المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

أو جزئية فاذا روعي مع (کم) القضية (*) کيفها ارتقت القضايا المعتبرة الى أربعة أنواع : الموجبة الکلية. السالبة الکلية. الموجبة الجزئية. السالبة الجزئية.

السور والفاظه

السور والفاظه يسمي اللفظ الدال على کمية أفراد الموضوع (سور القضية) تشبيها له بسور البلد الذي يحدها ويحصرها. ولذا سميت هذه القضايا (محصورة) و (مسورة). ولکل من المحصورات الاربع سور خاص بها :

١ ـ (سور الموجبة الکلية) : کل. جميع. عامة. کافة. لام الاستغراق ... الى غيرها من الالفاظ التي تدل على ثبوت المحمول لجميع أفراد الموضوع.

٢ ـ (سور السالبة الکلية) : لا شيء. لا واحد. النکرة في سياق النفي ... الى غيرها من الالفاظ الدالة على سلب المحمول عن جميع أفراد الموضوع.

٣ ـ (سور الموجبة الجزئية) : بعض. واحد. کثير. قليل. ربما. قلما ... الى غيرها مما يدل على ثبوت المحمول لبعض أفراد الموضوع.

٤ ـ (سور السالبة الجزئية) : ليس بعض. بعض ... ليس. ليس کل. ما کل ... أو غيرها مما يدل على سلب المحمول عن بعض أفراد الموضوع. وطلبا للاختصار نرمز لسور کل قضية برمز خاص کما يلي :

(کل) : للموجبة الکلية

(لا) : للسالبة الکلية

(ع) : للموجبة الجزئية

__________________

(*) كلية القضية وجزئيتها يسمى (كم القضية) بتشديد الميم مأخوذة من كم الاستفهامية التي يسأل بها عن المقدار. والمصدر (كمية) بتشديد الميم.

١٦١

(س) : للسالبة الجزئية

واذ رمزنا دائما للموضوع بحرف (ب) وللمحمول بحرف (حـ) فتکون رموز المحصورات الاربع کما يلي :

کل ب حـ ............ الموجبة الکلية

لا ب حـ ............. السالبة الکلية

ع ب حـ ............ الموجبة الجزئية

س ب حـ ............ السالبة الجزئية

تقسيم الشرطيه

الى شخصيه ومهمله ومحصوره (١)

لاحظنا أن الحملية تنقسم الى الاقسام الاربعة السابقة باعتبار موضوعها. وللشرطية تقسيم يشبه ذلک التقسيم ولکن لا باعتبار الموضوع اذ لا موضوع لها بل باعتبار الاحوال والازمان التي يقع فيها التلازم أو العناد.

فتنقسم الشرطية بهذا الاعتبار الى ثلاثة أقسام فقط : شخصية مهملة محصورة. وليس من اقسامها الطبيعية التي لا تکون الا باعتبار الموضوع بما هو مفهوم موجود في الذهن.

١ ـ (الشخصية) : وهي ما حکم فيها بالاتصال أو التنافي او نفيهما في زمن معين شخصي او حال معين کذلک.

مثال المتصلة ان جاء على غاضبا فلا أسلم عليه. اذا مطرت السماء اليوم فلا أخرج من الدار. ليس اذا کان المدرس حاضرا الآن فانه مشغول بالدرس.

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١١٥ ، وشرح المطالع : ص ٢١٤ ، والجوهر النضيد : ص ٤٧ ، وأساس الاقتباس : ص ٨٥ ، والإشارات وشرحه : ص ١٢١ ، والتحصيل : ص ٥٠.

١٦٢

مثال المنفصلة اما أن تکون الساعة الآن الواحدة أو الثانية. وإما ان يکون زيد وهو في البيت نائما او مستيقظا. ليس اما أن يکون الطالب وهو في المدرسة واقفا أو في الدرس.

٢ ـ (المهملة) : وهي ما حکم فيها بالاتصال أو التنافي او رفعهما في حال أو زمان ما من دون نظر الى عموم الاحوال والازمان أو خصوصهما.

مثال المتصلة اذا بلغ الماء کرا فلا ينفعل بملاقاة النجاسة. ليس اذا کان الانسان کاذبا کان محمودا.

مثال المنفصلة القضية اما ان تکون موجبة أو سالبة. ليس اما أن کيون الشيء معدنا أو ذهبا.

٣ ـ (المحصورة) : وهي ما بين فيها کمية أحوال الحکم واوقاته کلا أو بعضا وهي على قسمين کالحملية :

أ ـ (الکلية) : وهي اذا کان اثبات الحکم أو رفعه فيها يشمل جميع الاحوال أو الاوقات.

مثال المتصلة کلما کانت الامة حريصة على الفضيلة کانت سالکة سبيل السعادة. ليس أبدا او ليس البتة اذا کان الانسان صبورا على الشدائد کان غير موفق في أعماله.

مثال المنفصلة دائما اما أن يکون العدد الصحيح زوجا أو فردا. ليس أبدا او ليس البته اما أن يکون العدد الصحيح زوجا او قابلا للقسمة على اثنين.

ب ـ (الجزئية) : اذا کان اثبات الحکم أو رفعه فيها يختص في بعض غير معين من الاحوال والاوقات.

مثال المتصلة قد يکون اذا کان الانسان عالما کان سعيدا. وليس کلما کان الانسان حازما کان ناجحا في أعماله.

مثال المنفصلة قد يکون اما أن يکون الانسان مستلقيا أو جالسا

١٦٣

(وذلک عندما يکون في السيارة مثلا اذ لا يمکنه الوقوف). قد لا يکون اما أن يکون الانسان مستلقيا أو جالسا (وذلک عندما يمکنه الوقوف منتصبا).

السور في الشرطيه

السور في الحملية يدل على کمية أفراد الموضوع. أما في الشرطية فدلالته على عموم الاحوال والازمان أو خصوصها. ولکل من المحصورات الاربع سور يختص بها کالحملية :

١ ـ (سور الموجبة الکلية) : کلما. مهما. متي. ونحوها في المتصلة. ودائما في المنفصلة.

٢ ـ (سور السالبة الکلية) : ليس أبدا. ليس البتة. في المتصلة والمنفصلة.

٣ ـ (سور الموجبة الجزئية) : قد يکون فيهما.

٤ ـ (سور السالبة الجزئية) : قد لا يکون فيهما. وليس کلما في المتصلة خاصة.

١٦٤

تقسيمات الحملية

تمهيد :

تقدم ان الحملية تنقسم باعتبار الکيف الى موجبة وسالبة وباعتبار الموضوع الى شخصية وطبيعية ومهملة ومحصورة والمحصورة الى کلية وجزئية. وهذه تقسيمات تشارکها الشرطية فيها في الجملة کما تقدم.

والآن نبحث في هذا الفصل عن التقسيمات الخاصة بالحملية وهي : تقسيمها (اولا) باعتبار وجود موضوعها في الموجبة. وتقسيمها (ثانيا) باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما. وتقسيمها (ثالثا) باعتبار جهة النسبة. فهذه تقسيمات ثلاثة :

١ ـ الذهنية. الخارجية. الحقيقية (١)

ان الحملية الموجبة هي ما أفادت ثبوت شيء لشيء ولا شک أن ثبوت شيء لشيء فرع لثبوت المثبت له أي ان الموضوع في الحملية الموجبة يجب أن يفرض موجودا قبل فرض ثبوت المحمول له اذ لولا ان يکون موجودا لما أمکن أن يثبت له شيء کما يقولون في المثل (العرش ثم النقش). فلا يمکن أن يکون سعيد في مثل (سعيد قائم) غير موجود ومع ذلک يثبت له القيام.

وعلى العکس من ذلک السالبة فانها لا تستدعي وجود موضوعها لان المعدوم يقبل أن يسلب عنه کل شيء. ولذا قالوا (تصدق السالبة بانتفاء الموضوع). فيصدق نحو «اب عيسي بن مريم لم يأکل ولم يشرب ولم ينم ولم يتکلم ... وهکذا» لانه لم يوجد فلم تثبت له کل هذه الاشياء قطعا فيقال لمثل هذه السالبة (سالبة بانتفاء الموضوع).

__________________

(١) راجع الحاشية : ص ٥٨ ، وشرح المنظومة : ص ٥٠ ، وتعليقة الأستاذ حسن زادة في المقام.

١٦٥

والمقصود من هذا البيان ان الموجبة لا بد من فرض وجود موضوعها في صدقها والا کانت کاذبة.

ولکن وجود موضوعها :

١ ـ تارة يکون في الذهن فقط (١) فتسمي (ذهنية) مثل : کل اجتماع النقيضين مغاير لاجتماع المثلين. کل جبل ياقوت ممکن الوجود. فان مفهوم اجتماع النقيضين وجبل الياقوت غير موجودين في الخارج ولکن الحکم ثابت لهما في الذهن.

٢ ـ وأخري يکون وجود موضوعها في الخارج على وجه يلاحظ في القضية خصوص الافراد الموجودة المحققة منه في أحد الازمنة (٢) الثلاثة (٣) نحو : کل جندي في المعکسر مدرب على حمل السلاح. بعض الدور المائلة للانهدام في البلد هدمت. کل طالب في المدرسة مجد. وتسمي القضية هذه (خارجية).

٣ ـ وثالثة يکون وجوده في نفس الامر والواقع بمعني ان الحکم على الافراد المحققة الوجود والمقدرة الوجود معا فکلما يفرض وجوده وان لم يوجد أصلا فهو داخل في الموضوع ويشمله الحکم. نحو : کل مثلث مجموع زواياه يساوي قائمتين. بعض المثلث قائم الزاوية. کل انسان قابل للتعليم العالي. کل ماء طاهر.

فانک تري في هذه الامثلة ان کل ما يفرض للموضوع من أفراد

__________________

(١) أي : يحمل المحمول على الوجود الذهني للموضوع ، أي : على مفهومه ، فالإمكان يحمل على مفهوم جبل ياقوت ، أي : يكون هذا المفهوم ممكن الوجود في الخارج.

(٢) في حين النسبة.

(٣) وهو زمان النسبة ، فإن كان زمان النسبة هو الزمان الماضي ، فيلاحظ خصوص الأفراد المتحققة في ذلك الزمان ، وإن كان هو الزمان الحال فيلاحظ خصوص الأفرار المتحققة في الحال وإن كان هو الزمان المستقل فيلاحظ خصوص الأفراد الموجودة في ذلك الزمان.

١٦٦

(سواء کانت موجودة بالفعل أو معدومة ولکنها مقدرة الوجود) تدخل فيه ويکون لها حکمه عند وجودها. وتسمي القضية هذه (حقيقية).

٢ ـ المعدولة والمحصنة (١) (٢)

موضوع القضية الحملية او محمولها قد يکون شيئا (محصلا) بالفتح أي يدل على شيء موجود مثل : انسان. محمد. اسد. أو صفة وجودية مثل : عالم. عادل. کريم. يتعلم.

وقد يکون موضوعها أو محمولها شيئا معدولا أي داخلا على حرف السلب على وجه يکون جزأ من الموضوع أو المحمول مثل : لا انسان. لا عالم. لا کريم. غير بصير.

وعليه فالقضية باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولها تنقسم الى قسمين : محصلة ومعدولة.

١ ـ (المحصلة) : ماکان موضوعها ومحمولها محصلا (٣) سواء کانت موجبة أو سالبة مثل : الهواء نقي. الهواء ليس نقيا. وتسمي أيضا (محصلة الطرفين).

٢ ـ (المعدولة) : ما کان موضوعها أو محمولها أو کلاهما معدولا سواء کانت موجبة أو سالبة. وتسمي معدولة الموضوع أو معدولة المحمول

__________________

(١) يبدو : أنه لا اختصاص لهذا التقسيم بالحملية ، فإن النسبة في كل من طرفي الشرطية أيضا قد تكون ثبوتيا وقد تكون سلبيا.

(٢) راجع شرح الشمسية : ص ٩٧ ، وشرح المنظومة : ص ٥١ ، وتعليقة الأستاذ حسن زادة في المقام ، وشرح المطالع : ص ١٣٩ ، والجوهر النضيد : ص ٤٣ ، وشرح الإشارات : ص ١٢٣ ، والنجاة : ص ١٥ ، والتحصيل : ص ٥٣.

(٣) لا يخفى عليك : أن المحصلة كالمعدولة في كونها منقسمة إلى ثلاثة أقسام ، فقد تكون محصلة الموضوع وقد تكون محصلة المحمول وقد تكون محصلة الطرفين. نعم ، المحصلة بإطلاقها منصرفة إلى محصلة الطرفين دون المعدولة.

١٦٧

أو معدولة الطرفين حسب دخول العدول على أحد طرفيها أو کليهما. ويقال لمعدولة احد الطرفين : محصلة الطرف الآخر : الموضوع او المحمول.

مثال معدولة الطرفين : کل لا عالم هو غير صائب الرأي. کل غير مجد ليس هو بغير مخفق (١) في الحياة.

مثال معدولة المحمول أو محصلة الموضوع : الهواء هو (٢) غير فاسد. الهواء ليس هو غير فاسد.

مثال معدولة الموضوع أو محصلة المحمول : غير العالم مستهان. غير العالم ليس بسعيد.

تنبيه

تمتاز معدولة المحمول (٣) عن السالبة محصلة المحمول :

١ ـ في المعني : فان المقصود بالسالبة سلب الحمل وبمعدولة المحمول حمل السلب أي يکون السلب في المعدولة جزءاً من المحمول فيحمل المسلوب بما هو مسلوب على الموضوع.

٢ ـ في اللفظ (٤) : فان السالبة تجعل الرابطة تجعل الرابطة فيها بعد حرف السلب لتدل على سلب الحمل والمعدويه تجعل الرابطة فيها قبل حرف السلب لتدل على حمل السلب.

وغالبا تستعمل (ليس) في السالبة و (لا) أو (غير) في المعدولة.

__________________

(١) أخفق : طلب حاجته فلم يظفر بها (أقرب الموارد).

(٢) الموجبة.

(٣) راجع شرح الشمسية : ص ١٠١ ـ ٩٩ ـ ٩٨ ، وشرح المنظومة : ص ٥١ ، وشرح المطالع : ص ١٤٠ ، والجوهر النضيد : ص ٤٣ ، وأساس الاقتباس : ص ١٠٠ ، وشرح الإشارات : ص ١٢٩ ـ ١٢٧ ، والنجاة : ص ١٥ ، والتحصيل : ص ٥٥.

(٤) لا يخفى : أن هذا الفرق إنما هو في القضية الثلاثية ، وهي التي ذكرت الرابطة فيها.

(٥) يبدو أن «غير» لا يستعمل إلا في المعدولة ، فليس هو إلا لنفي المفرد ، وأما «لا»

١٦٨

الخلاصة :

٣ ـ الموجهات

مادة القضية (١) :

کل محمول اذا نسب الى موضوع فالنسبة فيه لا تخلو في الواقع ونفس الامر من احدي حالات ثلاث (بالقسمة العقلية) :

١ ـ (الوجوب). ومعناه : ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع ولزومه لها على وجه يمتنع سلبه عنها (٢) کالزوج بالنسبة الى الاربعة فان الاربعة

__________________

و «ليس» فهما لكونهما من نواسخ المبتدأ فيرفعان النسبة فيستعملان في السالبة ، كما أن «لا» تستعمل لنفي المفرد أيضا ، كما تقول : لا إنسان. وأما «ليس» فلم يحضرني استعماله استعمال «غير» في رفع المفرد ، فيبدو اختصاصه بالسالبة عكس «غير». اللهم إلا أن يقال : إنه في مثل «زيد هو ليس بقائم» فيستعمل في المعدولة فإن «زيد» مبتدأ ، وجملة «ليس بقائم» خبره ، والرابط وهو لفظة «هو» قد ربط الجملة المنفية بالمبتدأ. فتأمل.

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠١ ، وشرح المنظومة : ص ٥٤ ، وشرح المطالع : ص ١٤٥ ، الجوهر النضيد : ص ٥٠ ، وأساس الاقتباس : ص ١٢٩ ، والإشارات وشرحه : ص ١٤١ ، والنجاة : ص ١٤ ، والتحصيل : ص ٥٩.

(٢) فهذه المادة إنما تتحقق فيما إذا كان المحمول ذاتيا للموضوع أو عرضيا لازما له.

١٦٩

لذاتها يجب ان تتصف بانها زوج. وقولنا (لذات الموضوع) يخرج به ما کان لزومه لأمر خارج عن ذات الموضوع مثل ثبوت الحرکة للقمر فانها لازمة له ولکن لزومها لا لذاته بل لسبب وضع الفلک وعلاقته بالارض.

٢ ـ (الامتناع). ومعناه : استحالة ثبوت المحمول لذات الموضوع فيجب سلبه عنه کالاجتماع بالنسبة الى النقيضين فان النقيضين لذاتهما لايجوز ان يجتمعا.

وقولنا : (لذات الموضوع) يخرج به ما کان امتناعه لامر خارج عن ذات الموضوع مثل سلب التفکير عن النائم فان التفکير يمتنع عن النائم (١). ولکن لا لذاته بل لانه فاقد للوعي.

(تنبيه) يفهم مما تقدم ان الوجوب والامتناع يشترکان في ضرورة الحکم ويفترقان في أن الوجوب ضرورة الايجاب والامتناع ضرورة السلب.

٣ ـ (الامکان). ومعناه : أنه لا يجب ثبوت المحمول لذات الموضوع ولا يمتنع فيجوز الايجاب والسلب معا أي ان الضرورتين ضرورة الايجاب وضرورة السلب مسلوبتان معا فيکون الامکان معني عدميا يقابل الضرورتين تقابل العدم والملکة ولذا يعبر عنه بقولهم (هو سلب الضرورة عن الطرفين معا) أي طرف الايجاب وطرف السلب للقضية. ويقال له : (الامکان الخاص) أو (الامکان الحقيقي) في مقابل (الامکان العام) الذي هو أعم من الامکان الخاص.

الامکان العام :

والمقصود منه : ما يقابل احدي الضرورتين ضرورة الايجاب أو

__________________

(١) أي : ذات النائم مثل «زيد» حال كونه نائما ، لا أن يكون الموضوع هو عنوان «النائم» وإلا لكان التفكير عنه ممتنعا.

١٧٠

السلب فهو أيضا معناه سلب الضرورة ولکن سلب ضرورة واحدة لا الضرورتين معا فاذا کان سلب (ضرورة الايجاب) فمعناه ان طرف السلب ممکن واذا کان سلب (ضرورة السلب) فمعناه ان طرف الايجاب ممکن.

فلو قيل : هذا الشيء ممکن الوجود أي انه لا يمتنع أو فقل ان ضرورة السلب (وهي الامتناع) مسلوبة واذا قيل : هذا الشيء ممکن العدم أي انه لا يجب أو فقل ان ضرورة الايجاب (وهي الوجوب) مسلوبة. ولذا عبر عنه الفلاسفة بقولهم : (هو سلب الضرورة عن الطرف المقابل) أي مع السکوت عن الطرف الموافق فقد يکون سلب الضرورة وقد لا يکون.

وهذا الامکان هو الشايع استعماله عند عامة الناس والمتداول في تعبيراتهم. وهو کما قلنا أعم من الامکان الخاص لانه اذا کان امکانا للايجاب فانه يشمل الوجوب والامکان الخاص واذا کان امکانا للسلب فانه يشمل الامتناع والامکان الخاص.

مثال امکان الايجاب قولهم (الله ممکن الوجود) و (الانسان ممکن الوجود) فان معناه في المثالين ان الوجود لا يمتنع أي ان الطرف المقابل وهو عدمه ليس ضروريا ولو کان العدم ضروريا لکان الوجود ممتنعا لا ممکنا. واما الطرف الموافق وهو ثبوت الوجود فغير معلوم. فيحتمل ان يکون واجبا کما في المثال الاول ويحتمل ألايکون واجبا کما في المثال الثاني بأن يکون ممکن العدم أيضا أي انه ليس ضروري الوجود کما لم يکن ضروري العدم فيکون ممکنا بالامکان الخاص فشمل هنا الامکان العام الوجوب والامکان الخاص.

__________________

(١) أي : غير معلوم من نفس القضية ، يعني : أن القضية ساكتة عنه.

١٧١

مثال امکان السلب قولهم : (شريک الباري ممکن العدم) و (الانسان ممکن العدم) فان معناه في المثالين ان الوجود لا يجب أي ان الطرف المقابل وهو وجوده ليس ضروريا ولو کان الوجود ضروريا لکان واجبا وکان عدمه ممتنعا لا ممکنا. واما الطرف الموافق وهو العدم فغير معلوم فيحتمل ان يکون ضروريا کما في المثال الاول (وهو الممتنع) ويحتمل ألا يکون کذلک کما في الثاني : بأن يکون ممکن الوجود أيضا وهو الممکن (بالامکان الخاص) فشمل هنا الامکان العام الامتناع والامکان الخاص.

وعلى هذا فالامکان العام معني يصلح للانطباق على کل من حالات النسبة الثلاث : الوجوب والامتناع والامکان فليس هو معني يقابلها بل في الايجاب يصدق على الوجوب والامکان الخاص وفي السلب على الامتناع والامکان الخاص. وهذه الحالات الثلاث للنسبة التي لا يخلو من احداها واقع القضية تسمي (مواد القضايا) وتسمى (عناصر العقود) و (أصول الکيفيات). والامکان العام خارج عنها وهو معدود من الجهات على ما سيأتي.

جهة القضية (١)

تقدم معني مادة القضية التي لا تخرج عن احدي تلک الحالات الثلاث. ولهم اصطلاح آخر هنا وهو المقصود بالبحث وهو قولهم (جهة القضية) والجهة غير المادة فان المقصود بها : ما يفهم ويتصور من کيفية النسبة بحسب ما تعطيه العبارة من القضية.

والفرق بينهما مع ان کلا منهما کيفية في النسبة : ان المادة هي تلک

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٢ ، وشرح المنظومة : ص ٥٤ ، وشرح المطالع : ص ١٤٥ ، والجوهر النضيد : ص ٥٠ ، والنجاة : ص ١٧ ، والتحصيل : ص ٥٩.

١٧٢

النسبة الواقعية في نفس الامر التي هي اما الوجوب او الامتناع او الامکان ولا يجب أن تفهم وتتصور في مقام توجه النظر الى القضية فقد تفهم وتبين في العبارة وقد لا تفهم ولا تبين. واما الجهة فهي خصوص ما يفهم ويتصور من کيفية نسبة القضية عند النظر فيها فاذا لم يفهم شيء من کيفية النسبة فالجهة مفقودة أي ان القضية لا جهة لها حينئذ.

وهي أي الجهة (١) لا يجب أن تکون مطابقة للمادة الواقعية فقد تطابقها وقد لا تطابقها.

فاذا قلت : (الانسان حيوان بالضرورة) فان المادة الواقعية هي الضرورة والجهة فيها أيضا الضرورة فقد طابقت في هذا المثال الجهة المادة وبتعبير آخر إن المادة الواقعية قد فهمت وبينت بنفسها في هذه القضية.

واما اذا قلت في المثال : (الانسان يمکن ان يکون حيوانا) فان المادة في هذه القضية هي الضرورة لا تتبدل لان الواقع لا يتبدل بتبدل التعبير والادراک. ولکن الجهة هنا هي الامکان العام فانه هو المفهوم والمتصور من القضية وهو لا يطابق المادة لانه في طرف الايجاب يتناول الوجوب والامکان الخاص کما تقدم فيجوز ان تکون المادة واقعا هي الضرورة کما في المثال ويجوز ان تکون هي الامکان الخاص کما لو کانت القضية هکذا (الانسان يمکن ان يکون کاتبا).

وهکذا لو قلت (الانسان حيوان دائما) فان المادة هي الضرورة والجهة هي الدوام الذي يصدق مع الوجود والامکان الخاص لان الممکن بالامکان الخاص قد يکون دائم الثبوت کحرکة القمر مثلا وکزرقة العين فلم تطابق الجهة المادة هنا.

__________________

(١) لا يخفى عليك : أن هذا فرق آخر بين الجهة والمادة ، فلو عبر (قدس سره) بقولنا : وأيضا إن الجهة ... لعله كان أولى.

١٧٣

ثم ان القضية التي بين فيها کيفية النسبة تسمي (موجّهة) بصيغة اسم المفعول. وما أهمل فيها بيان الکيفية تسمي (مطلقة) أو (غير موجهة).

ومما يجب ان يعلم انا اذ قلنا ان الجهة لا يجب ان تطابق المادة فلا نعني انه يجوز ان تناقضها بل يجب ألا تناقضها فلو کانت مناقضة لها على وجه لا تجتمع معها کما لو کانت المادة هي الامتناع مثلا وکانت الجهة دوام الثبوت أو امکانه فان القضية تکون کاذبة.

فيفهم من هذا ان من شروط صدق القضية الموجهة ألا تکون جهتها مناقضة لمادتها الواقعية.

أنواع الموجهات

تنقسم الموجهة الي : بسيطة ومرکبة. (١)

و (المرکبة) : ما انحلت الى قضيتين موجهتين بسيطتين احداهما موجبة والاخري سالبة. ولذا سميت مرکبة وسيأتي بيانها. اما البسيطة فخلافها وهي لا تنحل الى اکثر من قضية واحدة (٢)

اقسام البسيطه :

واهم البسائط ثمان وان کانت تبلغ اکثر من ذلک :

١ ـ (الضرورية الذاتية) (٣). ويعنون بها ما دلت على ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع أو سلبه عنه ما دام ذات الموضوع موجودا

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٢ ، وشرح المنظومة : ص ٥٧.

(٢) لا يخفى عليك : أن تعبيره هذا يوهم انحلال البسيطة إلى قضية واحدة. مع أنها لا انحلال فيها. بل هي بنفسها قضية واحدة ، فكان الأولى أن يقول : فهي لا تنحل إلى قضيتين.

(٣) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٢ ، وشرح المنظومة : ص ٥٥ ، وشرح المطالع : ص ١٤٧ ، وأساس الاقتباس : ص ١٣٢ ، والإشارات وشرحه : ص ١٤٥ ، والنجاة : ص ٢٥ ـ ٢٠ ، والتحصيل : ص ٦٢.

١٧٤

من دون قيد ولا شرط (١) فتکون مادتها وجهتها الوجوب في الموجبة والامتناع في السالبة نحو : الانسان حيوان بالضرورة. الشجر ليس متنفسا بالضرورة (٢).

وعندهم ضرورية تسمي (الضرورية الازلية) وهي التي حکم فيها بالضرورة الصرفة بدون قيد فيها حتي قيد ما دام ذات الموضوع وهي تنعقد في وجود الله تعالي وصفاته مثل : (الله موجود بالضرورة الازلية) وکذا (الله حي عالم قادر بالضرورة الازلية).

٢ ـ (المشروطة العامة) (٣) وهي من قسم الضرورية ولکن ضرورتها مشروطة ببقاء عنوان الموضوع ثابتا لذاته نحو : الماشي متحرک بالضرورة ما دام على هذه الصفة. أما ذات الموضوع بدون قيد عنوان الماشي فلايجب له التحرک (٤).

٣ ـ (الدائمة المطلقة) (٥) وهي ما دلت على دوام ثبوت المحمول لذات الموضوع او سلبه عنه ما دام الموضوع بذاته موجودا سواء کان ضروريا

__________________

(١) أي من دون قيد وشرط آخر غير قيد ما دام ذات الموضوع.

(٢) لا يخفى : أن قيد «بالضرورة» جهة ، والجهة قيد للنسبة ، فهو يفيد ضرورة سلب التنفس عن الشجر. وجعله قيدا للمحمول خلف. ولكن قد يقال : إن لفظة «ليس» ليست بصريحة في ذلك لاحتمال كونها قيدا للمحمول.

(٣) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٢ ، وشرح المنظومة : ص ٥٦ ، وشرح المطالع : ص ١٤٨ ، الجوهر النضيد : ص ٥٥ ، وأساس الاقتباس : ص ١٣٣ ، والإشارات وشرحه : ص ١٤٥ ، والنجاة : ص ٢٠ ، والتحصيل : ص ٦٢.

(٤) لا يخفى عليك : أنه إن كان التحرك واجبا لذات الموضوع لم يضر بالمشروطة العامة ، لأنها أعم من أن يكون المحمول ضروريا ما دام الذات وعدمه ، بل أعم من أن يكون دائما ما دام الذات وأن لا يكون كما سيصرح به في المشروطة الخاصة ، وهكذا الأمر في العرفية العامة والحينية المطلقة والحينية الممكنة. وبهذا يظهر أن كل لاحق من القضايا الثمان المذكورة أعم من سابقتها ، غاية الأمر أن بعضها أعم مطلقا وبعضها أعم من وجه.

(٥) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٢ ، وشرح المنظومة : ص ٥٦ ، وشرح المطالع : ص ١٥٠ ، وأساس الاقتباس : ص ١٣٤.

١٧٥

له أو لا نحو : (کل فلک متحرک دائما. لا زال الحبشي أسود) فانه لا يمتنع أن يزول سواد الحبشي وحرکة الفلک ولکنه لم يقع.

٤ ـ (العرفية العامة) (١) وهي من قسم الدائمة ولکن الدوام فيها مشروط ببقاء عنوان الموضوع ثابتا لذاته فهي تشبه المشروطة العامة من ناحية اشتراط جهتها ببقاء عنوان الموضوع نحو : (کل کاتب متحرک الاصابع دائما ما دام کاتبا) فتحرک الاصابع ليس دائما مادام الذات ولکنه دائم ما دام عنوان الکاتب ثابتا لذات الکاتب.

٥ ـ (المطلقة العامة) (٢) وتسمي الفعلية وهي مادلت على ان النسبة واقعة فعلا وخرجت (٣) من القوة الى الفعل ووجدت بعد ان لم تکن سواء کانت ضرورية اولا وسواء کانت دائمة او لا وسواء کانت واقعة في الزمان الحاضر أو في غيره نحو : (کل انسان ماش بالفعل وکل فلک متحرک بالفعل).

وعليه فالمطلقة العامة اعم من جميع القضايا السابقة.

٦ ـ (الحينية المطلقة) (٤) وهي من قسم المطلقة فتدل على فعلية النسبة أيضا لکن فعليتها حين اتصاف ذات الموضوع بوصفه وعنوانه نحو : (کل طائر خافق الجناحين بالفعل حين هو طائر) فهي تشبه المشروطة والعرفية من ناحية اشتراط جهتها بوصف الموضوع وعنوانه.

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٤ ، وشرح المنظومة : ص ٥٦ ، والجوهر النضيد : ص ٥٤ ، وأساس الاقتباس : ص ١٣٤.

(٢) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٥ ، وشرح المنظومة : ص ٥٦ ، وشرح المطالع : ص ١٥٤ ، والجوهر النضيد : ص ٥٢ ، وأساس الاقتباس : ص ١٣٩ ، والإشارات وشرحه : ص ١٤٣ ، والتحصيل : ص ٦٠.

(٣) يقصد بهذه الجملة الإشارة إلى أن قوله : «فعلا» أو «بالفعل» في جهة القضية هي الفعلية المقابلة للقوة.

(٤) راجع شرح المنظومة ص ٦٢.

١٧٦

٧ ـ (الممکنه العامة) (١) وهي ما دلت على سلب ضرورة الطرف المقابل للنسبة المذکورة في القضية فان کانت القضية موجبة دلت على سلب ضرورة السلب وان کانت سالبة دلت على سلب ضرورة الايجاب.

ومعني ذلک انها تدل على ان النسبة المذکورة في القضية غير ممتنعة سواء کانت ضرورية أو لا وسواء کانت واقعة أو لا (٢) وسواء کانت دائمة أو لا نحو (کل انسان کاتب بالامکان العام) أي ان الکتابة لا يمتنع ثبوتها لکل انسان فعدمها ليس ضروريا وان اتفق انها لا تقع لبعض الاشخاص.

وعليه فالممکنة العامة أعم من جميع القضايا السابقة.

٨ ـ (الحينية الممکنة) (٣) وهي من قسم الممکنة ولکن المکانها بلحاظ اتصا ف ذات الموضوع بوصفه وعنوانه نحو : (کل ماش غير مضطرب اليدين بالامکان العام حين هو ماش).

والحينية الممکنة يؤتي بها عندما يتوهم المتوهم ان المحمول يمتنع ثبوته للموضوع حين اتصافه بوصفه.

اقسام المرکبة

قلنا فيما تقدم : ان المرکبة ما انحلت الى قضيتين موجبة وسالبة ونزيدها هنا توضيحا فنقول : ان المرکبة تتألف من قضية مذکورة بعبارة صريحة هي الجزء الاول منها (سواء کانت موجبة أو سالبة وباعتبار هذا

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٥ ، وشرح المنظومة : ص ٥٧ ، وشرح المطالع : ص ١٥١ ، والجوهر النضيد : ص ٥١ ، وأساس الاقتباس : ص ١٣٧ ، والإشارات وشرحه : ص ١٥١ ، والنجاة : ص ١٧ ، والتحصيل : ص ٦٥.

(٢) لا يخفى عليك : أنه كان الأولى تأخير هذه الفقرة عن الفقرة اللاحقة ، فإن ذلك هو مقتضى الترتيب بين الدائمة والمطلقة العامة والانتقال من الأخص إلى الأعم.

(٣) راجع شرح المنظومة ص ٦٢.

١٧٧

الجزء الصريح تسمي المرکبة موجبة أو سالبة) ومن قضية أخري تخالف الجزء الاول بالکيف وتوافقه بالکم غير مذکورة بعبارة صريحة وانما يشار اليها بنحو کلمة (لا دائما) و (لا بالضرورة).

وانما يلتجأ الى الترکيب عندما تستعمل قضية موجبة عامة تحتمل وجهين الضرورة واللاضرورة أو الدوام واللادوام فيراد بيان أنها ليست بضرورية او ليست بدائمة فيضاف الى القضية مثل کلمة لا بالضرورة أو لا دائما.

مثل ما اذا قال القائل : (کل مصلّ يتجنب الفحشاء بالفعل) فيحتمل أن يکون ذلک ضروريا لا ينفک عنه (١) ويحتمل الا يکون ضروريا فلاجل دفع الاحتمال ولأجل التنصيص على انه ليس بضروري تقيد القضية بقولنا (لا بالضرورة).

کما يحتمل أن يکون ذلک دائما ويحتمل الا يکون ولاجل دفع الاحتمال وبيان انه ليس بدائم تقيد القضية بقولنا (لا دائما).

فالجزء الاول وهو (کل مصلّ يتجنب الفحشاء بالفعل) قضية موجبة کلية مطلقة عامة. والجزء الثاني وهو (لا بالضرورة) يشار به الى قضية سالبة کلية ممکنة عامة لان معني (لا بالضرورة) أن تجنب الفحشاء ليس بضروري لکل مصل فيکون مؤداه أنه يمکن سلب تجنب الفحشاء على المصلي ويعبر عن هذه القضية بقولهم : (لا شيء من المصلي بمتجنب للفحشاء بالامکان العام).

وکذا لوکان الجزء الثاني هو (لا دائما) فانه يشار به الى قضية سالبة کلية ولکنها مطلقة عامة لان معني (لا دائما) ان تجنب الفحشاء لا يثبت لکل مصلّ دائما فيکون المؤدي (لا شيء من المصلي بمتجنب للفحشاء بالفعل).

__________________

(١) أي لا يمكن أن ينفك عنه ، فإن الضرورة هو استحالة الانفكاك ، وأما عدم الانفكاك فليس إلا الدوام.

١٧٨

وأهم القضايا المرکبة المتعارفة ست :

١ ـ (المشروطة الخاصة) (١) وهي المشروطة العامة المقيدة باللادوام الذاتي. والمشروطة العامة هي الدالة على ضرورة ثبوت المحمول للموضوع ما دام الوصف ثابتا له فيحتمل فيها أن يکون المحمول دائم الثبوت لذات الموضوع وان تجرد عن الوصف ويحتمل ألا يکون. ولا جل دفع الاحتمال وبيان أنه غير دائم الثبوت لذات الموضوع تقيد القضية باللادوام الذاتي فيشار به الى قضية مطلقة عامة.

فتترکب المشروطة الخاصة على هذا من مشروطة عامة صريحة ومطلقة عامة مشار اليها بکلمة (لا دائما) نحو (کل شجر نام بالضرورة ما دام شجرا لا دائما) أي لا شيء من الشجر بنام بالفعل. وانما سميت خاصة لانها أخص من المشروطة العامة.

٢ ـ (العرفية الخاصة)(٢) وهي العرفية العامة المقيدة باللادوام الذاتي. ومعناه ان المحمول وان کان دائما ما دام اوصف هو غير دائم ما دام الذات فيرفع به احتمال الدوام ما دام الذات. ويشار باللادوام الى قضية مطلقة عامة کالسابق نحو : (کل شجر نام دائما ما دام شجرا لا دائما) أي لا شيء من الشجر بنام بالفعل.

فتترکب العرفية الخاصة من عرفية عامة صريحة ومطلقة عامة مشار اليها بکلمة (لا دائما). وانما سميت خاصة لانها أخص من العرفية العامة. اذ العرفية العامة تحتمل الدوام ما دام الذات وعدمه والعرفية الخاصة مختصة بعدم الدوام ما دام الذات.

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٦ ، وشرح المنظومة : ص ٥٧ ، وشرح المطالع : ص ١٥٦ ، والجوهر النضيد : ص ٥٩.

(٢) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٦ ، وشرح المنظومة : ص ٥٧ ، وشرح المطالع : ص ١٥٧.

١٧٩

٣ ـ (الوجودية اللاضرورية) (١) وهي المطلقة العامة المقيدة باللاضرورية الذاتية لان المطلقة العامة يحتمل فيها أن يکون المحمول ضروريا لذات الموضوع ويحتمل عدمه ولأجل التصريح بعدم ضرورة ثبوته لذات الموضوع تفيد بکلمة (لا بالضرورة) وسلب الضرورة معناه الامکان العام (٢) لان الامکان العام هو سلب الضرورة عن الطرف المقابل فاذا سلبت الضرورة عن الطرف المقابل فاذا سلبت الضرورة عن الطرف المذکور صريحا في القضية ولنفرضه حکما ايجابيا فمعناه ان الطرف المقابل وهو السلب موجه بالامکان العام. وعليه فيشار بکلمة (لا بالضرورة) الى ممکنة عامة فاذا قلت : (کل انسان متنفس بالفعل لا بالضرورة) فان (لا بالضرورة) اشارة الى قولک : لا شيء من الانسان بمتنفس بالامکان العام.

فتترکب اذن الوجودية اللاضرورية من مطلقة عامة وممکنة عامة وانما سميت وجودية لان المطلقة العامة تدل على تحقق الحکم ووجوده خارجا وسميت لا ضرورية لتقيدها باللاضرورة.

٤ ـ (الوجودية اللادائمة) (٣) وهي المطلقة العامة المقيدة باللادوام الذاتي لان المطلقة العامة يحتمل فيها أن يکون المحمول دائم الثبوت لذات الموضوع ويحتمل عدمه ولأجل التصريح بعدم الدوام تقيد القضية بکلمة (لا دائما) فيشار بها الى مطلقة عامة کما تقدم فتترکب الوجودية اللادائمة من مطلقتين عامتين وسميت وجودية (٤) للسبب المتقدم. نحو (لا شيء من الانسان بمتنفس بالفعل لا دائما) أي ان کل انسان متنفس بالفعل.

__________________

(١) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٧ ، وشرح المنظومة : ص ٥٥ ، وشرح المطالع : ص ١٥٨ ، والقواعد الجلية : ص ٢٦٨.

(٢) للطرف المقابل

(٣) راجع شرح الشمسية : ص ١٠٧ ، وشرح المنظومة : ص ٥٥ ، والقواعد الجلية : ص ٢٧٠.

(٤) لا دائمة.

١٨٠