الارشاد وغيره عن السندي بن شاهك ان مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام قال قبل وفاته ما هذ لفظ انا اهل بيت مهور نسائنا وحج صرورتنا واكفان موتانا من اطهر اموالنا وعندي كفني اقول فهذا مولانا موسى بن جعفر صلوات الله عليه قدوة في اعداد الكفن كما اشرنا إليه).

اقول وروى في كتب دلايل الائمة صلوات الله عليهم اخبار كثيرة بانهم هيأوا اكفان جماعة من شيعتهم قبل وفاتهم ونفذوا الاكفان إليهم والكفن المفروض في الظاهر من مذهبنا مذهب اهل البيت عليهم الصلوة والسلام ثلثة اقطاع مئزر يشد به وسط الميت فافضل وقميص كامل وازرار شامل ويستحب ان يضاف إلى ذلك حبرة يمنية حمراء أو بيضاء وازرار اخر وخرقة يضم بها وركيه ويحفظ حقويه ويضاف إلى ذلك عمامة زيادة في الاستعداد والسعادة ويهيا من الكافور الذى لم تمسه النار ثلثة عشر درهما وثلث وبعض هذا الكافور للغسلة الثانية من غسل الاموات وبعضه

٧٢

يترك على مساجده بعد الثلاث غسلات.

(وروى انما جعل افضله ثلث عشر درهما وثلثا لما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الجنائز من كتاب الكافي ان النبي صلى الله عليه وآله اهدى الله جل جلاله له اربعين درهما كافورا عند وفاته فقسمه بينه وبين مولانا على وفاطمة عليهما السلام فكان نصيب كل واحد منهم لاجل الوفاة ثلثة عشر درهما وثلثا).

ويجزى ما دون ذلك من الكافور ويكتب على جميع الاكفان فلان بن فلان يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وان عليا امير المؤمنين والحسن والحسين وعليا ومحمدا وجعفرا وموسى وعليا ومحمدا وعليا والحسن والحجة المهدى ائمته ائمة هدى ابرار.

فإذا هياء العبد كفنه فينبغي ان يهيا ايضا قبره الذى يدفن فيه فهو من مهمات الامور لانى رأيت الذين يحملون الميت إلى القبور اما محزون مشغول باحزانه أو متكلف مستاجر يشتغل بالاحياء عن الاستظهار للميت وعن اصلاح شأنه.

وقد صنع ذلك جماعة من اهل الاعتبار ورويت ورأيت في الاخبار ان ابا جعفر محمد بن السعيد عثمان بن سعيد العمرى صنع قبره في حيوته كما سيأتي في بعض رواياته.

ذكر صفة القبر ينبغى ان يكون القبر قدر قامة أو إلى الترقوة ويكون فيه لحد من جهة القبلة بمقدار ما يجلس الجالس فيه فانه منزل الخلوة والوحدة فيوسع بحسب ما امر الله جل جلاله مما يقرب إلى مراضيه وقد كنت مضيت بنفسى واشرت إلى من حفر لى قبرا كما

٧٣

اخترته في جوار جدى ومولاى على بن ابى طالب عليه السلام متضيفا ومستجيرا ورافدا وسائلا واملا متوسلا بكل ما توسل به احد من الخلايق إليه وجعلته تحت قدمى والدى رضوان الله جل جلاله عليهما لانى وجدت الله جل جلاله يأمرنى بخفض الجناح لهما ويوصيني بالاحسان اليهما فاردت ان يكون رأسي مهما بقيت في القبور تحت قدميهما.

ولا يقال فهل سبق احد من العارفين إلى تهيئة قبره قبل الممات.

فاقول قد ورد ذلك في كثير من الروايات فمنها ما ذكره جدى السعيد أبو جعفر الطوسى رضوان الله عليه وغيره في كتاب الغيبة قال حدثنا ابن نوح قال اخبرني أبو نصير هبة الله بن محمد قال حدثنى على بن ابى جيد القمى رحمه الله قال حدثنا أبو الحسن على بن احمد الدلال القمى قال دخلت على ابى جعفر محمد بن عثمان يعنى وكيل مولينا المهدى عليه السلام لاسلم عليه فوجدته وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها ويكتب عليها ايا من القرآن واسماء الائمة عليهم السلام على جوانبها فقلت له يا سيدي ما هذه الساجة فقال لى هذه لقبري تكون فيه اوضع عليها أو قال اسند إليها وقد فرغت منه وانا كل يوم انزل إليه واقرء اجزاء من القرآن فيع واصعد واظنه قال واخذ بيدى وارانيه فإذا كان من يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا صرت إلى الله تعالى ودفنت فيه وهذه الساجة معه فلما خرجت من عنده اثبت ما ذكره ولم ازل مترقبا ذلك فما تأخر الامر حتى اعتل أبو جعفر فمات في اليوم الذى ذكره من الشهر الذى قاله من السنة التى ذكرها ودفن فيه.

(ورأيت في كتاب الاستيعاب في الجزء الرابع ان سفيان بن الحرث بن عبد المطلب حفر قبره قبل ان يموت بثلاثة ايام وكان اخا

٧٤

رسول الله صلى الله عليه وآله من الرضاعة وذكر محمد بن معد في الجزء السابع من كتاب الطبقات حفر أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب في حيوته اقول وكان جدى ورام بن ابى فراس قدس الله روحه وهو ممن يقتدى بفعله قد اوصى ان يجعل في فمه بعد وفاته فص عقيق عليه اسماء ائمته صلوات الله عليهم فنقشت انا فصا عقيقا عليه الله ربى ومحمد نبى وعلى امامى وسميت الائمة عليهم السلام إلى آخرهم ائمتى ووسيلتي واوصيت ان يجعل في فمى بعد الموت ليكون جواب الملكين عند المسائلة في القبر ان شاء الله تعالى اقول ورأيت في كتاب ربيع الابرار للزمخشري في باب اللباس والحلى عن بعض الاموات انه كتب على فص شهادت ان لا اله الا الله واوصى ان يجعل في فمه عند موته.

يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين افضل السادة أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس شرف الله قدره واعلا ذكره.

فإذا هياء الانسان جميع مهماته وفرغ من مصالحه لحياته وبعد وفاته وحضره رسول رب العالمين بالانتقال فينبغي ان يفرح ويستبشر بهذه الحال فان من احب لقاء الله احب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه.

فلا يغتر بمن يقول انا نكره الموت لاجل اننا لو بقينا زدنا في صالح الاعمال فانه لو كان هذا مرادنا بكراهة الموت والانتقال كان من اصلح اعمالنا والمعقول ان نمتثل امر الله جل جلاله على لسان ملك الموت ونتلقاه بالقبول ولا نعارض الله جل جلاله ولا نرى تدبيرنا واختيارنا خيرا لانفسنا من تدبيره فان العبد ليس له معارضة موليه في كثير

٧٥

امره ويسيره.

ولا يغرنك من يقول انا اكره الموت لاجل ان لنا سيئات فنحب البقاء حتى نستدركها قبل الممات فان هذا من خدايع الشيطان والا فانت ايها الكاره في وقت الامكان فاستدرك ما تقدر عليه في الحال وما تعجز عنه فان الله جل جلاله يعذرك ويقبل التوبة ولا تجمع بين المخالفة له جل جلاله اولا واخرا بكراهة القبول منه في الانتقال.

ولا يغرنك من يقول اننا اخربنا الاخرة وعمرنا الدنيا فنحن نكره الانتقال من العمران إلى الخراب فان هذا كله من غلط ذوى الالباب والا فانت ايها الكاره قادر الآن بالتوبة والندامة على السلامة من خطر يوم القيمة وعلى وعمارة دار المقامة واياك ومتابعة الغافلين فان سيد المرسلين انما طعن على دعوى اليهود بان قال لهم فتمنوا الموت ان كنتم صادقين فإذا كنتم ايها المسلمون الغافلون ايضا للموت كارهين فقد انقلب سؤال الرسول صلوات الله عليه وآله عليكم وصرتم محجوجين بما احتج به على اعداء الدين.

صفة ما ينبغى اعتماده عند احتضار الاموات يجب ان يوجه الميت إلى القبلة على ما وجه لعل معناه قد تركت ساير الابواب ووجهت وجهى إلى بابك بذل العبودية وانكسار القلب وانقطاع الاسباب ويبادر بارسال يديه عن يمين وشمال لعل معناه اننى قد استسلمت اليك والقيت بيدى ونفسي بين يديك ويقرء عنده القرآن ومن افضل ما يقرء عنده سورة يس والصافات وكلمات الفرج كما قدمناه وهى لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب

٧٦

الارضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين والصلوة على محمد وآله الطيبين.

ومن المهمات ان يذكره بما كان يشهد به لله جل جلاله من الوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وآله من الرسالة وللائمة من عترته المعصومين من الامامة والجلالة ويهتم الذى يحضر الميت بتصغير الدنيا عنده وتنفيره من دار فنائه ويبسط امله في رحمة الله جل جلاله ورجائه ويحسن ظنه بالله جل جلاله ويشوقه إلى لقائه لئلا يكون في مثل هذه الحال مشغولا عن الله جل جلاله بدار الزوال فتخرج روحه على التعثير والتقصير وسوء التدبير وانقطاع المعاذير ويقلل الحديث والشواغل للاموات عند السكرات ويجتهد العارف الذى يحضرهم في تعلق قلوبهم وعقولهم بالله جل جلاله في ساير الحركات والسكنات فإذا قضى نحبه ولقى ربه جل جلاله وتقدس كماله فيضم فوه ان كان غير مضموم فيشد بخرقة تحت لحييه إلى رأسه لئلا يصير مفتوحا عند تغسيله ولان اكرام الميت بكل طريق من جملة التوفيق وتغمض عيناه ان كانتا مفتوحتين وتمد يداه وركبتاه ان كانتا غير مبسوطتين ويغطى وجهه ويصان محياه.

ومن آداب ذلك تعجيل حمله إلى موليه وان يختار لتغسيله رجل صالح عارف مأمون يخاف الله جل جلاله ويخشاه وتهيية ما يكفيه للغسل من المياه.

صفة تغسيل الاموات ان كان موته في الموضع الذى يغسل فيه والا ينقل برفق واكرام إلى موضع تغسيله ويهيأ موضع يجرى فيه ماء غسله فانه يكره ان يجرى ماء التغسيل إلى البالوعة أو الكنيف فيتبع توقيف صاحب الشريعة وتدبير المالك اللطيف وينزع عنه ثيابه

٧٧

بتلطف على غاية احترامه وتجميله فان تعذر نزعها فتفتق فتقا رفيقا بغير استعجال فان الله جل جلاله هو الرقيب ووكيل الميت والمطلع على هذه الحال ويستر عورته قبل كشفها ويعتبر الحاضرون بهذه النازلة وعظيم وصفها ويقف الغاسل عند جانب الميت الايمن ويقصد بقلبه انه يغسل هذا الميت واجبا لله جل جلاله ويقول في حال غسله العفو العفو ويترحم عليه ويبالغ فيما يصل نفعه إليه فقد روينا باسنادنا إلى ابى جعفر محمد بن بابويه في كتاب مدينة العلم باسناده إلى الصادق صلوات الله عليه قال ما من مؤمن يغسل ميتا مؤمنا فيقول وهو يغسله رب عفوك عفوك الا عفى الله عنه.

اقول روينا باسنادنا عن ابن بابويه باسناده في اماليه عن الباقر عليه السلام انه قال ايما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه اللهم هذا بدن عبدك المؤمن وقد اخرجت روحه منه وفرقت بينهما فعفوك عفوك الا غفر الله له ذنوب سنة الا الكبائر ويبدء بغسل يدى الميت ثلث مرات ثم يمسح بطنه مسحا رفيقا ثم يغسل مخرج الغايط باشنان مسحوق ثلث مرات ثم يغسل رأسه إلى اصل عنقه بماء السدر ثلث مرات بسكينة ووقار ومراقبة للمطلع على الاسرار ثم يغسل جانبه الايمن من اعلى منكبه الايمن إلى اسفل قدمه الايمن بماء السدر ايضا ثلث مرات ثم يقلبه على جانبه الايمن برفق وتلطف ورحمة وعناية وتعطف ويغسل جانبه الايسر كذلك من اعلى منكبه الايسر إلى اسفل قدمه الايسر بماء السدر ثلث مرات والميت في جميع هذه الحركات مستور العورات.

فإذا فرغ من هذه الغسلة بماء السدر صرف ناظره عن عورته وغسل الخرقة التى عليها وطهر موضعها وتركها على حالها أو استبدل

٧٨

بها خرقة طاهرة ثم يقلبه على ظهره كما ذكرناه باحترام وتعظيم لامره ويمسح بطنه ويغسل فرجه ويغسل رأسه وجانبه الايمن وجانبه الايسر كما شرحناه بماء الكافور.

ثم يعتمد في تقليبه وترتيبه كما وصفناه ويغسله المرة الاخيرة بماء خالص ليس فيه سدر ولا كافور ولا يضاف إليه شئ ويبدء كما ذكرناه بغسل رأسه ثم بجانبه الايمن ثم بالايسر كما اوضحناه.

وليكتم على الميت ما يراه فقد رويناه باسنادنا عن محمد بن بابويه في اماليه عن الصادق عليه السلام قال من غسل مؤمنا ميتا فادى فيه الامانة غفر له قيل وكيف يؤدى فيه الامانة قال لا يخبر بما يرى فإذا فرغ من جميع ما ذكرناه شرع في تكفينه.

صفة تكفين الاموات يبدء بتهيئة جريدتين مقدار عظم الذراع من شجر اخضر والا فضل من سعف النخل الاخضر ويكتب عليهما ما كتب على الاكفان فانهما صيانة له من العذاب ما دامتا رطبتين وفيهما فضل ويهيأ تابوته أو ما يحمل عليه بحسب ما يحتاج إليه ثم يشرع في الخرقة التى تسمى الخامسة فيبسطها ويجعل عليها شيئا من القطن وينثر عليه شيئا من الذريرة المعروفة بالقمحة ويضم بها فرجه قبله ودبره ويشد بها فخذيه شدا وثيقا ويكون في ذلك محترما له وعليه شفيقا فإذا فرغ من شده بالخامسة جعل كافورا على مساجده السبعة وما يفضل منه على صدره وليتق الله جل جلاله في تعظيمه وصلاح امره ثم يوزره بالوزرة من سرته إلى حيث بلغ عرضها ويلبسه القميص ويكون سابغا من ورائه وقدامه إلى ان يفضل عن اقدامه ويجعل الجريدة اليمنى عند جانبه الايمن على جلده بين قميصه وجسده والجريدة الاخرى عند جانبه

٧٩

الايسر ما بين القميص والازرار ثم يسد فاه واذنيه بقطن وما يحتاج إليه ثم يعممه بان يحنكه بها ويجعل للعمامة من اولها طرفا على صدره ثم يعممه ويجعل من اخرها طرفا اخر ايضا على صدره ويبسط الحبرة أو ما يقوم مقامها ثم يبسط الازرار ويجعل عليه قطنا وذريرة ويوفرها عليه ثم يلفه في الازرار والحبرة لفا رقيقا مشفقا عليه ويشدهما من قبل رأسه ومن جهة قدميه ثم يحمل في تابوته أو ما يحمل فيه إلى موضع الصلوة عليه وافضل المشيعين للجنايز خلفها وعن جانبها لان المشيع تابع فكيف يكون بين يديها.

ويستحب تربيع الجنازة بان يأخذ جانبها الايمن ثم رجلها إلى اليمنى ثم رجلها اليسرى ثم منكبها الايسر يدور خلفها وحولها.

ذكر صفة الصلوة على الاموات عادة جماعة من اصحابنا المصنفين ان يؤخر وذكر هذه الصلوة إلى كتاب الصلوة ورأيت ذكرها هيهنا اقرب إلى صواب الارادات فانها ليست من تلك الصلوة ولا يجب فيها الطهارة ولا القرائة ولا شروط تلك المناجاة واردت انه إذا وقف الناظر في هذا الكتاب يجد الصلوت على الميت فيهذا الباب ولا يحتاج ان يطلبها من موضع بعيد فلعله اقرب إلى الصواب.

وصلوة الاموات فرض على الكفاياة إذا قام بها بعض من تجب عليه سقطت عن الباقين.

وتجب الصلوة على كل ميت مؤمن أو من له حكم المؤمن ممن له من العمر ست سنين واولى المكلفين بالصلوة عليه اولاهم بميراثه من الذكور والزوج احق بالصلوة على زوجته من وليها ويصلى على الميت أي وقت كان من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة من الصلوات

٨٠