عيون المعجزات

الشيخ حسين بن عبد الوهاب

عيون المعجزات

المؤلف:

الشيخ حسين بن عبد الوهاب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة الداوري
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٥٢

وكذا ، والعلامة في يدك كذا وكذا ، فقال : القوم نشهد ان لا إله الا اللّه وان محمدا عبده ورسوله ، وانك امير المؤمنين حقا ، وعادت الحوتتان الى ما كانتا عليه ، وآمن اليهودي فقال : اشهد ان لا إله الا اللّه وان محمدا رسول اللّه وانك امير المؤمنين؛ وانصرف القوم وقد ازدادوا معرفة بامير المؤمنين (ع).

حدثني الشيخ ابو الحسن علي بن محمد بن ابراهيم بن الحسن بن الطيب المصري ، المعروف بابي التحف رحمه اللّه ، بالعندجان في سنة خمس عشر واربعمائة ، قال : حدثني عبد المنعم بن عبد العزيز الحلبي الصائغ ، عن نوفل بن ابي الأشعث القمي قال : حدثني مسبرة بن خضرمة بن حلباب بن عبد الحميد بن بكار الكوفي الدقاق ، قال : حدثني ابي عن ابناء الحسين (ع) ، ان امير المؤمنين (ع) اجتاز بارض بابل وكنت اسايره ومعنا جماعة ، فخرج من بعض الاودية اسد عظيم ، فقرب من امير المؤمنين (ع) وسجد له وسلم عليه وبصبص لديه ، فرد (ع) ثم ولى واسرع في المشي.

وحدثني هذا الشيخ قال : حدثني العلا بن طيب بن سعيد المغازلي البغدادي ببغداد ، قال : حدثني نصر بن مسلم بن صفوان الجمال المكي قال : حدثني ابو هاشم المعروف بابن اخي طاهر ابن زمعة ، عن اصهب بن جنادة عن بصير بن مدرك ، قال : حدثني عمار بن ياسر ذو الفضل والماثر ، قال : كنت بين يدي علي بن ابي طالب (ع) ، وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة

٢١

خلت من صفر ، واذا بزعقة قد ملأت المسامع ، وكان (ع) على دكة القضاء ، فقال : يا عمار ائت بذي الفقار وكان وزنه سبعة امنان وثلثا منّ بالمكي ، فجئت به فصاع من غمده وتركه ، وقال يا عمار : هذا يوم اكشف فيه لاهل الكوفة جميعا الغمة ، ليزداد المؤمن وفاقا والمخالف نفاقا ، يا عمار رأيت بمن على الباب؟ قال عمار : فخرجت واذا بالباب امرأة على جمل وهي تصيح ، يا غياث المستغيثين ويا غاية الطالبين ، ويا كنز الراغبين ويا ذا القوة المتين ، ويا مطعم اليتيم ويا رازق العديم ، ويا محي كل عظم رميم ، ويا قديما سبق قدمه كل قديم ، يا عون من لا عون له ، ويا طود من لا طود له ، وكنز من لا كنز له ، إليك توجهت وبك إليك توسلت ، بيض وجهي وفرج عني كربي ، قال : وحولها الف فارس بسيوف مسلولة ، قوم لها وقوم عليها ، فقلت : اجيبوا امير المؤمنين (ع) ، فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد ، فوقفت المرأة بين يدي امير المؤمنين (ع) وقالت : يا علي اياك قصدت فاكشف ما بي من غمة ، انك ولي ذلك والقادر عليه ، فقال امير المؤمنين (ع) يا عمار ناد في الكوفة لينظروا الى قضاء امير المؤمنين ، قال عمار : فناديت فاجتمع الناس حتى صار القدم عليه اقدام كثيرة ، ثم قام امير المؤمنين وقال : سلوا عما بدا لكم يا اهل الشام ، فنهض من بينهم شيخ اشيب عليه بردة اتحمية وحلة عدنية ، على رأسه عمامة خز سوسية ، فقال : السلام عليك يا كنز الضعفاء ويا ملجأ الهفاء يا مولاي ، هذه الجارية ابنتي وما قربتها ببعل قط ، وهي عاتق

٢٢

حامل وقد فضحتني في عشيرتي ، وانا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة والنزاهة والقناعة ، انا قلمس بن عفريس وليث عسوس ووجه على الاعداء عبوس ، لا تخمد لي نار ولا يضام لي جار ، عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي ، انا من اقوام بيت آبائهم بيت مجد في السماء السابعة ، فينا كل عبوس لا يرعوي ، وكل جحجاح عن الحرب لا ينتهي ، وقد بقيت يا علي حائرا في امري ، فاكشف هذه الغمة فهذه عظيمة لا اجد اعظم منها ، فقال امير المؤمنين عليه السلام : ما تقولين يا جارية فيما قال ابوك؟ قالت : اما قوله ابي عاتق فقد صدق فيما يقول؛ واما قوله اني حامل فو اللّه ما اعلم من نفسي خيانة قط يا امير المؤمنين (ع) ، وأنت اعلم بي مني ، وتعلم اني ما كذبت فيما قلت ، ففرج عني غمي يا عالم السر واخفى؛ فصعد امير المؤمنين (ع) المنبر وقال : اللّه اكبر جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ، فقال (ع) علي بداية الكوفة فجاءت امرأة يقال لها لبنا وكانت قابلة نساء اهل الكوفة ، فقال : اضربي بينك وبين الناس حجابا وانظري هذه الجارية اعاتق حامل؟ ففعلت ما امرها امير المؤمنين (ع) وقالت : نعم يا امير المؤمنين عاتق حامل ، فقال : يا اهل الكوفة اين الائمة الذين ادعوا منزلتي؟ اين من يدعي في نفسه ان له مقام الحق فيكشف هذه الغمة؟ فقال عمر بن حريث كالمستهزئ : ما لها غيرك يا ابن ابي طالب ، واليوم تثبت لنا امامتك فقال امير المؤمنين (ع) لابي الجارية : يا ابا للغضب ، ألستم من اعمال

٢٣

دمشق ، قال. بلى يا امير المؤمنين؛ قال. من قرية يقال لها اسعاد طريق بانياس الجولة؟ فقال : بلى يا امير المؤمنين؛ فقال : هل فيكم من يقدر على قطعة من الثلج؟ فقال ابو الغضب الثلج في بلادنا كثير ، قال امير المؤمنين (ع) : بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخا؟ قال : نعم يا امير المؤمنين ، قال عمار : فمد (ع) يده وهو على منبر الكوفة وردها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماء ، ثم قال : لداية الكوفة ضعي هذا الثلج مما يلي فرج هذه الجارية ، سترمي علقة وزنها خمسة وخمسون درهما ودانقان ، قال : فاخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطست ووضعت الثلج على الموضع منها ، فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال (ع) وكان قد امسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين ، فقال اهل الكوفة ، استسق لنا يا امير المؤمنين ، فاشار بيده قبل السماء ، فدمدم الجو واسجم وحمل مزنا ، وسال الغيث ، واقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه فقال : وزنتيها؟ فقالت : نعم يا امير المؤمنين وهي كما ذكرت ، فقال (ع) : وان كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ، ثم قال : يا ابا الغضب خذ ابنتك فو اللّه ما زنت ، ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها هذه العلقة ، وهي بنت عشر سنين فربت في بطنها الى وقتنا هذا ، فنهض ابوها وهو يقول اشهد انك تعلم ما في الارحام وما في الضمائر.

وحدثني ابو التحف علي بن محمد بن ابراهيم المصري قال :

٢٤

حدثني الاشعث بن مرة عن المثنى بن سعيد عن هلال بن كيسان الكوفي الجزار ، عن الطلب الفواجري عن عبد اللّه بن سلمة القبحي ، عن شقادة بن الاصيد العطار البغدادي ، قال : حدثني عبد المنعم بن الطيب القدوري قال : حدثني العلا بن وهب عن قيس عن الوزير ابي محمد بن سايلويه عنه ، فانه كان من اصحاب امير المؤمنين العارفين وروى جماعتهم عن ابي جرير عن ابي الفتح المغازلي عن ابي جعفر ميثم التمار قال. كنت بين يدي امير النحل جلت معالمه وتثبتت كلمته بالكوفة ، وجماعة من وجوه العرب حافون به كانهم الكواكب اللامعة في السماء الصاحية ، اذ دخل علينا من الباب رجل عليه قباء خز دكن ، قد اعتم بعمامة اتحمية صفراء وقد تقلد بسيفين ، فنزل من غير سلام ولم ينطق بكلام ، فتطاول الناس إليه بالاعناق ونظروا إليه بالاماق ، ووقفت إليه الناس من جميع الآفاق ، ومولانا امير المؤمنين (ع) لم يرفع رأسه إليه ، فلما هدأت من الناس الحواس ، فصح عن لسان كانه حسام صقيل جذب من غمده ، وقال : ايكم المجتبى في الشجاعة والمعمم بالبراعة والمدرع بالقناعة المولود في الحرم والعالي في الشيم والموصوف بالكرم؟ ايكم اصلع الرأس والثابت الاساس والبطل الدعاس والمضيق الانفاس والاخذ بالقصاص؟ ايكم غصن ابي طالب الرطيب وبطله المهيب والسهم المصيب والقسم النجيب؟ ايكم الذي نصر به عمد في زمانه واعتز به سلطانه وعظم به شأنه؟ ايكم قاتل العمروين واسر العمروين ، والعمروان اللذان قتلهما عمرو ابن عبد ود وعمرو بن الاشعث المخزومي ، والعمروان اللذان

٢٥

اسرهما فابور ثور عمرو ابن معدي كرب وعمرو بن سعيد الغساني اسره في يوم بدر؛ قال ابو جعفر ميثم التمار : قال امير المؤمنين (ع) انا يا سعيد بن الفضل بن الربيع بن مدركة بن الصليب بن الاشعث بن ابي السمسع بن الاحبل بن فزارة بن دهيل ابن عمرو الدويني فقال : لبيك يا علي فقال (ع) سل عما بدا لك فانا كنز الملهوف ، وانا الموصوف بالمعروف ، انا الذي قرعتني الصم الصلاب ، وهطل بامري صوب السحاب وانا المنعوت في الكتاب ، انا الطود والاسباب اناق والقرآن المجيد ، انا النبأ للعظم انا الصراط المستقيم انا البارع انا العسوس ، انا القامس انا العفوس انا المداعس انا ذو النبوة والسطوة ، انا العليم انا الحكيم انا الحفيظ انا الرفيع ، بفضلي نطق كل كتاب ، وبعلمي شهد ذوو الالباب ، انا علي اخو رسول اللّه وزوج ابنته ، فقال الاعرابي : لا بتسميتك ولا رمزك ، فقال (ع) اقرأ يا اخا العرب لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، احياؤه الميت المذبوح وبقي إلى أن قتل بصفين ثم قال الاعرابي : بلغنا عنك انك تحيي الموتى وتميت الاحياء وتفقر وتغني وتقضي في الارض وتمضي ليس لك مطاول يطاولك ولا مصاول فيصاولك أفهو كما بلغنا يا فتى قومه؟ فقال (ع) قل ما بدا لك ، فقال : اني رسول إليك من ستين الف رجل يقال لهم العقيمة ، وقد حملوا معي ميتا قد مات منذ مدة وقد اختلفوا في سبب موته وهو على باب المسجد ، فان احييته علمنا انك صادق نجيب الاصل وتحققنا انك حجة اللّه في ارضه ، وان لم تقدر على ذلك رددته الى قومه وعلمنا انك تدعي غير الصواب وتظهر من نفمك ما لا تقدر عليه ، فقال (ع) يا ابا

٢٦

جعفر ميثم اركب بعيرا وطف في شوارع الكوفة ومجالها ، وناد من اراد ان ينظر الى ما اعطى اللّه عليا اخا رسول اللّه وبعل فاطمة وابن فاطمة ، من الفضل ما اودعه رسول اللّه (ص) من العلم فليخرج الى النجف غدا ، فلما رجع ميثم فقال له امير المؤمنين (ع) يا ابا جعفر ، خذ الاعرابي الى ضيافتك فغداة غد سيأتيك اللّه بالفرج ، فقال ابو جعفر ميثم : فاخذت الاعرابي ومعه محمل فيه الميت ، وانزلته منزلي واخدمته اهلي ، فلما صلى امير المؤمنين (ع) صلاة الفجر ، خرج وخرجت معه ولم يبق في الكوفة بر ولا فاجر الا وقد خرج الى النجف ، ثم قال الامام (ع) ائت يا ابا جعفر بالاعرابي وصاحبه الميت وهو راجل بجنب القبة التي فيها الميت فأت به النجف ، ثم قال امير المؤمنين (ع) جلت نعمته ، يا اهل الكوفة قولوا فينا ما ترونه منا وارووا عنا ما تسمعونه منا ، ثم قال (ع) ابرك يا اعرابي جملك ، ثم قال لتخرج صاحبك أنت وجماعة من المسلمين ، فقال ميثم : فاخرج من التابوت عصب ديباج اصفر فاحل ، فاذا تحته عصب ديباج اخضر فاحل فاذا تحته بدنة من اللؤلؤ فيها غلام ثم عذاره بذوائب كذوائب الحسنى فقال (ع) كم لميتك هذا؟ فقال : احد واربعون يوما ، قال فما كان ميتته؟ فقال الاعرابي ، ان اهله يريدون ان تحييه ليعلموا من قتله لانه بات سالما واصبح مذبوحا من اذنه الى اذنه ، فقال (ع) ومن يطلب دمه؟ فقال خمسون رجلا من قومه يقصد بعضهم بعضا في طلب دمه ، فاكشف الشك والريب يا اخا محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب؛ فقال (ع) قتله عمه لانه زوجه

٢٧

بابنته فخلاها وتزج غيرها فقتله حنقا عليه ، فقال : لسنا نرضى بقولك فانا نريد ان يشهد الغلام بنفسه عند اهله من قتله فيرتفع من بينهم السيف والفتنة؛ فقام (ع) فحمد اللّه تعالى واثنى عليه وصلى على النبي (ص) ثم قال : يا اهل الكوفة ما بقرة بني اسرائيل عند اللّه باجل من علي اخي رسول اللّه (ص) وانها احيت ميتا بعد سبعة ايام ، ثم دنا من الميت وقال ان بقرة بني اسرائيل ضرب ببعضها الميت فعاش واني لاضربه ببعضي ، لان بعضي عند اللّه خير من البقرة ثم هزه برجله وقال : قم باذن اللّه يا مدرك بن حنظلة بن غسان بن بحير بن قهر بن سلامة بن طيب ابن الاشعث بن الاحوص بن واهلة بن عمرو بن الفضل بن حباب ، قم فقد احياك اللّه علي باذن اللّه تعالى ، فقال ابو جعفر ميثم : فنهض غلام احسن من الشمس ومن القمر اوصافا وقال : لبيك يا محيي العظام وحجة اللّه في الانام والمتفرد بالفضل والانعام لبيك يا علي يا علام ، فقال امير المؤمنين (ع) من قتلك يا غلام؟ فقال عمي حريث بن رمعة بن شكال بن الاصم ، ثم قال علي (ع) للغلام أتمضي الى اهلك ، فقال : لا حاجة لي في القوم ، فقال (ع) ولم؟ قال : اخاف ان يقتلني ثانيا ولا تكون أنت فمن يحيي ، فالتفت الى الاعرابي صاحبه فقال امض أنت الى اهلك ، فقال معك ومعه الى ان يأتي اليقين لعن اللّه من اتجه له الحق ووضح وجعل بينه وبينه سترا ، وكان مع امير المؤمنين (ع) الى ان قتلا بصفين ، فصار اهل الكوفة الى اماكنهم واختلفوا في امير المؤمنين (ع) واختلفت اقاويلهم فيه (ع).

٢٨

وحدثني قال : حدثني شحيح بن اليهودي الصباغ الحلبي عن جبر بن شقاوة عن عبد المنعم بن الاحوص ، يرفعه برجاله عن عمار بن ياسر رضي اللّه عنه قال : كنت بين يدي امير المؤمنين (ع) واذا بصوت قد اخذ جامع الكوفة فقال : يا عمار ائت بذي الفقار الباتر الاعمار فجئته بذي الفقار فقال : اخرج يا عمار وامنع الرجل عن ظلامة المرأة فان انتهى والا منعته بذي الفقار ، قال : عمار فخرجت واذا انا برجل وامرأة قد تعلقا بزمام جمل والمرأة تقول الجمل لي والرجل يقول الجمل لي ، فقلت : ان امير المؤمنين ينهاك عن ظلم هذه المرأة ، فقال : يشتغل علي بشغله ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة يريد ان ياخذ جملي ويدفعه الى هذه المرأة الكاذبة ، فقال عمار : فرجعت لاخبر مولاي واذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه وقال : ويلك خل جمل المرأة ، فقال : هو لي ، فقال له امير المؤمنين (ع) كذبت يا لعين قال : فمن يشهد انه للمرأة يا علي ، فقال (ع) الشاهد الذي لا يكذبه احد من اهل الكوفة ، فقال الرجل : اذا شهد شاهد وكان صادقا سلمته للمرأة ، فقال (ع) أيها الجمل لمن أنت فقال بلسان فصيح : يا امير المؤمنين ويا سيد الوصيين انا لهذه المرأة منذ بضع عشرة سنة ، فقال (ع) خذي جملك وعارض الرجل بضربة فقسمه نصفين.

حدثني ابو التحف قال : حدثني سعيد بن مرة يرفعه برجاله الى عمار بن ياسر انه قال : كان امير المؤمنين (ع) جالسا في

٢٩

دار القضاء ، فنهض إليه رجل يقال له صفوان بن الاكحل ، وقال : انا رجل من شيعتك وعلي ذنوب ، واريد ان تطهرني منها في الدنيا لارتحل الى الآخرة وما علي ذنب ، فقال (ع) قل لي باعظم ذنوبك ما هي؟ فقال : انا ألوط بالصبيان فقال ايما أحب إليك ضربة بذي الفقار او اقلب عليك جدارا او اضرم لك نارا ، فان ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته ، فقال : يا مولاي احرقني بالنار ، فقال (ع) يا عمار اجمع له الف حزمة من قصب فاة اضرمه غدا بالنار وقال للرجل امض واوص ، قال فمضى الرجل واوصى بماله وعليه وقسم امواله بين اولاده ، واعطى كل ذي حق حقه ، ثم بات على باب حجرة امير المؤمنين بيت نوح (ع) شرقي جامع الكوفة ، فلما صلى امير المؤمنين (ع) وانجانا اللّه به من الهلكة ، قال : يا عمار ناد في الكوفة اخرجوا وانظروا كيف يحرق علي رجلا من شيعته بالنار ، فقال اهل الكوفة أليس قالوا ان شيعة علي ومحبيه لا تأكلهم النار وهذا رجل من شيعته يحرقه بالنار بطلت امامته ، فسمع ذلك امير المؤمنين (ع) قال عمار : فاخرج الامام الرجل وبنى عليه الف حزمة من القصب واعطاه مقدحة وكبريتا ، وقال له : اقدح واحرق نفسك فان كنت من شيعة علي وعارفيه ما تمسك النار ، وان كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك ، قال : فقدح النار على نفسه واحترق القصب ، وكان على الرجل ثياب كتان ابيض لم تعلقها النار ولم يقربها الدخان ، فاستفتح الامام وقال : كذب العادلون باللّه وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا

٣٠

مبينا ، ثم قال : انا قسيم الجنة والنار شهد بذلك لي رسول اللّه (ص) في مواطن كثيرة ، بيتان لعامر بن ثعلبة أولهما «علي حبه جنة الخ» وفيه قال عامر بن ثعلبة :

على حبه جنه

قسيم النار والجنة

وصي المصطفى حقا

امام الانس والجنه

وحدثني قال : حدثني الحسن بن أبي الحسن الحسيني السوراني يرفعه الى عمار بن ياسر ، قال : كنت عند امير المؤمنين (ع) وقد خرج من الكوفة اذ عبر بالضيعة التي يقال لها البجلة ، على فرسخين من الكوفة ، فخرج منها خمسون رجلا من اليهود ، وقالوا : أنت علي بن ابي طالب الامام؟ فقال : انا ذا؛ فقالوا : لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها امم ستة من الأنبياء ، وها نحن نطلب الصخرة فلا نجدها ، فان كنت اماما فلوجدنا الصخرة فقال (ع) اتبعوني قال عمار : فسار القوم خلف امير المؤمنين الى ان استبطن بهم البر ، واذا بجبل من رمل عظيم ، فقال (ع) ايتها الريح انسفي الرمل عن الصخرة ، فما كان الا ساعة حتى نسفت الرمل وظهرت الصخرة ، فقال (ع) هذه صخرتكم؟ فقالوا : عليها اسم ستة انبياء على ما سمعناه وقرأناه في كتبنا ، ولسنا نرى عليها الأسماء؟ فقال (ع) الاسماء التي عليها وفيها فهي على وجهها الذي على الارض فاقلبوها فاعصوصب عليها الف رجل فما قدروا على قلبها ، فقال (ع) تنحوا عنها فمد يده إليها وهو راكب فقلبها ، فوجدوا عليها اسم ستة من الأنبياء

٣١

اصحاب الشريعة آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى عليهم افضل السلام ومحمد (ص) ، فقال نفر اليهود : نشهد ان لا إله الا اللّه وان محمدا رسول اللّه وانك امير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة اللّه في ارضه ، من عرفك سعد ونجا ومن خالفك ضل وغوى والى الجحيم هوى ، جلت مناقبك عن التحديد وكثرت آثار نعمك عن التعديد.

حدثني ابو التحف مرفوعا الى حذيفة بن اليمان قال : كنا بين يدي رسول اللّه (ص) اذ حصننا صوت عظيم؛ فقال (ص) انظروا ما دهاكم ونزل بكم؟ فخرجنا الى ظاهر المدينة فاذا باربعين راكبا على اربعين ناقة باربعين موكبا ، على كل واحد منهم بدنة من اللؤلؤ وعلى رأس كل واحد منهم قلنسوة مرصعة بالجواهر الثمينة ، يقدمهم غلام لا نبات بعارضيه كانه فلقة قمر ، وهو ينادي : الحذار الحذار البدار البدار الى محمد المختار المبعوث في الاقطار؛ قال حذيفة : فرجعت الى رسول اللّه (ص) واخبرته ، فقال : يا حذيفة انطلق الى حجرة كاشف الكرب وهازم العرب وحمزة بني عبد المطلب الليث الهصور واللسان الشكور والطرف الناي الغيور والبطل الجسور والعالم الصبور الذي جرى اسمه في التوراة والانجيل والزبور ، قال حذيفة : فاسرعت الى حجرة مولاي (ع) اريد اخباره فاذا به قد لقيني وقال : يا حذيفة جئتني لتخبرني بقوم انا بهم عالم منذ خلقوا وولدوا؛ قال حذيفة : واقبل سائرا وانا خلفه حتى دخل

٣٢

المسجد والقوم حافون برسول اللّه (ص) فلما رأوه نهضوا له قياما ، فقال (ص) كونوا على اماكنكم فلما استقر به المجلس ، قام الغلام الامرد قائما دون اصحابه وقال : ايكم الراهب اذا انسدل الظلام ايكم المنزه عن عبادة الاوثان والاصنام؟ ايكم الشاكر لما اولاه المنان؟ ايكم الساتر عورات النسوان؟ ايكم الصابر يوم الضرب والطعان؟ ايكم قاتل الأقران ومهدم البنيان وسيد الانس والجان؟ ايكم اخو محمد المصطفى المختار ومبدد المارقين في الاقطار؟ ايكم لسان الحق الصادق ووصيه الناطق ، ايكم المنسوب الى ابي طالب بالولد والقاعد للظالمين بالرصد؟ فقال رسول اللّه (ص) يا علي اجب الغلام وقم بحاجته؛ فقال (ع) انا يا غلام ادن مني فاني اعطيك سؤلك واشفي غليلك بعون اللّه ومشيئته ، فانطق بحاجتك لا بلغك امنيتك ليعلم المسلمون اني سفينة النجاة وعصى موسى والكلمة الكبرى والنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ، والصراط المستقيم الذي من حاد عنه ضل وغوى ، فقال الغلام : ان معي اخا وهو مولع بالصيد والقنص ، فخرج في بعض الايام يتصيد فعارضته بقرات وحش عشر ، فرمى احداها فقتلها فانفلج نصفه في الوقت وكل كلامه حتى لا يكلمنا الا إيماء ، وقد بلغنا ان صاحبكم يرفع عنه ما نزل به يا اهل المدينة ، وانا القحقاح ابن الحلاحل ابن ابي الغضب بن سعد بن المقنع بن عملاق بن ذاهل ابن صعب ، ونحن من بقايا قوم عاد نسجد للاصنام ونقتسم بالازلام ، فان شفى صاحبكم اخي آمنا على يده ، ونحن تسعون الفا فينا البأس والنجدة والقوة والشدة ، ولنا الكنوز من العندح

٣٣

والعسجد والبندح والديباج والذهب والفضة والخيل والابل ، ولنا المضارب العالية والمطانب ، نحن سباق جلاد سواعدنا شداد واسيافنا حداد ، وقد اخبرتكم بما عندي ، فقال امير المؤمنين (ع) واين اخوك يا غلام؟ فقال : سيأتي في هودج له ، فقال (ع) اذا جاء اخوك شفيت علته فالناس على مثل ذلك ، اذ اقبلت امرأة عجوز تحت محمل على جمل فانزلته بباب المسجد ، فقال الغلام : يا علي جاء اخي ، فنهض (ع) ودنا من المحمل واذا فيه غلام له وجه صبيح ، فلما نظر إليه امير المؤمنين (ع) بكى الغلام وقال : بلسان ضعيف إليكم الملجأ والمشتكى يا اهل المدينة ، فقال امير المؤمنين (ع) اخرجوا الليلة الى البقيع فستجدون من علي عجبا؛ قال حذيفة : فاجتمعوا الناس من العصر في البقيع الى ان هدء الليل ، ثم خرج إليهم امير المؤمنين (ع) وقال لهم : اتبعوني فاتبعوه واذا بنارين متفرقة قليلة وكثيرة ، فدخل في النار القليلة قال حذيفة : فسمعنا زمجرة كزمجرة الرعد فقلبها على النار الكثيرة ودخل فيها ونحن بالبعد وننظر الى النيران الى ان اسفر الصبح ثم طلع منها وقد كنا ايسنا منه ، فجاء وبيده رأس دوره سبعة عشر اصبعا له عين واحدة في جبهته فاقبل الى المحمل الذي فيه الغلام وقال : قم بأذن اللّه يا غلام فما عليك من بأس ، فنهض الغلام ويداه صحيحتان ورجلاه سالمتان ، فانكب على رجله يقبلها ، واسلم القوم الذين كانوا معه والناس متحيرون لا يتكلمون! فالتفت إليهم وقال : أيها الناس هذا رأس العمرو بن الاخيل بن لاقيس بن ابليس ، كان في اثني عشر فيلق من الجن ،

٣٤

وهو الذي فعل بالغلام ما فعل فقاتلتهم وضربتهم بالاسم المكتوب على عصى موسى (ع) التي ضرب بها البحر فانفلق البحر اثني عشر طريقا فماتوا كلبهم ، فاعتصموا باللّه تعالى وبنبيه محمد (ص) وبوصيه علي (ع).

وحدثني قال : حدثني القاضي ابو الحسن علي بن القاضي الطبراني مرفوعا الى ابي جعفر ميثم التمار ، قال : كنت بين يدي مولاي امير المؤمنين (ع) اذ دخل غلام وجلس في وسط المسلمين ، فلما تفرغ من الاحكام نهض إليه الغلام وقال : يا ابا تراب انا إليك رسول فاصغ لي سمعك واخل الي ذهنك ، وانظر الى ما خلفك وبين يديك ودبر امرك فيما يدهمك ، وقد جئتك برسالة تنزع لها الجبال وتكيع عنها الابطال ، من رجل حفظ كتاب اللّه من اوله الى آخره ، وعلم القضايا والاحكام وهو ابلغ منك في الكلام واحق منك بهذا المقام ، فاستعد للجواب ولا تزخرف الخطاب ، فلسنا ممن ينفق عليه الاباطيل والاضاليل؛ فلاح الغضب في وجه امير المؤمنين (ع) والتفت الى عمار : قال : اركب جملك وطف في قبائل الكوفة وقل لهم اجيبوا عليا (ع) لتعرفوا الحق من الباطل والحلال من الحرام ، قال ميثم : فركب عمار وخرج فما كان إلا هنيئة حتى رايت العرب كما قال اللّه تعالى (إِنْ كٰانَتْ إِلاّٰ صَيْحَةً وٰاحِدَةً فَإِذٰا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنٰا مُحْضَرُونَ) فضاق جامع الكوفة بهم ، وتكاثف الناس كتكاثف الجراد على الزرع الغض في اوانه ، فنهض العالم الاورع والبطين الانزع (ع) ورقا من

٣٥

المنبر مراق ، ثم تنحنح فسكت الناس ، فقال : رحم اللّه من سمع فوعى ونظر فاستحى ، أيها الناس ان معاوية يزعم انه امير المؤمنين ، وان لا يكون الامام اماما حتى يحيي الموتى او ينزل من السماء مطرا او ياتي بما يشاكل ذلك مما يعجز عنه غيره ، وفيكم من يعلم اني الكلمة التامة والآية الباقية والحجة البالغة ، ولقد ارسل الي معاوية جاهليا من جاهلية العرب ففسح في كلامه وعجرف في مقاله ، وانتم تعلمون اني لو شئت لطحنت عظامه طحنا ونفست الارض نفسا وخسفتها عليه خسفا ، الا ان احتمال الجاهل صدقة عليه ، ثم حمد اللّه واثنى عليه وصلى على النبي (ص) واشار بيده اليمنى الى الجو فدمدم واقبلت غمامة وعلت سحابة سقت بيديها وسمعنا منها قائلا يقول : السلام عليك يا امير المؤمنين ويا سيد الوصيين ويا امام المتقين ويا غياث المستغيثين ويا كنز الطالبين ومعدن الراغبين؛ واشار (ع) الى السحابة فدنت قال ميثم ، فرأيت الناس كلهم قد اخذتهم السكرة ، فرفع (ع) رجله وركب السحابة وقال لعمار : اركب معي وقل الحمد للّه مجريها ومرساها ان ربي على صراط مستقيم ، فركب عمار وغابا عن اعيننا ، فلما كان بعد ساعة اقبلت السحابة حتى اظلت جامع الكوفة ، فالتفت واذا مولاي (ع) جالس في دكة القضاء وعمار بين يديه والناس حافون به ، ثم قام وصعد المنبر وحمد اللّه واثنى عليه واخذ في الخطبة المعروفة بالشقشقية ، فلما فرغ منها اضطرب الناس وقالوا فيه اقاويل مختلفة ، فمنهم من زاده اللّه بصيرة وايمانا بما شاهدوه منه ، ومنهم من زاده كفرا وطغيانا ،

٣٦

ثم قال عمار : قد طارت بنا السحابة في الجو فما كان هنيئة حتى اشرفنا على بلد كبير حواليها الاشجار كثيرة ومياه متدفقة ، فقال (ع) انهمي وصوبي ، فنزلت بنا السحابة واذا نحن في مدينة كبيرة كثيرة الناس يتكلمون بكلام غير العربية ، فاجتمعوا عليه ولاذوا به فقام فوعظهم وانذرهم بمثل كلامهم ، ثم قال يا عمار : اركب واتبعني ففعلت ما امرني به فادركنا جامع الكوفة في الوقت الذي رايته ، ثم قال عمار : قال لي امير المؤمنين (ع) أتعرف البلدة التي كنت فيها؟ قلت اللّه اعلم بذلك وأنت يا امير المؤمنين ، فقال : كنا في الجزيرة السابعة من الصين ، اخطب كما رأيتني ان اللّه تبارك وتعالى ارسل رسوله (ص) الى كافة الناس ، وعليه ان يدعوهم ويهدي المؤمنين منهم الى صراط مستقيم ، اشكر ما اوليتك من نعمة واوزعتك من منة واكتم من غير اهله تسعد ، فان للّه سبحانه الطاف خفية في خلقه لا يعلمها الا هو او من ارتضى من رسول.

روت الشيعة من طرق شتى ، ان قوما اجتمعوا على امير المؤمنين (ع) وقالوا : قد اعطاك اللّه هذه القدرة الباهرة وأنت تستنهض الناس الى قتال معاوية ، فقال : ان اللّه تبارك وتعالى تعبدهم بمجاهدة الكفار والمنافقين والقاسطين والمارقين ، فو اللّه لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في ارضكم هذه الطويلة ، وضربت بها صدر معاوية بالشام واخذت بها من شاربه او قال من لحيته ، فمد يده (ع) وردها واذا فيها شعرات كثيرة فقاموا وتعجبرا

٣٧

من ذلك ، ثم اتصل الخبر بعد مدة طويلة بان معاوية سقط عن سريره في اليوم الذي كان مد يده فيه امير المؤمنين (ع) وغشى عليه ، ثم افاق وافتقد من شاربه ولحيته شعرات.

وروى انه (ع) قال : لما تعجب الناس! قال : ولا تعجبوا من امر اللّه سبحانه ، فان آصف بن برخيا كان وصيا وكان عنده علم من الكتاب على ما قصه اللّه تعالى في كتابه ، فاتي بعرش بلقيس من سبأ الى بيت المقدس قبل ان يرتد الى سليمان طرفه ، وانا اكبر قدرة منه ، فان عندي علم الكتاب كله ، قال اللّه تعالى ومن عنده علم الكتاب ما عنى به الا عليا وصي رسول اللّه (ص) قوله (ع) لو طرحت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة الخ ، واللّه لو طرحت لي الوسادة لقضيت لاهل التوراة بتوراتهم ، ولاهل الانجيل بانجيلهم ، ولاهل القرآن بقرآنهم ، بقضاء يصعد الى اللّه تعالى.

(وهذا الفصل من كلامه (ص) فقد ذكره في مواطن كثيرة)

(وهو معروف مشهور في الموافق والمخالف)

وحدثني ابو التحف قال : حدثني عبد المنعم بن سلمة يرفعه الى جابر بن عبد اللّه الانصاري قال : كان لي ولد وقد حصل له علة صعبة ، فسألت رسول اللّه (ص) ان يدعو له ، فقال : سل عليا فهو مني وانا منه ، فتداخلني قليل ريب وقيل لي ان امير المؤمنين (ع) بالجبانة؛ فجئته وهو يصلي فلما فرغ من صلاته سلمت عليه وحدثته بما كان من حديث رسول اللّه (ص) ؛ فقال

٣٨

لي : نعم ، ثم قام ودنا من نخلة كانت هناك ، وقال : ايتها النخلة من انا؟ فسمعت منها انينا كانين النساء الحوامل اذا ارادت تضع حملها ، ثم سمعتها تقول : أنت امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ، أنت الآية الكبرى وأنت الحجة العظمى؛ وسكتت فالتفت (ص) الي وقال : يا جابر قد زال الآن الشك من قلبك وصفا ذهنك اكتم ما سمعت ورأيت عن غير اهله.

وعنه يرفعه برجاله الى عمار بن ياسر ذي الفضل والماثر رفع اللّه درجته ، قال : كنت بين يدي مولاي امير المؤمنين (ع) اذ دخل عليه رجل وقال : يا امير المؤمنين إليك المفزع والمشتكى ، فقد حل بي ما اورثني سقما والما ، فقال (ع) ما قصتك؟ قال : ابن علي بن دوالب الصيرفي غصبني زوجتي وقرق بيني وبين حليلتي ، وانا من حزبك وشيعتك ، فقال : ائتني بالفاسق الفاجر ، فخرجت إليه وهو يعرض اصحابه في السوق ، تعرف بسوق بني الحاضر ، فقلت : اجب من لا يجوز عليه بهرجة الصرف ، فنهض قائما وهو يقول : اذا انزل التقدير بطل التدبير ، حتى اوقفته بين يدي امير المؤمنين (ع) ورايت بيد مولاي قضيبا من العوسج ، فلما وقف الصيرفي بين يديه ، قال : من يعلم مكنون الاشياء وما في الضمائر والاوهام ، ها أنا ذا واقف بين يديك وقوف الذليل المستسلم إليك ، فقال : يا لعين ابن اللعين والزنيم ابن الزنيم ، أما تعلم اني اعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ، واني حجة اللّه في ارضه وبين عباده ، تفتك بحريم

٣٩

المؤمنين اتراك أمنت عقوبتي عاجلا وعقوبة اللّه اجلا ، ثم قال : يا عمار جرده من ثيابه ، ففعلت ما امرني به مولاي ، فقام إليه وقال : والذي فلق الحبة وبرء النسمة لا يأخذ قصاص المؤمن غيري ، ثم قرعه بالقضيب على كبده وقال اخس لعنك اللّه ، فقال الثقة الامين عمار فرأيته واللّه قد مسخه اللّه سلحفاة ، ثم قال (ع) رزقك اللّه في كل اربعين يوما شربة من الماء ومأواك القفار والبراري ، هذا جزاء من اعاد طرفه وقلبه وفرجه ، ثم ولىّ وتلا (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين) أبيات له (ع) قال عمار : ثم جعل عليه السلام يقول شعرا :

يقول قلبي لطرفي

أأنت كنت الدليلا

فقال طرفي لقلبي

أأنت كنت الرسولا

فقلت كفا جميعا

تركتماني قتيلا

روي عن المفضل بن عمر انه قال : سمعت الصادق (ع) يقول : ان امير المؤمنين (ع) بلغه عن عمر بن الخطاب شيء ، فارسل سلمان وقال له قل له ، بلغني عنك كيت وكيت وكرهت ان اعتب عليك في وجهك ، وينبغي ان لا تذكر فيّ الا الحق فقد اغضيت على القذى الى ان يبلغ الكتاب اجله ، فنهض إليه سلمان وبلغه ذلك وعاتبه ثم اخذ في ذكر مناقب امير المؤمنين (ع) ووصف فضله وبراهينه ، فقال عمر بن الخطاب يا سلمان اكثرت من عجائب امير المؤمنين علي (ع) ولست

٤٠