مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

وعباداته ومصائبه ينبغي للزائر أن لا يفوته فضل الصلاة بها عليه وهي :

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى مُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَصِيِّ الأبْرارِ وَإِمامِ الأخْيارِ وَعَيْبَةِ الأنْوارِ وَوارِثِ السَّكِينَةِ وَالوَقارِ وَالحِكَم وَالاثارِ ، الَّذِي كانَ يُحْيِي اللَيْلَ بِالسَّهَرِ إِلى السَّحَرِ بِمُواصَلَةِ الاسْتِغْفارِ حَلِيفِ السَّجْدَةِ الطَّوِيلَةِ وَالدُّمُوعِ الغَزِيرَةِ وَالمُناجاةِ الكَثِيرَةِ والضَّراعاتِ المُتَّصِلَةِ وَمَقَرِّ النُّهى وَالعَدْلِ وَالخَيْرِ وَالفَضْلِ وَالنَّدى وَالبَذْلِ وَمَأْلَفِ البَلْوى وَالصَبْرِ وَالمُضْطَهَدِ بِالظُّلْمِ وَالمَقْبُورِ بِالجَوْرِ ، وَالمُعَذَّبِ فِي قَعْرِ السُّجُونِ وَظُلَمِ المَطامِيرِ ذِي السَّاقِ المَرْضُوضِ بِحَلَقِ القُيُودِ وَالجَنازَةِ المُنادى عَلَيها بِذُلِّ الاِسْتِخْفافِ ، وَالوارِدِ عَلى جَدِّهِ المُصْطَفى وَأَبِيهِ المُرْتَضى وَاُمِّهِ فاطَمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ بِإِرْثٍ مَغْصُوبٍ وَوَلاٍ مَسْلُوبٍ وَأَمْرٍ مَغْلُوبٍ وَدَمٍ مَطْلُوبٍ وَسَمٍّ مَشْرُوبٍ. اللّهُمَّ وَكَما صَبَرَ عَلى غَلِيظِ المِحَنْ وَتَجَرَّعَ غُصَصَ الكُرَبِ وَاسْتَسْلَمَ لِرِضاكَ وَأَخْلَصَ الطَّاعَةَ لَكَ وَمَحَضَ الخُشُوعَ وَاسْتَشْعَرَ الخُضُوعَ وَعادى البِدْعَةَ وَأَهْلَها وَلَمْ يَلْحَقْهُ فِي شيٍْ مِنْ أَوامِرِكَ وَنَواهِيكَ لَوْمَةُ لائِمٍ ؛ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً نامِيَةً مُنِيفَةً زاكِيَةً تُوجِبُ لَهُ بِها شَفاعَةَ أُمَمٍ مِنْ خَلْقِكَ وَقُرُونٍ مِنْ بَراياكَ وَبَلِّغْهُ عَنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي مُوالاتِهِ فَضْلاً وَإحْسانا وَمَغْفِرَةً وَرِضْوانا إِنَّكَ ذُو الفَضْلِ العَمِيمِ وَالتَّجاوُزِ العَظِيمِ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

وأمّا الزيارة الخاصة بالإمام محمد التقي عليه‌السلام فقد قال فيها الاجلا الثلاثة أيضاً. ثم توجّه نحو قبر أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليه‌السلام وهو بظهر جدّه عليه‌السلام ، فإذا وقفت عليه فقل : السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله فِي ظُلُماتِ الاَرْضِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ وَعلى آبائِكَ السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى أَبْنائِكَ السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى أَوْلِيائِكَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ ،

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٣٨٢.

٥٨١

وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ وَجاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِهِ وَصَبَرْتَ عَلى الاَذى فِي جَنْبِهِ حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ ، أَتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ مُوالِياً لاَوْلِيائِكَ مُعادِياً لاَعْدائِكَ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ.

ثم قبل القبر وضع خدَّيك عليه ثم صلّ ركعتين للزيارة وصل بعدهما ما شئت. ثم اسجد وقل : إرْحَمْ مَنْ أَساءَ وَاقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاعْتَرَفَ. ثم اقلب خدك الأيمن وقل : إِنْ كُنْتُ بِئْسَ العَبْدِ فَأَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ. ثم اقلب خدّك الأيسر وقل : عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ يا كَرِيمُ. ثم عد إلى السجود وقل : شُكْراً شُكْراً ، مائة مرة. ثم انصرف (١).

زيارة أخرى للإمام محمد بن علي التقي عليه‌السلام قال السيد ابن طاووس في (المزار) : إذا زرت الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام فقف على قبر الجواد عليه‌السلام وقبله وقل :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ البَرَّ التَّقِيَ الإمام الوَفِيَّ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَجِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا سِرِّ (٢) الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا ضِياءَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَناءَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا كَلِمَةَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَحْمَةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النُّورُ السَّاطِعُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَدْرُ الطَّالِعُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الطَّيِّبُ مِنَ الطَّيِّبِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الطَّاهِرُ مِنَ المُطَهَّرِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الايَةُ العُظْمى السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الحُجَّةُ الكُبْرى ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها المُطَهَّرُ مِنَ الزَّلاتِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها المُنَزَّهُ عَنِ المُعْضِلاتِ (٣) السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها العَلِيُّ عَنْ نَقْصِ الاَوْصافِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الرَّضِيُّ عِنْدَ الاشْرافِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ وَلِيُّ اللهِ وَحُجَّتُهُ فِي أَرْضِهِ وَأَنَّكَ جَنْبُ الله وَخِيَرَةُ الله وَمُسْتَوْدَعُ عِلْمِ الله وَعِلْمِ الأَنْبِياءِ وَرُكْنُ الإيْمانِ وَتَرْجُمانُ القُرْآنِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنِ اتَّبَعَكَ عَلى الحَقِّ وَالهُدى وَأَنَّ مَنْ أَنْكَرَكَ

_________________

١ ـ المزار للشهيد : ٢١٥ ، المزار الكبير للمشهدي : ٥٣٨ ، المزار القديم للمفيد كما في البحار ١٠٢ / ١٢.

٢ ـ يا ستر ـ خ ـ.

٣ ـ المعضلات ـ خ ـ.

٥٨٢

وَنَصَبَ لَكَ العَداوَةَ عَلى الضَّلالَةِ وَالرَّدى. أَبْرأُ إِلى الله وَإِلَيْكَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ مابَقَيْتُ وَبَقِيَ اللَيْلُ وَالنَّهارُ.

وقل في الصلاة عليه : اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ بْنَ عَلِيٍّ الزَّكِيّ التَقِيّ وَالبَرِّ الوَفِيّ وَالمُهَذَّبِ النَّقِيِّ ، هادِي الاُمَّةِ وَوارِثِ الأَئِمَّةِ وَخازِنِ الرَّحْمَةِ وَيَنْبُوعِ الحِكْمَةِ وَقائِدِ البَرَكَةِ وَعَدِيلِ القُرْآنِ فِي الطَّاعَةِ وَواحِدِ الأَوْصِياء فِي الاِخْلاصِ وَالعِبادَةِ وَحُجَّتِكَ العُلْيا وَمَثَلِك الاَعْلى وَكَلِمَتِكَ الحُسْنى الدَّاعِي إِلَيْكَ وَالدَّالِّ عَلَيْكَ ، الَّذِي نَصَبْتَهُ عَلَما لِعِبادِكَ وَمُتَرْجِما لِكِتابِكَ وَصادِعاً بِأَمْرِكَ وَناصِراً لِدِينِكَ وَحُجَّةً عَلى خَلْقِكَ وَنُوراً تُخْرَقُ بِهِ الظُّلَمُ وَقُدْوَةً تُدْرَكُ بِها الهِدايَةُ وَشَفِيعاً تُنالُ بِهِ الجَنَّةُ ، اللّهُمَّ وَكَما أَخَذَ فِي خُشُوعِهِ لَكَ حَظَّهُ وَاسْتَوْفى مِنْ خَشْيَتِكَ نَصِيبَهُ فَصَلِّ عَلَيْهِ أَضْعافَ ماصَلَّيْتَ عَلى وَلِيٍّ ارْتَضَيْتَ طاعَتَهُ وَقَبِلْتَ خِدْمَتَهُ وَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَآتِنا فِي مُوالاتِهِ مِنْ لَدُنْكَ فَضْلاً وَإِحْساناً وَمَغْفِرَةً وَرِضْوانا إِنَّكَ ذُو المَنِّ القَدِيمِ وَالصَّفْحِ الجَمِيلِ. ثم صل صلاة الزيارة وقل بعد السلام : اللّهُمَّ أَنْتَ الرَّبُّ وَأَنا المَرْبُوبُ ، الدعاء ص ٧٠٧ (١).

زيارة أخرى مختصه به عليه‌السلام روى الصدوق في (الفقيه) قال : إذا أردت زيارته فاغتسل وتنظف وألبس ثوبين طاهرين وقل في زيارته : اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ ابْنَ عَلِيٍّ الإمام التَّقِيِّ النَّقِيِّ الرَّضِيِّ المَرْضِيِّ وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوْقَ الاَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى صَلاةً كَثِيرَةً نامِيَةً زاكِيَةً مُبارَكَةً مُتَواصِلَةً مُتَرادِفَةً مُتَواتِرَةً (٢) ، كَأَفْضَلِ ماصَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يا أمامَ المُؤْمِنِينَ وَوارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَسُلالَةَ الوَصِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله فِي ظُلُماتِ الأرْضِ ، أَتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ ،

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٣٩٥ فصل ١٤.

٢ ـ في المصدر : متواترة مترادفة.

٥٨٣

مُعادِياً لاَعْدائِكَ مُوالِياً لاَوْلِيائِكَ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ. ثم سل حاجتك.

ثم صلّ في القبة التي فيها قبر محمد بن علي عليه‌السلام عند رأسه أربع ركعات ، ركعتين لزيارة موسى الكاظم عليه‌السلام ، وركعتين لزيارة محمد التقي عليه‌السلام ولاتصل عند رأس موسى الكاظم عليه‌السلام فإنه يقابل قبور قريش ولا يجوز اتخاذها قبلة (١).

أقول : يبدو من كلام الشيخ الصدوق أنّ قبر الإمام الكاظم عليه‌السلام كان مفرزاً عن قبر الإمام الجواد عليه‌السلام فكان ينفرد بقبّة مستقلّة وباب خاص فالزائر يخرج منها ليدخل تحت قبّة الجواد عليه‌السلام التي كانت ذات بناء خاص.

وأما الزيارات المشتركة بين هذين الإمامين الهمامين

فهي أيضاً نوعان :

الأول : ما يزار به كل واحد منهما عليه‌السلام منفرداً : روى الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولويه القمي في كتاب (كامل الزيارة) عن الإمام علي النقي عليه‌السلام قال : قل في زيارة كل من الإمامين :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله فِي ظُلُماتِ الاَرْضِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ بَداً للهِ فِي شَأْنِهِ أَتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ مُعادِياً لاَعْدائِكَ مُوالِياً لاَوْلِيائِكَ فَاشْفَعْ (٢) لِي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَوْلايَ. وهذه الزيارة معتبره غاية الاعتبار ، وقد رواها أيضاً الصدوق والكليني والطوسي مع اختلاف يسير (٣).

الثاني : ما يزار به كلا الإمامين عليه‌السلام معا : وهي كما يلي ، قال المفيد والشهيد ومحمد ابن المشهدي : تقول في زيارتهما عليهما‌السلام إذا وقفت عند الضريح الطاهر :

السَّلامُ عَلَيْكُما يا وَلِيَّي الله السَّلامُ عَلَيْكُما يا حُجَّتَي الله السَّلامُ عَلَيْكُما يا نُورَي الله فِي ظُلُماتِ الاَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنَّكُما قَدْ بَلَّغْتُما عَنِ الله ماحَمَّلَكُما وَحَفِظْتُما ما

_________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ / ٦٠١ ح ٣٣٠٩.

٢ ـ اشفع ـ خ ـ.

٣ ـ كامل الزيارات : ٥٠١ ـ ٥٠٢ ح ١ باب ١٠٠ ، من لا يحضره الفقيه ٢ / ٦٠١ ح ٣٢٠٩ ، الكافي ٤ / ٥٧٨ ، تهذيب الاحكام ٦ / ٨٢ ح ١ باب ٣١.

٥٨٤

اسْتُودِعْتُما وَحَلَّلْتُما حَلالَ الله وَحَرَّمْتُما حَرامَ الله وَأَقَمْتُما حُدُودَ الله وَتَلَوْتُما كِتابَ الله وَصَبَرْتُما عَلى الاَذىْ فِي جَنْبِ الله مُحْتَسِبينَ حَتّى أَتاكما اليَّقِينُ ، أَبْرأُ إِلى الله مِنْ أَعدائِكُما وَأَتَقَرَّبُ إِلى الله بِوِلايَتِكُما ، أَتَيْتُكُما زائِراً عارِفاً بِحَقِّكُما مُوالِياً لاَوْلِيائِكُما مُعادِياً لاَعْدائِكُما مُسْتَبْصِراً بِالهُدى الَّذِي أَنْتُما عَلَيْهِ عارِفاً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكُما ؛ فَاشْفَعا لِي عِنْدَ رَبِّكُما فَإِنَّ لَكُما عِنْدَ الله جاهاً عَظِيماً وَمَقاماً مَحْمُوداً. ثم قبّل التربة الشريفة وضع خدّك الأيمن عليها ، ثم تحوّل إلى جانب الرأس المقدّس فقل : السَّلام عَلَيْكُما يا حُجَّتَي الله فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ عَبْدُكُما وَوَلِيُّكُما زائِرُكُما مُتَقَرِّباً إِلى الله بِزِيارَتِكُما ، اللّهُمَّ اجْعَل لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي أَوْلِيائِكَ المُصْطَفِينَ وَحَبِّبْ إلى مَشاهِدَهُمْ وَاجْعَلْنِي مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. ثم صلّ ركعتين لزيارة كل إمام وادع بما أحببت (١).

أقول : كان عصر صدور هذه الزيارات عصر التقية الشديدة ولاجل ذلك كان المعصومون عليهم‌السلام يعلّمون الشيعة زيارات قصيرة صيانة لهم عن طاغية الزمان فالزائر إن طلب زيارة طويلة فليقرأ الزيارات الجامعة الآتية وهي خير ما يزاران بها. ولا سيّما الزيارة الأولى منها حيث يظهر من روايتها أن لها مزيد اختصاص بالإمام الكاظم عليه‌السلام وإذا شاء الزائر أن يخرج من بلدهما عليهما‌السلام فليودّعهما عليهما‌السلام بدعوات الوداع ومن تلك الدعوات ما رواه الطوسي (رض) في (التهذيب) قال : إذا أردت أن تودع الإمام موسى عليه‌السلام فقف عند القبر وقل :

السَّلامُ عَلَيْك‌َيامَوْلايَ يا أبا الحَسَنِ وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ اسْتَوْدِعُكَ الله وَأَقْرَأ عَلَيْكَ السَّلامَ ، آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسولِ وَبِما جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ ، اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٢).

وتقول أيضاً في وداع الإمام محمد التقي عليه‌السلام : السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا بْنَ رَسُولِ الله

_________________

١ ـ المزار الكبير : ٥٣٩ ـ ٥٤٠ ح ١ باب ٤ ، المزار القديم للمفيد كما في البحار ١٠٢ / ١٣.

٢ ـ تهذيب الاحكام ٢ / ٨٣ باب ٣٢.

٥٨٥

وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ اسْتَوْدِعُكَ الله وَأَقْرَأ عَلَيْكَ السَّلامَ آمَنَّا بِالله وَبِرَسُولِهِ وَبِما جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ اللّهُمَّ اكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. ثم سل إلى الله تعالى أن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم وأن توفق للعود وقبّل القبر وضع خدّيك عليه (١).

أقول : مما يناسب المقام قصة السعيد الصالح الصفي المتّقي الحاج علي البغدادي التي أوردها شيخنا في (جنّة المأوى) و (النجم الثاقب) وقال في كتاب (النجم الثاقب) إنّه لو لَم يكن في هذا الكتاب سوى هذه القصة المتقنة الصحيحة الحاوية على فوائد جمة الحادثة في عصرنا لكفاه شرفاً ونفساً ثم قال بعدما مهّده من المقدمات حكى الحاج علي أيّده الله قائلاً : تراكم في ذمّتي من سهم الإمام عليه‌السلام من الخمس مبلغ ثمانين تومانا فرحلت إلى النجف الأشرف ودفعت منها إلى علم الهدى والتقى حضرة الشيخ مرتضى أعلى الله مقامه عشرين تومانا وإلى حضرة الشيخ محمد حسين المجتهد الكاظمي عشرين تومانا وإلى حضرة الشيخ محمد الشّروقي عشرين تومانا ولَم يبق عليّ سوى عشرين تومانا كنت أروم أن أقدمها إذا قفلت من النجف إلى الشيخ محمد حسن آل يَّس الكاظمي أيده الله. ووددت لمّا وافيت بغداد أن أبادر إلى أداء مااستمرّ علي من السهم فتوجهت إلى الكاظمية وكان اليوم الخميس فزرت الإمامين الهمامين الكاظمين عليه‌السلام ثم وافيت حضرة الشيخ سلّمه الله فنقدته شطراً من العشرين تومانا وأوعدته بأن أؤدّي الباقي إذا بعت بعض البضائع بأن أبذله إلى مستحقه حسب ما يحيله عليّ بالتدريج ثم أزمعت على مغادرة الكاظمية ورفضت ماألح فيه حضرة الشيخ من البقاء معتذراً بأن عليّ أن أوفي عمال معمل النسيج أجورهم حسب ماقررت عليه من بذل أجر عمل الأسبوع في يوم الخميس عصراً فأخذت أسلك طريقي إلى بغداد فلما قاربت ثلث الطريق إذا أنا بسيد جليل من السادة يعرّج عليّ في طريقه إلى الكاظمية فدنا مني وسلم عليّ وبسط يده للمصافحة والمعانقة ورحب قائلاً أهلاً وسهلاً وضمّني إلى صدره وتلاثمنا وكان قد تعمّم بعمامة خضراء زاهرة وفي وجهه الشريف شامه كبيرة سوداء فتوقف وقال على خير أيُّها الحاج عليّ أين المقصد فأجبته قد زرت الكاظمين عليهما‌السلام وأنا الان ماضٍ إلى بغداد فقال لي : عد إلى الكاظمين عليهما‌السلام فهذه ليلة الجمعة. قلت : لا يسعني العود فأجاب ذلك في وسعك ، عد كي أشهد لك بأنك من الموالين لجدي أمير المؤمنين عليه‌السلام ولنا ويشهد لك الشيخ فقد قال تعالى : (واستشهدوا شَهيدين) (٢) وكان هذا تلميحا إلى ما كنت أتوخاه من التماس الشيخ أن يمنحني رقعة أجعلها في كفني يشهد لي فيها بأنّي

_________________

١ ـ تهذيب الاحكام ٢ / ٩١ باب ٤٠.

٢ ـ البقرة : ٢ / ٢٨٢.

٥٨٦

من الموالين لأهل البيت عليهم‌السلام. فسألته من أين عرفتني وكيف تشهد لي فأجاب كيف لا يعرف المر من وافاه حقّه. قلت : وأي حق هذا الذي تعنيه؟ فأجاب : مابذلته لوكيلي. قلت : ومن هو؟ قال : الشيخ محمد حسن فقلت : أهو وكيلك؟ أجاب هو وكيلي وكذلك السيد محمد. قال الحاج علي : ما كنت أعرف صاحبي هذا ولكنه كان قد دعاني باسمي فاحتملت أن تكون بيننا معرفة سابقة وقلت أيضاً في نفسي أنه يطالبني بشي من الخمس ووددت أن ابذل له من سهم الإمام عليه‌السلام فقلت : يا أيُّها السيد إنّه قد بقي في ذمّتي من حقكم شي (أي حق السادة) وقد راجعت في ذلك حضرة الشيخ محمد حسن كي أؤديه إليكم بإذنه فتبسّم في وجهي قائلا : نعم ، ثم قد أبلغت شطراً من حقّنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف. فقلت : هل قبل ماأدّيته؟ قال : نعم. ثم انتبهت إلى أن صاحبي هذا يعبر عن أعاظم العلماء بكلمة وكلائي فاستكبرت ذلك ثم قلت في نفسي العلماء وكلا السادة في قبض حقوقهم ثم اعترضتني الغفلة ، انتهى.

ثم قال لي : عد إلى زيارة جدي فطاوعته وعدت معه وكنت قابضا على يده اليمنى بيدي اليسرى فلما أستأنفنا المسير وجدت نهراً إلى جانبنا الأيمن يجري بماء زلال ووجدت أشجار الليمون والرارنج والعنب والرمان وغيرها تظللنا من فوق رؤوسنا وكلها مثمرة معاً في غير مواسمها فسألته عن النهر والأشجار فقال : إنها تصاحب كل موال من موالينا إذا زار جدّنا وزارنا فقلت له : مسألة أريد سؤالها. قال : سل. قلت : إن الشيخ عبد الرزاق (رض) كان ممّن يزاول التدريس وقد وافيته يوما فسمعته يقول : من دأب في حياته على صيام النهار وقيام الليل وحجّ أربعين حجّة واعتمر أربعين عمره ثم وافته المنون وهو بين الصفا والمروة ولَم يكن هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه‌السلام ما كان له شي من الاجر؟ فأجاب : نعم والله ما كان له شي. ثم سألته عن أقربائي هل هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه‌السلام؟ فأجاب : نعم. هو ومن يتصل بك. ثم قلت : سيّدنا مسألة. قال : سل. قلت : يقول خطباء مآتم الحسين عليه‌السلام : إن سليمان الأعمش أتى رجلاًيسأله عن زيارة سيد الشهداء عليه‌السلام فأجابه الرجل : أنها بدعه ثم رأى في المنام هودجاً بين السماء والأرض فسأل عن الهودج فأجيب بأن فيه فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى (عليهن السلام) فسأل أين تذهبان فأجيب إلى زيارة الحسين عليه‌السلام في هذه الليلة وهي ليلة الجمعة وشاهد رقعاً تتساقط إلى الأرض من ذلك الهودج كتب فيها : أمان من النار لزوار الحسين عليه‌السلام في ليلة الجمعة أمان من النار يوم القيامة ، فهل صحيح هذا الحديث؟ قال : نعم تام صحيح. قلت : سيّدنا أصحيح ما يقال من أنّ من زار الحسين عليه‌السلام ليلة الجمعة كان

٥٨٧

آمنا؟ قال : نعم ودمعت عيناه وبكى. قلت : سيّدنا مسألة. قال : سل. قلت : قد زرنا الرضا عليه‌السلام سنة ألف ومائتين وتسع وستين فصادفنا في بلدة درود أحد الشروقيّين (وهم قوم من العرب يسكنون البادية الشرقية للنجف الأشرف) فأضفناه وسألناه عن ولاية الرضا عليه‌السلام فقال : هي الجنة وقال هذا هو الخامس عشر من أيام أقتات فيها بطعام الرضا عليه‌السلام فكيف يجرأ منكر ونكير أن يدنوا مني في قبري؟ إنّه نبت لحمي وعظمي من طعام الرضا عليه‌السلام في دار ضيافته فهل صحيح أن الرضا عليه‌السلام يوافيه في قبره وينجيه من منكر ونكير؟ فأجاب : نعم والله إنّ جدّي الضامن. قلت : سيّدنا مسألة قصيرة شئت أسألها. قال : سل. قلت : زيارتي للرضا عليه‌السلام هل هي مقبولة؟ أجاب : مقبولة إن شاء الله. قلت : سيّدنا مسألة. قال : سل بسم الله. قلت : وهل قبلت زيارة الحاج محمّد حسين البزّاز (بزازباشي) ابن المرحوم الحاج أحمد البزاز (بزاز باشي) وقد رافقته في طريقي إلى مشهد الرضا عليه‌السلام فكنّا شريكين في النفقة؟ قال : زيارة العبد الصالح مقبولة. قلت : سيّدنا مسألة. قال : سل بسم الله. قلت : وهل قبلت زيارة فلان من أهالي بغداد وكان معنا في طريقنا إلى خراسان؟ فسكت ولم يجب. قلت : سيّدنا مسألة. قال : سل بسم الله. قلت : هل سمعت مسألتي السابقة هل قبلت زيارة هذا الرجل؟ فلم يجبني. قال الحاج علي : إنّ الرجل كان هو وأخلاؤه في الطريق من أهالي بغداد المترفين وكانوا في رحلتهم يدأبون في اللعب واللهو وكان هو قاتل أمه ثم بلغنا متسعاً من الطريق يواجه مدينة الكاظمين عليه‌السلام محاطاً بالبساتين من الجانبين وكان شطر من هذه الجادة يقع على يمين القادم من بغداد ملكا لبعض الأيتام من السادة وقد اغتصبته الحكومة فجعلته جزاً من الطريق العام فكان الورع التقي من أهالي بغداد والكاظمية يحذر المسير في هذا الشطر من الجادة فرأيت صاحبي هذا لا يأبى الجري عليه فقلت له : سيدي هذا الموضع ملك لبعض الأيتام من السادة ولا ينبغي التصرف فيه. فأجاب : هو لجدّي أميرالمؤمنين عليه‌السلام وذرّيته وأولادنا ويحلّ التصرّف فيه لموالينا وكان على الجانب الأيمن قرب هذا الموضع بستان لرجل يدعى الحاج ميرزا هادي وكان ثريا من أثرياء العجم المشهورين وكان يسكن بغداد فقلت سيّدنا هل صحيح ما يقال إن هذا البستان أرضه للإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام؟ قال : ما شأنك وهذا؟ وأعرض عن الجواب. ثم بلغنا ساقيه مدت من نهر دجلة لري المزارع والبساتين وهي تقاطع الجاده فتنشعب هناك المسلك إلى المدينة شعبتين هما الشارع السلطاني وشارع السادة فتوجه صاحبي إلى شارع السادة فدعوته إلى الشارع السلطاني فرفض وقال لنسر في شارعنا هذا فما خطونا خطوات إِلاّ ووجدنا أنفسنا في الصحن

٥٨٨

المقدّس عند منزع الأحذية من دون أن نمر بسوق أو زقاق فدخلنا الإيوان من جانب باب المراد شرقاً مما يلي الرجل فلم يمكث صاحبي للاستئذان لدخول الرواق الطاهر وورد من دون الاستئذان ، ثم وقف على باب الحرم الشريف فخاطبني وقال : زر. قلت : إنِّي لا أعرف القراءة. قال : فأقرأ لك الزيارة؟ قلت : نعم. فقال : أَأَدْخُلُ يا أللهُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، وسلم على الأئمة واحداً فواحداً حتى بلغ الإمام العسكري عليه‌السلام فقال : السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ العَسْكَرِي. ثم خاطبني قائلاً أتعرف إمام عصرك؟ أجبت : وكيف لا أعرفه. قال : فسلم عليه. فقلت : السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله يا صاحِبَ الزَّمانِ يا بْنَ الحَسَنِ. فتبسم وقال : عَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. فدخلنا الحرم الطاهر وانكببنا على الضريح المقدّس وقبلناه ثم قال لي زر. قلت : لا أعرف القراءة. قال : فأقرأ لك الزيارة؟ قلت : نعم. قال : في أي الزيارات ترغب. قلت : اقرأ عليّ ما هو أفضل الزيارات. فقال : زيارة أمين الله هي الفضلى ثم أخذ يزورها بها قائلاً : السَّلام عَلَيْكُما يا أمِينَي الله فِي أَرْضِهِ وَحُجَّتَيْهِ عَلى عِبادِهِ. الخ. وأججت حينئذ مصابيح الحرم الشريف فشاهدت الشموع لا تؤثر ضياءً في تلك البقعة الشريفة فكأنها مشرقه بنور الشمس والشموع تبدوكما لو أججت في وضح النهار هذا وأنا ذاهل عن هذه الآيات فلا أنتبه إليها. فلمّا انتهى من الزيارة دار من سمت الرجل إلى خلف القبر الشريف فوقف في الجانب الشرقي وقال : هل تزور جدي الحسين عليه‌السلام. قلت : نعم أزوره عليه‌السلام فهذه ليلة الجمعة فزاره عليه‌السلام بزيارة وارث وانتهى المؤذن حينئذ من أذان المغرب فقال لي صاحبي صلّ والتحق بالجماعة فأتى المسجد الواقع خلف القبر الشريف وقد أقيمت هناك صلاة الجماعة ووقف هو منفرداً إلى يمين الإمام محاذيا له أما أنا فوجدت مكاناً في الصف الأول ووقفت هناك مصلياً مع الجماعة فلما فرغت من الصلاة لم أجد صاحبي فخرجت من المسجد وفتشت عنه الحرم الشريف فلم أجده وكنت أنوى أن أبذل له عدّة قرانات وأستضيفه تلك الليلة وإذا أنا أفيق من غفلتي وأنتبه فأشخص السيد الذي صحبني فتتوإلى في خاطري الآيات والمعجزات التي مرّت بي فقد انقادت له نفسي فعدت معه إلى الكاظمين عليه‌السلام غير مبالٍ بما كان يصدّني عن ذلك من الأمر الهام في بغداد وقد دعاني باسمي ولم أكن قد رأيته من قبل وقد عبّر بكلمة الموالين لنا. وقال أيضاً : أنا أشهد لك وقد أبدى لي النهر الجاري والأشجار المثمرة في غير مواسمها فهذه الشواهد الواضحة وغيرها ممّا شاهدت تورث لي القطع واليقين بأنّه هو الإمام المهدي عليه‌السلام ولا سيّما أنّه سألني هل تعرف إمام زمانك قلت : نعم. فقال سلّم عليه.

٥٨٩

فلمّا سلّمت تبسم وردّ هو عليّ السلام ، ثم أتيت حافظ الأحذية وسألته عن صاحبي فأجاب قد خرج وسألني أكان هو صاحبك؟ قلت : نعم. ثم أويت إلى البيت الذي كنت أحلّ بها ضيفاً فبت فيه ليلتي فلمّا أصبح الصباح توجّهت إلى حضرة الشيخ محمد حسن وقصصت له قصتي فوضع يده على فيه ونهاني عن إفشاء القصّة وقال لي : وفقك الله. فكنت أكتمها ولا أنبي بها احداً. وبعد شهر من حدوثها شاهدت يوماً في الحرم الطاهر سيداً جليلاً يدنو مني ويسألني ماذا حدث لك ويلمح إلى القصّة فأنكرتها قائلا : لم يحدث لي شي فأعاد عليّ كلامه فاشتّد إنكاري لها ثم غاب عن بصري ولم أعد أره بعد. انتهى (١).

المطلب الثاني

في الذهاب إلى المسجد الشريف مسجد براثاً والصلاة فيه ..

اعلم أن جامع براثاً من المساجد المعروفة والمباركة وهو واقع على الطريق بين الكاظمية وبغداد على الطريق الذي يسلكه الوافدون لزيارة الاعتاب المقدسة في العراق من دون مبالاة بالمسجد الذي يمرّون عليه على ما روي له من الفضل والشرف الرفيع.

قال الحموي وهو من مؤرخي سنة ستمائة في كتابه (معجم البلدان) : براثاً محلّة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول وكان لها جامع مفرد تصلّي فيه الشيعة وقد خربت عن آخرها. وقال : كانت الشيعة قبل الراضي باللهِ ، والخليفة العبّاسي يجتمع فيه قوم منهم يسبّون الصحابة فكبسه الراضي بالله وأخذ من وجده فيه وحبسهم وهدمه حتى سوى به الأرض وأنهى الشيعة خبره إلى حكم الماكاني أمير الأمراء ببغداد فأمر بإعادة بنائه وتوسيعه وإحكامه وكتب في صدره اسم الراضي ولم تزل الصلاة تقام فيه إلى بعد الخمسين وأربعمائة ثم تعطلت إلى الان وكانت براثاً قبل بناء بغداد قريه يزعمون أنّ علياً عليه‌السلام مرّ بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور وأنّه دخل حمّاما كان في هذه القرية وينسب إلى براثاً هذه أبو شعيب البراثي العابد كان أول من سكن براثاً في كوخٍ يتعبد فيه فمرّت بكوخه جارية من أبناء الكتاب الكبار وأبناء الدنيا كانت ربيت في القصور فنظرت إلى أبي شعيب فاستحسنت حاله وما كان عليه فصارت كالأسير له فجاءت إلى أبى شعيب وقالت : أريد أن

_________________

١ ـ النجم الثاقب للنوري : ٢٧١ في الحكاية ٣١ من باب ٧.

٥٩٠

أكون لك خادمة. فقال لها : إن أردت ذلك فتعرّي من هيئتك وتجرّدي عمّا أنت فيه حتى تصلحي لما أردت. فتجرّدت (السعيدة) عن كلّ ما تملكه ولبست لبسة النسّاك ، وحضرته فتزوّجها فلما دخلت الكوخ رأت قطعة خصاف كانت في مجلس أبي شعيب تقيه من النّدى فقالت : ما أنا بمقيمة عندك حتى تخرج الخصاف لانّي سمعتك تقول : إن الأرض تقول : يا بن آدم تجعل بيني وبينك حجاباً وأنت غداً في بطني؟ فرماها أبو شعيب ومكثت عنده سنين يتعبّدان أحسن العبادة وتوفيا على ذلك (١).

أقول : قد حدثنا في كتاب (هدية الزائر) في فضل هذا المسجد الشريف وقلنا هناك إنّ لهذا المسجد كما يبدو من مجموع هذه الأحاديث فضائل عديدة تكفي إحداها لو حازها مسجد من المساجد أن تُشد إليه الرحال وتطوى المراحل ابتغاء رضوان الله بالصلاة فيه والدّعاء : الأولى : إنّ الله تعالى أقرّ أن لا ينزله بجيشه إِلاّ نبي أو وصي نبي. الثانية : إنه بيت مريم. الثالثة : إنه أرض عيسى عليه‌السلام. الرابعة : إن فيه العين التي نبعت لمريم. الخامسة : إن أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ، أبان تلك العين بإعحازه. السادسة : أن فيه صخرة بيضاء مباركة عليها وضعت مريم عيسى عليه‌السلام من عاتقها. السابعة : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كشف باعجازه عن تلك الصخرة فنصبها إلى القبلة وصلّى إليها. الثامنة : صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام وابنيه الحسن المجتبى وسيد الشهداء عليه‌السلام فيه. التاسعة : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام أقام هناك أربعة أيام. العاشرة : إنّه صلى فيه الأنبياء لا سيّما النبي خليل الرحمن عليه‌السلام. الحادية عشرة : إن هناك قبر نبي من الأنبياء ولعلّه يوشع عليه‌السلام فقد قال الشيخ (رحمة الله عليه) إنّ قبره في الفسحة المقابلة لمسجد براثا. الثانية عشرة : إنّ فيه قد ردت الشمس لأمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

والغريب أنّ المسجد بما له من الفضل والشرف الرفيع وبما بداً فيه من الآيات الإلهية والمعجزات الحيدرية قد عفاه معظم الوافدين لزيارة الاعتاب المقدسة في العراق وهو لم يكن في ناحية منعزلة وإنّما هو واقع على طريقهم الذي يجتازونه مراراً عديدة فلم يعهد أن يؤمه فرد واحد من كل ألف من الزوار وقد يتفق أنّ زائراً من الزوار يتوجه إليه متوخيا عظيم فضل الله فيه فإذا وافاه والباب مغلق فاقتضى فتح الباب أن يبذل نزراً يسيراً من المال تماسك عنه وتضايق وأغمض عن عظيم الاجر وهو لايحجم عن بذل الجزيل لمشاهدة مدينه بغداد

_________________

١ ـ معجم البلدان ١ / ٣٦٢ في مادّة براثا.

٢ ـ انظر البحار ١٤ / ٢٥٢ وج ٥٢ / ٢١٨ وج ١٠٢ / ٢٦ ـ ٣٠.

٥٩١

وصروح الجبابرة فيها فضلاً عن المبالغ الطائلة التي ينفقها في فضول المعاش وفي التعامل مع يهود بغداد على أمتعتهم النَّحسة النجسة التي صار ابت يا عها كالجز المكمِّل لزيارة معظم الزّائرين والله المستعان.

المطلب الثالث

في زيارة النواب الأربعة

وهم أبو عمرو عثمان بن سعيد الأسدي ، وأبو جعفر محمد بن عثمان ، والشيخ أبو القاسم حسين بن روح النوبختي ، والشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري رضي‌الله‌عنهم.

إعلم أنّ من وظائف الوافدين لزيارة الاعتاب المقدسة في العراق أثناء إقامتهم في مدينة الكاظمين عليه‌السلام الطيبة هو التوجه إلى بغداد لزيارة هؤُلاءِ النواب الأربعة الذين نابوا عن الحجّة المنتظر إمام العصر صلوات الله عليه وزيارة قبورهم لا يتطلب من الزائر بذل كثير من الجهد فهي مجتمعة في بغداد غير بعيدة عن الوافدين من الزوّار ، وهي لو كانت منتشرة في أقاصي البلاد لكان يحقّ أن تشدّ إليها الرحال ويطوى في سبيلها المسافات الشاسعة ويتحمّل متاعب السفر وشدائده لنيل ما في زيارة كل منها من الاجر العظيم والثواب الجزيل وهم قد فاقوا جميع أصحاب الأئمة عليهم‌السلام وخواصهم مرتبة وفضلاً وفازوا بالنيابة عن الإمام عليه‌السلام وسفارته والوساطة بينه وبين الرعيّة خلال سبعين سنه وقد جرى على أيديهم كرامات كثيرة وخوارق لا تحصى ويعزى إلى بعض العلماء القول بعصمتهم ، وغير خفي أنّهم في مماتهم أيضاً وسائط فمن اللازم أن يبلغ الإمام عليه‌السلام ماتكتب في الحاجات والشدائد من الرقاع عن طريقهم وبوسيلتهم كما عرف في محله. والخلاصة أن عظيم فضلهم ومنزلتهم مما لايحدّه البيان وحسبنا ما ذكرناه ترغيباً إلى زيارتهم.

وأما صفة زيارتهم فهي كما ذكرها الطوسي (رض) في التهذيب والسيّد ابن طاووس (رض) في مصباح الزائر مسنداً إلى أبي القاسم حسين بن روح (رض) حَيث قال في صفة زيارتهم يسلّم على رسول الله وعلى أمير المؤمنين بعده وعلى خديجة الكبرى وعلى فاطمة الزهراء وعلى الحسن والحسين وعلى الأئمة عليهم‌السلام إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه ثم تقول : السَّلامُ عَلَيكَ يا فُلانَ بْنَ فُلانٍ ، وتذكر اسم صاحب القبر واسم أبيه : أَشْهَدُ أَنَّكَ بابُ المَوْلى أَدَّيْتَ عَنْهُ وَأَدَّيْتَ

٥٩٢

إِلَيْهِ ماخالَفْتَهُ وَلا خالَفْتَ عَلَيْهِ قُمْتَ خاصاً وَانْصَرَفْتَ سابِقاً جِئْتُكَ عارِفاً بِالحَقِّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ وَأَنَّكَ ماخِنْتَ فِي التَأْدِيَةِ وَالسَّفارَةِ. السَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ بابٍ ما أَوْسَعَهُ (١) وَمِنْ سَفِيرٍ ما آمَنَكَ وَمِنْ ثِقَةٍ ما امْكَنَكَ! أَشْهَدُ أَنَّ الله اخْتَصَّكَ بِنُورِهِ حَتّى عايَنْتَ الشَخْصَ فَأَدَّيْتَ عَنْهُ وَأَدَّيْتَ إِلَيْهِ. ثم ترجع فتبتدي بالسلام على رسول الله إلى صاحب الزمان عليه‌السلام ثم تقول : جِئْتُكَ مُخْلصاً بِتَوْحِيدِ الله وَمُوالاةِ أَوْلِيائِهِ وَالبَرائةِ مِنْ أَعدائِهِمُ (٢) وَمِنَ الَّذِينَ خالَفُوكَ يا حُجَّةَ المَوْلى وَبِكَ إِلَيْهِمْ (٣) تَوَجُّهِي وَبِهِمْ إِلى الله (٤) تَوَسُّلِي.

ثم تدعو وتسأل الله ما تحب تُجَبْ إن شاء الله (٥) :

أقول : وينبغي أيضاً أن يزار في بغداد الشيخ الأجل الأفخم ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني عطّر الله مرقده ، وقد كان زعيم الشيعة وأوثقهم وأثبتهم في الحديث وقد صنّف كتاب (الكافي) في خلال عشرين سنة وهو الكتاب القيّم الذي تقر به عيون الشيعة وهو منّة منّ بها على الشيعة ولا سيّما رجال الدين منهم وعدّه ابن الأثير مجدّد مذهب الإمامية في بد القرن الثالث بعدما عدّ مولانا ثامن الأئمة صلوات الله عليه مجدّداً للمذهب في القرن الثاني. ونحن قد عددنا في كتاب (هدية الزائر) أغلب العلماء المدفونين في المشاهد الشريفة فليرجع إليه من شاء.

المطلب الرابع

في زيارة سلمان قدس‌سره

إعلم أن من وظائف الزوار في مدينة الكاظمين التوجه إلى المدائن لزيارة عبد الله الصالح سلمان المحمدي (رضوان الله عليه) ، وهو أوّل الأركان الأربعة وقد خصّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : «سلمان منّا أهل البيت» (٦) ، فجعله في زمرة أهل بيت النبوّة والعصمة.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً في فضله :

_________________

١ ـ ما اوسعك : خ.

٢ ـ أعدائه : خ.

٣ ـ وبك اللّهمّ ـ خ ـ.

٤ ـ اليك ـ خ ـ.

٥ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ١١٨ ، مصباح الزائر : ٥١٤.

٦ ـ عيون اخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ٧٠ باب ٣١ ح ٢٨٢.

٥٩٣

سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد سلمان منا أهل البيت يمنح الحكمة ويؤتى البرهان (١).

وشبهه أمير المؤمنين عليه‌السلام بلقمان الحكيم (٢) ، بل عدّه الصادق عليه‌السلام أفضل منه ، وعدّه الباقر عليه‌السلام من المتوسّمين (٣). ويستفاد من الأحاديث أنّه كان يعرف الاسم الأعظم (٤) وأنّه كان من المحدَّثين (٥) ـ بفتح الدال ـ وأنّ للايمان عشرة مراتب وهو قد نال المرتبة العاشرة (٦) ، وأنه كان يعلم الغيب والمنايا (٧) وأنّه كان قد أكل وهو في الدنيا من تحف الجنة (٨) وأن الجنة كانت تشتاق إليه وتعشقه (٩) وأنّه كان يحبّه الله ورسوله (١٠) وأن الله تعالى قد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بحب أربعة كان سلمان أحدهم (١١) ، وأنه قد نزل في الثناء عليه وعلى أقرانه آيات من القرآن الكريم (١٢) وأنّ جبرائيل كان إذا هبط على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمره ان يبلغ سلمان سلاما عن الله تعالى ويطلعه على علم المنايا والبلايا والأنساب (١٣) وأنه كان له ليلاً مجلس يخلو (١٤) فيه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام قد علّماه من علم الله المخزون المكنون مالا يطيق حمله سواه وأنه قد بلغ مبلغا شهد في حقه الصادق عليه‌السلام قائلاً :

أدرك سلمان العلم الأول والعلم الآخِر وهو بحر لا ينزح وهو منّا أهل البيت (١٥).

وحسب الزائر ترغيباً في زيارته التأمل في اختصاص سلمان وانفراده بين الصحابة والامّة بمنقبة عظيمة هي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام طوى المسافة بين المدينة والمدائن في ليلة واحدة فحضر جنازته وباشر بنفسه غسله وتكفينه ثم صلّى عليه بصفوف من الملائكة فعاد إلى المدينة في ليلته (١٦). فيا له من الشرف الرفيع ولاُ آل الرسول وحبّهم حيث يبلغ به المر مثل هذه الدرجة الرفيعة والمرتبة السامية.

_________________

١ ـ الاختصاص للمفيد : ٣٤١.

٢ ـ البحار ٢٢ / ٣٩١ عن ابن ابي الحديد.

٣ ـ رجال الكشي ١ / ٥٦ رقم ٢٨.

٤ ـ رجال الكشي ١ / ٥٦ رقم ٢٩.

٥ ـ أمالي الطوسي : المجلس ١٤ ، ح ٦٢.

٦ ـ روضة الواعظين ٢ / ٥٤ رقم ٦٣٥.

٧ ـ الاختصاص للمفيد : ٢٢٢ ، ذيل حديث.

٨ ـ انظر الدرجات الرفيعة : ٢١٧.

٩ ـ الخصال ١ / ٣٠٣ ح ٨٠ باب الخمسة.

١٠ ـ الاختصاص للمفيد : ٢٢٢ ، ذيل حديث مفصّل.

١١ ـ الخصال للصدوق ١ / ٢٥٣ ح ١٢٦ باب الاربعة.

١٢ ـ تفسير القمي ٢ / ٣٠١ ذيل آية ٣ من سورة محمّد.

١٣ ـ الاختصاص للمفيد : ٢٢٢ ، ذيل حديث مفصّل.

١٤ ـ البحار ٢٢ / ٣٩١ عن ابن ابي الحديد.

١٥ ـ رجال الكشي ١ / ٥٢ رقم ٢٥.

١٦ ـ المناقب لابن شهر آشوب ٢ / ٣٣٧.

٥٩٤

وأما في صفة زيارته : فاعلم أن السيّد ابن طاووس قد ذكر له في مصباح الزائر أربع زيارات ونحن نقتصر هنا بالأولى من تلك الزيارات وقد أثبتنا الزيارة الرابعة منها في كتاب الهداية وقد أوردها الشيخ أيضاً في التهذيب (١).

فإذا شئت زيارته فقف على قبره مستقبلاً القبلة وقل :

السَّلامُ عَلى رَسُولِ الله مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله خاتَمِ النَّبِيِّينَ السَّلام عَلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ السَّلام عَلى الأَئِمَّةِ المَعْصُومِينَ الرَّاشِدِينَ السَّلام عَلى المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صاحِبَ رَسُولِ الله الاَمِينَ (٢) السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُودَعَ أَسْرارِ السَّادَةِ المَيامِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا بَقِيَّةَ الله مِنَ البَرَرَةِ الماضِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ الله وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. أَشْهَدُ أَنَّكَ أَطَعْتَ الله كَما أَمَرَكَ ، وَاتَّبَعْتَ الرَّسُولَ كَما نَدَبَكَ وَتَوَلَّيْتَ خَلِيفَتَهُ كَما أَلْزَمَكَ وَدَعَوْتَ إِلى الاِهْتِمامِ بِذُرِّيَّتِهِ كَما وَقَفَكَ (٣) وَعَلِمْتَ الحَقَّ يَقِيناً وَاعْتَمَدْتَهُ كَما أَمَرَكَ أَشْهَدُ (٤) أَنَّكَ بابُ وَصِيِّ المُصْطَفى وَطَرِيقُ حُجّةِ الله المُرْتَضى وَأَمِينُ الله فِيما اسْتُودِعْتَ مِنْ عُلُومِ الأصْفِياء ، أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ النُّجَباء المُخْتارِينَ لِنُصْرَةِ الوَصِيِّ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ صاحِبُ العاشِرَةِ وَالبَراهِينِ وَالدَّلائِلِ القاهِرَةِ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَأَدَّيْتَ الاَمانَةَ وَنَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَصَبَرْتَ عَلى الاَذى فِي جَنْبِهِ حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ. لَعَنَ الله مَنْ جَحَدَكَ حَقَّكَ وَحَطَّ مِنْ قَدْرِكَ لَعَنَ الله مَنْ آذاكَ فِي مَوالِيكَ لَعَنَ الله مَنْ أَعْنَتَكَ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ (٥) لَعَنَ الله مَنْ لامَكَ فِي ساداتِكَ لَعَنَ الله عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَضاعَفَ عَلَيْهِمْ العَذابَ الاَلِيمَ. صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ الله صَلّى الله عَلَيْكَ يا

_________________

١ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ١١٨.

٢ ـ الأمين ـ خ ـ.

٣ ـ وفّقك ـ خ ـ.

٤ ـ أشهد ـ خ ـ.

٥ ـ نبيّك ـ خ ل ـ.

٥٩٥

صاحِبَ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَعَلَيْكَ يا مَوْلى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَصَلّى الله عَلى رُوحِكَ الطَّيِّبَةِ وَجَسَدِكَ الطَّاهِرِ ، وَأَلْحَقَنا بِمَنِّهِ وَرَأْفَتِهِ إذا تَوَفّانا بِكَ وَبِمَحَلِّ السَّادَةِ المَيامِينَ وَجَمَعَنا مَعَهُمْ بِجِوارِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ الله وَصَلّى الله عَلى إِخْوانِكَ الشِّيْعَةِ البَرَرَةِ مِنَ السَّلَفِ المَيامِينَ وَأَدْخَلَ الرَّوحَ وَالرِّضْوانَ عَلى الخَلَفِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَأَلْحَقَنا وَإِيّاهُمْ بِمَنْ تَوَلا هُ مِنَ العِتْرَةِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَيْكَ وَعَلَيْهِمُ السَّلام وَرَحمَةُ الله بَرَكاتُهُ. ثم اقرأ (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) سبع مرات ثم صلّي مندوباً ما بداً لك (١).

أقول : فإذا عزمت على الانصراف من زيارته فقف عليه مودعاً وقل ما ذيل به السيد زيارته الرابعة وهو :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ الله أَنْتَ بابُ الله المُؤْتى مِنْهُ وَالمَأْخُوذُ عَنْهُ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُلْتَ حَقّاً وَنَطَقْتَ صِدْقاً وَدَعَوْتَ إِلى مَوْلايَ وَمَوْلاكَ عَلانِيَّةً وَسِرّاً ، أَتَيْتُكَ زائِراً وَحاجاتِي لَكَ مُسْتَوْدِعاً وَها أَنا ذا مُوَدِّعُكَ أَسْتَوْدِعُكَ دِينِي وَأَمانَتِي وَخَواتِيمَ عَمَلِي وَجَوامِعَ أَمَلِي إِلى مُنْتَهى أَجَلِي ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ وصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الاَخْيارِ. ثم ادع كَثِيراً وانصرف (٢).

أقول : إذا فرغ الزائر من زيارة سلمان (رضي الله تعالى عنه) فعليه وظيفتان :

الأولى : الصلاة ركعتين أو أكثر عند طاق كسرى فقد صلى هناك أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) روي عن عمّار الساباطي قال : قدم أمير المؤمنين عليه‌السلام المدائن ونزل إيوان كسرى وكان معه دلف بن بحير فلما صلّى قام وقال لدلف : قم معي وكان معه جماعة من أهل ساباط فما زال يطوف منازل كسرى ، ويقول لدلف كان لكسرى في هذا المكان كذا وكذا ويقول دلف هو والله كذا حتى طاف المواضع بجميع من كان عنده ودلف يقول : يا سيّدي ومولاي كأنك وضعت هذه الأشياء في

_________________

١ ـ مصباح الزائر : ٥٠٥ ـ ٥٠٦.

٢ ـ مصباح الزائر : ٥١١.

٣ ـ ربيع الابرار ١ / ٣٢٥.

٥٩٦

هذه المساكن (١). وروي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام مرّ على المدائن فلمّا رأى آثار كسرى قال رجل ممّن معه :

جَرَتِ الرِّياحُ عَلى رُسُومِ دِيارِهِم

فَكَأَنَّهُمْ كانُوا عَلى مِيعادِ

فقال عليه‌السلام : أفلا قلت : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنِعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فَما بَكَتْ عَليْهِمْ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) (٢). ثم قال عليه‌السلام : إن هؤُلاءِ كانوا وارثين فأصبحوا موروثين لَم يشكروا النعمة فسلبوا دنياهم بالمعصية إياكم وكفر النعم لا تحل بكم النقم (٣).

الثانية : ان يزور حذيفة بن اليمان وهو من كبار صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن خواص أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان في الصحابة يمتاز بمعرفة المنافقين ومعرفة أسمائهم وكان الخليفة الثاني لا يصلي على جنازة لم يحضرها حذيفة بن اليمان وكان حذيفة واليا على المدائن سنين عديدة ثم عزله وأقرّ سلمان في مقامه فلما توفّي عاد حذيفة والياً (٤) على المدائن واستمرّ عليها حتى عادت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأصدر عليه‌السلام من المدينة مرسومه الملكي إلى حذيفة وإلى أهل المدائن ينبي باستقرار الأمر له ويعيّن حذيفة واليا ولكن حذيفة مات في المدائن ودفن هناك قبلما يحل أمير المؤمنين عليه‌السلام بجيشه بالكوفة بعد مغادرته المدينة إلى البصرة دفعاً لشر أصحاب الجمل (٥).

عن أبي حمزة الثمالي قال : دعا حذيفة بن اليماني ابنه عند موته فأوصى إليه وقال : يا بني أظهر اليأس عمّا في أيدي الناس فإنّ فيه الغنى ، وإيّاك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر ، وكن اليوم خيراً منك أمس وإذا أنت صلّيت فصلِّ صلاة مودّع للدنيا كأنّك لاترجع وإيّاك وما يعتذر منه (٦).

واعلم أن إلى جانب مرقد سلمان يقع المسجد الجامع للمدائن وهو منسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، ولم يعرف سبب النسبة فهل هو عليه‌السلام قد أمر ببنائه أم أنّه صلى فيه ، فلا تجعل نفسك محروماً من فضيلة الصلاة فيه ركعتين.

_________________

١ ـ مستدرك الوسائل ٣ / ٤٨٨ عن ابن شاذان في الفضائل.

٢ ـ الدخان : ٤٤ / ٢٥ ـ ٢٩.

٣ ـ وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ١٤٢.

٤ ـ البحار ٢٨ / ٨٧.

٥ ـ البحار ٢٨ / ٩٤.

٦ ـ أمالي الصدوق : ٤٠١ ، المجلس ٥٢ ، ح ١٢.

٥٩٧

الفصل التاسع

في فضل زيارة إمام الإنس والجن المدفون بأرض الغربة

بضعة سيد الورى مولانا أبي الحسن علي بن موسى

الرضا صَلَوات الله وسَلامَهُ عَلَيه وَعَلى آبائِه وأولادَهُ أئمة الهدى.

وفي كيفية زيارته وفضيلتها أكثر من أن يحصى

ونحن هنا نتبرك بذكر عدّة أحاديث ننقل أكثرها عن تحفة الزائر :

الأول : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ستدفن بضعة منّي بخراسان مازارها مؤمن إِلاّ أوجب الله له الجنة وحرّم جسده على النار (١). وقال في حديث معتبر آخر : ستدفن بضعة مني بخراسان مازارها مكروب إِلاّ نفس الله كربته ولا مذنب إِلاّ غفر الله ذنوبه (٢).

الثاني : روي بسند معتبر عن موسى بن جعفر صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : من زار قبر ولدي علي عليه‌السلام كان له عند الله عزَّ وجلَّ سبعون حجّة مبرورة. قال الراوي مستبعداً سبعين حجة مبرورة؟ قال : نعم سبعين ألف حجة. قال : سبعين ألف حجة؟ قال : رُبّ حجة لاتقبل من زاره أو بات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه. قلت : كمن زار الله في عرشه؟ قال : نعم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله عزَّ وجلَّ أربعة من الأوّلِينَ وأربعة من الآخِرين ، فأما الأوّلون فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليه‌السلام ، وأما الأربعة الآخِرون فمحمّد وعليّ والحسن والحسين عليه‌السلام ثم يمد المطمار فيقعد معنا زوّار قبور الأئمة ألا وإنّ أعلاهم درجة وأوفرهم حبوة زوّار قبر ولدي علي عليه‌السلام (٣).

الثالث : روي عن الإمام الرضا عليه‌السلام قال : إنّ في خراسان بقعة سيأتي عليها زمان تكون مختلف الملائكة لا تزال تهبط فيها فوج من الملائكة وتصعد فوج ، حتى ينفخ في الصور. فقالوا : يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما هي البقعة؟ قال : هي بأرض طوس ، وإنّها والله روضة من رياض الجنّة من زارني فيها كان كما لو زار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتب الله له بذلك ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة (٤).

_________________

١ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٨٥ ح ٤ من باب ٦٦.

٢ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٨٨ ح ١٤ من باب ٦٦.

٣ ـ الكافي ٤ / ٥٨٥.

٤ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٨٦ ح ٥ من باب ٦٦.

٥٩٨

الرابع : بأسانيد صحاح عن ابن أبي نصر قال : قرأت كتاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند الله عزَّ وجلَّ ألف حجّة. فرويت الحديث عند الإمام محمد التقي صلوات الله عليه ، قال : إي والله ألف ألف حجّة لمن زاره عارفاً بحقه (١).

الخامس : روي بسندين معتبرين عن الرضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلصه من أهوالها : إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالاً ، وعند الصراط ، وعند الميزان (٢).

السادس : قال أيضاً في حديث معتبر آخر : إنّي سأقتل مسموماً مظلوماً وأقبر إلى جنب هارون ويجعل الله عزَّ وجلَّ تربتي مختلف شيعتي فمن زارني في غربتي وجبت له زيارتي يوم القيامة. والذي أكرم محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوّة واصطفاه على جميع الخليقة لايصلّي أحد منكم عند قبري ركعتين إِلاّ استحق المغفرة من الله عزَّ وجلَّ يوم يلقاه. والذي أكرمنا بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإمامة وخصّنا بالوصيّة إن زوّار قبري لاكرم الوفود على الله يوم القيامة ومامن مؤمن يزورني فتصيب وجهه قطرة من السماء إِلاّ حرَّم الله جسده على النار (٣).

السابع : بسند معتبر عن محمد بن سليمان أنّه سأل الإمام محمد التقي (صلوات الله وسلامه عليه) عن رجل حجّ حجّة الإسلام فدخل متمتعاً بالعمرة إلى الحج فاعانه الله تعالى على حجّه وعمرة ، ثم اتى إلى المدينة فسلّم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أتى أباك أمير المؤمنين عليه‌السلام عارفاً بحقه يعلم أنّه حجّة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه فسلّم عليه ثم اتى أبا عبد الله عليه‌السلام فسلم عليه ثم أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى عليه‌السلام ثم انصرف إلى بلاده فلما كان في هذا الوقت رزقه الله تعالى مايحجّ به فأيهما أفضل هذا الذي حجّ حجّة الإسلام يرجع أيضاً فيحج أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام فيسلم عليه؟ قال : بل يأتي خراسان فيسلّم على أبي أفضل. وليكن ذلك في رجب ولا ينبغي أن تفعلوا هذا اليوم فإنّ علينا وعليكم من السلطان شنعة (٤).

الثامن : روى الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن الإمام محمد التقي عليه‌السلام قال : إن بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النار (٥).

_________________

١ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٨٧ ح ١٠ من باب ٦٦.

٢ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٨٥ ح ٢ من باب ٦٦.

٣ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٤٨ ح ١ من باب ٥٢.

٤ ـ عيون اخبار الرضا ٢ / ٢٨٩ ح ١٥ من باب ٦٦.

٥ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ / ٥٨٣ ح ٣١٨٥.

٥٩٩

التاسع : وروي عنه عليه‌السلام قال : ضمنت لمن زار أبي بطوس عارفاً بحقه الجنة على الله تعالى (١).

العاشر : روى الصدوق في (عيون أخبار الرضا عليه‌السلام) عن رجل من الصالحين أنّه رأى في المنام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا رسول الله أيّا من أبنائك أزور؟ قال : بعضهم وفدوا عليّ مسموماً وبعضهم وفدوا مقتولاً. فقال : أيّهم أزور مع تفرق مشاهدهم؟ قال : زر أقربهم إليك وهو مدفون بأرض الغربة. قلت : يا رسول الله تعني بذلك الرضا عليه‌السلام. قال : قل صلى الله عليه قل صلى الله عليه قل صلى الله عليه ـ قالها ثلاثاً ـ (٢).

أقول : قد عقد في كتاب الوسائل وكتاب المستدرك أبواباً في استحباب التبرّك بمشهد الرضا ومشاهد الأئمة عليهم‌السلام واستحباب اختيار زيارة الرضا على زيارة الحسين عليه‌السلام وعلى زيارة كل من الأئمة عليهم‌السلام وعلى الحجّ المندوب والعمرة المندوبة. ولما كان هذا الكتاب لا يسع التطويل فقد اكتفينا بهذه العشرة الكاملة من الاخبار.

وأما كيفية زيارته عليه‌السلام :

فاعلم أنه قد ذكر له زيارات عديدة والمشهورة منها ما وردت في الكتب المعتبرة ونسبت إلى الشيخ الجليل محمد بن الحسن بن الوليد وهو من مشايخ الصدوق (رض) ويظهر من مزار ابن قولويه أنها مروية عن الأئمة عليهم‌السلام وكيفيتها على ما يوافق كتاب من لا يحضره الفقيه أنّك إذا أردت زيارة قبر الرضا عليه‌السلام بطوس فاغتسل قبلما تخرج من الدار وقل وأنت تغتسل : اللّهُمَّ طَهِّرْنِي وَطَهِّرْ لِي قَلْبِي وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي وَأَجْرِ عَلى لِسانِي مِدْحَتَكَ وَالثَّناءَ عَلَيْكَ فَإِنَّهُ لاقُوَّةَ إِلاّ بِكَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي طَهُوراً وَشِفاءً.

وقل وأنت تخرج : بِسْمِ الله وَبِالله وَإِلى الله وَإِلى ابْنِ رَسُولِ الله حَسْبِيَ الله تَوَكَّلْتُ عَلى اللهِ ، اللّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَإِلَيْكَ قَصَدْتُ وَماعِنْدَكَ أَرَدْتُ.

فإذا خرجت فقف على باب دارك وقل : اللّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي وَعَلَيْكَ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَمالِي وَما خَوَّلْتَنِي وَبِكَ وَثِقْتُ فَلاتُخَيِّبْنِي ، يا مَنْ لايُخَيِّبُ مَنْ أَرادَهُ وَلايُضَيِّعُ مَنْ

_________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ٢ / ٥٨٣ ح ٣١٨٦.

٢ ـ عيون اخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣ ح ٥ من باب ٦٩.

٦٠٠