المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

صدق عکس نقيض الاصل (تحويل الاول) الصادق على تقدير صدق الاصل فيصدق التحويل الثاني على تقدير صدق الاصل وهذا هو المقصود اثباته فتوصلنا الى المطلوب بأخصر طريق.

وسنتبع هذه الطريق السهلة فيما يأتي لنقض الموضوع والنقض التام ويمکن اجراؤها أيضا في البرهان على عکوس النقيض باستخدام منقوضة المحمول. وعلى الطالب أن يستعمل الحذق وينتبه الى أنه أي التحويلات ينبغي استخدامه حتي يتوصل الى مطلوبه.

تحويل معدولة المحمول

(التنبيه الثاني) (١) وقد استعملنا في عکس النقيض ونقض المحمول طريقتين (٢) من التحويل الملازم للاصل في الصدق وفي الحقيقة هما من باب نقض المحمول ولکن لبداهتهما استدللنا بهما قبل ان يأتي البرهان على منقوضة المحمول ولذا لم نسمها بنقض المحمول وهما :

أ ـ (تحويل الموجبة المعدولة الى سالبة محصلة المحمول موافقة لها في الکم) لأن مؤداهما واحد وانما الفرق ان السلب محمول في الموجبة والحمل مسلوب في السالبة.

ب ـ تحويل السالبة المعدولة المحمول الى موجبة محصلة المحمول موافقة لها في الکم لان سلب السلب ايجاب. وهذا بديهي واضح.

__________________

(١) قد ورد في النسخ المطبوعة قوله : «التنبيه الثاني» بعد قوله : «معدولة المحمول» والمناسب للسياق ما أثبتناه.

(٢) الطريقة الأولى : استعملها في البرهان على عكس نقيض السالبة الجزئية بالمخالف. والثانية استعملها في البرهان على عدم انعكاس الموجبة الجزئية بعكس النقيض المخالف. وكذا في البرهان على نقض محمول السالبة الكلية.

٢٢١

تمرينات

١ ـ برهن على نقض محمول الموجبة الکلية بطريق البرهان على کذب النقيض.

٢ ـ برهن على نقض محمول السالبة الجزئية بطريق البرهان على کذب النقيض.

٣ ـ برهن على نقض محمول السالبة الجزئية بطريقة تحويل الاصل بأخذ عکس النقيض الموافق اولا ثم استمر الى أن تستخرج منقوضة المحمول.

٤ ـ جرب هل يمکن البرهان على نقض محمول الموجبة الجزئية بطريقة تحويل الاصل.

٥ ـ برهن على نقض محمول السالبة الکلية بطريقة تحويل الاصل. وانظر ماذا ستکون النتيجة وبين ما تجده.

٦ ـ برهن على عکس النقيض المخالف والموافق لکل من المحصورات. عدا الموجبة الجزئية بطريقة تحويل الاصل واستخدم لهذا الغرض قاعدتي نقض المحمول والعکس المستوي فقط.

٧ ـ جرب أن تبرهن على عکس النقيض المخالف والموافق للموجبة الجزئية بهذه الطريقة وانظر انک ستقف فلا تستطيع الوصول الى النتيجة فبين أسباب الوقوف.

قاعدة النقض التام ونقض الموضوع

لاستخراج (منقوضة الطرفين) صادقة علينا أن نستبدل بموضوع

٢٢٢

القضية الاصلية نقيضه فنجعله موضوعا وبمحمولها نقيضه فنجعله محمولا مع تغيير الکم دون الکيف.

ولاستخراج (منقوضة الموضوع) صادقة علينا أن نستبدل بموضوع القضية الاصلية نقيضه فنجعله موضوعا ونبقي المحمول على حاله مع تغيير الکم والکيف معا.

ولا ينقض بهذين النقضين الا الکليتان. ولا بد من البرهان لکل من المحصورات :

١ ـ (الموجبة الکلية) نقضها التام موجبة جزئية ونقض موضوعها سالبة جزئية نحو کل فضة معدن فنقضها التام : (بعض اللافضة هو لا معدن) ونقض موضوعها : (بعض اللافضة ليس هو معدنا).

وللبرهان على ذلک نقول :

المفروض صدق

کل ب حـ

والمدعي صدق

ع بَ حَـ

(المطلوب الاول)

وصدق

س بَ حـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

اذا صدق

کل ب حـ

صدق

کل حَـ بَ

عکس النقيض الموافق

فيصدق عکسه المستوي

ع بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

وتنقض محمول هذا الاخير فيحدث س بَ حـ (وهو المطلوب الثاني)

٢ ـ (السالبة الکلية) نقضها التام سالبة جزئية ونقض موضوعها موجبة جزئية نحو : لا شيء من الحديد بذهب فنقضها التام : (بعض اللاحديد ليس بلا ذهب) ونقض موضوعها : (بعض اللاحديد ذهب).

وللبرهان على ذلک نقول :

٢٢٣

المفروض صدق

لا ب حـ

والمدعي صدق

س بَ حَـ

(المطلوب الاول)

وصدق

ع بَ حَـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

اذا صدق

لا ب حـ

صدق

لا حـ ب

العکس المستوي

فيصدق عکس نقيضه الموافق

س بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

وننقض محمول هذا الأخير فيحدث ع بَ حـ (وهو المطلوب الثاني)

٣ و ٤ ـ (الجزئيتان) ليس لهما نقض تام ولا نقض موضوع. وللبرهنة لعي ذلک يکفي البرهان على عدم نقضهما الى الجزئية فيعلم بطريق اولي عدم نقضهما

الي الکلية کما قدمنا في عدم انعکاس الموجبة الجزئية بعکس النقيض فنقول :

(في الموجبة الجزئية) :

المفروض صدق

ع ب حـ

المدعي ال تصدق دائما

ع بَ حَـ

(المطلوب الاول)

ولا تصدق دائما

س بَ حَـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

تقدم في عکس النقيض في الموجبة الجزئية ان في بعض تقاديرها تکون النسبة بين نقيضي طرفيها التباين الکلي فتصدق حينئذ السالبة الکلية :

لا بَ حَ

فيکذب نقيضها

ع بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

٢٢٤

وتصدق أيضا منقوضة محمول هذه السالبة الکلية

کل بَ حـ

فيکذب نقيضها

س بَ حَـ

(وهو المطلوب الثاني)

(وفي السالبة الجزئية) :

المفروض صدق

س ب حـ

والمدعي لا تصدق دائما

س بَ حَـ

(المطلوب الاول)

ولا تصدق دائما

ع بَ حـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

في السالبة الجزئية قد يکون الموضوع أعم من المحمول مطلقا نحو بعض الحيوان ليس بانسان ولما کان :

(اولا) نقيض الاعم اخص من نقيض الاخص مطلقا. فتصدق اذن الموجبة الکلية :

کل بَ حَـ

فيکذب نقيضها

س بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

و (ثانيا) نقيض الاعم يباين عين الاخص تباينا کليا فتصدق اذن السالبة الکلية :

لا بَ حـ

فيکذب نقيضها

ع بَ حـ

(وهو المطلوب الثاني)

٢٢٥

لوح نسب المحصورات

الاصل

النقيض

العکس المستوي

عکس النقيض الموافق

عکس النقيض المخالف

نقض المحمول

نقض الطرفين

نقض الموضوع

کل ب حـ

س ب حـ

ع حـ ب

کل حَـ بَ

لا حَـ ب

لا ب حـ

ع بَ حـ

س بَ حـ

ع ب حـ

لاب حـ

ع حـ ب

س ب حَـ

لا ب حـ

ع ب حـ

لا حـ ب

س حَـ بَ

ع حَـ ب

کل ب حَـ

س بَ حَـ

ع بَ حـ

س ب حـ

کل ب حـ

س حَـ بَ

ع حَـ ب

ع ب حَـ

٢٢٦

البديهة (١) المنطقية

أو

الاستدلال المباشر البديهي

جميع ما تقدم من احکام القضايا (النقيض والعکوس والنقض) هي من نوع الاستدلال المباشر بالنسبة الى القضية المحولة عن الاصل أي النقيض والعکس والنقض لأنه يستدل في النقض من صدق احدي القضيتين على کذب الاخري وبالعکس ويستدل في الباقي من صدق الاصل على صدق ما حول اليه عکسا أو نقضا أو من کذب العکس والنقض على کذب الاصل.

وسميناه مباشرا لأن انتقال اذهن الى المطلوب أعني کذب القضية أو صدقها انما يحصل من قضية (٢) واحدة معلومة فقط بلا توسط قضية أخري.

وقد تقدم البرهان على کل نوع من أنواع الاستدلال المباشر. وبقي

__________________

(١) البديهية ، ظ.

(٢) أقول : لعل وجه تسميته بالمباشر عدم توسط الحد الأوسط فيه ، فإن الاستدلال غير المباشر ـ وهو الذي تركب من أكثر من قضية واحدة ـ يحتاج إلى الحد الأوسط حتى يربط بين الأصغر والأكبر.

٢٢٧

نوع آخر منه بديهي لا يحتاج الى أکثر من بيانه. وقد يسمي (البديهية المنطقية) فنقول :

من البديهيات في العلوم الرياضية انه اذا أضفت شيئا واحداً الى کل من الشيئين المتساويين فان نسبة التساوي لا تتغير فلو کان :

ب = حـ

وأضفت الى کل منهما عددا معينا مثل عدد (٤) لکان :

ب + ٤ = حـ + ٤

وکذلک اذا طرحت من کل منهما عددا معينا أو ضربتهما فيه أو قسمتهما عليه کعدد ٤ فان نسبة التساوي لا تتغير فيکون :

ب ـ ٤ = حـ ـ ٤

وب * ٤ = حـ * ٤

وب = حـ

وکذا لا تتغير النسبة لو کان ب أکبر من حـ أو أصغر منه فانه يکون ب + ٤ اکبر من حـ + ٤ او اصغر منه

وب ـ ٤ اکبر من حـ ـ ٤ أو اصغر منه وهکذا

ونظير ذلک نقول في القضية فانه لو صح أن تزيد کلمة على موضوع القضية ونفس الکلمة على محمولها فان نسبة القضية لا تتغير بمعني بقاء الکم والکيف والصدق.

فاذا صدق : کل انسان حيوان واضفت کلمة (رأس) الى طرفيها صدق : کل (رأس) انسان (رأس) حيوان.

أو اضفت کلمة (يجب) مثلا صدق : کل (من يجب) انسانا (يحب) حيوانا

واذا صدق : لا شيء من الحيوان بحجر صدق : لا شيء من الحيوان (مستلقيا) بحجر (مستلقيا)

٢٢٨

واذا صدق : بعض المعدن ليس بذهب صدق : بعض (قطعة) المعدن ليس (بقطعة) ذهب

وهکذا يمکن لک أن تحول کل قضية صادقة الى قضية أخري صادقة بزيادة کلمة تصح زيادتها على الموضوع والمحمول معا بغير تغيير في کم القضية وکيفها سواء کانت الکلمة مضافة أو حالا أو وصفا أو فعلا او اي شيء آخر من هذا القبيل (١).

__________________

(١) لا يخفى عليك : إن هذا في غير ما يفيد معنى المنفي ، مثل «لا» و «غير» و «دون» و ... فإن زيادته على الموضوع والمحمول يكون من نقض الطرفين ، وهو بعد اختصاصه بالكليتين يستلزم تقييد الكم أيضا. كما مر. فلعله لم يستثنه اعتمادا على ما مر من بيان حكم نقض الطرفين على حدة.

٢٢٩
٢٣٠

البابُ الخامِس

الحُجّة وَهَيئة تألِيفها

أو

مَباحثُ الاسْتِدلالِ

٢٣١

تصدير

ان اسمي هدف للمنطقي وأقصي مقصد له (مباحث الحجة) أي مباحث المعلوم التصديقي الذي يستحدم للتوصل الى معرفة المجهول التصديقي. أما ما تقدم من الابواب فکلها في الحقيقة مقدمات لهذا المقصد حتي مباحث المعرف لان المعرف انما يبحث عنه ليستعان به على فهم مفردات القضية من الموضوع والمحمول.

و (الحجة) عندهم عبارة عما يتألف من قضايا يتجه بها الى مطلوب يستحصل بها وانما سميت (حجة) لانه يحتج بها على الخصم لاثبات المطلوب وتسمي (دليلا) لانها تدل على المطلوب وتهيئتها وتأليفها لاجل الدلالة يسمي (استدلالا).

ومما يجب التنبيه عليه قبل کل شيء : ان القضايا ليست کلها يجب أن تطلب بحجة والا لما انتهينا الى العلم بقضية أبدا بل لا بد من الانتهاء الى قضايا بديهية ليس من شأنها ان تکون مطلوبة وانما هي المباديء للمطالب وهي رأس المال للمتجر العلمي.

طريق الاستدلال او اقسام الحجة

من منا لم يحصل له العلم بوجود النار عند رؤية الدخان ومن ذا

٢٣٢

الذي لا يتوقع صوت الرعد عند مشاهدة البرق في الحساب؟ ومن ذا الذي لا يستنبط أن النوم يجم القوي وأن الحجر يبتل بوضعه في الماء وان السکينة تقطع الاجسام الطرية؟ وقد نحکم على شخص بأنه کريم لانه يشبه في بعض صفاته کريما نعرفه أو نحکم على قلم بأنه حسن لأنه يشبه قلما جربناه ... وهکذا الى آلاف من أمثال هذه الاستنتاجات تمر علينا کل يوم.

وفي الحقيقة ان هذه الاستنتاجات الواضحة التي لا يخلو منها ذو شعور ترجع کلها الى أنواع الحجة المعروفة التي نحن بصدد بيانها ولکن على الاکثر لا يشعر المستنبط انه سلک أحد تلک الانواع وان کان من علماء المنطق. وقد تعجب لو قيل لک أن تسعة وتسعين في المائة من الناس هم منطقيون بالفطرة من حيث لا يعلمون.

ولما کان الانسان من ذلک يقع في کثير من الخطأ في أحکامه او يتعذر عليه تحصيل مطلوبه لم يستغن عن دراسة الطرق العلمية للتفکير الصحيح والاستدلال المنتج.

والطرق العلمية للاستدلال عدا طريق الاستدلال المباشر الذي تقدم البحث عنه هي ثلاثة أنواع رئيسة :

١ ـ (القياس) وهو أن يستخدم الذهن القواعد العامة (١) المسلم بصحتها في الانتقال الى مطلوبه (٢). وهو العمدة في الطرق.

__________________

(١) لا يخفى عليك : أن الذي يكون قوام القياس إنما هي قاعدة عامة واحدة ، إذ لا يشترط في قياس كلية جميع مقدماته ، وإنما الواجب كلية إحدى مقدمتيه ، في كل قياس بسيط. والمركب ينحل إليه.

(٢) سواء كان مطلوبه حكما كليا أم جزئيا. فلا اعتبار بما يقال : من أن القياس سير من الكلي إلى الجزئي ، فإن قولنا «كل إنسان متعجب ، وكل متعجب ضاحك» قياس وينتج حكمار كليا.

٢٣٣

٢ ـ (التمثيل) وهو أن ينتقل الذهن من حکم أحد الشيئين (١) الى الحکم على الآخر لجهة مشترکة بينهما.

٣ ـ (الاستقراء) وهو ان يدرس الذهن عدة جزئيات (٢) قيستنبط منها حکما عاما.

__________________

(١) الكليين أو الجزئيين. نعم لابد من كونهما جزئيين إضافيين. وإلا لم يوجد بينهما جهة مشتركة.

(٢) إضافية ، سواء كانت جزئيات حقيقية أم كليات.

٢٣٤

١ ـ القياس

تعريفه

عرفوا القياس (١) بأنه : «قول مؤلف من قضايا متي سلّمت لزم عنه لذاته قول آخر»(٢).

الشرح (٣) : ـ

١ ـ (القول) : جنس. ومعناه المرکب التام الخبري فيعم القضية الواحدة والاکثر.

٢ ـ (مؤلف من قضايا ... الى آخره) : فصل. والقضايا جمع منطقي أي

__________________

(١) راجع الحاشية : ص ٨٦ ، وشرح الشمسية : ص ١٣٨ ، وشرح المنظومة : ص ٧٢ ، والقواعد الجلية : ص ٣٣١ ، والجوهر النضيد : ص ٨٢.

(٢) لا يخفى عليك : أن هذا الذي ذكروه تعريف للقياس الكامل ، وإلا فالقياس له معنى أعم هو مطلق القول المؤلف الذي متى سلم لزمه قول آخر ، سواء كان هذا اللزوم لذات ذلك القول أو بضميمة مقدمة خارجية كقياس المساواة.

(٣) راجع الحاشية : ص ٨٦ ، وشرح الشمسية : ص ١٣٩ ، وشرح المنظومة : ص ٧٢ ، وتعليقة الأستاذ حسن زادة : ص ٢٨٦ ، وشرح المطالع : ص ١٤٢ ، والجوهر النضيد : ص ٨٣ وأساس الإقتباس ، ص ١٨٧ وشرح الإشارات : ص ٢٣٣ ، والتحصيل : ص ١٠٨.

٢٣٥

ما يشمل الاثنين ويخرج بقيد القضايا الاستدلال المباشر لانه کما سبق قضية واحدة على تقدير التسليم بها تستلزم قضية أخري.

٣ ـ (متى سلّمت) : من التسليم. وفيه اشارة الى أن القياس لا يشترط فيه أن تکون قضاياه مسلمة فعلا بل شرط کونه قياسا أن يلزم منه على تقدير التسليم بقشاياه قول آخر کشأن الملازمة بين القضية وبين عکسها أو نقضها فانه على تقدير صدقها تصدق عکوسها ونقوضها. واللازم يتبع الملزوم في الصدق فقط دون الکذب کما تقدم في العکس المستوي لجواز کون لازما أعم. ومنه يعرف : أن کذب القضايا المؤلفة لا يلزم منه کذب القول اللازم لها نعم کذبه يستلزم کذبها.

٤ ـ (لزم عنه) : يخرج به الاستقراء والتمثيل لانهما وان تألفا من قضايا لا يتبعهما القول الآخر على نحو اللزوم لجواز تخلفه عنهما لانهما أکثر ما يفيدان الظن الاّ بعض الاستقراء (١). سيأتي.

٥ ـ (لذاته) : يخرج به قياس المساواة (٢). کما سيأتي في محله فان قياس المساواة انما يلزم منه القول الآخر لمقدمة خارجة عنه لا لذاته. مثل :

ب ـ يساوي حـ. وحـ يساوي د .. ينتج ب يساوي د

ولکن لا لذاته بل لصدق المقدمة الخارجية وهي : مساوي المساوي مساو. ولذا لا ينتج مثل قولنا : ب نصف جـ. وجـ نصف د لان نصف النصف ليس نصفا بل ربعا.

الاصطلاحات العامة في القياس

لابد اولا من بيان المصطلحات العامة عدا المصطلحات الخاصة بکل

__________________

(١) وهو الاستقراء التام. ومثله الاستقراء المبني على التعليل عند المصنف ، كما سيأتي في ص ٣١٢ وسيأتي ما فيه.

(٢) يستفاد من إطلاق القياس عليه هنا ، وكذا في ص ٣٠٦ أن للقياس إطلاق آخر أعم ، تعريفه قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه قول آخر ، وإن لم يكن لذاته بل بمقدمة خارجية.

٢٣٦

نوع التي سيرد ذکرها في مناسباتها. وهي : ـ

١ ـ (صورة القياس). ويقصد بها هيئة التأليف الواقع بين القضايا.

٢ ـ (المقدمة). وهي کل قضية تتألف منها صورة القياس. والمقدمات تسمي أيضا (مواد القياس).

٣ ـ (المطلوب). وهو : القول اللازم من القياس. ويسمي (مطلوبا) عند أخذ الذهن في تأليف المقدمات.

٤ ـ (النتيجة). وهي المطلوب عينه ولکن يسمي بها بعد تحصيله من القياس.

٥ ـ (الحدود). وهي : الاجزاء الذاتية للمقدمة. ونعني بالاجزاء الذاتية الاجزاء التي تبقي بعد تحليل القضية فاذا فککنا وحللنا الحملية مثلا الى أجزائها لا يبقي منها الا الموضوع والمحمول دون النسبة لان النسبة انما تقوم بالطرفين للربط بينهما فاذا أفرد کل منهما عن الآخر فمعناه ذهاب النسبة بينهما. وأما السور والجهة فهما من شؤون النسبة فلا بقاء لهما بعد ذهابها. وکذلک اذا حللنا الشرطية الى اجزائها لا يبقي منها الا المقدم والتالي.

فالموضوع والمحمول أو المقدم والتالي هي الاجزاء الذاتية للمقدمات. وهي (الحدود) فيها.

ولنوضح هذه المصطلحات بالمثال فنقول :

(١) شارب الخمر : فاسق.

(٢) وکل فاسق : ترد شهادته.

(٣) .. شارب الخمر : ترد شهادته.

فبواسطة نسبة کلمة (فاسق) الى شارب الخمر في القضية رقم (١). ونسبة ردّ الشهادة الى (کل فاسق) في القضية رقم (٢) استنبطنا النسبة بين ردّ الشهادة والشارب في القضية رقم (٣).

٢٣٧

فکل واحدة من القضيتين (١) و (٢)

: مقدمة

وشارب الخمر وفاسق وترد شهادته

: حدود

والقضية رقم (٣)

: مطلوب ونتيجة

والتأليف بين المقدمتين

صورة القياس

ولا يخفي انا استعملنا هذه العلامة ... النقط الثلاث ووضعناها قبل النتيجة. وهي علامة هندسية تستعمل للدلالة على الانتقال الى المطلوب وتقرأ (اذن). وسنستعملها عند استعمال الحروف فيما يأتي للاختصار وللتوضيح.

أقسام القياس

بحسب مادته وهيئته

قلنا ان المقدمات تسمي (مواد القياس) وهيئة التأليف بينها تسمي (صورة القياس) فالبحث عن القياس من نحوين :

(١) من جهة (مادته) بسبب اختلافها مع قطع النظر عن الصورة بأن تکون المقدمات يقينية أو ظنية او من المسلمات أو المشهورات أو الوهميات او المخيلات أو غيرها مما سيأتي في بابه. ويسمي البحث فيها (الصناعات الخمس) الذي عقدنا لأجله الباب السادس الآتي فانه ينقس القياس بالنظر الى ذلک الي : البرهان والجدل والخطابة والشعر والمغالطة.

(٢) من جهة (صورته) (١) بسبب اختلافها مع قطع النظر عن شأن المادة. وهذا الباب معقود للبحث عنه من هذه الجهة. وهو ينقسم من هذه الجهة

__________________

(١) راجع الحاشية : ص ٨٧ ، وشرح الشمسية : ص ١٤٠ ، وشرح المنظومة : ص ٧٥ ، وتعليقة الأستاذ حسن زادة : ص ٢٩٧ ، وشرح المطالع : ص ٢٤٨ : ص ٢٨٨ ، والقواعد الجلية : ص ٣٣٤ ، والإشارات وشرحه : ص ٢٣٥.

٢٣٨

الى قسمين اقتراني واستثنائي باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في مقدماته وعدمه.

(فالاول) وهو المصرح في مقدماته بالنتيجة أو بنقيضها يسمي (استثنائيا) لاشتماله على کلمة الاستثناء نحو :

(١) ان کان محمد عالما فواجب احترامه.

(٢) لکنه عالم.

(٣) .. فمحمد واجب احترامه.

فالنتيجة رقم (٣) مذکورة بعينها في المقدمة رقم (١).

(١) لو کان فلان عادلا فهو لا يعصي (١) الله.

(٢) ولکنه قد عصي الله.

(٣) ... ما کان فلان عادلا.

فالنتيجة رقم (٣) مصرح بنقيضها في المقدمة رقم (٢).

(والثاني) وهو غير المصرح في مقدماته بالنتيجة ولا بنقيضها يسمي (اقترانيا) کالمثال المتقدم في أول البحث فان النتيجة وهي «شارب الخمر ترد شهادته» غير مذکورة بهيئتها صريحا في المقدمتين ولا نقيضها مذکور وانما هي مذکورة بالقوة باعتبار وجود اجزائها الذاتية في المقدمتين أعني الحدين وهما (شارب الخمر وترد شهادته) فان کل واحد منهما مذکور في مقدمة مستقلة.

* * *

ثم الاقتراني قد يتألف من حمليات فقط فيسمي (حمليا). وقد يتألف من شرطيات فقط أو شرطية وحملية فيسمي (شرطيا) مثاله.

(١) کلما کان الماء جاريا کان معتصما.

(٢) وکلما کان معتصما کان لا ينجس بملاقاة النجاسة.

__________________

(١) كذا ، والمناسب : لم يعص.

٢٣٩

(٣) .. کلما کان الماء جاريا کان لا ينجس بملاقاة النجاسة.

فمقدمتاه شرطيتان متصلتان.

مثال ثان : (١) الاسم کلمة.

(٢) والکلمة اما مبنية أو معربة.

(٣) ... الاسم اما مبني أو معرف.

فالمقدمة رقم (١) حملية والمقدمة رقم (٢) شرطية منفصلة.

ـ ونحن نبحث اولا عن الاقترانيات الحملية ثم الشرطية ثم الاستثنائي.

خلاصه التقسيم :

٢٤٠