عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب

السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسني [ ابن عنبة ]

عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب

المؤلف:

السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسني [ ابن عنبة ]


الموضوع : التراجم
الناشر: منشورات الشريف الرضي
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٨

ادريس أحد النساك مات بفاس. وعقبه بالسوس الأقصى وأعمالها ، والقاسم بن ادريس بن ادريس ، أولد وأكثر فمن ولده أبو طالب الناسك بن أحمد بن عيسى بن أحمد بن محمد بن القاسم المذكور ؛ وكان من أهل الفضل وهو الذي عمل السفرة بسببهم ، ومنهم الشيخ الشاعر الضرير بمصر الحسن بن يحيى بن القاسم كنون بن ابراهيم بن محمد بن القاسم المذكور ، وبنو ادريس كثيرون وهم في نسب القطع يحتاج من يعتزي اليهم الى زيادة وضوح في حجّته لبعدهم عنّا وعدم وقوفنا على أحوالهم.

المعلم الثاني

في ذكر عقب ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب «ع» ولقب الغمر لجوده ، ويكنى أبا اسماعيل وكان سيّدا شريفا روى الحديث وهو صاحب الصندوق بالكوفة يزار قبره (١) وقبض عليه أبو جعفر المنصور مع أخيه وتوفي في حبسه سنة خمس وأربعين ومائة وله تسع وستون سنة ؛ وقال ابن خداع : مات قبل الكوفة بمرحلة وسنّه سبع وستون سنة.

وكان السفاح يكرمه. فيروى أن السفاح كان كثيرا ما يسأل عبد الله المحض عن أبنيه محمد وابراهيم ، فشكا عبد الله ذلك الى أخيه ابراهيم الغمر ، فقال له إبراهيم : إذا سألك عنهما فقل : عمّهما ابراهيم أعلم بهما فقال له عبد الله : وترضى بذلك؟ قال : نعم. فسأله السفاح عن ابنيه ذات يوم فقال : لا علم لي بهما وعلمهما عند عمّهما ابراهيم. فسكت عنه ثم خلا بابراهيم فسأله عن ابني أخيه فقال له :

__________________

(١) قبره قريب من كرى سعد بن أبي وقاص المعروف على يسار المحجة الحديدية للذاهب الى شريعة الكوفة وهو مزار معروف حتى اليوم.

١٦١

يا أمير المؤمنين اكلّمك كما يكلّم الرجل سلطانه أو كما يكلّم ابن عمه؟ فقال : بل كما يكلّم الرجل ابن عمّه. فقال : يا أمير المؤمنين أرأيت إن كان الله قد قدّر ان يكون لمحمد وابراهيم من هذا الأمر شيء أتقدر أنت وجميع من في الأرض على دفع ذلك؟ قال : لا والله. قال : ورأيت إن لم يقدر لهما من ذلك شيء أيقدران ولو أن أهل الأرض معهما على شيء منه؟ قال : لا. فما لك تنغص على هذا الشيخ النعمة التي تنعمها عليه؟ فقال السفاح : والله لا ذكرتهما بعد هذا. فلم يذكر شيئا من أمرهما حتى مضى لسبيله.

والعقب من ابراهيم الغمر في اسماعيل الديباج (١) وحده ، ويكنى أبا ابراهيم ، ويقال له الشريف الخلاص ، وشهد فخا ، والعقب منه في رجلين الحسن التج (٢) وابراهيم طباطبا ، أما الحسن التج بن اسماعيل الديباج ويكنى أبا علي

__________________

(١) كان لإبراهيم الغمر أولاد غير اسماعيل الديباج إلاّ انّهم لا بقية لهم وعدة بنات ، أما البنون فهم يعقوب ومحمد الأكبر ومحمد الأصغر واسحاق وعلي وأما البنات فهن رقية وخديجة وفاطمة وحسنة وام اسحاق ، أما يعقوب وامه زميحة بنت عبد الله بن أبي أمية المخزومي فمات دارجا ، وأما محم الأصغر ويلقب بالديباج الأصغر ، وهو لام ولد تدعى عافية ، فقبض عليه المنصور وأمر به فدفن حيّا وبنيت عليه اسطوانة ومات دارجا أيضا ؛ وأما اسحاق شقيق يعقوب وامهما ام ولد فأولد عبد الله وحده ، ومات عبد الله عن بنت تدعى فاطمة خرجت الى يحيى بن عبد الله بن محمد بن عمر الأطراف ؛ ونص العمري على انقراضه وأما علي وامه ام ولد تدعى مذهبة ويكنى أبا قرمة فشهد فخا قال أبو اليقظان : لا بقية له. وقال العمري : أولد حسنا وقيل حسينا ويلقب المطوق أقام بمصر ومن نسله الحسين بن محمد بن أحمد المقتول بسميساط ابن المطوق.

(٢) التج بالتاء المثناة من فوق والجيم المشددة ، ويعرف الحسن التج هذا بابن الهلالية. م ص

١٦٢

وشهد فخا وحبسه الرشيد نيفا وعشرين سنة حتى خلاّه المأمون وهلك وهو ابن ثلاث وستين فأعقب الحسن التج من ابنه الحسن بن الحسن وحده ويلقب التج أيضا ، ويقال لولده بنو التج ، وأعقب الحسن بن الحسن بن الديباج من أبي جعفر محمد ، يقال له أيضا التج وولده الآن آل التج بمصر.

ومن أبي القاسم علي المعروف بابن معية وهي امه وبها يعرف عقبها ، وهي معية بنت محمد بن حارثة بن معاوية بن اسحاق بن زيد بن حارثة بن عامر بن مجمع بن العطاف بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن الأوس كوفية ينسب اليها ولدها ، قال أبو عبد الله بن طباطبا ؛ وهي أم أولاده ، ولعمري ان آل معية أعرف بنسبهم من غيرهم وقد صرّح النقيب تاج الدين في كثير من تصانيفه انها ام علي بن الحسن بن الحسن ، والشيخ العمري قال : ان امه يعني عليا ـ معية الأنصارية بها يعرف ولده وذكر ابن خداع ان أصلها من بغداد.

والعقب من أبي القاسم علي بن الحسن بن الحسن بن الديباج من رجلين أبي طاهر الحسن ، وأبي عبد الله الحسين الخطيب ، وكان له ولد ثالث هو أبو جعفر محمد النسابة صاحب المبسوط ، أخذ عنه شيخ الشرف العبيدلي انقرض عقبه وبقي عقب علي بن معية من الأولين المذكورين ، أما أبو طاهر الحسن بن علي بن معية فكان له عقب كثير بالكوفة ، منهم السيد العالم النسابة عبد الجبار بن الحسن بن محمد بن جعفر بن أبي طاهر الحسن المذكور ، اليه ينسب مسجد عبد الجبار بالكوفة وله ولأخويه أبي الحسن علي وأبي الفوارس ناصر عقب منهم بنو المناديلي انقرضوا وبنو العجعج ، منهم السيد سعد الدين موسى بن العجعج رأيته شيخا وهو ميناث.

وأما أبو عبد الله الحسين الخطيب بن علي بن معية وهم يدّعون بني معية فأعقب من رجلين أبي القاسم علي وأبي أحمد عبد العظيم ، أعقب عبد العظيم من محمد يعرف بميمون ومن علي له ولد بالري ، ومن أحمد بن عبد العظيم ، له ولد ولمحمد

١٦٣

ميمون بن عبد العظيم الحسين بن محمد ميمون ، له أولاد بالري منهم مهدي ومانكيرم ، وأعقب أبو القاسم علي بن الحسين الخطيب بن علي بن معية من رجلين هما أبو عبد الله محمد ، وأبو عبد الله الحسين الفيومي ، أما أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم علي بن الحسين الخطيب ، فأعقب من أبي الطيب الحسن قتله بنو أسد ، قال ابن طباطبا ؛ وله أولاد ستة برامهرمز والأهواز والبصرة. ومن أبي القاسم عبد الله الشعراني ، له ولد ، ومن أبي محمد ابراهيم ؛ له أولاد بالأهواز هذا كلّه عن ابن طباطبا ، وكان له أبو طالب أحمد كان شديد التوجه وحجّ فأنفق مالا واسعا ، فقيل إن رجلا من الأشراف جلس اليه بمكة وهو يشكو جور السلطان ، فأدخل العلوي الحجازي يده في ثيابه وقال له : ثيابك هذه الرقاق هي التي أضلتك سبيلك والعز معه الشقاء. وقال العمري : وكان لأبي طالب عدّة من الولد جميعهم أصدقائي مات أكثرهم وهذا أبو طالب أحمد عرفة بهاء الدولة بن بويه الديلمي ، وكان أبو طالب رئيسا بالبصرة وله أحوال حسنة ، قال ابن طباطبا ؛ وله بقية بالبصرة.

وأما أبو عبد الله الحسين الفيومي بن علي بن الحسين بن معية فأعقب من ابنه أبي الطيب محمد ؛ وأعقب أبو الطيب محمد بن الحسين الفيومي من أبي عبد الله الحسين القصري نزل قصر ابن هبيرة فنسب اليه ، وكان لأبي عبد الله الحسين القصري عدّة أولاد منهم أبو الحسن علي بن الحسين القصري قتله أحمد بن عمار العبيدلي ، ومن ولده بنو البديوي وهو أبو عبد الله محمد البديوي من أبي المعالي هبة الله بن أبي الحسن علي المذكور ؛ كان لهم بقية بالعراق. ومنهم النقيب ظهير الدولة أبو منصور الحسن بن أحمد بن الحسن بن الحسين القصري ؛ وهو الزكي الأول وعقبه ينقسم فرقتين ؛ بنو قريش بن أبي الحسين بن أبي الفتح علي النقيب بن رضي الدين بن الزكي الأول المذكور ، منهم السيد عماد الدين محمد بن محمد بن الحسين بن قريش المذكور ؛ سافر الى خراسان ثم منها الى الهند واستوطن دهلي ، وله بها عقب.

١٦٤

وإلى بني النقيب أبي منصور الحسن الزكي الثالث بن النقيب أبي طالب الزكي الثاني بن أبي منصور الحسن الزكي الأول يعرفون ببني معية ذوي جلالة ورياسة ونقابة وتقدم ؛ أعقب النقيب أبو منصور الحسن الزكي الثالث من رجلين محمد ، والقاسم النقيب جلال الدين أبي جعفر ، أما محمد بن الزكي الثالث فأعقب من ولده النقيب تاج الدين جعفر الشاعر الفصيح لسان بني حسن بالعراق حدّثني الشيخ تاج الدين محمد قال : حدّثني أبي عن خاله النقيب تاج الدين جعفر المذكور انّه حدّثه قال لهجت بقول الشعر وأنا صبي فسمع والدي بذلك فاستدعاني وقال يا جعفر قد سمعت انّك تهذي بالشعر فقل في هذه الشجرة حتى أسمع فقلت ارتجالا :

ودوحة تدهش الأبصار ناضرة

تريك في كلّ غصن جذوة النار

كأنما فصلت بالتبر في حلل

خضر تميس بها قامات أبكار

فاستدناني وقبّل ما بين عيني ، وأمر لي بفرس وثياب نفيسة ودراهم أمر باحضارها في الحال ، ووهب لي ضيعة من خاصة ضياعه ، وقال : يا بني استكثر من هذا فانّا نقصد دار الخلافة ومعنا من الخيل وغيرها وأنواع التكلفات ومما لا يتمكن منه ويجيئ ابن عامر بدواته وقلمه فتقضى حوائجه قبلنا ويرجع الى الكوفة ونحن مقيمون بدار الخلافة لم يقض لنا بعد حاجة.

وكان للنقيب تاج الدين جعفر وظائف على ديوان بغداد تحمل اليه في كلّ سنة وكان قد أضرّ وبنى موضعا سمّاه الزوية واعتكف فيه دائما فأرسلوا اليه بعض السنين ـ وحاكم بغداد يومئذ الصاحب علاء الدين عطاء الملك الجويني ـ بفرس كبير السن أعور فكتب الى صاحب الديوان بهذين البيتين :

أهديتم الجنس الى جنسه

بزرك كور لبزرك وكور(١)

ومالكم في ذاك من حيلة

سبحان من قدر هذي الأمور

__________________

(١) بزرك وكور كلمتان فارسيتان بمعنى كبير وأعمى. م ص

١٦٥

فركب صاحب الديوان اليه وقاد اليه فرسا آخر واعتذر منه ، ومن حكاياته أن شاعرا مدحه فلم يعطه شيئا فهجاه بقوله :

أعرق والأعراق دساسة

الى خؤول كخليع الدلا

مدحته والنفس أمارة

بالسوء إلاّ ما وقى ذو العلى

فكنت كالمودع بطيخة

من عنبر حقة بيت الخلا

فلما بلغته هذه الأبيات أمر للشاعر بجائزة فجاءه الشاعر معتذرا وقال : كيف أجازني النقيب على الهجو ولم يجزني على المدح؟ فقال النقيب : أنا لا أعرف ما تقول ولكنك لما قلت شعرا أثبتك عليه. فعرف الشاعر انّه لم يجزه لاسترذال القصيدة وركاكة الشعر. وكان للنقيب تاج الدين ابنان أحدهما معتوه والآخر مجد الدين محمد ، وكان نجيبا وجيها توفي في حياة أبيه وانقرض النقيب تاج الدين جعفر.

وأما النقيب جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الزكي الثالث كان أحد رجالات العلويين وكان صدر البلاد الفراتية بأسرها ونقيبها ، وكان فيه كر وإقدام وظلم على ما يحكى من أخباره ، وبسببه نكب الخليفة الناصر لدين الله على آل المختار العلويين وتولى هو تعذيبهم واستخراج أموالهم ، وحكم في قوسان وكان قد ضمنها بغير اختياره ، وكان الوزير ناصر بن مهدي الحسني البطحاني يبغض النقيب زكي الدين ويقصده بالأذى ، واشتدت البغضة والعداوة لما فعل النقيب جلال الدين بآل المختار ما فعل ، واستشعر منه خوفا عمل معه على هلاكه واستيصاله فضمن قوسان بأضعاف ما كان مقدار ضمانها ، وعزم النقيب زكي الدين على الهرب فكره ذلك منه ابنه جلال الدين وتقبّل بذلك الضمان ، ولاطف الوزير ثم خرج الى قوسان فعسف الناس عسفا لم يسمع بمثله ، فزرع ضياع الملاك وغصب الأكرة وفعل بقوم كان له معهم عداوة ولهم قرية تسمى بالهور ما لم يسمع بمثله حمل جميع ما حصل في تلك القرية وأحال عليهم بالخراج وعاملهم من التشدد

١٦٦

والإهانة بما لم يفعله حاكم بأحد قبله ، وهم خواص الوزير وبطانته.

وحمل الغلاّت على تفاوت أجناسها الى بغداد فحصلت في محرز هناك وتوجه الى بغداد فساعدته الأقدار على أن ارتفع سعر الحنطة من درهمين الى أربعة فدخل على الوزير وشكا عدم الحاصل وقلّة الارتفاع وانّه لم يحصل ما يقوم بثلث مال الضمان ، وكان مائة وعشرين ألف دينار ذهبا ، والتمس بأن تغلق أبواب المناثر ولا يبيع أحد شيئا من الغلات والحبوبات مدّة عشرة أيام فاجيب الى ما التمسه ، وأحال عليه الوزير من يومه بحوالات توازي المبلغ المذكور ؛ وكان يؤدي الى كلّ ذي حوالة شيئا يوما فيوما ، وارتفع السعر في تلك الأيام فوصلت الحنطة الى ستة دراهم فلم يمض اسبوع حتى باع السيد جميع ما كان عنده ولم يبق في مناثره شيء أصلا.

وقد وفى من الحوالات مائة ألف دينار ، وأخذ لنفسه مثلها ؛ فاحتال ذات ليلة حتى دخل على الوزير وقت السحر وهو خال يكتب مطالعة الصباح التي تعرض على الخليفة ، وقد حمل المال معه وأوقفه على باب دار الوزير ، فشكا الى الوزير حاله ووصف جدّه واجتهاده وذكر ما نال به الناس من الظلم وانّه مع ذلك كلّه قد أدّى مائة ألف دينار حصلها من قوسان والتمس أن يترك له العشرين ألف دينار الباقية ، فقال له الوزير : ليس لتخلية درهم واحد من مال أمير المؤمنين سبيل ، فقال النقيب : أيها الوزير هذه الدنانير على الباب وقد حصلت هذا المقدار بتمامه ، فان تقدم الوزير أن أدخلها اليه فهو الحاكم ، وإن تقدّم أن أؤديها الى أرباب الحوالات أديتها. فتبسم ثم قال : لا بل أمير المؤمنين يترك لك هذه العشرين ألف دينار فقد علم أن ضمانك كان ثقيلا. قلت : ولا يسمع في كلام متظلم فالوزير يعلم كيف حصلت هذه الأموال. قال : لك ذلك على أن لا تعود الى مثلها. قال : علي ذلك ما دام الوزير أعزّه الله لا يكلفني ضمانا ثقيلا لا يحصل إلاّ بالجور والعسف والضرر العائد على الديوان في السنين المستقبلة ، ثم صلح

١٦٧

الحال بينهم ظاهرا الى أن عزل الوزير ولم يتعرّض للنقيب زكي الدين ولا لإبنه إلاّ بالخير.

كان مزيد الخشكري الشاعر قد هجا النقيب جلال الدين وذكر ظلمه وعسفه وذكر الهور الذي قدمنا ذكره وأهله بقصيدة طويلة منها :

وكانما الهور الطفوف وأهله

الشهداء وابن معية ابن زياد

وحذّر من النقيب وأقسم ليقتله إن ظفر به واختبأ مزيد الخشكري وانما كان قد تجرأ على هجو النقيب ظنّا أن الوزير يستأصله وأباه إما بالقتل أو بأن يهربا الى اليمن كعادتهما ، وكانا قد هربا قبل ذلك وهرب معهما قوم من أهلهما فأقاما بالبادية تارة وبمكة اخرى وباليمن أوقاتا حتى استمال الخليفة الزكي الثالث فرجع الى العراق. فظن ابن الخشكري ان ما يقوله الوزير سيفعله البتة فلما صلح أمر النقيب جلال الدين مع الوزير خاف ابن الخشكري خوفا شديدا ولم يجد من يجيره من النقيب فدخل عليه ذات يوم وهو متلثم فسفر عن لثامه ولم يكن النقيب رآه ولا عرفه قبل ذلك وأنشده قصيدته التي أولها :

سعود تدوم بشرب المدام

ببنت الكروم مع ابن الكرام

حسونا بكأس وطاس وجام

غدونا بنون وخاء ولام

فلما أتمّ القصيدة قال له النقيب ـ وكان قد سمع شعره قبل ذلك ـ : اني لأسمع نفس مزيد. قال : إذا هو. ففكّر النقيب ساعة وكان قد كتب الى الخليفة الناصر لدين الله ضراعة بإرسال عشرة آلاف دينار ذهبا في عشرة أكياس فأمر بإخلاء كيس ودفع ما فيه الى مزيد الخشكري وجعل القصيدة في الكيس وختم عليها ، فلما نظر الخليفة الى قوله ضحك وأمر بإجرائها له وطلب مزيد الخشكري فأمر له بجائزة اخرى ومدح مزيد الخليفة وصار مزيد من شعراء الخلافة والأصل في ترتيبه قوله «فكأنما الهور الطفوف» الى آخره ؛ وكان الناصر كثيرا ما ينشد هذا البيت ويضحك.

١٦٨

فأعقب النقيب جلال الدين القاسم من رجلين زكي الدين الحسن ، وفخر الدين الحسين ، انقرض زكي الدين الحسن وكان له الفقيه العالم الفاضل المدرس رضي الدين محمد ، انقرض وانقرض أبوه بانقراضه ، وولد فخر الدين الحسين جلال الدين أبا جعفر القاسم بن الحسين ، كان جليل القدر فاضلا شاعرا ولم يل السيد جلال الدين بن الحسين صدارة وامتنع وكان أبوه على قاعدة أبيه صدرا نقيبا بالفراتية فعزل عن النقابة ومن شعره

تقاعست دون ما حاولته الهمم

ولا سعت بي الى داعي الندى قدم

ولا امتطيت جوادا يوم معركة

وخانني في الوغى الصمصامة الخذم

ولا بلغت من العلياء ما بلغ الآباء

قبلي ولا أدركت شأوهم

إن كنت رمت سلوا عن محبتكم

أو كنت يوما بظهر الغيب خنتكم

فما الذي أوجب الهجران لي فلقد

تنكرت منكم الأخلاق والشيم؟

أذاك من بخل بالوصل أم ملل

أم ليس يرعى لمثلي عندكم ذمم؟؟؟

 وكان لجلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين بن القاسم بن الزكي الأول ابنان أحدهما زكي الدين (١) مات عن بنت وانقرض ؛ والآخر شيخي المولى السيد العالم الفقيه الحاسب النسابة المصنف تاج الدين محمد ؛ اليه انتهى علم النسب في زمانه وله فيه الإسنادات العالية والسماعات الشريفة ، أدركته قدس الله روحه شيخا وخدمته قريبا من اثنتي عشرة سنة ، قرأت فيها ما أمكن حديثا ونسبا وفقها وحسابا وأدبا وتواريخ وشعرا الى غير ذلك ، وصاهرته ؛ على ابنة له ماتت طفلة فأجاز لي أن ألازمه ليلا فكنت ألازمه ليالي من الاسبوع أقرأ فيها ما لا يمنعني فيه النوم.

فمن تصانيفه «كتاب في معرفة الرجال» خرج في مجلدين ضخمين ، وكتاب «نهاية الطالب في نسب آل أبي طالب» خرج في اثني عشر مجلّدا ضخما قرأت

__________________

(١) اسمه الحسن وكان سيدا جليلا. م ص

١٦٩

عليه أكثره ، وكتاب «الثمرة الظاهرة من الشجرة الطاهرة» أربع مجلدات في أنساب الطالبيين مشجر قرأته عليه بتمامه ، ومنها «الفلك المشحون في أنساب القبائل والبطون» قرأ عليه كثيرا مما خرج منه ولم يبلغ من هذا الكتاب إلاّ قريبا من الربع ، ومنها كتاب «أخبار الامم» خرج منه أحد وعشرون مجلدا وكان يقدر إتمامه في مائة مجلد كلّ مجلد أربع مائة ورقة ، ومنها كتاب «سبك الذهب في شبك النسب» مختصر مفيد قرأته عليه بتمامه ، ومنها كتاب «الجذوة الزينبية» مختصر قرأته على أول اشتغالي بعلم النسب لم أقرأ قبله إلاّ مقدمة مختصرة لشيخ الشرف العبيدلي ، ومنها كتاب «تبديل الأعقاب» ومنها «كشف الالتباس في نسب بني العباس» ومنها رسالة «الابتهاج في الحساب» وكتاب «منهاج العمال في ضبط الأعمال» الى غير ذلك من كتبه في الفقه والحساب والعروض والحديث.

وكان يتولى إلباس لباس الفتوة (١) ويعتزي اليه أهله ويحكم بينهم بما يراه فيطيعون أمره ويمتثلون مرسومه ، وهذا المنصب ميراث لآل معية من عهد الناصر لدين الله وقد كان بعض آل معية يعارض النقيب تاج الدين في ذلك وينقسم الناس بالعراق أحزابا كلّ ينتمي الى أحدهم ، فلما مات النقيب فخر الدين ابن معية والنقيب نصير الدين بن قريش بن معية لم يبق له معارض ولم يكن عوام العراق ولا خواصّهم ليسلّموا ذلك الأمر الى أحد من غير آل معية مادام

__________________

(١) الفتوة بالضم والتشديد الكرم والسخاء ، هذا لغة وفي عرف أهل التحقيق أن يؤثر الخلق على نفسه بالدنيا والآخرة ، وصاحب الفتوة يقال له الفتى ومنه (لا فتى إلاّ علي) وعبّر عنها في الشريعة بمكارم الأخلاق ... وأقدم من تكلّم فيها الامام جعفر الصادق عليه‌السلام ولهم في التعبير ألفاظ مختلفة والمآل واحد ، قاله في (تاج العروس) بمادة (فتى) ولباس الفتوة لباس معروف يلبسه رجال الفتوة شعارا لهم. م ص

١٧٠

منهم أحد فكيف بالنقيب تاج الدين.

وكان اليه إلباس خرقة التصوف من غير منازع في ذلك لا يلبسها أحد غيره أو من يعزى اليه ، فأما النسب فلم يمت حتى أجمع نسّاب العراق على تلمذته والاستفادة منه حتى أني رأيت في كتاب مشجر بخط السيد أبي المظفر بن الأشرف الأفطسي اسم النقيب تاج الدين وقد كتب تحته : «قرأ عليه واستفدت منه». وكان أبو المظفر أسن من النقيب تاج الدين بكثير فسألت النقيب تاج الدين : ما قرأ عليك أبو المظفر؟ فقال : لم يقرأ عليّ شيئا ولا سمع مني شيئا يعتدّ به بل ما يخطر ببالي إلاّ أنّه كان يوما على باب القبة الشريفة بالغري في الايوان المقابل فوصل الى مكان ـ ذكره النقيب ونسيته أنا ـ قال فسألني عنه فأخبرته. وكان متقدّما في هذا الفن قريبا من خمسين سنة يشار اليه بالأصابع.

فأما روايته واتساعها ومعرفته بغوامض الحديث والحاقه بالأجداد فأمر لم يخالف فيه أحد ؛ ومن أشعاره قوله :

ملكت عنان الفضل حتى أطاعني

وذللت منه الجامح المتصعبا

وضاربت عن نيل المعالي وحوزها

بسيفي أبطال الرجال فما نبا

وأجريت في مضمار كل بلاغة

جوادي فحاز السبق فيهم وما كبا

ولكن دهري جامح عن مراتبي

ونجمي في برج السعادة قد خبا

ومن غالب الأيام فيما يرومه

تيقن ان الدهر يضحى مغلبا

وتعداد فضائل النقيب تاج الدين محمد رحمه‌الله يحتاج الى بسط لا يحتمله هذا المختصر ، وتوفي (١) ؛ عن بنات ـ آخر بني علي بن معية ؛ وهو ابن الحسن بن الحسن بن الديباج ـ.

وأما أبو جعفر محمد بن الحسن بن الحسن بن الديباج ويقال لولده بنو التج

__________________

(١) كانت وفاته رحمه‌الله في الحلة ثامن ربيع الأول سنة ٧٧٦ هـ ونقل الى مشهد الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام. م ص

١٧١

وهم بمصر فأعقب من رجلين أحمد ، ولده بمصر ، والحسين يقال له البربري ويقال لولده بنو البربري ، أما أحمد بن محمد فمن ولده صاحب العدّة والعزة بمصر ومات باليمن ؛ وهو أبو الحسن محم د بن أحمد المذكور ؛ له أولاد بمصر قال العمري : محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن الحسن الديباج له ذيل بمصر والعراق وتنيس من جملتهم بنو بنت الزويدي وهو أبو عبد الله الحسين بن ابراهيم بن محمد بن أبي الحسن محمد المصري المذكور ، وكان لأبي عبد الله الحسين هذا ثلاثة ذكور ، أبو تراب علي ، مات دارجا وابراهيم بمصر له بنات ؛ وزيد ولده بتنيس ، وكان لأبي الحسن محمد المصري صاحب العزة المذكور ، أبو محمد القاسم وكان له باليمن أولاد متفرقون ـ آخر بني الحسن التج بن اسماعيل الديباج بن ابراهيم الغمر بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليه‌السلام ـ.

وأما ابراهيم طباطبا بن اسماعيل الديباج ولقب «طباطبا» لأن أباه أراد أن يقطع له ثوبا وهو طفل فخيّره بين قميص وقبا فقال : طباطبا. يعني قباقبا وقيل بل السواد لقبوه بذلك. وطباطبا بلسان النبطية سيد السادات. نقل ذلك أبو نصر البخاري عن الناصر للحق ، وكان ابراهيم طباطبا ذا خطر وتقدم وامه ام ولد ، فأعقب من ثلاثة رجال القاسم الرسي واحمد والحسن ، وكان له عبد الله بن ابراهيم أيضا كان له ذيل لم يطل ، ومن ولده أحمد بن عبد الله خرج بصعيد مصر سنة سبعين ومائتين فقتله أحمد بن طولون وانقرض عقبه وعقب أبيه عبد الله بن ابراهيم أيضا.

ومن ولد ابراهيم طباطبا أيضا محمد بن ابراهيم ، ويكنى أبا عبد الله أحد أئمة الزيدية خرج بالكوفة داعيا الى الرضا من آل محمد ، وخرج معه ابو السرايا السري بن منصور الشيباني في أيام المأمون فغلب على الكوفة ودعى بالآفاق ولقب بأمير المؤمنين وعظم أمره ثم مات فجأة (١) وانقرض عقبه ، وكان من ولده

__________________

(١) مات في سنة تسع وتسعين ومائة ، قيل سقاه أبو السرايا سما فمات منه والله أعلم. (عن هامش الأصل)

١٧٢

محمد بن الحسين بن جعفر بن محمد هذا خرج الى الحبشة فما يعرف له خبر ، ومنهم محمد بن جعفر بن محمد المذكور ؛ قتلته الشراة بكرمان وصلب فأخذتهم الزلزلة أربعين يوما حتى أنزل عن الخشبة فسكنت الزلزلة ، وعقب ابراهيم طباطبا من القاسم وأحمد والحسن ، أما الحسن بن ابراهيم طباطبا فأعقب من رجلين علي وأحمد يلقب متوية ؛ أما علي بن الحسن بن طباطبا فامه ام ولد. قال أبو نصر البخاري : استلحق وهو ابن أربع عشرة سنة فأولاده يسمّون المستلحقة والله أعلم.

فمن ولده الشريف أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الصوفي المصري بن أحمد شيخ الأهل بن علي بن الحسن بن ابراهيم طباطبا يعرف بابن بنت زريق ؛ وكان دينا متصوفا ومات عن أولاد منهم رجل شاعر ، ومنهم أبو ابراهيم اسماعيل بن ابراهيم بن علي بن علي بن الحسن بن طباطبا ، مات بمصر سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وله بها ولد ، ومنهم أبو الحسن الملقب بالجمل بن أبي محمد الحسن بن علي بن الحسن بن طباطبا مات بمصر عن عدّة أولاد وأخوة.

وأما أحمد المصري بن الحسن بن طباطبا الملقب متوية فله أبو الحسن محمد الصوفي وأبو الحسن محمد الشجاع المستجد ؛ وأبو جعفر محمد الرئيس ، وأبو علي محمد بنو أحمد المصري المذكور ، لهم أعقاب منهم بنو المستجد ، وبنو الكركي وهو أبو الحسن علي بن محمد الصوفي المذكور ، وبقيتهما بمصر.

وأما أحمد الرئيس بن طباطبا ويكنى أبا عبد الله فأعقب من رجلين أبي جعفر محمد وأبي اسماعيل ابراهيم ، وجمهور عقبه يرجع الى أبي الحسن الشاعر الاصفهاني وهو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد المذكور صاحب كتاب «نقد الشعر» وغيره ، ومن ولده القاسم ، وأبو البركات محمد وأبو الحسين محمد وأبو المكارم محمد بنو الشريف أبي الحسن محمد المذكور ؛ فمن ولد القاسم بن محمد الشيخ الشريف النسابة أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أبي طالب بن

١٧٣

القاسم هذا ، قال أبو الحسن العمري : لقيته وقرأت عليه وكاتبته في الأنساب. ومن ولد أبي البركات ، محمد بن محمد بن الحسن (١) وكان رفيق شيخ الشرف النسابة الى مصر له ذيل طويل بمصر ، قاله الشيخ أبو الحسن العمري ، ومن ولد أبي الحسن محمد بن أحمد الشاعر الاصفهاني أبو الحسين علي الشاعر (٢) بن أبي الحسن محمد ، له ذيل طويل منهم السيد العالم النسابة أبو اسماعيل ابراهيم بن ناصر بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن علي الشاعر المذكور مصنّف كتاب «المتنقلة في علم النسب».

ومن ولد أبي اسماعيل ابراهيم بن أحمد بن طباطبا ، القاسم بن ابراهيم بن القاسم بن أبي اسماعيل ابراهيم هذا كان شاعرا مطبوعا وكان يرد على ابن المعتز ومات عن عدّة من الولد ، وأما القاسم الرسي (٣) بن ابراهيم طباطبا ، ويكنى أبا محمد وكان ينزل جبل الرس ،

__________________

(١) الحسن هذا هو ابن أبي البركات محمد المذكور.

(٢) الى أبي الحسين الشاعر هذا ينتهي نسب العلاّمة الكبير الحجّة السيد محمد المهدي الملقب بـ (بحر العلوم) النجفي المتوفي سنة ١٢١٢ هـ فانّه رحمه‌الله ابن المرتضى بن محمد بن عبد الكريم بن مراد بن شاه أسد الله بن جلال الدين الأمير بن الحسن بن مجد الدين علي بن قوام الدين محمد بن اسماعيل بن عباد بن ابي المكارم بن عباد بن أبي المجد أحمد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن أبي الحسين علي الشاعر المذكور الملقب بشهاب ابن أبي الحسن محمد الشاعر الاصفهاني المتوفي سنة ٣٢٢ هـ ابن أحمد المكنى بأبي الفتوح المتوفي باصبهان في محلة غازيان ابن محمد المكنى بأبي جعفر المدفون عند جدّه بجميلان اصفهان ابن الرئيس أحمد المكنى بأبي عبد الله ابن ابراهيم طباطبا المدفون بجميلان اصفهان ابن اسماعيل الديباج المدفون بكلبهار من محلات اصفهان ابن ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى ابن الحسن السبط ابن الامام علي بن ابي طالب عليه‌السلام.

(٣) ذكر في (الحدائق الوردية في أحوال الأئمة الزيدية) أن القاسم

١٧٤

وكان عفيفا زاهدا له تصانيف ودعا الى الرضا من آل محمد ، وله عدّة أولاد متقدمون ، فأعقب من سبعة رجال يحيى العالم الرئيس والحسن ، واسماعيل ، وسليمان ، والحسين السيد الجواد ، وأبو عبد الله محمد وموسى ، أما يحيى بن الرسي فكان رئيسا ينزل الرملة وكان له بها عقب ، وأما الحسن بن الرسي وكان بالمدينة سيدا رئيسا فأعقب من محمد وابراهيم ، فمن ولد محمد بن الحسن بن الرسي ، عليان بن المحسن بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الرسي ، كان في مشهد المذار وهو مشهد عبيد الله بن علي بن ابي طالب عليه‌السلام.

ومن ولد ابراهيم بن الحسن بن الرسي ؛ ابراهيم وعقبه من رجلين القاسم الجمال ، ومحمد فمن ولد القاسم الجمال ، علي يعرف بمعمّر ويكنى بأبي خلاط ؛ ومحمد وابراهيم والحسين بنو القاسم الجمال ، ومن ولد محمد بن ابراهيم ابنه يحيى له عدّة أولاد وأما اسماعيل بن الرسي وكان رئيسا متقدّما فعقبه من رجل واحد وهو ابنه أبو عبد الله محمد الشعراني نقيب الطالبيين بمصر وولده نقباء سادة ؛ وأعقب أبو عبد الله محمد الشعراني بن اسماعيل بن الرسي من اسماعيل النقيب بمصر بعد أبيه ؛ وأبي القاسم أحمد النقيب بمصر بعد أخيه ، وأبي الحسن علي ؛ وأبي الحسين يحيى وأبي محمد جعفر ، وأبي محمد عيسى ، وأبي محمد القاسم ، والعقب من اسماعيل النقيب بعد أبيه ابن محمد الشعراني ؛ من أبي العباس ادريس له أولاد ، هم اسماعيل وعبد الله ، ومحمد.

والعقب من أبي القاسم (١) أحمد النقيب بعد أخيه ابن محمد الشعراني من

__________________

هذا بايعه أصحابه سنة ٢٢٠ الى أن توفي مختفيا في جبل الرس سنة ٢٤٦ عن سبع وسبعين سنة.

(١) كانت وفاة أبي القاسم أحمد النقيب في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. ارخه ابن خلكان في تاريخه والسيوطي في (حسن المحاضرة). (عن هامش الأصل)

١٧٥

ابراهيم ، واسماعيل ، وعلي ، وأبي الحسين عبد الله وأبي عبد الله محمد يلقب بالقرقيس ، ويحيى ، فالعقب من ابراهيم بن أحمد النقيب بن محمد الشعراني من أبي عبد الله الحسين النقيب كان بمصر ، وأبي الحسن علي النقيب كان بمصر وأبي القاسم أحمد ، أما أبو عبد الله الحسين النقيب بن ابراهيم بن أحمد بن محمد الشعراني وكان جم الفضائل كثير المحاسن فولده طاهر وعلي واسماعيل وابراهيم لهم أولاد ؛ وأما أبو الحسن علي النقيب بن ابراهيم فولده محمد ويحيى وعبد الله وأما أبو القاسم أحمد بن ابراهيم فولده علي وابراهيم ومحمد ، والعقب من أبي الحسين عبد الله بن أحمد النقيب بن محمد الشعراني فولداه محمد وأبو القاسم أحمد وولد محمد بن أبي الحسين عبد الله بن أحمد النقيب. القاسم القاضي بالشام والعقب من محمد القرقيس بن أحمد النقيب بن محمد الشعراني من أبي عبد الله الحسين ، له ولد ومسلم ؛ وأبي القاسم أحمد ، واسماعيل وعبد الله ؛ والعقب من اسماعيل بن أحمد النقيب ، في حمزة ؛ له ولد وعلي بن أحمد النقيب له ابن اسمه الحسين والعقب من أبي محمد جعفر بن الشعراني في أبي علي الحسين ، له علي ويحيى وابراهيم والعقب من أبي الحسن علي بن الشعراني في أولاده أبي اسماعيل ابراهيم ومحمد والحسن ؛ والعقب من أبي الحسين يحيى بن الشعراني في ولده الحسن ؛ له ولد وعيسى بن الشعراني ميناث وقيل له محمد وعيسى ؛ ولمحمد ولد.

وأما سليمان بن الرسي فمن ولده محمد وعلي والحسين والقاسم العدل بنو محمد بن علي الفارس بن سليمان المذكور ، ومن ولده ابراهيم بن سليمان المذكور ولإبراهيم أحمد ومحمد ابنا ابراهيم هذا ، ومحمد هذا يلقب توزون بالبصرة ، وأما أحمد بن ابراهيم بن سليمان ، فمن ولده موهوب أبو الحسن دلال الدقيق بالبصرة ابن أبي الليل عبد الله بن أحمد بن ابراهيم المذكور وأما محمد بن ابراهيم المذكور ابن سليمان فولده بنو توزون بالبصرة.

قال الشيخ أبو الحسن العمري : هم أصدقائي بالبصرة بقي منهم طفل هو

١٧٦

ولد أبي منصور جعفر بن أحمد بن محمد توزون المذكور ، ومن بني سليمان بن الرسي ، موسى القتيل بصنعاء وابنه أبو الحسن له ذيل منتشر. وأما أبو عبد الله الحسين بن القاسم الرسي وكان سيّدا كريما فأعقب من رجلين أبي الحسين يحيى الهادي وأبي محمد عبد الله السيد العالم ، امهما فاطمة بنت الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليه‌السلام أما يحيى الهادي بن الحسين بن الرسي ويكنى أبا الحسين ، كان إماما من أئمة الزيدية جليلا فارسا ورعا مصنفا شاعرا ، ظهر باليمن ويلقب بالهادي الى الحق ، وكان يتولى الجهاد بنفسه ويلبس جبّة صوف ، له تصانيف كبار في الفقه قريبة من مذهب أبي حنيفة ، وكان ظهوره باليمن أيام المعتضد سنة ثمانين ومائتين وتوفي هناك سنة ثمان وتسعين ومائتين وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، وخطب له بمكة سبع سنين ، وأولاده أئمة الزيدية وملوك اليمن ، فأعقب يحيى الهادي من ثلاثة رجال الحسن الفيلي ينسب الى الفيل جبل بصعدة ، وأبي القاسم محمد المرتضى (١) قام بالأمر بعد أبيه ، وأحمد الناصر قام بالأمر بعد أخيه ، أما الحسن الفيلي بن يحيى الهادي فقال الشيخ أبو الحسن العمري : له ذيل لم يطل. وأما أبو القاسم محمد المرتضى بن يحيى الهادي فأعقب من جماعة : منهم علي وابراهيم والحسن الاتج قال ابن طباطبا : والحسين. أما الحسن الأتج فله ولد بآمل ، ومنهم أبو العساف محمد وأبو هاشم الحسن ابنا يحيى بن الحسن الأتج المذكور ؛ يقال لولده آل أبي العساف كانوا بأصفهان الى ما بعد الستمائة.

__________________

(١) كانت وفاة أبي القاسم محمد المرتضى سنة خمس عشرة وثلاثمائة وهو من أئمة الزيدية وقيل مات سنة عشرين وثلاثمائة ، وكذا عن هامش الأصل ، ولكن الذي ذكر في (رياض الفكر) انّه توفي بصعدة سنة ٣١٠ وقام بالأمر بعده أخوه أحمد الناصر وتوفي سنة ٣١٥ أو سنة ٣٢٠ ، ولعلّ ما ذكر في هامش الأصل اشتباه. م ص

١٧٧

ومن ولد أبي الهاشم الحسن بن يحيى بن الحسن الأتج داعي النسابة واخوته الرضي ، وعبد الله ، وعلي ، بنو الحسن بن يحيى المذكور ، لهم أعقاب بسارية وخوزستان والري ، وللمرتضى باليمن أيضا أعقاب. وأما أحمد الناصر بن يحيى الهادي وهو الناصر لدين الله وكان من أكابر الأئمة الزيدية جمّ الفضائل كثير المحاسن وكان به نقرس فربما هاج به فمنعه من القتال واستمر به ذلك. قال الشيخ أبو الحسن العمري : بلغني ان ولده أبا الغطمش وثب عليه خصم له فقتله وكثر عليه العدو فجالد حتى رجع فقال أبو الناصر لدين الله :

إن لا أثب فقد ولدت من يثب

كلّ غلام كالشهاب الملتهب

ومات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وبقيت الإمامة في ولده. فأعقب من جماعة منهم : محمد الوارد الى حلب بن أحمد الناصر أعقب بحلب ومصر وغيرهما ومنهم أبو الفضل الرشيد بن أحمد الناصر له بقية. قال الشيخ العمري : هم بحلب الى يومنا. ومنهم : الحسين بن أحمد الناصر ، له ولد باليمن ، ومنهم أبو الغطمش ابراهيم بن أحمد الناصر فارسهم وقد ذكر قريبا. ومنهم اسماعيل بن الناصر أعقب بخوزستان. ومنهم أبو الحمد داود بن الناصر ، كان من شيوخ أهله وفضائلهم وكان بالعراق ، وابنه القاضي المجلى أبو محمد بن أبي الحمد ورد خوزستان وتقدّم بها ، وله بقية بالأهواز وواسط. ومنهم الحسن بن الناصر قام بالأمر بعد أبيه وله أولاد ، وكان يلقب بالمنتجب لدين الله. ومنهم يحيى بن الناصر قاتل أخاه على الإمامة ويلقب بالمنصور كان فيه خير أنفذ رجلا من أهله الى بغداد أيام كان أبو عبد الله بن الداعي بها وذلك في أيام معز الدولة بن بويه ، وقال له : اختبر حاله يعني أبا عبد الله بن الداعي فان رأيته أفضل مني وأولى مني بالإمامة فاكتب اليّ بذلك لأبايع له وأدعو اليه ، وولد المنصور يحيى بن الناصر عدّة أولاد ، منهم علي يلقب الحرب ، وله ولد ببغداد ، وابنه القاسم بصعدة ، ومنهم القاسم المختار بن الناصر ويكنى أبا محمد وكان بصعدة أحد كبار

١٧٨

أئمة الزيدية ، له أعقاب : منهم محمد المستنصر بن القاسم المختار له أولاد منهم ابراهيم المؤيد ؛ وعبد الله المعتضد ويوسف له أعقاب ـ آخر ولد يحيى الهادي بن الحسين بن الرسي ـ.

وأما عبد الله العالم بن الحسين بن الرسي فله عقب كثير بالحجاز وعقبه من جماعة منهم اسحاق بن عبد الله العالم ؛ عقبه بادية بالحجاز ، ومنهم يحيى بن عبد الله. من ولده حمزة بن الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى المذكور ، ويقال لولده بنو حمزة باليمن ، منهم أئمة الزيدية هناك الى الآن ومنهم شيخنا رضي الدين الحسن بن قتادة بن مزروع بن علي بن مالك المدني النسابة ، وكان حمزة هذا يدعى النفس الزكية ، وابنه علي بن حمزة يدعى العالم وابنه حمزة بن علي بن حمزة يدعى المنتجب ؛ وابنه سليمان بن حمزة الثاني يدعى التقي ، وابنه حمزة الثالث بن سليمان بن حمزة يدعى (١) وهو والد الامام عبد الله بن حمزة (٢) امام الزيدية وكان عالما وبقي الأمر في يده تسع عشرة سنة وله عقب كثير ، وكان عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله يلقب الفاضل ، وابنه الحسن يقال له الامام

__________________

(١) بياض في الأصل ولم يكن حمزة بن سليمان هذا من أئمة الزيدية وقائما بالأمر.

(٢) كانت وفاة عبد الله بن حمزة ـ على ما ذكر في هامش الأصل ـ سنة ٦١٩ ولكن الذي ذكره في (رياض الفكر) الامام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى بن أحمد بن المرتضى بن مفضل بن الحجاج المولود سنة ٧٦٤ والقائم بالإمامة سنة ٧٩٣ والمتوفي سنة ٨٣٦ : ان وفاة عبد الله بن حمزة هذا بكوكبان سنة ٦١٤ ، وكانت ولادته سنة ٥٥١ وقيامه بالأمر يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول سنة ٥٩٤ في المسجد الجامع في بلدة هجرة. ولقبه بالمنصور بالله وعد له مؤلفات كثيرة وقال : لم يعقب من أولاده إلاّ عز الدين محمد ، وشمس الدين أحمد. م ص

١٧٩

الراضي وابنه حمزة النفس الزكية على ما مر ؛ وأما أبو عبد الله محمد بن الرسي فأعقب من ثلاثة ابراهيم ؛ وعبد الله الشيخ. وأبي محمد القاسم الرئيس ، فمن ولد ابراهيم بن محمد الرسي ، زيد الأسود بن ابراهيم ، استدعاه عضد الدولة بن بويه من بيت المقدس وكان قد انقطع به وزوّجه بأخته فلما توفيت زوّجه بابنته شاهان دخت ، وولده عدد كثير بشيراز لهم وجاهة ورياسة منهم نقباء شيراز وقضاتها ، فمن ولده علي والحسين ابنا زيد الأسود ، فمن بني الحسين بن زيد الأسود ، عزيز بن العدل بن نزار بن زيد بن الحسين المذكور ، وإخوة معقبون ومنهم نقيب النقباء بالممالك الأبي سعيدية وقاضي قضاتها قطب الدين أبو زرعة محمد بن علي بن حمزة بن ابراهيم بن اسماعيل بن جعفر بن الحسن بن محمد بن زيد بن الحسين بن زيد الأسود المذكور ، له عقب ، ومنهم السيد الأمير الجليل الجواد المشهور فخر الدين أبو محمد الحسن بن أحمد بن الحسن بن الحسين بن ابراهيم بن اسماعيل بن جعفر بن الحسن بن محمد بن زيد بن الحسين بن زيد الأسود ، له عقب ؛ ومنهم القاضي شرف الدين محمد بن اسحاق بن جعفر بن الحسن بن محمد بن زيد بن الحسين بن زيد الأسود ، ولهم أعقاب وأنساب وهم بشيراز أهل رياسة ونقابة وقضاء وجلالة وتقدّم كثّرهم الله تعالى.

ومن ولد عبد الله الشيخ بن محمد بن الرسي ، أبو محمد الحسن الشاعر بن عبد الله يقال له المنتجد به يعرف ولده ، وأعقب القاسم الرئيس بن محمد بن الرسي ثمانية رجال فمن ولده بنو رمضان بن علي بن عبد الله بن مفرج بن موسى بن علي بن القاسم بن محمد بن الرسي صحح نسبهم ابو ميمون النسابة منهم نقيب النقباء تاج الدين علي بن محمد بن رمضان المذكور يعرف بابن الطقطقي ساعدته الأقدار حتى حصل من الأموال والعقار والضياع ما لا يكاد يحصى.

ومن غرائب الاتفاقات التي حصلت له انّه زرع في مبادئ أحواله زراعة كثيرة في أملاك الديوان وهو اذ ذاك صدر البلاد الفراتية ، وأحرز ما تحصل

١٨٠