المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

الذهب ليس بأسود). ولکن اذا صدق (بعض المعدن ذهب) لا يجب أن يکذب (بعض المعدن ليس بذهب) بل هذه صادقة في المثال.

وقد جرت عادة المنطقيين من القديم أن يضعوا لتناسب المحصورات جميعا لأجل توضيحها لوحا على النحو الآتي :

٢٠١

العکوس

سبق في أول هذا الفصل ان قلنا : ان الباحث قد يحتاج للاستدلال على مطلوبه الى أن يبرهن على قضية اخري لها علاقة مع مطلوبه يستنبط من صدقها صدق القضية المطلوبة للملازمة بينهما في الصدق. وهذه الملازمة واقعة بين کل قضية و (عکسها المستوي) وبينها وبين (عکس نقيضها). فنحن الآن نبحث عن القسمين :

العکس المستوي (١)

أما العکس المستوي فهو : «تبديل طرفي القضية مع بقاء الکيف والصدق». أي ان القضية المحکوم بصدقها تحول الى قضية تتبع الاولي في الصدق وفي الايجاب والسلب بتبديل طرفي الاولي بأن يجعل موضوع الاولي محمولا في الثانية والمحمول موضوعا أو المقدم تاليا والتالي مقدما.

وتسمي الاولي (الاصل) والثانية (العکس المستوي). فکلمة (العکس) هنا لها اصطلاحان : اصطلاح في نفس التبديل واصطلاح في القضية التي وقع فيها التبديل.

____________________

(١) راجع الحاشية : ص ٧٤ ، وشرح الشمسية : ص ١٢٥ ، وشرح المنظومة : ص ٦٦ ، وأساس الاقتباس : ص ١٥٨ ، وشرح الإشارات : ص ١٩٦.

٢٠٢

ومعنى ان العکس تابع للاصل في الصدق : أن الاصل اذا کان صادقا وجب صدق العکس. ولکن لا يجب أن يتبعه في الکذب فقد يکذب الاصل والعکس صادق. ولازم ذلک ان الاصل لا يتبع عکسه في الصدق ولکن يتبعه في الکذب فاذا کذب العکس کذب الاصل لانه لو صدق الاصل يلزم منه صدق العکس والمفروض کذبه.

فهنا قاعدتان تنفعان في الاستدلال :

١ ـ اذا صدق الاصل صدق عکسه.

٢ ـ اذا کذب العکس کذب اصله.

وهذه القاعدة الثانية متفرعة على الاولي. کما علمت.

شروط العکس (١)

علمنا ان العکس انما يحصل بشروط ثلاثة : تبديل الطرفين وبقاء الکيف وبقاء الصدق. أما الکم فلا يشترط بقاؤه وانما الواجب بقاء الصدق وهو قد (٢) يقتضي بقاء الکم في بعض القضايا وقد (٣) يقتضي عدمه في البعض الآخر.

والمهم فيما يأتي معرفة القضية التي يقتضي بقاء الصدق في عکسها بقاء الکم أو عدم بقائه.

ولو تبدل الطرفان وکان الکيف باقيا. ولکن لم يبق الصدق فلا يسمي ذلک عکسا. بل يسمي (انقلابا).

الموجبتان تنعکسان موجبة جزئية : (٤)

أي ان الموجبة الکلية تنعکس موجبة جزئية. والموجبة الجزئية

____________________

(١) راجع الحاشية : ص ٧٤ ، وشرح الشمسية : ص ١٢٦ ، وشرح المنظومة : ص ٦٦ ، وشرح المطالع : ص ١٧٤ ، والجوهر النضيد : ص ٦٩.

(٢ و ٣) لا يخفى : أن الأولى ترك الجمع بين «قد» و «البعض».

(٤) راجع الحاشية : ص ٧٥ ، وشرح الشمسية : ص ١٢٩ ، وشرح المنظومة : ص ٦٧.

٢٠٣

تنعکس کنفسها. فاذا قلت :

کل حـ ب

فعکسها

ع ب حـ

وع حـ ب

فعکسها

ع ب حـ

ولا ينعکسان

الى

کل ب حـ

البرهان :

(١) في الکلية : أن المحمول فيها اما ان يکون أعم من الموضوع أو مساوياله. وعلي التقديرين تصدق الجزئية قطعا لان الموضوع في التقديرين يصدق على بعض افراد المحمول فاذا قلت :

کل ماء مسائل

يصدق

بعض السائل ماء

وکل انسان ناطق

يصدق

بعض الناطق انسان

ولکن لا تصدق الکلية على کل تقدير لان الموضوع في التقدير الاول لا يصدق على جميع أفراد المحمول لانه أخص من المحمول فاذا قلت :

(کل سائل ماء) فالقضية کاذبة وهو المطلوب.

(٢) وفي الجزئية : اما أن يکون المحمول أعم مطلقا من الموضوع أو اخص مطلقا او اعم من وجه او مساويا. وعلى بعض هذه التقادير وهو التقدير الاول والثالث لا يصدق العکس موجبة کلية لانه اذا کان المحمول أعم مطلقا أو من وجه فان الموضوع لا يصدق على جميع أفراد المحمول انما يصدق لو کان اخص او مساويا. أما عکسه الى الموجبة الجزئية فانه يصدق على کل تقدير فاذا قلت :

بعض السائل ماء

يصدق

بعض الماء سائل

وبعض الماء سائل

يصدق

بعض السائل ماء

وبعض الطير أبيض

يصدق

بعض الابيض طير

وبعض الانسان ناطق

يصدق

بعض الناطق انسان

٢٠٤

السالبة الکلية تنعکس (١) سالبة کلية :

فيبقي الکم والکيف معا فاذا صدق قولنا : لا شيء من الحيوان بشجر صدق لا شيء من الشجر بحيوان

والبرهان واضح : لان السالبة الکلية لا تصدق الاّ مع تباين الموضوع والمحمول تباينا کليا. والمتباينان لا يجتمعان أبدا فيصح سلب کل منهما عن جميع أفراد الآخر سواء جعلت هذا موضوعا أو ذاک موضوعا.

وللتدريب على اقامة البراهين من طريق النقيض والعکس نقيم البرهان على هذا الامر بالصورة الآتية :

المفروض

لا ب حـ

قضية صادقة

المدعي

لا حـ ب

صادقة أيضا

البرهان :

لو لم تصدق

لا حـ ب

لصدق نقيضها

ع حـ ب

ولصدق

ع ب حـ

(العکس المستوي للنقيض)

واذا لا حظنا هذا العکس المستوي (ع ب حـ) ونسبناه الى الأصل (لا ب حـ) وجدناه نقيضاله فلو کان (ع ب حـ) صادقا وجب أن يکون (لا ب حـ) کاذبا مع ان المفروض صدقه.

فوجب ان تکون

لا حـ ب

صادقة

وهو المطلوب

تعقيب

بهذا البرهان تعرف الفائدة في النقيض والعکس المستوي عند الاستدلال. لأنا لا بد أن نرجع في هذا البرهان الى الوراء فنقول :

____________________

(١) راجع الحاشية : ص ٧٦ ، وشرح الشمسية : ص ١٢٧ ، وشرح المنظومة : ص ٦٧.

٢٠٥

المفروض ان

لا ب حـ

صادقة

فتکذب

ع ب حـ

نقيضها

وهذا النقيض عکس

ع حـ ب

فيکذب أيضا

لا نه اذا کذب العکس کذب الاصل

(القاعدة الثانية)

واذا کذب هذا الاصل اعني

ع حـ ب

صدق نقيضه

لا حـ ب

وهو المطلوب

فاستفدت (تارة) من صدق الاصل کذب نقيضه و (أخري) من کذب العکس کذب أصله و (ثالثة) من کذب الاصل صدق نقيضه.

وسيمر عليک هذا الاصتدلال کثيرا فدقق فيه جيدا وعليک باتقانه.

السالبة الجزئية لا عکس لها (١)

أي لا تنعکس أبدا لا الى کلية ولا الى جزئية لأنه يجوز أن يکون موضوعها اعم من محمولها مثل (بعض الحيوان ليس بانسان). والاخص لا يجوز سلب الاعم عنه بحال من الاحوال لا کليا ولا جزئيا لأنه کلما صدق الاخص صدق الاعم معه فکيف يصح سلب الأعم عنه فلا يصدق قولنا (لا شيء من الانسان بحيوان) ولا قولنا (بعض الإنسان ليس بحيوان).

المنفصلة لا عکس لها : (٢) (٣)

أشرنا في صدر البحث الى ان العکس المستوي يعم الحملية

____________________

(١) راجع الحاشية : ص ٧٦ ، وشرح الشمسية : ص ١٢٨ ، وشرح المنظومة : ص ٦٨.

(٢) لا يخفى : أن المراد ـ كما سيصرح به ـ أن عكسها لغو ، فكان الأولى عدم التعبير بقوله : «لاعكس لها» سيما بعد قوله : «السالبة الجزئية لا عكس لها» فإنه يوهم كون التعبير في كلا الموردين بمعنى.

(٣) راجع شرح الشمسية : ص ١٣٣ ، وشرح المنظومة : ص ٦٨ ، والقواعد الجلية : ص ٣١٥.

٢٠٦

والشرطية : ولکن عند التأمل نجد أن المنفصلة لا ثمرة لعکسها لانها أقصي ما تدل عليه تدل على (١) التنافي بين المقدم والتالي. ولا ترتيب طبيعي بينهما فانت بالخيار في جعل ايهما مقدما والثاني تاليا من دون أن يحصل فرق في البين فسواء ان قلت : العدد اما زوج أو فرد أو قلت : العدد اما فرد أو زوج فان مؤداهما واحد.

فلذا قالوا : المنفصلة لا عکس لها. أي لا ثمرة فيه.

نعم لو حولتها الى حملية فان احکام الحملية تشملها کما لو قلت في المثال مثلا : العدد ينقسم الى زوج وفرد (٢) فانها تنعکس الى قولنا : ما ينقسم الى زوج وفرود عدد.

عکس النقيض

وهو العکس الثاني للقضية الذي يستدل بصدقها على صدقه. وله طريقتان.

١ ـ طريقة القدماء (٣) ويسمي (عکس النقيض الموافق) لتوافقه مع أصله في الکيف وهو «تحويل القضية الى أخري موضوعها نقيض محمول الاصل ومحمولها نقيض موضوع الاصل مع بقاء الصدق والکيف».

____________________

(١) الأولى تبديل قوله : «تدل على» ب‍ «هو».

(٢) لما كانت المنفصلة تدل على عناد الطرفين : وضعا ورفعا أو وضعا أو رفعا ، لابد في تحويلها إلى حملية أن تكون الحملية الحاصلة دالة على ما هو العناد بأحد الوجوه. فقولنا : «العدد إما زوج وإما فرد» لما كانت منفصلة حقيقية تحول إلى حمليتين ، هما : قولنا : «الزوج والفرد لا يجتمعان في العدد» و «الزوج والفرد لا يرتفعان في العدد» وإذا كانت مانعة الجمع أو مانعة الخلو حولت إلى حملية واحدة ، نظيرة القضية الأولى أو الثانية. وأما قوله «العدد ينقسم إلى زوج وفرد» فلا يكون مفاده مفاد المنفصلة. اللهم إلا بحسب مدلوله الالتزامي ، حيث إن التقسيم لا يصح إلا مع تباين الأقسام.

(٣) راجع الحاشية : ص ٨١ ، وشرح الشمسية : ص ١٣٣ ، وشرح المنظومة : ص ٧١.

٢٠٧

وبالاختصار هو : «تبديل نقيضي الطرفين مع بقاء الصدق والکيف». فالقضية : کل کاتب انسان تحول بعکس النقيض الموافق الي : کل (لا انسان) هو (لا کاتب)

٢ ـ طريقة المتأخرين (١) ويسمي (عکس النقيض المخالف) لتخالفه مع أصله في الکيف وهو «تحويل القضية الى أخري موضوعها نقيض محمول الاصل ومحمولها عين موضوع الاصل مع بقاء الصدق دون الکيف».

فالقضية : کل کاتب انسان تحول بعکس النقيض المخالف الي : لا شيء من (اللانسان) بکاتب

قاعدة عکس النقيض من جهة الکم

حکم السوالب هنا حکم الموجبات في العکس المستوي وحکم الموجبات حکم السوالب هناک أي ان :

١ ـ السالبة الکلية تنعکس جزئية : سالبة في الموافق وموجبة في المخالف. (٢)

٢ ـ السالبة الجزئية تنعکس جزئية أيضا : سالبة في الموافق موجبة في المخالف. (٣)

٣ ـ الموجبة الکلية تنعکس کلية : موجبة في الموافق سالبة في المخالف. (٤)

٤ ـ الموجبة الجزئية لا تنعکس اصلا بعکس النقيض. (٥)

____________________

(١) راجع الحاشية : ص ٨١ ، وشرح الشمسية : ص ١٣٣ ، وشرح المنظومة : ص ٧١.

(٢) راجع الحاشية : ص ٨٢ ، وشرح الشمسية : ص ١٣٦.

(٣) راجع شرح الشمسية : ص ١٣٦.

(٤) راجع شرح الشمسية : ص ١٣٤.

(٥) راجع شرح الشمسية : ص ١٣٥.

٢٠٨

البرهان

ولا بد من اقامة البرهان على کل واحد من تلک الاحکام السابقة وفي هذه البراهين تدريب للطالب على الاستفادة من النقيض والعکس في الاستدلال وقد استعملنا الاسلوب المتبع في الهندسة النظرية لإقامة البرهان. فمن ألف اسلوب الکتب الهندسية يسهل عليه ذلک. وقد تقدم مثال منه في البرهان على عکس السالبة الکلية بالعکس المستوي موضحا (*).

ويجب أن يعلم انا نرمز للنقيض بحرف عليه فتحة (١) للاختصار وللتوضيح. في کل ما سيأتي على هذا النحو :

بَ ..................... نقيض الموضوع

حـَ .................... نقيض المحمول

برهان عکس السالبة الکلية

فلاجل اثبات عکس السالبة الکلية بعکس النقيض نقيم برهانين : برهانا على عکسها بالموافق وبرهان على عکسها بالمخالف فنقول :

(أولا) المدعي انها تنعکس سالبة جزئية بعکس النقيض الموافق ولا تنعکس سالبة کلية فهنا مطلوبان أي انه اذا صدقت.

لا ب حـ

صدقت

س حـَ بَ

(المطلوب الاول)

ولا تصدق

لا حـَ بَ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

ان من المعلوم :

____________________

(*) واتباع هذا الأسلوب من البرهان من مختصات هذا الكتاب.

(١) إذ لو أتى بحرف النفي «لا» ، اشتبه بما يرمز به للسالبة الكلية.

٢٠٩

١ ـ ان السالبة الکلية ال تصدق الا اذا کان بين طرفيها تباين کلي. وهذا بديهي.

٢ ـ ان النسبة بين نقيضي المتباينين هي التباين الجزئي وقد تقدم البرهان على ذلک في بحث النسب في الجزء الاول. (١)

٣ ـ ان مرجع التباين الجزئي الى سالبتين جزئيتين کما ان مرجع التباين الکلي الى سالبتين کليتين. وهذا بديهي أيضا.

وينتج من هذه المقدمات الثلاث أنه :

اذا صدق

لا ب حـ

(أي يکون بين الطرفين تباين کلي)

صدقت

س بَ حَـ

السالبة الجزئية بين النقيضين

وصدقت أيضا

س حَـ بَ

السالبة الجزئية بين النقيضين

وهو (المطلوب الاول)

ثم يفهم من المقدمة الثانية ان التباين الکلي لا يتحقق دائما بين نقيضي المتباينين اذ ربما يکون بينهما العموم والخصوص من وجه.

أي ان السالبة الکلية بين نقيضي المتباينين لا تصدق دائما.

أو فقل لا تصدق دائما

لا حَـ بَ

(المطلوب الثاني)

(ثانيا) المدعي ان السالبة الکلية تنعکس موجبة جزئية بعکس النقيض المخالف ولا تنعکس موجبة کلية فهنا مطلوبان أي انه اذا صدقت :

لا ب حـ

صدقت

ع حَـ ب

(المطلوب الاول)

ولا تصدق

کل حَـ ب

(المطلوب الثاني)

البرهان :

لما کان بين ب ، حـ تباين کلي کما تقدم فمعناه أن احدهما

____________________

(١) راجع ص ٨٣.

٢١٠

يصدق من نقيض الآخر.

أي ان ب يصدق مع حَـ

واذا تصادق ب وحَـ

صدق على الاقل ع حـ ب

(المطلوب الاول)

ثم انه تقدم ان نقيضي المتباينين قد تکون بينهما نسبة العموم والخصوص من وجه فيصدق على هذا التقدير :

حَـ مع ب

ولا يصدق حينئذ

حَـ مع ب

والا لاجتمع النقيضان ب ، بَ

فلا يصدق

کل حَـ ب

(المطلوب الثاني)

برهان عکس السالبة الجزئية

ولأجل اثبات عکس السالبة الجزئية بعکس النقيض أيضا نقيم برهانين للموافق والمخالف فنقول :

(اولا) المدعي ان السالبة الجزئية تنعکس سالبة جزئية بعکس النقيض الموافق ولا تنعکس کلية فهنا مطلوبان أي انه اذا صدقت :

س ب حـ

صدقت

س حَـ بَ

(المطلوب الاول)

ولا تصدق

لا حَـ بَ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

من المعلوم ان السالبة الجزئية تصدق في ثلاثة فروض :

١ ـ ان يکون بين طرفيها عموم من وجه. وحينئذ يکون بين نقيضيهما تباين جزئي کما تقدم في بحث النسب.

٢ ـ ان يکون بينهما تباين کلي وبين نقيضيهما أيضا تباين جزئي کما تقدم.

٢١١

٣ ـ ان يکون الموضوع أعم مطلقا من المحمول فيکون نقيض المحمول أعم مطلقا من نقيض الموضوع.

وعلى جميع هذه التقادير الثلاثة تصدق السالبة الجزئية :

س حَ بَ

(المطلوب الاول)

اما للتباين الجزئي بينهما أو لان نقيض حـ أعم مطلقا من نقيض ب.

ثم على بعض التقادير يکون بين نقيضي الطرفين عموم وخصوص من وجه أو مطلقا فلا تصدق السالبة الکلية :

لا حَـ بَ

(المطلوب الثاني)

(ثانيا) المدعي ان السالبة الجزئية تنعکس موجبة جزئية بعکس النقيض المخالف ولا تنعکس کلية فهنا مطلوبان أي اذا صدقت :

س ب حـ

صدقت

ع حَـ ب

(المطلوب الاول)

ولا تصدق

کل حَـ ب

(المطلوب الثاني)

البرهان :

تقدم ان على جميع التقادير الممکنة للموضوع والمحمول في السالبة الجزئية اما أن يکون بين نقيضيهما تباين جزئي أو ان نقيض المحمول أعم مطلقا فيلزم على القديرين أن يصدق :

بعض حَـ بدون بَ

فيصدق

بعض حَـ مع ب

لا النقيضين (وهما بَ ، ب) لا يرتفعان

أي يصدق

ع حَـ ب

(المطلوب الاول)

ثم ان نقيضي الموضوع والمحمول قد يکون بينهما عموم من وجه.

٢١٢

وقد تصدق

ع حَـ بَ

ويمکن تحويلها الى

س حَـ ب

صادقة

لان الاولي موجبة معدولة المحمول فيمکن جعلها سالبة محصلة المحمول اذ السالبة المحصلة المحمول أعم من الموجبة المعدولة المحمول اذا اتفقا في الکم واذا صدق الاخص صدق الأعم قطعا فاذا کانت :

س حَـ ب

صادقة

کذب نقيضها

کل حَـ ب

(المطلوب الثاني)

برهان عکس الموجبة الکلية

ولا ججل اثبات عکس الموجبة الکلية بعکس النقيض نقيم أيضا برهانين للموافق والمخالف فنقول :

(اولا) المدعي انها تنعکس موجبة کلية بعکس النقيض الموافق أي انه اذا صدقت :

کل ب حـ

(المفروض)

صدقت

کل حَـ بَ

(المطلوب)

البرهان :

لو لم تصدق

کل حَـ بَ

لصدقت

س حَـ بَ

نقيضها

فتصدق

س ب حـ

عکس نقيضها الموافق

فتکذب

کل ب حـ

نقيض العکس المذکور

وهذا خلف. أي خلف الفرض لان هذا (نقيض العکس المذکور) هو نفس الاصل المفروض صدقه.

فوجب ان تصدق

کل حَـ بَ

(وهو المطلوب)

٢١٣

(ثانيا) المدعي ان الموجبة الکلية تنعکس سالبة کلية بعکس النقيض المخالف أي انه اذا صدقت :

کل ب حـ

(المفروض)

صدقت

لا حَـ ب

(المطلوب)

البرهان :

لولم تصدق

لا حَـ ب

لصدقت

ع حَـ ب

نقيضها

فتصدق

ع ب حـَ

عکسها المستوي

وهذه موجبة جزئية معدولة المحمول فتحول الى سالبة جزئية محصلة المحمول وقد تقدم فيحدث أن :

س ب حـ

فتکذب

کل بَ حَـ

نقيضها

وهذا خلف لانه الاصل المفروض صدقه

فوجب ان تصدق

لا حَـ ب

(وهو المطلوب)

الموجبة الجزئية لا تنعکس

يکفينا للبرهنة على عدم انعکاس الموجبة الجزئية بعکس النقيض الموافق والمخالف مطلقا أن نبرهن على عدم انعکاسها الى الجزئية. وبطريق أولي يعلم عدم انعکاسها الى الکلية لأنه تقدم ان الجزئية داخلة في الکلية فاذا کذبت الجزئية کذبت الکلية. وعليه فنقول :

(اولا) المدعي ان الموجبة الجزئية لا تنعکس الى موجبة جزئية بعکس النقيض الموافق.

فاذا صدقت

ع ب حـ

لا يلزم ان تصدق

ع حَـ بَ

٢١٤

البرهان :

من موارد صدق الموجبة الجزئية أن يکون بين طرفيها عموم من وجه فيکون حينئذ بين نقيضيهما نسبة التباين الجزئي الذي هو أعم من التباين الکلي والعموم من وجه فيصدق على تقديم التباين الکلي :

لا حَـ بَ

فيکذب نقيضها

ع حَـ بَ

(وهو المطلوب)

(ثانيا) المدعي ان الموجبة الجزئية لا تنعکس الى السالبة الجزئية بعکس النقيض المخالف.

فاذا صدقت

ع ب حـ

لا يلزم ان تصدق

س حَـ ب

البرهان :

قد تقدم على تقديم التباين الکلي بين نقيضي الطرفين في الموجبة الجزئية والسالبة الکلية :

لا حَـ ب

فتصدق

کل حَـ ب

لان سلب السلب ايجاب

فيکذب نقيضها

س حَـ ب

(وهو المطلوب)

ولأجل أن يتضح لک عدم انعکاس الموجبة الجزئية بعکس النقيض تدبر هذا المثال وهو (بعض اللانسان حيوان) فان هذه القضية لا تنعکس بعکس النقيض الموافق الى (بعض اللاحيوان انسان) ولا الى (کل لا حيوان انسان) لا نهما کاذبتان لأنه لا شيء من اللاحيوان بانسان.

ولا تنعکس بالمخالف الى (ليس کل لا حيوان لا انسان) ولا الى (لا شيء من اللاحيوان بلا انسان) الانهما کاذبتان أيضا لأن کل لا حيوان هو لا انسان.

٢١٥

تمرينات

١ ـ اذا کانت هذه القضية (کل عاقل لا تبطره النعمة) صادقة. فبين حکم القضايا الآتية في صدقها أو کذبها. مع بيان السبب :

أ ـ بعض العقلاء لا تبطره النعمة.

ب ـ ليس بعض العقلاء لا تبطره النعمة.

ج ـ جيمع من لا تبطرهم النعمة عقلاء.

د ـ لا شخص من العقلاء لا تبطره النعمة.

هـ ـ کل من تبطره النعمة غير عاقل.

وـ لا شخص ممن تبطره النعمة بعاقل.

ز ـ بعض من لا تبطره النعمة عاقل.

٢ ـ اذا کانت هذه القضية (بعض المعادن ليس يذوب بالحرارة) کاذبة فاستخرج القضايا الصادقة والکاذبة التي تلزم من کذب هذه القضية.

٣ ـ استدل (*) فخر المحققين في شرحه (الايضاح) على أن الماء يتنجس بالتغيير التقديري بالنجاسة فقال : «ان الماء مقهور بالنجاسة عند التغيير التقديري لانه کلما لم يصير الماء مقهورا لم يتغير بها على تقدير المخالفة (١). وينعکس النقيض الى قولنا : کلما تغير الماء على تقدير المخالفة بالنجاسة کان مقهورا(٢)».

فبين أي عکس نقيض هذا. وکيف استخراجه. ولا حظ ان القضية المستعملة هنا شرطية متصلة.

__________________

(*) نقل هذا الاستدلال صاحب المدارك في مبحث الماء. ثم اورد عليه فراجع اذا شئت.

(١) مفروض المسألة : ما إذا وقع في الماء نجاسة موافقة للماء في الصفات ، ولكن كانت بمقدار

لو وقعت في الماء وكانت مخالفة له في الصفة لغيرته.

(٢) راجع الإيضاح : ج ١ ص ١٦.

٢١٦

من ملحقات العکوس

النقض

من المباحث التي لا تقل شأنا عن العکوس في استنباط صدق القضية من صدق أصلها مباحث (النقض) فلا بأس بالتعرض لها الحاقا لها بالعکوس فنقول :

النقض : هو تحويل القضية الى أخري لازمة لها في الصدق مع بقاء طرفي القضية على موضعهما. وهو على ثلاثة أنواع :

١ ـ أن يجعل نقيض موضوع الاولي موضوعا للثانية ونفس محمولها محمولا ويسمي هذا التحويل (نقض الموضوع) والقضية المحولة (منقوضة الموضوع).

٢ ـ أن يجعل نفس موضوع الاولي موضوعا للثانية ونقيض محمولها محمولا ويسمي التحويل (نقيض المحمول) والقضية المحولة (منقوضة المحمول).

٣ ـ أن يجعل نقيض الموضوع موضوعا ونقيض المحمول محمولا.

__________________

(١) مع تبديل أحدهما أو كليهما بنقيضه.

(٢) لا يخفى عليك : أنه لا يختص النقض بالقضايا الحملية ، بل يعمها والشرطية المتصلة ، كما سيصرح بذلك في ص ٢٨٧.

٢١٧

ويسمي التحويل (النقض التام). والقضية المحولة (منقوضة الطرفين).

ولنبحث عن قاعدة کل واحد من هذه الانواع. ولنبدأ بقاعدة نقض المحمول لأنه الباب للباقي کما ستعرف السر في ذلک :

قاعدة نقض المحمول

علينا لاستخراج منقوضة المحمول صادقة على تقدير صدق أصلها ان نغير کيف القضية ونستبدل محمولها بنقيضه. مع بقاء الموضوع على حاله وبقاء الکم. ولا بد من اقامة البرهان على منقوضة محمول کل واحدة من المحصورات فنقول :

١ ـ (الموجبة الکلية) منقوضة محمولها سالبة کلية نحو کل انسان حيوان فتحول بنقض محمولها الي : «لا شيء من الانسان بلا حيوان».

وللبرهان على ذلک نقول :

اذا صدقت

کل ب حـ

(المفروض)

صدقت

لا ب حَـ

(المطلوب)

البرهان :

اذا صدقت

کل ب حـ

صدقت

لا حَـ ب

عکس نقيضها المخالف

وينعکس بالعکس المستوي الى

لا ب حَـ

وهو المطلوب

٢ ـ (الموجبة الجزئية) منقوضة محمولها سالبة جزئية نحو بعض الحيوان انسان فتتحول بنقض محمولها الي : «ليس کل حيوان لا انسان أي أنه إذا صدقت :

ع ب حـ

(المفروض)

صدقت

س ب حَـ

(المطلوب)

٢١٨

البرهان :

لولم تصدق

س ب حَـ

لصدق نقيضها

کل ب حَـ

فتصدق

لا ب حـ

(نقض المحمول)

فيکذب نقيضها

ع ب حـ

ولکنه عن الاصل فهو خلاف الفرض.

فيجب ان يصدق

س ب حَـ

(وهو المطلوب)

٣ ـ (السالبة الکلية) منقوضة محمولها موجبة کلية نحو لا شيء من الماء بجامد فتتحول بنقض محمولها الي : «کل ماء غير جامد».

أي انه اذا صدقت : ـ

لا ب حـ

(المفروض)

صدقت

کل ب حَـ

(المطلوب)

البرهان :

لو لم تصدق

کل ب حَـ

لصدق نقيضها

س ب حَـ

فتصدق

ع ب حـ

لأن سلب السلب ايجاب

فيکذب نقيضها

لا ب حـ

ولکنه عين الاصل فهو خلاف الفرض.

فيجب ان يصدق

کل ب حَـ

(وهو المطلوب)

٤ ـ (السالبة الجزئية) منقوضة محمولها موجبة جزئية نحو ليس کل معدن

ذهبا فتتحول بنقض محمولها الي : «بعض المعدن غير ذهب». أي انه اذا صدقت :

س ب حـ

(المفروض)

صدقت

ع ب حَـ

(المطلوب)

٢١٩

البرهان :

اذا صدقت

س ب حـ

(الاصل)

صدقت

ع حَـ ب

(عکس النقيض المخالف)

وينعکس بالعکس المستوي الى

ع ب حَـ

وهو المطلوب

تنبيهان

طريقة تحويل الاصل

(التنبيه الاول) (١) الطريق التي اتبعناها (٢) في البرهان على منقوضة محمول الموجبة الکلية والسالبة الجزئية طريق جديدة في البرهان ينبغي أن نسميها الآن (طريقة تحويل الاصل) قبل مجيء بحث القياس فتدخل في أحد أقسامه (*) کالطريق السابقة التي سميناها : (طريقة البرهان على کذب النقيض).

وقد رأيت أننا في هذه الطريقة (طريقة تحويل الاصل) أجرينا التحويلات التي سبقت معرفتنا لها على الاصل ثم على المحول من الاصل تباعا حتي انتهينا الى المطلوب : فقد رأيت في الموجبة الکلية أنا حولنا الاصل الى عکس النقيض المخالف فيصدق على تقدير صدق أصله ثم حولنا هذا العکس الى العکس المستوي فخرج لنا نفس المطلوب اعني (منقوضة المحمول) فيصدق التحويل الثاني على تقدر

__________________

(١) قد ورد في النسخ المطبوعة «التنبيه الأول» بعد قوله : «طريقة تحويل الأصل» والمناسب للسياق ما أثبتناه.

(٢) أنث الضمير لأن «الطريق» مما يذكر ويؤنث. (أقرب الموارد).

(*) وهو قياس المساواة لان منقوضة المحمول لازمة لعكس نقيض الاصل لانها عكسه المستوي وعكس النقيض لازم للاصل ولازم اللازم لازم.

٢٢٠