عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب

السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسني [ ابن عنبة ]

عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسني [ ابن عنبة ]


الموضوع : التراجم
الناشر: منشورات الشريف الرضي
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٨

أمير المؤمنين علي عليه‌السلام احترق حين احترق المشهد سنة خمس وخمسين وسبعمائة ؛ يقال انه كان في آخره : وكتب على بن أبو طالب. ولكن حدثني السيد النقيب السعيد تاج الدين أبو عبد الله محمد بن القاسم بن معية الحسني النسابة ؛ وجدي لأمي المولى الشيخ العلامة فخر الدين أبو جعفر محمد بن الحسين بن حديد الأسدي رحمه‌الله : أن الذي كان في آخر ذلك المصحف علي بن أبي طالب ؛ ولكن الياء مشتبهة بالواو في الخط الكوفي الذي كان يكتبه علي عليه‌السلام (١).

وقد رأيت أنا مصحفا بالمذار في مشهد عبيد الله بن علي بخط أمير المؤمنين عليه‌السلام في مجلد واحد وفي إخره بعد تمام كتابة القرآن المجيد : «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كتبه علي بن أبي طالب». ولكن الواو تشتبه بالياء في ذلك الخط كما حكياه لي عن المصحف بالمشهد الغروي ، واتصل بي بعد ذلك أن مشهد عبيد الله احترق واحترق المصحف الذي فيه ، والصحيح أن اسم أبي طالب عبد مناف وبذلك نطقت وصية أبيه عبد المطلب حين أوصى اليه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قوله :

أوصيك يا عبد مناف بعدي

بواحد بعد أبيه فرد

وقوله :

وصيت من كنيته بطالب

عبد مناف وهو ذو تجارب

وكان أبو طالب مع شرفه وتقدمه جم المناقب غزير الفضائل ؛ ومن أعظم مناقبه كفالته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقيامه دونه ومنعه إياه من كفار قريش حتى حصروه في الشعب ثلاث سنين مع بني هاشم عدا أبي

__________________

(١) ومنشأ الاشتباه هو أن كلا من الواو والياء يكتب بالخط الكوفي مربعا ، غير أن رأس الياء منفتح ورأس الواو منضم ، ولعله انطمست مربعة رأس الياء فاشتبهت بالواو فقرأها القاريء واوا والله الاعلم. م ص

٢١

لهب ، وكتبوا صحيفة أن لا يبايعوا بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يوادوهم وعلقوها في الكعبة (١) والقصة مشهورة لا يليق ذكرها بهذا المختصر ؛ ومن أشعاره في ذلك :

ألا أبلغا عني على ذات رأيها

قريشا ، وخصّا من لؤيّ بني كعب

ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا

نبيا كموسى خط في اول الكتب

وله من أخرى :

تريدون أن نسخو بقتل محمد

ولم تختضب سمر العوالي من الدم

وترجون منا خطة دون نيلها

ضراب وطعن بالوشيج المقوم

كذبتم وبيت الله لا تقتلونه

وأسيافنا في هامكم لم تحطم

الى غير ذلك ، ولما اجتمعت قريش على عداوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسألت أبا طالب أن يدفعه اليهم وتحالفوا على ذلك وخشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التي يعوذ فيها بحرم مكة الشريف ويذكر مكانه منها ؛ ويذكر فيها أشراف قريش وهو مع ذلك يخبرهم وغيرهم أنه غير مسلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا تاركه لشيء أبدا ؛ وهي طويلة جدا (٢) منها:

كذبتم وبيت الله يبزي محمد

ولما نطاعن دونه ونناضل

__________________

(١) ولما علقوها بالكعبة أرسل الله اليها دابة من الأرض فأكلت ما كان فيها من قطيعة وعقوق وأبقت ما كان فيها من (بسمك اللهم) فاعلم جبرئيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحالها وأعلم النبي أبا طالب فجذل بذلك وأخبر به قريشا فقالوا له هذا سحر فعله محمد وزادهم طغيانا ونفورا.

(٢) تبلغ مائة وأحد عشر بيتا تجدها مثبتة في ديوانه المطبوع ؛ قال ابن كثير : «هي افحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأديه المعنى» ، وقد ذكرها أكثر المؤرخين وإن زاد بعضهم منها ونقص آخر.

٢٢

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فأيده رب العباد بنصره

وأظهر دينا حقه غير باطل

ومن قوله لابنيه علي وجعفر :

إن عليا وجعفرا ثقتي

عند ملم الخطوب والكرب

لا تخذلا وانصرا ابن عمكما

أخي لأمي من بينهم ، وأبي

إلى غير ذلك. ومن مناقبه : انه أستسقى بعد وفاة ابيه عبد المطلب (١) فسقى وأم أبي طالب فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران (٢) بن مخزوم (٣) بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. وفاطمة هذه ايضا أم عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يشركهما في ولادتها غير الزبير بن عبد المطلب وقد انقرض الزبير ؛ وهذه فضيلة عظيمة إختص بها أبو طالب وولده دون باقي بني عبد المطلب. وأما نسبه : فهو ابن عبد المطلب واسمه شيبة ويقال : شيبة الحمد ، وقد قيل : إن اسمه عامر ، والصحيح الأول ، ويقال : سمّي شيبة لأنه ولد وفي رأسه شعرة بيضاء. ويكنى أبا الحارث ؛ ويلقب الفياض لجوده ؛ وإنما سمّي عبد المطلب لأن أباه هاشما مر بيثرب في بعض أسفاره فنزل على عمرو بن زيد ، وقيل زيد بن عمرو بن خداش بن امية بن لبيد بن غنم بن عدي بن النجار وراوي الأول يقول : عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج وهو المعتمد ، فرأى ابنته سلمى

__________________

(١) أنظر (السيرة الحلبية) ج ١ ص ١٣٨ و (تاريخ الحميس) ج ١ ص ٢٨٧.

(٢) أثبته الديار بكري في (تاريخ الخميس) ج ١ ص ١٨٠ (عمرو) وأما ابن هشام في (السيرة) وابن قتيبة في (المعارف) فأثبتاه كما هنا.

(٣) يوافقه على ذكر هذا النسب المحب الطبري في (ذخائر العقبى) ص ٥٥ وأما ابن هشام في السيرة فزاد (يقظة) بين مخزوم ومرة. م ص

٢٣

فخطبها اليه فزوجه إياها وشرط عليه أنها إذا حملت أتى بها لتلد في دار قومها وبني عليها هاشم بيثرب ومضى بها إلى مكة فلما أثقلت أتى بها إلى يثرب في السفرة التي مات فيها ، وذهب الى الشام فمات هناك بغزة من أرض الشام.

وولدت سلمى عبد المطلب وشب عند أمه فمر به رجل من بني الحارث بن عبد مناف وهو مع صبيان يتناضلون فرآه أجملهم وأحسنهم إصابة وكلما رمى فأصاب قال : أنا ابن هاشم ، سيد البطحاء ، فاعجب الرجل ما رأى منه ودنا اليه وقال : من أنت؟ قال : أنا شيبة بن هاشم ، أنا ابن سيد البطحاء بن عبد مناف. قال : بارك الله فيك وكثر فينا مثلك. قال : ومن أنت يا عم؟ قال : رجل من قومك. قال : حياك الله ومرحبا بك. وسأله عن أحواله وحاجته فرأى الرجل منه ما أعجبه فلما أتى مكة لم يبدأ بشيء حتى أتى المطلب بن عبد مناف فأصابه جالسا في الحجر فخلا به وأخبره خبر الغلام وما رأى منه فقال المطلب : والله لقد اغفلته. ثم ركب قلوصا ولحق بالمدينة وقصد محلة بنى النجار فاذا هو بالغلام في غلمان منهم فلما رآه عرفه وأناخ قلوصه وقصد اليه فأخبره بنسبه «بنفسه خ ل» وانه قد جاء للذهاب به ؛ فما كذب ان جلس على عجز الرحل وركب المطلب القلوص ومضى به ؛ وقيل : بل كانت امه قد علمت بمجيء المطلب ونازعته فيه فغلبها عليه ومضى به الى مكة وهو خلفه ، فلما رأته قريش قامت اليه وسلمت عليه وقالوا : من أين أقبلت؟ قال من يثرب. قالوا : ومن هذا الذي معك. قال : عبد ابتعته. فلما أتى محله اشترى له حلة ألبسه إياها وأتى به مجلس بني عبد مناف ، فقال : هذا ابن أخيكم هاشم. وأخبرهم خبره فغلب عليه المطلب لقول عمه إنه عبد ابتعته. وساد عبد المطلب قريشا وأذعنت له سائر العرب بالسيادة والرياسة وأخباره مشهورة مع أصحاب الفيل وفي حفر زمزم وفي سقياه حين استسقى مرتين مرة لقريش ومرة لقيس (١) الى غير ذلك من فضائله وأخباره

__________________

(١) انظر القصة في (السيرة الحلبية) ج ١ ص ١٣٣.

٢٤

وأشعاره تدل على أنه كان يعلم أن سبطه محمدا نبي (١) وهو ابن «هاشم». أخبار هاشم وعبد مناف وقصي واسمه عمرو ويقال له عمرو العلا ، ويكني ابا نضلة ، وإنما سمّي هاشما لهشمه الثريد للحاج وكانت اليه الوفادة والرفادة ؛ وهو الذي سن الرحلتين (رِحْلَةَ الشِّتاءِ) الى اليمن والعراق ، ورحلة الصيف الى الشام ، ومات بغزة من أرض الشام ؛ وفيه يقول مطرود بن كعب الخزاعي :

عمرو العلا هشم الثريد لقومه

ورجال مكة مسنتون عجاف

وكان هاشم يدعى القمر ويسمى زاد الركب وقد سمّي بهذا آخرون (٢) من قريش ايضا ، وهو ابن «عبد مناف» واسمه المغيرة ؛ وإنما سمته عبد مناف أمه ؛ ومناف اسم صنم كان مستقبل الركن الأسود ، وكان يدعى القمر لجماله ، ويدعى السيد لشرفه وسؤدده ، وهو ابن «قصي» واسمه زيد ، وانما سمّي قصيا لأن امه فاطمة بنت سعد بن شبل الازدية من أزد شنؤه ، تزوجت بعد أبيه كلاب بن ربيعة بن حزام بن سعد بن زيد القضاعي ، فمضى بها إلى قومه ، وكان زهرة بن كلاب كبيرا فتركته عند قومه وحملت زيدا معها لأنه كان فطيما فسمي قصيا ، لأنه أقصي عن داره وشب في حجر ربيعة بن حزام بن سعد لا يرى إلا أنه أبوه إلى أن كبر فتنازع مع بعض بنى عذرة فقال له العذري : الحق بقومك

__________________

(١) في (تاريخ الخميس) ج ١ ص ٢٧٠ و (السيرة الحلبية) ج ١ ص ١٢٩ كان عبد المطلب يخبر أهله وقومه بما يكون للنبي من ملك شامل ونبوة عامة فيقول حينما يجيء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليجلس على بساط عبد المطلب ويريد أعمامه أن ينحّوه : «دعوا ابني هذا إن له شأنا وإنه ليؤسس ملكا».

(٢) وهم ثلاثة مسافر بن أبي عمرو بن أمية ؛ وزمعة بن الأسود ابن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي ؛ وأبو أمية بن المغيرة بن عبد الله ابن عمرو بن مخزوم والد أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سموا بذلك لأنه لم يكن يتزود معهم أحد في سفر ، يطعمونه ويكفونه الزاد ويغنونه. م ص

٢٥

فانك لست منا! قال : وممن أنا؟ قال : سل أمك تخبرك. فسألها فقالت : والله أنت اكرم منهم نفسا ووالدا ونسبا ، أنت ابن كلاب بن مرة وقومك آل الله في حرمه وعند بيته ؛ فكره قصي المقام دون مكة فأشارت عليه أمه أن يقيم حتى يدخل الشهر الحرام ثم يخرج مع حجاج قضاعة ففعل.

ولما صار إلى مكة تزوج إلى حليل بن حبشة الخزاعي ابنته جي وكان حليل يلي أمر

الكعبة ؛ وعظم أمر قصي حتى استخلص البيت من خزاعة وحاربهم وأجلاهم عن الحرم وصارت اليه السدانه والرفادة والسقاية ، وجمع قبائل قريش وكانت متفرقة في البوادي فاسكنها الحرم ولذلك سمّي مجمعا قال الشاعر :

ابوكم قصي كان يدعى مجمعا

به جمع الله القبائل من فهر

وبنى دار الندوة ، وهي أول دار بنيت بمكة فلم يكن يعقد أمرا تجتمع فيه قريش إلا فيها ؛ فصار له مع السدانة والرفادة والسقاية النداوة واللواء وهو ابن «كلاب» وأسمه حكيم ، وانما سمّي كلابا لأنه كان يحب الصيد فجمع كلابا كثيرة يصطاد بها وكانت اذا مرت على قريش قالوا هذا كلاب بن مرة يعنون حكيما فغلبت عليه ، وفيه يقول الشاعر

حكيم بن مرة ساد الورى

ببذل النوال وكف الأذى

أباح العشيرة افضاله

وجنبها طارقات الردى

وهو ابن «مرة» بن «كعب» بن «لؤي» بن «غالب» بن «فهر» وهو في كثير من الأقوال جماع قريش فكل من ولده فهو قرشي وهو ابن (مالك) وهو جامع قريش في قول آخر ؛ وهو ابن «النضر» واسمه قيس ، وإنما سمّي النضر لوضاءته وجماله ؛ وهو جامع قريش في أصح الأقوال ، وانما سميت هذه القبيلة قريشا لتجمعها والتجمع والتقرش بمعنى واحد وقيل : لا بل لجمعها لانهم كانوا تجارا. وقيل : بل التقرش التفحص والتفتيش ، وكان النضر او ابنه مالك او فهر يتفحص عن الرجال المحتاجين والمضطرين ليعينهم ، وقيل : بل كان دليلهم الى الشام رجل

٢٦

منهم يقال له قريش بن يخلد ، وكانت قافلتهم إذا قدمت قيل قدم قريش ثم غلبت على القبيلة ؛ والقول الأشهر : أنهم سموا باسم دابة في البحر عظيمة لا تذر شيئا الا أتت عليه يسميها أهل الحجاز القرش وتصغر وذلك لشدة هذه القبيلة وشوكتها ، وفي ذلك يقول الشاعر (١) :

وقريش هي التي تسكن البحر

بها سميت قريش قريشا

سلطت بالعلو في لجة البحر

على ساكني البحور جيوشا

يأكل الغث والسمين ولا يترك

فيها لذي الجناحين ريشا

هكذا في الأنام حي قريش

يأكلون الأنام أكلا كشيشا

ولهم آخر الزمان نبي

يكثر القتل فيهم والخموشا

تملأ الأرض خيله برجال

يحشرون المطي حشرا كميشا

وهو ابن «كنانة» ويكنى أبا قيس ، وهو ابن «خزيمة» بن «مدركة» واسمه عمرو ؛ وإنما سمّي مدركة لأن إبلا لهم نفرت فتفرقت فذهب عمرو في إثرها فأدركها فسمّي مدركة : وصاد أخوه عامر أرنبا فطبخه فسمّي طابخة ، وانقمع أخوهما عمير في البيت فسمّي قمعة ، وخرجت أمهم خلف ابنيها تسعى فقال لها ابوهم : ما لك تخندفين؟ فسميت خندف ، والخندفة نوع من المشي وكان مدركة يكنى أبا الهذيل ، وقيل : أبا حزيمة. وهو ابن «الياس» بن «مضر» ويقال لعقبه : مضر الحمراء (٢) وربما قيل له ذلك أيضا ، بل هو الأصل في هذه التسمية ولها قصة عجيبة مشهورة تركناها خوف الاطالة ، وهو ابن «نزار»

__________________

(١) هو المشمرج الحميري كما في (تاج العروس) مادة قرش. م ص.

(٢) في (تاريخ الخميس) ج ١ ص ١٩٨ : الوجه فيه أن نزارا لما حضرته الوفاة قسم بين بنيه أمواله فأعطى مضرا القبة وكانت من أدم حمراء ، وفي (تاريخ اليعقوبي) ج ١ ص ٢٥٥ طبع ليدن أعطى مضرا ناقته الحمراء وما أشبهها من الحمرة.

٢٧

ابن (معد) بن (عدنان) اليه انتهى النبي صلوات الله وسلامه عليه في الانتساب ثم قال (ص) كذب النسابون. (١)

وفيما بعد عدنان وابراهيم عليه‌السلام اختلاف كثير ، وقد اشتهر فيما بين النساب : أنه ابن أد ابن ادد بن اليسع ابن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيذار بن اسماعيل بن ابراهيم. وروى الكلبي : أنه ابن ادد بن هميذع بن سلامان بن عوض بن ثور بن قوال بن أبيّ ابن العوام بن ناشد بن حذار بن تدلاس بن تدلاف بن صالح بن حاجم بن ناخش بن ماحي ابن عبقى بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن احمد بن سنتين بن تبرز بن بحرز بن محلس بن أرغون بن عبق بن ريسان بن عبصر بن اقتاد بن ابهامي بن مقصر بن ناحث بن رازخ بن شما ابن مزي بن عوض بن عرام بن قيذار. وعن بعض أهل الكتاب ان بورخ بن باريا كاتب أرميا قال : قال عدنان بن أدد بن هميذع بن هميسع بن سلامان بن عوض بن لواري بن شوخي بن نعماني بن كداني بن قلدساني بن يدلافي بن طهبي بن بحش بن معحاكي بن عاوني بن عافادي بن ابداعي بن همداني بن بشناني بن بتراني بن عراني بن ملحاني بن رعواني بن عاقاني بن ديشاني بن عاصاري بن ميادي ابن ثاماني بن مقصاري بن فاحث بن رازخ بن شما بن يزي بن صفا بن جعم بن قيذار.

وقد روي غير ذلك ، ففي هاتين الروايتين قد بلغ ما بين عدنان وابراهيم

__________________

(١) ولعل السر في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كذب النسابون كثرة وقوع الاضطراب في الاسماء بعد عدنان لما فيها من التخليط والتغيير في الالفاظ وعواصة تلك الأسماء ، لأن النسابين أخذوه من الكتب العبرانية مضافا الى قلة الفائدة في تحصيلها ، وقد روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان إذا انتهى الى معد بن عدنان أمسك وقال : كذب النسابون ، قال تعالى : «وقرونا بين ذلك كثيرا». وهذا هو السر في كثرة وقوع الاختلاف بين النسابين فيما بعد عدنان. م ص

٢٨

(على نبينا وعليه الصلاة والسلام) أربعين رجلا ، وفي الرواية الأولى تسعة رجال وربما روي ستة رجال الى أكثر من ذلك ، فربما وصل الى خمسة عشر وإلى عشرين ، ويشبه أن تكون الروايات التي دلت على ما قل عن الأربعين مختصرة أو مصنوعة ، فان بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين عدنان عشرين ابا وبضعا ، فروايات المقلين تقتضي أن يكون بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين ابراهيم عليه‌السلام أقل من أربعين أبا ، وبعضها يوجب أقل من ثلاثين ، وبين وفاة اسماعيل عليه‌السلام ومولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألفان وستمائة وبضع عشرة سنة ، وتناسق هذه الولادات في مقدار هذه المدة مستنكر فان أحالوا على طول الأعمار اعتبرنا من ضبط نسبه من بني اسرائيل وهم رؤوس رجالاتهم الذين تنتهي أنسابهم الى سليمان بن داود عليهما‌السلام ، فان تلك الأنساب محفوظة مدونه رواية وكتابة متواترا ، فقد وجدنا بين من لحق عصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منهم وبين ابراهيم عليه‌السلام بضعا وستين أبا ، وهذا الاعتبار يوجب أن يكون بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين ابراهيم عليه‌السلام هذا القدر او ما يقاربه لأن الطرافة والعقود ـ وإن كانا يتفقان بقدر العادة ـ فيهما مضبوطة ؛ وانما يقع مثل ذلك ايضا في الواحد من القبيلة وفي القبيلة من الأئمة كما وقع لعبد الصمد بن عبد الله بن عباس ، فانه ادرك أولاد الرشيد وهو هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، ومتى روي في نسب عدنان روايات يوجب بعضها اتفاق ولادات بني اسماعيل واسحاق وأوجبت الأخرى بعد التفاوت الخارج عن العادة ، فالموافق لا محاولة أولى بالتقديم ولعل الاختلاف الواقع في الأسماء الواقعة في الروايتين اللتين توجبان أن بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإبراهيم عليه‌السلام وبين عدنان أربعين ابا لاختلاف اللغتين ، ويقوي هذا ايضا اعتبارات اخر تركناها للاختصار.

٢٩

نسب إبراهيم الخليل عليه‌السلام

وأما نسب ابراهيم خليل الرحمن (على نبينا وعليه‌السلام) الى نوح «عليه‌السلام» ففيه ثلاث روايات أشهرها : أنه ابن «تارخ» بن ناحور بن شروغ بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد ابن سام بن نوح صاحب السفينة. ثم اختلف فيما بين نوح وآدم على نبينا وعليه‌السلام على خمسة أقوال أشهرها أنه نوح بن مشخد ابن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن اليارذ بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم (على نبينا وعليه‌السلام). فهذا ما أردنا ذكره في هذه المقدمة.

وقد كان أبو طالب أولد أربعة بنين طالبا وعقيلا وجعفرا وعليا رضوان الله عليهم أجمعين ، وكان كل منهم أكبر من الآخر بعشر سنين فيكون طالب أسن من علي بثلاثين سنة ، وبه كان يكنى أبوه ، وأمهم أجمع فاطمة بنت أسد ابن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وكانت جليلة القدر كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوها امي ، ولما توفيت صلى عليها ودخل قبرها وترحم عليها. أما طالب فأكرهته قريش على الخروج الى بدر ففقد فلم يعرف له خبر ويقال أنه اكره فرسه بالبحر حتى اغرق وهو القائل حين أخرجته قريش كرها :

يا رب إما خرجوا بطالب

في مقنب من هذه المقانب

فليكن المطلوب غير الطالب

والرجل المغلوب غير الغالب

الى آخره ، وليس لطالب عقب ولكل من إخوته عقب متصل ذكرناه في أصل فصارت الأصول ثلاثة :

٣٠

الأصل الأول

في ذكر عقب عقيل بن أبي طالب ويكنى أبا يزيد ، وكان أبو طالب يحبه حبا شديدا ولذا قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني لأحبك حبين حبا لك ؛ وحبا لحب أبي طالب (١) وكان عقيل نسابة عالما بأنساب العرب وقريش ، وكان أعور يكاد يخفى ذلك على متأمله ، وخرج الى بدر فأسر وفداه عمه العباس ، وفارق أخاه عليا أمير المؤمنين في أيام خلافته وهرب إلى معاوية وشهد صفين معه غير أنه لم يقاتل ولم يترك نصح أخيه والتعصب له. فروي أن معاوية قال يوم صفين :

__________________

(١) ولد عقيل بعد ولادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعشر سنين ، وكان أكبر من علي بعشرين سنة ومن جعفر بعشر سنين وأصغر من طالب بعشر سنين ، ولقد أهمل أكثر المؤرخين إسلامه وأرخه ابن حجر في (الإصابة) بما بعد الحديبية. ولا بدع إن أهملوا مثله وقد طعنوا في أبيه من قبل ، ونحن إذا قرأنا في (تاريخ الطبري) ج ٢ ص ٢٨٢ قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : «إني قد عرفت رجالا من بني هاشم قد خرجوا الى بدر كرها فمن لقي منكم أحدا منهم فلا يقتله» يمكننا أن نستفيد إيمان عقيل بالنبوة قبل الهجرة غير أن سياسته قريشا اضطرته الى التستر والاستخفاء ، كيف لا وهو يشاهد أباه وأمه وأخوته مصدقين بالنبوة خاضعين للدعوة الآلهية وهم أعضاد الحنيفية البيضاء وحضنة الدين المبين ، فلم يكن الغصن الباسق من ذلك الدوح اليانع بدعا من أصله الكريم ، ولا حائدا عن خطة رجالات بيته الرفيع ، ولو تنازلنا عن ذلك لدلنا ابن قتيبة في (المعارف) ص ٦٨ على اسلامه يوم بدر بامر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. توفي سنة ٦٠ من الهجرة. م ص.

٣١

نبالي وأبو يزيد معنا. فقال عقيل : وقد كنت معكم يوم بدر فلم أغن عنكم من الله شيئا وكان عقيل حاضر الجواب وله في ذلك أخبار كثيرة وأضر في آخر عمره.

«والعقب» منه ليس إلا في محمد بن عقيل ، فأما مسلم بن عقيل قتيل الكوفة فمنقرض. «والعقب» من محمد بن عقيل في رجل واحد وهو أبو محمد عبد الله (١) كان فقيها محدثا جليلا وأمه زينب الصغرى بنت أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وأمها أم ولد ، وكان لمحمد ابن عقيل ولدان آخران هما القاسم وعبد الرحمن أعقبا ثم انقرضا. «وأعقب» عبد الله بن محمد من رجلين محمد ، وأمه حميدة بنت مسلم بن عقيل ، وأمها أم كلثوم بنت علي بن ابي طالب عليه‌السلام مسلم أمه أم ولد. «أما» محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل فأعقب من خمسة رجال القاسم وعقيل وعلي وطاهر وابراهيم. «أما» القاسم بن محمد فكان عالما فاضلا ويقال له القاسم الجيزي «وأعقب» من ولديه عبد الرحمن بن القاسم وعقيل بن القاسم «فمن» ولد عبد الرحمن بن القاسم محمد المرقوع بن عبد الرحمن ، له عقب يقال لهم بنو المرقوع بطبرستان. «وأما» عقيل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وكان صاحب حديث ثقة جليلا فولد القاسم وأحمد وعبد الله ومسلما «فولد» القاسم بن عقيل بن محمد محمدا ابن الأنصارية كان له أربعة ذكور منهم على بن محمد القاسم بن عقيل بن محمد ، يقال له ابن القرشية (أعقب) بمصر ولدين أحدهما أبو عبدالله الحسين كان صبياً عفيفاً وخلف أربعة ذكور والآخر أبو الحسن محمد ترك ولداً بمصر اسمه عبدالله ويكنى أبا الحسين مات بها سنة احدى وأربعين وثلاثمائة.

__________________

(١) جزم الترمذي في جامعه بصدقه ووثاقته لذا خرّج حديثه ، كما احتج به أحمد بن حنبل واسحاق والحميدي والبخاري وابو داود وابن ماجة القزويني كما عن (تهذيب التهذيب) ج ٦ ص ١٥ وعده الشيخ الطوسي من رجال الامام الصادق عليه‌السلام وأصحابه ، وكفاه فضلا وتقدما ، توفي بعد سنة ١٤٠ هـ. م ص

٣٢

كان له أربعة ذكور.

منهم علي بن محمد بن القاسم بن عقيل بن محمد ، يقال له ابن القرشيه «أعقب» بمصر ولدين أحدهما أبو عبد الله الحسين كان صبيا عفيفا وخلف أربعة ذكور والآخر أبو الحسن محمد ترك ولدا بمصر اسمه عبد الله ويكنى أبا الحسين. مات بها سنة احدى وأربعين وثلاثمائة.

«ومن» ولد احمد بن عقيل بن محمد ، محمد وجعفر إبنا عبد الله بن جعفر بن احمد بن عقيل المذكور كانا باليمن «وولد» عبد الله بن عقيل بن محمد إبنا وكان نسابة ويكنى أبا جعفر «ولد» خمسة ذكور وهم علي ومحمد والحسن وأحمد وعقيل «أما» الثلاثة الأول فلم يذكر لهم عقب وعسى هم درجوا أو انقرضوا «وخلف» أحمد بن عبد الله بن عقيل وكان نسابة ايضا بنصيبين ـ ثلاثة ذكور عليا وحسينا وابراهيم «وأما» عقيل بن عبد الله بن عقيل ؛ وكان نسابة مشجرا فاضلا يكنى أبا القاسم «فولد» ولدين أحدهما محمد وقع الى قم والآخر عبد الله الاصفهاني كان له ولدان أحدهما القاسم ؛ ويكنى أبا أحمد مات بفسا (١) عن ولدين هما محمد وعبد الله ابنا القاسم بن عبد الله الاصفهاني ، والآخر أبو محمد جعفر العالم النسابة شيخ شبل بن تكين النسابة ، مات سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، وله عقب كانوا بحلب وبيروت ومصر.

«وولد» مسلم بن عقيل بن محمد ، محمدا كان أمير المدينة ويعرف بابن المزنية ، قتله ابن أبي الساج «وله عقب» منهم أبو القاسم مسلم بن أحمد بن محمد أمير المدينة المذكور ، كان متأدبا حسن الصورة ، مات سنة ثلاثين وثلاثمائة وله عقب. «وأما» علي بن محمد بن عبد الله فأعقب من عبد الله والحسن لهما عقب. «وأما» طاهر بن محمد بن عبد الله فأعقب من محمد وعلي كان لهما اولاد بمصر. «وأما» ابراهيم بن

__________________

(١) فسا بالفتح والقصر مدينة بفارس بينها وبين شيراز أربع مراحل. (مراصد الاطلاع).

٣٣

محمد بن عبد الله فكان له عقب بفارس.«وأما» مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب فأعقب من ثلاثة رجال عبد الرحمن ومحمد وعبد الله ، يعرف بابن الجمحية ، وقد كان سليمان بن مسلم أعقب أيضا ولكنه انقرض «فمن ولده» عبد الرحمن بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن جعفر بن عبد الرحمن بن مسلم المذكور ، وقع الى طبرستان «ومنهم» أبوالعباس أحمد بن محمد بن ابراهيم ابن عبد الرحمن بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عمّر مائة سنة ومات عن ولد اسمه علي ويكني أبا القاسم. «ومن» ولد محمد بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل عبد الله بن الحسين بن محمد ابن مسلم كانت له بقية بالكوفة. «ومن» ولد عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، الأمير همام بن جعفر بن اسماعيل بن احمد بن عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، كان له بقية بنصيبين يقال لهم بنو همام.

«ومن» بني عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد ، ابراهيم الملقب دخنة بن عبد الله بن مسلم المذكور ، له أعقاب «منهم» بنو الغلق وهو ابراهيم بن علي بن ابراهيم دخنة ، كانوا بنصيبين ، وقد قال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد العلوي العمري النسابة أن شيخ الشرف العبيدلي النسابة ذكر في ابراهيم دخنة غمزا ولم يثبته. «ومنهم» عيسى الأوقص ، وسليمان ابنا عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد لهما عقب «منهم» محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن احمد بن سليمان بن عبد الله بن مسلم يلقب بقمرية. مات بمصر عن ولد ، وكذا أخوه عقيل بن علي بن محمد ، كان له ولد بمصر. «ومنهم» الحسن بن عقيل بن محمد بن الحسين بن احمد بن سليمان المذكور له بقية بالمدينة.«ومنهم» يحيى بن الحسين بن احمد بن سليمان المذكور كان له أيضا بقية بالمدينة.«ومنهم» عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن مسلم له بقية بالكوفة يقال لهم بنو جعفر كانت منهم فاطمة النائحة بالحلة معروفة ببنت الهريش ، رآها شيخي النقيب تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معية الحسني النسابة رحمه‌الله «ومن» بني

٣٤

عيسى الأوقص بن عبد الله بن مسلم العباس بن عيسى الأوقص ، ولي القضاء للداعي الكبير الحسن بن زيد الحسني على جرجان ؛ وكان قد أولد بكرمان ، قال الشيخ العمري ومن بني الأوقص قوم بطبرستان وخراسان ؛ وهذا آخر ولد عقيل بن أبي طالب وهم قليلون.

الاصل الثاني

في ذكر عقب جعفر بن أبي طالب وكان جعفر يكنى أبا عبد الله ، وأبا المساكين لرأفته عليهم وإحسانه اليهم ؛ وكان قد هاجر إلى الحبشة فيمن هاجر اليها ورجع منها فوصل الى رسول الله يوم فتح خيبر فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : ما أدري بأيهما أنا أشدّ فرحا بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟. ولهذا يقال لجعفر ذو الهجرتين يعنى هجرة الحبشة وهجرة المدينة. ولما جهز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه الى مؤتة من أرض الشام أمّر عليهم زيد بن حارثة فان قتل فجعفر بن أبى طالب (١) فان قتل فعبد الله بن رواحة فاستشهد الثلاثة الأمراء ، ولما رأى جعفر الحرب قد اشتدت والرّوم قد غلبت اقتحم عن فرس له أشقر ثم عقره ، وهو أول من عقر في الاسلام وقاتل حتى قطعت يده اليمنى فأخذ الراية بيده اليسرى وقاتل الى ان قطعت اليسرى ايضا فاعتنق الراية وضمها الى صدره حتى قتل ، ووجد به نيف وسبعون وقيل نيف وثمانون ما بين طعنة وضربة ورمية ، ورأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مصرعه ومصرع أصحابه ، وقال : «زارني جعفر في نفر من

__________________

(١) ينافيه جلالة جعفر وحزمه وإصابته في الرأي وبسالته ومثله لا يتقدم عليه أحد ؛ ويشهد لتقديمه في الامارة في هذه الغزوة دون غيره ما في (تاريخ اليعقوبي) ج ٢ ص ٦٦ طبع ليدن سنة ١٨٨٣ م كان جعفر هو المقدم ثم زيد ثم عبد الله بن رواحة. م ص

٣٥

الملائكة له جناحان يطير بهما». ولهذا يقال لجعفر ذو الجناحين والطيار في الجنة. وكان مقتله سنة ثمان من الجهرة ، وقيل سنة سبع ؛ وحزن عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حزنا شديدا ودفن جعفر وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة في قبر واحد وعمي القبر. أولد جعفر بن أبي طالب ثمانية بنين وهم عبد الله وعون ومحمد الاكبر ومحمد الأصغر وحميد وحسين وعبد الله الأصغر وعبد الله الأكبر وأمهم أجمع أسماء بنت عميس الخثعمية «أما محمد» الأكبر فقتل مع عمه أمير المؤمنين علي عليه‌السلام بصفين ؛ وأما عون ومحمد الأصغر فقتلا مع ابن عمهما الحسين عليه‌السلام يوم الطف ، وأما عبد الله الأكبر فهو أبو جعفر الجواد أحد أجواد بني هاشم الأربعة وهم الحسن والحسين وعبد الله بن العباس وهو الرابع ، ولم يبايع رسول الله طفلا غيره وغير ابني بنته الحسن والحسين وعبد الله بن العباس ، وعاش تسعين سنة وقيل غير ذلك. وروي عنه أنه قال : اتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنعي أبينا جعفر فدخل علينا وقال لأمنا أسماء بنت عميس أين بنو أخي؟ فدعانا وأجلسنا بين يديه وذرفت عيناه فقالت أسماء : هل بلغك يا رسول الله عن جعفر شيء؟ قال : نعم استشهد رحمه‌الله. فبكت وولولت وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان بعد ثلاثة أيام دخل علينا صلوات الله عليه ودعانا فأجلسنا بين يديه كأننا أفراخ وقال : لا تبكين على أخي ـ يعني جعفرا ـ بعد اليوم ـ ثم دعا بالحلاق فحلق رؤوسنا وعقّ عنا ثم أخذ بيد محمد ، وقال : هذا شبيه عمنا أبي طالب ، وقال لعون : هذا شبيه أبيه خلقا وخلقا. وأخذ بيدي فشالهما ، وقال : اللهم احفظ جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقته. فجاءته أمنا تبكي وتذكر يتمنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟ «وأعقب» من ولد جعفر بن أبي طالب محمد الاكبر ولد عبد الله والقاسم وبنات «فولد» القاسم بنتا أمها بنت عمه عبد الله بن جعفر وأمها زينب بنت علي بن ابي طالب وأمها فاطمة بنت رسول الله وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن عبد مناف. خرجت

٣٦

ابنة القاسم بن محمد بن جعفر المذكور الى طلحة بن عمر بن عبد الله بن معمر التيمي فولدت له ابراهيم بن طلحة كان يقال له : ابن الخمس يعنون أمهاته الخمس المذكورات. وولد عون بن جعفر بن أبي طالب شهيد الطف ابنا اسمه مساور له ذيل لم يطل وانقرض محمد الأكبر وعون ، ودرج الخمسة الأخر أعني أولاد جعفر ما عدا عبد الله الأكبر. والعقب من جعفر الطيار في عبد الله الأكبر الجواد وحده ليس له عقب إلا منه ، وكان عبد الله قد ولد (١) بأرض الحبشة ؛ وله في الجود أخبار كثيرة تركناها حذر التطويل ، ويروي أنه ليم في جوده فقال :

لست أخشى قلة العدم

ما اتقيت الله في كرمي

__________________

(١) كانت ولادته بعد النبوة بثلاث سنين وكان عمره يوم هجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة عشر سنين ، ومات سنة ٨٠ عن تسعين سنة ودفن بالمدينة او بالأبواء واشتهر بالجود حتى لقب بقطب السخاء ، وأنما كثر خيره واتسع ماله بدعاء النبي له يوم رآه يساوم بشاة فقال : «اللهم بارك له في صفقته». ولازم عمه عليا عليه‌السلام فاستفاد منه علما وتبصرا في دقائق الأمور فحضر معه صفين وعقد له يوم الجمل على عشرة آلاف ؛ وحظى بعده باماميه الحسن والحسين عليهما‌السلام وكم مرة استماله معاوية فما وجد إلا رجلا صلب الايمان عارفا بالحق والهدى مائلا عن سفاسف الملحدين فكثرت فيه القالة وتوسع أتباع الهوى في الحط من قدره بأحاديث لا نصيب لها من الحقيقة ، ويكفينا في القناعة بذلك ما يحدثه ابن الأثير في (الكامل) في حوادث سنة ٦٠ ج ٤ ص ٣٧ من قوله لغلامه لما ورد نعي ابنيه وقال هذا ما لقينا من الحسين فخذفه بالنعل وقال له : «يابن اللخناء أتقول هذا للحسين؟ والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه والله إنه لمما يسخى بنفسي عنهما ويهون عليّ المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه وإن لم تكن آست الحسين يدي فقد آساه ولدي». وكان تأخره عن حضور الطف ذهاب بصره. م ص

٣٧

كلما أنفقت يخلفه

لي رب واسع النعم

ومات عبد الله بالمدينة سنة ثمانين وصلى عليه ابان بن عثمان بن عفان ودفن بالبقيع وقيل : مات بالأبواء سنة تسعين وصلى عليه سليمان بن عبد الملك أيام خلافته ودفن بالأبواء. وقال شيخنا أبو الحسن العمري ؛ مات عبد الله في زمان عبد الملك بن مروان وله تسعون سنة ، «فولد» عبد الله عشرين ذكرا وقيل أربعة وعشرين منهم معاوية بن عبد الله كان وصي أبيه وإنما سمّي معاوية لأن معاوية بن أبي سفيان طلب منه ذلك فبذل له مائة ألف درهم ، وقيل ألف ألف «ومنهم» علي الزينبي أمه زينب بنت علي بن ابي طالب عليه‌السلام وأمها فاطمة بنت رسول الله «ومنهم» اسحاق العريضي أمه أم ولد «ومنهم» اسماعيل الزاهد قتيل بني أمية ، وهؤلاء الأربعة هم المعقبون من ولد عبد الله بن جعفر.«أما» معاوية بن عبد الله الجواد فأعقب من عبد الله بن معاوية الشاعر الفارس ؛ وكان قد ظهر سنة خمس وعشرين ومائة في أيام مروان الحمار ودعا الى نفسه وبايعه الناس وعظم أمره واتسعت مقدرته وملك الجبل بأسره ؛ وكان أبو جعفر المنصور الدوانيقي عامله على أبذج وبقي على حاله الى سنة تسع وعشرين ومائة فاوقع عليه أبو مسلم المروزي الحيل حتى أخذه وحبسه بهرات ولم يزل محبوسا الى السنة ثلاث وثمانين ومائة ؛ وقبره بهرات في المشرق يزار الى الآن ، رأيت قبره سنة ست وسبعون وسبعمائة وكان لمعاوية محمد ويزيد وعلي وصالح ايضا ؛ فمن ولد صالح بن معاوية ابن الجواد (١) ومن ولد علي بن معاوية (٢) وقد نص الشيخ أبو الحسن العمري وشيخه شيخ الشرف العبيدلي على انقراض معاوية بن عبد الله بن الجواد بن جعفر بن أبي طالب وأنه لم يبق له بقية. وقال الشيخ أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طباطبا الحسني : بل له بقية من ولده باصفهان وغيرها من الجبال. قال : ورأيت

__________________

(١) كذا في الاصل وفي العبارة نقص.

(٢) كذا في الأصل وفي العبارة نقص. م ص

٣٨

مع الصوفية رجلا صوفيا من أهل اصفهان له ذؤابتان يذكر أنه من ولد محمد بن صالح بن معاوية بن عبد الله الجواد ولم يتسع لي الزمان في مسألته عن سلفه وما بقي من قومه وأهل بيته. هذا كلامه والعجب منه كيف يرد كلام شيخ الشرف بحكاية رجل ذكر أنه من ولد محمد بن صالح بن معاوية. فأما الآن فالظاهر أنه لم يبق منهم أحد : فقد نص على انقراض معاوية النقيب تاج الدين محمد بن معية الحسني وغيره من النسابين المتأخرين «وأما» اسماعيل (١) بن عبد الله بن جعفر فمن ولده عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن اسماعيل المذكور ؛ وهو الشاعر الملقب بكلب الجنة. وعقب اسماعيل بن عبد الله الجواد قليل جدا. قال أبو عبد الله بن طباطبا : له بقية بجرجان. وقال الشيخ العمري : لم يبق من أولاد اسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار اليوم الا امرأة صوفية ببغداد أمها بنت النبطية المغنية وابوها ابو الحسين بن عبد الوهاب بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار ، اذا ماتت انقرض ولد اسماعيل من العراق. وقد نص النقيب تاج الدين رحمه‌الله

__________________

(١) اسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب كان من ثقات التابعين عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام قتل سنة ١٤٥ وقد قارب التسعين ، كما ذكره ابن حجر في (التقريب) ومن الغريب ما ذكره في الكتاب آنفا من أن اسماعيل هذا قتيل بن أمية ومن العلوم انقراض بني امية يومئذ واستظهر العلامة المامقاني في (تنقيح المقال) أن في العبارة تصحيف (بني أخيه) ببني أمية لأنه قتله بنو أخيه معاوية بن عبد الله بن جعفر لما أبى أن يبايع محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى فانهم دخلوا عليه في الحبس ووطئوه حتى قتلوه ، ثم أطلق الامام الصادق عليه‌السلام من الحبس وكان محبوسا معه ؛ انظر القصد بطولها في (أصول الكافي) للكليني في باب ما يفصل به بين المحق والمبطل في أمر الامامة. م ص

٣٩

على انقراض اسماعيل «فعقب» عبد الله الجواد الباقي من اثنين علي الزينبي وإسحاق العريضي لا عقب له من غيرهما «والعقب» من اسحاق العريضي بن الجواد ونسبته الى العريض وهو موضع بقرب المدينة وله ذيل إلى الآن ـ من ثلاثة رجال محمد وجعفر والقاسم الأمير باليمن الجليل. أمه أم حكيم بنت القاسم الفقيه بن محمد بن أبي بكر فهو ابن خالة الامام جعفر الصادق عليه‌السلام وفي ولده البقية من بني العريضي وانقرض أخواه محمد وجعفر. «اعقب» القاسم الأمير من سبعة رجال جعفر واسحاق وعبد الرحمن وعبد الله وأحمد وزيد وحمزة «أما» جعفر بن القاسم الأمير بن العريضي فأعقب من ولده محمد وفيه العدد. واسحاق والقاسم. وعن أبي نصر سهل البخاري وعبد الله «فالعقب» من محمد بن جعفر ابن القاسم الأمير في ابراهيم والحسن وعلي. «أما» ابراهيم بن محمد فقال شيخ الشرف أبو الحسن محمد بن محمد العبيدلي رحمه‌الله : أعقب من ولده القاسم بن ابراهيم قال أبو عبد الله بن طباطبا : وهو سهو إنما عقبه من عيسى ويحيى وأحمد والقاسم الذي ذكره شيخ الشرف هو ابن عيسى بن ابراهيم من ولده نقيب البطيحة أيام الأمير عمران بن شاهين ، وهو أبو علي عيسى بن يحيى بن القاسم ابن عيسى بن ابراهيم أسود عاقل فيه خير ، هذا كلام ابن طباطبا ، ولكن الشيخ العمري موافق لشيخ الشرف فانه قال : أبو علي عيسى بن يحيى بن القاسم بن ابراهيم بن محمد وقال : هو نقيب عمان كان أسود الجلد فاضلا ولعل هذا الشريف تولى نقابة الموضعين أعني البطيحة وعمان إحداهما بعد الأخرى. «ومنهم» موهوب بن عبد الله بن عباس بن عيسى له ولد بالحجاز «ومنهم» الحسن بن عيسى بن ابراهيم له عقب. وأما يحيى بن محمد بن جعفر بن القاسم الأمير فله عقب من ابنه جعفر كانوا ببخارى «وأما» أحمد بن ابراهيم بن محمد فله عدة أولاد «وأما» الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم الأمير فأعقب من ولده محمد بوادي القرى وعبد الله ببخارى ، له بقية عقب من ابنه إسماعيل بن عبد الله. «وأما» عبد الله

٤٠