مفاتيح الجنان

الشيخ عباس القمي

مفاتيح الجنان

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤

يا غَفَّارُ يا سَتَّارُ نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ وَفَضِيحَةَ العارِ إذا امْتازَ الأخْيارُ مِنَ الأَشْرارِ وَحالَتْ الأَحْوالِ وَهالَتِ الأَهْوالِ وَقَرُبَ المُحْسِنونَ وَبَعُدَ المُسِيئُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ماكَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.

الرابعة : مناجاة الراجين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا مَنْ إِذا سَأَلَهُ عَبْدٌ أَعْطاهُ وَإِذا أَمَّلَ ماعِنْدَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ وَإذا أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَرَّبَهُ وَأَدْناهُ وَإِذا جاهَرَهُ بِالعِصْيانِ سَتَرَ عَلى ذَنْبِهِ وَغَطَّاهُ وَإِذا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَبَهُ وَكَفاهُ ، إِلهِي مَنِ الَّذِي نَزَلَ بِكَ مُلْتَمِساً قِراكَ فَما قَرَيْتَهُ وَمَنِ الَّذِي أَناخَ بِبابِكَ مُرْتَجِياً نَداكَ فَما أَوْلَيْتَهُ؟ أَيَحْسُنُ أَنْ أَرْجِعَ عَنْ بابِكَ بالْخَيْبَةِ مَصْرُوفاً وَلَسْتُ أَعْرِفُ سِواكَ مَوْلىً بِالاِحْسانِ مَوْصُوفاً؟ كَيْفَ أَرْجُو غَيْرَكَ وَالخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ وَكَيْفَ أُؤَمِّلُ سِواكَ وَالخَلْقُ وَالأَمْرُ لَكَ أَأَقْطَعُ رَجائِي مِنْكَ وَقَدْ أَوْلَيْتَنِي مالَمْ أَسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِكَ ، أَمْ تُفْقِرُنِي إِلى مِثْلِي وَأَنا أَعْتَصِمُ بِحَبْلِكَ؟! يا مَنْ سَعَدَ بِرَحْمَتِهِ القاصِدُونَ وَلَمْ يَشْقَ بِنِقْمَتِهِ المُسْتَغْفِرُونَ ، كَيْفَ أَنْساكَ وَلَمْ تَزَلْ ذاكِرِي وَكَيْفَ أَلْهُو عَنْكَ وَأَنْتَ مُراقِبِي؟ إِلهِي بِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ يَدِي وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ أَمَلِي ، فَأَخْلِصْنِي بِخالِصَةِ تَوْحِيدِكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ صَفْوَةِ عَبِيدِكَ ، يا مَنْ كُلُّ هارِبٍ إِلَيْهَ يَلْتَجِيُ وَكُلُّ طالِبٍ إيَّاهُ يَرْتَجِي يا خَيْرَ مَرْجُوٍّ وَيا أكْرَمَ مَدْعُوٍّ وَيا مَنْ لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ يا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعِيهِ وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجِيهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِكَرَمِكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ مِنْ عَطائِكَ بِما تَقِرُّ بِهِ عَيْنِي وَمِنْ رَجائِكَ بِما

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٣.

١٨١

تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسِي وَمِنَ اليَقِينِ بِما تُهَوِّنْ بِهِ عَلَيَّ مُصِيباتِ الدُّنْيا وَتَجْلُو بِهِ عَنْ بَصِيرَتِي غَشَواتِ العَمى بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

الخامسة : مناجاة الراغبين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي إِنْ كانَ قَلَّ زادِي فِي المَسِيرِ إِلَيْكَ فَلَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ وَإِنْ كانَ جُرْمِي قَدْ أَخافَنِي مِنْ عُقُوبَتِكَ فَإنَّ رَجائِي قَدْ أَشْعَرَنِي بِالأَمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ ، وَإِنْ كانَ ذَنْبِي قَدْ عَرَضَنِي لِعِقابِكَ فَقَدْ آذَنَنِي حُسْنُ ثِقَتِي بِثَوابِكَ ، وَإِنْ أَنامَتْنِي الغَفْلَةُ عَنْ الاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِي المَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَآلآئِكَ ، وَإِنْ أَوْحَشَ مابَيْنِي وَبَيْنَكَ فَرْطُ العِصْيانِ وَالطُّغْيانِ فَقَدْ آنَسَنِي بُشْرَى الغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ ، أَسْأَلُكَ بِسُبُحاتِ وَجْهِكَ وَبِأَنْوارِ قُدْسِكَ وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ بِعَواطِفِ رَحْمَتِكَ وَلَطائِفِ بِرِّكَ أَنْ تُحَقَّقَ ظَنِّي بِما أُؤَمِّلُهُ مِنْ جَزِيلِ إكْرامِكَ وَجَمِيلِ إنْعامِكَ فِي القُرْبى مِنْكَ والزُّلْفى لَدَيْكَ وَالتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ ، وَها أَنا مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحاتِ رَوْحِكَ وَعَطْفِكَ وَمُنْتَجِعٌ غَيْثَ جُودِكَ وَلُطْفِكَ فارُّ مِنْ سَخَطِكَ إِلى رِضاكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ راجٍ أحْسَنَ ما لَدَيْكَ مُعَوِّلٌ عَلى مَواهِبِكَ مُفْتَقِرٌ إِلى رِعايَتِكَ. إِلهِي مابَدَأْتَ بِهِ مِنْ فَضْلِكَ فَتَمَّمْهُ ، وَما وَهَبْتَ لِي مِنْ كَرَمِكَ فَلا تَسْلُبْهُ ، وَما سَتَرْتَهُ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ فَلا تَهْتِكْهُ ، وَما عَلِمْتَهُ مِنْ قَبِيحِ فِعْلِي فَاغْفِرْهُ ، إِلهِي اسْتَشْفَعْتُ بِكَ إِلَيْكَ وَاسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْكَ أَتَيْتُكَ طامِعاً فِي إحْسانِكَ راغِباً فِي امْتِنانِكَ مُسْتَسْقِياً وَابِلَ طَوْلِكَ مُسْتَمْطِراً غَمامَ فَضْلِكَ طالِباً مَرْضاتَكَ قاصِداً

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٤.

١٨٢

جَنابَكَ وَارِداً شَرِيعَةَ رِفْدِكَ مُلْتَمِساً سَنِيَّ الخَيْراتِ مِنْ عِنْدِكَ وَافِداً إِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ مُرِيداً وَجْهَكَ طارِقاً بابَكَ مُسْتَكِيناً بِعظَمَتِكَ وَجَلالِكَ ؛ فَافْعَلْ بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ مِنْ المَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلاتَفْعَلْ بِي ماأَنا أهْلُهُ مِنْ العَذابِ وَالنِّقْمَةِ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

السادسة : مناجاة الشاكرين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي أَذْهَلَنِي عَنْ إقامَةِ شُكْرِكَ تَتابُعُ طَوْلِكَ وَأَعْجَزَنِي عَنْ إحْصاءِ ثَنائِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ وَشَغَلَنِي عَنْ ذِكْرِ مَحامِدِكَ تَرادُفُ عَوائِدِكَ وَأَعْيانِي عَنْ نَشْرِ عَوارِفِكَ تَوالِي أيادِيكَ ، وَهذا مَقامُ مَنْ اعْتَرَفَ بَسِبُوغِ النَّعْماءِ وَقابَلَها بالتَّقْصِيرِ ، وَشَهِدَ عَلى نَفْسِهِ بِالامالِ وَالتَّضْيِيعِ وَأنْتَ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمِ البَرُّ الكَرِيمُ الَّذِي لا يُخَيِّبُ قاصِدِيهِ وَلا يَطْرُدُ عَنْ فِنائِهِ آمِلِيهِ بِساحَتِكَ تَحُطُّ رِحالُ الرَّاجِينَ وَبِعَرْصَتِكَ تَقِفُ آمالُ المُسْتَرْفِدِينَ فَلا تُقابِلْ آمالَنا بِالتَّخْيِيبِ وَالاياسِ ولا تُلْبِسْنا سِرْبالَ القُنُوطِ وَالابْلاسِ ، إِلهِي تَصاغَرَ عِنْدَ تَعاظُمِ آلائِكَ شُكْرِي وَتَضأَلَ فِي جَنْبِ إكْرامِكَ إيَّايَ ثَنائِي وَنَشْرِي جَلَّلَتْنِي نِعَمُكَ مِنْ أَنْوارِ الإيمانِ حُلَلاً وَضَرَبَتْ عَلَيَّ لَطائِفُ بِرِّكَ مِنَ العِزِّ كِلَلاً وَقَلَّدَتْنِي مِنَنُكَ قَلائِدَ لاتُحَلُّ وَطَوَّقَتْنِي أَطْواقا لاتُفَلُّ ، فآلاؤكَ جَمَّةٌ ضَعُفَ لِسانِي عَنْ إحْصائِها وَنَعْماؤكَ كَثِيرةٌ قَصُرَ فَهْمِي عَنْ إدْراكِها فَضْلاً عَنْ اسْتِقْصائِها فَكَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِ الشُّكْرِ وَشُكْرِي إِيَّاكَ يَفْتَقِرُ إِلى شُكْرٍ؟ فَكُلَّما قُلْتُ : لَكَ الحَمْدُ وَجَبَ

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٥.

١٨٣

عَلَيَّ لِذلِكَ أَنْ أَقُولَ : لَكَ الحَمْدُ. إِلهِي فَكَما غَذَّيْتَنا بِلُطْفِكَ وَرَبَّيْتَنا بِصُنْعِكَ فَتَمِّمْ عَلَيْنا سَوابِغَ النِّعَمِ وَادْفَعْ عَنَّا مَكارِهَ النِّقَمِ وَآتِنا مِنْ حُظُوظِ الدَّارَيْنِ أَرْفَعَها وَأَجَلَّها عاجِلاً وَآجِلاً ، وَلَكَ الحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَسُبُوغِ نَعمائِكَ حَمْداً يُوافِقُ رِضاكَ وَيَمْتَرِي العَظِيمَ مِنْ بِرِّكَ وَنَداكَ يا عَظِيمُ يا كَرِيمُ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

السابعة : مناجاة المطيعين للّه

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اللّهُمَّ أَلْهِمْنا طاعَتَكَ وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ مانَتَمَنَّى مِنْ ابْتِغاءِ رِضْوانِكَ وَأَحْلِلْنا بُحْبُوحَةِ جِنانِكَ وَاقْشَعْ عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الارْتِيابِ وَاكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا أَغْشِيَةَ المِرْيَةِ وَالحِجابِ وَأَزْهِقْ الباطِلَ عَنْ ضَمائِرِنا وَأَثْبِتِ الحَقَّ فِي سَرائِرِنا ، فَإنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الفِتَنِ وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ المَنائِحِ وَالمِنَنِ. اللّهُمَّ احْمِلْنا فِي سُفُنِ نَجاتِكَ وَمَتِّعْنا بِلَذِيذِ مُناجاتِكَ وَأَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ وَأَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ وَاجْعَلْ جِهادَنا فِيْكَ وَهَمَّنا فِي طاعَتِكَ وَأّخْلِصْ نِيَّاتِنا فِي مُعامَلَتِكَ ، فَإنَّا بِكَ وَلَكَ وَلا وَسِيلَةَ لَنا إِلَيْكَ إِلاّ أَنْتَ. إِلهِي اجْعَلْنِي مِنَ المُصْطَفَيْنِ الاخْيارِ ، وأَلْحِقْنِي بالصَّالِحِينَ الاَبْرارِ السَّابِقِينَ إِلى المَكْرُماتِ المُسارِعِينَ إِلى الخَيْراتِ العامِلِينَ لِلْباقِياتِ الصَّالِحاتِ الساعِينَ إِلى رَفِيعِ الدَّرَجاتِ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ وَبِالاجابَةِ جَدِيرٌ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢).

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٦.

٢ ـ البحار ٩٤ / ١٤٧.

١٨٤

الثامنة : مناجاة المريدين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سُبْحانَكَ ما أَضْيَقَ الطُّرُقَ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَلِيلَهُ وَما أَوْضَحَ الحَقَّ عِنْدَ مَنْ هَدَيْتَهُ سَبِيلَهُ ، إِلهِي فَاسْلُكْ بِنا سُبُلَ الوُصُولِ إِلَيْكَ وَسَيِّرْنا فِي أقْرَبِ الطُّرُقِ لِلْوُفُودِ عَلَيْكَ وَقَرِّبْ عَلَيْنا البَعِيدَ وَسَهِّلْ عَلَيْنا العَسِيرَ الشَّدِيدَ ، وَأَلْحِقْنا بِعِبادِكَ الَّذِينَ هُمْ بِالبِدارِ إِلَيْكَ يُسارِعُونَ وَبابَكَ عَلى الدَّوامِ يَطْرِقُونَ وَإيَّاكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ يَعْبُدُونَ وَهُمْ مِنْ هَيْبَتِكَ مُشْفِقُونَ ، الَّذِينَ صَفَّيْتَ لَهُمْ المَشارِبَ وَبَلَّغْتَهُمُ الرَّغائِبَ وَأَنْجَحْتَ لَهُمُ المَطالِبَ وَقَضَيْتَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ المَآرِبَ وَمَلاتَ لَهُمْ ضَمائِرَهُمْ مِنْ حُبِّكَ وَرَوَّيْتَهُمْ مِنْ صافِي شِرْبِكَ ؛ فَبِكَ إِلى لَذِيذِ مُناجاتِكَ وَصَلُوا وَمِنْكَ أَقْصى مَقاصِدِهِمْ حَصَلُوا. فَيا مَنْ هُوَ عَلى المُقْبِلِينَ عَلَيْهِ مُقْبِلٌ وَبِالعَطْفِ عَلَيْهِمْ عائِدٌ مُفْضِلٌ وَبالغافِلِينَ عَنْ ذِكْرِهِ رَحِيمٌ رَؤُوفٌ وَبِجَذْبِهِمْ إِلى بابِهِ وَدُودٌ عَطُوفٌ ؛ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ أَوْفَرِهِمْ مِنْكَ حَظَّا وَأَعْلاهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلاً وأَجْزَلِهِمْ مِنْ وِدِّكَ قِسْما وَأَفْضَلِهِمْ فِي مَعْرِفَتِكَ نَصِيبا ، فَقَدْ انْقَطَعَتْ إِلَيْكَ هِمَّتِي وَانْصَرَفَتْ نَحْوَكَ رَغْبَتِي فَأَنْتَ لا غَيْرُكَ مُرادِي وَلَكَ لا لِسِواكَ سَهَرِي وَسُهادِي وَلِقاؤُكَ قُرَّةُ عَيْنِي وَوَصْلُكَ مُنىْ نَفْسِي وَإِلَيْكَ شَوْقِي وَفِي مَحَبَّتِكَ وَلَهِي ، وَإِلى هَواكَ صَبابَتِي وَرِضاكَ بُغْيَتِي وَرِؤْيَتُكَ حاجَتِي وَجِوارُكَ طَلَبِي وَقُرْبُكَ غايَةَ سُؤْلِي ، وَفِي مُناجاتِكَ رَوْحِي وَراحَتِي وَعِنْدَكَ دَواءُ عِلَّتِي وَشِفاءُ غُلَّتِي وَبَرْدُ لَوْعَتِي وَكَشْفُ كُرْبَتِي ، فَكُنْ أَنِيسِي فِي وَحَشْتَىٍِّ وَمُقِيلَ عَثْرَتِي وَغافِرَ زَلَّتِي وَقابِلَ تَوْبَتِي وَمُجِيبَ دَعْوَتِي وَوَلِيَّ عِصْمَتِي وَمُغْنِيَ فاقَتِي ، وَلا تَقْطَعْنِي عَنْكَ ولا تُبْعِدْنِي مِنْكَ يا نَعيمِي وَجَنَّتِي وَيادُنْيايَ وَآخِرَتِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٧.

١٨٥

التاسعة : مناجاة المحبين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي مَنْ ذا الَّذِي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلاً وَمَنْ ذا الَّذِي أَنِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلاً ، إِلهِي فَاجْعَلْنا مِمَّنِ اصْطْفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَولايَتِكَ وَأَخْلَصْتَهُ لِوِدِّكّ وَمَحَبَّتِكَ وَشَوَّقْتَهُ إِلى لِقائِكَ وَرَضَّيْتَهُ بِقَضائِكَ وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ وَحَبَوْتَهُ بِرِضاكَ ، وَأَعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَقَلاكَ وَبَوَّأْتَهُ مَقْعَدَ الصِّدْقِ فِي جِوارِكَ وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرَفَتِكَ وأَهَّلْتَهُ لِعِبادَتِكَ ، وَهَيَّمْتَ قَلْبَهُ لإرادَتِكَ وَاجْتَبَيْتَهُ لمُشاهَدَتِكَ وَاخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ وَرَغَّبْتَهُ فِيما عِنْدَكَ وَأَلْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ وَأَوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ وَشَغَلْتَهُ بِطاعَتِكَ ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحِي بَرِيَّتِكَ وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيٍْ يَقْطَعُهُ عَنْكَ اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ دَأْبُهُمُ الارْتِياحُ إِلَيْكَ وَالحَنِينُ وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالاَنِينُ جِباهُهُمْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ فِي خِدْمَتِكَ وَدُمُوعُهُمْ سائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ يا مَنْ أَنْوارُ قُدْسِهِ لاَبْصارِ مُحِبِّيهِ رائِقَةٌ وَسُبْحاتُ وَجْهِهِ لِقُلُوبِ عارِفِيهِ شائِفَةٌ يا مُنى قُلُوبِ المُشْتاقِينَ وَياغايَةَ آمالِ المُحِبِّينَ ؛ أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُوصِلُنِي إِلى قُرْبِكَ ، وَأَنْ تَجْعَلَكَ أَحَبَّ إلى مِمَّا سِواكَ وَأَنْ تَجْعَلَ حُبِّي إِيّاكَ قائِداً إِلى رِضْوانِكَ وَشَوْقِي إِلَيْكَ ذائِداً عَنْ عِصْيانِكَ ، وَامْنُنُ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ عَلَيَّ وَانْظُرْ بِعَيْنِ الوُدِّ وَالعَطْفِ إلى وَلاتَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الإسْعادِ وَالحُظْوَةِ عِنْدَكَ يا مُجِيبُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٨.

١٨٦

العاشرة : مناجاة المتوسلين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي لَيْسَ لِي وَسِيلَةٌ إِلَيْكَ إِلاّ عَواطِفُ رَأْفَتِكَ وَلا لِي ذَرِيعَةٌ إِلَيْكَ إِلاّ عَوارِفُ رَحْمَتِكَ وَشَفاعَةُ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَمُنْقِذِ الاُمَّةِ مِنَ الغُمَّةِ ، فاجْعَلْهُما لِي سَبَبا إِلى نَيْلِ غُفْرانِكَ وَصَيِّرْهُما لِي وُصْلَةً إِلى الفَوْزِ بِرِضْوانِكَ ، وَقَدْ حَلَّ رَجائِي بِحَرَمِ كَرَمِكَ وَحَطَّ طَمَعِي بِفَناءِ جُودِكَ فَحَقِّقْ فِيكَ أَمَلِي وَاخْتِمْ بِالخَيْرِ عَمَلِي وَاجْعَلْنِي مِنْ صَفْوَتِكَ الَّذِينَ أَحْلَلْتَهُمْ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ وَبَوَأْتَهُمْ دارَ كَرامَتِكَ وَأَقْرَرْتَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ يَوْمَ لِقائِكَ وَأَوْرَثْتَهُمْ مَنازِلَ الصِّدْقِ فِي جِوارِكَ ؛ يا مَنْ لايَفِدُ الوافِدُونَ عَلى أَكْرَمَ مِنْهُ ؛ وَلا يَجِدُ القاصِدُونَ أَرْحَمَ مِنْهُ يا خَيْرَ مَنْ خَلا بِهِ وَحِيدٌ وَيا أَعْطَفَ مَنْ آوى إِلَيْهِ طَرِيدٌ ؛ إِلى سَعَةِ عَفْوِكَ مَدَدْتُ يَدِي وَبِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ كَفِّي ، فَلا تُولِنِي الحِرْمانَ وَلا تَبْلِنِي بِالخَيْبَةِ وَالخُسْرانِ يا سَمِيعَ الدُّعاءِ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

الحادية عشرة : مناجاة المفتقرين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي كَسْرِي لايَجْبُرُهُ إِلاّ لُطْفُكَ وَحَنانُكَ وَفَقْرِي لايُغْنِيهِ إِلاّ عَطْفُكَ وَإحْسانُكَ وَرَوْعَتِي لايُسَكِّنَها إِلاّ أَمانُكَ وَذِلَّتِي لايُعِزُّها إِلاّ سُلْطانُكَ وَأُمْنِيَّتِي لايُبَلِّغُنِيها إِلاّ فَضْلُكَ وَخَلَّتِي لايَسُدُّها إِلاّ طَوْلُكَ وَحاجَتِي لايَقْضِيها غَيْرُكَ وَكَرْبِي لايُفَرِّجُهُ سِوى رَحْمَتِكَ وَضُرِّي لايَكْشِفُهُ غَيْرُ رَأْفَتِكَ وَغُلَّتِي لايُبَرِّدُها إِلاّ وَصْلُكَ وَلَوْعَتِي لايُطْفِيها

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٤٩.

١٨٧

إِلاّ لِقاؤُكَ وَشَوْقِي إِلَيْكَ لايَبُلُّهُ إِلاّ النَّظَرُ إِلى وَجْهِكَ وَقَرارِي لايَقِرُّ دُونَ دُنُوّي مِنْكَ وَلَهْفَتِي لايَرُدُّها إِلاّ رَوْحُكَ وَسُقْمِي لايَشْفِيهِ إِلاّ طِبُّكَ وَغَمِّي لايُزِيلُهُ إِلاّ قُرْبُكَ وَجُرْحِي لايُبْرِئُهُ إِلاّ صَفْحُكَ وَرَيْنُ قَلْبِي لايَجْلُوهُ إِلاّ عَفْوُكَ وَوَسْواسُ صَدْرِي لايُزِيحُهُ إِلاّ أَمْرُكَ. فَيا مُنْتَهى أَمَلِ الآمِلِينَ وَياغايَةَ سُؤْلِ السَّائِلِينَ وَيا أقْصى طَلِبَةَ الطَّالِبينَ ويا أعْلى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ وَيا وَلِيَّ الصَّالِحِينَ وَيا أَمانَ الخائِفِينَ وَيا مُجِيبَ دَعْوَةِ (١) المُضْطَرِّينَ وَيا ذُخْرَ المُعْدَمِينَ وَيا كَنْزَ البائِسِينَ وَيا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ وَيا قاضِيَ حَوائِجَ الفُقَراءِ وَالمَساكِينِ وَيا أَكْرَمَ الاَكْرَمِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، لَكَ تَخَضُّعِي وَسُؤالِي وَإِلَيْكَ تَضَرُّعِي وَإِبْتِهالِي ؛ أَسْأَلُكَ أَنْ تُنِيلَنِي مِنْ رَوْحِ رِضْوانِكَ وَتُدِيمَ عَلَيَّ نِعَمَ امْتِنانِكَ ، وَها أَنا بِبابِ كَرَمِكَ وَاقِفٌ وَلِنَفَحاتِ بِرِّكَ مُتَعَرِّضٌ وَبِحَبْلِكَ الشَّدِيدِ مُعْتَصِمُ وَبِعُرْوَتِك الوُثْقى مُتَمَسِّكٌ. إِلهِي ارْحَمْ عَبْدَكَ الذَّلِيلَ ذا اللِّسانِ الكَليلِ وَالعَمَلِ القَلِيلِ وَامْنُنْ عَلَيْهِ بِطَوْلِكَ الجَزِيلِ وَاكْنُفْهُ تَحْتَ ظِلِّكَ الظَّلِيلِ يا كَرِيمُ يا جَمِيلُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢).

الثانية عشرة : مناجاة العارفين

بِسم الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي قَصُرَتِ الاَلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ ثَنائِكَ كَما يَلِيقُ بِجَلالِكَ وَعَجَزَتِ العُقُولُ عَنْ إدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ وَانْحَسَرَتِ الاَبْصارُ دُونَ النَّظَرِ إِلى سَبُحاتِ وَجْهِكَ وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَرِيقا إِلى مَعْرِفَتِكَ إِلاّ بِالعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ ، إِلهِي فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذِينَ تَرَسَّخَتْ (٣) أَشْجارُ

_________________

١ ـ دعوة : خ.

٢ ـ البحار ٩٤ / ١٤٩.

٣ ـ توشّجت ـ خ ـ.

١٨٨

الشَّوْقِ إِلَيْكَ فِي حَدائِقِ صُدُورِهِمْ وَأَخَذَتْ لَوْعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ ، فَهُمْ إِلى أَوْكارِ الاَفْكارِ يأْوُونَ وَفِي رِياضِ القُرْبِ وَالمُكاشَفَةِ يَرْتَعُونَ وَمِنْ حِياضِ المَحَبَّةِ بِكَأْسِ المُلاطَفَةِ يَكْرَعُونَ وَشَرايِعَ المُصافاتِ يَردُونَ ، قد كُشِفَ الغِطاءُ عَنْ أَبْصارِهِمْ وَانْجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عَنْ عَقائِدِهِمْ وَضمائِرِهِمْ وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ الشَّكِّ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَرائِرِهِمْ وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقِيقِ المَعْرِفَةِ صُدُورُهُمْ وَعَلَتْ لِسَبْقِ السَّعادَةِ فِي الزَّهادَةِ هِمَمُهُمْ وَعَذُبَ فِي مَعِينِ المُعامَلَةِ شِرْبُهُمْ وَطابَ فِي مَجْلِسِ الاُنْسِ سِرُّهُمْ وَأَمِنَ فِي مَوْطِنِ المَخافَةِ سِرْبُهُمْ وَاطْمَأَنَّتْ بِالرُّجُوعِ إِلى رَبِّ الأَرْبابِ أَنْفُسُهُمْ وَتَيَقَّنَتْ بِالْفَوْزِ وَالفَلاحِ أَرْواحُهُمْ وَقَرَّتْ بِالنَّظَرِ إِلى محْبُوبِهْم أَعْيُنُهُمْ وَاسْتَقَرَّ بإدْراكِ الُّسؤْلِ وَنَيْلِ المَأْمُولِ قَرارُهُمْ وَرَبِحَتْ فِي بَيْعِ الدُّنْيا بِالآخرةِ تجارَتُهُمْ إِلهِي ما أَلَذَّ خَواطِرَ الاِلْهامِ بِذِكْرِكَ عَلى القُلُوبِ! وَما أَحْلى المَسِيرَ إِلَيْكَ بِالاَوْهامِ فِي مَسالِكِ الغُيُوبِ! وَما أَطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ وَماأَعْذَبَ شِرْبَ قُرْبِكَ! فَأعِذْنا مِنْ طَرْدِكَ وَابْعادِكَ وَاجْعَلْنا مِنْ أَخَصِّ عارِفِيكَ وَأَصْلَحِ عِبادِكَ وَأَصْدَقِ طائِعِيكَ وَأَخْلَصِ عُبَّاِدَك ، يا عَظِيمُ يا جَلِيلُ يا كَرِيمُ يا مُنِيلُ بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

الثالثة عشرة : مناجاة الذاكرين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي لَوْلا الواجِبُ مِنْ قَبُولِ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ عنْ (٢) ذِكْرِي إِيَّاكَ عَلى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لابِقَدْرِكَ وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي حَتّى أُجْعَلَ مَحَلاً لِتَقْدِيسِكَ وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنا وَإِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ ، إِلهِي

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٥٠.

٢ ـ من ـ خ ـ.

١٨٩

فَأَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الخَلاءِ وَالمَلاءِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالاِعْلانِ وَالاِسْرارِ وَفِي السَرَّاءِ وَالضَرَّاءِ وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الخَفِيِّ وَاسْتَعْمِلْنا بِالعَمَلِ الزَّكِيِّ وَالسَّعْيِ المَرْضِيَ وَجازِنا بِالْمِيزانِ الوَفِيَّ ، إِلهِي بِكَ هامَتْ القُلُوبُ الوالِهَةُ وَعَلى مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ العُقُولُ المُتَبايِنَةُ فَلا تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ إِلاّ بِذِكْرِكَ وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلاّ عِنْدَ رُؤْياكَ ، أَنْتَ المُسَبَّحُ فِي كُلِّ مَكانٍ وَالمَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَالمَوْجُودُ فِي كُلِّ أَوانٍ وَالمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسانٍ وَالمُعَظَّمُ فِي كُلِّ جَنانٍ ، وَ (١) أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طاعَتِكَ. إِلهِي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ : (يا أيَّها الَّذِينَ آمَنُو اذْكُرُوا الله ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٢) ، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (٣) ، فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنا تَشْرِيفاً لَنا وَتَفْخِيماً وَإعْظاماً ؛ وَها نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَما أَمَرْتَنا فَأَنْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا يا ذاكِرَ الذَّاكِرِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٤).

الرابعة عشرة : مناجاة المعتصمين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اللّهُمَّ يا مَلاذَ اللآئِذينَ وَيامَعاذَ العائِذِينَ وَيامُنْجِيَ الهالِكِينَ وَيا عاصِمَ البائِسِينَ وَياراحِمَ المَساكِينَ وَيا مُجِيبَ المُضْطَرِّينَ وَيا كَنْزَ المُفْتَقِرِينَ وَياجابِرَ (٥) المُنْكَسِرِينَ وَيامَأْوى المُنْقَطِعِينَ وَياناصِرَ المُسْتَضْعَفِينَ وَيامُجِيرَ الخائِفِينَ وَيامُغِيثَ المَكْرُوبِينَ وَياحِصْنَ اللا جِئِينَ ، إِنْ لَمْ أَعُذْ بِعِزَّتِكَ فَبِمَنْ أَعوذُ وَإِنْ لَمْ أَلُذْ

_________________

١ ـ وَ: خ.

٢ ـ الاحزاب : ٣٣ / ٤١.

٣ ـ البقرة : ٢ / ١٥٢.

٤ ـ البحار ٩٤ / ١٥١.

٥ ـ ويا جابر البائس المستكين ـ خ ـ.

١٩٠

بِقُدْرَتِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ؟ وَقَدْ أَلْجَأَتْنِي الذُّنُوبُ إِلى التَّشَبُّثِ بِأَذْيالِ عَفْوِكَ وَأَحْوَجَتْنِي الخَطايا إِلى اسْتِفْتاحِ أَبْوابِ صَفْحِكَ وَدَعَتْنِي الاِسأَةُ إِلى الاِناخَةِ بِفَناءِ عِزِّكَ وَحَمَلَتْنِي المَخافَةُ مِنْ نِقْمَتِكَ عَلى التَّمَسُّكِ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ ، وَما حَقُّ مَنْ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ أَنْ يُخْذَلَ وَلا يَلِيقُ بِمَنِ اسْتَجارَ بَعِزِّكَ أَنْ يُسْلَمَ أَوْ يُهْمَلَ؟ إِلهِي فَلا تُخْلِنا مِنْ حِمايَتِكَ وَلا تُعْرِنا مِنْ رِعايَتِكَ وَذُدْنا عَنْ مَوارِدِ الهَلَكَةِ فَإِنّا بِعَيْنِكِ وَفِي كَنَفِكَ وَلَكَ أَسْأَلُكَ بِأَهْلِ خاصَّتِكَ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَالصَّالِحِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْنا وَاقِيَةً تُنْجِينا مِنْ الهَلَكاتِ وَتُجَنِّبُنا مِنَ الافاتِ وَتُكِنُّنا مِنْ دَواهِي المُصِيباتِ ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَلَيْنا مِنْ سَكِينَتِكَ وَأَنْ تُغَشِّيَ وَجُوهَنا بِأَنْوارِ مَحَبَّتِكَ ، وَأَنْ تُؤْوِيَنا إِلى شَدِيدِ رُكْنِكَ وَأَنْ تَحْوِيَنا فِي أَكْنافِ عِصْمَتِكَ بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (١).

الخامسة عشرة : مناجاة الزاهدين

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي أَسْكَنْتَنا داراً حَفَرَتْ لَنا حُفَرَ مَكْرِها وَعَلَّقَتْنا بِأَيْدِي المَنايا فِي حَبائِل غَدْرِها فَإِلَيْكَ نَلْتَجِيُ مِنْ مَكائِدِ خُدَعِها وَبِكَ نَعْتَصِمُ مِنَ الاِغْتِرارِ بِزَخارِفِ زِينَتِها فَإنَّها المُهْلِكَةُ طُلا بَها المُتْلِفَةُ حُلا لَها المَحْشُوَّةُ بِالآفاتِ المَشْحُونَةُ بِالنَّكَباتِ ، إِلهِي فَزَهِّدْنا فِيها وَسَلِّمْنا مِنْها بِتَوْفِيقِكَ وَعِصْمَتِكَ وَانْزَعْ عَنَّا جَلابِيبَ مُخالَفَتِكَ وَتَوَلَّ أُمُورَنا بِحُسْنِ كِفايَتِكَ وَأَوْفِرْ مَزِيدَنا مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَأَجْمِلْ صِلاتِنا مِنْ فَيْضِ مَواهِبِكَ وَاغْرِسْ فِي أَفْئِدَتِنا أَشْجارَ مَحَبَّتِكَ وَأَتْمِمْ لَنا أَنْوارَ مَعْرِفَتِكَ وَأَذِقْنا حَلاوَةَ عَفْوِكَ وَلَذَّةَ مَغْفِرَتِكَ وَأَقْرِرْ أَعْيُنَنا يَوْمَ لِقائِكَ بِرُؤْيَتِكَ وَأَخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قُلُوبِنا كَما فَعَلْتَ

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٥٢.

١٩١

بِالصَّالِحِينَ مِنْ صَفْوَتِكَ وَالاَبْرارِ مِنْ خاصَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَيا أَكْرَمَ الاَكْرَمِينَ (١).

المناجاة المنظومة

لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام

نقلاً عن الصحيفة العلوية :

بسم الله الرحمن الرحيم

لَك الحَمْدُ يا ذا الجُودِ وَالمَجْد ِوَالعُلى

تَبارَكْتَ تُعْطِي مَنْ تَشاءُ وَتَمْنَعُ

إِلهِي وَخَلاّقِي وَحِرْزِي وَمَوْئِلي

إِلَيْكَ لَدى الاِعْسارِ وَاليُسْرِ أَفْزَعُ

إِلهِي لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطِيَئِتي

فَعَفْوُكَ عَنْ ذَنْبِي أَجَلُّ وَأَوْسَعُ

إِلهِي لَئِنْ أَعْطِيْتُ نَفْسِي سُؤْلَها

فَها أَنا فِي رَوْضِ النَّدامَةِ أَرْتَعُ

إِلهِي تَرى حالِي وَفَقْرِي وَفاقَتِي

وأَنْتَ مُناجاتِي الخَفِيَّةَ تَسْمَعُ

إِلهِي فَلا تَقْطَعْ رَجائِي وَلاتُزِغ

فُؤادِي فَلِي فِي سَيْبِ جُودِكَ مَطْمَعُ

إلهِي لَئِنْ خَيَّبْتَنِي أَوْ طَرَدْتَنِي

فَمَنْ ذا الَّذِي أَرْجُو وَمَنْ ذا أَشَفِّعُ

إلهِي أَجِرْنِي مِنْ عَذابِكَ إِنَّنِي

أَسِيرٌ ذَلِيلٌ خائِفٌ لَكَ أَخْضَعُ

إلهِي فَآنِسْنِي بِتَلْقِينِ حُجَّتِي

إذا كانَ لِي فِي القَبْرِ مَثوىً وَمَضْجَعُ

إلهِي لَئِنْ عَذَّبْتَنِي أَلْفَ حِجَّةٍ

فَحَبْلُ رَجائِي مِنْكَ لا يَتَقَطَّعُ

إلهِي أَذِقْنِي طَعْمَ عَفْوِكَ يَوْمَ لا

بَنُونَ وَلا مالٌ هُنالِكَ يَنْفَعُ

إلهِي لَئِنْ لَمْ تَرْعَنِي كُنْتُ ضائِعاً

وَإِنْ كُنْتَ تَرْعانِي فَلَسْتُ أُضَيَّعُ

إلهِي إِذا لَمْ تَعْفُ عَنْ غَيْرِ مُحْسِنٍ

فَمَنْ لِمُسِيٍ بِالهَوى يَتَمَتَّعُ

إلهِي لَئِنْ فَرَّطْتُ فِي طَلَبِ التُّقى

فَها أَنا إِثْرَ العَفْوِ أَقْفُو وَأَتْبَعُ

إلهِي لَئِنْ أَخْطأْتُ جَهْلاً فَطالَما

رَجَوْتُكَ حَتّى قِيْلَ ماهُوَ يَجْزَعُ

_________________

١ ـ البحار ٩٤ / ١٥٢.

١٩٢

إلهِي ذُنُوبِي بَذَّتِ الطَّوْدَ وَاعْتَلَتْ

وَصَفْحُكَ عَنْ ذَنْبِي أَجَلُّ وَأَرْفَعُ

إلهِي يُنْجِّي ذِكْرُ طَوْلِكَ لَوْعَتِي

وَذِكْرُ الخَطايا العَيْنَ مِنِّي يُدَمِّعُ

إلهِي أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَامْحُ حَوْبَتِي

فَإِنِّي مُقِرُّ خائِفٌ مُتَضَرِّعُ

إلهِي أَنِلْنِي مِنْكَ رَوْحاً وَراحَةً

فَلَسْتُ سِوى أَبْوابِ فَضْلِكَ أَقْرَعُ

إلهِي لَئِنْ أَقْصَيْتَنِي أَوْ أَهَنْتَنِي

فَما حِيلَتِي يا رَبِّ أَمْ كَيْفَ أَصْنَعُ

إلهِي حَلِيفُ الحُبِّ فِي اللَّيْلِ ساهِرٌ

يُناجِي وَيَدْعُو وَالمُغَفَّلُ يَهْجَعُ

إِلهِي وَهذا الخَلْقُ مابَيْنَ نائِم‌ٍ

ومُنْتَبِهٍ فِي لَيْلِهِ يَتَضَرَّعُ

وَكُلُّهُمْ يَرْجُو نَوالَكَ راجِياً

لِرَحْمَتِكَ العُظْمى وَفِي‌الخُلْدِ يَطْمَعُ

إلهِي يُمَنِّينِي رَجائِي سَلامَةً

وَقُبْحُ خَطِيئاتِي عَلَيَّ يُشَنِّعُ

إلهِي فَإِنْ تَعْفُو فَعَفْوُكَ مُنْقِذِي

وَإِلاّ فَبِالْذَنْبِ المُدَمِّرِ أُصْرَعُ

الهِي بِحَقِّ الهاشِمِيِّ مُحَمَّدٍ

وَحُرْمَةِ أَطْهارٍ هُمُ لَكَ خُضَّعُ

إلهِي بِحَقِّ المُصْطَفى وَابْنِ عَمِّهِ

وَحُرْمَةِ أَبْرارٍ هُمُ لَكَ خُشَّعُ

إلهِي فَأَنْشِرْنِي عَلى دِينِ أَحْمَدٍ

مُنِيباً تَقِيّاً قانِتاً لَكَ أَخْضَعُ

وَلاتَحْرِمْنِي يا إِلهِي وَسَيِّدِي

شَفاعَتَهُ الكُبْرى فَذاكَ المُشَفَّعُ

وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ما دَعاكَ مُوَحِّدٌ

وَناجاكَ أَخيارٌ بِبابِكَ رُكَّعُ

وقد روي في الصحيفة أيضاً عنه عليه‌السلام مناجاة منظومة أولها : يا سامع الدعاء ، وقد أعرضنا عن ذكره لما تحتويه من اللغات الصعبة الغريبة ، ولما نبغيه من الاختصار (١).

ثلاث كلمات

من مولانا علي عليه‌السلام في المناجاة

إِلهِي كَفى بِي عِزَّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً ، وَكَفى بِي فَخْراً أَنْ تَكُونَ لِي رَبَّاً ، أَنْتَ كَما أُحِبُّ فَاجْعَلْنِي (٢) كَما تُحِبُّ (٣).

_________________

١ ـ الصحيفة العلوية : ١٦٩ لعبدالله بن صالح السماهيجي.

٢ ـ في البحار : «فوفقني لما تحبّ».

٣ ـ البحار ٩٤ / ٩٤ عن كنز الكراجكي ١ / ٣٨٦ مع اختلاف لفظي.

١٩٣

الباب الثاني

في اعمال اشهر السنة العربية وفضل يوم النيروز

واعماله واعمال الأشهر الرومية

وفيه عدة فصول :

الفصل الأوّل

في فضل شهر رجب وأعماله

إعلم أنّ هذا الشهر وشهر شعبان وشهر رمضان هي أشهر متناهية الشرف ، والأحاديث في فضلها كثيرة ، بل رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إنّ رجب شهر الله العظيم لايقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً ، والقتال مع الكفار فيه حرام ، ألا إنّ رجب شهر اللهُ ، وشعبان شهري ، ورمضان شهر أمتي. ألا فمن صام من رجب يوما استوجب رضوان الله الأكبر ، وابتعد عنه غضب الله وأُغلق عنه باب من أبواب النار (١).

وعن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسير سنة ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة (٢).

وقال أيضاً : رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، من صام يوما من رجب سقاه الله عز وجل من ذلك النهر (٣).

وعن الصادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رجب شهر الاستغفار لاُمَّتي ، فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم. ويسمى رجب الاصبّ لانّ الرحمة على أُمّتي تصبُّ فيه صَبّا ، فاستكثروا من قول : أَسْتَغْفِرُ الله وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ (٤).

وروى ابن بابويه بسند معتبر عن سالم قال : دخلت على الصادق عليه‌السلام في أواخر شهر رجب

_________________

١ ـ رواه المجلسي في زاد المعاد : ٥.

٢ ـ زاد المعاد : ٥.

٣ ـ رواه الطوسي في التهذيب ٤ / ٣٠٦ ح ٩٢٤.

٤ ـ زاد المعاد : ٥.

١٩٤

وقد بقيت منه أيام ، فلما نظر إلى قال لي : يا سالم ، هل صمت في هذا الشهر شَيْئاً؟ قلت : لا والله يا بن رسول الله ، فقال لي : فقد فاتك من الثواب مالم يعلم مبلغه إِلاّ الله عز وجل. إن هذا شهر قد فضّله الله وعظّم حرمته وأوجب للصائمين فيه كرامته. قال : فقلت له : يا أبن رسول الله ، فإن صمت مما بقي منه شَيْئاً هل أنا أفوز ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال : يا سالم ، مَنْ صام يوماً من آخر هذا الشهر كان ذلك أمانا من شدة سكرات الموت ، وأمانا له من هول المطلع وعذاب القبر ، ومن صام يومين من آخر الشهر كان له بذلك جوازاً على الصّراط ، ومن صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن من يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده ، وأعطي براءة من النار (١).

واعلم أنه قد ورد لصوم شهر رجب فضل كثير ، ورُوي أنّ من لم يقدر على ذلك يسبّح الله في كل يوم مائة مرة بهذا التسبيح لينال أجر الصيام فيه :

سُبْحانَ الاِله الجَلِيلِ سُبْحانَ مَنْ لايَنْبَغِي التَّسْبِيحَ إِلاّ لَهُ سُبْحانَ الاَعَزِّ الاَكْرَمِ سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ العِزُّ وَهُوَ لَهُ أَهْلٌ (٢).

وأَمّا أعماله فقسمان :

القسم الأوّل : الأعمال العامة التي تؤدى في جميع الشهر ولاتخص أياماً معينة منه وهي أُمور :

الأول : أن يدعو في كل يوم من رجب بهذا الدعاء الذي روي أنّ الإمام زين العابدين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ دعا به في الحِجْر في غُرّة رَجَبْ :

يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ ، اللّهُمَّ وَمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ وَأَيادِيكَ الفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الواسِعَةُ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي لِلْدُنْيا وَالآخرةِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ (٣) (٤).

_________________

١ ـ زاد المعاد : ٥.

٢ ـ زاد المعاد : ٨.

٣ ـ إنّك على كلّ شيء قدير : نسخة.

٤ ـ رواه ابن طاووس في الاقبال ٣ / ٢٠٨ والمجلسي في زاد المعاد : ٨.

١٩٥

الثاني : أن يدعو بهذا الدعاء الذي كان يدعو به الصادق عليه‌السلام في كل يوم من رجب :

خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلاّ لَكَ وَضاعَ المُلِمُّونَ إِلاّ بِكَ وَأَجْدَبَ المُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ ، بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاِغِبينَ وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطَّالِبِينَ وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلْسَّائِلِينَ وَنَيْلُكَ مُتاحٌ لِلامِلِينَ وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ وَحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ ناواكَ ، عادَتُكَ الاِحْسانُ إِلى المُسِيئِينَ وَسَبِيلُكَ الإِبْقاءُ عَلى المُعْتَدِينَ. اللّهُمَّ فَاهْدِنِي هُدى المُهْتَدِينَ وَارْزُقْنِي اجْتِهادَ المُجْتَهِدِينَ وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الغافِلِينَ المُبْعَدِينَ وَاغْفِرْ لِي يَوْمَ الدِّينِ (١).

الثالث : قال الشيخ في (المصباح) : روى المعلى بن خُنيس عن الصادق عليه‌السلام أنَّه قال : قل في رجب :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ وَعَمَلَ الخائِفِينَ مِنْكَ وَيَقِينَ العابِدِينَ لَكَ ، اللّهُمَّ أَنْتَ العَلِيُّ العَظِيمُ وَأَنا عَبْدُكَ البائِسُ الفَقِيرُ أَنْتَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ وَأَنا العَبْدُ الذَّلِيلُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَامْنُنْ بِغِناكَ عَلى فَقْرِي وَبِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي وَبِقُوَّتِكَ عَلى ضَعْفِي يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأَوْصِياء المَرْضِيِّينَ وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالآخرةِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (٢).

أقول : هذا دعاء رواه السيد أيضاً في (الاقبال) ، ويظهر من تلك الرواية أنّ هذا الدعاء هو أجمع الدعوات ويصلح لان يدعى به في كل الأوقات (٣).

الرابع : قال الشيخ أيضاً : يستحب أن يدعو بهذا الدعاء في كل يوم :

اللّهُمَّ يا ذا المِنَنِ السَّابِغَةِ وَالآلاءِ الوازِعَةِ وَالرَّحْمَةِ الواسِعَةِ وَالقُدْرَةِ الجامِعَةِ وَالنِّعَمِ الجَسِيمَةِ وَالمَواهِبِ العَظِيمَةِ وَالاَيادِي الجَمِيلَةِ وَالعَطايا الجَزِيلَةِ ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ وَلا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ وَلا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ ، يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ

_________________

١ ـ رواه السيد ابن طاووس في الاقبال ٣ / ٢٠٩ ، زاد المعاد : ٨.

٢ ـ مصباح المتهجّد : ٨٠٢.

٣ ـ الاقبال ٣ / ٢١٠.

١٩٦

وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ وَعَلا فَارْتَفَعَ وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ وَأَعْطى فَأَجْزَلَ وَمَنَح فَأَفْضَلَ ، يا مَنْ سَما فِي العِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ (١) الاَبْصارِ وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الاَفْكارِ يا مَنْ تَوَحَّدَ بِالمُلْكِ فَلا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ وَتَفَرَّدَ بِالآلاِء وَالكِبْرِياءِ فَلا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ ، يا مَنْ حارَتْ فِي كِبْرياءِ هَيْبَتِهِ دقائِقُ لَطائِفِ الاَوْهامِ وَانْحَسَرَتْ دُونَ إدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الاَنامِ ، يا مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ وَوَجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِهذِهِ المِدْحَةِ الَّتِي لا تَنْبَغِي إِلاّ لَكَ وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلى نَفْسِكَ لِداعِيكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَبِما ضَمِنْتَ الاِجابَةَ فِيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ ، يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ وَأَبْصَرَ النَّاِظرِينَ وَأَسْرَعَ الحاسِبِينَ ، يا ذا القُوَّةِ المَتِين صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَاقْسِمْ لِي فِي شَهْرِنا هذا خَيْرَ ما قَسَمْتَ وَاحْتِمْ لِي فِي قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ وَاخْتِمْ لِي بِالسَّعادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ ، وَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي مَوْفوراً وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفوراً ، وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتِي مِنْ مُسأَلَةِ البَرْزَخِ وَادْرأ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً وَأَرِعَيْنِي مُبَشِّراً وَبَشِيراً ، وَاجْعَلْ لِي إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ (٢) مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً وَمُلْكاً كَبِيراً وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً (٣).

أقول : هذا دعاء يدعى به في مسجد صعصعة أيضاً (٤).

الخامس : روى الشيخ : أنه خرج هذا التوقيع الشريف من الناحية المقدسة على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد قدس : أُدع في كل يوم من أيام رجب :

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعانِي جَمِيعِ مايَدْعُوكَ بِهِ وُلاةَ أَمْرِكَ المَأْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ

_________________

١ ـ خواطر ـ خ ـ.

٢ ـ وجنّاتك ـ خ ـ.

٣ ـ مصباح المتهجّد : ٨٠٢.

٤ ـ كما في المزار الكبير للشمهدي : ١٤٣.

١٩٧

المُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِكَ الواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ المُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ ، أَسْأَلُكَ بِما نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ فَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ وَأَرْكانا لِتَوْحِيدِكَ وَآياتِكَ وَمَقاماتِكَ الَّتِي لاتَعْطِيلَ لَها فِي كُلِّ مَكانٍ يَعْرِفُكَ بِها مَنْ عَرَفَكَ ، لافَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَها إِلاّ أَنَّهُمْ عِبادُكَ وَخَلْقُكَ فَتْقُها وَرَتْقُها بِيَدِكَ بَدْؤُها مِنْكَ وَعَوْدُها إِلَيْكَ ، أَعْضادٌ وَأَشْهادٌ وَمُناةٌ وَأَذْوادٌ وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ فَبِهِمْ مَلأتَ سَمائَكَ وَأَرْضَكَ حَتّى ظَهَرَ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ ؛ فَبِذلِكَ أَسْأَلُكَ وَبِمَواقِعِ العِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَبِمَقاماتِكَ وَعَلاماتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَزِيدَنِي إِيْماناً وَتَثْبِيتاً ، يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ وَظاهِراً فِي بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ يا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ وَالدَّيْجُورِ يا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْهٍ وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ ، حادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ وَشاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ وَفاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ أَهْلَ الكِبْرِياءِ وَالجُودِ ، يا مَنْ لايُكَيَّفُ بِكَيْفٍ وَلايُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ يا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ يا دَيْمُومُ يا قَيُّومُ وَعالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ (١) عَلى عِبادِكَ المُنْتَجَبِينَ وَبَشَرِكَ المُحْتَجِبِينَ وَمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَالبُهْمِ الصَّافِّينَ الحافِّينَ ، وَبارِكْ لَنا فِي شَهْرِنا هذا المُرَجَّبِ المُكَرَّمِ وَما بَعْدَهُ مِنَ الاَشْهُرِ الحُرُمِ وَأَسْبِغْ عَلَيْنا فِيهِ النِّعَمَ وَأَجْزِلْ لَنا فِيهِ القِسَمَ ، وَأَبْرِزْ لَنا فِيهِ القَسَمَ بِإسْمِكَ الأعْظَمِ الأعْظَمِ الأَجَلِّ الأَكْرَمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلى النَّهارِ فَأَضاءَ وَعَلى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ ، وَاغْفِرْ لَنا ماتَعْلَمُ مِنَّا وَما (٢) لا نَعْلَمُ وَاعْصِمْنا مِنَ الذُّنُوِب خَيْرَ العِصَمِ واكْفِنا كَوافِيَ قَدَرِكَ وَامْنُنْ عَلَيْنا بِحُسْنِ نَظَرِكَ وَلا تَكِلْنا إِلى غَيْرِكَ وَلا تَمْنَعْنا مِنْ خَيْرِكَ وَبارِكْ لَنا فِيما كَتَبْتَهُ لَنا مِنْ أَعْمارِنا وَأَصْلِحْ لَنا خَبِيئَةَ أَسْرارِنا وَأَعْطِنا مِنْكَ الاَمانَ وَاسْتَعْمِلْنا بِحُسْنِ الاِيمانِ وَبَلِّغْنا شَهْرَ الصِّيامِ وَما بَعْدَهُ مِنَ الاَيَّامِ وَالاَعْوامِ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ (٣).

_________________

١ ـ صلّ على محمّد وآله و: نسخة.

٢ ـ ما : خ.

٣ ـ مصباح المتهجّد : ٨٠٣.

١٩٨

السادس : وروى الشيخ : أنه خرج من الناحية المقدسة على يد الشيخ أبي القاسم قدس هذا الدعاء في أيام رجب :

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالمَولُودِينَ فِي رَجَبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الثَّانِي وَابْنِهِ عَلِيٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ المُنْتَجَبِ ، وَأّتَقَرَّبُ بِهما إِلَيْكَ خَيْرَ القُرَبِ يا مَنْ إِلَيْهِ المَعْرُوفُ طُلِبَ وَفِيما لَدَيْهِ رُغِبَ ، أَسْأَلُكَ سُؤالَ مُقْتَرِفٍ مُذْنِبٍ قَدْ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ وَأَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ فَطَالَ عَلى الخَطايا دُؤُوبُهُ وَمِنَ الرَّزَايا خُطُوبُهُ ؛ يَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَوْبَةِ وَالنُّزُوعَ عَنْ الحَوْبَةِ وَمِنَ النَّارِ فَكاكَ رَقَبَتِهِ وَالعَفْوَ عَمَّا فِي رِبْقَتِهِ ، فَأَنْتَ مَوْلايَ أَعْظَمُ أَمَلِهِ وَثِقَتِهِ. اللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الشَّرِيفَةِ وَوَسائِلكَ المُنِيفَةِ أَنْ تَتَغَمَّدَنِي فِي هذا الشَّهْرِ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ وَاسِعَةٍ وَنِعْمَةٍ وَازِعَهٍ وَنَفْسٍ بِما رَزَقْتَها قانِعَةٍ إِلى نُزُولِ الحافِرَةِ وَمَحَلِّ الآخرةِ وَما هِيَ إِلَيْهِ صائِرَةٌ (١).

السابع : وروى الشيخ أيضاً عن أبي القاسم حسين بن روح قدس النائب الخاص للحجة عليه‌السلام : أنه قال : زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول :

الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَشْهَدَنا مَشْهَدَ أَوْلِيائِهِ فِي رَجَبٍ وَأَوْجَبَ عَلَيْنا مِنْ حَقِّهِمْ ما قَدْ وَجَبَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ المُنْتَجَبِ وَعَلى أَوْصِيائِهِ الحُجُبِ ، اللّهُمَّ فَكَما أَشْهَدْتَنا مَشْهَدَهُمْ (٢) فَانْجِزْ لَنا مَوْعِدَهُمْ وَأَوْرِدْنا مَوْرِدَهُمْ غَيْرَ مُحَلَّئِينَ عَنْ وِردٍ فِي دارِ المُقامَةِ وَالخُلْدِ وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ ؛ إِنِّي قد (٣) قَصْدُتُكْم وَاعْتَمَدْتُكُمْ بَمَسْأَلَتِي وَحاجَتِي وَهِيَ فَكاكُ رَقَبَتِي مِنَ النَّار وَالمَقَرُّ مَعَكُمْ فِي دارِ القَرارِ مَعَ شِيعَتِكُمْ الاَبْرارِ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فنِعْمَ عُقْبى الدَّارِ أَنا سائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فِيما إِلَيْكُمْ التَّفْوِيضُ وَعَلَيْكُمْ التَّعْوِيضُ ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ المَهيضُ وَيُشْفى المَرِيضُ وَماتَزْدادُ الأَرْحامُ وَماتَغِيضُ. إِنِّي بِسِرِّكُمْ

_________________

١ ـ مصباح المتهجّد : ٨٠٥.

٢ ـ مشاهدهم ـ خ ـ.

٣ ـ قد : نسخة.

١٩٩

مُؤْمِنٌ (١) ، وَلِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ وَعَلى الله بِكُمْ مُقْسِمٌ فِي رَجْعِي بِحَوائِجِي وَقَضائِها وَإِمْضائِها وَإِنْجاحِها وَإِبْراحِها (٢) وَبِشُؤُونِي لَدَيْكُمْ وَصَلاحِها ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ سَلامَ مُوَدِّعٍ وَلَكُمْ حَوَائِجَهُ مُودِعٌ يَسْأَلُ الله إِلَيْكُمْ المَرْجِعَ وَسَعْيَهُ إِلَيْكُمْ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ وَأَنْ يَرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِعٍ إِلى جَنابٍ مُمْرِعٍ وَخَفْضِ مُوَسِّعٍ وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلى حِينِ (٣) الاَجَلِ وَخَيْرِ مَصِيرٍ وَمَحَلٍّ فِي النَّعِيمِ الاَزَلِ وَالعَيْشِ المُقْتَبَلِ وَدَوامِ الاُكُلِ وَشُرْبِ الرَّحِيقِ وَالسَّلْسَلِ (٤) وَعَلٍّ وَنَهلٍ لاسَأَمَ مِنْهُ وَلا مَلَلَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، وَتَحِيَّاتُهُ عَلَيْكُمْ حَتَّى العَوْدِ إِلى حَضْرَتِكُمْ وَالفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ وَالحَشْرِ فِي زُمْرَتِكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ وَصَلَواتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ وَهُوَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الوَكِيلُ (٥).

الثامن : روى السيد ابن طاووس عن محمد بن ذكوان المعروف بالسجّاد ـ لأنه كان يكثر من السجود والبكاء فيه حتى ذهب بصره ـ قال : قلت للصادق عليه‌السلام : جعلت فداك هذا رجب علّمني فيه دعاءاً ينفعني الله به ، قال عليه‌السلام : اكتب :

بسم الله الرحمن الرحيم

قل في كل يوم من رجب صباحا ومساءً وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك :

يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ (٦) كُلِّ شَرٍّ ، يا مَنْ يُعْطِي الكَثيرَ بِالقَلِيلِ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّنا مِنْهُ وَرَحْمَةً ؛ أَعْطِنِي بِمَسأَلَتِي إِيّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخرةِ ، واصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ (٧) الدُّنْيا وَشَرِّ الآخرةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ماأَعْطَيْتَ وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ.

قال الراوي : ثم مدّ عليه‌السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء وهو يلوذ بسبابته اليمنى. ثم قال بعد ذلك : يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ يا ذَا النَّعَماءِ وَالجُودِ يا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ

_________________

١ ـ مؤتمّ ـ خ ـ.

٢ ـ وايزاحها ـ خ ـ.

٣ ـ خير ـ خ ـ.

٤ ـ والسلسبيل ـ خ ـ.

٥ ـ مصباح المتهجّد : ٨٢١.

٦ ـ من ـ خ ـ.

٧ ـ وجميع شرّ ـ خ ـ.

٢٠٠