عيون المعجزات

الشيخ حسين بن عبد الوهاب

عيون المعجزات

المؤلف:

الشيخ حسين بن عبد الوهاب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة الداوري
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٥٢

بي فقال لي : ما حال الناس؟ فقلت : لا تسأل يا ابن رسول اللّه ، خربت الدور والمساكن وهلك الناس ورأيتهم بحال رحمتهم ، فقال (ع) : لا رحمهم اللّه ، اما انه قد بقيت عليك بقية ولو لا ذلك لم نرحم اعداءنا واعداء اوليائنا ، ثم قال : سحقا سحقا بعدا بعدا للقوم الظالمين ، واللّه لو لا مخالفة والدي لزدت في التحريك واهلكتهم اجمعين ، فما انزلونا واولياءنا من اعدائنا هذه المنزلة غيرهم ، وجعلت اعلاها اسفلها فكان لا يبقى فيها دار ولا جدار ، ولكني امرني مولاي ان احركه تحريكا ساكنا؛ ثم صعد (ع) المنارة وانا اراه والناس لا يرونه ، فمد يده وادارها حول المنارة فزلزلت المدينة زلزلة خفيفة وتهدمت دور ، ثم تلا الباقر (ع) «ذلك جزيناهم ببغيهم وهل نجازي الا الكفور» وتلا أيضا «فلما جاء امرنا جعلنا عاليها سافلها» وتلا «فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لا يشعرون» قال جابر : فخرجت العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين ويتضرعن منكشفات لا يلتفت إليهن احد ، فلما نظر الباقر (ع) الى تحرير العواتق رق لهن فوضع الخيط في كمه فسكنت الزلزلة ، ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه واخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد ، فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته والحداد يقول : اما سمعتم الهمهمة في الهدم؟ فقال بعضهم بل كانت همهمة كثيرة ، قال قوم آخرون : بل واللّه كلام كثير الا انا لم نقف على الكلام ، قال جابر : فنظر الي الباقر (ع) وتبسم ثم قال : يا جابر هذا لما طغوا وبغوا ، فقلت : يا ابن

٨١

رسول اللّه ما هذا الخيط الذي فيه العجب؟ فقال : بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة وينصبه جبرئيل (ع) ويحك يا جابر ، انا من اللّه تعالى بمكان ومنزلة رفيعة ، فلو لا نحن لم يخلق اللّه تعالى سماء ولا ارضا ولا جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنة ولا انسا ، ويحك يا جابر لا يقاس بنا احد يا جابر ، بنا واللّه انقذكم وبنا نعشكم وبنا هداكم ، ونحن واللّه دللناكم على ربكم ، فقفوا عند امرنا ونهينا ولا تردوا علينا ما اوردنا عليكم ، فانا بنعم اللّه اجل واعظم من ان يرد علينا ، وجميع ما يرد عليكم منا فما فهمتموه؟ فاحمدوا اللّه عليه وما جهلتموه ، فاتكلوه إلينا وقولوا أئمتنا اعلم بما قالوا ، قال جابر : ثم استقبله امير المدينة المقيم بها من قبل بني أميّة قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو ينادي : معاشر الناس احضروا ابن رسول اللّه (ص) علي بن الحسين (ع) وتقربوا به الى اللّه تعالى ، وتضرعوا إليه واظهروا التوبة والإنابة لعل اللّه ان يصرف عنكم العذاب ، قال جابر : فلما بصر الامير بالباقر محمد بن علي (ع) سارع نحوه وقال : يا ابن رسول اللّه أما ترى ما نزل بامة محمد (ص) وقد هلكوا وفنوا؟ ثم قال له اين ابوك حتى نسأله ان يخرج معنا الى المسجد فنتقرب الى اللّه تعالى فيرفع عن امة محمد البلاء ، فقال الباقر (ع) : يفعل ان شاء اللّه تعالى ، ولكن اصلحوا من انفسكم عليكم بالتوبة والنزوع عما انتم عليه ، فانه لا يأمن مكر اللّه الا القوم الخاسرون قال جابر : فاتينا زين العابدين باجمعنا وهو يصلي فانتظرنا حتى انفتل واقبل علينا ، ثم قال لي : سرا يا محمد كدت ان تهلك

٨٢

الناس جميعا ، قال جابر : واللّه يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركة ، فقال (ع) : يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار ، فما خبر الناس؟ فاخبرناه ، فقال : ذلك عما استحلوا منا محارم اللّه وانتهكوا من حرمتنا ، فقلت يا ابن رسول اللّه : ان سلطانهم بالباب قد سألنا ان نسألك ان تحضر المسجد حتى يجتمع الناس إليك ، فيدعون اللّه ويتضرعون إليه ويسألونه الاقالة ، فتبسم ثم تلا «او لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات» قالوا : بلى ، قال : فادعوا فادعوا ، وما دعاء الكافرين الا في ضلال ، قلت : يا سيدي ومولاي العجب انهم لا يدرون من اين اتوا ، فقال (ع) : اجل ثم تلا «فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون» هي واللّه يا جابر آياتنا وهذه واللّه احداها وهي مما يوصف اللّه تعالى كتابه بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ، فاذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ، ثم قال (ع) : يا جابر ما ظنك بقوم اماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ووالوا اعداءنا وانتهكوا حرمتنا ، وظلمونا حقنا وغصبونا ارثنا واعانوا الظالمين علينا ، واحيوا سنتهم وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين واطفاء نور الحق ، قال جابر فقلت : الحمد للّه الذي من علي بمعرفتكم وعرفني فضلكم والهمني طاعتكم ووفقني لموالاة اوليائكم ومعاداة اعدائكم فقال (ع) : يا جابر أتدري ما المعرفة؟ فسكت جابر ، فاورد عليه الخبر بطوله وقد اوردت انا المعجز الذي اظهره من هذا الخبر فقط ، اذ ليس كل كتاب يحتمل شرح الاشياء بحقايقها.

٨٣

ومن كتاب بصائر الدرجات مرفوعا الى سدير الصيرفي ، قال : اوصاني الباقر أبو جعفر (ع) بامور له في المدينة ، فبينا انا في فج الروحاء على راحلتي اذ انا بشخص يلوي بثوبه فقمت إليه وظننت انه عطشان ، فناولته الاداوة فقال : لا حاجة لي فيها فناولني كتابا طينه رطب ، فنظرت الى الخاتم فاذا هو نقش خاتم الباقر ابي جعفر (ع) فقلت : متى عهدك بصاحب هذا الكتاب؟ فقال : الساعة فالتفت إليه فلم اره ، ثم قدم ابو جعفر (ع) المدينة فقلت له : رجل اتاني بكتاب طينه رطب ، فقال (ع) : نعم ان لنا خدما من الروحانيين ومن الجن المؤمنين فاذا اردنا السرعة بعثناهم.

وفيه مرفوعا الى ابي حمزة الثمالي ، قال : كنت استأذن على ابي جعفر (ع) فقيل ان عنده قوم ، فقلت : اثبت قليلا حتى يخرجوا فخرجوا قوم انكرتهم ، فدخلت فقال (ع) : يا ابا حمزة هؤلاء وفد شيعتنا من الجن ، جاءوا يسألونا عن معالم دينهم ، أما علمت ان الامام حجة اللّه على الجن والانس.

ولما قربت ايام ابي جعفر (ع) روي انه (ع) قبض وله سبع وخمسون سنة ، في سنة مائة وخمس عشرة ومشهده بالبقيع الى جانب مشهد ابيه علي بن الحسين صلوات اللّه عليهم اجمعين.

٨٤

(وصارت الامامة بعد الباقر لابنه)

أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام

واتبعه المؤمنون ، روي انه (ع) ولد سنة ثلاث وثمانين من الهجرة في حياة جده علي بن الحسين (ع) ، وكانت أم الصادق (ع) أمّ فروة بنت القاسم محمد بن ابي بكر بن ابي قحافة ، وكان ابوها القاسم من ثقات اصحاب علي بن الحسين زين العابدين (ع) ، وكانت أمّ فروة من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء اهل زمانها (ع).

وروت عن علي بن الحسين (ع) احاديث منها قوله لها : يا أمّ فروة اني لادعو لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة مائة مرة ، لانا نصبر على ما نعلم ويصبرون على ما لا يعلمون.

كان مولد الصادق (ع) ومنشأه على منهاج مولد آبائه (ع) وقام بامر اللّه جل جلاله في سنة خمس عشرة ومائة.

«ومن دلائله وبراهينه (ع)»

حدث يونس بن ظبيان وابو سلمة السراج والحسين بن ثور والمفضل بن عمر. قال : كنا عند ابي عبد اللّه جعفر بن محمد الباقر

٨٥

(ع) قال : اعطينا خزائن الارض ومفاتيحها ، ولو أشأ ان اقول باحدى رجلي الارض اخرجي ما فيك من ذهب ، وفحص باحدى رجليه فخط في الارض ثم مد يده فاستخرج سبيكة من ذهب قدر شير فناولناها ثم قال : انظروا بها حتى لا تشكوا وانظروا في الارض واذا فيها سبائك كثيرة بعضها على بعض ، فقال له بعضنا : يا ابن رسول اللّه اعطيتم كل هذا وشيعتكم محتاجون ، فقال (ع) ان للّه سبحانه سيجمع لشيعتنا الدنيا والآخرة يدخلهم جنات النعيم ، ويدخل اعداءنا نار جهنم ، ثم فحص برجله في الارض فعادت كما كانت.

وروي عن داود بن كثير الرقي قال خرجت مع ابي عبد اللّه الصادق (ع) الى الحج ، فلما كان اول وقت الظهر قال لي : وكنا في ارض قفر : يا داود قد حان وقت الصلاة فاعدل بنا عن الطريق ، فنزلنا في ارض قفر لا ماء فيها فركض (ع) برجله فنبعت عين ماء كانها الثلج ، فتوضأ وتوضأنا وصلينا فلما هممنا بالمسير التفت واذا بجذع نخلة فقال : يا داود أتحبّ ان اطعمك رطبا فقلت نعم يا مولاي ، فضرب بيده الى الجذع وهزه فاهتز اهتزازا شديدا فاذا هو قد اينع واخضر ، ثم هزه الثانية فاذا قد تدلى منه كبائس باعذاقها فاطعمني انواعا كثيرة من الرطب ثم مسح بيده (ع) على النخلة وقال : عودي جذعا باذن اللّه فعادت بسيرتها الاولى.

وفي كتاب بصائر الدرجات مرفوعا الى ابي كهمش قال :

٨٦

كنت بالمدينة نازلا في دار فيها وصيفة ، وكانت تعجبني فانصرفت ليلة فاستفتحت الباب فجاءت وفتحت الباب لي فمددت يدي الى ثدييها خلف الباب ، فلما كان من الغد دخلت على ابي عبد اللّه جعفر الصادق (ع) فقال لي : يا ابا كهمش تب الى اللّه تعالى مما صنعت البارحة.

وفيه مرفوعا الى محمد بن مسلم عن المفضل بن عمر ، قال : حمل الي جعفر بن محمد الصادق (ع) مالا من خراسان مع رجلين من اصحابه ، فما زالا يتفقدان المال في الطريق ، فمرا برجل من الشيعة فدفع إليهما كيسا فيه الفا درهم واوعز إليهما بتسليمه الى الصادق (ع) فجعلا يتفقدان المال والكيس حتى دنوا من المدينة ، فقال احدهما لصاحبه : تعالى ننظر ما حال المال فنظرا واذا المال على حالته ما خلا كيس الرازي ، فقال : اللّه المستعان ما تقول الساعة لابي عبد اللّه (ع) قال احدهما : انه كريم وانا نرجو انه لا ينسبنا الى الخيانة ، بل لا شك انه علم ما جرى فيه عنده فانه حجة اللّه في ارضه ، فلما دخلا المدينة دخلا عليه وسلما ووضعا المال بين يديه فقال : اين كيس الرازي؟ فاخبراه بالقصة فقال : لو رأيتما الكيس تعرفانه؟ قالا نعم ، فقال : يا جارية علي بالكيس فاخرجت الكيس فدفعه ابو عبد اللّه إليهما فقال : أتعرفانه؟ قالا هو ذاك جعلنا اللّه فداك ، فقال (ع) : اني احتجت في جوف الليل الى مال فوجهت جنيا من شيعنا فجاءني بهذا الكيس من متاعكما.

٨٧

وفيه مرفوعا الى ابي عبد اللّه بن كثير ، عن ابي عبد اللّه الصادق (ع) قال : الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك ، فقال : ففرج بين اصابعه (ع) ووضعها على صدره ثم قال : وعندنا واللّه علم الكتاب كله ، ثم قال (ع) أتدري ما كان عنده من علم الكتاب؟ قلت : اخبرني يا ابن رسول اللّه (ص) ، قال (ع) قدر قطرة من المطر في البحر الاخضر ما يكون ذلك من علم الكتاب كله ، فقلت : ما اقل هذا؟ فقال (ع) بهذا القليل من علم الكتاب اتى بعرش بلقيس من سبأ قبل ان يرتد الى سليمان طرفه ، ثم قال (ع) أما قرأت في كتاب اللّه تعالى قل كفا باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب؟ واومأ بيده الى صدره وقال : علم الكتاب كله واللّه عندنا.

وروي أنه (ع) لما خرج من بين يدي المنصور ، نزل الحيرة فبينما هو اذ اتاه الربيع فقال له : اجب امير المؤمنين ، فركب إليه وقد كان وجد في الصحراء صورة عجيبة الخلق لم يعرفها احد وذكر من وجدها انه رآها قد سقطت مع المطر ، فلما دخل (ع) قال له المنصور : يا أبا عبد اللّه اخبرني عن الهواء اي شيء فيه؟ فقال له : بحر ، قال له : فله سكان ، قال (ع) نعم ، قال المنصور ، وما سكانه؟ فقال (ع) خلق ابدانهم ابدان الحيتان ورءوسهم رءوس الطير ولهم اجنحة كاجنحة الطير من الوان شتى ، فدعا المنصور بالطست فاذا ذلك الخلق فيه فما زاد

٨٨

على ما وصفه (ع) فاذن له فانصرف (ع) ثم قال المنصور للربيع هذا الشجي المعترض في حلقي من أعلم الناس في زمانهم.

وروي عن عبد الاعلى بن اعين وعبيدة بن بشير قالا : كنا عند ابي عبد اللّه الصادق (ع) فقال : ابتداء منه واللّه اني لأعلم ما في السماء وما في الارض وما في الجنة وما في النار وما كان وما يكون الى يوم يقوم الساعة ، ثم تنكب ثم قال : اعلمه من كتاب اللّه عز وجل انه سبحانه يقول فيه تبيانا لكل شيء.

روي مرفوعا الى محمد بن الاسقنطري قال : كنت من خواص المنصور ابي جعفر الدوانيقي ، وكنت اقول بامامة ابي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق (ع) ، فدخلت يوما على ابي جعفر الدوانيقي واذا هو يفرك يديه ويتنفس تنفسا باردا ، فقلت : يا امير المؤمنين ما هذه الفكرة؟ فقال : يا محمد اني قتلت من ذرية فاطمة بنت رسول اللّه (ص) الفا او يزيدون وقد تركت سيدهم المشار إليه ، فقلت له : ومن ذلك يا امير المؤمنين؟ فقال : ذلك جعفر بن محمد ، فقلت له : ان جعفر بن محمد رجل قد انحلته العبادة واشتغل باللّه عما سواه وعما في ايدي الملوك ، فقال : يا محمد قد علمت بانك تقول بامامته ، واللّه انه لإمام هذا الخلق كلهم ، ولكن الملك عقيم وآليت على نفسي ان لا امسي او افرغ منه ، قال محمد : فو اللّه لقد اظلم علي البيت من شدة الغم؛ ثم دعا المنصور بالموائد فأكل وشرب ثلاثة ارطال ، ثم امر الحاجب ان يخرج كل من في المجلس ولم يبق الا انا وهو ، ثم دعا

٨٩

بسياف له وقال له : ويلك يا سياف ، فقال له : لبيك يا امير المؤمنين ، قال : اذا انا احضرت جعفر بن محمد وجاريته الحديث وقلعت القلنسوة عن راسي فاضرب عنقه ، فقال : نعم يا امير المؤمنين ، قال محمد : فضاقت علي الارض برحبها فلحقت السياف فقلت له سرا : ويلك تقتل جعفر بن محمد ويكون خصمك رسول اللّه (ص) فقال السياف : واللّه لأفعلن ذلك ، فقلت : وما الذي تفعل؟ قال : اذا حضر ابو عبد اللّه وشغله ابو جعفر الدوانيقي بالكلام واخذ قلنسوته عن راسه ضربت عنق ابي جعفر الدوانيقي ، فقلت : قد اصبت الرأي ولم ابل بما قد صرت إليه ولا ما يكون من امري ، فاحضر ابو عبد اللّه جعفر (ع) على حمار مصري فلحقته في الستر الاول وهو يقول : يا كافي موسى من فرعون يا كافي محمد الأحزاب ، ثم لحقته في الستر الذي بينه وبين المنصور وهو يقول : يا دائم ثم تكلم بكلام واطبق شفتيه (ع) ولم ادر ما الذي قال ، فرايت القصر يموج بي كانه سفينة في موج البحار ، ورايت المنصور وهو يسعى بين يدي ابي عبد اللّه الصادق (ع) حافي القدم مكشوف الرأس ، قد اصطكت اسنانه وارتعدت فرائصه ، يسود ساعة ويصفر ساعة اخرى ، حتى اخذ بعضد ابي عبد اللّه (ع) واجلسه على سرير ملكه وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي سيده ، ثم قال له : يا ابن رسول اللّه ما الذي جاء بك فى هذا الوقت؟ فقال عليه السلام : دعوتني فاجبتك ، فقال له المنصور : سل ما شئت؟ فقال ابو عبد اللّه : حاجتي ان لا تدعوني حتى اجيئك ، ولا

٩٠

تسأل عني حتى اسال عنك ، فقال المنصور : لك ذلك وخرج ابو عبد اللّه (ع) من عنده ، فدعا المنصور بالدواويح والفنك والسمور والحواصل وهو يرتعد ، فنام تحته فلم ينتبه الا في نصف الليل ، فلما انتبه واني عند رأسه جالسا ، فقال لي اجالس أنت يا محمد؟ قلت : نعم يا امير المؤمنين ، فقال : ارفق حتى اقضي ما فاتني من الصلاة واحدثك ، فلما انفتل من الصلاة اقبل علي وقال : يا محمد لما احضرت ابا عبد اللّه جعفر بن محمد وقد هممت من السوء بما قد هممت به ، رايت تنينا قد جرى بذنبه جميع البلد وقد وضع شفته السفلى في اسفل قبتي هذه ، وشفته العليا في اعلى مقامي وهو ينادي بلسان طلق ذلق عربي مبين ويقول : يا عبد اللّه ان اللّه عز وجل بعثني وامرني ان احدثت بجعفر بن محمد حدثا بأن ابتلعك مع اهل قصرك هذا؟ فطاش عقلي وارتعدت فرائصي ، قال محمد : قلت اسحر هذا يا امير المؤمنين ، فقال لي : اسكت ويلك أما تعلم ان جعفر بن محمد (ع) وارث النبيين والوصيين وعنده الاسم الاعظم والاسم المخزون الذي لو قرأه على الليل لأنار وعلى النهار لاظلم وعلى البحار لسكنت ، فقلت له : يا امير المؤمنين فدعه على شأنه ولا تسأل عنه بعد يومك هذا ، فقال المنصور : واللّه لا سألت عنه ابدا قال محمد : فو اللّه ما سأل عنه المنصور قط.

وفي كتاب بصائر الدرجات ، عن أحمد بن محمد عن علي بن الحسين ، عن مسمع البصري قال كنت لا ازيد على اكلة واحدة

٩١

بالليل والنهار وربما استأذنت على ابي عبد اللّه (ع) فدعا بالطعام عند غيره تأذيت به وتصيا بني التخمة فشكوت ذلك واخبرته اني اذا اكلت لم اتأذ به ، فقال (ع) انك لتأكل طعام قوم تصاحبهم الملائكة على فرشهم ، فقلت : ويظهرون لكم؟ قال فمسح (ع) يده على رأس بعض صبيانه وقال : هم الطف بصبياننا منا بهم ثم تلا (ع) (إِنَّ اَلَّذِينَ قٰالُوا رَبُّنَا اَللّٰهُ ثُمَّ اِسْتَقٰامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلاٰئِكَةُ أَلاّٰ تَخٰافُوا وَلاٰ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ اَلَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ثم قال : (ع) ربما وسدنا لهم الوسائد في منازلنا.

ابو العباس الكوفي قال : حدثني علي بن مهران ، عن داود بن كثير الرقي ، قال : كنا في منزل ابي عبد اللّه (ع) ونحن نتذاكر فضائل الأنبياء (ص) فقال (ع) مجيبا لنا واللّه ما خلق اللّه نبيا الا ومحمد أفضل منه ، ثم خلع خاتمه ووضعه على الارض وتكلم بشيء فانصدعت الارض وانفرجت بقدرة اللّه عز وجل ، فاذا نحن ببحر عجاج في وسطه سفينة خضراء من زبرجدة خضراء في وسطها قبة من درة بيضاء حولها دار خضراء ، مكتوب عليها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين ، بشر القائم فانه يقاتل الاعداء ويغيث المؤمنين ، وينصره عز وجل بالملائكة في عدد نجوم السماء ، ثم تكلم (ع) بكلام فثار ماء البحر وارتفع مع السفينة فقال : ادخلوها فدخلنا القبة التي في السفينة فاذا فيها اربعة كراسي من الوان الجواهر ، فجلس هو على احدها واجلسني على واحد واجلس موسى واسماعيل

٩٢

(ع) كل واحد منهما على كرسي ثم قال (ع) للسفينة : سيري بقدرة اللّه تعالى فسارت في بحر عجاج بين جبال الدر واليواقيت ، ثم ادخل يده في البحر واخرج دررا وياقوتا فقال : يا داود ان كنت تريد الدنيا فخذ حاجتك ، فقلت : يا مولاي لا حاجة لي في الدنيا ، فرمى به في البحر وغمس يده في البحر واخرج مسكا وعنبرا فشمه وشممني وشمم موسى واسماعيل (ع) ثم رمى به في البحر ، وسارت السفينة حتى انتهينا الى جزيرة عظيمة فيما بين ذلك البحر ، واذا فيها قباب من الدر الابيض مفروشة بالسندس والاستبرق عليها ستور الارجوان محفوفة بالملائكة ، فلما نظروا إلينا اقبلوا مذعنين له بالطاعة مقرين له بالولاية ، فقلت : مولاي لمن هذه القباب؟ فقال : للائمة من ذرية محمد (ص) كلما قبض امام صار الى هذا الموضع الى الوقت المعلوم الذي ذكره اللّه تعالى؛ ثم قال (ع) قوموا بنا حتى نسلم على امير المؤمنين (ع) فقمنا وقام ووقفنا بباب احدى القباب المزينة وهي اجلها واعظمها ، وسلمنا على امير المؤمنين (ع) وهو قاعد فيها ، ثم عدل الى قبة اخرى وعدلنا معه فسلم وسلمنا على الحسن بن علي (ع) ، وعدلنا منها الى قبة بإزائها فسلمنا على الحسين بن علي (ع) ، ثم على علي بن الحسين (ع) ، ثم على محمد بن علي (ع) ، كل واحد منهم في قبة مزينة مزخرفة ، ثم عدل الى بنية بالجزيرة وعدلنا معه ، واذا فيها قبة عظيمة من درة بيضاء مزينة بفنون الفرش والستور ، واذا فيها سرير من ذهب مرصع بانواع الجواهر ، فقلت : يا مولاي لمن هذه القبة؟

٩٣

فقال للقائم منا اهل البيت صاحب الزمان (ع) ، ثم اومأ بيده وتكلم بشيء واذا نحن فوق الارض بالمدينة في منزل ابي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق (ع) ، واخرج خاتمه وختم الارض بين يديه فلم ار فيها صدعا ولا فرجة.

ولما حان وقته وقرب امره (ع) احضر ابنه ابا ابراهيم موسى بن جعفر (ع) ، ودفع إليه السلاح ومواريث الأنبياء (ص) ، ونص عليه بمشهد جماعة من مواليه وشيعته؛ وقبض (ع) وله خمس وستون سنة في سنة ثمان واربعين ومائة من الهجرة ، وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين ، واقام مع جده علي ابن الحسين (ع) ثم اثنتي عشرة سنة ، ومع ابيه عشرين سنة ، ومنفردا بالامامة ثلاثا وثلاثين سنة ، ومشهده بالبقيع الى جانب قبر ابيه وجده (ع).

وروي انه (ع) دفن بالبقيع في قبر ابي محمد الحسن بن علي ابن ابي طالب (ع).

٩٤

(ولما صارت الامامة للكاظم أبي ابراهيم)

موسى بن جعفر (ع) قام بامر اللّه واتبعه المؤمنون

والدته حميدة رضوان اللّه عليها.

وروي عن أبي بصير قال : حججنا مع الصادق (ع) في السنة التي ولد فيها ابو ابراهيم موسى بن جعفر (ع) ، فلما نزلنا المنزل المعروف بالأبواء وضع لنا الطعام ، فبينا نحن نأكل اذ أتاه رسول حميدة فقال : تقول لك يا مولاي قد احسست بشيء وقد امرتني ان لا اسبقك بحادثة تكون في امر هذا المولود ، فقام ابو عبد اللّه (ع) فاحتبس هنيئة وعاد إلينا ، فقمنا إليه وقلنا بشرك اللّه وجعلنا فداك يا سيدي ما فعلت حميدة؟ فقال (ع) : سلمها اللّه ووهب لي منها غلاما خير من برأ اللّه في زمانه ، ولقد اخبرتني حميدة بشيء ظنت اني لا اعرفه وكنت اعلم به منها ، قلنا له واخبرتك به؟ قال : ذكرت انه لما سقط رأته واضعا يديه على الأرض ، رافعا رأسه يسبح اللّه ويهلله ويصلي على رسول اللّه (ص) ، فأخبرتها ان تلك امارة رسول اللّه وامير المؤمنين ، وامارة الامام اذا صار الى الأرض ان يضع يديه على الأرض ويرفع رأسه الى السماء ويسبح ويهلل ويصلي على رسول اللّه (ص) ويقرأ : شهد اللّه انه لا إله إلا هو والملائكة واولو العلم قائما

٩٥

بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، واذا قال ذلك اعطاه اللّه عز وجل العلم الاول والعلم الآخر ، واستحق زيارة الروح ليلة القدر وهو خلق اعظم من جبرئيل وميكائيل (ع) ؛ وكانت ولادته (ع) سنة ثمان وعشرين ومائة وكان مولده ومنشأه مثل مولد آبائه (ع).

«ومن دلائله وبراهينه (ع)»

روي عن محمد بن الفضل عن داود الرقي قال : قلت لأبي عبد اللّه (ع) حدثني عن اعداء امير المؤمنين (ع) واهل بيت النبوة (ص) ، فقال : الحديث احب إليك أم المعاينة؟ قلت : المعاينة ، فقال لأبي ابراهيم موسى (ع) : ائتني بالقضيب ، فمضى واحضره اياه فقال له : يا موسى اضرب به الأرض وارهم اعداء امير المؤمنين (ع) واعداءنا ، فضرب به الأرض ضربة فانشقت الارض عن بحر اسود ، ثم ضرب البحر بالقضيب فانطلق عن صخرة سوداء ، فضرب الصخرة فانفتح منها باب ، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون لكثرتهم ووجوههم مسودة واعينهم زرق ، كل واحد منهم مصفد مشدود في جانب من الصخرة وهم ينادون : يا محمداه والزبانية تضرب وجوههم ويقولون لهم كذبتم ليس محمد لكم ولا انتم له ، فقلت له : جعلت فداك من هؤلاء؟ فقال الجبت والطاغوت والرجس والعين من العين ، ولم يزل

٩٦

يعددهم كلهم من اولهم الى آخرهم حتى اتى على اصحاب السقيفة واصحاب الفتنة وبني الازرق والاوزاغ وبني أميّة جدد اللّه عليهم العذاب بكرة واصيلا ، ثم قال (ع) للصخرة انطبقي عليهم الى الوقت المعلوم؛ وكان المنصور ابو جعفر الدوانيقي لم يتعرض لابي ابراهيم موسى (ع) الى أن مات في سنة ثمان وخمسين ومائة وبويع لابنه المهدي محمد بن عبد اللّه ، فلما ملك وجه بجماعة من اصحابه الى المدينة فاشخصوا ابا ابراهيم موسى (ع) وقد حمله المهدي فخرجت فلقيته وشيعته فلما ودعته بكيت ، فقال (ع) ، ما يبكيك يا ابا خالد؟ فقلت : يا مولاي ، قد خرجت وما ادري ما يكون من امرك؟ فقال (ع) : اما في هذه الكرة فلا خوف علي منهم وانا اعود إليك في يوم كذا من شهر كذا في ساعة كذا فترقب موافاتي وانتظرني عند اول ميل ، فمضى (ع) ولقي المهدي وصرف اللّه عنه كيده ولم يتعرض له وسأله عرض حوائجه ، فعرض ما رأى عرضها فقضاها ثم سأله الأذن فاذن له فخرج (ع) متوجها الى المدينة ، قال أبو خالد : فلما كان في ذلك اليوم خرجت نحو الطريق انتظره فقعدت حتى انصرفت الشمس فخفت ان يكون قد تأخر واردت الانصراف ، فرأيت سوادا قد اقبل واذا ابتدأ من وراء الستار وقتنا لك هذا الوقت فالتفت فاذا مولاي موسى (ع) على بغلة له يقول : يا ابا خالد ، فقلت : لبيك يا مولاي ، فقلت يا ابن رسول اللّه الحمد للّه الذي ردك وخلصك فقال (ع) يا ابا خالد ان لي إليهم عودة ولا اتخلص منهم ورجع الى المدينة.

٩٧

روي عن علي بن ابي حمزة الثمالي (١) قال كنت عند موسى بن جعفر (ع) اذ اتاه رجل من أهل الرأي يقال له جندب ، فسلم عليه وجلس حياله (ع) يسأله ثم قال له : ما فعل اخوك فلان؟ قال بخير جعلني اللّه فداك وهو يقرئك السلام ، فقال : يا جندب اعظم اللّه اجرك في اخيك ، فقال : يا سيدي ورد علي كتابه بعهد ثلاثة عشر يوما بسلامته قال : يا جندب انه مات بعد كتابه إليك بيومين ، وقد دفع الى امرأته مالا وقال لها ليكون هذا عندك ، فاذا قدم اخي فادفعيه إليه ، وقد اودعته الأرض في البيت الذي كان فيه ميتته ، فاذا أنت لقيتها فتلطف لها وطمعها في نفسك فانها ستدفعه إليك ، قال علي بن ابي حمزة : فلقيت جندبا بعد ذلك بسنتين وقد عاد حاجا فسألته عما كان قال له موسى بن جعفر (ع) فقال : صدق (ع) ولقد كان كما قال.

عن اسحاق بن عمار قال سمعت ابا ابراهيم موسى (ع) قد نعى لرجل نفسه ، فقلت في نفسي وانه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ، فالتفت الي شبه المغضب وقال : يا اسحاق قد كان رشيد الهجري من المستضعفين ، يعلم علم البلايا والمنايا والامام اولى بذلك يا اسحاق ، اصنع ما أنت صانع فعمرك قد فني وأنت تموت الى سنتين ، واخوتك واهل بيتك لا يلبثون بعدك حتى

__________________

(١) اظنه ابي حمزة البطائني وان كان العلامة رحمه اللّه نقل عن الكشي علي بن ابي حمزة الثمالي.

(شير محمد).

٩٨

تفترق كلمتهم ويخون بعضهم بعضا ويشمت بهم عدوهم ، فلم يلبث اسحاق بعد ذلك الا سنتين حتى مات ، فكان من حاله واهله واولاده كما ذكره (ع) وافلسوا.

عن علي بن حمزة الثمالي قال : دخلت على ابي الحسن موسى بن جعفر (ع) وكان يكنى ابا الحسن وابا ابراهيم ، فقلت : جعلت فداك بم يعرف الإمام؟ فقال : بخصال او لها النص من ابيه عليه ونصبه للناس علما حتى يكون عليهم حجة ، كما نصب رسول اللّه (ص) امير المؤمنين (ع) اماما وعلما ، وكذلك الأئمة نص الاول على الثاني ونصبه حجة وعلما ، ان تسأله فيجيب فتسكت عنه فيبتدئ ويخبر الناس بما يكون في غد ، ويكلم الناس بكل لسان ويعرف منطق الطير ، والساعة اعطيك العلامة قبل ان تقوم من مقامك ، فما برحت حتى دخل علينا رجل من اهل خراسان فتكلم بالعربية فاجابه (ع) بالفارسية ، فقال الخراساني : ما منعني ان اكلمك بكلامي الا ظني بانك لا تحسنه ، فقال (ع) : سبحان اللّه ان كنت لا احسن اجيبك فما فضلي عليك ، ثم قال لي : يا ابا محمد ان الامام لا يخفى عليه كلام احد من الناس ولا منطق الطير والبهائم ، فمن لم يكن فيه هذه الخصال فليس بامام.

وفي كتاب بصائر الدرجات ، روى محمد بن عبد اللّه العطار مرفوعا الى علي بن يقطين الوزير ، قال : كنت واقفا بين يدي الرشيد ، اذ جاءت هدايا من ملك الروم وكانت فيه دراعة ديباج

٩٩

سوداء منسوجة بالذهب لم ار أحسن منها ، فنظر الي وانا انظر إليها فقال : يا علي اعجبتك الدراعة؟ فقلت : اي واللّه يا امير المؤمنين ، فقال : خذها فاخذتها وانصرفت بها الى منزلي وشددتها في منديل ووجهتها الى المدينة الى مولاي موسى بن جعفر (ع) ، فلما كان بعد سبعة اشهر انصرفت يوما من عند هارون الرشيد وكنت تغديت بين يديه ، فلما حصلت في منزلي قام الي خادمي الذي ياخذ ثيابي بمنديل على يده والكتاب ، ففضضت الكتاب واذا به كتاب مولاي ابي ابراهيم موسى بن جعفر (ع) وفيه : يا علي هذا وقت حاجتك الى الدراعة وقد بعثت بها إليك ، فكشفت طرف المنديل عنها اذ دخل علي خادم فقال : اجب امير المؤمنين فقلت : اي شيء حدث؟ قال : لا ادري فمضيت ودخلت عليه وانا متفكر وعنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه ، فقال الرشيد يا علي ما فعلت الدراعة التي كنت وهبتها لك؟ فقلت : ما كساني امير المؤمنين اكثر من ان يعد ، فعن اي الدراعة تسألني؟ فقال : الدراعة المدملجة المذهبة ، فقلت : ما عسى ان يصنع مثلي بمثلها؟ اذا انصرفت من دار امير المؤمنين دعوت بها فلبستها وصليت فيها ركعتين ، ولقد دخل علي الخادم واستدعاني وهي بين يدي فقال عمر بن بزيع : ارسل من يجيء بها ، فارسلت خادمي فجاء بها فلما رأها الرشيد قال : يا عمر ما ينبغي لنا ان نقبل على علي بعدها شيئا فامر لي بخلعة وبخمسين الف درهم فحملتها معي.

عن محمد بن علي الصوفي قال : استأذن ابراهيم الجمال على ابي

 

١٠٠