عيون المعجزات

الشيخ حسين بن عبد الوهاب

عيون المعجزات

المؤلف:

الشيخ حسين بن عبد الوهاب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة الداوري
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٥٢

مسائلي سألته ان يدعو اللّه ان يجعله ذكرا ، فلما ألح عليه الناس بالمسائل وكان (ع) يفتي بالواجب فقمت لا خفف والرقعة معي لأسأله في غد عن مسائلي ، فلما نظر الي (ع) قال : يا اسحاق قد استجاب اللّه دعائي فسمه احمد ، فقلت : الحمد للّه هذا هو الحجة البالغة وانصرف الى بلده فولد له ذكر فسماه احمد.

وروي عن الريان بن شبيب قال : لما اراد المأمون ان يزوج ابا جعفر (ع) ابنته اجتمع إليه الادنون من بني هاشم وقالوا : يا امير المؤمنين ناشدناك اللّه ان تخرج عن هذا البيت ملكا او امرا قد ملكناه اللّه وتنزع عنا غرا لم يبلغ مبالغ الرجال فلو توقفت في امره ونظرت ، قال : فانتهرهم المأمون وقال هو واللّه اعلم باللّه وبرسوله وسنته واحكامه من جماعتكم ، فخرجوا من عنده وصاروا الى يحيى بن اكتم وقالوا له : ان اذنت له يسأل أبا جعفر (ع) عن مسألة في الفقه نظرنا كيف فهمه ومعرفته من فهم ابيه ومعرفته؟ فاذن المأمون ليحيى بن اكتم في ذلك فقال يحيى لابي جعفر (ع) : ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال أبو جعفر (ع) : في حل او حرم ، عالما او جاهلا ، عمدا او خطأ ، صغيرا او كبيرا ، عبدا أم حرا ، مبتدا او معيدا ، من ذوات الطير أم من غيرها ، من صغار الصيد أم من كبارها مصرا او نادما ، بالليل في وكرها أم بالنهار عيانا ، محرما بالحج للعمرة أم مفردا بالحج؟ قال : فانقطع يحيى عن جوابه فقال المأمون : تخطب يا ابا جعفر لنفسك فقال (ع) : الحمد للّه منعم النعم برحمته

١٢١

والهادي الى فضله بمنته وصلى اللّه على صفوته من بريته محمد خير خلقه ، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قباء ، وجعل تراثه لمن خصه بخلافته وسلم تسليما ، وهذا امير المؤمنين زوجني ابنته على ما جعل اللّه للمسلمين على المسلمات من امساك بمعروف او تسريح باحسان ، وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول اللّه (ص) وهي خمسمائة درهم ، ونحلتها من مالي مائة الف ، زوجتني يا امير المؤمنين؟ فقال المأمون : الحمد للّه اقرارا بنعمته ولا إله إلا اللّه اجلالا لعظمته وصلى اللّه على محمد عبده وخيرته ، وكان من فضل اللّه على الانام ان اغناهم بالحلال عن الحرام ، فقال تعالى (وَأَنْكِحُوا اَلْأَيٰامىٰ مِنْكُمْ وَاَلصّٰالِحِينَ مِنْ عِبٰادِكُمْ وَإِمٰائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاَللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ) ثم ان محمد ابن علي خطب أمّ الفضل بنت عبد اللّه ، وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم وقد زوجتكها فهل قبلتها يا ابا جعفر؟ فقال (ع) قد قبلتها بهذا الصداق ثم أولم عليه المأمون ، فجاء الناس على مراتبهم فبينما نحن كذلك اذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين فاذا بالخدم يجرون سفينة من فضة مملوءة غالية فخضبوا بها لحى الخاصة ، ثم مدوها الى دار العامة وخضبوا بها لحاهم ، ثم امر المأمون فنشر على ابي جعفر (ع) رقاعا كثيرة فيها ذكر القرى والضياع والولايات ، فمن اصاب منها شيئا فهو له فلما تفرق الناس قال له المأمون : يا ابا جعفر ان رأيت ان تبين لنا ما الذي يجب في كل صنف من هذه الاصناف الذي ذكرت في جزاء الصيد؟ فقل فقال : ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل والصيد من ذوات الطير

١٢٢

من كبارها فعليه شاة ، واذا اصاب في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا ، واذا قتل فرخا في الحل فعليه جمل قد فطم وليس عليه قيمة لانه ليس في الحرم ، فاذا قتله في الحرم فعليه الجمل وقيمته ، فاذا كان من الوحش فعليه في حمار وحش بدنة ، وكذلك في النعامة ، فان لم يقدر فإطعام ستين مسكينا وان لم يقدر فليصم ثمانية عشر يوما ، وان كانت بقرة فعليه بقرة فان لم يقدر فاطعام ثلاثين مسكينا فان لم يقدر فليصم تسعة ايام ، وان كان ظبي فعليه شاة فان لم يقدر فاطعام عشرة مساكين فان لم يقدر فصيام ثلاثة ايام ، وان كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقا واجبا عليه ان ينحر ، إن كان في حج بمنى حيث ينحر الناس ، وان كان في العمرة ينحر بمكة ويتصدق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا ، فان كان ارنبا فعليه شاة ويتصدق اذا قتل الحمامة بعد الشاة بدرهم او يشتري به طعاما للحمام في الحرم ، وفي الفرخ نصف درهم وفي البيضة ربع درهم ، وكل ما اتى به المحرم بجهالة او خطأ فليس فيه عليه شيء الا الصيد فان فيه عليه الفداء بجهالة كان او بعلم بخطإ كان او بعمد ، وكل ما اتى به العبد فكفارته على صاحبه مثل ما يلزم صاحبه ، وكل ما اتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شيء عليه فيه ، وان عاد فهو (ليت) اللّه وليس عليه كفارة والنقمة في الآخرة ، وان دل على الصيد وهو محرم فقتل عليه الفداء ، والمصر عليه يلزمه بعد الفداء العقوبة في الآخرة ، والنادم عليه فلا شيء عليه بعد الفداء ، واذا اصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا شيء عليه الا ان

١٢٣

يتعمده ، فاذا الصيد بليل او نهار فعليه الفداء ، والمحرم للحج بنحر الفداء بمنى حيث ينحر الناس ، والمحرم للعمرة ينحره بمكة فامر المأمون ان يكتب عنه ذلك ثم دعا من انكر عليه من العباسيين تزويجه فقرأ عليهم وقال : هل فيكم من يجيب بمثل هذا الجواب؟ فقال امير المؤمنين : كان اعلم به منا.

عن عمران بن محمد الاشعري قال : دخلت على أبي جعفر (ع) لما قضيت حوائجي فقلت : ان أمّ الحسن تقرئك السلام وتسألك ثوبا من ثيابك تجعله كفنا لها فقال : قد استغنت عن ذلك فخرجت ولا ادري ما معنى قوله حتى ورد علي الخبر بوفاتها.

عن عمر بن الفرج الرجحي قال : قلت لأبي جعفر (ع) أن شيعتك تدعي انك تعلم كل ماء في دجلة ووزنه وكنا على شاطئ دجلة فقال (ع) : يقدر اللّه تعالى على ان يفوض علم ذلك الى بعوضته من خلقه أم لا؟ قلت : نعم يقدر ، فقال : انا اكرم على اللّه تعالى من بعوضته ومن اكثر خلقه.

حدث صفوان بن يحيى قال : حدثني أبو نصر الهمداني قال : حدثتني حكيمة بنت ابي الحسن القرشي ، وكانت من الصالحات قالت : لما قبض ابو جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) اتيت أمّ الفضل بنت المأمون او قالت أمّ عيسى بنت المأمون فعزيتها فوجدتها شديدة الحزن والجزع تقتل نفسها بالبكاء والعويل ، فخفت عليها تتصدع مرارتها ، فبينما نحن في حديث كرمه ووصف خلقه وما

١٢٤

اعطاه اللّه من العز والاخلاص ومنحه من الشرف والكرامة اذ قالت زوجته ابنة المأمون : الا اخبرك عنه (ع) بشيء عجيب وامر جليل فوق الوصف والمقدار؟ قلت : وما ذاك؟ قالت : كنت اغار عليه كثيرا وارقبه ابدا وربما كان يسمعني الكلام فاشكو ذلك الى ابي فيقول يا بنته احتمليه فانه بضعة من رسول اللّه ، فبينما انا جالسة ذات يوم اذ دخلت علي جارية فسلمت فقلت من أنت؟ فقالت انا جارية من ولد عمار بن ياسر وانا زوجة ابي جعفر محمد بن علي (ع) زوجك ، فدخلني من الغيرة ما لم اقدر على احتماله وهممت ان اخرج واسيح في البلاد ، وكاد الشيطان يحملني على الاساءة بها فكظمت غيظي واحسنت رفدها وكسوتها ، فلما خرجت عني لم اتمالك ان نهضت ودخلت على ابي فاخبرته بذلك وكان سكرانا لا يعقل ، فقال يا غلام علي بالسيف فاتى به ثم ركب وقال واللّه لا قطعنه ، فلما رأيت ذلك قلت : انا للّه وانا إليه راجعون ما صنعت بنفسي وزوجي وجعلت الطم وجهي فدخل عليه ابي وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه ثم خرج وخرجت هاربة خلفه ولم ارقد ليلتي غما وقلقا فلما اصبحت اتيت ابي وقلت له : أتدري ما صنعت البارحة؟ قال وما صنعت؟ قلت : قتلت ابن الرضا (ع) فبرق عينيه وغشي عليه ، فلما افاق من غشوته قال : ويلك ما تقولين؟ قلت : نعم واللّه يا ابت دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتى قطعته فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا ثم قال : علي بياسر الخادم فلما اتى به قال : ما هذا الذي تقول هذه؟ قال ياسر : صدقت

١٢٥

يا امير المؤمنين فضرب ابي بيده على صدره وخده وقال : انا للّه وانا إليه راجعون هلكنا واللّه وعطبنا وافتضحنا الى آخر الابد ، اذهب ويلك وانظر ما القصة وعجل علي بالخبر؟ فان نفسي تكاد تخرج الساعة ، فخرج ياسر وانا الطم خدي ووجهي فما كان باسرع ما رجع ، وقال : البشرى يا امير المؤمنين ، فقال : لك البشرى ما لك؟ قال : دخلت إليه واذا هو جالس وعليه قميص وقد اشتمل بدراج وهو يستاك ، فسلمت عليه وقلت : يا ابن رسول اللّه احب ان تهب لي قميصك هذا اصلي فيه واتبرك به وانما اردت ان انظر الى جسده هل فيه جراحة او اثر سيف ، فقال : بل اكسوك خيرا منه ، قلت : لست اريد غير هذا القميص فخلعه فنظرت الى جسده ما به اثر سيف ، فبكى المأمون بكاء شديدا وقال : ما بقي بعد هذا شيء ان ذلك واللّه لعبرة للأولين والآخرين ، ثم قال المأمون : يا ياسر اما ركوبي إليه واخذ السيف والدخول عليه فاني ذاكره وخروجي منه وما فعلته فلست اذكر شيئا منه ، ولا اذكر أيضا انصرافي الى مجلسي وكيف كان امري وذهابي لعن اللّه هذه الابنة لعنا وبيلا ، تقدم إليها وقل لها يقول لك ابوك لئن جئت بعد هذا اليوم وشكوت منه او خرجت بغير اذنه لانتقمن له منك ، ثم صر إليه يا ياسر وابلغه عني السلام واحمل إليه عشرين الف دينارا وقد إليه الشهري الذي ركبته البارحة ومر الهاشميين والقواد بان يركبوا إليه ويسلموا عليه ، قال ياسر : خرجت الى الهاشميين والقواد فأعلمتهم ذلك وحملت المال إليه وقدت الشهري وصرت إليه

١٢٦

ودخلت عليه وابلغته السلام ووضعت المال بين يديه وعرضت عليه الشهري ، فنظر إليه ساعة ثم تبسم وقال يا ياسر هكذا كان العهد بيني وبينه؟ فقلت : يا سيدي دع عنك العتاب فو اللّه وحق جدك محمد (ص) ما كان يعقل من امره شيئا وما علم اين هو (١) في ارض اللّه ، وقد نذر اللّه نذرا وحلف ان لا يسكر ابدا ولا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه ، فقال (ع) : هكذا كان عزمي ورأيي ، فقلت : ان جماعة من بني هاشم والقواد بالباب بعثهم ليسلموا عليك ويكونوا معك اذا ركبت ، فقال (ع) ادخل بني هاشم والقواد ما خلا عبد الرحمن بن الحسن وحمزة بن الحسن ، فخرجت إليهم وادخلتهم فسلموا وخدموا ، فدعا (ع) بالثياب ولبس ونهض وركب معه الناس حتى دخلوا على المأمون ، فلما رآه قام إليه وضمه الى صدره ورحب به ولم ياذن لاحد بالدخول عليه ، ولم يزل يحدثه ويساره فلما انقضى ذلك قال له ابو جعفر (ع) : يا امير المؤمنين فقال له المأمون : لبيك وسعديك ، قال : لك نصيحة فاقبلها فقال المأمون : فحمدا وشكرا فما ذلك؟ فقال (ع) : احب ان لا تخرج بالليل فاني لست امن عليك من هذا الخلق المنكوس ، وعندي حرز تحصن به نفسك وتحترز من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات ، كما انقذني اللّه منك البارحة ، ولو لقيت به جيوش الروم او اكثر

__________________

(١) رواه ابن طاوس في مهج الدعوات وفيه (من ارض اللّه).

(شير محمد)

١٢٧

او اجتمع عليك وعلى غلبتك اهل الارض جميعا ما تهيأ لهم فيك شيء بقدرة اللّه تعالى وجبروته ، ومن مردة الشياطين الجن والانس فان احببت بعثت به إليك تحرز به نفسك من جميع ما ذكرته وما تحذره ، مجرب فوق الحد والمقدار من التجربة ، فقال المأمون : تكتب ذلك بخطك وتبعث به الي لأنتهي فيه الى ما ذكرته فقال : حبا وكرامة فقال له المأمون : فداك عمك ان كنت تجد علي شيئا مما قد رصد مني فاعف واصفح ، فقال (ع) : لا اجد شيئا ولم يكن الا خيرا ، فقال المأمون : واللّه لا تقربن الى اللّه تعالى بخراج الشرق والغرب ، ولأغدون غدا وانفق فيه ما املك كفارة لما سلف ، ثم قال : يا غلام الوضوء والغداء وادخل بني هاشم ، فدخلوا واكلوا معه وامر لهم بالخلع والجوائز على الاقدار ثم قال لابي جعفر (ع) : انصرف في كلاءة اللّه عز اسمه وحفظه ، فاذا كان في غد فابعث الي بالحرز ، فقام (ع) وركب وامر القواد ان يركبوا معه حتى يأتي منزله قال ياسر الخادم : فلما اصبح ابو جعفر (ع) بعث الي ودعاني ودعا بجلد ظبي من رق ثم كتب (ع) فيه بخطه الحرز وهو معروف ، ونسحته عند اكثر الشيعة وليس هذا موضعه وكنت اثبته ، ثم قال (ع) : يا ياسر احمله الى امير المؤمنين وقل له يصنع له قصبة من فضة فاذا اراد شده في عضده الايمن فيتوضأ وضوء حسنا سابغا وليصل اربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسبع مرات آية الكرسي وسبع مرات شهد اللّه وسبع مرات والشمس وسبع مرات والليل وسبع مرات قل هو اللّه ، ثم يشده

١٢٨

على عضده الايمن عند النوائب يسلم بحول اللّه وقوته ومن كل شيء يخافه ويحذره.

ولما خرج ابو جعفر (ع) وزوجه ابنة المأمون حاجا ، وخرج ابو الحسن علي ابنه (ع) وهو صغير ، فخلفه في المدينة وسلم إليه المواريث والسلاح ونص عليه بمشهد ثقاته واصحابه ، وانصرف الى العراق ومعه زوجته ابنة المأمون ، وكان قد خرج المأمون الى بلاد الروم فمات بالندبرون في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وذلك في سنة عشر من امامة ابي جعفر (ع) ، وبويع المعتصم ابو اسحاق محمد بن هارون في شعبان سنة ثمان عشرة ومائتين ، ثم ان المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل ابي جعفر (ع) ، واشار الى ابنة المأمون زوجته بانها تسمه لانه وقف على انحرافها عن ابي جعفر وشدة غيرتها عليه ، لتفضيله أم أبي الحسن ابنه عليها ولأنه لم يرزق منها ولد ، فاجابته الى ذلك وجعلت سما في عنب رازقي ووضعته بين يديه (ع) ، فلما اكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال (ع) ما بكاؤك واللّه ليضربنك اللّه بفقر لا ينجبر وبلاء لا ينستر ، فماتت بعلة في اغمض المواضع من جوارحها ، صارت ناصورا فانفقت مالها وجميع ملكها على تلك العلة حتى احتاجت الى الاسترفاد.

وروي ان الناصور كان في فرجها.

وقبض ابو جعفر (ع) في سنة عشرين ومائتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة ، وله اربع وعشرون سنة وشهور لان مولده كان في سنة خمس وتسعين ومائة ،

١٢٩

ومشهده ببغداد في مقابر قريش في تربة جده ابي ابراهيم موسى ابن جعفر (ع).

(وصارت الامامة للمولى أبي الحسن)

(علي بن محمد (ع) بالنص عليه من ابيه (ع) وقام بامر اللّه)

(سبحانه مقام ابيه عليه السلام)

واسم أمه على ما رواه اصحاب الحديث سمانة ، وكانت من القانتات وروي انه عليه السلام ولد في رجب سنة اربع عشرة ومائتين من الهجرة ، وحمل الى المدينة وهو صغير في السنة التي حج فيها ابو جعفر (ع) بابنة المأمون ، وكانت ولادته (ع) مثل ولادة آبائه (ع).

روى الحميري عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابيه ، ان ابا جعفر (ع) لما اراد الخروج من المدينة الى العراق ومعاودتها ، اجلس ابا الحسن (ع) في حجره بعد النص عليه وقال : ما الذي تحب ان اهدي إليك من طرائف العراق؟ فقال (ع) : سيفا كأنه شعلة نار ، ثم التفت الى موسى ابنه وقال له : ما تحب أنت؟ فقال : فرس (١) فقال (ع) : اشبهني ابو الحسن واشبه هذا أمه.

«ومن دلائل أبي الحسن وبراهينه (ع)»

عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الحسن بن علي الوشاء قال : جاء المولى ابو الحسن علي بن محمد مذعورا حتى جلس عند أم

__________________

(١) رواه المسعودي في كتاب اثبات الوصية ص ١٨٧ وفيه فرش بيت.

(شير محمد)

١٣٠

موسى عمة ابيه ، فقالت له : ما لك؟ فقال لها : مات ابي واللّه الساعة ، فقالت : لا تقل هذا فقال : هو واللّه كما اقول لك ، فكتب الوقت واليوم فجاء بعد ايام خبر وفاته (ع) وكان كما قال.

وروي ان بريحة العباسي صلى الصلاة بالحرمين وكتب الى المتوكل ان كان لك في الحرمين حاجة فاخرج علي بن محمد منهما ، فانه قد دعا الناس الى نفسه واتبعه خلق كثير وتابع إليه ، ثم كتب إليه بهذا المعنى فوجه المتوكل بيحيى بن هرثمة وكتب معه الى ابي الحسن (ع) كتابا جميلا يعرفه انه قد اشتاقه وسأله القدوم عليه ، وامر يحيى بالمسير إليه وكتب الى بريحة يعرفه ذلك ، فقدم يحيى بن هرثمة المدينة وبدأ ببريحة واوصل الكتاب إليه ، ثم ركبا جميعا الى ابي الحسن (ع) واوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلهما ثلاثة ايام ، فلما كان بعد ثلاث عادا الى داره فوجدا الدواب مسرجة والاثقال مشدودة قد فرغ منها ، فخرج (ع) متوجها نحو العراق ومعه يحيى بن هرثمة.

وعن ابي جعفر بن جرير الطبري : عن عبد اللّه بن محمد البلوي ، عن هاشم بن زيد قال : رأيت علي بن محمد صاحب العسكر وقد اتى باكمه فأبراه ، ورأيته يهيء من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيطير ، فقلت له لا فرق بينك وبين عيسى (ع) فقال (ع) : انا منه وهو مني.

حدثني ابو التحف المصري ، يرفع الحديث برجاله الى محمد بن سنان الزاهري قال : كان ابو الحسن علي بن محمد (ع) حاجا ،

١٣١

ولما كان في انصرافه الى المدينة وجد رجلا خراسانيا واقفا على حمار له ميت يبكي ويقول : على ما ذا احمل رحلي؟ فاجتاز (ع) فقيل له هذا الخراساني من يتولاكم اهل البيت ، فدنا (ع) من الحمار الميت فقال : لم تكن بقرة بني إسرائيل باكرم على اللّه تعالى مني وقد ضربوا ببعضها الميت فعاش ، ثم وكزه برجله اليمنى وقال قم باذن اللّه فتحرك الحمار ثم قام فوضع الخراساني رحله إليه واتى به الى المدينة ، وكلما مر (ع) اشاروا إليه باصبعهم وقالوا هذا الذي احيا حمار الخراساني ، عن الحسن بن اسماعيل شيخ من اهل النهرين قال : خرجت انا ورجل من اهل قريتي الى ابي الحسن (ع) بشيء كان معنا ، وكان بعض اهل القرية قد حملنا رسالة ورفع إلينا ما اوصلناه وقال : تقرءونه مني السلام وتسألونه عن بيض الطائر الفلاني من طيور الآجام هل يجوز اكلها أم لا؟ فسلمنا ما كان معنا الى جارية واتاه رسول السلطان فنهض ليركب وخرجنا من عنده ولم نسأله عن شيء ، فلما صرنا في الشارع لحقنا (ع) وقال لرفيقي بالنبطية اقرأ مني السلام وقل له بيض الطائر الفلاني لا ياكله فإنه من الممسوخ.

روي عن جماعة من اصحاب ابي الحسن (ع) انهم قالوا : يولد لابي الحسن (ع) ابنه جعفر فجئنا لنهنيه فلم نر به سرورا ، فقلنا له في ذلك ، فقال : هونوا عليكم امره فانه سيضل خلقا كثيرا وكان كما قال (ع).

وروي أن رجلا من اهل المدائن كتب إليه يسأله عما بقي من ملك المتوكل؟ فكتب (ع) بسم اللّه الرحمن الرحيم قال

١٣٢

(تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون ، ثم ياتي من بعد ذلك سبع شداد ياكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون ، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) فقتل في اول خامس عشر.

وروي انه لما كان في يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل ، امر المتوكل بني هاشم بالترجل والمشي بين يديه ، وانما اراد بذلك ان يترجل ابو الحسن (ع) ، فترجل بنو هاشم وترجل ابو الحسن (ع) واتكى على رجل من مواليه ، فاقبل عليه الهاشميون وقالوا : يا سيدنا ما في هذا العالم احد يستجاب دعاؤه ويكفينا اللّه به تعزز هذا؟ فقال لهم ابو الحسن (ع) : في هذا العالم من قلامة ظفره اكرم على اللّه من ناقة ثمود لما عقرت الناقة ، صاح الفصيل الى اللّه تعالى ، فقال اللّه سبحانه تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب فقتل المتوكل يوم الثالث.

وروي ان المتوكل قتل في الرابع من شوال سنة سبع واربعين ومائتين ، في سنة سبع وعشرين من امامة ابي الحسن (ع) وبويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر وملك سبعة اشهر ، وبويع لاحمد المستعين بن المعتصم وكانت مدته اربع سنين ، ثم خلع وبويع للمعتز بن المتوكل ، وروي ان اسمه الزبير ، في سنة اثنتين وخمسين ومائتين ، وذلك في اثنتين وثلاثين سنة من امامة ابي الحسن (ع) ، واعتل ابو الحسن علته التي توفي فيها في سنة اربع وخمسين ومائتين ، واحضر ابنه ابا محمد الحسن (ع) ، واعطاه النور والحكمة ومواريث الأنبياء والسلاح ، ونص عليه

١٣٣

واوصى إليه بمشهد ثقات من اصحابه ، ومضى (ع) وله اربعون سنة ودفن (ع) بسر من راى.

(وصارت الامامة للمولى أبي محمد)

(الحسن بن علي (ع) وهو الحسن الأخير (ع) بالنص)

(عليه من ابيه (ع) وقام بامر اللّه عز وجل)

(واتبعه المؤمنون)

واسم أمه على ما رواه اصحاب الحديث سليل رضي اللّه عنها وقيل حديث ، والصحيح سليل من العارفات الصالحات.

وروي انه (ع) ولد في سنة احدى وثلاثين ومائتين من الهجرة ، وكانت ولادته مثل ولادة آبائه (ع).

روى الحميري باسناده عن علي بن مهزيار قال : قلت لابي الحسن (ع) اني كنت سألت اباك عن الامام بعده فنص عليك ففيمن الامامة بعدك؟ فقال (ع) : في اكبر ولدي ، ونص على ابي محمد (ع) فقال (ع) ان الامامة لا تكون في اخوين بعد الحسن والحسين (ع).

(ومن دلائل المولى أبي محمد الحسن)

«الأخير (ع) وبراهينه»

عن ابي هاشم قال دخلت على ابي محمد (ع) وكان يكتب كتابا ، فحان وقت الصلاة الاولى فوضع الكتاب من يده

١٣٤

وقام (ع) الى الصلاة ، فرأيت القلم يمر على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى الى آخره فخررت له ساجدا ، فلما انصرف من الصلاة اخذ القلم بيده واذن للناس.

عن ابي هاشم قال : شكوت الى ابي محمد (ع) ضيق الحبس وشدة القيد ، فكتب الي أنت تصلي اليوم في منزلك صلاة الظهر فصليت في منزلي كما قال (ع) فاطلقت في وقتي.

عن جعفر بن محمد القلانسي قال : كتب محمد اخي الى ابي محمد (ع) وامرأته حامل يسأله الدعاء بخلاصها وان يرزقه اللّه ذكرا وسأله ان يسميه؟ فكتب إليه : ونعم الاسم محمد وعبد الرحمن ، فولدت له اثنين توامين فسمى احدهما محمدا والآخر عبد الرحمن.

وعن ابي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : كنت عند ابي محمد وكنت في ضيقي واردت ان اطلب منه شيئا فاستحييت فلما صرت الى منزلي وجه الي بمائة دينار وكتب الي واذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم واطلبها فانك تجد ان شاء اللّه تعالى.

وعن اسحاق بن محمد النخعي قال : حدثني محمد بن درياب الرقاشي قال كتبت الى ابي محمد (ع) اسأله عن المشكاة وان يدعو لامرأتي فانها حامل وان يرزقني اللّه منها ولدا ذكرا ، فوقع (ع) المشكاة قلب محمد (ع) وكتب تحته اعظم اللّه اجرك واخلف اللّه عليك ، فولدت ولدا ميتا وحملت بعد فولدت غلاما.

١٣٥

عن بعض اصحابه (ع) قال : كتبت إليه (ع) هل يحتلم الامام وقلت في نفسي بعد نفود الكتاب ، الاحتلام شيطنة وقد اعاذ اللّه اولياءه من ذلك ، فوقع (ع) حال الائمة في النوم مثل حالهم في اليقظة لا يغير النوم شيئا منهم ، وقد اعاذ اللّه اولياءه من زلة الشيطان كما حدثتك نفسك ، قال اللّه تعالى (إِنَّ عِبٰادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطٰانٌ).

الحسن بن سهيل عن علي بن محمد بن الحسن قال : خرج السلطان يريد البصرة ، فخرج ابو محمد (ع) يشيعه فنظرنا إليه ماضيا معه وكنا جماعة من شيعته ، فجلسنا من الحائطين ننتظر رجوعه ، فلما رجع (ع) وقف علينا ثم مد يده الى قلنسوته فاخذها عن رأسه وامسكها بيده وامر بيده الأخرى على رأسه وضحك في وجه رجل منافق ، فقال الرجل مبادرا : اشهد انك حجة اللّه وخيرته ، فسألناه ما شأنك؟ فقال : كنت شاكا فيه وقلت في نفسي ان رجع واخذ في الطريق قلنسوته عن راسه قلت بامامته.

روي انه (ع) لما حبسه المعتمد وحبس جعفرا اخاه معه وكان المعتمد قد سلمهما في يد علي (حرين) ، وكان المعتمد يسأل عليا عن اخباره في كل وقت ، فيخبره انه يصوم النهار ويقوم الليل ، فسأله يوما من الايام عن خبره؟ فاخبره بمثل ذلك ، فقال المعتمد : امض يا علي الساعة إليه واقرأه مني السلام وقل انصرف الى منزلك مصاحبا ، فقال علي حرين : فجئت الى باب الحبس فوجدت حمارا مسرجا ودخلت إليه (ع) ، فوجدته

١٣٦

جالسا قد لبس طيلسانه وخفه وشاسيته ، ولما رآني نهض فأديت إليه الرسالة فجاء وركب فلما استوى على الحمار وقف ، فقلت : ما وقوفك يا سيدي؟ فقال : حتى يخرج جعفر فقلت له انما امرني باطلاقك دونه ، فقال لي : ارجع إليه وقل له خرجنا من دار واحدة جميعا ، واذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك مقالا (حفانة) عنك ، فمضى وعاد وقال له : يقول لك قد اطلقت جعفرا لك ، فخلى سبيله ومضى معه الى داره.

وحدثني ابو التحف المصري ، يرفع الحديث برجاله الى ابي يعقوب اسحاق بن ابان قال : كان ابو محمد (ع) يبعث الى اصحابه وشيعته صيروا الى موضع كذا وكذا والى دار فلان بن فلان العشاء والعتمة في كيلة كذا فانكم تجدوني هناك ، وكان المتوكلون به لا يفارقون باب الموضع الذي حبس فيه (ع) بالليل والنهار ، وكان يعزل في كل خمسة ايام الموكلين ويولي آخرين بعد ان يجدد عليهم الوصية بحفظه والتوفر على ملازمة بابه ، فكان اصحابه وشيعته يصيرون الى الموضع وكان عليه السلام قد سبقهم إليه ، فيرفعون حوائجهم إليه فيقضيها لهم على منازلهم وطبقاتهم وينصرفون الى اماكنهم بالايات والمعجزات ، وهو (ع) في حبس الاضداد.

وروي ان احد اصحابه صار إليه وهو في الحبس وخلا به فقال له : أنت حجة اللّه في ارضه وقد حبست في خان الصعاليك ، فاشار بيده وقال (ع) : انظر فاذا حواليه روضات وبساتين

١٣٧

وانهار جارية فتعجب الرجل فقال (ع) حيث ما كنا هكذا لسنا في خان الصعاليك.

عن احمد بن مصقلة قال : دخلت على ابي محمد (ع) فقال لي : يا احمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب؟ فقلت : لما ورد الكتاب بخبر مولد سيدنا (ع) لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم الا قال بالحق ، قال (ع) : أما علمتم ان الارض لا تخلو من حجة اللّه؟ ثم امر ابو محمد (ع) والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومائتين ، وعرفها ما يناله في سنة ستين ثم سلم الاسم الاعظم والمواريث والسلاح الى القائم الصاحب (ع) وخرجت أم ابي محمد (ع) الى مكة وقبض ابو محمد (ع) في شهر ربيع الآخر سنة ستين ومائتين ، ودفن بسر من رأى الى جانب ابيه ابي الحسن (ع) ، وكان من مولده الى وقت مصيبته (ع) تسع وعشرون سنة.

(الخلف المهدي القائم الحجة المنتظر)

«صاحب الزمان (ع)»

قرأت في كتب كثيرة بروايات كثيرة صحيحة ، انه كان لحكيمة بنت ابي جعفر محمد بن علي (ع) جارية ولدت في بيتها وربتها ، وكانت تسمى نرجس ، فلما كبرت دخل ابو محمد فنظر إليها فقالت له عمته حكيمة : اراك يا سيدي تنظر إليها؟ فقال (ع) : اني ما نظرت إليها متعجبا اما ان المولود الكريم على اللّه يكون منها ثم امرها ان تستأذن ابا الحسن اباه (ع) في دفعها إليه ، ففعلت فامرها بذلك.

١٣٨

وقرأت في كتاب الوصايا وغيره بان جماعة من الشيوخ العلماء ، منهم علان الكلابي وموسى بن احمد الفزاري واحمد بن جعفر ومحمد باسانيدهم ، ان حكيمة بنت ابي جعفر عمة ابي محمد (ع) يوما وكنت ادعو اللّه له ان يرزقه ولدا فدعوت له كما كنت ادعو ، فقال : يا عمة اما انه يولد في هذه الليلة وكانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، المولود الذي كنا نتوقعه فاجعلي افطارك عندنا ، وكانت ليلة الجمعة ، قالت حكيمة : ممن يكون هذا المولود يا سيدي؟ فقال (ع) : من نرجس ، قالت : ولم يكن في الجواري احب الي منها ولا اخف على قلبي ، وكنت اذا دخلت الدار تتلقاني وتقبل يدي وتنزع خفي بيدها ، فلما دخلت عليها فعلت بي ما كانت تفعل فانكببت على يدها فقبلتها ومنعتها مما كانت تفعله ، فخاطبتني بالسيادة فخاطبتها بمثلها فانكرت ذلك ، فقلت لها : لا تنكري ما فعلت فان اللّه تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة ، فاستحيت ، قالت حكيمة : فتعجبت وقلت لابي محمد (ع) لست ارى بها اثر الحمل فتبسم (ع) وقال لي : انا معاشر الاوصياء لا نحمل في البطون ولكنا نحمل في الجنوب ، وفي هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الكريم على اللّه ان شاء اللّه تعالى ، قالت حكيمة : ونمت بالقرب من الجارية وبات ابو محمد (ع) في صف ، فلما كان وقت الليل قمت الى الصلاة والجارية نائمة ما بها اثر ولادة ، واخذت في صلاتي ثم اوترت وانا في الوتر فوقع في نفسي ان الفجر قد ظهر ودخل قلبي شيء ، فصاح ابو محمد (ع) من

١٣٩

الصف لم يطلع الفجر يا عمة فاسرعت الصلاة وتحركت الجارية فدنوت منها وضممتها إلي وسميت عليها ، ثم قلت لها هل تحسين؟ قالت : نعم ، فوقع علي ثبات لم اتمالك معه ان نمت ووقع على الجارية مثل ذلك فنامت وهي قاعدة ، فلم تنتبه الا ويحس مولاي وسيدي تحتها واذا بصوت ابي محمد (ع) وهو يقول : يا عمتاه هاتي ابني الي فكشفت عن مولاي (ع) واذا هو ساجد وعلى ذراعه الايمن مكتوب جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ، فضممته الي فوجدته مفروغا منه مطهر الختانة فحملته الى ابي محمد (ع) فاقعده على راحته اليسرى وجعل يده اليمنى على ظهره ثم ادخل السبابة في فيه وامرّ يده على عينيه وسمعه وهما (صاهره) ثم قال : تكلم يا بني فقال : اشهد ان لا إله الا اللّه واشهد ان محمدا رسول اللّه وان امير المؤمنين عليا ، ثم لم يزل يعد السادة الاوصياء (ع) الى ان بلغ الى نفسه ، ودعا لاوليائه على يديه بالفرج ثم صمت (ع) ، فقال ابو محمد (ع) اذهبي به الى أمه ليسلم عليها ورديه الي ، فمضيت به وسلم عليها ورددته ووقع بيني وبينه شيء كالحجاب فلم ار سيدي ومولاي ، فقلت لابي محمد (ع) : يا سيدي اين مولانا؟ فقال اخذه من هو احق به منك ومنا ، فلما كان في اليوم السابع جئت فسلمت وجلست فقال ابو محمد (ع) : ائتني الي بابني فجيء بسيدي (ع) وهو في ثياب صفر ، ففعل به كفعاله الاولى ثم قال له (ع) : تكلم يا بني فقال : اشهد ان لا إله الا اللّه واثنى بالصلاة على محمد وامير المؤمنين والائمة (ع)

١٤٠