مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

(الانجدان الرومي) ومثله من السكر فاستفّه يوما أو يومين ، قال الرجل : ما فعلته إِلاّ مرّة حتى ذهب (١).

الثاني والعشرون : روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه مرّ عيسى بن مريم عليه‌السلام ببلدة فرأى أهلها صفر الوجوه دكن العيون ، فشكوا إليه كثرة الأسقام ، فقال إنّكم تطبخون لحم الإبل قبل غسله ، ولا يخرج من الدنيا حيوان إِلاّ ومعه جنابة ، فدأبوا على غسل لحم الإبل قبل الطبخ فزالت عنهم الأسقام (٢). ومرّ عيسى عليه‌السلام ببلدة أخرى كانت قد تساقطت أسنان أهلها ، وانتفخت وجوههم ، فقال لهم : دعوا أفواهكم مفتوحة عند النوم ولا تطبّقوها ، فعملوا بما قال فزال الداء عنهم (٣).

الثالث والعشرون : عن الإمام محمد الباقر عليه‌السلام قال إذا شاهدت أحداً من أهل البَلاءِ فقل خفاتا بحيث لا يسمعك ثلاث مرات : الحَمْدُ لله الَّذي عافاني مِمّا ابْتَلاكَ بِهِ وَلَوْ شاءَ فَعَلَ فمن فعل ذلك لن يصاب بذلك البلاء (٤). وعلى رواية أخرى قل : الحَمْدُ لله الَّذي عافاني مِمّا ابْتَلاكَ بِهِ وَفَضَّلَني عَلَيْكَ وَعَلى كَثيرٍ مِمَّنْ خَلَقْ ، وأخفت حتى لا يسمعك (٥).

الرابع والعشرون : عن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام قال : إذا حملت المرأة ومضت من حملها أربعة أشهر ، فأدر بوجهها إلى القبلة واقرأ آية الكرسي واضرب على جانبها بيدك وقل : اللّهُمَّ إِنِّي قَدْ سَمَّيْتُهُ مُحَمَّداً ، فإنّه يجعله غلاماً فإن وفا بالاسم بارك الله له فيه ، وإن رجع عن الاسم كان لله فيه الخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه.

الخامس والعشرون : روي أنه يقال عند ذبح العقيقة : بِسْمِ الله وَبِالله اللّهُمَّ عَقيقَةً عَنْ فُلانٍ ويسمى المولود ـ لَحْمُها بِلَحْمِهِ وَدَمُها بِدَمِهِ وَعَظْمُها بِعَظْمِهِ اللّهُمَّ اجْعَلْها وِقاءً لآلِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عَلَيْهِ وعليهم (٧).

وقال في حديث آخر : تقول : يا قَوْمِ إنّي بَريٌ مِمّا تُشْرِكُونَ إنّي وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذي فَطَرَ السَّماوَاتِ وَالاَرْضِ حَنيفا مُسْلِما وَما أَنا مِنَ المُشْرِكينَ (٨) ، (إنَّ صَلاتي وَنُسِكي

_________________

١ ـ البحار ٦١ / ١٨٢.

٢ ـ علل الشرايع ٢ / ٥٧٥ باب ٣٧٧ مع اختلاف في الالفاظ.

٣ ـ علل الشرايع ٢ / ٥٧٥ باب ٣٧٧ مع اختلاف في الالفاظ. وعنه البحار ٦٢ / ١٦١ ـ ١٦٢.

٤ ـ البحار ٧١ / ٣٤ عن الكافي ٢ / ٩٧ و ٩٣ / ٢١٨ عن طبّ الائمّة : ١١٢.

٥ ـ البحار ٩٣ / ٢١٨ عن دعوات الراوندي.

٦ ـ الكافي ٦ / ١١ ح ١.

٧ ـ الكافي ٦ / ٣٠ ، وسائل الشيعة : ٢١ / ٤٢٦.

٨ ـ اقتباس من آية ٧٩ / الانعام ك ٦.

٨٦١

وَمَحْيايَ وَمَمَاتي لله رَبِّ العالَمينَ لاشَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنا مِنَ المُسْلِمينَ) (١) ، اللّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ بِسْمِ الله وَبِالله وَالله أَكْبَرُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْ مِنْ فُلانٍ بِنْ فُلانٍ. (ويسمي المولود باسمه) ثم يذبح (٢).

قال العلاّمة المجلسي في (الحلية) : العقيقة سنة مؤكدة لمن قدر عليها وقد أوجبها بعض العلماء ، والأفضل أن تذبح العقيقة في اليوم السابع ، وهي سنّة على الأب إن أخرها عنه حتى يبلغ الصبي ، فإذا بلغ تحوّل الاستحباب عن الأب إلى البالغ نفسه ، ما دام حيا. وفي أحاديث كثيرة أنّ العقيقة واجبة على من ولد له مولود. وفي أحاديث كثيرة أن كل مولود مرتهن بالعقيقة أي إن لم يعق عنه ، تعرّض لأنواع البَلاءِ والموت.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : العقيقة لازمة لمن كان غنيا ومن كان فقيراً إذا أيسر فعل وإن لم يقدر على ذلك فليس عليه وإن لم يعق عنه حتى ضحى عنه ، فقد أجزأته الأضحية. وروي في حديث آخر قيل له عليه‌السلام : قد طلبنا شاتا نعقه ، فلم نجد فما تقول؟ انتصدق بثمنه قال عليه‌السلام أطلبوه حتى تجدوه ، إن الله يحبّ إطعام الطعام ، وإهراق الدم. وسئل في حديث آخر ، هل يعق للمولود إذا مات في اليوم السابع ، فأجاب عليه‌السلام إن مات قبل الظهر فليس عنه عقيقة وإن مات بعده فليعق عنه.

وروي في حديث معتبر عن عمر بن يزيد أنّه قال له عليه‌السلام : إنّي والله ما أدري كان أبي عق عني أم لا ، فأمره عليه‌السلام بالعقيقة فعق عن نفسه وهو شيخ. وفي حديث حسن عنه عليه‌السلام قال : يسمى الصبي في اليوم السابع ، ويعق عنه ، ويحلق رأسه ويتصدق بزنة الشعر فضّة ، وترسل الرجل والفخذ للقابلة التي عاونت الام في وضع الحمل ، ويطعم الناس بالباقي منها ، ويتصدق به. وقال في حديث موثق آخر إذا ولد لك ابن أو بنت ، فتعقّ عنه في اليوم السابع شاةً أو إبلاً وتسميه ، وتحلق رأسه في اليوم السابع ، وتتصدق بوزن الشعر ذهبا أو فضّة ، وفي حديث آخر يعطى القابلة ربع الشاة ، فإن لم تكن قابلة فلامّه تعطيها من شاءت ، ويطعم منها عشرة من المسلمين ، فإذا زاد فهو أفضل ولا يأكل هو من لحمها وإن كانت القابلة يهوديّة أعطى لها ثمن ربعها. وورد في حديث آخر يعطى للقابلة ثلث الشاة ، والمشهور بين العلماء أن العقيقة تكون إبلاً أو شاةً أو معزا.

وعن الإمام الباقر عليه‌السلام قال إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أذّن في أذن الحسنين صلوات الله عليهما

_________________

١ ـ الانعام ٦ / ١٦٢ ـ ١٦٣.

٢ ـ الكافي ٦ / ٣١ ح ٤ وفيه : بسم اللخ والله اكبر.

٨٦٢

يوم ولادتهما وفاطمة عليها‌السلام عقت عنهما في اليوم السابع وأعطت القابلة رجل شاة وديناراً. والعقيقة ينبغي أن تكون جملاً قد أتمّ السنة الخامسة من العمر أو ماعزاً أتمّ الأولى من عمره ، أو غنما ذا ستة أشهر ، والأفضل أن يكون قد أتمّ الشهر السابع أيضاً وينبغي أن لا يكون مايعق به خصيا قد سلّت خصيتاه ، والأفضل أن لا يكون معصور الخصية ، وأن يكون سليم القرن ، لم يصب بكسر يبلغ النقي ، وسليم الاذن وأن لا يكون هزيلاً جداً ، ولا أعمى ولا أعرج يصعب الركوب عليه ، ولكن ورد في حديث معتبر عن الصادق عليه‌السلام قال : ليست العقيقة من الأضحية فيجزي فيها الشاة كيفما كانت ، والغرض إنما هو اللحم ، فما كان أفره كان أفضل والمشهور بين العلماء استحباب أن يعق الذكر عن الذكر ، والأنثى عن الأنثى ، وأظن أنّ الذكر أفضل عن كليهما كما عليه أحاديث معتبرة كثيرة ، ولا بأس بالأنثى عنهما أيضا. ومن المسنون أن لا يأكل الوالدان من العقيقة والأحسن أن يدعا كل طعام طبخ فيه شي من لحمها وأكل الام منها أشد كراهة والأفضل أن لا يأكل منها من في دار الأبوين من عيالهما والمسنون أن تطبخ العقيقة ، فلا يتصدق بها نيئة وأقله أن يطبخ بالماء والملح ، بل يحتمل أن يكون هذا هو الأفضل ولا بأس بالتصدق بها نيئة ولا يغني التصدّق بثمنها إذا لم يوجد مايعقّ به ، بل يصبر حتى يوجد ، ولا يشترط الفقر فيمن يدعى على العقيقة والأفضل أن تكون الدعوة للصلحاء والفقراء انتهى (١).

أقول : المشهور كراهة كسر عظام العقيقة ، ولاينافيها الحديث. يكسر عظمها ويقطع لحمها وتصنع بها بعد الذبح ما شئت. وقال صاحب الجواهر إنّ ما اشتهر بين أهل العراق من استحباب أن تربط عظامها في خرقة بيضاء وتدفن ، فلم أقف على نصّ فيه ، والله العالم (٢).

السادس والعشرون : عن الصادق عليه‌السلام في الصبي إذا ختن قال : يقول هذه الكلمات وأي رجل لم يقلها على ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم ، فإن قالها كفي حرّ الحديد من قتل أو غيره : اللّهُمَّ إنَّ هذِهِ سُنَّتُكَ وَسُنَّةُ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاتِّباعٌ مِنّا لَكَ وَلِنَبِيِّكَ بِمَشيِّتِكَ وَبِإرادَتِكَ وَقَضائِكَ لامْرٍ أرَدْتَهُ وَقَضاءٍ حَتَمْتَهُ وَأَمْرٍ أَنْفَذْتَهُ (٣) وَأَذَقْتَهُ حَرَّ الحَديدِ في خِتانِهِ وَحِجامَتِهِ بِأَمْرٍ أَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ مِنّي ، اللّهُمَّ فَطَهِّرْهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَزِدْ في عُمرِهِ ،

_________________

١ ـ حلية المتقين : ٨٦ ـ ٨٨ ، فصل ٩.

٢ ـ جواهر الكلام ٣١ / ٢٧١ كتاب النكاح.

٣ ـ في المصدر : فأذقته.

٨٦٣

وَإدْفَعْ الافاتِ عَنْ بَدَنِهِ وَالاَوَْجاعَ عَنْ جِسْمِهِ وَزِدْهُ مِنْ الغِنى وَادْفَعْ عَنْهُ الفَقْرَ فَإنَّكَ تَعْلَمُ وَلا نَعْلَمُ (١).

السابع والعشرون : روى السيد ابن طاووس عن (دعوات) الخطيب المستغفري ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا أردت أن تتفأل بكتاب الله عزَّ وجلَّ فاقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات ، ثم صلّ على النبي وآله ثلاثا. ثم قل : اللّهُمَّ إنّي تَفأَلْتُ بِكِتابِكَ وَتَوّكَّلْتُ عَلَيْكَ فَأَرِني مِنْ كِتابِكَ ماهُوَ مَكْتُومٌ مِنْ سِرِّكَ المَكْنونِ في غَيْبِكَ ، ثم افتح الجامع (أي القرآن الحاوي لجميع السور والآيات) وخذ الفأل من الخط الأول في الجانب الأول من غير أن تعد الأوراق والخطوط (٢).

وأعلم أن العلامة المجلسي قد روى في بعض مؤلفات الأصحاب عن خطّ الشيخ يوسف القطيفي عن خط آية الله العلامة ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إذا أردت الاستخارة من الكتاب العزيز فقل بعد البسملة : إنْ كانَ في قَضائِكَ وَقَدَرِكَ أَنْ تَمُنَّ عَلى شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام بِفَرَجِ وَلِيِّكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ فَاخْرِجْ إلَيْنا آيَةً مِنْ كِتابِكَ نَسْتَدِلُّ بِها عَلى ذلِكَ. ثم تفتح المصحف وتعدّ ستّ ورقات ، ومن السابعة ستّة أسطر ، وتنظر ما فيه (٣).

وقال الشيخ الشهيد رض في (الذكرى) ومن الاستخارات :

الاستخارة بالعدد

ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضيّ الدين محمد بن محمد الاوي الحسيني المجاور للمشهد المقدس الغروي رضي‌الله‌عنه وقد رويناها عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين بن المطهر ، عن والده رضي‌الله‌عنهما ، عن السيد رضي الدين عن صاحب الامر عليه‌السلام ، يقرأ فاتحة الكتاب عشر مرات ، وأقل منه ثلاث مرات والأدنى منه مرّة ، ثم يقرأ سورة القدر عشر مرات ، ثم يدعو بهذا الدعاء ثلاث مرات : اللّهُمَّ إنّي أَسْتَخيرُكَ لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاَمُورِ ، وَأَسْتَشيرُكَ لِحُسْنِ ظَنِّي بِكَ في المَأمُولِ وَالَمحْذُورِ ، اللّهُمَّ إنْ كانَ الاَمْرُ الفُلاني مِمّا قَدْ نيطَتْ بِالبَرَكَةِ أَعْجازُهُ وَبَواديهِ وَحُفَّتْ بِالكَرامَةِ أَيّامُهُ وَلَياليهِ فَخِرْ لي اللّهُمَّ فيهِ خيرَةً تَرُدُّ شَمُوسَهُ ذَلولاً وَتَقْعَضُ أَيَّامَهُ سُرُوراً ، اللّهُمَّ إمَّا أمْرٌ فَأئْتَمِرُ وَإمَّا نَهيٌ فَأنْتَهِي ، اللّهُمَّ إنّي

_________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ٤ / ٤٨٨ ح ٤٧٢٦.

٢ ـ فتح الابواب : ١٥٦.

٣ ـ البحار ٩١ / ٢٤٥.

٨٦٤

أسْتَخِيرُكَ بِرَحْمَتِكَ خِيرَةً في عافِيَةٍ. ثم يقبض على قطعة من السبحة ويضمر حاجته فإن كان عدد تلك القطعة زوحا فهو افعل ، وان كان فرداً فهو لا تفعل ، أو بالعكس. أي إن كان زوجا فهو لا تفعل وإن كان فرداً فهو افعل ، حسب ما يبني عليه المستخير من الأول (١).

أقول : تقعض (بالضاد المعجمة) أي تردّ وتعطف ونحن قد أوردنا صلاة الاستخارة ذات الرقاع وبعض أنواع الاستخارات وساعات الاستخارة في باب الصلوات فراجعها هناك ص ٧٧٨.

واعلم أنّ السيد ابن طاووس قال : إنّي ما وجدت حديثا صريحا أنّ الانسان يستخير لسواه لكن وجدت أحاديث كثيرة تتضمن الحثّ على قضاء حوائج الاخوان بالدّعوات وسائر التوسّلات حتى رأيت في الاخبار من فوائد الدعاء للاخوان ، مالا أحتاج إلى ذكره الان ، لظهوره بين الأعيان والاستخارة هي من جملة الحاجات ، ومن جملة الدعوات ، واستخارة الانسان لغيره داخلة في عموم الأخبار الواردة بما ذكرناه لان الانسان إذا كلفه غيره من الاخوان لاستخارة له فقد صارت الحاجة للّذي يباشر الاستخارات فليستخير لنفسه أو للّذي يكلفه الاستخارة ، أمّا استخارته لنفسه بأنّه هل المصلحة له في القول لمن يكلّفه الاستخارة إفعل أم لا؟ وأما استخارته للّذي يكلّفه الاستخارة في الفعل أو الترك وهذا مما يدخل تحت عنوان الروايات بالاستخارات وبقضاء الحاجات (٢).

قال العلامة المجلسي رض ما ذكره السيّد من جواز الاستخارة للغير لا يخلو عن قوة للعمومات لاسيّما إذا قصد النائب لنفسه أن يقول للمستخير إفعل أم لا كما أومى إليه السيد هو حيله لدخولها تحت الأخبار الخاصة لكن الأولى والأحوط أن يستخير صاحب الحاجة لنفسه لانّا لم نر خبراً ورد فيه التوكيل في ذلك. ولو كان ذلك جائزاً أو راجحا لكان الأصحاب يلتمسون من الأئمة ذلك. ولو كان ذلك لكان منقولاً ، لا أقل في رواية مع أن المضطرّ أولى بالإجابة ودعاءه أقرب إلى الخلوص عن نيّة (٣).

الثامن والعشرون : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من رأى يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا فقال : الحَمْدُ لله الَّذِي فَضَّلَنِي عَلَيْكَ بِالاسْلامِ دِينا وَبِالقُرْآنِ كِتابا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّا وَبِعَلِيٍّ إماما ،

_________________

١ ـ ذكرى الشيعة ٤ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ، مع اختلاف في بعض الالفاظ.

٢ ـ فتح الابواب : ٢٨١ باب ٢٢ مع اختلاف في بعض الالفاظ.

٣ ـ البحار ٩١ / ٢٨٥.

٨٦٥

وَبِالمُؤْمِنينَ إخْوانا وَبِالكَعْبَةِ قِبْلَةً. لم يجمع الله بينه وبين الكفّار في جهنم (١).

أقول : يستفاد من آيات وأحاديث كثيرة أنّ المسلم عليه أن يجتنب عن مودّة الكفار ، والتحابب والميل إليهم ، والتشبّه بهم وسلوك طريقهم. قال الله تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَأؤُاْ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله وَبَداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ العَداوَةُ وَالبَغْضاءُ أَبَداً) (٢).

وروى الصدوق عن الصادق عليه‌السلام قال : أوحى الله إلى نبي من الأنبياء ، قل للمؤمنين : لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي (٣). ولذلك نرى المنع في كثير من الأحاديث عن أعمال خاصّة اجتنابا عن التشبّه بالكفار. كما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : حُفّوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تتشبهوا بالمجوس واليهود (٤).

وقال أيضا : إنّ المجوس جزّوا لحاهم ووفّروا شواربهم وإنّا نحن نجزّ الشوارب ونعفي اللحى (٥) ، ولمّا بلغ دعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الملوك ، كتب كسرى إلى عامل اليمن بأذان أن يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه فبعث كاتبه بانويه ورجلاً آخر يقال له خرخسك إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانا قد دخلا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما ، فكره النظر إليهما وقال ويلكما من أمركما بهذا ، قالا أمرنا بهذا ربنا ـ يعنيان كسرى ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكن ربي أمرني باعفاء لحيتي وقصّ شاربي (٦).

واعلم أن الله تعالى قال في سورة هود : (وَلا تَرْكَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَالَكُمْ مِنْ دُونِ الله مِنْ أَوَْلياَء ثُمَّ لاتُنْصَرُونَ) (٧) ، وكلمة الركون فسرها المفسرون بالميل القليل فإذا كان هذا مقتضى الميل الخفيف فكيف الشديد منه ، وقال بعضهم : إنّ الرّكون إليهم هو الدخول معهم في ظلمهم ، واظهار الرضا بفعلهم ، وإبداء الموالاة لهم. وروي عن أهل البيت عليهم‌السلام : إنّ الركون هو مودتهم ونصحهم وإطاعتهم (٨).

_________________

١ ـ البحار ٩٣ / ٢١٧ عن ثواب الاعمال : ٢٦ وأمالي الصدوق.

٢ ـ الممتحنة : ٦٠ / ٤.

٣ ـ الفقيه ١ / ٢٥٢ ، علل الشرايع ٢ / ٣٤٨.

٤ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ١٣٠ ، معاني الاخبار : ٢٩١.

٥ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ١٣٠.

٦ ـ البحار ٢٠ / ٣٩٠ مع اضافات عن محمّد بن اسحاق.

٧ ـ هود : ١١ / ١١٣.

٨ ـ تفسير كنز الدقائق ٦ / ٢٥١ عن تفسير علي بن ابراهيم القمي ١ / ٣٣٨.

٨٦٦

التاسع والعشرون : تسعة عشر حرفا تورث الفرج عن الداعي بها ، علّمها رسول الله أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، ورواها الصدوق في الخصال ، في أبواب تسعة عشر قال : تقول : يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ وَياذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ وَياسَنَدَ مَنْ لاسَنَدَ لَهُ وَياحِرْزَ مَنْ لاحِرْزَ لَهُ وَياغِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ ، وَيا كَرِيمَ العَفْوِ وَياحَسَنَ البَلاءِ وَيا عَظِيمَ الرَّجاءِ وَيا عِزَّ (١) الضُّعَفاءِ وَيامُنْقِذَ الغَرْقى وَيامُنْجِيَ الهَلْكى ، يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ ، أَنْتَ الَّذِي سَجَدَ لَكَ سَوادُ الليْلِ وَنُورُ النَّهارِ وَضَوُْ القَمَرِ وَشُعاعِ الشَّمْسِ وَدَوَِيُّ الماءِ وَحَفِيفُ الشَّجَرِ ، يا الله يا الله يا الله أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ. ثم تقول : اللّهُمَّ افْعَلْ بِي كَذا وَكَذا وتذكر حاجتك فإنّك لا تقوم من مقامك إِلاّ وقد استجيب دعاؤك ، إن شاء الله تعالى (٢).

الثلاثون : روى الكفعمي في كتاب (مفاتيح الغيب) ، أنّه من كتب لفظة : بسم الله على بابه الخارج أمن من الهلاك وإن كان كافراً وذكر أن فرعون لم يهلكه الله سريعا وأمهله مع ادّعائه الربوبية ، لانّه كتب : بسم الله على بابه الخارج وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه‌السلام لما أراد سرعة هلاكه : أنت تنظر إلى كفره وأنا أنظر إلى ما كتبه على بابه.

الحادي والثلاثون : روى الشيخ ابن فهد أنّه أخبر أبو الدرداء يوما ، بأنّ حريقا أصاب داره ، قال : لم يصبه الحريق ، فأخبره آخر بذلك فأجاب بجوابه إلى ثلاث مرات ، ثم علم أنّه قد احترق ماجاوره من الدّور ، وتفرّد داره بالسلامة من الحريق. فسألوه كيف علمت أنّ دارك لم يصبه الحريق؟ قال : لانّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من دعا بهذا الدعاء صباحا لم يصبه ذلك اليوم سوء ، ومن دعا به ليلاً لم يصبه سوء في تلك الليلة ، وإنّي كنت قد دعوت به : اللّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَأَنْتَ رَبُّ العَرْشِ العَظيمِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ ، ما شاء الله كانَ وَمالَمْ يَشَاء لَمْ يَكُنْ أعْلَمُ أنَّ الله عَلى كُلِّ شَيٍ قَدِيرٌ وَأنَّ الله قَدْ أحاطَ بِكُلِّ شَيٍ عِلْما ، اللّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ قَضاء السُّوءِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَمِنْ شَرِّ الجنِّ وَالانْسِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دابّةٍ أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣).

الثاني والثلاثون : روى الكليني وغيره عن الإمام جعفر الصادق أنّه علّم زرارة هذا

_________________

١ ـ في المصدر : ويا عون.

٢ ـ الخصال ٢ / ٥١٠ ح ١ من ابواب التسعة عشر.

٣ ـ عدّة الداعي : ٣١١ في ذكر دعوات مختصّة بأوقات ، رقم ١٠.

٨٦٧

الدعاء ليدعو به في غيبة الإمام عليه‌السلام وامتحان الشيعة : اللّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإنَّكَ إنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرِفْ نَبِيَّكَ اللّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإنَّكَ إنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرِفْ حُجَّتَكَ ، اللّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإنَّكَ إنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي (١).

الثالث والثلاثون : في (عدّة الداعي) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده ليمنى تحت خده الأيمن ويقول : بِسْمِ الله وَضَعْتُ جَنْبِي لله عَلى مِلَّةِ إبْراهِيم وَدِينِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَوِلايَةِ مَنْ افْتَرَضَ الله طاعَتَهُ ماشَاءَ الله كانَ وَما لَمْ يَشَاءْ لَمْ يَكُنْ. فمن قال ذلك عند منامه حفظه الله من اللص المغير والهدم واستغفرت له الملائكة (٢).

الرابع والثلاثون : في (عدّة الداعي) أيضا : ان قراءة (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) على مايدَّخره المر حرز له على ما روي عنهم عليه‌السلام (٣).

الخامس والثلاثون : وروي أيضاً عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من قرأ مائة آية من القرآن من أي القرآن شاء ، ثم قال : يا الله سبع مرات ، فلو دعا على الصخرة لفلقها الله تعالى (٤).

السادس والثلاثون : وروي أيضاً عنه عليه‌السلام من قرأ (قل هو الله أحد) ثلاث مرات حين يأخذ مضجعه وكل الله به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام قال : من مضى به يوم فصلّى فيه خمس صلوات ولم يقرأ فيها ب‍‍ (قل هو الله أحد) قيل له يا عبد الله لست من المصلين (٦).

وعنه عليه‌السلام أيضاً قال : من مضت له جمعة أي أسبوع ولم يقرأ فيها ب‍‍ (قل هو الله أحد) ثم مات ، مات على دين أبي لهب (٧).

وعنه عليه‌السلام أيضاً قال : من أصابه مرض أو شدّة ، فلم يقرأ في مرضه أو في تلك الشدّة ، (قل هو الله أحد) ، فمات فيه فهو من أهل النار (٨).

السابع والثلاثون : أورد في (عدّة الداعي) أيضاً هذه الرّقية ، لحفظ زرع البطيخ والخيار وغيرهما من أضرار الدود وغيره مما يفسدها من الحيوان ، وصفتها أن يكتب على أربع قصبات أو على أربع رقع ، فيضع الرقع في جوف القصبات ثم يضعها في الجوانب الأربع للمزرعة : أيّها

_________________

١ ـ الكافي ١ / ٣٣٧.

٢ ـ عدّة الداعي : ٣٢٤ فيما الحق بالدعاء ، باب ٥.

٣ ـ عدّة الداعي : ٣٣٧ في الاستشفاء بالقرآن ، رقم ٤.

٤ ـ عدّة الداعي : ٣٤١ باب ٦.

٥ ـ حلية المتقين : ١٣١ فصل ٥.

٦ ـ ثواب الاعمال : ١٢٧.

٧ ـ المحاسن للبرقي ١ / ١٧٩ باب ٢١ ، ثواب الاعمال : ١٢٨ ، وعنه البحار ٩٢ / ٣٤٤.

٨ ـ ثواب الاعمال : ١٢٨ مع اختلاف قليل لفظي.

٨٦٨

الدود أيّها الدَّوَابُّ وَالهَوامُّ وَالحَيْواناتُ أُخْرُجُوا مِنْ هذِهِ الارْضِ وَالزَّرْعِ إِلى الخَرابِ كَما خَرَجَ إبْنُ مَتَّى مِنْ بَطْنِ الحُوتِ ، فَإنْ لَمْ تَخْرُجُوا أرْسَلْتُ عَلَيْكُمْ شُواظا مِنْ نارٍ وَنُحاسٍ فَلا تَنْتَصِرانِ. (ألَمْ تَرَ إِلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ اُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقالَ لَهُمْ الله مُوتوا) (١) فماتُوا. أُخْرُجْ مِنْها فَإنَّكَ رَجِيمٌ (فَخَرَجَ مِنْها خائِفا يَتَرَقَّبُ) (٢) ، (سُبْحانَ الّذِي أسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ إِلى المَسْجِدِ الاقْصى) (٣). (كَأنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً اوْ ضُحاها) (٤). (فَأخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَريمٍ وَنِعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) (٥). (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماء وَالارْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ) (٦). أُخْرُجْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخرُجْ إنَّكَ مِنَ الصَّاغِرينَ. أُخْرُجْ مِنْها مَذُْوما مَدْحُوراً فَلَنَأتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاقِبَلَ لَهُمْ وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ (٧).

الثامن والثلاثون : روى السيد ابن طاووس عن الباقر عليه‌السلام إنّ من أصبح وهو متختم بالعقيق في يمناه فأدار فصّه إلى باطن كفّه قبل أن يقع نظره إلى أحد فنظر إليه وقرأ سورة : (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) إلى آخرها ، ثم قال : آمَنْتُ بِالله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ وَكَفَرْتُ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَآمَنْتُ بِسِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ وَعَلانِيَتِهِمْ وَظاهِرِهِمْ وَباطِنِهِمْ وَأوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ. فإذا فعل ذلك صانه الله عزَّ وجلَّ في يومه من كل ما ينزل من السماء وما يعرج فيه ، وما يلج في الأرض وما يخرج منها وكان في حرز من الله وأحبّائه إلى الليل (٨).

التاسع والثلاثون : روى الكفعمي عن كتاب (جمع الشتات) عن الصادق عليه‌السلام إذا أردت أن تحدث عنا بحديث فأنساكه الشيطان فضع يدك على جبهتك وقل : صَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يا مُذَكِّرَ الخَيْرِ وَفاعِلَهُ وَالامِرَ بِهِ ذَكِّرْنِي ما أنْسانِيهِ الشَّيْطانُ (٩).

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه : عن الصادق عليه‌السلام من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلا : بِسْمِ الله أعوذُ بِالله مِنَ الرِّجْسِ النَّجِسِ الخَبِيثِ الُمخْبِثِ الشَّيْطانِ

_________________

١ ـ البقرة : ٢ / ٢٤٣.

٢ ـ القصص : ٢٨ / ٢١.

٣ ـ الاسراء : ١٧ / ١.

٤ ـ النازعات : ٧٩ / ٤٦.

٥ ـ الدخان : ٤٤ / ٢٦ ـ ٢٧.

٦ ـ الدخان : ٤٤ / ٢٩.

٧ ـ عدّة الداعي : ٣٤٥.

٨ ـ الامان : ٥٢ ، باب ٢ مع اختلاف لفظي.

٩ ـ ورواه البحار ٩٥ / ٣٣٩ عن مكارم الاخلاق : ٤١٠ ، وفي ط ٢ / ١٦٦ برقم ٢٤١٣ باب ١٠.

٨٦٩

الرَّجيمِ (١).

أقول : من شاء أن يقوي ذاكرته فليستعمل السواك وليصم وليقرأ القرآن لا سيما آية الكرسي وليدمن أكل الزبيب على الريق ، ولا سيّما إحدى وعشرين حبة من الأحمر منه ، فذلك ينفع للفهم والذهن والحفظ ، ومما يورث الحفظ‍ أكل اللحم مما يلي العنق وأكل الحلوا والعسل والعدس وقيل إنّ ممّا جرب للحفظ أن يؤخذ من الكندر والسعد وسكر طبر زد أجزاء متساوية وتسحق ناعما ويستف كل يوم خمسة دراهم ، يستعمل ثلاثة أيام ويقطع خمسة ، وهكذا وليقل أيضاً كل يوم بعد فريضة الصبح قبل أن يتكلم : يا حَيُّ يا قَيُّومُ فلايَفُوتُ شَيْئاً عِلْمُهُ وَلايؤدُهُ ، وليقرأ عقيب الصلوات دعاء : سُبْحانَ مَنْ لايَعْتَدِي عَلى أهْلِ مَمْلَكَتِهِ ، وليصل أيضاً ما رويناه في الباب الثاني من الصلاة لقوّة الذاكرة ، وغير ذلك وليتجنب ما يورث النسيان وهو أكل التفّاح الحامض والكزبرة الخضراء ، والجبن وسؤر الفار ، والبول في الماء الواقف وقراءة ألواح القبور ، والمشي بين امرأتين ، والقاء القملة الحية على الأرض ، وترك تقليم الأظفار وترك القيلولة ، والاكثار من المعاصي وكثرة الهموم والأحزان في أمور الدنيا وكثرة الاشغال والعلائق والنظر إلى المصلوب والمرور بين القطار من الجمل.

الأربعون : روى الشيخ ابن فهد عن الصادق صلوات الله عليه : إن كل دعاء لم يبدأ بالتمجيد فهو أبتر وإنما التمجيد ثم الثناء ، قال الراوي : ماأدنى مايجزي من التمجيد قال قل : اللّهُمَّ أنْتَ الأول فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيٌ وَأنْتَ الاخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيٌ وَأنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيٌ وَأنْتَ الباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيٌ وَأَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (٢).

خاتمة

في بعض ما يتعلق بالموت من الآداب والأدعية

إعلم أنه إذا بان على المر إمارات الموت ، فأوّل من عليه أن يهتم لذلك هو نفسه حيث أنّه يستقبل سفراً لايؤوب منه ، هو السفر إلى دار الآخرة ويحتاج فيه من الزاد إلى ما يناسب السفر فأول ما يجب عليه هو الاقرار بالذّنب ، والاعتراف بالتقصير والندامة عمّا سلف والتوبة الكاملة ، والبكاء والتضرّع إلى جناب قدس الله ، كي يغفر له ما سلف من ذنوبه ، ولا يكله إلى

_________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٥.

٢ ـ ورواه الكافي ٢ / ٥٠٤ ح ٦.

٨٧٠

نفسه ولا إلى غيره ، فيما يستقبله من الأحوال والأهوال ثم ليلتفت إلى الوصية ، فيؤدي بنفسه ما في ذمّته من حقوق الله أو حقوق خلقه ، ولايتوكل على غيره فالمال سيخرج من يده فيرنو إليه متحسّراً ، وشياطين الجن والإنس يوسوسون في صدر الوارثين صادين عن إبراء ذمّته ، وليس له من حيلة فيقول : أرجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت فلا يسمع منه ذلك ولاتنفعه الحسرة والندامة ثم ليوص بثلث ماله لأقاربه ، وللصدقات والخيرات مما يناسب حاله فليس له أكثر من الثلث ثم ليستبري إخوانه المؤمنين ويستحلّ ممّن اغتابه أو أهانه أو اَّذاه إذا كان حاضراً ، ويلتمس إخوانه المؤمنين أن يستحلّوا له ويستبرئوا لذمّته إذا لم يحضر ، ثم يعيّن قيّمه على أولاده الصغار ، ويكل إلى من يأتمنه أمور أطفاله وعياله ، بعد التوكل على جناب قدس الله ، ثم يهيّ كفنه ويطلب أن يكتب عليه بتربة الحسين عليه‌السلام مالم تسعه هذه الرسالة من الأذكار والأدعية والآيات الواردة في الكتب المبسوطة هذا إذا كان قد اغفل من قبل فلم يعد الكفن ، فالمؤمن عليه ان يكون كفنه حاضراً لديه دائماً ، كما روي عن الصادق عليه‌السلام قال : من كان كفنه في بيته لم يكتب من الغافلين ، وكان مأجوراً كلّما نظر إليه (١) ، وينبغي أن لايفكّر بعد في عياله وأولاده وأمواله وأن يلتفت إلى جناب قدس الله فيجعله على ذكر منه وليفكر في أنّ الأمور الفانية هذه هي مما لا تنفعه نفعاً ولايغنيه في دنياه وآخرته سوى لطف الله ورحمته فإذا اتكل على الله جرت شؤون أهل بيته في أحسن مجاريها. وليعلم أنه نفسه لو ظلَّ حيا فلا يستطيع أن ينفعهم نفعا ، أو يدفع عنهم ضرراً إِلاّ أن يشاء الله وأن الله الذي خلقهم هو أرأف بهم منه ، وعليه أن يكون راجيا آملاً يرجو رحمة ربّه رجاءا ويأمل في شفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة المعصومين عليه‌السلام أملاً عظيماً وينتظر قدومهم وليعلم أنهم أجمعين يحضرون عند الموت ويبشرون شيعتهم بالبشائر ، ويوصون ملك الموت بالوصايا.

وقال الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) : يستحب للانسان الوصية وأن لا يخلّ بها إنسان ، فإنّه روي أنّه ينبغي أن لا يبيت الانسان إِلاّ ووصيّته تحت رأسه ، ويتأكد ذلك في حال المرض ويحسّن وصيته ويخلّص نفسه فيما بينه وبين الله تعالى من حقوقه ومظالم العباد. فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال من لم يحسن الوصيّة عند موته كان ذلك نقصا في عقله ومروّته ، قالوا : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكيف الوصية؟ قال : إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه قال : اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالارْضِ عالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنَ الرَّحِيمَ ، إنِّي أعْهَدُ إلَيْكَ أنِّي أشْهَدُ

_________________

١ ـ زاد المعاد : ٥٣٦.

٨٧١

أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ (١) ، وَأنَّ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (٢) ، وَأنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لارَيْبَ فِيها ، وَأنَّ (٣) الله يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ ، وَأنَّ الحِسابَ حَقُّ وَأنَّ الجَنَّةَ حَقُّ وَأنَّ ما وُعِدَ (٤) فِيها مِنَ النَّعيمِ مِنَ المَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالنِّكاحِ حَقُّ وَأنَّ النَّارَ حَقُّ وَأنَّ الايْمانَ حَقُّ ، وَأنَّ الدِّينَ كَما وَصَفَ وَأنَّ الاسْلامَ كَما شَرَعَ وَأنَّ القَوْلَ كَما قالَ وَأنَّ القُرْآنَ كَما أنزل (٥) وَأنَّ الله هُوَ الحَقُّ المُبِينُ ، وَأَنِّي أعْهَدُ إلَيْكَ فِي دارِ الدُّنْيا أنِّي رَضِيتُ بِكَ رَبَّا وَبِالاسْلامِ دِينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله نَبِيَّا وَبِعَلِيٍّ وَلَيَّا (٦) وَبِالقُرْآنِ كِتابا ، وَأنَّ أهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ السَّلامُ أَئِمَتِي. اللّهُمَّ أنْتَ ثِقَتِي عِنْدَ شِدَّتِي وَرَجائِي عِنْدَ كُرْبَتي وَعِدَّتِي عِنْدَ الاُمُورِ الَّتي تَنْزِلُ بِي وَأنْتَ وَلِيِّي فِي نِعْمَتي وَالهي وَإلهُ آبائِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَلا تَكِلْني إِلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً وَاَّنِسْ فِي قَبْرِي وَحْشَتِي وَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْداً يَوْمَ ألْقاكَ مَنْشُوراً. فهذا عهد الميت يوم يوصي بحاجته ، والوصيّة حق على كل مسلم.

قال الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) : وتصديق هذا في سورة مريم قول الله تبارك وتعالى : (لايَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (٧). وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : تعلّمها أنت وعلّمها أهل بيتك وشيعتك قال : وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علّمنيها جبرائيل عليه‌السلام ، ثم قال الشيخ : نسخة الكتاب الذي يوضع عند الجريدة مع الميت يقول قبل أن يكتب : بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ وَأشْهَدُ أنَّ محمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَأنَّ الجَنَّةَ حَقُّ وَأنَّ النَّارَ حَقُّ وَأنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لارَيْبَ فِيها وَأنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ.

ثم يكتب : بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ شَهِدَ الشُّهُودُ المُسَمَّونَ فِي هذا الكِتابِ أنَّ أخاهُمْ فِي الله عَزَّوَجَلْ (فلان بن فلان) ويذكر اسم الرجل : أشْهَدَهُمْ وَاسْتَوْدَعَهُمْ وَأقَرَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّهُ مُقِرُّ بِجَميعِ الأَنْبِياءِ وَالرُّسُلِ عليهم‌السلام ، وَأَنَّ عَلِيَّاً وَلِيُّ الله وَإمامُهُ وَأنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ وِلْدِهِ أَئِمَّتُهُ وَأنَّ أوَّلَهُمُ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ وَعَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ

_________________

١ ـ إلّا الله وحدك لا شريك لك : خ.

٢ ـ عبدك ورسولك : خ.

٣ ـ وأنّك تبعث : خ.

٤ ـ ما وعدت : خ.

٥ ـ وصفت ، شرعت ، قلت ، أنزلت : خ.

٦ ـ اماماً : خ ل.

٧ ـ مريم : ١٩ / ٨٧.

٨٧٢

وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُوسى بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَالقائِمُ الحُجَّةُ عليهم‌السلام ، وَأنَّ الجَنَّةَ حَقُّ وَالنَّارَ حَقُّ وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيها وَأنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ ، وَأنَّ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ جاءَ بِالحَقِّ ، وَأنَّ عَلِيَّا وَلِيُّ الله وَالخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمُسْتَخْلَفُهُ فِي أمَّتِهِ مُؤَدِّيا لامِرِ رَبِّهِ تَبارَكَ وَتَعالى ، وَأنَّ فاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ الله وَابْنَيْها الحَسَنَ وَالحُسَيْن ابْنا رَسُولِ الله وَسِبْطاهُ و (١) َإماما الهُدى وَقائِداً الرَّحْمَةِ ، وَأنَّ عَلِيَّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَعَلِيَّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيَّاً وَحَسَناً وَالحُجَّةَ عليهم‌السلام أئِمَّةٌ وَقادَةٌ وَدُعاةٌ إِلى الله جَلَّ وَعَلا وَحُجَّةٌ عَلَى عِبادِهِ. ثم يقول : يا شهود فلان بن فلان المسمّمين في هذا الكتاب اثبتوا لي هذه الشهادة عندكم حتى تلقوني بها على الحوض. ثم يقول الشهود : يا فُلانُ نَسْتَودِعُكَ الله ، وَالشَّهادَةُ وَالاقْرارُ وَالاخاءُ مَوْدُوَعَةٌ (٢) عِنْدَ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَنَقْرَأ عَلَيْكَ السَّلامَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. ثم تطوي الصحيفة وتطبع ولتختم بخاتم الشهود وخاتم الميّت وتوضع على يمين الميت مع الجريدة وتكتب الصحيفة بكافور وعلى عود جهته غير مطيّب ، وينبغي إذا حضره الموت أن يستقبل بباطن قدميه القبلة ويكون عنده من يقرأ من القرآن سورة يَّس والصافات ويذكر الله تعالى ويلقَّن الميت بالشهادتين والاقرار بالأئمة عليهم‌السلام واحداً واحداً ويلقّن كلمات الفرج وهي : لا إلهَ إِلاّ الله الحَلِيمُ الكَريمُ لا إلهَ إِلاّ الله العَلِيُّ العَظيمُ ، سُبْحانَ الله رَبِّ السَّماواتِ السَبْعِ وَرَبِّ الارَضِينَ السَّبْعِ وَمافِيهِنَّ وَمابَيْنَهُنَّ وَماتَحْتَهُنَّ وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيم ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العالَمين وَالصَّلاةُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ.

ولا يحضره جنب ولا حائض فإذا قضى نحبه غمضت عيناه ومُدّت يداه ويطبق فوه ، وتمدّ ساقاه ، ويشدّ لحياه ويؤخذ في تحصيل أكفانه ، فيحصل له من الأكفان المفروضة ثلاث قطع : مئزر وقميص وإزار ويستحب أن يضاف إلى ذلك حبرة يمنيّة (وهي ثوب يستورد من اليمن) أو إزار آخر وخرقة خامسة يشدّ بها فخذاه ووركه ويستحبّ أن تجعل له عمامه زائدة على ذلك ويحصل له شي من الكافور الذي لم تمسّه النار وأفضله ثلاثة عشر دراهما وثلث درهم وأوسطه أربعة مثاقيل ، وأقلّه درهم ، فإن تعذّر فما سهل وينبغي أن يكتب على الأكفان كلها ، أي كل واحد منها : فُلانُ يَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ

_________________

١ ـ اماماً ـ خ ـ ، في المصدر : اماماً.

٢ ـ وموعده : خ ل.

٨٧٣

مُحَمَّداً رَسُولُ الله وَأنَّ عَلِيّاً أميرُ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ ، ويكتب أسماء الأئمة كلها ثم يكتب : أئمته أئمة الهُدى الأبرار ، ويكتب ذلك بتربة الحسين عليه‌السلام أو بالإصبع ولا يكتب بالسواد.

ويغسّل الميث ثلاثة أغسال أوّلها بماء السّدر ، والثاني بماء الكافور ، والثالث بماء القراح. وكيفية غسله مثل غسل الجنابة سواء ، يبدأ أولاً فيغسل يدي الميت ثلاث مرات ثم ينجيه بقليل من الأشنان ثلاث مرات ، ثم يغسل رأسه برغوة السّدر ثلاث مرات ، ثم جانبه الأيمن ثم الأيسر مثل ذلك ، ويمرّ يده على جميع جسده ، كل ذلك بماء السّدر ، ثم يغسل الأواني ويطرح ماء آخر ويطرح فيه قليلاً من الكافور ، ثم يغسله بماء الكافور ، ومثل ذلك على السواء ويقلّب بقيّة الماء ويغسل الأواني ، ثم يطرح الماء القراح ويغسله الغسلة الثالثة مثل ذلك سواء ويقف الغاسل على جانبه الأيمن ، يقول كلما غسل منه شَيْئاً : عفوا عفوا ، فإذا فرغ نشفه بثوب نظيف ويغتسل الغاسل فرضا ، إما في الحال ، أو فيما بعد.

ويستحب تقديم الوضؤ على الغسلات. ثم يكفنه فيعمد الخرقة التي هي الخامسة فيبسطها ويضع عليها شَيْئاً من القطن وينثر عليها شَيْئاً من الذّريرة ويضعه على فرجيه قبله ودبره ، ويحشي دبره بشي من القطن ، ثم يستوثق بالخرقة أليتيه وفخذيه شداً وثيقا ، ثم يؤزره من سرته إلى حيث يبلغ المئزر ، ويلبسه القميص وفوق القميص الإزار ، وفوق الإزار الحبرة ، أو ما يقوم مقامها ، ويضع معه جريدتين من النخل أو من شجر غيره ، ولتكونا رطبتين ، ومقدارهما مقدار عظم‌الذراع ، يضع واحدة منهما من الجانب الأيمن ، يلصقها بجلده من عند حقوه ، والاخر من الجانب الأيسر بين القميص والإزار ، ويضع الكافور على مساجده ، جبهته وباطن كفيه وركبتيه وأطراف أصابع رجليه ، فإن فضل منه شي جعله على صدره ، ويرد عليه اللّفافة ويعقدها من ناحية رأسه ورجليه إلى أن يدفنه فإذا دفنه حلّ عنه عقد أكفانه ثم يحمل على سريره إلى المصلّى ثم يصلّي عليه (١).

وقال العلامة المجلسي رض في (زاد المعاد) في باب صلاة الميت ماملخصه : إنّ صلاة الميت فرض على كل مسلم علم بموت أحد فإذا قام بها أحد المسلمين سقط عن الباقين وتجب الصلاة على كل شيعي إثنى عشري بالغ بلا خلاف ، والأشهر الأقوى أنّها تجب أيضاً على غير البالغ ، إذا تم الست سنين من العمر والظاهر كفاية قصد القربة فيها والصلاة على الطفل الذي

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ١٥ ـ ١٨ ، مع اختلاف قليل في بعض الالفاظ.

٨٧٤

لم يبلغ الستّة أشهر إذا كان قد ولد حيّا مسنونة لدى البعض وبدعة عند البعض والاحوط‍ ترك الصلاة عليه وأحق الناس بالصلاة على الميت أولاهم بميراثه على المشهور والزوج أحقّ بالصلاة على زوجته ويجب أن يستقبل المصلّي القبلة ويكون رأس الميت إلى جانبه الأيمن ، وأن يكون الميّت مستلقيا على قفاه ولا يشترط في هذه الصلاة الطهارة من الحدث وتصح من الجنب والحائض وغير المتوضي ويستحب أن يكون متوضئاً فإن لم يتيسر الماء أو كان يمنعه عن استعماله مانع أو ضاق الوقت عن استعماله فالمسنون التيمّم وظاهر بعض الأحاديث استحباب التيمّم من دون عذر عن الوضؤ والمسنون أن يقف المصلي عند وسط الرجل وصدر المرأة على المشهور وأن ينزع المصلّي حذاءه ويجب أن ينوي صلاة الميت فيكبّر خمس تكبيرات ومن المسنون أن يرفع عند كل تكبيرة يديه إلى حذاء أذنيه ويقول على المشهور بعد التكبيرة الأولى : أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللّه. وبعد التكبيرة الثانية : اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. وبعد التكبيرة الثالثة : اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ. وبعد التكبيرة الرابعة : اللّهُمَّ اغْفِرْ لِهذا المَيِّتِ. ثم يكبر الخامسة وينصرف والصلاة بهذه الصفة مجزية. والأفضل على المشهور أن يقول بعد ما نوى : الله أكْبَرُ أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أرْسَلَهُ بِالحَقِّ بَشيراً وَنَذيراً بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ. ثم يقول : الله أكْبَرُ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ ماصَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إبْراهِيمَ وَآلِ إبْراهِيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجِيدٌ ، وَصَلِّ عَلى جَمِيعِ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلينَ. ثم يقول : الله أكْبَرُ اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِماتِ الاحْياءِ مِنْهُمْ وَالامْواتِ ، وَتَابِعِ اللّهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ بِالخَيْراتِ إنَّكَ مُجِيبُ الدَّعَواتِ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ. ثم يقول : الله أكْبَرُ اللّهُمَّ إنَّ هذا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أمَتِكَ نَزَلَ بِكَ وَأنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ اللّهُمَّ إنَّا لانَعْلَمُ مِنْهُ إِلاّ خَيْراً وَأنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنَّا ، اللّهُمَّ إنْ كانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِي إحْسانِهِ ، وَإنْ كانَ مُسيئا فَتَجاوَزْ عَنْهُ وَاغْفِرْ لَهُ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ عِنْدَكَ فِي أعْلَى عِلِّيِّينَ وَاخْلُفْ عَلى أهْلِهِ فِي الغابِرِينَ وَارْحَمْهُ (١) بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ. ثم يقول : الله أكْبَرُ وينصرف. وإذا كان الميّت أنثى قال المصلي : اللّهُمَّ إنَّ هذِهِ أمَتُكَ وَابْنَةُ عَبْدِكَ وَابْنَةُ أمَتِكَ نَزَلَتْ بِكَ وَأنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ.

_________________

١ ـ في المصدر : وارحمه وإيّانا.

٨٧٥

اللّهُمَّ إنَّا لانَعْلَمُ مِنْها إِلاّ خَيْراً وَأنْتَ أعْلَمُ بِها مِنَّا ، اللّهُمَّ إنْ كانَتْ مُحْسِنَةٍ فَزِدْ فِي إحْسانِها وَإنْ كانَتْ مُسَيئةً فَتَجاوَزْ عَنْها وَاغْفِرْ لَها ، اللّهُمَّ اجْعَلْها عِنْدَكَ فِي أعْلَى عِلِّيِّينَ وَاخْلُفْ عَلى أهْلِها فِي الغابِرِينَ وَارْحَمْها (١) بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وإن كان الميت مستضعفا قال : اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الجَحِيم. وإن كان الميت طفلاً غير بالغ قال : اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لاَبَوَيْهِ وَلَنا سَلَفا وَفَرَطا وَأَجْراً. ومن المسنون أن يقف المصلّي لا سيما الإمام في مكانه حتى ترفع الجنازة. وفي الحديث تقول إذا فرغت من الصلاة : رَبَّنا اَّتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢).

وروي عن الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) أنه يستحب إعلام الاخوان المؤمنين بالموت ، ليحضروا جنازته ويصلّوا عليه ويستغفروا له ، فيثاب الميت ويثابوا. وفي حديث حسن عن الصادق عليه‌السلام قال : إن المؤمن إذا أدخل قبره ينادى : ألا إنّ أوّل حبائك الجنّة وأوّل حباء من تبعك المغفرة. وقال في حديث آخر : أوّل تحفة المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته. وقال في حديث آخر : من تبع جنازة مؤمن حتى يدفن وكل الله عليه يوم القيامة سبعين ملكاً يشيعونه ويستغفرون له من القبر إلى موقف الحساب ، وقال من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة ، فإذا ربّع خرج من الذنوب ، وينبغي أن يحمل السرير أربعة رجال والأفضل للمشيّع أن يبدأ بحمل الميّت من طرف يده اليمنى الواقع إلى يسار السرير ، ثم يحمله من جانب الرجل اليمنى ، ثم يدور خلف الجنازة فيحمل جانب الرجل اليسرى على العاتق الأيسر ، ثم جانب اليد اليسرى على العاتق الأيسر ، فإذا أراد أن يربع ثانيا فليجانب المرور أمام الجنازة بل يدور من خلفها ، فيبدأ في التربيع من جانب اليد اليمنى كما صنع أوّلاً ، وهذه الطريقة في التربيع معاكسة لمذهب أكثر العلماء ، حيث ذهبوا إلى أنّ التربيع يبدأ بحمل الجانب الأيمن من مقدّم السرير ثم الأيمن من مؤخره ثم الأيسر منه ثم الأيسر من مقدّمه. والطريقة الأولى هي الموافقة للأحاديث المعتبرة ، والأولى العمل بالطريقتين والأفضل أن يكون مشي المشيع خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها لا مقدما عليها ، وظاهر أكثر الأحاديث أنّه يحسن المشي أمام جنازة المؤمن ولا يحسن أمام جنازة المخالف في المذهب ، فإن الملك تستقبلها بالعذاب. ويكره التشييع راكبا.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن من رأى جنازة فقال : الله أكْبَرُ هذا ما وَعَدَنا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ

_________________

١ ـ زاد في المصدر : وايّانا.

٢ ـ زاد المعاد : ٥٥٣ ـ ٥٥٩.

٨٧٦

الله وَرَسُولُهُ ، اللّهُمَّ زِدْنا إيْمانا وَتَسْلِيماً الحَمْدُ لله الَّذِي تَعَزَّزَ بِالقُدْرَةِ وَقَهَرَ العِبادَ بِالمَوْتِ ، لم يبق في السماء ملك إِلاّ بكى رحمة له.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : يقول من يحمل الجنازة : بَسْمِ الله وَبِالله اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ.

وروي عن الإمام زين العابدين عليه‌السلام أنّه كان إذا رأى جنازة يقول : الحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي مِنَ السَّوادِ الُمخْتَرَمِ ، وليس من المسنون للمرأة أن تشيّع جنازة ، ويكره لمن حضر الجنازة أن يضحك أو يتكلم بالباطل (١).

وقال العلامة المجلسي رض أيضاً في كتاب (الحلية) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صلّى على ميّت صلّى عليه سبعون ألف ملك ، وغفر الله له ماتقدّم من ذنبه وما تأخّر فإن أقام حتّى يدفن ويحثى عليه التراب ، كان له بكل قدم نقلها قيراط من الاجر. والقيراط مثل جبل أحد. وقال في حديث آخر : أيّما مؤمن صلّى على جنازة وجبت له الجنة إِلاّ إذا كان منافقاً أو عاقّاً لوالديه. وروي بسند معتبر عن الصادق صلوات الله عليه أنّه إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون من المؤمنين وقالوا : اللّهُمَّ إنَّا لانَعْلَمُ مِنْهُ إِلاّ خَيْراً وَأنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنَّا قال الله تعالى : قبلت شهادتكم وغفرت له مالم تعلموه وعلمته.

وفي حديث معتبر آخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أوّل عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه : إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً (٢).

أقول : قال الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) ويستحب تربيع الجنازة بأن يأخذ جانبها الأيمن ، ثم رجلها اليمنى ، ثم رجلها اليسرى ، ثم منكبها الأيسر (يحمل بهذه الكيفية الجوانب الأربع للسرير) يدور خلفها دور الرّحى ، فإذا جي بها إلى القبر ترك جنازة الرجل مما يلي رجلي القبر ، ويقدم إلى شفير القبر في ثلاث دفعات وإن كانت جنازة امرأة تركت قدّام القبر مما يلي القبلة ثم ينزل إلى القبر وليّ الميت أو من يأمره الولي ويكون نزوله من عند رجلي القبر ويقول : اللّهُمَّ اجْعَلْها رَوْضَةً مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ وَلا تَجْعَلْها حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ. وينبغي أن ينزل القبر حافيا مكشوف الرأس محلول الأزرار ثم يتناول الميت فيه فيبدأ برأسه فيأخذه وينزل به القبر ويقول : بَسْمِ الله وَبِالله وَفِي سَبيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله اللّهُمَّ إيْمانا بِكَ وَتَصْدِيقا بِكِتابِكَ هذا ماوَعَدَنا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ

_________________

١ ـ زاد المعاد : ٥٤٠ ـ ٥٤٢.

٢ ـ حلية المتقين : ٢٣٤.

٨٧٧

الله وَرسُولُهُ اللّهُمَّ زِدْنا إيْمانا وَتَسْلِيماً ، ثم يضجعه على جانبه الأيمن ويستقبل بوجهه القبلة ويحلّ عقد أكفانه من قبل رأسه ورجليه ويضع خدّه على التراب ويستحبّ أن يجعل معه شَيْئاً من تربة الحسين عليه‌السلام ثم يشرج عليه اللبن ويقول من يشرجه : اللّهُمَّ صِلْ وَحْدّتَهُ وَآنِسْ وَحْشَتَهُ وَارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَأسْكِنْ إلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً يَسْتَغْنِي بِها عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِواكَ وَاحْشُرْهُ مَعَ مَنْ كانَ يَتَوَلاهُ مِنَ الائِمَّةِ الطّاهِرينَ (١).

ويستحب أن يلقن الميت الشهادتين ، وأسماء الأئمة عليهم‌السلام عند وضعه في القبر قبل تشريج اللبن عليه فيقول الملقن : يا فلان بن فلان ويذكر اسم الميت واسم أبيه : اذْكُرِ العَهْدَ الَّذِي خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ دارِ الدُّنْيا شَهادَةَ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأنَّ عَلَيَّاً أَميرُ المُؤْمِنِينَ وَالحَسَنَ وَالحُسَيْنَ ويذكر الأئمة عليهم‌السلام واحداً واحداً إلى آخرهم أئمَّتُكَ أئمَّةُ الهُدَى الابْرارُ.

فإذا فرغ من تشريج اللبن عليه أهال التراب عليه ، ويهيل كل من حضر استحبابا بظهور أكفهم ويقولون عند ذلك : إنَّا لله وَإنَّا إلَيْهِ راجِعُونَ هذا ماوَعَدَنا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ ، اللّهُمَّ زِدْنا إيْماناً وَتَسْلِيماً.

فإذا أراد الخروج من القبر خرج من قبل رجليه ثم يطمّ القبر ويرفع من الأرض مقدار أربع أصابع ، ولا يطرح فيه غير ترابه ويجعل عند رأسه لبنة أو لوحا ثم يصب الماء على القبر ، يبدأ بالصبّ من عند الرأس ، ثم يدار من أربع جوانب القبر حتى يعود إلى موضع الرأس ، فإن فضل من الماء شيء صبه على وسط القبر ، فإذا سوّى القبر وضع يده على القبر من أراد ذلك ويفرج أصابعه ويغمرها فيه ويدعو للميّت فيقول : اللّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتَهُ وَارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَأسْكِنْ (٢) رَوْعَتُهُ وَصِلْ وَحْدَتَهُ وَأسْكِنْ إلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ رَحْمَةً يَسْتَغْنِي بِها عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِواكَ وَاحْشُرْهُ مَعَ مَنْ كانَ يَتَوَلاّهُ.

فإذا انصرف الناس عن القبر تأخر أولى الناس بالميّت ويترحم عليه وينادي بأعلى صوته إن لم يكن في موضع تقيّة : يا فلان بن فلان يذكر اسم الميت واسم أبيه : الله رَبُّكَ وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَالقُرْآنُ كِتابُكَ وَالكَعْبَةُ قِبْلَتُكَ وَعَلِيُّ إمامُكَ وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ ويذكر الأئمة واحداً واحداً أئمَّتُكَ أئمَّةُ الهُدَى الابْرارُ (٣).

_________________

١ ـ من الائمّة الطاهرين : خ.

٢ ـ وآمِن ـ خ ـ.

٣ ـ مصباح المتهجّد : ١٩ ـ ٢١.

٨٧٨

أقول : يستحب تلقين الميت في ما عداً حال الاحتضار في موضعين :

الأول : عندما يوضع في القبر والأفضل أن يقبض على منكبه الأيمن باليد اليمنى وعلى الأيسر باليسرى فيحرّكه ويلقنه (١).

الثاني : بعد الدفن ، فيستحب أن يجلس الوليّ أي أقرب الناس إليه عند رأسه بعد انصراف الناس فيلقنه برفيع صوته ويحسن أن يضع راحتيه على القبر ويقرب فاه منه ولا بأس بأن يستنيب الوليّ للتلقين. وفي الأحاديث أنّ الميّت إذا لُقّن هذا التلقين قال منكر ونكير : قد لقنوه فلا حاجة إلى سؤاله فلننصرف ، فينصرفان عنه ولا يسألانه (٢).

قال العلامة المجلسي رض : التلقين الجامع هو أن يقول المُلقِّن : إسْمَعْ إفْهَمْ يا فُلانُ بْنُ فُلانٍ وليذكر اسمه واسم أبيه هَلْ أنْتَ عَلى العَهْدِ الَّذِي فارَقْتَنا عَلَيْهِ مِنْ شَهادَةِ أنْ لا إلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَريكَ لَهُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَسَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَخاتَمُ المُرْسَلِينَ ، وَأنَّ عَلَيَّاً أمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَسَيِّدُ الوَصِيِّينَ وَإمامٌ افْتَرَضَ الله طاعَتَهُ عَلى العالَمِينَ ، وَأنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ وَعلِيَّ بْنَ الحُسَيْن وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ وَعَلِيَّ بْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَلِىٍَّّ بْنَ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَالقائِمَ الحُجَّةَ المَهْدِيَّ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ أئِمَّةُ المُؤْمِنِينَ وَحُجَجُ الله عَلى الخَلْقِ أجْمَعِينَ ، وَأئِمَّتُكَ أئِمَّةُ هُدى أبْرارٌ. يا فُلانَ بْنَ فُلانٍ إذا أتاكَ المَلَكانِ المُقَرَّبانِ رَسُولَيْنِ مِنْ عِنْدِ الله تَبارَكَ وَتَعالى وَسَألاكَ عَنْ رَبِّكَ وَعَنْ نَبِيِّكَ وَعَنْ دِينِكَ وَعَنْ كِتابِكَ وَعَنْ قِبْلَتِكَ وَعَنْ أئِمَّتِكَ فَلا تَخَفْ وَقُلْ فِي جَوابِهِما : الله جَلَّ جَلالُهُ رَبِّي ، وَمُحَمَّدٌ صلى‌الله‌عليه‌وآله نَبِيِّي ، وَالاسْلامُ دِينِي ، وَالقُرْآنُ كِتابِي ، وَالكَعْبَةُ قِبْلَتِي ، وَأميرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ إمامِي ، وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الُمجْتَبى إمامِي ، وَالحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الشَهِيدُ بِكَرْبَلاَء إمامِي ، وَعَلِيُّ زَيْنُ العابِدِينَ إمامِي ، وَمُحَمَّدٌ باقِرُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ إمامِي ، وَجَعْفَرٌ الصادِقُ إمامِي ، وَمُوسَى الكاظِمُ إمامِي ، وَعَلِيُّ الرِّضا إمامِي ، وَمُحَمَّدٌ الجَوادُ إمامِي ، وَعَلِيُّ الهادِي إمامِي ، وَالحَسَنُ العَسْكَرِيُ إمامِي ، وَالحُجَّةُ المُنْتَظَرُ إمامِي ؛ هؤُلاِ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ أئِمَّتِي وَسادَتِي وَقادَتِي وَشُفَعائِي ، بِهِمْ أتَوَلّى وَمِنْ أعْدائِهِمْ أتَبَرَّأُ فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ. ثُمَّ إعْلَمْ يا فُلانَ بْنَ فُلانٍ أَنَّ الله تَبارَكَ وَتَعالى نِعْمَ الرَّبُ ، وَأنَّ مُحَمَّداً

_________________

١ ـ زاد المعاد : ٥٦٤.

٢ ـ زاد المعاد : ٥٦٩.

٨٧٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله نِعْمَ الرَّسُولُ ، وَأنَّ أميرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أبَي طالبِ وَأوَلادَهُ الائِمَّةَ الاحَدَ عَشَرَ نِعْمَ الائِمَّةَ ، وَأنَّ ماجاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى‌الله‌عليه‌وآله حَقُّ ، وَأنَّ المَوتُ حَقٌّ وَسُؤالَ مُنْكَرٍ وَنَكيرٍ فِي القَبْرِ حَقُّ وَالبَعْثَ حَقُّ وَالنُشُورَ حَقُّ وَالصِّراطَ حَقُّ وَالمِيزانَ حَقُّ وَتَطايُرَ الكُتُبِ حَقُّ وَالجَنَّةَ حَقُّ وَالنَّارَ حَقُّ ، وَأنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لارَيْبَ فِيها ، وَأنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ. ثم يقول : أفَهِمْتَ يا فُلانُ. وفي الحديث أنّ الميّت يجيب بلى فهمت. ثم يقول : ثَبَّتَكَ الله بِالقَوْلِ الثَّابِتِ هَدَاكَ الله إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ عَرَّفَ الله بيْنَنا وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ أوْلِيائِكَ فِي مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِهِ. ثم يقول : اللّهُمَّ جافِ الارْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَاصْعَدْ بِرُوَحِهِ إلَيْكَ وَلَقِّهِ مِنْكَ بُرْهانا ، اللّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ (١).

جعلت الختام كلمة العفو الشريفة والرجاء الواثق هو شمول العفو الربوبي لي أنا الذي سوّدت وجهي الذنوب ولمن جرى على هذه الرسالة.

وكان ذلك في آخر يوم جمعة التاسع عشر من شهر محرم الحرام سنة ١٣٤٥ ألف وثلاثمائة وخمس وأربعين في جوار إمامنا المسموم مولانا الغريب المظلوم أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه وعلى آبائه السلام من الحي القيوم والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله.

كتبه بيمناه الوازرة عباس بن محمد رضا القمّي عفي عنهما.

ملحق

الباقيات الصالحات

بسم الله الرحمن الرحيم

في ذكر عدة أدعية وعوذات موجزات اقتطفناها من كتاب البحار وألحقناها بكتاب الباقيات الصالحات :

الأول : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه رأى رجلاً يدعو بدعاء طويل في دفتر له ، فقال : يا هذا إنّ الله الذي يسمع الكثير يجيب عن القليل فقال الرجل : يا مولاي ماذا تأمرني أن أصنع؟ قال قل : الحَمْدُ لله عَلى كُلِّ نِعْمَةٍ وَأسْأَلُ الله مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَأعُوذُ بِالله مِنْ كُلِّ شَرِّ ،

_________________

١ ـ زاد المعاد : ٥٦٤ ـ ٥٦٧.

٨٨٠