التنبيه بالمعلوم

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

التنبيه بالمعلوم

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


المحقق: محمود البدري
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-252-1
الصفحات: ٢١٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

التحية والسلام.

اُسرته :

نشأ الحر وترعرع في أحضان العلم والمعرفة ، فبيت آل الحر من البيوت الكبيرة والمعروفة ، والتي غذّت الطائفة الشيعيّة بثلّة من أعاظم العلماء والمجتهدين.

فقد كان والده عالماً ، فاضلاً ، أديباً ، فقيهاً حافظاً.

ومنهم عمّه الفاضل الشيخ محمد بن علي بن محمد الحر العاملي ، ابن بنت الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني.

ومنهم جدّه الشيخ علي بن محمد الحر العاملي ، الذي وصفه في « الأمل » بالعلم والفضل والعبادة وحسن الأخلاق. وهناك الكثير غير هؤلاء.

أساتذته وتلامذته :

قرأ الشيخ الحر العاملي عند أساتذة كبار كان لهم أثر كبير في نشأته ونموه إلى أن وصل إلى المستوى الذي وصله ، ومن هؤلاء :

١ ـ الشيخ الحسن بن علي بن محمد ـ أبوه ـ ( المتوفي ١٠٦٢ ه‍ ).

٢ ـ الشيخ محمد بن علي الحر.

٣ ـ الشيخ عبد السلام بن محمد الحر.

٤ ـ الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن صاحب المعالم ابن زين الدين الشهيد الثاني.

٥ ـ الشيخ حسين الظهيري.

٢١

ويروي الشيخ الحر العاملي بالاجازة عن أبي عبد الله الحسين بن الحسين بن يونس العاملي ، وعن العلاّمة المجلسي ، والإجازة بينهما مدبجة (١).

وقال رحمه الله : وهو آخر من أجاز لي وأجزت له ، وذكر المجلسي نظير ذلك في مجلد الاجازات من البحار.

أمّا المجازين منه ـ إضافة إلى العلاّمة المجلسي ـ الشيخ محمد فاضل بن محمد المشهدي ، والسيّد نور الدين بن السيد نعمة الله الجزائري ، والشيخ محمود بن عبد السلام البحراني.

أسفاره :

أقام الشيخ في بلده جبل عامل أربعين سنة ، ثم سافر إلى العراق لزيارة المراقد المقدّسة ، ومن ثم إلى ايران لزيارة مرقد ثامن الحجج الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام وذلك عام ١٠٧٣ ه‍ حيث استقر به المقام هناك.

وقد حجّ الحر العاملي إلى بيت الله الحرام مرّتين عامي ١٠٨٧ و ١٠٨٨ ه‍.

أمّا تلامذته ، فكان مجلسه عامراً بالعشرات من الطلبة المجدّين في طلب العلم والمخلصين لعلوم أهل البيت عليهم السلام.

أقوال العلماء في حقّه :

نظراً لما يمتاز به الشيخ الحر العاملي من المكانة العلمية المرموقة ، فقد

__________________

(١) الإجازة المدبجة : هي أن يجيز كل من العاملين للآخر مروياته ، وتقع غالباً بين أكابر العلماء.

٢٢

حظي بثناء الكثير من العلماء المعروفين الذين يعتبر ثناؤهم شهادة علمية راقية لم ينالها إلاّ القليل.

فممّن أثنى عليه معاصره السيّد علي خان شارح الصحيفة السجادية حيث قال :

الشيخ محمد بن الحسن بن على بن محمد الحر الشامي العاملي ، عَلَم عِلم لا تباريه الأعلام ، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام ، أرَّجت أنفاس فوائده أرجاء الأقطار ، وأحيت كلّ أرض نزلت بها فكأنّها لبقاع الأرض أمطار. تصانيفه في جبهات الأيّام غرر ، وكلماته في عقود السطور درر (١).

وقال عنه العلاّمة الأميني في كتابه الغدير :

فشيخنا المترجم له درّة على تاج الزمن ، وغرّة على جبهة الفضيلة ، متي استكنهته تجد له في كل قدر مغرفة ، وبكل فن معرفة ، ولقد تقاصرت عنه جمل المدح وزمر الثناء ، فكأنَّه عاد جثمان العلم وهيكل الأدب وشخصية الكمال البارزة (٢).

وكذلك أثني عليه العديد من العلماء الآخرين أمثال : الافندي في رياض العلماء (٣) ، والأردبيلي في جامع الرواة (٤) ، والنوري في خاتمة مستدرك الوسائل (٥) ، والبغدادي في هدية العارفين (٦) ، والزركلي في الأعلام (٧) ، وكحالة

__________________

(١) سلافة العصر : ٣٥٩.

(٢) الغدير ١١ : ٣٣٦.

(٣) رياض العلماء ٥ : ٦٧.

(٤) جامع الرواة ٢ : ٩٠.

(٥) مستدرك الوسائل ٣ : ٣٩.

(٦) هدية العارفين ٦ : ٣٠٤.

(٧) الأعلام ٦ : ٩٠.

٢٣

في معجم المؤلّفين(١) ، وغيرهم.

شعره :

وكما أنّ شيخنا الحر العالي فقيهاً ، وعالماً ، ومحدّثاً ، فهو كذلك شاعر يمتاز شعره بطول النفس في النظم ، وله قصائد كثيرة في مدح أو رثاء النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

وقد تجمع لديه ما يقارب عشرين ألف بيت ضمّها ديوانه ، ومن قصائده الرائعة همزيّته التي نيفت على الأربعمائة بيت ، والتي حوت على معاجز جمّة من معاجز النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وفضائل أهل البيت عليهم السلام ، ومن أبيات القصيدة قوله :

كيف تحظى بمجدك الأوصياء

وبه قد توسّل الأنبياء

ما لخلق سوى النبيّ وسبطيه

السعيدين هذه العلياء

فبكم آدم استغاث وقد مسّ‍

‍ته بعد المسرّة الضراء

يوم أمس في الأرض فرداً غريباً

ونأت عنه عرسه حواء

وبكى نادماً على ما بدا من‍

‍ه وجهد الصب الكئيب البكاء

فتلقى من ربه كلمات

شرفتها من ذكركم أسماء

ومن شعره اللطيف كذلك هذه الأبيات التي يمزج فيها المدح بالغزل فيقول :

__________________

(١) أمل الآمل ١ : ١٤٥.

٢٤

لئن طاب لي ذكر الحبائب إنّني

أرى مدح أهل البيت أحلى وأطيبا

فهن سلبن العلم والحلم في الصبا

وهم وهبونا العلم والحلم في الصبا

هواهن لي داء هواهم دواؤه

ومن يك ذا داء يرد متطببا

لئن كان ذاك الحسن يعجب ناظراً

فانّا رأينا ذلك الفضل أعجبا

مؤلفاته :

كان الشيخ الحرّ قدّس سرّه عالماً فاضلاً أفنى عمره الشريف في خدمة الشريعة المقدّسة والمذهب الحقّ مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وقد أثرى المكتبة الاسلامية بالكثير من الكتب المهمّة ، يكفينا أن أحدها هو كتاب وسائل الشيعة والذي جمع فيه أحاديث أهل البيت عليهم السلام في مختلف العلوم.

ولنترك الشيخ رحمه الله يحدّثنا عن كتبه بنفسه كما ذكرها هو في أمل الآمل :

١ ـ تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : وهو كتاب جامع للأحاديث الفقهيّة التي يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعيّة.

٢ ـ فهرست وسائل الشيعة : ويشتمل على عناوين الأبواب ، وعدد أحاديث كلّ باب ، ومضمون الأحاديث ، وقد أطلق عليه كتاب من لا يحضره الإمام ، لاشتماله على جميع ما روي من فتاواهم عليهم السلام.

٣ ـ هداية الاُمّة إلى أحكام الأئمّة عليهم السلام : وهو منتخب من وسائل الشيعة مع حذف الأسانيد والمكرّرات.

٤ ـ الفوائد الطوسيّة : مجموع فوائد بلغت المائة فائدة في مطالب

٢٥

متفرقة.

٥ ـ إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات : ويبحث في الدلائل على النبوّة الخاصّة والإمامة لكلّ إمام إمام حتى الإمام الثاني عشر عجّل الله فرجه.

٦ ـ أمل الآمل في علماء جبل عامل : وقد قسّمه إلى قسمين : الأول خاصّ بعلماء جبل عامل ، والثاني عام لعلماء الشيعة في بقية الأقطار.

٧ ـ الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة عليهم السلام : ويشتمل على القواعد الكليّة المنصوصة في اُصول الدين واُصول الفقه وفروع الفقه.

٨ ـ العربية العلوية واللغة المرويّة.

٩ ـ الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة : ويحتوى على أكثر من ستمائة حديث وأربع وستين آية.

١٠ ـ رسالة الاثنى عشرية في الردّ على الصوفيّة : وفيها نحو ألف حديث في الردّ عليهم عموماً وخصوصاً في كلّ ما اختصّ بهم.

١١ ـ رسالة في خلق الكافر وما يناسبه.

١٢ ـ كشف التعمية في حكم التسمية : وهي رسالة في تسمية المهدي عجّل الله فرجه الشريف.

١٣ ـ رسالة الجمعة : وهي جواب من ردّ أدلة الشهيد الثاني في رسالته في الجمعة.

١٤ ـ رسالة نزهة الأسماع في حكم الاجماع.

١٥ ـ رسالة تواتر القرآن.

١٦ ـ رسالة الرجال.

١٧ ـ رسالة أحوال الصحابة.

١٨ ـ تنزية المعصوم عن السهو والنسيان : ـ وهو هذا الكتاب الّذي بين

٢٦

يديك ـ وسيأتيك تفصيل الحديث عنه.

١٩ ـ رسالة بداية الهداية في الواجبات والمحرّمات المنصوصة من أوّل الفقه الى آخره : وهي في غاية الاختصار ، انتهى فيها إلى أن الواجبات (١٥٣٥) والمحرّمات (١٤٤٨).

٢٠ ـ الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة : وهو أول من جمع هذه الأحاديث كما يقول صاحب الأعيان (١).

٢١ ـ الصحيفة السجادية الثانية : حيث جمع فيها الأدعية المنسوبة إلى الإمام السجاد عليه السلام ، والتي لا توجد في الصحيفة الكاملة.

٢٢ ـ ديوان شعر يقارب عشرين ألف بيت ، أكثره في مدح ورثاء النبي صلّى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين عليهم السلام. ويتضمّن كذلك بالاضافة إلى الشعر النظم التعليمي ، ففيه :

منظومة في المواريث.

منظومة في الزكاة.

منظونة في الهندسة.

منظومة في تواريخ النبي صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام.

٢٣ ـ أجازات كثيرة لتلامذته.

٢٤ ـ كان عازماً على أن يشرح وسائل الشيعة بكتاب اسمه تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة (٢) ، ولكن الأجل لم يمهله لتنفيذ ما عزم

__________________

(١) أعيان الشيعة ٩ : ١٦٨.

(٢) أمل الآمل ١ : ١٤٥.

٢٧

عليه ، فلم يصدر منه إلاّ جزء واحد.

وفاته :

قال أخوه الشيخ أحمد الحر في كتابه الدرّ المسلوك :

في اليوم الحادي والعشرين ، من شهر رمضان ، سنة ١١٠٤ ه‍ كان مغرب شمس الفضيلة والاضافة والافادة ، ومحاق بدر العلم والعمل والعبادة ، شيخ الاسلام والمسلمين ، وبقية الفقهاء والمحدّثين ، الناطق بهداية الاُمّة وبداية الشريعة ، الصادق في النصوص والمعجزات ووسائل الشيعة ، الإمام الخطيب الشاعر الأديب ، عبد ربّه العظيم العلي ، الشيخ أبو جعفر بن الحسن الحر العاملي ، المنتقل إلى رحمته باريه عند ثامن مواليه :

في ليلة الوسطى وكان بها

وفاة حيدر الكرار ذي الغيرِ

يا من له جَنّة المأوى غدت نُزلاً

ارقد هناك فقلبي منك في سعرِ

طويت عنّا بساط العلم معتلياً

فاهنأ بمقعدِ صدق عند مقتدرِ

تاريخ رحلته عاماً فجعت به

أسرى لنعمة باريه على قدرِ

وهو أخي الأكبر ، صلّيت عليه في المسجد تحت القبّة جنب المنبر ، ودفن في إيوان حجرة في صحن الروضة الملاصق لمدرسة ميرزا جعفر ، وكان فد بلغ عمره اثنين وسبعين ، وهو أكبر منّي بثلاث سنين إلاّ ثلاثة أشهر (١).

__________________

(١) الفوائد الرضوية : ٤٧٦.

٢٨

حول الكتاب

قال عنه العلاّمة آغا بزرگ الطهراني :

« التنبيه في التنزيه » يعني تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب « الأمل » ، لم يسمّه فيه ما ذكره بعنوان الرسالة ، ولكن في كشف الحجب في آخر الكتاب نفسه سمّاه ب‍ « التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان » أوّله:

« الحمد لله الذي اختار الأنبياء والأوصياء حفظة للايمان وجعلهم حجّة ... ». وقد أورد فيه الأدلّة والبراهين وردّ الشبهات وأوّل ظواهر بعض الأخبار والآيات مرتّباً ذلك في اثني عشر فصلاً :

١ ـ عبارات النافين.

٢ ـ عبارات المجوّزين.

٣ ـ الآيات النافية.

٤ ـ الروايات النافية.

٥ ـ الوجوه العقلية للنفي.

٦ ـ مفاسد جواز السهو.

٧ ـ شبه المجوّزين.

٨ ـ تضعيف الشبه.

٢٩

٩ ـ اضطرابها وبطلانها.

١٠ ـ تأويلاتها.

١١ ـ جوابات ابن بابويه.

١٢ ـ نظائر أحاديث السهو في الضعف.

رأيته في مكتبة المولى محمد علي الخوانساري في النجف (١).

أمّا المحقّق البحراني رحمه الله فقد قال في اللؤلؤة خلال ترجمته للمؤلّف :

وله كتب منها الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسيّة ـ إلى أن قال : ـ ورسالة في تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان (٢).

وكتابنا هذا ـ كما هو واضح من اسمه ـ ينزّه الأنبياء والأئمّة عليهم السلام عن السهو والنسيان ، فنراه يقول في مقدّمته :

« هذه رسالة في بيان السهو عن أهل العصمة ، وذكر نبذة ممّا يدلّ على ذلك من الأدلّة العقليّة ، والنصوص النقليّة ، وكلام جماعة من الأصحاب في هذا الباب ، وردّ شبهة من جوّز السهو عليهم في العبادة ، وتأويل الأحاديث الّتي تدلّ على ذلك بظاهرها ، وذكر بعض نظائرها وما يناسب هذا المطلب ... ».

أمّا السبب الّذي دفع المصنّف على تأليف هذه الرسالة فيذكره ويقول :

« والذي دعاني إلى تأليف هذه الرسالة ، التماس بعض الأفاضل واشتباه الأمر على بعض آخر ، وكون هذه المسألة من المهمّات ، ولم أجد من تعرّض لها بكلام شاف ، واستدلال واف ، إلاّ من قلّ مع قصور ما وجدته عن البيان كما

__________________

(١) الذريعة ٤ : ٤٣٨.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٧٦.

٣٠

ينبغي ، وأرجو ان تزول الشبهة بهذه الرسالة بالكلّيّة ، ويتّضح الحقّ عند كلّ من له بصيرة وروية ... ».

ومن المعروف انّ علماء الطائفة أجمعوا على رفع السهو والنسيان باستثناء ابن بابويه وشيخه ابن الوليد ، لذا نرى المصنّف رحمه الله يفرد فصلاً خاصّاً في الردّ عليهم.

ملاحظة حول عنوان الكتاب :

هناك مسألة جديرة بالمناقشة ؛ وهي أنّ الكثير من المؤلّفين الّذين تحدّثوا عن هذا الموضوع ومنهم شيخنا الحر العاملي حاولوا التفريق بين السهو والنسيان ، فعطفوا ب‍ « الواو » بينهما ـ أي بين السهو والنسيان ـ وكان من الأفضل العطف ب‍ « أو » ، لعدم وجود فرق جوهري بين اللفظين ، ولعدم طرح المسألة بعنوانين عند الأصحاب كما يظهر للمتأمّل.

وبالرغم من انّ الشيخ في استدلاله لا يفرّق بين مورد السهو ومورد النسيان ، لكنّا نجد ان عنوان الرسالة يتكرر في طيّات بحوث الرسالة بكثرة ممّا يوحي للقارىء بانّ هناك فرقاً بينهما.

والّذي يؤيّد كلامنا هذا ـ أي أفضلية العطف ب‍ « أو » بدل « الواو » ـ هو إنّ القاموس عندما عرض لتفسير السهو ، فسّره بالنسيان ... ومن هنا يقال لمن نسي التشهد ، أنّ عليه سجدتي السهو.

نعم يمكن إبراز بعض المفارقات الخفيّة بينهما ، من قبيل أنَّ النسيان يطلق على الخفاء ، فمن خفي في ذهنه مطلب ما ، يقال له ناسي ، والسهو قد يطلق على من مضى في أمر مع كونه قاصداً لغيره ، دون خفاء الأوّل. فمن قرأ سورة التوحيد ، بدل الفاتحة ، هو ساه ، وليس ناسياً لأحدهما. نعم هو ناسي لما

٣١

يريد أنْ يذكره في تلك اللحظة ، بحيث حسب أنّه أراد سورة التوحيد ، أو إنّه أطلقها دون تأمّل وتفكّر ... وهذا فرق خفي بينهما فتأمّل.

وهناك مسألة اُخرى جديرة بالانتباه ، وهي الخلط أحياناً بين الخطأ والسهو والنسيان ، فالخطأ قد يكون لأجل عدم الإطّلاع نهائياً ، فمن أطلق النار على عصفور ، فأصاب شخصاً ، يعتبر مخطىء ، وليس بساهٍ أو ناسٍ ، إذ قد يكون المصاب ظاهراً ، أو معلوماً له من قبل ...

نسخة الكتاب :

وقد اعتمدنا في تحقيقنا لهذا الكتاب على ثلاث نسخ وهي :

١ ـ نسخة ثمينة تعود إلى زمن المؤلّف جاء في آخرها أنّها بقلم مؤلّفها العبد محمد بن الحسن الحر العاملي ، وهي محفوظة في مكتبة آية الله فاضل الخوانساري في مدينة خوانسار ، وتقع ضمن مجموعة تحمل الرقم ١٨٩ ، وقد كتبت بتاريخ ١٠٧٨ ه‍ ، وقد تكرّم علينا سماحة العلاّمة السيّد أحمد الحسيني حفظه الله بصورة منها ، وقد رمزنا لها بالرمز « ب ».

٢ ـ نسخة مصحّحة كتبت في سنة ١٢٥٤ ه‍ بقلم محمد جديد الاسم ابن السيد الحسين الخراساني ، وقد ذكر بانه استنسخها على نسخة بقلم المؤلف كتبت في آخر شهر رمضان بتاريخ ١٠٧٨ ه‍ ، وتقع ضمن مجموعة رسائل تحمل الرقم ٧٢٦ وهي موجودة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي قدّس سرّه ، وقد كتب بهامشها رسالة في التصوّف باللغة الفارسية ، وكذلك ذكر بهامشها التعليقات بقلم بهاء الحسيني ، ولم نعرف من هو. وقد رمزنا لها بالرمز « ج ».

٣٢

٣ ـ نسخة مصحّحة اُخرى حصلنا عليها من مكتبة آية الله فاضل الخوانساري ، وهي تقع ضمن مجموعة تحوي عدّة رسائل للمصنّف رحمه الله وهي تحمل الرقم ٢٤٠ ، ولا يوجد تاريخ معين يشير إلى زمن كتابة هذه النسخة لأن صفحتها الأخيرة تنتهي بالعبارة : « تمت الرسالة الموسومة بالتنبيه بالبرهان في تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان بيد العبد إبراهيم بن محمد علي العاملي ... ».

والظاهر أن صفحتها الأخيرة الحاوية على تاريخ نسخها قد فقدت ، ولكن الرسائل الباقية الموجودة ضمن هذه المجموعة قد حويت على تواريخ متفاوتة ولكنها متقاربة ، ولهذا فان تاريخ كتابة هذه النسخة قد يكون بحدود سنة ١١٢٥ ه‍ ، وقد رمزنا بالحرف « د ».

وكذلك اعتمدنا على نسخة مطبوعة قام بطباعتها ونشرها السيّد مهدي اللاجوردي الحسيني ، معتمداً على نسخة خطّية حصل عليها اثناء زيارته للنجف الأشرف ، ولم يشر إلى مكان النسخة وتاريخ نسخها.

٣٣

منهجيّة التحقيق

كان أوّل عملي هو اعتماد النسخة « ب » الأصل المعتمد لتحقيق هذا الكتاب ، لأنها أقدم النسخ الموجودة ، ومقابلة هذه النسخة مع النسختين الاُخرتين « ج » و « د » ، والاشارة إلى موارد الاختلاف فيما بينها ، وكذلك قمنا بمراجعة النسخة المطبوعة التي حصلنا عليها (١) ، ثم بعد انتهاء هذه المرحلة قمنا بارجاع الأحاديث إلى مصادرها الأصليّة ، حيث طابقت الأحاديث والأقوال مع مصادرها ، وبعد ذلك ضبطت النصّ ضبطاً متقناً ـ على قدر الوسع والإمكان ـ وكما يلي :

١ ـ طابقت الآيات القرآنيّة الشريفة مع القرآن الكريم وأثبتّها كما هي في القرآن.

٢ ـ ما أضفته من المصادر أو ذُكر في إحدى النسخ ولم يذكر في الاُخرى جعلته بين [ ] وأشرت لذلك في محلّه.

٣ ـ اقتصرت في الإشارة لموارد الاختلافات ـ بين النسخ والمصادر ـ

__________________

(١) وهي كما ذكرنا قام بطباعتها ونشرها السيّد مهدي اللاجوردي الحسيني ، حيث ذكر في مقدّمة الكتاب بأنّه حصل على نسخة فوتوغرافية اثناء زيارته للنجف الأشرف.

وللأسف فبالرغم من انّ ناشر هذه النسخة قد ذكر بأنّه قام بتصحيح النسخة ، إلاّ انّا وجدناها مليئة بالاخطاء المطبعية وغيرها وكذلك في تخريجاتها ، بل حتى الآيات القرآنيّة الشريفة لم تخلو من العديد من الأخطاء ، لذا كان اعتمادنا عليها قليلاً ، ومن أجل المراجعة فقط.

٣٤

المهمّة منها فقط.

٤ ـ قمت باتّحاد الأحايث الواردة في الكتاب مع المصادر الحديثيّة المعتبرة.

٥ ـ أنشأتُ عدّة فهارس فنّية كي تعين الباحث على بلوغ مرامه ، وألحقتها في آخر الكتاب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

٣٥
٣٦

صورة الصفحة الاُولى من النسخة الخطّيّة « ب »

٣٧

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطّيّة « ب »

٣٨

صورة الصفحة الاُولى من النسخة الخطّيّة « ج »

٣٩

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطّيّة « ج »

٤٠