عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب

السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسني [ ابن عنبة ]

عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسني [ ابن عنبة ]


الموضوع : التراجم
الناشر: منشورات الشريف الرضي
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٨

١

كلمة المصحح

عرف الوجيه محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدرية في النجف الأشرف بحرصه الشديد على نشر آثار السلف الصالح من أساطين الدين وعلماء المسلمين ، فقد نشر كثيرا من نفائس المؤلفات ومهام الاسفار مما لم يطبع بالمرة أو طبع وندر وجوده ، وقد أسدى بذلك خدمة كبيرة للمكتبة العربية عامة والهيئة في النجف خاصة ، إذ لولا اهتمامه باحيائها ونشرها لضاعت كما ضاعت مآت الكتب من قبل.

ولا يزال هذا الرجل النشط مجدا في نشر الآثار الجليلة على نفقته الخاصة مع قلة المساعدين وندرة المشجعين ، والذي ألاحظه ويلاحظه كل من له صلة أو معرفة به ان كل المثبطات لم تستطع أن تضعف همته أو تقف حاجزا دون رغبته الجامحة وروح التضحية عنده ، فالكتاب العراقي مظلوم في بلاده ظلامة ليس لها نظير في بابها ، والعراق على العموم بلد عقوق ونكران جميل ، ومثل هذه الأمور تصدم الانسان عادة وتقلل من رغبته في الخدمة ، اما الذين يعملون رغم كل ذلك ويضحون بكل غال ورخيص في سبيل الخدمة باخلاص ، قانعين برضا ضمائرهم ، ومكتفين بما تسجله لهم الأجيال القادمة ويخطه التاريخ في صفحاته فهم قليلون جدا ولا يتجاوزون عدد الأصابع كثيرا.

ولا أراني مبالغا لو قلت بأن صاحب المطبعة الحيدرية من أولئك الافراد القلائل ، فهو وإن كان تاجرا يعمل ليربح الا أنه لم يكن ليحصر عمله ويجند

٢

نفسه وامكانياته في هذا النوع من التجارة لو لم يكن صاحب معرفة وشعوروعقيدة ، والا فما أكثر التجار والأثرياء في هذه المدينة. ولماذا لا نراهم يفكرون فيما يفكر به أو يعملون شيئا مما عمل؟!.

لقد سبق لي وأن أشرت إلى جهود الأخ محمد كاظم في هذا الميدان في بعض أعداد مجلتي (المعارف) وقلت بأن ما قامت بنشره مكتبته قد ناف على ١٥٠ كتاب بين صغير وكبير. وفى خلال ثلاث سنوات مضت قام بطبع مجموعة مهمة من كتب التاريخ والأدب. أذكر منها (مناقب آل أبي طالب) لابن شهرآشوب في ثلاث مجلدات ضخام. و (الكنى والألقاب) للشيخ عباس القمي في ثلاث مجلدات ضخام أيضا ، و (تاريخ الكوفة) للسيد حسين البراقي و (تنزيه الأنبياء) للسيد المرتضى و (الفهرست) للشيخ الطوسي ، و (النور المبين) للسيد نعمة الله الجزائري. و (الأرض والتربة الحسينية) للامام كاشف الغطاء ولديه تحت الطبع كتب قد أشرفت على التمام.

وهذا الكتاب (عمدة الطالب) من أهم وأوثق ما في أيدينا من كتب النسب وكان قد طبع في الهند طبعات رديئة شوهها الغلط والسقط. وقد اهتم به فأخرجه عام ١٣٨٥ هـ فجاء روعة في فنه واخراجه وضبطه. ومنذ سنوات عزت نسخه وندر وجودها في الأسواق فبادر إلى إعادة طبعه من جديد رغبة في تيسيره للباحثين وجعله في متناول أيدي أهله.

وقد رغب إلى الأخ الكريم في الوقوف على تصحيحه فعز على أن لا أنزل عند رغبته رغم ما أنا فيه من زحمة الأعمال وتراكمها كما يعرفه جيدا. فأعمالي موزعة على مطبعته ومطبعة أخرى في النجف غير الاشغال الأخرى التي تستأثر بكثير من وقتي وراحتي وإذا كان هناك ما يستحق أن نصرف عليه الوقت ونضحي براحتنا من أجله فهو هذا العمل وأمثاله مما يخلد ذكره ويبقى

٣

أثره مدى الزمن ، وما عداه فتضييع للوقت وخسارة لا يمكن التعويض عنها بشئ.

وبعد فإنه ليسرني بل يشرفني أن أوفق إلى اكمال هذا الكتاب وأن لا يحدث لي ما يعيقني عن ذلك وغيره من أعمال الخير ، فما ندري ما تخبئه لنا الاقدار وتجرنا إليه الظروف ، والله المسؤول أن يصوننا من المكاره ويوفقنا إلى ما فيه رضاه انه نعم المجيب.

ملاحظة :

ان كل ما يجده القارئ من التعليقات والفوائد في هوامش الكتاب بتوقيع (م ص) فهو لمصحح الطبعة الأولى في النجف ، وهو سماحة العلامة الكبير السيد محمد صادق آل بحر العلوم حفظه الله. ولذلك اقتضى التنبيه.

محمد حسن آل الطالقاني

صاحب مجلة (المعارف)

٤

مقدمة الكتاب

بقلم علامة كبير

تمهيد في أهمية النسب:

النسب أساس الشرف ، وجذم الفضيلة ؛ ومناط الفخر ؛ ومرتكز لواء العظمة ومنبثق روائها ، وبه يعرف الصميم من اللصيق ، والمفتعل من العريق فيذاد عن حوزة الخطر من ليس له بكفؤ ، ويزوي عن حومته من أقصته الرذائل. جاءت الحنيفية البيضاء باكرام الشريف ، وتحري المنابت الكريمة في الزواج وأداء حق الرسالة بالمودة في القربى ، الى غيرها من الأحكام ، وكلها منوطة بمعرفة الأنساب.

النسب مجلبة للعز ، ومدعاة للقوة ، فمتى عرفت أفراد من البشر أو قبائل منهم أنه تلفهم جامعة النسب فان قلب كل منهم يحن للآخر ؛ ونفسه تنزع للاحتكاك به والتزلف اليه ؛ وإدنائه منه والاخذ بناصره ، والقيام بصالحه ودفع الضيم عنه وسد إعوازه ؛ ولا تدور هذه الهاجسة في خلد أي منهم إلا ويجد مثلها من صاحبه ، قضية الجبلة البشرية ، وقد أكد ذلك دين الإسلام فأمر بصلة الأرحام ووعد لها المثوبات الجزيلة ، وتوعد على قطعها لئلا تتخاذل الأيدي وتتدابر النفوس فيفشل الإنسان في حاجياته ورقيه ، ويفشل في مؤنه واقتصاده ويفشل في علمه وأدبه ، ويفشل في دنياه وآخرته ، وهل تعرف الأرحام الموصولة إلا بمعرفة القبائل والأفخاذ والفصائل التي هي موضوع علم النسب؟ وقد أمر سبحانه نبيه الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله في بدء بعثته أن ينذر عشيرته

٥

الأقربين ليكونوا ردءا له على دعوته وحصنا عن عادية العتاة من قومه ؛ ومن ذلك قول المردة من قوم شعيب عليه‌السلام يوم عتوا عن أمره : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) ـ كما حكاه عنهم القرآن الكريم ـ ففي متشج الأواصر مناخ العزة ومرتبض الشوكة ومأوى الهيبة. قال الإمام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في وصيته لابنه الإمام الحسن عليه‌السلام : «أكرم عشيرتك فانهم جناحك الذي به تطير وأصلك الذي اليه تصير ؛ ويدك التي بها تصول ؛ ولا يستغني الرجل عن عشيرته وإن كان ذا مال ، فانه يحتاج الى دفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم ، وهي أعظم الناس حيطة من ورائه وألمهم لشعثه ، وأعظمهم عليه إن نزلت به نازلة أو حلت به مصيبة ، ومن يقبض يده عن عشيرته فانما يقبض عنهم يدا واحدة وتقبض عنه أيد كثيرة».

وفي مشتبك الأنساب سر من أسرار التكوين نوه به القرآن الكريم بقوله عز من قائل : «وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا» ، فما هذا التعارف؟ فهل يريد أنهم يتعارفون فيما بينهم فيعرف كل فرد أنه تجمعه وأفراد القبيلة واشجة نسب فيوجب كل على نفسه النهوض بما عليه من رعاية حقوق العشيرة من التعاضد والمناصرة؟ أو أنه يعرف كل من القبائل القبيلة الأخرى فيرعى النواميس الثابتة بين العشائر ، ويتحامى عن الجور على أي من أفرادها والبخس لحقه بما هما من جزئيات هاتيك النواميس ، او حذار بادرة القبيلة المضامة او المضام فرد منها وفي كل من الوجهين قوام العظمة ؛ واستقرار الأبهة ؛ وجمام النفوس ؛ ولا بأس بأن يراد كل منهما فتكون الآية من جوامع الكلم والقرآن كله جوامع الكلم.

إن في معرفة النسب مندفعا الى مكارم الأخلاق كما أن فيها مزدجرا عن الملكات الرذيلة فمتى عرف الإنسان في أصله شرفا ، وفي عوده صلابة ؛ وفي منبته طيبا ـ ولا أقل من أن يحسب هو في نفسه خطرا باتصال نسبه الى أصل

٦

معلوم ـ فانه يأنف عن تعاطي دنايا الامور وارتكاب الرذائل حيطة على سمعته من التشويه وحذرا على ذكره من شية العار ، وتنزيلها لسلفه من سوء الاحدوثة وربما حاذر لائمة الغير له بعدم ملائمة ما يقترفه شرف الاصل ومنعة النسب او تنديد حامته له بألصاقه النقص والعيب بهم باجتراحه السيئات وربما كاشفوه على منعه عن المخازي. وهذا الإمام السبط الحسين عليه‌السلام يوبخ زبانية الالحاد بقوله : «يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا الى أحسابكم إن كنتم أعرابا» فقد أنكر الامام عليه‌السلام عليهم أن يكون ما ارتكبوه من خطتهم الخشناء وركبوه من الطريق الوعر وأبدوه من النفسيات القاسية من شناشن ذوي الأحساب ، أو مشابها لما يؤثر من صفات العرب من النخوة والشهامة وحماية الجار والدفاع عن النزيل والاحتفاء بالشرفاء والاحتفال بأمرهم ورعاية الحرمات وحفظ العهود وخفر الذمم ؛ وأمرهم بالرجوع الى أحسابهم والسير على ما يلائم خطر أنسابهم ولكن هل وجد داعية الشرف لقيله مجيبا أو لهتافه واعيا؟ لا ، لأنّه لم يكن بين القوم شريف قط فمن خليفة للعواهر ، ومن أمير للموسمات ، ومن قائد للبغايا وتحت الرايات كل ابن خنا وحلف الشهوات ألقح الفجور منابتهم بمائه الآسن وحملت البغيات منهم كل ابن جماعة ، ولو لا ذلك لما حبذوا قطيعة رحم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، تلك القطيعة الممقوتة التي لم يسبق بمثليها أشقى الأولين ولا لحقهم الى شرواها أشقى الآخرين ، قاحتقبوها خزيا سرمدا وجنوا ثمرة غراسهم عذابا أبدا.

وجاء في فقه الشريعة أن دية قتل الخطأ مع شروطه العشرة على العاقلة وهم الأب والمتقرب به من الرجال والأولاد فيكون الرجل رهن الانفعال منهم لمنتهم عليه بدفع الدية فلا يعود الى مثله ، او أنهم إذا فعلوا ذلك يكونون رقباء عليه حتى يردعوه عن مثله ولا يدعوه يتورط في ما يحدوه الى لدته ، وهذه إحدى

٧

فوائد الأنساب ، والحاكم اذا عرفها ألزمهم الحكم ؛ وفي باب المواريث فوائد جمة تشبه هذه. وزبدة المخض أن علم الأنساب من أهم ما يجب على العالم أن يتطلبه للدين والدنيا ، للشرف والفضيلة ؛ للأخلاق والتهذيب.

ولهذه كلها وما يماثلها من فضائل النسب وفوائد المعرفة به بادر العلماء منذ القرون الأولى لتدوينه علما برأسه وكثر فيه التأليف غير أن أول من أفرده بالتدوين هو النسابة ابو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي المتوفى ٢٠٦ هـ. كما اعترف به الحلبي في «كشف الظنون» ج ١ ص ١٥٧ فانه صنف فيه خمسة كتب : ١ ـ المنزلة ـ الجمهرة ٣ ـ الوجيز ٤ ـ الفريد ٥ ـ الملوك ؛ والكلبي تعلم العلم عن الإمام الصادق عليه‌السلام كما في «رجال النجاشي» ص ٣٥ وأخذ شيئا من الانساب عن أبيه ابي النضر محمد بن سعد كاتب الواقدي ، وكان ابو النضر من أصحاب الامامين الباقر والصادق عليهما‌السلام كما في «رجال الشيخ الطوسي» مخطوط وتوفي سنة ١٤٦ هـ وأخذ ابو النضر نسب قريش عن ابي صالح عن عقيل بن أبي طالب «رض» وذكر ابن النديم فهرست كتب الكلبي الكثيرة التي اكثرها في الانساب ص ١٤٠ من فهرسته ، وأوردها ايضا النجاشي في فهرسته ص ٣٥. وقد فات سيدنا الحجة المرحوم السيد حسن الصدر الكاظمي في «تأسيس الشيعة الكرام لفنون الإسلام» ان يذكر أول من ألف في علم الأنساب من الشيعة وهو النسابة الكلبي هذا ثم لحق هشاما مؤلفوا الفريقين فاكثروا وأجادوا.

إلاّ أن لخصوص النسب الهاشمي شرفا وضاحا لا يجارى ؛ وشأوا بعيدا لا يلحق ، وكرامة ظاهرة لا تدرك ؛ وحسبه من المفاخر والمآثر قول النبي الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي». وأكد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في الاصحار بشرف آله الأنجبين بأساليب من البيان وأنحاء من من القول حتى جعل ودهم أجر رسالته فأوجبه على أمته جمعاء ، فهو من فرائض

٨

الدين الحنيف وأهم واجباته ؛ وبه فسر قوله لما بعث أمير المؤمنين عليا عليه‌السلام لينادي عنه باللعن على ثلاثة أحدهم «من خان أجيرا على أجرته» فكان هو الأجير على بث الدعوة الالهية ، وأجر رسالته محبة سلالته ، وتضافرت الأخبار عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الامر بحبهم والحض على الأخذ بصالحهم ، وسد إعوازهم ؛ وإقامة أمرهم ، وإكبار مقامهم ، والاحتفاء بهم ؛ وقضاء حاجتهم وجعل ذلك كله يدا عنده مشكورة لمن عمل بشيء منها ، وللاشراف من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله سهم ذوي القربى المنصوص به في الذكر الحكيم واليهم يعود سهم مشرفهم الاعظم بعد عود سهم الله تعالى اليه ، فهي ضرائب مقررة جعلها الله لهم بعد أن أربى بهم عن أخذ الصدقات الواجبة أو مطلقا لأنها أوساخ يجب أن يترفع عن التلمظ بها آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فالعمل بأي من هذه الفرائض يستدعي الوقوف على الأنساب ومعرفة الصميم من الدخيل ، وقد حمل ذلك علماء الامامية على الاكثار من التأليف في خصوص البيت الهاشمي وأنسابهم ؛ واستساغوا له المتاعب بين جفلة وهبوط واغتراب وإقامة وضرب في الارض للحصول على الغاية والاشراف على البيوت والقبائل وأنسابهم ومن يمت بهم أو يذاد عنهم ، حرصا على الابقاء على هذه الشجرة الطيبة التي «أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ» منزهة عما عسى أن يلم بها من أدناس الملتصقين وتحقيقا لموضوع فرائض صدع بها النبي الأمين صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد أحصى من ألف في أنساب الطالبيين العلامة البارع السيد شهاب الدين الحسيني نزيل قم المشرفة في كتاب مفرد سماه «طبقات النسابين» فجاءت عدتهم تقارب خمسمائة رجل. وتجد ذكرهم مثبوتا على صفحات كتاب «الذريعة الى تصانيف الشيعة» لشيخنا الإمام العلامة الطهراني.

ومن أهم هاتيك الكتب كتاب «عمدة الطالب» الذي تزفه «المكتبة الحيدرية» الى القراء الكرام ؛ وليست هذه بباكورة من خدماتها للعلم والأدب فهي لم تبرح

٩

وجهدها المتواصل وسعيها المتتابع وعزمها الفتي ومنتها القوية مصروفة الى نشر الآثار المهمة والكتب القيمة في ابهج حلة وأجمل زي.

وإن مما يقدر لها نهوضها باعادة طبع هذا الكتاب الثمين الذي أتت الطبعات الاولى الهندية ـ على بهجته وذهبت بنضارته وأخمدت ضوءه ، وكادت أن تودي به بأغلاطها الشائنة وسقطها المخل ، فما كان من الجائز الركون اليها لاحتمال الغلط في كل سطر والسقط في كل صفحة فاتيح لهذه المكتبة الحصول على ثلاث نسخ مخطوطة صحيحة تعد من ذخائر المكتبات الراقية.

١ ـ نسخة صحيحة متقنة في مكتبة العلامة المصلح الحجة الشيخ محمد الحسين ابن العلامة الشيخ على ابن العلامة الشيخ محمد رضا آل الفقيه الا وحد المصلح بين الدولتين الشيخ موسى ابن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء ابن الفقيه الشيخ خضر الجناجي النجفي رحمه‌الله ؛ ولم نعرف تاريخ كتابتها لنقصانها من آخرها وقد تمم نقصانها بخطه المرحوم الشيخ علي المذكور ولكن الذي يظهر من كتابتها أنها اختطت في عصر المؤلف او قريب من عصره ، وفيها زيادات مهمة لم تكن في النسختين الأخريين.

٢ ـ نسخة صحيحة في مكتبة العلامة الكبيرة ناشر ألوية الفضل والأدب الاستاذ الشيخ محمد طاهر السماوي النجفي ، كتبها ناسخها عبد القادر العلوي السبزواري وقد طمس تاريخ كتابتها من آخرها غير أن الذي يترجح في النظرانها اختطت في القرن التاسع او العاشر وقد سمح بها ـ رحمه‌الله ـ للمكتبة الحيدرية كما انه يرجع اليه الفضل في ظهور هذه المطبوعة بحلة قشيبة وصحة واتقان ولا زالت المكتبة تستمد منه الآراء في مطبوعاتها القيمة فيمدها بآرائه الصائبة ونظرياته المقدرة ومعلوماته الواسعة ، وإنها لتقدر له جهود العظيمة وهمته السامية فجزاه الله عن العلم وأهله خيرا.

٣ ـ نسخة بخط العلامة الكبير السيد حسين بن مساعد بن حسن بن مخزوم

١٠

بن ابي القاسم بن عيسى الحسيني الحائري فرغ من نسخها في اليوم ٢٩ من شهر ربيع الأول سنة ٨٩٣ هـ ، وقد زينها بتعليقاته الثمينة وفوائده النفيسة ؛ وذكر في آخرها أنه كتبها على نسخة كتبت على نسخة بخط المؤلف فرغ من كتابتها غرة شهر رمضان سنة ٨١٢ هـ. أي قبل وفاته ب ١٦ سنة ، وكانت من ممتلكات السيد محمد كاظم الشريف الحسيني الحسني العريضي النجفي الحائري كتب بآخرها صورة تملكه ـ ٢٩ جمادى الثانية سنة ١١٦٤ ـ وله عليها تعليقات ثمنية كتبها بخطه في مواضع عديدة نقل اكثرها المصحح في الهامش ؛ وهي تمتاز عن النسختين الأوليين بالصحة والاتقان ؛ وقد نقل الاكثر من تعليقاتها المهمة المصحح لهذه المطبوعة في الهامش ورمز اليها ـ عن هامش المخطوطة ـ وكانت هذه المخطوطة الثمينة في مكتبة العلامة الكبير الحجة المرحوم الشيخ عبد الرضا ابن الفقيه الشيخ مهدي آل الفقيه الأكبر الشيخ راضي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ محسن آل الفقيه الورع الشيخ خضر الجناجي النجفي رحمه‌الله وقد سمح بها للمكتبة ولداه الفاضلان الأديبان الشيخ محمد كاظم والشيخ محمد جواد خدمة لنشر العلم وإن المكتبة الحيدرية تشكرهما على هذه الخدمة الجليلة وتقدر لهما هذه الهمة العالية جزاهما الله عن العلم خيرا.

وقد جاء الكتاب ـ بحمد الله ـ غاية في الاتقان والصحة ، وممن يجب شكره وتقديره العلامة البارع منبثق أنوار الفضل والشرف السيد محمد صادق آل بحر العلوم لوقوفه على تصحيح الكتاب والنظر فيه والتعليق عليه تعاليق مهمة أبقاها مأثرة له خالدة ويدا مسداة الى الطالبين أجمع ، وإن خدماته الجمة للعلم والأدب في تعاليقه على الكتب القيمة المطبوعة وغيرها ، وتقييد أنظاره الراقية ونتائج اطلاعه الواسع فيها كلها مقدرة مشكورة ، وفقه الله تعالى لنشر العلم والأدب.

١١

ترجمة المؤلف

هو جمال الدين (١) أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن مهنا بن عنبة الأصغر بن علي عنبة الاكبر (٢) ابن محمد ـ المهاجر من الحجاز الى العراق ـ ابن يحيى بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد الشهير بابن الرومية ، ابن داود الأمير ابن موسى الثاني ابن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الامام الحسن السبط ابن الإمام امير المؤمنين علي بن ابى طالب عليه‌السلام ذكر نسبه بنفسه في هذا الكتاب. كما أن النسابة النجفي عميد الدين الحسيني ذكره وكتابه هذا واعتمد عليه ، وكذلك كل من تعرض لذكره ؛ وترجمه بحاثة العصر شيخنا العلامة الكبير الشيخ آغا بزرگ الطهراني النجفي في «الضياء اللامع في القرن التاسع» وفرق كتبه على أبواب كتابه «الذريعة الى تصانيف الشيعة». وفي كتاب «الكنى والالقاب» تأليف شيخنا البحاثة الثقة الشيخ عباس القمي النجفي ج ١ ص ٣٥٥ أنه «سيد جليل علامة نسابة صهر السيد تاج الدين بن معية

__________________

(١) بهذا لقبه السيد محمد بن أحمد بن عميد الدين علي الحسيني النجفي النسابة في (المشجر الكشاف) المطبوع بمصر ، أما جرجي زيدان في (تاريخ آداب اللغة العربية) ج ٢ ص ١٧٤ فقد ذكر أن نسخة من الكتاب في (المكتبة الخديوية) بمصر كتب عليها كمال الدين ، ولكن الأصح في لقبه هو الاول وهو المطرد في المعاجم وما كتب على النسخة الخديوية من الأغلاط كذكرها في نسبه أنه حسيني وهو حسني بلا خلاف ، وأنه ابن عنبسة بالسين وهو المعروف بابن عنبة بالباء بلا ريب ، كما أن ابن عبتة بالتاء الفوقانية في مطبوعة بمباي من أغلاطها الكثيرة.

(٢) قال الزبيدي في (تاج العروس) بمادة عنب : عنبة الأكبر جد قبيلة من اشراف بني الحسن بالعراق ونواحي الحلة. (الكاتب).

١٢

النسابة شيخ الشهيد الاول ، وتلميذه. كان من علماء الامامية بل هو من عظمائها تلمذ على السيد ابن معية اثنتي عشرة سنة فقها وحديثا ونسبا وأدبا وغير ذلك».

آثاره:

ينص جرجي زيدان في كتابه «تاريخ آداب اللغة العربية» ج ٢ ص ١٧٤ على اثنين منها. الاول «بحر الانساب» في نسب بني هاشم مرتب على مقدمة وخمسة فصول منه نسخة في «المكتبة الخديوية» في ٢٧٦ صفحة في آخرها كتابة بخط السيد مرتضى الزبيدي صاحب «تاج العروس» تفيد أنه اطلع عليها وذكر هذا الكتاب شيخنا في «الذريعة» ج ٣ ص ٣٢ عن «فهرس المكتبة الخديوية».

والثاني «عمدة الطالب» وأنه فرغ من تأليفه سنة ٨١٤ هـ. وقدمه لتيمور لنك ، منه نسخة في «الخزانة التيمورية» في ٣٥٣ صفحة ، ويقول الحلبي في «كشف الظنون» ج ٢ ص ١٣٣ بعد أن ذكر الكتاب ونسبه اليه : «أخذه من مختصر شيخه أبي الحسن علي بن محمد علي الصوفي النسابة ؛ ومن تأليف شيخه أبي نصر سهل بن عبد الله البخاري ، وضم اليهما فوائد علقها من عدة أماكن موشحا ذاكرا لأخبار الولادة والوفاة». ثم ذكر شيئا من مقدمته الى ان قال : «وأهداه الى تيمور».

وقد عرفت عند ذكر نسخة ابن مساعد أن المؤلف فرغ من كتابتها سنة ٨١٢ هـ. لا سنة ٨١٤ ، كما أنه ذكر في مقدمة الكتاب أنه الفه بالتماس جلال الدين الحسن الزاهد النقيب النسابة ابن عميد الدين علي بن عز الدين الحسن بن عز الشرف محمد بن أبي الفضل علي نقيب النقباء الحسيني المذكور في هذا الكتاب ولعل الذي قدمه لتيمور لنك هو «عمدة الطالب الصغرى» الذي هو مختصر للأوّل كما ذكر بعض الاعلام الخبيرين ، وقد ذكر هذا الكتاب المختصر الجلبي في

١٣

«كشف الظنون» وان نسبه الى غير مؤلف الاوّل ـ راجع ج ٢ ص ١٣٣. وذكره ايضا شيخنا في «الكنى والألقاب» وقال : «رأيت نسخة منه» كما أنه ذكر كتابا فارسيا في الانساب ولعله «كتاب أنساب آل أبي طالب» الذي ذكره شيخنا في «الذريعة» ج ٣ ص ٣٧٥ وأنه على نهج «عمدة الطالب» ، وكأنه ترجمة له الى الفارسية بتغيير يسير رآه سيدنا العلامة السيد حسن الصدر الكاظمي في (مكتبة العلامة النوري) او انه كتاب (التحفة الجمالية) الفارسي المذكور في «الذريعة» ج ٣ ص ٤٢٤ واحتمل اتحاد الكتابين ؛ او أنه «تحفة الطالب» وقد ذكره شيخنا في «الذريعة» ص ٤٤٨ من هذا الجزء ايضا ونقله عن «المشجر الكشاف».

ولادته ووفاته

ولد المترجم في حدود سنة ٧٤٨ هـ. لأنه ذكر في كتابه هذا أنه ادرك استاذه السيد تاج الدين محمد بن جلال الدين أبي جعفر القاسم ابن معية النسابة الحسني شيخنا وتخرج عليه قريبا من اثنتي عشرة سنة وصاهره على ابنته ؛ وقد كانت وفاة استاذه ابن معية سنة ٧٧٦ هـ. فيكون أول قراءته عليه سنة ٧٦٤ هـ. تقريبا وفي مجاري الطبيعة أن يكون أخذه عنه بعد بلوغه مبالغ الرجال عند مشارفته السادسة عشرة من سني عمره ؛ فتصادف ولادته ما ذكرناه من التاريخ تقريبا ، وتوفي في سابع صفر سنة ٨٢٨ هـ. عن عمر يقدر بالثمانين ، وكانت وفاته بكرمان من بلاد ايران ، وعمدة مشايخه هو ابن معية المذكور ، وأما النسابة أحمد بن محمد بن المهنا بن علي بن المهنا الحسيني العبيدلي الذي أدرك إية الله العلامة الحلي وشارك السيد ابن معية في التلمذة على جلال الدين ابي القاسم علي بن عبد الحميد بن فخار النسابة فهو وإن كان في طبقة مشايخ المترجم لكنه لم يقرأ عليه وإنما نقل في كتابه هذا مؤلفاته كالمشجر وغيره

١٤

فائدة

تقسيم النسب

قال السيد الشريف تاج الدين بن محمد بن حمزة بن زهرة الحسيني نقيب حلب وابن نقبائها في مقدمة كتابه «غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار» بعد أن ذكر أن العرب كان فن علم النسب غالبا عليهم وفاشيا فيهم ـ : ووضع النسب بين دفتين ينقسم الى نوعين مشجر ومبسوط فأما المشجر.

فلم أدر من ألقى عليه رداءه

ولكنه قد سلّ عن ماجد محض

قلت ذلك لأني لا اعرف من وضعه واخترعه ، والتشجير صنعة مستقلة مهر فيها قوم وتخلف آخرون ، فمن الحذاق فيها الشريف قثم بن طلحة الزبيدي النسابة كان فاضلا يكتب خطا جيدا ، قال شجرت المبسوط وبسطت المشجر وذلك هو النهاية في ملك رقاب هذا الفن.

ومن حذاق المشجرين : عبد الحميد الاول بن عبد الله بن اسامة النسابة الكوفي ، كتب خطا أحسن من خط العذار ؛ وشجر تشجيرا أحسن من الاشجار بأنواع الثمار.

ومن حذاقهم ابن عبد السميع الخطيب النسابة صنف الكتاب الحاوي لأنساب الناس مشجرا في مجلدات تتجاوز العشرة ...

وأما المبسوط فقد صنف الناس فيه الكتب الكثيرة المطولة فممن صنف فيه أبو عبيده القاسم بن سلام ؛ ويحيى أبو الحسين بن الحسن بن جعفر الحجة العبيدلي النسابة صاحب «مبسوط نسب الطالبيين» والمبسوطات أكثر من

١٥

المشجرات ... والفرق بين المشجر والمبسوط هو أن المشجر يبتدأ فيه بالبطن الأسفل ثم يترقى أبا فأبا الى البطن الاعلى ؛ والمبسوط يبتدأ فيه بالبطن الاعلى ثم ينحط إبنا فابنا الى البطن الأسفل.

كيفية ثبوت النسب عند النسابة

لذلك ثلاثة طرق «احداها» أن يرى خط نسابة موثوق به ويعرف خطه ويتحققه فحينئذ إذا شهد خط النسابة بشيء عمل عليه «وثانيها» أن تقوم عنده البينة الشرعية وهي شهادة رجلين مسلمين حرين بالغين يعرف عدالتهما بخبرة او تزكية فحينئذ يجب العمل بقولهما «وثالثها» أن يعترف عنده مثلا أب بابن وإقرار العاقل على نفسه جائز فيجب أن يلحقه بقول أبيه.

أوصاف صاحب النسب

يجب أن يكون تقيا لئلا يرتشي على الأنساب «كما قيل عن أبي الحرب ابن المنقذي النسابة قالوا : كان يرتشي على النسب». وصادقا لئلا يكذب فينفي الصريح ويثبت اللصيق ، ومتجنبا للرذائل والفواحش ليكون مهيبا في نفوس الخاصة والعامة فاذا نفى أو أثبت لا يعترض عليه. وقوي النفس لئلا يرهب من بعض أهل الشوكة فيأمره بباطل أو ينهاه عن حق فان لم يكن قوي النفس زلت قدمه ، ومن صفاتها المستحسنة أن يكون جيد الخط فان التشجير لا يليق به إلا الخط الحسن.

محمد صادق آل بحر العلوم

الطباطبائي

١٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله (الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) ، ورفع بعض الأنام على بعض فصيره أفخم قدرا ، وأعظم ذكرا ؛ وأحل نبيه محمدا المختار من شريف النسب في المجد الصراح ؛ واصطفاه للإيثار بمنيف الحسب وسرة البطاح ، وأطلع شمس فخره في أفق العلى ساطعة الشعاع ، ووصل حسبه ونسبه يوم القيامة بعدم الانقطاع. فهذا أكرم البرية نفسا وآلا ، وافضلها حالا ومآلها وأتم العالم جمالا ؛ وأكمله تفصيلا وإجمالا ؛ فصل اللهم عليه صلاة تجاري سابق فخره ، وتباري باسق قدره ، وعلى آله المتفرعين من دوحة نبوته ، المترفعين الى ذروة الشرف بمنحة نبوته ، وعلى أصحابه المغترفين من شرب العناية ، المعترفين بنشر القبول من مهب الرعاية ، ما أضحك مدمع السحاب ثغور الروض ، واتصل حبلا العترة والكتاب حتى يردا على الحوض.

أما بعد : فان علم النسب علم عظيم المقدار ، ساطع الأنوار ؛ أشار الكتاب الآلهي إليه فقال سبحانه وتعالى : «وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا». وحث النبي الأمي عليه ، فقال : «تعلموا أنسابكم لتصلوا أرحامكم» ، لا سيما نسب آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لوجوب توخيهم بالاجلال والاعظام ، كما وضح فيه البرهان ، ودل عليه القرآن ، وكيف لا وهم خيرة الله التي اختارها ورفع في البلاد والعباد منارها ، ولم تزل أنسابهم التي اليها يعتزون على تطاول الأيام مضبوطة ، وأحسابهم التي بها يتميزون على تداول الأقوام عن الخلل

١٧

محوطة ، إلا أني رأيت أوان تغربي في أكثر البلاد التي وطئتها تشابها عظيما بين الهجان والهجين. وتساويا شديدا بين اللجين (١) واللجين. يكابر الدعي العلوي فلا ينكر عليه ويتنازعان الشرف فما من عارف بشأنهما يرجعان اليه وكثيرا يتعصب في الظاهر للدعي ، توصلا بذلك الى الطعن في آل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. وكم من قائل : لو عرفت سيدا صحيح النسب لتبركت بترابه ، ووضعت خدي تواضعا على عتبة بابه. هذا لعمر الله محض اللجاج ، والعناد الذي لا يطمع له في علاج هذه بيوتات العلوية العارية عن العار متوافرة ، وقبايل الفاطمية الطاهرة عن الغبار متكاثرة. قد قام بتصحيح اتصالهم في كل زمان علامون من الأمة ونهض بتنقيح حالاتهم في كل أوان فهّامون من الأئمة. فحركتني العصبية وبعثتني النفس الأبية. على أن اصنف في أنساب الطالبيين كتابا يجمع بين الفروع والأصول. ويضم الأجذام الى الذيول ، ويستوعب شعب هذا العلم ويستقصيها ولا يغادر من فوائده صغيرة ولا كبيرة إلا ويحصيها ، والأيام بذلك المطلب تماطل ، وتحول دون ما أحاول حتى بعد ذلك الفن عهدي. ولم يبق منه غير أثارة عندي ، وكيف لا وأنا في زمان ظاهر الغباوة مجاهر العلم والشرف بالعداوة. قد ارتفعت فيه إرادة العلم من القلوب. وعد النسب الفاطمي من أعظم العيوب ، بحيث أشرفت أنوار الشرف على الانطماس. وآذنت آثار دروس العلم بالاندراس ، فالتمس مني أعز الناس علي واكرمهم لدي وهو المولى الأعظم ؛ والماجد الأكرم. مرتضى ممالك الإسلام. مبين مناهج الحلال والحرام ، ناظم درر المواهب. في سلوك الرغايب ، ومقلد جيد الوجود بوشاح المناقب ، ملاذ قروم آل أبي طالب في المشارق والمغارب مفيض لجج الحقايق بجواهر المطالب ، على الأباعد والأقارب. الغني

__________________

(١) الأول بضم اللام وفتح الجيم كالحسين بمعنى الفضة والثاني بفتح اللام وكسر الجيم كالامير زبد أفواه الابل. م ص

١٨

عن الاطناب في الألقاب ، بكمال النفس وعلو الجناب :

تجاوز قدر المدح حتى كأنه

بأحسن ما يثنى عليه يعاب

المؤيد بكواكب العز والتمكين ، نور الحقيقة والدين ، جلال الدين الحسن (١) بن على بن الحسن بن علي بن الحسن بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن علي بن الحسن بن الحسن بن يحيى بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي زين العابدين المعصوم بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام زيدت فضائله وإفضاله ، أن أهز صارم الصريمة وأوجه وجه العزيمة الى جمع مختصر يجمع نسب الطالبية وقواعده ، ويحوي خفي أسراره ويضبط معاقده ، منبها على ما وقفت عليه من خلاف مشيرا الى ما كان من نفي أو غمز بانصاف ، أنقل كلام الرواة كما وقع إليّ ؛ وأتحرى نصوص الثقات كما يجب علي ، لم أتعمد إثباتا لمنفي ولا نفيا لثابت ، ولم أقصد من عندي إيضاحا لخفي ولا طعنا في غير متهافت ، بل اعتمد على الحق الصريح ، وأتحرى الصدق في إبطال وتصحيح ، فجاء بحمد الله كتابا نفيس المطالب ، كما يفرح الطالب في أنساب آل أبي طالب. قرب الى إيجاز الالفاظ إطناب المعاني واحتوى على مهمات الضوابط مع سهولة المباني يحتاج المبتدي الى مطالعته ، ولا يستغني المنتهي عن مراجعته ، وحيث وجب التوفيق بين المسمى واسمه انتخبت له اسما علما مني بأنه نعم علما موافقا فسميته «عمدة الطالب» في نسب آل أبي طالب ثم أهديته الى الحضرة العلية. علماء مني بأنه نعم الهدية فانه لا ينبغي لأحد بعده و «معاذ الله أن نأخذ (إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ)». وآنا أرجو أن يتلقاه من القبول قبائل وييسر منه الى السؤل وسائل :

__________________

(١) جلال الدين الحسن كان كريما زاهدا وله فضائل كثيرة. وكان يسكن جزيرة بني مالك وله عقب من ولده ناصر الدين محمد. ذكره في الكتاب في أعقاب زين العابدين عليه‌السلام تحت عنوان (ذكر جلال الدين حسن الزاهد).

١٩

وما أنا بالباغي على الحب رشوة

ضعيف هوى يبغي عليه ثواب

وما شئت إلا أن أدل عواذلي

على أن رأيي في هواك صواب

وأعلم قوما خالفوني ويمموا

سواك بأني قد ظفرت وخابوا (١)

فما أجود ذلك المجلس الشريف بالاعجاب بهذا الكتاب ، وما أجدر هناك المحل المنيف بأن يحقق لديه الانتساب ، وقد رتبته على مقدمة وثلاثة أصول وجعلت كل أصل فصولا إعانة للسالك على الوصول ، وهذا أوان الشروع في المرام ، متوكلا على الملك العلام ، إنه باغاثة من توكل عليه كفيل وهو سبحانه حسبنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، أما :

المقدمة

ففي : إسم طالب ونسبه أما اسمه فقيل : إنه عمران. وهي رواية ضعيفة رواها أبو بكر محمد بن عبد الله العبسي الطرطوسي النسابة. وقيل : اسمه كنيته (٢) ويروى ذلك عن أبي علي محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن جعفر الأعرج ابن عبد الله بن جعفر قتيل الحرة ابن أبي القاسم محمد بن على بن أبي طالب النسابة وله مبسوط في علم النسب ، وزعم : أنه رأى خط أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في آخره : «وكتب علي بن أبو طالب».

مصحف بخط علي «ع» احترق

وقد كان بالمشهد الشريف الغروي مصحف في ثلاث مجلدات بخط

__________________

(١) هذه الأبيات لأبي الطيب المتنبي من قصيدة يمدح بها كافور وأنشده إياها في شوال سنة ٣٤٩ هـ. وهي آخر ما أنشده ولم يلقه بعدها ، ومن هذه القصيدة البيت السابق (تجاوز قدر المدح حتى كأنه ... الخ).

(٢) في (الاصابة) لابن حجر عن الحاكم إن اكثر المتقدمين على أن اسمه كنيته.

٢٠