عيون المعجزات

الشيخ حسين بن عبد الوهاب

عيون المعجزات

المؤلف:

الشيخ حسين بن عبد الوهاب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة الداوري
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٥٢

١
٢

ترجمة المؤلف

هو الشيخ حسين بن عبد الوهاب احد الفطاحل من علماء القرن الخامس ، كان مشاركا للشريفين المرتضى والرضي في بعض المشايخ كابي التحف المصري وامثاله ، وهو والشيخ الطوسي يرويان عن هارون بن موسى التلعكبري بواسطة واحدة ، والمترجم معلول عليه في الحديث ، وكتابه «عيون المعجزات» من مصادر بحار الانوار للمجلسي واعتمد عليه السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز ، ولم يزل العلامة النوري في خاتمة المستدرك ج ٣ ص ٣٣٤ يهتف به ويشيد بذكره ، وذكره صاحب روضات الجنات ص ٣٨١ ، في اثناء ترجمة الشريف علي بن احمد ابن موسى بن الامام الجواد عليه السلام صاحب كتاب (الاستغاثة) وذكره شيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك في كتاب الذريعة الى تصانيف الشيعة.

واثنى عليه كثيرا ملا عبد اللّه تلميذ شيخنا المجلسي في (رياض العلماء) ، فقال : كان الشيخ حسين بن عبد الوهاب من علمائنا الاجلاء بصيرا بالاخبار ، ناقدا للاحاديث ، فقيها شاعرا مجيدا ، له كتب منها «الهداية الى الحق» وكتاب «البيان في وجوه الحق في الامامة» وكتاب (عيون المعجزات).

٣

وكان السبب في تاليفه العيون انه وجد كتاب «بصائر الدرجات في تنزيه النبوات» (١) قد احتوى على احاديث كثيرة في الفضائل فعزم على اختصاره ، ليسهل تناوله على قاريه وحيث انه خاص في الأنبياء اراد ان يلحق به معاجز النبي واهل بيته المعصومين عليهم السلام ، فوجد كتابا ألّفه الشريف ابو القاسم صاحب (الاستغاثة) سماه (تثبيت المعجزات). وذكر في صدره انه عازم على جمع معاجز الأنبياء ، ثم يتبعها بمعاجز الأئمة المعصومين من آل الرسول (ص).

ولكنه لما لم يجد في آخره ما وعد به من معاجزهم عليهم السلام ، شرع في تأليف يضم معاجزهم ودلائل امامتهم يكون تتمة لكتاب (تثبيت المعجزات) وسماه (عيون المعجزات).

ثم قال صاحب الرياض رأيت نسخة عتيقة في بلدة (كازرون) من (عيون المعجزات) ذكر فيها تاريخ الشروع في تأليفه وهو السابع من شهر رمضان سنة ٤٤٨ ه‍ ، والفراغ منه يوم الفطر من السنة المذكورة واما تاريخ كتابة تلك النسخة ففي سنة ٥٥٦ ه‍ ، ثم استطرد ذكر مشايخ المترجم الذين يروي عنهم فانهاهم الى ستة.

__________________

(١) هذا غير بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار وغير بصائر الدرجات لسعد بن عبد اللّه القمي فانهما في اخبار الفروع والاصول وهذا في المعاجز.

(رياض العلماء)

٤

١ ـ أبو التحف علي بن محمد بن ابراهيم الطيب المصري.

٢ ـ ابو علي احمد بن زيد بن دارا.

٣ ـ ابو الحسين بن احمد الخضر المؤدب.

٤ ـ ابو محمد الحسين بن محمد بن نصر.

٥ ـ ابو عبد اللّه الكازراني الكاغذي.

٦ ـ ابو الغنائم احمد بن منصور السروي.

وذكر شيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك في (الذريعة الى تصانيف الشيعة ، سابعا وهو احمد بن محمد بن عياش الجوهري صاحب (مقتضب الاثر) المتوفى سنة ٤٠١ ، قال : وما يوجد في (عيون المعجزات) من روايته عن ابي علي محمد بن همام بلا واسطة ، لا يصح اولا : ان ابن همام توفي سنة ٣٣٦ ، كما في بعض اسانيد البحار ، وثانيا : ان المترجم يروي بثلاث وسائط ، عن الشريف ابي محمد الاديب المتوفى سنة ٣٥٢ ، عن والده الشريف ابي القاسم صاحب (الاستغاثة) عن ابي هاشم الجعفري داود ابن القاسم فكيف يروي عن ابن همام المتوفى سنة ٣٣٦ بلا واسطة.

وقال العلامة النوري في خاتمة المستدرك ج ٣ ص ٥١٦ : لا ريب في أن (عيون المعجزات) من تاليفات الشيخ حسين بن عبد الوهاب ، كما نص عليه في الرياض ، فالقول بانه من تأليف السيد المرتضى ، علم الهدى كما في مدينة المعاجز لا يعبأ به ، خصوصا ان الاخبار الموجودة فيه لا تلائم مذاق المرتضى أعلى اللّه مقامه.

٥

لقد كان هذا الاثر النفيس مما تواردت عليه عوامل الاغفال ، ونسجت عليه عناكب النسيان ، مع ان الافئدة تهش إليه ، والاعناق تتطلع الى رؤيته فلا يجدون الا ذكرا له في طيات الكتب واسنادا إليه في تضاعيف المدونات ، حتى شاء المولى سبحانه وتعالى ان تعاد الى ذلك الذكر البائد جدته فقيض له الموفق لنشر آثار أهل البيت (ع) (محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي) وبينا هو يفحص عنه في زوايا المكتبات واذا بشيخنا العلامة العامل الثقة الثبت الشيخ شير محمد الهمداني الجورقاني ايده اللّه يوافيه بنسخته التي كتبها على نسخة الحجة الحر العاملي صاحب (الوسائل) رضوان اللّه عليه وهذا الشيخ الجليل مع ما يلاقيه من الجهد في نسخ الكتب لضعف في بصره ونهوك في قواه لا يجد منة في بذله الكتاب للطبع او الاستنساخ وانما يعد ذلك من الفيض الالهي الذي غمره دون غيره وهكذا المخلصون ، كثر اللّه في الطائفة من امثاله.

وان الناشر صاحب (المطبعة الحيدرية) يرى في احياء هذا الكتاب وامثاله الفوز بالظفر بهذه الدرر اليتيمة وبلوغه اقصى الغاية التي يسعى إليها وحيازته لا سمى السعادتين فبشرى لرواد اثار العترة الطاهرة ومآثرهم بهذا الكنز المستخرج من منجم العلم الصحيح والحديث المقبول وحيا اللّه تعالى الناشر وابقاه لامثاله. الى مثل ذلك يشير الامام الصادق (ع) بقوله لفضيل : احيوا امرنا رحم اللّه من احيا امرنا ودعا الى ذكرنا.

(محمد علي الاوردبادي)

٦

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

حدث ابو الحسين احمد بن الحسين العطار قال : حدثني ابو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب (الكافي) قال : حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن محبوب عن الحسن ابن رزين القلا ، عن الفضل بن يسار عن الباقر عن أبيه عن جده الحسين بن علي (ع) قال لما رجع امير المؤمنين (ع) من قتال اهل النهروان ، أخذ على النهرونات واعمال العراق ، ولم يكن يومئذ قد بنيت بغداد ، فلما وافى ناحية براثا صلى بالناس الظهر ، ورحلوا ودخلوا في ارض بابل وقد وجبت صلاة العصر ، فصاح المسلمون يا امير المؤمنين هذا وقت العصر قد دخل ، فقال امير المؤمنين : (ع) هذه ارض مخسوف بها وقد خسف للّه بها ثلاثا وعليه تمام الرابعة ولا تحل لوصي ان يصلي فيها ، ومن اراد منكم ان يصلي فليصل ، فقال المنافقون نعم هو لا يصلي ويقتل من يصلي ، يعنون أهل النهروان ، قال جويرية بن مسهر العبدي : فتبعته في مائة فارس وقلت واللّه لا اصلي او يصلي هو ، ولأقلدنه صلاتي اليوم ، قال : وسار امير المؤمنين (ع) الى ان قطع ارض بابل وتدلت الشمس للغروب ثم غابت واحمر الافق ، قال : فالتفت

٧

الي امير المؤمنين (ع) وقال : يا جويرية هات الماء ، قال : فقدمت إليه الاداوة فتوضأ ثم قال اذن يا جويرية ، فقلت يا امير المؤمنين ما وجب العشاء بعد فقال (ع) اذن للعصر ، فقلت في نفسي اذن للعصر وقد غربت الشمس ولكن علي الطاعة فأذنت ، فقال اقم ففعلت ، واذا انا في الاقامة اذ تحركت شفتاه بكلام كأنه منطق الخطاطيف لم افهم ما هو فرجعت الشمس بصرير عظيم حتى وقفت في مركزها من العصر فقام (ع) وكبر وصلى وصلينا وراءه ، فلما فرغ من صلاته وقعت كانها سراج في طست ، وغابت واشتبكت النجوم فالتفت الي وقال اذّن اذان العشاء يا ضعيف اليقين.

روي ان الشمس ردت عليه في حياة رسول اللّه (ص) بمكة وقد كان رسول اللّه (ص) موعوكا فوضع راسه في حجر امير المؤمنين (ع) وحضر وقت العصر فلم يبرح من مكانه وموضعه حتى استيقظ فقال (ص) اللّه ان عليا (ع) كان في طاعتك فرد عليه الشمس ليصلي العصر فردها اللّه عليه بيضاء نقية حتى صلى ثم غربت ، وقال في ذلك السيد الحميري رضي اللّه عنه في قصيدته المعروفة بالمذهبة :

خير البرية بعد احمد من له

مني الولاء والى بنيه تطربي

امسي واصبح معصما مني له

بهوى وحبل ولاية لم تقصب

ردت عليه الشمس لما فاته

وقت الصلاة وقد دنت للمغرب

حتى تبلج نورها في وقتها

للعصر ثم هوت هوي الكوكب

٨

وعليه قد ردت ببابل مرة

اخرى وما ردت لخلق معرب

الا ليوشع او له ولحبسها

ولردها تاويل امر معجب

وحدثني ابو علي احمد بن زيد بن دارا رحمه اللّه قال حدثني بالبصرة ابو عبد اللّه الحسين بن محمد بن جمعة القمي رحمه اللّه قال حدثني أبو عبد اللّه احمد بن محمد بن ايوب بالاسناد الى رسول اللّه (ص) انه قال حضر يوما عند اصحابه فقالوا له يا رسول اللّه ان اللّه اتخذ ابراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وكان عيسى بن مريم يحيي الموتى فما صنع بك ربك فقال (ص) ان كان سبحانه اتخذ ابراهيم خليلا فقد اتخذني حبيبا وان كان كلم موسى من وراء حجاب فقد رأيت جلال ربي وكلمني مشافهة وان كان عيسى يحيي الموتى باذن اللّه فان شئتم احييت لكم موتاكم باذن اللّه فقالوا لقد شئنا فارسل معهم امير المؤمنين (ع) بعد ان ردأه ببردة له يقال له المستجاب وجعل طرفيه على كتفيه ورأسه ثم امره ان يقدمهم الى المقابر وامرهم باتباعه فاتبعوه فلما توسط الجبانة سلم على اهل القبور ودعا وتكلم بكلام لم يفهموه فاضطربت الارض ومادت وارتجت فتداخلهم ذعر شديد فقالوا حسبك يا ابا الحسن اقلنا اقالك اللّه فامسك عن استتمام كلامه ودعائه ورجع الى رسول اللّه (ص) فقالوا له اقلنا فقال لهم انما رددتم على اللّه لا اقالكم اللّه يوم القيامة.

٩

(ذكر رد الشمس وكلامها لامير المؤمنين)

عليه السلام وهو مشهور

وحدثني ابن عياش الجوهري قال حدثني ابو طالب عبد اللّه ابن محمد الانباري قال حدثني ابو الحسين محمد بن زيد التستري قال حدثني ابو سمينة محمد بن علي الصيرفي قال حدثني ابراهيم بن عمر اليماني عن حماد بن عيسى الجهني المعروف بغريق الجحفة قال حدثني عمر بن اذينة عن ابان بن ابي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت ابا ذر جندب بن جنادة الغفاري قال رايت السيد محمد (ص) وقد قال لامير المؤمنين (ع) ذات ليلة اذا كان غدا اقصد الى جبال البقيع وقف على نشز من الارض فاذا بزغت الشمس فسلم عليها فان اللّه تعالى قد امرها ان تجيبك بما فيك فلما كان من الغد خرج امير المؤمنين ومعه ابو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والانصار حتى وافى البقيع ووقف على نشز من الارض فلما اطلعت الشمس قرنيها قال (ع) السلام عليك يا خلق اللّه الجديد المطيع له فسمعوا دويا من السماء وجواب قائل يقول وعليك السلام يا اول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم فلما سمع ابو بكر وعمر والمهاجرون والانصار كلام الشمس صعقوا ثم افاقوا بعد ساعات وقد انصرف امير

١٠

المؤمنين عن المكان فوافوا رسول اللّه (ص) من الجماعة وقالوا أنت تقول ان عليا بشر مثلنا وقد خاطبته الشمس بما خاطب به الباري نفسه فقال النبي (ص) وما سمعتموه منها؟ فقالوا سمعناها تقول السلام عليك يا اول قال صدقت هو اول من آمن بي فقالوا سمعناها تقول يا آخر قال صدقت هو آخر الناس عهدا بي يغسلني ويكفني ويدخلني قبري ، فقالوا سمعناها تقول يا ظاهر قال صدقت ظهر علمي كله له فقالوا سمعناها تقول يا باطن قال صدقت بطن سري كله قالوا سمعناها تقول يا من هو بكل شيء عليم قال صدقت هو العالم بالحلال والحرام والفرائض والسنن وما شاكل ذلك فقاموا كلهم وقالوا لقد اوقعنا محمد (ص) في طخياء وخرجوا من باب المسجد وقال في ذلك ابو محمد العوني شعرا :

امامي كليم الشمس راجعها وقد

خبا قرصها اذ صوت الرجفوان (١)

وقال في اخرى

امامي كليم الشمس راجع نورها

فهل لكليم الشمس في القوم من مثلي

(ذكر الجام)

في رواية العامة وعن الخاصة ابراهيم بن الحسين الهمداني قال حدثنا عبد الغفار بن القاسم عن جعفر الصادق عن ابيه (ع)

__________________

(١)كذا.

١١

يرفعه الى امير المؤمنين (ع) ان جبريل (ع) نزل على النبي (ص) بجام من الجنة فيه فاكهة كثيرة من فواكه الجنة فدفعه الى النبي (ص) فسبح الجام وكبر وهلل في يده ثم دفعه الى ابي بكر فسكت الجام ثم دفعه الى عمر فسكت الجام تم دفعه الى امير المؤمنين (ع) فسبح الجام وهلل وكبر في يده ثم قال الجام اني امرت ان لا اتكلم الا في يد نبي او وصي.

وفي رواية اخرى من كتاب الانوار بان لجام من كف النبي (ص) عرج الى السماء وهو يقول بلسان فصيح سمعه كل احد (انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي ذلك قال العوني رضي اللّه عنه شعرا :

علي كليم الجام اذ جاءه به

كريمان في الاملاك مصطفيان

وقال أيضا :

امامي كليم الجان والجام بعده

فهل لكليم الجان والجام من مثلي

حدثنا حماد عن ابراهيم عن ابي عبد اللّه الصادق (ع) عن ابيه عن جده (ع) قال اعطى اللّه تعالى امير المؤمنين حياة طيبة بكرامات ادلة وبراهين ومعجزاته وقوة إيمانه ويقين علمه وعمله وفضله على جميع خلقه بعد النبي (ص) ولما انفذه النبي (ص) لفتح خيبر قلع بابه بيمينه وقذف به اربعين ذراعا ثم دخل الخندق وحمل الباب على رأسه حتى عبر جيوش المسلمين عليه فاتحفه اللّه تعالى يومئذ عليا باترجة من اترج الجنة في وسط الاترجة فرندة

١٢

عليها مكتوب (اسم اللّه تعالى واسم نبيه محمد (ص) واسم وصيه علي بن ابي طالب (ع) فلما فرغ من فتح خيبر قال واللّه ما قلعت باب خيبر وقذفت به ورائي اربعين ذراعا لم تحس اعضائي بقوة جسدية وحركة غريزية بشرية ، ولكني ايدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضيئة وانا من احمد (ص) كالضوء من الضوء لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت ولو اردت ان انتهز فرصة من رقابها لما بقيت ولم يبال مني حتفه عليه ساقط كان جنانه في الملمات رابط.

(كلام الثعبان وهو خبر مشهور)

بالاسناد يرفعه الى الصادق (ع) عن ابيه عن آبائه (ع) قال كان امير المؤمنين (ع) يخطب في يوم الجمعة على منبر الكوفة اذ سمع وجية عدو الرجال يتواقعون بعضهم على بعض قال لهم ما لكم؟ قالوا يا امير المؤمنين ثعبان عظيم قد دخل ونفزع منه ونريد ان نقتله فقال (ع) لا يقربنه احد منكم فطرقوا له فانه رسول جاء في حاجة فطرقوا له فما زال يتخلل الصفوف حتى صعد المنبر فوضع فمه في اذن امير المؤمنين (ص) فنق في اذنيه نقيقا وتطاول امير المؤمنين (ع) يحرك رأسه ثم نق امير المؤمنين مثل نقيقه فنزل عن المنبر فانساب بين الجماعة فالتفتوا فلم يروه فقالوا يا امير المؤمنين وما هذا الثعبان فقال هذا الذرجان بن مالك خليفتي على الجن المسلمين وذلك انهم اختلفوا في اشياء وانفذوه الي فجاء سألني عنها فاخبرته بجواب مسائله فرجع.

١٣

(حديث البساط واصحاب الكهف)

وحدثني ابو علي يرفعه الى الصادق (ع) عن ابيه عن آبائه (ع) قال جرى بحضرة السيد محمد (ص) ذكر سليمان بن داود (ع) والبساط وحديث اصحاب الكهف وانهم موتى او غير موتى فقال (ص) من احب منكم ان ينظر باب الكهف ويسلم عليهم فقال ابو بكر وعمر وعثمان نحن يا رسول اللّه فصاح (ص) يا درجان بن مالك واذا بشاب قد دخل بثياب عطرة فقال له النبي (ص) ائتنا ببساط سليمان (ع) فذهب ووافى بعد لحظة ومعه بساط طوله اربعون في اربعين من الشعر الابيض فالقاه في صحن المسجد وغاب فقال النبي (ص) لبلال وثومان مولييه اخرجا هذا البساط الى باب المسجد وابسطاه ففعلا ذلك وقام (ص) وقال لأبي بكر وعمر وعثمان وامير المؤمنين (ع) وسلمان قوموا وليقعد كل واحد منكم على طرف من البساط وليقعد امير المؤمنين (ص) في وسطه ففعلوا ونادى يا منشية واذا بريح دخلت تحت البساط فرفعته حتى وضعته بباب الكهف الذي فيه اصحاب الكهف فقال امير المؤمنين (ع) لابي بكر تقدم وسلم عليهم فانك شيخ قريش فقال يا علي ما اقول فقال (ع) قل السلام عليكم ايتها الفتية الذين آمنوا بربهم السلام عليكم يا نجباء اللّه في ارضه فتقدم ابو بكر الى باب الكهف وهو مسدود فنادى بما قال له امير المؤمنين (ع) ثلاث مرات فلم يجبه احد فجاء وجلس فقال يا امير المؤمنين ما أجابوني فقال امير

١٤

المؤمنين (ع) قم يا عمر ثم قل كما قاله صاحبك فقام وقال مثل قوله ثلاث مرات فلم يحب احد مقالته فجاء وجلس قال امير المؤمنين لعثمان قم أنت وقل مثل قولهما فقام وقال فلم يكلمه احد فجاء وجلس فقال امير المؤمنين (ع) لسلمان تقدم أنت وسلم عليهم فقام وتقدم فقال مثل مقالة الثلاثة واذا بقائل يقول من داخل الكهف أنت عبد امتحن اللّه قلبك بالايمان وأنت من خير والى خير ولكنا امرنا ان لا نرد الا على الأنبياء والاوصياء فجاء وجلس فقام امير المؤمنين (ع) وقال السلام عليكم يا نجباء اللّه في ارضه الوافين بعهده نعم الفتية انتم واذا باصوات جماعة وعليك السلام يا امير المؤمنين وسيد المسلمين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين فاز واللّه من والاك وخاب من عاداك فقال امير المؤمنين (ع) لم لا تجيبون اصحابي فقالوا يا امير المؤمنين انا نحن احياء محجوبون عن الكلام ولا نجيب الأنبياء او وصي نبي وعليك السلام وعلى الاوصياء من بعدك حتى يظهر حق اللّه على ايديهم ثم سكتوا وامر امير المؤمنين (ع) المنشية فحملت البساط ثم ردته الى المدينة وهم عليه كما كانوا واخبروا رسول اللّه (ص) بما جرى قال اللّه تعالى (اذ اوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا).

وقال العوني شعرا :

كليم اهل الكهف اذ حل بهم

في ليلة المسح فسل عنه الخبر

وقصة الثعبان اذ كلمه

وهو على المنبر والقوم زمر

١٥

والاسد العابس اذ كلمه

معترف بالفضل منه واقر

بانه مستخلف اللّه على الامة

والرحمن ما شاء قدر

واذكر له يوم الفرات آية

اعجوبة معجزة ذات خطر

لما علاه بالقضيب ثم قال

اسكن بمن سبع السماوات فطر

فالتطمت امواجه في قعره

وغاض ثلثاه وقد كان زخر

وكم له من اية معجزة

يعرفها كل عليم مبتصر

وفي كتاب الانوار تاليف ابي علي الحسن بن همام حدث العباس ابن الفضل قال حدثني موسى بن عطية الانصاري قال حدثنا حسان بن احمد الازرق عن ابي الاحوص عن ابيه عن عمار الساباطي قال قدم امير المؤمنين (ع) المدائن فنزل بايوان كسرى وكان معه ذلف ابن منجم كسرى فلما ظل الزوال فقال لذلف قم معي وكان معه جماعة من اهل ساباط فما زال يطوف في مساكن كسرى ويقول لذلف كان لكسرى هذا المكان لكذا وكذا فيقول هو واللّه كذلك فما زال على ذلك حتى طاف المواضع بجميع من كانوا معه وذلف يقول يا سيدي ومولاي كأنك وضعت الاشياء في هذه الامكنة ثم نظر (ع) الى جمجمة نخرة فقال لبعض اصحابه خذ هذه الجمجمة وكانت مطروحة وجاء (ع) الى الايوان وجلس فيه ودعا بطست وصب فيه ماء وقال له دع هذه الجمجمة في الطست ثم قال (ع) اقسمت عليك يا جمجمة اخبريني من انا ومن أنت فنطقت الجمجمة بلسان فصيح فقالت اما أنت فامير المؤمنين وسيد الوصيين وامام المتقين في الظاهر

١٦

والباطن واعظم من ان توصف واما انا فعبد اللّه وابن امة اللّه كسرى أنو شيروان فانصرف القوم الذين كانوا معه من اهل ساباط الى اهاليهم واخبروهم بما كان وبما سمعوه من الجمجمة فاضطربوا واختلفوا في معنى امير المؤمنين (ع) وحضروه وقال بعضهم قد افسد هؤلاء قلوبنا بما اخبروه عنك وقال بعضهم فيه عليه السلام مثل ما قال النصارى في المسيح ومثل ما قال عبد اللّه بن سبا واصحابه فان تركتهم على هذا كفر الناس فلما سمع ذلك منهم قال لهم ما تحبون ان اصنع بهم قال تحرقهم بالنار كما حرقت عبد اللّه بن سبا واصحابه فاحضرهم قال ما حملكم على ما قلتم قالوا سمعنا كلام الجمجمة النخرة ومخاطبتها اياك ولا يجوز ذلك الا للّه تعالى فمن ذلك قلنا ما قلنا فقال (ع) ارجعوا عن كلامكم وتوبوا الى اللّه فقالوا ما كنا نرجع عن قولنا فاصنع بنا ما أنت صانع فامر (ع) ان تضرم لهم النار فحرقهم فلما احترقوا قال اسحقوهم وذروهم في الريح فسحقوهم وذروهم في الريح فلما كان اليوم الثالث من احراقهم دخل إليه اهل الساباط وقالوا اللّه اللّه في دين محمد ان الذين احرقتهم بالنار قد رجعوا الى منازلهم باحسن ما كانوا فقال (ع) أليس قد احرقتموهم بالنار وسحقتموهم وذريتموهم في الريح قالوا بلى قال (ع) احرقتهم واللّه واحييتهم (١) فانصرفوا اهل الساباط متحيّرين ومثل ما قال عبد اللّه بن سبا واصحابه (فيعذبهم) ما فعل عبد اللّه بن سبا

__________________

(١) واحياهم.

١٧

واصحابه وانتهى امره الى ما كان انتهى إليه امر عبد اللّه بن سبا واصحابه والى ما اخبر عنهم.

(ومن دلائله عليه السلام)

حدث محمد بن عثمان قال حدثنا ابو زيد النميري قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا شعبة عن سليمان الاعمش قال حدثنا سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة قال صليت الغداة مع النبي (ص) فلما فرغ من صلاته وتسبيحه اقبل علينا بوجهه الكريم واخذ معنا في الحديث فاتاه رجل من الانصار فقال يا رسول اللّه كلب فلان الانصاري خرق ثوبي وخمش ساقي ومنعني من الصلاة معك في الجماعة فعرض عنه ولما كان في اليوم الثاني جاءه رجل البيع وقال كلب ابو رواحة الانصاري خرق ثوبي وخمش ساقي ومنعني من الصلاة معك فقال النبي (ص) قوموا بنا إليه فان الكلب اذا كان عقورا وجب قتله فقام (ص) ونحن معه حتى اتى منزل الرجل فبادر انس بن مالك الى الباب فدقه وقال النبي بالباب فاقبل الرجل مبادرا حتى فتح بابه وخرج الى النبي (ص) فقال فداك ابي وأمي ما الذي جاء بك الا وجهت الي فكنت اجيئك فقال له النبي (ص) اخرج إلينا كلبك العقور فقد وجب قتله وقد خرق ثياب فلان وعرق ساقه وكذا فعل اليوم بفلان ابن فلان فبادر الرجل الى كلبه وطرح في عنقه حبلا واخرجه إليه واوقفه بين يديه ، فلما نظر الكلب الى النبي (ص) واقفا قال : يا رسول اللّه ما الذي جاء بك ولم تقتلني؟ فاخبره الخبر ،

١٨

فقال : يا رسول اللّه ان القوم منافقون واصب ، مبغضون لامير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ولو لا انهم كذلك ما تعرضت لسبيلهم ، فاوصى به النبي (ص) خيرا وتركه وانصرف.

وفي كتاب الانوار ، حدث ابو عبد اللّه محمد بن احمد ، قال. حدثنا ابي ، قال : حدثني علي بن فروخ السمان قال : حدثني بن زكريا المنقري ، قال : حدثني سفيان بن عيينة ، قال : حدثني عمر بن أبي سليم العبسي عن جعفر بن محمد الصادق عن ابيه (ع) قال : لما نصب رسول اللّه (ص) عليا (ع) يوم غدير خم ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، وطار ذلك في البلاد ، ثم قام على رسول اللّه (ص) النعمان بن الحرث الفهري على قعود له ، وقال : يا محمد ، امرتنا عن اللّه عز وجل ، ان نشهد ان لا إله الا اللّه وانك محمد رسول اللّه ، فقبلنا ذلك منك ، وامرتنا بالصلاة الخمس فقبلناها منك ، وامرتنا بالزكاة فقبلناها منك ، وامرتنا بالحج فقبلناه منك ، وامرتنا بالجهاد فقبلناه منك ، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام وقلت : من كنت مولاه فهذا مولاه ، هذا شيء منك او من اللّه عز وجل؟ فقال (ص) : بل بامر اللّه تعالى ، ثم قال للنعمان : واللّه الذي لا إله الا هو ان هذا هو من عند اللّه عز وجل اسمه؛ فولى النعمان بن الحرث يريد راحلته وهو يقول : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء ، او أتنا بعذاب

١٩

أليم ، فما وصل إليها حتى امطره اللّه تعالى بحجر على رأسه فقتله ، فانزل اللّه تعالى (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) الآية.

حدث جعفر بن محمد البجلي الكوفي قال : حدثني علي بن عمر الصيقل قال : حدثني بن توبة عن ابيه عن جده للعرني عن الحارث بن عبد اللّه الهمداني رضي اللّه عنه ، قال : كنا مع امير المؤمنين (ع) ذات يوم على باب الرحبة ، التي كان امير المؤمنين (ع) ينزلها ، نتحدث ، اذ اجتاز بنا يهودي من الحيرة ومعه حوتان ، فناداه امير المؤمنين (ع) فقال لليهودي : بكم اشتريت ابويك من بني اسرائيل؟ فصاح اليهودي صيحة عظيمة وقال أما تسمعون كلام علي بن ابي طالب (ع) يذكر انه يعلم الغيب ، واني اشتريت ابي وأمي من بني اسرائيل ، فاجتمع عليه خلق كثير من الناس وقد سمعوا كلام امير المؤمنين (ع) وكلام اليهودي ، فكأني انظر الى امير المؤمنين (ع) وقد تكلم بكلام لم افهمه ، فاقبل على احد الحوتين وقال اقسمت عليك تتكلمين من انا ومن أنت؟ فنطقت السمكة بلسان فصيح وقال : أنت امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) وقال : يا فلان انا ابوك فلان بن فلان مت في سنة كذا وكذا ، وخلفت لك من المال كذا وكذا ، والعلامة في يدك كذا وكذا ، واقبل عليه السلام على الأخرى وقال : لها اقسمت عليك تتكلمين من انا ومن أنت؟ فنطقت بلسان فصيح وقالت : أنت امير المؤمنين ، ثم قالت : يا فلان وانا امك فلانة بنت فلان ، مت في سنة كذا

٢٠