المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

لا ب = لا حـ وهو المطلوب

٢ ـ (نقيضا الاعم والاخص مطلقا بينهما عموم وخصوص مطلقا) ولکن على العکس أي ان نقيض الاعم أخص ونقيض الاخص اعم.

فاذا کان ب > حـ

کان لا ب < لا حـ

کالانسان والحيوان فان (لا انسان) أعم مطلقا من (لا حيوان) لأن (لا انسان) يصدق على کل (لا حيوان) ولا عکس فان الفرس والقرد والطير الى آخره يصدق عليها لا انسان وهي من الحيوانات. وللبرهنة على ذلک نقول :

المفروض ان ب > حـ

والمدعى ان لا ب < لا حـ

(البرهان) لو لم يکن لا ب < لا حـ

لکان بينهما احدى النسب الباقية أو العموم والخصوص مطلقا بأن يکون نقيض الأعم اعم مطلقا لا أخص.

فلو کان لا ب = لا حـ

لکان ب = حـ لأن نقيضي المتساويين متساويان وهو خلاف الفرض.

ولو کان بينهما نسبة التباين أو العموم والخصوص من وجه أو أن (لا ب) اعم مطلقا للزم على جميع الحالات الثلاث ان يصدق : لا حـ بدون لا ب

ويلزم حينئذ ان يصدق لا ب مع حـ لان النقيضين لا يرتفعان

ومعناه ان يصدق حـ بدون ب

أي يصدق الأخص بدون الأعم وهو خلاف الفرض واذا بطلت الاحتمالات الاربعة تعين ان يکون :

٨١

لا ب < لا حـ

٣ ـ (نقيضا الأعم والأخص من وجه متباينان تباينا جزئيا(١)) : ومعنى «التباين الجزئي» : عدم الاجتماع في بعض الموارد مع غض النظر عن الموارد الاخري سواء کانا يجتمعان فيها او لا فيعم التباين الکلي والعموم والخصوص من وجه. لأن الأعم والأخص من وجه لا يجتمعان (٢) في بعض الموارد قطعا. وکذا يصح في المتباينين تباينا کليا أن يقال انهما لا يجتمعان (٣) في بعض الموارد.

فاذا قلنا : ان بين نقيضي الأعم والأخص من وجه تباينا جزئيا فالمقصود به انهما في بعض الامثلة قد (٤) يکونان متباينين تباينا کليا وفي البعض الآخر قد (٥) يکون بينهما عموم وخصوص من وجه.

والأول مثل الحيوان واللاانسان فان بينهما عموما وخصوصا من وجه لانهما يجتمعان في الفرس ويفترق الحيوان عن اللاانسان في الانسان ويفترق اللاانسان عن الحيوان في الحجر ولکن بين نقيضيهم تباينا کليا فان اللاحيوان يباين الانسان کليا. والثاني مثل الطير والاسود فان نقيضيهما لا طير ولا أسود بينهما عموم وخصوص من وجه أيضا لأنهما يجتمعان في القرطاس ويفترق لاطير في الثوب الأسود ويفترق لا اسود في الحمام الابيض.

والجامع بين العموم والخصوص من وجه وبين التباين الکلي هو التباين الجزئي. وللبرهنة على ذلک نقول :

____________________

(١) راجع الحاشية : ص ٣٣.

(٢ و ٣) بناءا على ما ذكرنا في التعليقة السابقة ، لابد أن يبدل قوله : «لا يجتمعان» في الموضعين بقولنا : «ينفك كل منهما عن الآخر».

(٤ و ٥) لا يخفى عليك : أنه لا موقع للفظة «قد» في الموضعين.

٨٢

المفروض أن ب حـ

والمدعى أن لا ب يباين لا حـ تبانياً جزئيا :

(البرهان) : لو لم يکن لا ب يباين لا حـ تباينا جزئيا

لکان بينهما احدي النسب الاربع بالخصوص.

(١) فلو کان لا ب = لا حـ

للزم ان يکون ب = حـ لأن نقيضي المتساويين متساويان

وهذا خلاف الفرض.

(٢) ولو کان لا ب < لا حـ

لکان ب حـ لأن نقيض الأعم اخص وهذا أيضا خلاف الفرض.

(٣) ولو کان لا ب لا حـ فقط

لکان ذلک دائما مع انه قد يکون بينهما تباين کلي کما تقدم في مثال (لا حيوان وانسان).

(٤) ولو کان لا ب / / لا حـ فقط

لکان ذلک دائما أيضا مع أنه قد يکون بينهما عموم وخصوص من وجه کما تقدم في مثال (لا طير ولا اسود).

وعلى هذا تعين أن يکون (لا ب) يباين (لا حـ) تباينا جزئيا (وهو المطلوب).

٤ ـ (نقيضا المتباينين متباينان تباينا جزئيا) ايضا. والبرهان عليه کالبرهان السابق بلا تغيير الا في المثال لأنانري ان بينهما في بعض الأمثلة تباينا کليا کالموجود والمعدوم ونقيضا هما اللاموجود واللامعدوم وفي البعض الآخر عموما وخصوصا من وجه کالانسان والحجر ونقيضاهما لا انسان ولا حجر وبينهما عموم وخصوص من وجه لأنهما يجتمعان في الفرس مثلا ويفترق کل منهما عن الآخر في عين الآخر فاللاانسان يفترق عن اللاحجر في واللاحجر عن اللانسان في الانسان.

٨٣

خلاصة :

• لنسبة بين المفهومين النسبة بين نقيضيهما

١ ـ التساوي ...... التساوي

٢ ـ العموم والخصوص من وجه ..

٣ ـ التباين الکلي التباين الجزئي

٤ ـ العموم والخصوص مطلقا ... العموم والخصوص مطلقا بالعکس

تمرينات

أ ـ بين ماذا بين الأمثلة الآتية من النسب الاربع وماذا بين نقيضهما :

١ ـ الکاتب والقاريء

٢ ـ الشاعر والکاتب

٣ ـ الشجاع والکريم

٤ ـ السيف والصارم

٥ ـ المايع والماء

٦ ـ المشترک والمترادف

٧ ـ السواد والحلاوة

٨ ـ الأسود والحلو

٩ ـ النائم والجالس

١٠ ـ اللفظ والکلام

ب ـ اشرح البراهين على کل واحدة من النسب بين نقيضي الکليين بعبارة واضحة مع عدم استعمال الرموز والاشارات.

ج ـ اذکر مثالين من غير ما مر عليک لکل من النسب الاربع.

٨٤

الكليات الخمس

الکلي : ذاتي وعرضي.

الذاتي : نوع وجنس وفصل.

العرضي : خاصة وعرض عام.

قد يسأل سائل عن شخص انسان (من هو؟).

وقد يسأل عنه ..... (ما هو؟).

فهل تجد فرقا بين السؤالين؟ ـ لا شک ان الاول سؤال عن مميزاته الشخصية. والجواب عنه : (ابن فلان) أو مؤلف کتاب کذا أو صاحب العمل الکذائي او ذو الصفة الکذائية ... وامثال ذلک من الاجوبة المقصود بها تعيين المسؤول عنه من بين الاشخاص امثاله. ويغلط المجيب لو قال : (انسان لا نه لا يميزه عن امثاله من أفراد الانسان. ويصطلح في هذا العصر على الجواب عن هذا السؤال بـ (الهوية الشخصية) مأخوذة من کلمة (هو) کالمعلومات التي تسجل عن الشخص في دفتر النفوس.

اما السؤال الثاني فانما يسأل به عن حقيقة الشخص التي يتفق بها مع الاشخاص الآخرين امثاله والمقصود بالسؤال تعيين تمام حقيقته بين

٨٥

الحقائق لا شخصه بين الاشخاص. ولا يصلح للجواب الا کمال حقيقته فتقول : (انسان) دون ابن فلان ونحوه. ويسمي الجواب عن هذا السؤال :

النوع

وهو أول الکليات الخمسة وسيأتي قريبا تعريفه.

وقد يسأل السائل عن زيد وعمر ووخالد ..... (ما هي؟).

وقد يسأل السائل عن زيد وعمر ووخالد وهذه الفرس وهذا الاسد (ما هي).

فهل تجد فرقا بين السؤالين؟ ـ تأمل فيهما فستجد ان (الاول) سؤال عن حقيقة جزئيات متفقة بالحقيقة مختلفة بالعدد. و (الثاني) سؤال عن حقيقة جزئيات مختلفة بالحقيقة والعدد.

والجواب عن الاول بکمال الحقيقة المشترکة بينها فتقول : انسان. وهو (النوع) المتقدم ذکره.

وعن الثاني أيضا بکمال الحقيقة المشترکة بينها فتقول : حيوان ويسمي :

الجنس

وهو ثاني الکليات الخمسة. وعليه يمکن تعريفهما بما يأتي :

١ ـ (النوع) (١) هو تمام الحقيقة المشترکة بين الجزئيات المتکثرة بالعدد فقط في جواب ما هو؟.

________________

(١) راجع الحاشية : ص ٣٩ وحواشيها في المقام ، وشرح الشمسية : ص ٤٦ ، والقواعد الجلية : ص ٢٠٩ ، والجوهر النضيد : ص ١٢ ، وأساس الإقتباس : ص ٢٧ والإشارات وشرحه : ص ٧٩ ـ ٦٩ والنجاة : ص ٩ ، والتحصيل : ص ١٧ ، ونهاية الحكمة : ص ٧٨٦٨٥ ، وبداية الحكمة : ص ٥٩ ـ ٦٢.

٨٦

٢ ـ (الجنس) هو تمام الحقيقة المشترکة بين الجزئيات المتکثرة بالحقيقة في جواب ما هو؟.

ـ واذا تکثرت الجزئيات بالحقيقة فلا بد ان تتکثر بالعدد قطعا.

* * *

وقد يسأل السائل عن الانسان والفرس ..... والقرد (ما هي؟)

وقد يسأل السائل عن الانسان فقط ..... (ما هو؟)

لا حظ ان (الکليات) هي المسؤول عنها هذه المرة! فماذا تري ينبغي ان يکون الجواب عن کل من السؤالين؟ ـ نقول : اما الاول فهو سؤال عن کليات مختلفة الحقائق فيجاب عنه بتمام الحقيقة المشترکة بينها. وهو الجنس فتقول في المثال (حيوان). ومنه يعرف ان الجنس يقع أيضا جوابا عن السؤال بما هو عن الکليات المختلفة بالحقائق التي تکون أنواعا له کما يقع جوابا عن السؤال بما هو الجزئيات المختلفة بالحقائق.

وأما الثاني. فهو سؤال بما هو عن کلي واحد. وحق الجواب الصحيح الکامل أن نقول في المثال : (حيوان ناطق) فيتکفل الجواب بتفصيل ماهية الکلي المسؤول عنه وتحليلها التي تمام الحقيقة التي يشارکه فيها غيره

________________

(١) راجع الحاشية : ص ٣٦ ، وشرح الشمسية : ص ٤٩ ، وشرح المنظومة : ص ٢٣ ، والقواعد الجلية : ص ٢٠٩ ، والجوهر النضيد : ص ١٣ ، وأساس الاقتباس : ص ٢٤ ـ ٢٧ ، والإشارات وشرحه : ص ٧٠ ـ ٧٩ ، والتحصيل : ص ١٦ ، ونهاية الحكمة : ص ٧٨ ، وبداية الحكمة : ص ٥٩.

(٢) سيأتي منه (قدس سره) : أن الجنس يقع جوابا عن السؤال عن الكليات المتكثرة بالحقيقة أيضا ، فكان اللازم أن يقال في تعريفه ـ كما في سائر كتب المنطق ـ : «هو المقول على الكثرة المختلفة الحقيقة في جواب ما هو» اللهم إلا أن يراد بالجزئي الجزئي الإضافي حتى يشمل الكلي. أو يوجه بأن الاشتراك بين الجزئيات المتكثرة بالحقيقة والاشتراك بين الأنواع كذلك متلازمان ، فاكتفى بأحدهما عن الآخر. هذا ، ولكن بعد اللتيا والتي ، لا يسلم التعريف ـ كسابقة ـ عن محذور استعمال المشترك فيه ، فإن الجزئي قد مر أنه مشترك لفظا بين الحقيقي والإضافي ، أو محذور عدم صراحة التعريف.

٨٧

والى الخصوصية التي بها يمتاز عن مشارکاته في تلک الحقيقة. ويسمي مجموع الجواب (الحد التام) کما سيأتي في محله. وتمام الحقيقة المشترکة التي هي الجزء الاول من الجواب هي (الجنس) وقد تقدم. والخصوصية المميزة التي هي الجزء الثاني من الجواب هي :

الفصل

وهو ثالث الکليات. ومن هذا يتضح ان الفصل جزء من مفهوم الماهية ولکنه الجزء المختص بها الذي يميزها عن جميع ما عداها کما ان الجنس جزؤها المشترک الذي أيضا يکون جزءاً للماهيات الأخري.

ويبقي شيء ينبغي ذکره.

وهو أنا کيف نسأل ليقع الفصل وحده جوابا؟ وبعبارة أوضح : ان الفصل وحده يقع في الجواب عن اي سؤال؟

نقول : يقع الفصل جوابا عما اذا سألنا عن خصوصية الماهية التي بها تمتاز عن اغيارها بعد أن نعرف تمام الحقيقة المشترکة بينها وبين اغيارها. فاذا رأينا شبحا من بعيد وعرفنا انه حيوان وجهلنا خصوصيته فبطبيعتنا نسأل فنقول : (أي حيوان هو في ذاته). ولو عرفنا انه جسم فقط لقلنا : (أي جسم هو في ذاته). وان شئت قلت بدل في ذاته : في جوهره أو حقيقته فان المعني واحد. والجواب عن الاول (ناطق) فقط وهو فصل الانسان أو (صاهل) وهو فصل الفرس. وعن الثاني (حساس) مثلا وهو فصل الحيوان.

اذن يصح أن نقول ان الفصل يقع في جواب (أي شيء) وشيء کناية عن الجنس الذي عرف قبل السؤال عن الفصل. وعليه يصح تعريف الفصل بما يأتي :

٨٨

«هو جزء الماهية المختص بها (١) الواقع في جواب أي شيء هو في ذاته»(٢).

تقسيمات

(١) النوع : حقيقي واضافي (٣)

(٢) الجنس : قريب وبعيد ومتوسط(٤).(٥)

(٣) النوع الاضافي : عال وسافل ومتوسط(٦)

(٤) الفصل : قريب وبعيد(٧). مقوّم ومقسّم.(٨)

________________

(١) راجع الحاشية : ص ٤٢ ، وشرح الشمسية : ص ٥٢ ، والجوهر النضيد : ص ١٥ ، وأساس الإقتباس : ص ٢٨ ـ ٢٢ ، والإشارات وشرحه : ص ٨٨ ـ ٨٤ والنجاة : ص ٨ ، والتحصيل : ص ١٨ ، ونهاية الحكمة : ص ٨٢ ، وبداية الحكمة : ص ٥٩.

(٢) لا يخفى أنه جمع بين تعريفين للفصل ، فإن جزء الماهية المختص بها ، تعريف تام والباقي أيضا تعريف تام.

(٣) لا يخفى عليك : أنه بعد ما لم يكن النوع بمعنى واحد منقسما إلى الحقيقي والإضافي بل كان مشتركا لفظيا بين الأمرين ـ كما سيصرح هو أيضا به بعد أسطر ـ لا يصح عده من التقسيمات.

(٤) الصحيح ـ كما عليه الجمهور ـ أن يقال : الجنس : عال ومتوسط وسافل ، وذلك لأن كلا من القريب والبعيد إضافي (نسبي) فالجنس السافل قريب بالإضافة إلى النوع ، والجنس المتوسط الأول قريب بالنسبة إلى الجنس السافل وبعيد بالنسبة إلى النوع ، والجنس المتوسط الثاني قريب بالنسبة إلى الجنس المتوسط الأول وبعيد بالنسبة إلى النوع والجنس السافل ، وجنس الأجناس قريب بالنسبة إلى ما يندرج تحته مباشرة وبعيد بالنسبة إلى غيره.

(٥) راجع الحاشية : ص ٤١ ، وشرح الشمسية : ص ٥٠ ، وشرح المنظومة : ص ٢٣ وشرح المطالع : ص ٨٢ ، واللمعات (منطق نوين) : ص ٩ ، والجوهر النضيد : ص ١٤ ، والإشارات وشرحه : ص ٨٢ ، والتحصيل : ص ١٧.

(٦) راجع شرح المطالع : ص ٨٦ ، والجوهر النضيد : ص ١٤ ، وأساس الإقتباس : ص ٢٩.

(٧) راجع الحاشية ص ٤٣ ، وشرح الشمسية : ص ٥٥ ، والإشارات ص ٨٨.

(٨) راجع الحاشية : ص ٤٤ ، وشرح المطالع : ص ٩١ ، والجوهر النضيد : ص ١٦ ، والإشارات وشرحه : ص ٨٩.

٨٩

(١) لفظ النوع مشترک(١) بين معنيين احدهما (الحقيقي) وهو أحد الکليات الخمسة وقد تقدم. وثانيهما (الاضافي). والمقصود به الکلي الذي فوقه جنس. فهو نوع بالاضافة الى الجنس(٢) الذي فوقه سواء کان نوعا حقيقيا او لو يکن کالانسان بالاضافة الى جنسه وهو الحيوان وکالحيوان بالاضافة الى جنسه وهو الجسم النامي وکالجسم النامي بالاضافة الى الجسم المطلق وکالجسم المطلق بالاضافة الى الجوهر

(٢) قد تتألف سلسلة من الکليات يندرج بعضها تحت بعض کالسلسلة المتقدمة التي تبتديء بالانسان وتنتهي بالجوهر. فاذا ذهبت بها (متصاعدا) من الانسان فمبدؤها (النوع) وهو الانسان في المثال وبعده الجنس الادني الذي هو مبدأ سلسلة الاجناس. ويسمي (الجنس القريب)(٣) لانه أقربها الى النوع. ويسمي أيضا (الجنس السافل). وهو الحيوان في المثال.

ثم هذا الجنس فوقه جنس أعلي(٤) ... حتي تنتهي الى الجنس الذي ليس فوقه جنس. ويسمي (الجنس البعيد) و (الجنس العالي) و (الجنس الأجناس). وهو الجوهر في المثال. أما ما بين السافل والعالي فيسمّى

________________

(١) راجع الحاشية : ص ٤٠ ، وشرح الشمسية : ص ٧١ ، وشرح المنظومة : ص ٢٥ ، وتعليقة الأستاذ حسن زادة في المقام والجوهر النضيد : ص ١٥ ، والإشارات وشرحه : ص ٧٩ ـ ٨١.

(٢) أي الكلي الذاتي الذي فوقه جنس ، أو يراد ما يكون فوقه جنس بلا واسطة ، فلا يكون إلا ذاتيا. كل ذلك لأن الصنف ليس من النوع الإضافي في شئ.

(٣) لا يخفى عليك : أن كلا من الجنس القريب والبعيد إضافي ، فالجنس السافل قريب

بالإضافة إلى النوع ، والجنس المتوسط الأول قريب بالنسبة إلى الجنس السافل وبعيد بالنسبة إلى النوع ، والجنس المتوسط الثاني قريب بالنسبة إلى المتوسط الأول وبعيد بالنسبة إلى النوع والجنس السافل ، وجنس الأجناس قريب بالنسبة إلى ما يكون دونه مباشرة وبعيد

بالنسبة إلى غيره.

(٤) الظاهر كلمة «أعلى» زائدة.

٩٠

«الجنس المتوسط» ويسمي (بعيدا) أيضا کالجسم المطلق والجسم النامي.

فالجنس عليه هذا قريب وبعيد ومتوسط أو سافل وعال ومتوسط.

(٣) واذا ذهبت في السلسلة متنازلا مبتدئا من جنس الاجناس الى ما دونه حتي تنتهي الى النوع الذي ليس تحته نوع. فما کان بعد جنس الاجناس يسمي (النوع العالي) وهو مبدأ سلسلة الانواع الاضافية وهو الجسم المطلق في المثال. واخيرها أي منتهي السلسلة يسمي (نوع الانواع) أو (النوع السافل) وهو الانسان في المثال. اما ما يقع بين العالي والسافل فهو (المتوسط) کالحيوان والجسم النامي. فالجسم النامي جنس متوسط ونوع متوسط.

اذن النوع الاضافي : عال ومتوسط وسافل.

(تنبيه)

يتضح مما سبق ان کلا من المتوسطات لا بد أن يکون نوعا لما فوقه وجنسا لما تحته. والمتوسط النوع والجنس قد يکون واحد اذا تألفت سلسلة الکليات من أربعة وقد يکون أکثر اذا کانت السلسلة أکثر من اربعة.

فمثال الاول : (الماء) المندرج تحت (السائل) المندرج تحت (الجسم) المندرج تحت (الجوهر). أو (البياض) المندرج تحت (اللون) المندرج تحت (الکيف المحسوس) المندرج تحت (الکيف).

ومثال الثاني : سلسلة الانسان الى الجوهر المؤلفة من خمسة کليات کما تقدم أو (متساوي الساقين) المندرج تحت (المثلث) المندرج تحت (الشکل (١) المستقيم الاضلاع) المندرج تحت (الشکل المستوي)

________________

(١) الصحيح أن يقال بدله : «السطح المستقيم الأضلاع ، المندرج تحت السطح المستوي ، المندرج تحت السطح المندرج تحت الكم» فإن الشكل ليس من مقول الكم ، وإنما هو

٩١

المندرج تحت (الشکل) المندرج تحت (الکم). وهذه السلسلة مؤلفة من ستة کليات والانواع المتوسطة ثلاثة (المثلث والشکل المستقيم الاضلاع والشکل المستوي). والاجناس المتوسطة ثلاثة أيضا (الشکل المستقيم الاضلاع والشکل المستوي والشکل.

(٤) وکل نوع اضافي لا بد له من فصل يکون جزءاً من ماهيته يقومها ويميزها عن الانواع الاخر التي في عرضه المشترکة معه في الجنس الذي فوقه کما يقسم الجنس الى قسمين احدهما نوع ذلک الفصل وثانيهما ما عداه کالحساس المقوم للحيوان والمقسم للجسم النامي الى حيوان وغير حيوان فيقال : الجسم النامي حساس وغير حساس.

ولکن الفصل الذي يقوّم نوعه المساوي له لا بد أن يقوّم أيضا ما تحته من الانواع. فالحساس المقوم للحيوان يقوم الانسان وغيره من أنواع الحيوان أيضا. لان الفصل للعالي لا بد ان يکون جزءا من العالي والعالي جزء من السافل وجزء الجزء جزء. فيکون الفصل المقوم للعالي جزءا من السافل فيقومه.

والقاعدة العامة أن نقول : «مقوم العالي مقوم السافل» ولا عکس.

والفصل أيضا اذا لوحظ بالقياس الى نوعه المساوي له قيل له

________________

من الكيفيات المختصة بالكميات. هذا إذا كان المثلث من أقسام السطح وإن كان من أقسام الشكل فما ذكره ـ أعلى الله مقامه ـ هو في محله ، إلا قوله الأخير : «المندرج تحت الكم» فإنه لابد أن يبدل بقولنا : «المندرج تحت الكيف».

(١) وذلك لأن له جنسا ، فبالضرورة لابد له من فصل يقومه ويميزه عن مشاركاته في الجنس. وأما النوع الحقيقي فهو على قسمين : مركب لابد له من الفصل لأنه جزؤه ، وبسيط لا فصل له.

(٢) لا يخفى عليك : أن كلا من العالي والسافل هنا أريد منه معناه اللغوي ، لا العالي والسافل المصطلحين في ترتب الأجناس والأنواع.

٩٢

(الفصل القريب) کالحساس بالقياس الى الحيوان والناطق بالقياس الى الانسان. واذا لو حظ بالقياس الى النوع الذي تحت توعه قيل له (الفصل البعيد) کالحساس بالقياس الى الانسان.

والخلاصة : ان الفصل الواحد يسمي قريبا وبعيدا باعتبارين. ويسمي مقوما ومقسما باعتبارين.

الذاتي والعرضي (١)

للذاتي والعرضي اصطلاحات في المنطق تختلف معانيها. ولا يهمنا الآن التعرض الا لاصطلاحهم في هذا الباب وهو الذي يسمونه بکتاب (ايساغوجي) أي کتاب الکليات الخمسة حسب وضع مؤسس المنطق الحکيم (ارسطو). وکان علينا أن نتعرض لهذا الاصطلاح في أول بحث الکليات الخمسة لولا انا اردنا ايضاح المعني المقصود منه بتقديم شرح الکليات الثلاثة المتقدمة فنقول :

١ ـ (الذاتي) : هو المحمول الذي تتقوم ذات الموضوع به غير خارج عنها. ونعني (بما تتقوم ذات الموضوع به) ان ماهية الموضوع لا تتحقق الا به فهو قوامها سواء کان هو نفس الماهية کالانسان المحمول على زيد وعمر واو کان جزءاً منها کالحيوان المحمول على الانسان أو الناطق المحمول عليه فان نفس الماهية أو جزأها يسمي (ذاتيا).

وعليه فالذاتي يعم النوع والجنس والفصل لان النوع نفس الماهية الداخلة في ذات الافراد والجنس والفصل جزآن داخلان في ذاتها.

٢ ـ (العرضي) هو المحمول الخارج عن ذات الموضوع لا حقاله بعد

________________

(١) راجع شرح المنظومة : ص ٢٩ ، وشرح المطالع : ص ٦٣ ، والجوهر النضيد : ص ١٠ ، وأساس الاقتباس : ص ٢١ ، والإشارات وشرحه : ص ٣٨ وص ٦٥ ، والتحصيل : ص ٩.

(٢) كان الأولى أن يقول : المحمول على نفسه حيث يقال : الإنسان إنسان.

٩٣

تقومه بجميع ذاتياته کالضاحک اللاحق للانسان والماشي اللاحق للحيوان.

وعند ما يتضح هذا الاصطلاح ندخل الآن في بحث باقي الکليات الخمسة وقد بقي منها اقسام العرضي فان العرضي ينقسم الي :

الخاصة والعرض العام

لان العرضي : وإما ان يختص بموضوعه الذي حمل عليه أي لا يعرض لغيره فهو (الخاصة) سواء کانت مساوية لموضوعها کالضاحک (١) بالنسبة الى الانسان او کانت مختصة ببعض افراده کالشاعر والخطيب والمجتهد العارضة على بعض أفراد الانسان. وسواء کانت خاصة للنوع الحقيقي کالامثلة السابقة او للجنس المتوسط کالمتحيز خاصة الجسم والماشي خاصة الحيوان او لجنس الاجناس کالموجود (٣) لا في موضوع خاصة الجوهر.

وإما ان يعرض لغير موضوعه أيضا أي لا يختص به فهو (العرض العام) کالماشي بالقياس الى الانسان والطائر بالقياس الى الغراب والمتحيز بالقياس الى الحيوان او بالقياس الى الجسم النامي.

وعليه يمکن تعريف الخاصة والعرض العام بما يأتي :

________________

(١) بالقوة.

(٢) يفهم من هذا المثال وجود سقط في العبارة لابد من الإتيان به لاستيفاء الأقسام ولتحقق ممثل لهذا المثال ، وذلك بأن يزاد بعد قوله : «أو للجنس» قولنا : «أو للنوع» أو يزاد بعد قوله : «المتوسط» قولنا : «أو القريب».

ثم لا يخفى عليك ما في عطف هذا على ما قبله فإن الحيوان ليس جنسا متوسطا فكان اللازم أن يقول : أو للجنس السافل كالماشي خاصة الحيوان.

(٣) منه يعلم أن مقسم الكليات الخمسة ليس هي الماهية ، بل أعم منها.

٩٤

(الخاصة) (١) : الکلي الخارج المحمول الخاص بموضوعه.

(العرض العام) (٢) : الکلي الخارج المحمول على موضوعه وغيره.

تنبيهات وتوضيحات

١ ـ قد يکون الشيء الواحد خاصة بالقياس الى موضوع وعرضا عاما بالقياس الى آخر کالماشي فانه خاصة للحيوان وعرض عام للانسان. ومثله الموجود لا في موضوع والمتحيز ونحوها مما يعرض الاجناس(٣).

٢ ـ وقد يکون الشيء الواحد عرضيا بالقياس الى موضوع وذاتيا بالقياس الي آخر کالملون (٤) فانه عرضي بالقياس مع انه جنس للابيض والاسود ونحوهما. ومثله مفرق البصر فانه عرضي بالقياس الى الجسم مع انه فصل للابيض لان الابيض (ملون مفرق البصر) (٥).

٣ ـ کل من الخاصة والفصل قد يکون مفردا وقد يکون مرکبا (٦).

________________

(١) راجع الحاشية : ص ٤٦ ، وشرح الشمسية : ص ٥٩ ، وشرح المطالع : ص ٩٦ ، الإشارات وشرحه : ص ٩٠ ، والتحصيل : ص ١٨.

(٢) راجع شرح الشمسية : ص ٥٩ ، وشرح المطالع : ص ٩٦ ، والجوهر النضيد : ص ١٧ ، والإشارات ، ص ٩٠ ، والتحصيل ، ص ١٩.

(٣) وأما ما يعرض النوع الحقيقي من الخواص فهي خاصته ، ولا يتصور كونها عرضا عاما أيضا ، اللهم إلا بالنسبة إلى الصنف.

(٤) بضم الميم وسكون اللام وفتح الواو وتشديد النون ، أي : ذي اللون.

(٥) أي مفرق نور البصر. ولا يخفى عليك أن تعريف الأبيض هذا مبتن على ما كان يراه بعض الطبيعيين القدماء من أن الرؤية إنما هي بخروج الشعاع من العين ووقوعه على المرئي.

(٦) لا يخفى : أنه يختلف الوجه في الإتيان به مركبا بحسب الأمثلة. فقد يكون الوجه فيه عدم كون كل من الجزءين بمفرده مساويا للموضوع ، وبالتالي لا يمكن أن يكون بمفرده خاصة أو فصلا ـ كما في المثال الأول ـ فيركب عرضيان عامان ـ مثلا ـ للحصول على الخاصة. وقد يكون الوجه فيه ـ ويبدو أن هذا الوجه مختص بالفصل ، كما أن الوجه السابق مختص

٩٥

مثال المفرد منهما الضاحک والناطق. ومثال المرکب من الخاصة قولنا للانسان : «منتصب القامة بادي البشرة». ومثال المرکب من الفصل قولنا للحيوان : «حساس متحرک بالارادة».

الصنف

٤ ـ تقدم ان الفصل يقوم النوع ويميزه عن أنواع جنسه أي يقسم ذلک الجنس أو فقل (ينوع) الجنس. اما الخاصة فانها لا تقوّم لاکلي الذي تختص به قطعا الا انها تميزه عن غيره أي انها تقسم ما فوق ذلک الکلي. فهي کالفصل من هذه الناحية في کونها تقسم الجنس وتزيد عليه (١) بأنها تقسم العرض العام أيضا کالموجود لا في موضوع الذي يقسم (الموجود) (٢) الى جوهر وغير جوهر.

وتزيد عليه أيضا بأنها تقسم کذلک النوع وذلک عندما تختص ببعض أفراد النوع کما تقدم کالشاعر المقسم للانسان. وهذا التقسيم للنوع يسمي في الصطلاح المنطقيين (تصنيفا) وکل قسم من النوع يسمي (صنما).

فالصنف کل کلي اخص من النوع (٣) ويشترک مع باقي اصناف النوع

________________

بالخاصة ـ أن الفصل الحقيقي لما كان مجهولا فيؤخذ لازمه ويذكر مقامه ، فربما كان اللازم أكثر من واحد فيوضع جميعا مقام الفصل الحقيقي ـ كما في المثال الثاني ـ راجع بداية الحكمة ، الفصل الخامس من المرحلة الخامسة.

(١) أي تزيد الخاصة على الفصل كما هو الظاهر ، ويؤيده ما سيأتي بعد سطرين من قوله : «وتزيد عليه أيضا» هذا ، ولكن لا يخفى أن هذا ـ على خلاف ما سيأتي ـ ليس زيادة للخاصة على الفصل ، فإن الفصل أيضا يقسم العرض العام ، فإن الناطق ـ مثلا ـ يقسم الماشي والمتحيز والموجود لا في موضوع ، والموجود ، وهي أعراض عامة للإنسان والجسم النامي والجسم والجوهر.

(٢) أيضا منه يعلم ، أن مقسم الكليات الخمسة ليست هي الماهية.

(٣) لا يخفى عليك التهافت بين ما ذكره هنا في تعريف الصنف وبين ما يأتي في مبحث القسمة ص ١١٢ ـ ١١٣ والصحيح ما ذكره هناك من أن الصنف بعد كل كلي ذاتي قيد بخاصة

٩٦

في تمام حقيقتها ويمتاز عنها بأمر عارض خارج عن الحقيقة.

والتصنيف کالتنويع الا ان التنويع للجنس باعتبار الفصول الداخلة في حقيقة الاقسام. والتصنيف للنوع باعتبار الخواص الخارجة عن حقيقة الاقسام کتصنيف الانسان الى شرقي وغربي والى عالم وجاهل والى ذکر وانثي ... وکتصنيف الفرس الى أصيل وهجين وتصنيف النخل الى ذهدي وبربن وعمراني ... الى ما شاء الله من التقسيمات للانواع باعتبار أمور عارضة خارجة عن حقيقتها.

الحمل وانواعه

٥ ـ وصفنا کلا من الکليات الخمسة (بالمحمول). وأشرنا الى ان الکلي المحمول ينقسم الى الذاتي والعرضي. وهذا امر يحتاج الى التوضيح والبيان.

لان سائلا قد يسأل فيقول : ان النوع قد يحمل على الجنس کما يقال مثلا : الحيوان النسان وفرس وجمل ... الى آخره مع ان الانسان بالقياس الى الحيوان ليس ذاتيا له لانه ليس تمام الحقيقة ولا جزأها ولا عرضيا خارجا عنه (١). افهناک واسطة بين الذاتي والعرضي ام ماذا؟

وقد يسأل ثانيا فيقول : ان الحد التام يحمل على النوع والجنس (٢) کما يقال : الانسان حيوان ناطق. والحيوان جسم تام حساس متحرک

________________

أخص ، أو فقل هو الخاصة الأخص سواء كانت خاصة النوع أو خاصة الجنس.

(١) فيه : أنه عرضي خارج ، فإن الإنسان ليس من مقومات الحيوان ، بل خارج عن حقيقة محمول عليه ولا نعني بالعرضي إلا هذا. فما تكلفه من تقسيم الحمل إلى طبعي ووضعي وتخصيص المقصود بالأول لا وجه له ، سيما بالالتفات إلى أن الذاتي والعرضي في معنى الداخل في حقيقة الشئ وغير الداخل فيها ، فلا يخلو محمول ـ بأي حمل حمل ـ منهما ، وإلا لزم ارتفاع النقيضين فيه.

(٢) غير الجنس العالي ، إذ لا جنس للعالي فلا فصل له أيضا ، فلا حد له.

٩٧

بالارادة. وعليه فالحد التام کلي محمول وهو تمام حقيقة موضوعه مع انه ليس نوعا له (١) ولا جنسا ولا فصلا فينبغي ان يجعل للذاتي قسما رابعا. بل لا ينبغي تسميته بالذاتي لا نه هو نفس الذات (٢) والشيء لا ينسب الى نفسه ولا بالعرضي لانه ليس بخارج عن موضوعه فيجب ان يکون واسطة بين الذاتي والعرضي.

وقد يسأل ثالثا فيقول : ان المنطقيين يقولون ان الضحک خاصة الانسان والمشي عرض عام له مثلا مع ان الضحک والمشي لا يحملان على الانسان فلا يقال الانسان ضحک وقد ذکرتم ان الکليات کلها محمولات على موضوعاتها فما السر في ذلک؟

ولکن هذا السائل اذا اتضح له المقصود من (الحمل) ينقطع لديه الکلام (٣) فان الحمل له ثلاثة تقسيمات. والمراد منه هنا بعض اقسامه في کل من التقسيمات فنقول :

١ ـ الحمل : طبعي ووضعي

اعلم ان کل محمول فهو کلي حقيقي لان الجزئي الحقيقي بما هو جزئي لا يحمل على غيره (٤). وکل کلي أعم بحسب المفهوم فهو محمول

________________

(١) فيه : أنه نوع ، لأنه هو نفس مفهوم الإنسان كما سيصرح به في أحكام الحد التام. وأيضا النوع هو المقول على الكثرة المتفقة الحقيقة في جواب ما هو ، وهذا التعريف كما يصدق على الإنسان يصدق على حده التام ، فإنه إذا لم يعلم الإنسان وجب الجواب بحده التام في جواب زيد وعمرو وبكر ما هو.

(٢) أقول قد مر في ص ٩٣ منه (قدس سره) : أن الذاتي يراد به هنا ما يعم الذات والذاتي.

(٣) أقول قد عرفت الجواب عن السؤالين الأول والثاني ، والأولى في الجواب عن الثاني أن المراد بالحمل أعم من المواطاة والاشتقاق ، هذا ويبدو أن الأولى حذف هذه الأسئلة وأجوبتها من الكتاب بل لابد من حذف العنوان السابق وما بعده إلى عنوان «العروض ومعناه الحمل».

(٤) هذا ما اختاره هو (قدس سره) تبعا لجمع من المحققين ، وخالفهم جمع آخر وجوزوا حمل الجزئي على الجزئي ، بل على الكلي. فلا تغفل.

٩٨

بالطبع على ما هو أخص منه مفهوما کحمل الحيوان على الانسان والانسان على محمد بل وحمل الناطق على الانسان. ويسمي مثل هذا (حملا طبعيا) أي اقتضاه الطبع ولا يأباه.

واما العکس وهو حمل الأخص مفهوما على الاعم فليس هو حملا طبعيا بل بالوضع والجعل لانه يأباه الطبع ولا يقبله فلذلک يسمي (حملا وضعيا) أو جعليا.

ومرادهم بالاعم بحسب المفهوم غير الاعم بحسب المصداق الذي تقدم الکلام عليه في النسب : فان الاعم قد يراد منه الاعم باعتبار وجوده في أفراد الاخص وغير افراده کالحيوان بالقياس الى الانسان وهو المعدود في النسب. وقد يراد منه الاعم باعتبار المفهوم فقط (١) وان کان مساويا بحسب الوجود کالناطق بالقياس الى الانسان فان مفهومه انه شيء ما له النطق من غير التفات الى کون ذلک الشيء انسانا أو لم يکن (٢) وانما يستفاد کون الناطق انسانا دائما من خارج المفهوم.

فالناطق بحسب المفهوم أعم من الانسان وکذلک الضاحک وان کانا بحسب الوجود مساويين له ... وهکذا جميع المشتقات لا تدل على خصوصية ما تقال عليه کالصاهل بالقياس الى الفرس والباغم للغزال والصادح للبلبل والماشي للحيوان.

واذا اتضح ذلک يظهر الجواب عن السؤال الاول لان المقصود من المحمول في الکليات الخمسة المحمول بالطبع لا مطلقا.

________________

(١) والملاك في الأعم والأخص مفهوما هو أخذ مفهوم آخر في مفهومه وعدمه ، فكل مفهوم اخذ فيه مفهوم آخر فهو أخص منه ، وكل مفهوم لم يؤخذ فيه مفهوم آخر فهو أعم. فالإنسان أخص مفهوما من الحيوان ، لأنه أخذ في مفهومه الحيوان ، وكذا الإنسان بالنسبة إلى الناطق. وأما الناطق والحيوان فكل منهما أعم من الإنسان ، لعدم كون الإنسان مأخوذا فيهما جزءا من مفهومهما. ومن هنا يعلم أن كلا من الضاحك والناطق أعم من الآخر ، كما يعلم أن كل مفهوم بالنسبة إلى مفهوم آخر لا يخلو من كونه أعم أو أخص.

(٢) أو عدمه ، ظ.

٩٩

٢ ـ الحمل : ذاتي اولي وشايع صناعي

واعلم ان معني الحمل هو الاتحاد بين شيئين لان معناه ان هذا ذلک. وهذا المعني کما يتطلب الاتحاد بين الشيئين يستدعي المغايرة بينهما ليکونا حسب الفرض شيئين. ولولاها لم يکن الا شيء واحد لا شيئان.

وعليه لا بد في الحمل من اتحاد من جهة والتغاير من جهة أخري کيما يصح الحمل. ولذا لا يصح الحمل بين المتباينين اذ لا اتحاد بينهما. ولا يصح حمل الشيء على نفسه (١) اذ الشيء لا يغاير نفسه.

ثم ان هذا الاتحاد اما أن يکون في المفهوم فالمغايرة لا بد أن تکون اعتبارية (٢). ويقصد بالحمل حينئذ ان مفهوم الموضوع هو بعينه نفس مفهوم المحمول وماهيته (٣) بعد ان يلحظا متغايرين بجهة من الجهات. مثل قولنا : (الانسان حيوان ناطق) فان مفهوم الانسان ومفهوم حيوان ناطق واحد الا ان التغاير بينهما بالاجمال والتفصيل وهذا النوع من الحمل يسمي (حملا ذاتيا اوليا)(٤).

واما ان يکون الاتحاد في الوجود والمصداق والمغايرة بحسب

________________

(١) أي لا يصح الحمل إذا لم يكن هناك إلا شئ واحد ، فإنه لا يصح إلا لواحد من الموضوع والمحمول ، مع أن الحمل يحتاج إلى أمرين : موضوع ومحمول.

(٢) أي : تكون بحسب ملاحظة القاصد للحمل كأن يلاحظ الشئ تارة إجمالا ، وأخرى تفصيلا كقولنا : الإنسان حيوان ناطق ، أو يلاحظه تارة موضوعا وأخرى محمولا كما في قولنا : الإنسان إنسان.

(٣) لا يخفى أنه ليس مفاد هذا الحمل ، أن مفهوم الموضوع هو بعينه نفس مفهوم المحمول ، بل مفاده أن الموضوع والمحمول متحدان مفهوما سواء كان الحكم على المفهوم أو على المصداق ، وبعبارة أخرى هو أعم من أن يراد به أن مفهوم الموضوع هو مفهوم المحمول ، أو يراد به أن حقيقة مصداق الموضوع هو حقيقة مصداق المحمول ، أي أن ذاتيهما واحد.

(٤) يسمى ذاتيا لاختصاص عمل الذات على نفسه ، وأوليا لكون القضايا المشتملة عليه من الأوليات لا تحتاج إلى شئ سوى تصور الموضوع والمحمول والنسبة.

١٠٠