الأسرار الفاطميّة

الشيخ محمد فاضل المسعودي

الأسرار الفاطميّة

المؤلف:

الشيخ محمد فاضل المسعودي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الزائر في الروضة المقدسة ـ لحضرة فاطمة المعصومة عليه السلام للطبعة والنشر
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6401-17-1
الصفحات: ٥٣٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الشيخ علي مديحلي العاملي

أدمت خشاشة فاطم الامها

مذ ضم والدها العظيم رغامها

ودت غداة بفقده قد اثكلت

لو زادها من قبل ذاك حمامها

تبكي وما بكت الفوائد مثلها

مولى تضن بمثله ايامها

كم كابدت محنا تنوء بحملها

همم الرجال ويشتكي ضرغامها

ام الأئمة بنت من بلغ الذرى

مجدا أظلما تخفى أعلامها

بالله كيف تضام زجراً بعدما

مدح الاله لها وبان مقامها

شلت يد مدت إلى حرم الهدى

كانت تعنفها وخاب مرامها

شاءوا مذلتها بظعن محمدٍ

فعدا على بيت النبي لئامها

تباً لمن قاد الهجوم لبيتها

بعد النبي وما ثناه كلامها

تباً لمن أمر اللعين بضربها

فازداد من الم السياط سقامها

تباً لغاصبها وكاسر ضلعها

حتى يتم له بذاك نظامها

وجنينها لا تذكرن جنينها

فبذكره عيني يزول منامها

ولعينيها بكت الملائك فى السما

وكذا امير المؤمنين امامها

لهفي عليها مذ قضت وبجنبها

أسد الاله وقد ابيح ذمامها

قد قيد الصبر الجميل حسامه

وبحده كل الامور ( حسامها )

٢٤١

٢٤٢

البحث التاسع

فاطمة عليها‌السلام والولاية التكوينية

من المواضيع المهمة التي اخذت حيزاً كبيراً في العقائد الشيعية هي مسألة الولاية التكوينية حيث كانت بين النفي والاثبات عند بعض علماء الكلام ، وسوف نتطرق إلى اثباتها على ضوء الكتاب الكريم والسنة الشريفة ، وينبغي أولاً وقبل كل شيء بسط الكلام في معرفتها وبيان معناها وحدودها الشرعية التي أثبتها الباري عز وجل للانبياء والأوصياء بما فيهم خاتم الرسل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين فالولاية المطلقة التي كانت للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته انما كانت على جميع اصناف المخلوقين من الجماد والنبات والحيوان والإنسان والملائكة ، وبتعبير ادق الولاية هي باطن النبوة المطلقة ، وصاحبها هو الموسوم بالخليفة الاعظم وقطب الاقطاب والإنسان الكبير ، وآدم الحقيقي المعبر عنه بالقلم الاعلى والعقل الأوّل والروح الاعظم وإليه اشير في الحديث الشريف الوارد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أول ما خلق الله نوري وكنت نبياً وآدم بين الماء والطين » وإليه استند كل العلوم والاعمال ، وإليه ينتهي جميع المراتب والمقامات نبياً كان أو ولياً ، ورسولاً كان او وصياً.

وقد قال بعض الأعلام في هذه الولاية (١) : فحقيقة الولاية الرتق والفتق في المولى عليه ما بإمساكه عما عليه وجربه فيما له.

وبعبارة اُخرى : استحقاق تربية المملوك : لكونه أولى به من نفسه ، فهو اسم له تعالى باعتبار أولويته بخلقه من أنفسهم ، ثم إن هذه الولاية منشأها هو احتواء الولي للمولى عليه قادراً على الاستبداد به ، الذي هو حقيقة الملك فهو الولاية الحقيقية ، وإما منشأها الخلافة من المولى الحقيقي ؛ لكونه متعالياً عن مجانسة مخلوقاته وجليلاً عن ملائمة كيفياتهم ، فينصب الخليفة لتربية المملوكين ما هو يتسحقه منهم عليه ؛ لحفظ

__________________

(١) هو العلامة المحقق السيد حسن الهمداني في رسالته في شرح الاسماء الحسنى : ١٠٣.

٢٤٣

علو شأنه وصون ضياع مماليكه عماله عليهم.

مثلاً من لوازم ولايته تعالى على العباد بذل مالهم ، ووقف أنفسهم عليه تعالى ، وتفديتهم انفسهم واولادهم فلما كان غنياً عن ذلك ، ومنزهاً عما هو من صفات المخلوقين ، وكان عباده لا يظهر صدقهم وحقيقة عبوديتهم إلا بأمثال ذلك من لوازم العبودية ، فنصب الخليفة لمثل هذه اللوازم ؛ لأن ترتبها عليه والعباد ملتزمون بها فقال : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) فالرسول والمؤمنون إنما هم خلفاؤه تعالى في الولاية لا شركاؤه تعالى أن يكون له ولي من الذل عواً كبيراً.

اقول : لقد بين من خلال قوله هذا حقيقة الولاية التكونية بالوجه العقلي ، مع اختصاص الولاية الحقيقية لله تعالى بنحو لا ينقدح في ذهن أحد فيه غلو والشرك.

وقال بعض العارفين (١) : اعلم أنه لما اقتضت الكلمة الالهية الجامعة لجميع الكلمات ، المشتملة على الاسماء الحسنى والصفات العليا بسط مملكة الايجاد والرحمة ، ونشر لواء القدرة والحكمة باظهار المملكات ، وايجاد المكونات ، وخلق الخلائق ، وتسخير الامور وتدبيرها ، وكانت مباشرة هذا الأمر من الذات القديمة الأحدية بغير واسطة بعيدة جداً. والاحسن أن يقال : واقتضت الحكمة الازلية عدم مباشرة الامور بذاته المقدسة ، بل اقتضت الوساطة ؛ كما أُشير إليه في بعض الأخبار ، وذلك لأنّ التعبير المذكور ربما يعطي عدم امكان المباشرة بلا واسطة ، مع أنه لا ريب في امكان ذلك له تعالى بقدرته ، نعم لا بالمباشرة الحسية بل بالقدر والخلق لكل شيء حين لزومه بلا واسطة فتدبر تفهم ، لبعد المناسبة بين عزة القدم وذلة الحدوث (٢).

فقضى سبحانه بتخليف نائب عنه في التصرف والولاية والحفظ والرعاية ، فلا محالة له وجه له إلى القدم يخلف عنه في التصرف ، وخلع عليه خلع جميع أسمائه وصفاته ، ومكنه في مسند الخلافة بالقاء مقادير الامور إليه واحالة الجمهور عليه. فالمقصود من وجود العالم أن يوجد الإنسان ، الذي هو خليفة الله في العالم ، فالغرض من الاركان

__________________

(١) صاحب كتاب هداية المسترشد : ٢٢٦.

(٢) شرح الزيارة الجامعة : ١ / ٣٠٥.

٢٤٤

حصول النباتات ، ومن النباتات حصول الحيوانات ، ومن الحيوان حصول الإنسان ، ومن الإنسان حصول الارواح ، ومن الارواح الناطقة حصول خليفة الله في الأرض كما قال الله تعالى : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ). فالنبي لابد من أن يكون آخذاً من الله ، متعلما من لدنه ، معطيا لعباده ، هاديا لهم ، فهو واسطة بين العالمين سمعا من جانب ولسانا إلى جانب ، وهكذا حال سفراء الله إلى عباده وشفعاء يوم تناده ، فلقلب النبي بابان مفتوحان : باب مفتوح إلى عالم الملكوت ، وهو عالم اللوح المحفوظ ، ومنشأ الملائكة العلمية والعملية ، وباب مفتوح إلى القوى المدركة ؛ ليطلع على سوانح مهمات الخلق ، فهذا النبي يجب ان يلزم الخلائق في شرعه الطاعات والعبادات ؛ ليسوقهم بالتعويد عن مقام الحيوانية إلى مقام الملكية ، فان الأنبياء رؤوس القوافل.

وقال في الفرق بين النبوة والولاية : اعلم أن النبوة وضع الآداب الناموسية والولاية كشف الحقائق الالهية ، فان ظهر من النبي تبين الحقائق فهو بما هو ولي ، فان كل نبي ولي ولا عكس ، لان النبي كمرآة لها وجهان : وجه إلى الحق ، ووجه إلى الخلق ، فولايته من وجهه إلى الحق ، ونبوته من وجهه إلى الخلق.

وقيل : النبوة وضع الحجاب ، والولاية رفع الحجاب ؛ لأنّ دفع الفساد أهم في نظر النبي ، وهو لا يتأتى إلاّ بوضع الحجاب.

وفي شرح الصحيفة السجادية على منشيها آلاف الثناء والتحية ما ملخصه : الولي فعيل : بمعنى المفعول ، وهو من يتولى الله أمره كما قال تعالى : ( وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (١) وقيل : بمعنى الفاعل أي الذي يتولى عبادة الله ، ويوالي طاعته من غير تخلل معصية ، وكلا الوصفين شرط في الولاية.

وقال المتكلمون : الولي من كان آتيا بالاعتقاد الصحيح المبني على الدليل ، وبالأعمال الشرعية ، والتركيب يدل على القرب ، فكأنه قريب منه تعالى لاستغراقه في أنوار معرفته وجمال جلاله.

وقيل في بيانه : الولي من يتولي الله تعالى بذاته أمره ، فلا تصرف له اصلا اذ

__________________

(١) الأعراف : ١٩٦.

٢٤٥

لا وجود له ولا ذات ولا فعل ، ولا وصف ، فهو الفاني بيد المفني يفعل ما يشاء حتى يمحو رسمه واسمه ويمحق عينه وأثره ، ويحييه بحياته ويبقيه ببقائه ، هذا عام يشمل غير الأئمة عليهم‌السلام. وقيل : الولي هو المطلع على الحقائق الالهية ، ومعرفة ذاته تعالى وصفاته وأفعاله كشفاً وشهوداً من الله خاصة من غير واسطة ملك أو بشر. وقيل : هو من تثبت له الولاية ، التي توجب لصاحبها التصرف في العالم العنصري ، وتدبيره باصلاح فساده واظهار الكمالات فيه ، لاختصاص صاحبها بعناية الهية توجب له قوة في نفسه ، لا يمنعها الاشتغال بالبدن عن الاتصال بالعالم العلوي ، واكتساب العلم الغيبي منه في حال الصحة واليقظة ، بل تجمع بين الأمرين لما فيها من القوة التي تسع الجانبين ، والولاية بهذا المعنى مرادفة للامامة عند الامامية. وفي الكلمات المكنونة للمولى العارف الكامل الفيض الكاشاني ( رضوان الله تعالى عليه ) كلمة فيها اشارة إلى النبوة والولاية : الإنسان الكامل اما نبي او ولي ولكل من النبوة والولاية اعتباران : اعتبار الإطلاق ، واعتبار التقييد ، أي العالم والخاص. فالنبوة المطلقة وهي النبوة الحقيقية الحاصلة في الأزل ، الباقية إلى الابد ، وهو اطلاع النبي المخصوص لها على استعداده من حيث انه الانباء الذاتي والتعليم الحقيقي الازلي المسمى بالربوبية العظمى والسلطنة الكبرى. وصاحب هذا المقام هو الموسوم بالخليفة الأعظم ، وقطب الأقطاب ، والإنسان الكبير ، وآدم الحقيقي المعبر عنه بالقلم الاعلى ، والعقل الأوّل ، والروح الاعظم ، وإليه الاشارة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أول ما خلق الله نوري ، وكنت نبياً وآدم بين الماء والطين ونحو ذلك وإليه يستند كل العلوم والأعمال وإليه ينتهي جميع المراتب والمقامات نبياً كان او وليا ، رسولا كان او وصيا. وباطن هذه النبوة هي الولاية المطلقة ، وهي عبارة عن حصول هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل وبقائها إلى الأبد ، ويرجع إلى فناء العبد في الحق وبقائه به ، وإليه الاشارة بقوله : أنا وعلي من نور واحد ، وخلق روحي وروح علي ابن ابي طالب قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، وبعث علياً مع كل نبي سراً ومعي جهرا ، وبقول امير المؤمنين عليه‌السلام : كنت وليا وآدم بين الماء والطين إلى غير ذلك. والنبوة المقيدة هي الأخبار عن الحقائق الالهية أي معرفة ذات الحق وأسمائه وصفاته وأحكامه ، فان ضم مع تبليغ الاحكام والتأديب بالاخلاق

٢٤٦

والتعليم ، وبالحكمة والقيام بالسياسة ، فهي النبوة التشريعية وتختص بالرسالة ، وقس عليها الولاية المقيدة. فكل من النبوة والولاية من حيث هي صفة الهية مطلقة ، ومن حيث استنادها إلى الأنبياء والأولياء مقيدة ، والمقيد متقوم بالمطلق ، والمطلق ظاهر في المقيد فنبوة الأنبياء كلهم جزئيات النبوة المطلقة ، وكذلك ولاية الأولياء جزئيات الولاية المطلقة ، ولكل من الاقسام الاربعة ختم ، أي مرتبة ليست فوقها مرتبة اخرى ، ومقام لا نبي على ذلك المقام ولاولي سوى الشخص المخصوص به ، بل الكل يكون راجعا إليه وان تأخر وجود طينة صاحبه فانه بحقيقته موجودة قبله. وخاتم النبوة المطلقة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخاتم الولاية المطلقة امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام والنبوة المقيدة انما كملت وبلغت غايتها بالتدريج ، فأصلها تمهد بآدم عليه‌السلام ولم تزل تنمو وتكمل حتى بلغ كمالها إلى نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولهذا كان خاتم النبيين ، وإليه الاشارة بما روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل النبوة مثل دار معمورة لن يبق فيها إلاّ موضع لبنة ، وكنت انا تلك اللبنة ، او لفظ هذا معناه. وكذلك الولاية المقيدة انما تدرجت إلى الكمال حتى بلغت غايتها إلى المهدي الموعود ظهوره ، الذي هو صاحب الأمر في هذا العصر ، وبقية الله اليوم في بلاده وعباده ( صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه المعصومين ). وقال بعضهم (١) : الولاية هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه ، وعند ذلك يتولى الحق إيّاه حتى يبلغه مقام القرب والتمكين ، وشرحه بعضهم بقوله : الولاية مأخوذة من الولي وهو القرب ولذا يسمى الحبيب وليا ، لكونه قريبا من محبه ، وفي الاصطلاح : هو القرب من الحق وهي عامة وخاصة ، والعامة حاصلة لكل نبي آمن بالله وعمل صالحا ، والخاصة هي الفناء في الله ذاتا وصفة وفعلا ، فالولي هو الفاني في الله القائم به الظاهر بأسمائه وصفاته. وعن السيد نعمة الله الجزائري رحمه‌الله قال : الولاية بقاء العبد بالحق في حال الفناء. وقيل : هي التخلق بأخلاق الله تعالى والفناء بعد الفناء وصحو بعد المحو. وقال السبزواري في شرحه على الاسماء الحسنى ص ٩ : الولي له معان كثير منها : المتولي لأمور العالم المتصرف فيه ، إلى ان قال : وهو بما هو ولي أتم

__________________

(١) وهو الملا عبد الرزاق الكاشاني على ما في عقائد الإيمان.

٢٤٧

وأكمل منه بما هو نبي ، لأن ولايته جنبته الحقانية واشتغاله بالحق ونبوته وجهه الخلقي وتوجيه اليهم. ولا شك في أن الاولى اشرف لكونها أبدية ، بخلاف الثانية فانها منقطعة. فاذا سمعتم يقولون : الولاية أفضل من النبوة ، فيعنون ذلك في شخص واحد وهو : ان النبي من حيث هو ولي افضل من حيث هو نبي لا الولي التابع. هذه بعض التعارف في معنى النبوة والولاية في كلمات القوم وهناك تعاريف متقاربة اللفظ والمعنى حاصلها يرجع إلى الولاية الحقيقية التي بيناها ، فما ذكرنا من التعاريف يشير إلى تعريفها الحقيقي الوجداني الجامع ولكن معلوم لدينا ان احاديثهم عليهم‌السلام من الصعب المستصعب ، وان بعص الاحاديث المأثورة تشير إلى حقيقة ولايتهم التي منحها الله تعالى اياهم وهي من غوامض اسرارهم ومعارفه ، فأصل حقيقتها لم يحتملها احد بل هي امر مخصوص بهم ، وربما منحوا بعض شؤونها للاولياء الخلص ، اذن فأصل الولاية لم تظهر حقيقتها لأحد ، وأما ما سمعت من التعاريف لها فهي التي عرضها كل منهم على حسب دركه وإلاّ فحقيقتها بعد مبهمة علينا والوجه في ذلك عدم قابليتنا لدركها كما أشير إليه في بعض الاحاديث ، ففي البصائر عن جابر قال عليه‌السلام « يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم ». وفي حديث مفضل في البصائر قوله عليه‌السلام : « فأحسن الحديث حديثنا ، لا يحتمل احد من الخلائق أمره بكماله حتى يجده ، لأنه من حد شيئا فهو اكبر منه ». ولذا ترى الأئمة عليهم‌السلام انما بينوا ولايتهم المطلقة التكوينية ببيان آثارها اما علماً أو عملا اما الأوّل : فكالاحاديث الواردة في بيان شؤون ولايتهم بالسنة وهي مختلفة التي منها الزيارة الجامعة الكبيرة.

وأما الثاني : فكالمعجزات التي صدرت عنهم فانها تحكي حقيقة ولايتهم التكوينية وهي أكثر من أن تحصى وقد ذكر كثيراً منها السيد السند السيد هاشم البحراني رضي‌الله‌عنه في كتاب مدينة المعاجز ، فراجع.

وهكذا القران الكريم ايضاً فانه سبحانه وتعالى بين فيه غالباً ولاية أوليائه بأفعالهم الغريبة التي أقدرهم الله عليها ، وكما سيأتي بيان ذلك.

* الولاية التكوينية يمكن أن تعرف بأنها : القدرة والقابلية على التصرف في التكوينات مطلقا من قبل النبي والأوصياء عليهم‌السلام وباذن الله تعالى وليست بالاستقلال

٢٤٨

ويمكن اعطاء معنى آخر لهذه الولاية بان نقول : ان الولاية التكوينية الثابتة بالوجدان للنبي والأئمة عليهم‌السلام ومن الأحاديث الشريفة ومن القرآن نفسه هو انه تعالى لما كانت ذاته المقدسة علم وقدرة كله ونور كله كما في توحيد الصدوق (١) ، بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لم يزل الله جل وعز ربنا ، والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور فلما أحدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر والقدرة على المقدور. وأراد أن يخلق لكي يعرف ، فالخلق كلهم مظاهر لعلمه وقدرته و نوره ، أي وجوده ، فجميع ما في الوجود مظاهر لصفاته وأفعاله ، فالموجودات لها مراتب مختلفة في اتصافها بالمظهرية حسب اختلافها في القرب إليه تعالى والبعد عنه تعالى ، فكل موجود كان أقرب إليه تعالى كان أكثر مظهراً لصفاته وأفعاله تعالى.

ومن المعلوم أن المستفاد من الآيات والاحاديث هو : أن أول الموجودات قرباً حدوثاً وبقاءً بالنسبة إليه تعالى هو أرواح محمد وآله الطاهرين الأئمة المعصومين عليهم‌السلام.

فلذا هم المظاهر الاتم لصفاته وافعاله تعالى ، فكل موجود كان أتم وأكمل في المظهرية فهو أكبر من كونه آية وعلامة ودليلاً عليه تعالى ، وحيث لا أقرب إليه تعالى ولا أتم في المظهرية منهم عليهم‌السلام فهم الآية الكبرى.

ولذا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والوصي عليه‌السلام : « مالله آية أكبر مني » وجهة كونهم أتم المظاهر ؛ لكونهم أقرب الموجودات إليه تعالى ، ولأنّ علمه تعالى وقدرته ونوره أكثر ظهوراً فيهم عليهم‌السلام وذلك لانهم الاسماء الحسنى.

ففي كتاب التوحيد من الكافي ، في باب النوادر باسناده عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : ( وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) (٢) قال : نحن والله الاسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلاّ بمعرفتنا (٣).

__________________

(١) توحيد الصدوق : ١٣٩.

(٢) الاعراف : ١٨٠.

(٣) الكافي ـ كتاب التوحيد : ٢ / ١١٥.

٢٤٩

وشرحه الاجمالي ما قاله الصادق عليه‌السلام ففيه في ذلك الباب باسناده عن مروان ابن صباح قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، و لسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدل عليه ، وخزانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الاشجار ، وأينعت الثمار ، وجرت الانهار ، وبنا ينزل غيث السماء ، وينبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله ، ولولا نحن ما عبد الله ، هكذا غيره من الاحاديث الأُخر.

ولازم ذلك هو أن آثار القدرة وآثار العلم فيهم عليهم‌السلام أكثر ظهوراً مما ظهر من غيرهم ، ومن المعلوم أن قدرته تعالى هي النافذة في الاشياء والمتصرفة فيها ، بل لا وجود لغيره تعالى مطلقا إلاّ بالقدرة ، فحينئذ لازمه أن قدرتهم هي قدرة الله الظاهرة فيهم عليهم‌السلام النافذة في الاشياء بإذنه تعالى ، فهم بهذا المعنى أولياؤه تعالى أي المتصرفون بإذنه في الوجود ، وهذا معنى الولاية التكوينية (١).

وعلى أساس هذا البيان الذي قدمناه في معنى الولاية وتعريف الولاية التكوينية ، وكلام القوم فيها ، سوف يكون بحثنا في مقامين :

المقام الأوّل : امكان وقوع الولاية التكوينية.

المقام الثاني : الولاية التكوينية لفاطمة عليها‌السلام.

المقام الأوّل : امكان وقوع الولاية التكوينية

اختلف العلماء الاعلام في امكان الولاية التكوينية ووقوعها في ثلاث أقوال :

١ ـ فمنهم من قال لا وجود للولاية التكوينية في القرآن ولا يوجد دليل واحد يدل عليها ، واستدل على ذلك بان القرآن الكريم نفسه يؤكد على ان النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يملك من أمره شيئاً إلاّ ما ملّكه الله بشكل طارئ ... وايضاً الأنبياء لا يملكون ان

__________________

(١) شرح الزيارة الجامعة : ٣٢٦.

٢٥٠

يقدموا أي شيء فيما يقترحه الناس ، ولو كانوا يملكون لاستجابوا لاقتراحات الناس.

٢ ـ القول الثاني يقول بامكان هذه الولاية التكوينية للانبياء والأوصياء ولكن اختلف في وقوعها أو عدم وقوعها.

٣ ـ والقول الاخير يقول بامكان هذه الولاية وانها وقعت في المحيط الخارجي واستدل هذا الاخير بعدة أدلة قدمها لكي تكون له برهان على مصداقية هذه المسألة. وقبل أن نختار أي الاقوال هو الصحيح ؟ لابد لنا من الوقوف مع المصدر الأوّل الذي أمرنا الله تعالى بالرجوع إليه والذي هو ( تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) والذي نعتبره اهم مصادرنا التي نستدل به على كثير من القضايا بل كل الوقائع وهو القران الكريم.

اقول : لابد لنا من استنطاق القرآن الكريم ليخبرنا عن امكان هذه المسألة وامكان وقوعها في الخارج ، وعليه لابد من ان نوضح مسألة مهمة قبل الدخول في بحث القرآن الكريم لاثبات هذه القضية ، وهي ان كل ما نقوله في شأن هذه الولاية التكوينية ولمن ثبتت له نقول انما تكون بالتبع لا بالذات ولا بالاستقلال فانه لا يوجد من يقول من العلماء بأنه هذه الولاية انما تكون بالذات كلا والف كلا فان كل من قال بها انما يقول هي بالذات وبالاصل لله تعالى وبالتبع وبالتفرع للانبياء والأوصياء عليهم‌السلام فلابد لنا ونحن نقف مع هذا البحث المهم أن نتذكر في كل استدلالاتنا هذا الاصل أي انها بالتبع لا بالذات.

السؤال المطروح الآن هو : هل توجد آيات قرآنية تدل على امكان هذه الولاية او بتعبير ادق على وقوع هذه الولاية التكوينية ؟ والجواب : جاء في لسان القرآن الكريم عدة آيات مباركة تدل على امكان وقوعها بل انها وقعت لكثير من الأنبياء ، وليس هذا مجرد قول من دون دليل او برهان علمي يصدق هذه المسألة بل لتوضيح الأمر لابد لنا ان نقف مع هذه الايات لكي نعرف مدى دلالاتها على هذه المسألة ومنها :

* قوله تعالى : ( ... أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا

٢٥١

بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللهِ ) (١).

فالمستفاد من هذه الآية هو نسبة الخلق إلى غير الله تعالى كما يشعر به قوله تعالى ( فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ) حيث الله هو الخالق الحقيقي ، وفي هذه الآية نسب الله تبارك وتعالى الخلق إلى عيسى عليه‌السلام وعليه هذه التصرفات التي صدرت من عيسى عليه‌السلام واثبتها القرآن الكريم انما هي كانت منصبة على التكوينات مثل خلق الطير أي جمع اجزاءه وكذلك ابراء الاكمه والابرص الذين هم في خلقتهم خلل تكويني ، والاعظم من هذا كله هو احياء الموتى ، وهل هذا إلاّ فيه دلالة كبيرة على عظمه الأنبياء وعلى الولاية العظيمة التي اعطاها الله تبارك وتعالى لهم والتي نعبر عنها بالولاية التكوينية أي التصرف في التكوينيات ، على ان قوله تعالى ( بِإِذْنِ اللهِ ) الذي تكرر في الآية المباركة مرتين سيق للدلالة على ان صدور هذا التصرف التكويني عبر الآيات الباهرات للعقول من عيسى عليه‌السلام انما كان مستنداً إلى الله تعالى من غير ان يستقل عيسى عليه‌السلام بشيء من ذلك وانما كرره تكراراً يشعر بالاصرار منه تعالى بالوهيته استدلالا بالايات المعجزة الصادرة عنه ، ولذا كان يقيد كل آية يخبر بها عن نفسه مما يمكن ان يضلوا به الخلق والاحياء باذن الله. وفي ذلك يقول العلامة السيد الطباطبائي في تفسيره الميزان وظاهر قوله : أني أخلق لكم « الخ » ان هذه الايات كانت تصدر عنه صدوراً خارجيا لا ان الكلام مسوق لمجرد الاحتجاج والتحدي ، ولو كان مجرد قول لقطع العذر واتمام الحجة لكان من حق الكلام ان يقيد بقيد يفيد ذلك كقولنا : ان سألتم او اردتم او نحو ذلك. على ان ما يحكيه الله سبحانه من مشافهته لعيسى يوم القيامة يدل على ان وقوع هذه الايات أتم الدلالة ، قال : ( إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ ـ إلى ان قال ـ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَىٰ ) (٢). ومن هنا يظهر فساد ما ذكره بعضهم : أن قصارى ما تدل عليه الآية ان الله سبحانه جعل في عيسى بن مريم هذا السر ، وان احتج على

__________________

(١) آل عمران : آية ٤٩.

(٢) المائدة : آية ١١٠.

٢٥٢

الناس بذلك وأتم الحجة عليهم بحيث لو سألوه شيئاً من ذلك لأتى به ، أما ان كلها او بعضها فلا دلالة فيها على ذلك (١). وعلى اساس هذا البيان يظهر لنا من خلال التمعن والتدقيق في مدلولات هذه الآية اضافة إلى آيات اخرى الولاية التكوينية لنبي الله عيسى وعلى ضوء الاساس والاصل الذي اعتمدناه في مقدمة حديثنا الذي نقول فيه ان الولاية التكوينية انما هي بالتبع لا بالاستقلال لذلك نجد ان الآية المباركة تقول باذن الله أي جعلت الولاية والتصرف في التكوينات باذن الله تعالى لا بالاستقلال ، وعليه ثبوت هذا القول بهذا البيان ، تكون هذه الولاية ايضا ثابتة لاهل البيت عليهم‌السلام وذلك لأنهم عليهم‌السلام افضل من جميع الأنبياء وكيف وقد ثبت لنا بالادلة النقلية ان عيسى عليه‌السلام يصلي خلف الإمام المهدي عند ظهوره الشريف هذا ملخص البيان في الآية الاولى التي أثبت الولاية التكوينية وعلى لسان القرآن الكريم.

* أما الآية الثانية فهي في قصة سليمان وملكة سبأ : ( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ... ) (٢). والذي يهمنا في هذه الايات قوله تعالى ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ) الذي يستفاد منه ان الذي عنده علم من الكتاب انما قال قوله هذا قبال من كان من الجن وهذا يدل على انه كان من الانس ، وقد وردت الروايات عن ائمة أهل البيت عليهم‌السلام انه كان آصف بن برخيا وزير سليمان وانه كان كما قيل عنده اسم الله الأعظم ، وقد تصرف آصف بن برخيا في التكوينات عن طريق ولايته ، في ذلك حيث نقل عرش بلقيس بأقل من طرفة عين ، وهذا فيه دلالة واضحة على ولايته التكوينية على انه لم تقل الآية المباركة التي جاءت لسياق بيان هذه الولاية انها كانت باذن الله تعالى وانما بينت القضية عن طريق العلم الذي بحوزته من الكتاب ، والمراد من هذا الكتاب الذي هو مبدأ هذا العلم العجيب الذي جعله يتصرف هذا التصرف اما جنس

__________________

(١) تفسير الميزان : ٣ / ٢٠٠.

(٢) النمل : آية ٣٨ ، ٤٠.

٢٥٣

الكتب السماوية او اللوح المحفوظ والعلم الذي أخذه هذا العالم منه كان علما يسهل الوصول إلى هذه البغية ، وهذه كله ليس فيه تنافي من ان تكون ولايته باذن الله تعالى لأنه هو الذي اعطاها له ، وعليه تكون هذه الولاية مطابقة للاصل الذي يقول بالتبع لا بالإستقلال وقد ذكر المفسرون انه كان يعلم اسم الله الاعظم اذا سئل به اجاب ذكر بعضهم ان ذلك الاسم هو الحي القيوم ، وقيل : ذو الجلال والاكرام وقيل : الله الرحمن وقيل : هو العبرانية آهيا شراهيا ، وقيل : انه دعا بقوله : يا الهنا واله كل شيء الها واحدا لا اله إلاّ انت اتيني بعرشها إلى غير ذلك مما قيل. على انه من المحال ـ على ما ذكره المفسرون ـ ان يكون الاسم الاعظم الذي له التصرف في كل شيء من قبيل الالفاظ ولا المفاهيم التي تدل عليها وتكشف عنها الالفاظ بل ان كان هناك اسم له هذا الشأن او بعض هذا الشأن فهو حقيقة الاسم الخارجية التي ينطبق عليها مفهوم اللفظ نوعاً من الانطباق وهي الاسم حقيقة واللفظ الدال عليها اسم الاسم. ولم يرد في لفظ الآية نبأ من هذا الاسم الذي ذكروه بل الذي تتضمنه الآية انه كان عنده علم من الكتاب وانه قال : انا آتيك به ، ومن المعلوم مع ذلك ان الفعل فعل الله حقيقة ، وبذلك كله يتحصل انه كان له من العلم بالله والارتباط به ماذا سأل ربه شيئا بالتوجه إليه لم يتخلف عن الاستجابة وان وتبين مما تقدم ايضا ان هذا العلم لم يكن من سنخ العلوم الفكرية التي تقبل الاكتساب والتعلم (١). وعلى كل حال فان الآية المباركة اثبتت الولاية التكوينية في التصرف في الاشياء من خلال اسم الله الاعظم ، فتكون هذه الآية الثانية في اثبات حقيقة الولاية لوصي نبي من الأنبياء وهو اصف بن برخيا.

* ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٢).

وهذا الآية من الايات التي استدل بها على الولاية التكوينية وامكان وقوعها في الواقع الخارجي وعلى ضوء المصدر الأوّل للمسلمين القرآن الكريم وبيان الحال فيها

__________________

(١) تفسير الميزان : ١٥ / ٣٦٣.

(٢) البقرة : آية ٢٦٠.

٢٥٤

يكون على ضوء التقرير المستفاد من هذه الآية المباركة وهو كالاتي : ان ابراهيم عليه‌السلام طلب من الله تعالى الرؤية في قضية احياء الموتى وانه كيف يحي الله الموتى ، وليس المراد من الله تعالى البيان الاستدلالي لابراهيم في هذه القضية فان الأنبياء مثل ابراهيم الخليل ارفع قدرا وشأنا من ان يعتقد البعث ولا حجة له عليه ، والاعتقاد النظري من غير حجة عليه إما اعتقاد تقليدي أو ناشئ عن اختلال فكري وشيء من هذا القبيل لا ينطبق على ابراهيم عليه‌السلام ، على أنه سأل بلفظ كيف وانما يستفهم بكيف عن خصوصية وجود الشيء لا عن اصل وجوده فانك اذا قلت : ارأيت زيداً كان معناه السؤال عن تحقق اصل الرؤية ، واذا قلت كيف رأيت زيدا كان اصل الرؤية مفروغاً عنه وانما السؤال عن خصوصيات الرؤية ، فظهر انه انما سأل البيان بالإرائة والإشهاد لا بالإحتجاج والإستدلال.

على ان إبراهيم إنما سأل أن يشاهد كيفية الاحياء لا أصل الاحياء كما ان ظاهر قوله : كيف تحي الموتى ، والسؤال بأجزائها الذي به تلبس الحياة ، ويرجع محصلة اى السؤال عن السبب وكيفية تأثيره ، وهذا بوجه هو الذي يسميه الله سبحانه بملكوت الاشياء في قوله تعالى عز من قائل : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ولقد اعطى الله تبارك وتعالى القدرة على التصرف عن طريق ولاية او عن طريق قوة او شيء آخر في احياء الطيور الاربعة ، وقضية احيائها انما عن طريق التصرف في التكوينيات بواسطة قوة مؤثرة فاعلة حقيقية جعلها البارئ على يد ابراهيم عليه‌السلام وليس مثل ماتوهم بعضهم من دعوة ابراهيم للطيور في احيائها وقول عيسى عليه‌السلام لميت عند احيائه : قم باذن الله وجريان الريح بأمر سليمان وغيرهما مما يشتمل عليه الكتاب والسنة انما هو لاثر وضعه الله تعالى في الفاظهم المؤلفة من حروف الهجاء ، او في ادراكهم التخيلي الذي تدل عليه الفاظهم نظير النسبة التي بين الفاظنا العادية ومعانيها وقد خفى عليهم ان ذلك انما هو عن اتصال باطني بقوة الهية غير مغلوبة وقدرة غير متناهية هي المؤثرة الفاعلة بالحقيقة. وعلى أي حال انما امر الله تعالى نبيه ابراهيم الخليل بأخذ اربعة من الطير ليعرفها فلا شك فيها عند اعادة الحياة اليها ، ولا ينكرها ، وليرى ما هي عليه من

٢٥٥

الإختلاف والتغير اولا وزوالها ثانيا ، وقوله تعالى فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا اي اذبحهن وبدد اجزائهن واخلطها ثم فرقها على الجبال ، الموجودة هناك لتتباعد الاجزاء وهي غير متميزة ، وقوله ثم ادعهن أي ادع الطيور يأتينك سعيا ، أي يتجسدن واتصفن بالاتيان والاسراع اليك. والذي نريد القول به من كل هذا البيان ان الله تعالى اجرى الولاية التكوينية على يد ابراهيم الخليل وباذنه تعالى حيث يقول الباري عز وجل : فخذ ، فصرهن ، ثم اجعل بصيغة الأمر ويقول ثم ادعهن يأتينك فان الله تعالى جعل إتياهن سعيا وهو الحياة مرتبطا متفرعا على دعوة ابراهيم نفسه فهذه الدعوة هي السبب الذي يفيض عنه حياة ما اريد احيائه ، ولا الاحياء إلاّ بامر الله تعالى ، قد كانت متصلة نحو اتصال بأمر الله الذي منه تترشح حياة الاحياء ، وعند ذلك شاهده ابراهيم ورأى كيفية فيضان الأمر بالحياة ، ولو كانت دعوة ابراهيم اياهن غير متصلة بأمر الله الذي هو ان يقول لشيء اراده : كن فيكون ، كمثل اقوالنا غير المتصلة إلا بالتخيل كان هو ايضا كمثلنا إذ قلنا للشيء كن فلا يكون فلا تأثير جزافي في الوجود فيظهر من هذا كله ان ابراهيم كان تصرفه تكوينيا أي اعطاه الله الولاية التي نسميها ولاية تكوينية وباذن الله تعالى. وكذلك قوله تعالى : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ) (١) في قضية سليمان حيث اعطاه لله تبارك وتعالى ولاية وتصرف في الريح وهل هذا إلاّ ولاية وتصرف في التكوينات ؟ ومنها قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتَىٰ بَل للهِ الأَمْرُ جَمِيعًا ... ) (٢) عن تفسير علي بن إبراهيم قوله : ولو ان قرآناً الخ الآية قال : لو كان شيء من القرآن كذلك لكان هذا أقول : يعني لو كان شيء مما أقدره الله لعباده فيما انزل عليهم من الوحي مما فيه هذه القدرة ، التي بها تسير الجبال وتقطع الأرض ويحي الموتى لكان هو هذا القرآن المنزل عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ولا ريب ان هذه الاثار الثلاثة تنبئ عن ان المنزل عليهم هذا القرآن قد امكنهم الله من هذه الامور ، فما أعطاهم من القدرة ، التي بها يتصرفون في الموجودات ، وهذه حقيقة الولاية التكوينية الثابتة ، لهم

__________________

(١) سورة ص : آية ٣٦.

(٢) الرعد : آية ٣١.

٢٥٦

بنص القرآن ، وإليه يشير ما عن اصول الكافي باسناده عن ابراهيم ، عن ابيه ، عن ابي الحسن الأوّل عليه‌السلام « قال : قلت له : جعلت فداك ، اخبرني عن النبي ورث النبيين كلهم قال : نعم ، قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه ؟ قال : مابعث الله نبيا إلاّ ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعلم منه ، قال : قلت ان عيسى بن مريم كان يحيي الموتى باذن الله ، قال : صدقت ، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقدر على هذه المنازل ؟ قال فقال : ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وغضب عليه ( لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ) ، وانما غضب لانه كان يدله على الماء فهذا وهو طائر قد اعطي مالم يعط لسليمان وقد كانت الريح والنمل والانس والجن والشياطين المردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه ، وان الله يقول في كتابه : ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتَىٰ ). وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال ، وتقطع به البلدان ويحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وان في كتاب الله لايات ما يراد بها امر إلاّ باذن الله به مع ما قد يأذن الله بما كتبه الماضون جعله الله لنا في أم الكتاب ، ان الله يقول : ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ثم قال ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل واورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شي ». حيث دل هذا الحديث على انه تعالى اعطى انبياءه والأئمة عليهم‌السلام قدرة يتصرفون بها في الامور الغيبية ، التي يعجز عنها غيرهم من احياء الموتى كما لعيسى ومن تسيير الجبال وتقطيعها وتكليم الموتى وغيرها مما ستأتي الاشارة إليه ، ثم بين عليه‌السلام جامعا كليا في هذا الأمر مما جعله الله لهم في ام الكتاب ، واستدل عليه بان قوله تعالى : ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) يدل على ان أي امر غائب عن الناس مما هو ثابت في السماء او الأرض يكون في كتاب مبين. ثم بين قوله تعالى : ثم اورثنا الكتاب ، دل على ان الكتاب الذي ما من غائبة سماوية او ارضية إلاّ وهي فيه ، هو هذا الكتاب الذي اورثه الله تعالى اياهم فقوله عليه‌السلام : فنحن اصطفانا الله عز وجل ، اورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شيء ، بيان لأن المراد من العباد في الآية المباركة هو النبي والأئمة عليهم‌السلام. ثم ان

٢٥٧

المراد من قوله فيه تبيان كل شيء ، اقتباسا من الآية الشريفة لايراد التبيان العلمي ، بل المراد الاعم منه ، ومن التبيان الشهودي والعلمي باعمال القدرة وما أقدرهم الله عليه كما لا يخفى على الناقد البصير ، والله العالم وأولياؤه بكلامه ، وقوله تعالى : ( وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ) (١). ففي تفسير البرهان عن الإمام العسكري ... إلى ان « قال عليه‌السلام : ثم قال الله عز وجل : ( وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ) قال : واذكروا يا بني اسرائيل اذ استسقى موسى لقومه ، طلب لهم السقايا لما لحقهم العطش في التيه ، وضجوا بالبكاء ، وقالوا : أهلكنا العطش يا موسى. فقال موسى : الهي بحق محمد سيد الأنبياء ، وبحق علي سيد الأوصياء ، وبحق فاطمة سيدة النساء ، وبحق الحسن سيد الأولياء ، وبحق الحسين افضل الشهداء ، وبحق عترتهم وخلفاؤهم سادة الازكياء لما سقيت عبادك هؤلاء ، فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى اضرب بعصاك الحجر ، فضرب بها ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل اناس مشربهم ، كل قبيلة من اولاد يعقوب مشربهم ، فلا يزاحمهم الاخرون في مشربهم » الحديث. فظاهر هذا الحديث ونحوه اعطاؤه تعالى هذه القدرة لموسى عليه‌السلام بظهور هذا المعجز منه بواسطة ضرب العصا ، وحقيقته ترجع إلى انه تعالى مكنه من هذا الأمر المعجز بما منحه من الولاية التكوينية ، التي اثرها التصرف في الموجودات وسيجيء قريبا توضيحه. ولعصا موسى معاجز اخرى ، منها ما في تفسير نور الثقلين ، عن تفسير العياشي عن عاصم بن المصري في قضية بعثة موسى إلى فرعون ، إلى ان قال : فمكث بذلك ما شاء الله يسأله ان يستأذن له قال : فلما أكثر عليه ( أي على الاذن ) قال له : اما وجد رب العالمين من يرسله غيرك ؟ قال : فغضب موسى عليه‌السلام فضرب الباب بعصاه ، فلم يبق بينه وبين فرعون باب إلاّ انفتح حتى انظر إليه فرعون وهو في مجلسه. الخبر. وفيه عن اصول الكافي باسناده إلى محمد ابن الفيض عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : كانت عصا موسى لادم عليه‌السلام فصارت إلى شعيب عليه‌السلام ثم صارت إلى موسى عليه‌السلام وانها لعندنا ، وان عهدي بها آنفا وهي خضر

__________________

(١) البقرة : آية ٦٠.

٢٥٨

كهيئتها حين انتزعت من شجرتها ، وانها لتنطق اذا استنطقت ، اعدت لقائمنا يصنع بها ما كان يصنع موسى ، وانها لتروع ولتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به ، انها حيث اقبلت ، تلقف ما يأفكون تفتح لها ، شفتان احدهما في الأرض والاخرى في السقف وبينهما اربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها ، وفي تفسير البرهان عند قوله تعالى : ( وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا ) أي وأوحينا إلى موسى اذا استسقاه ان اضرب بعصاك الحجر ، حيث جاء محمد بن يعقوب باسناده إلى أبي سعد الخراساني ، قال : أبو جعفر عليه‌السلام : ان القائم اذا قام بمكة واراد ان يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل احد منكم طعاما ولا شرابا ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير ، فلا ينزل منزلاً إلاّ انبعثت عين منه ، فمن كان جائعا شبع ، ومن كان ظامئا روي ، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة. وفيه وعنه باسناده عن ابي حمزة الثمالي عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : سمتعه يقول : الواح موسى عندنا وعصا موسى عندنا ونحن ورثة النبيين. فهذه الايات تثبت هذا النحو من التصرف للانبياء وهذه الاحاديث دلت على انها للائمة ايضا.

اذن هذه الادلة القرآنية يظهر منها ان الله تعالى قد اعطى الولاية التكوينية لكثير من الأنبياء وباذنه يستعملونها وبأمره يعملون ( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) وعليه لا مانع من ان يتصرفوا في الكون بالقدرة التي اودعها الله تعالى فيهم لكن ، لا على نحو الاستقلال بل بارادة الله تعالى فالله تعالى منحهم هذه القدرة فيقولون للشيء كن فيكون لكن بارادة الله ومع وجود هذه القدرة فيهم فهم لا يتمكنون من اعمالها إلاّ بامر من الله تعالى وارادته ، اما الذي يقول ان الله تعالى لابد ان يباشر نفسه ادارة نظام الكون فان قوله هذا مخالف لصريح القران الكريم الذي يقول ( فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) حيث جعل الله تعالى نظام العلية والمعلولية وسيلة لصدور كثير من الاشياء في الكون وكما بينّا من خلال توضيح الايات المباركة المتقدمة وعلى هذا الاساس فان الولاية التكوينية ثابتة للانبياء ولاوصيائهم وامكانها متحقق في القرآن الكريم.

٢٥٩

المقام الثاني : الولاية التكوينية لفاطمة عليها‌السلام

بعد ان ثبت لدينا امكان وقوع الولاية التكوينية لكثير من الأنبياء عليهم‌السلام من خلال القران الكريم ، نجد ايضا وقوع هذه الولاية من خلال استقرائنا لكثير من الروايات والحوادث التاريخيه التي قدمت لنا الكثير من النماذج الخارقة للعادة والتي صدرت من ائمة أهل البيت عليهم‌السلام ويكفي في الدلالة على ذلك بعد ثبوت هذه الولاية من خلال القرآن الكريم.

أقول : يكفي ما ورد في متن الزيارة الجامعة الكبيرة التي أثبتت الولاية التكوينية لأهل البيت عليهم‌السلام ، وذلك من خلال التدقيق في مدلولاتها « بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم ينفس الهم ويكشف الضر وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته » على ان هذه الولاية التكوينية كانت ثابتة لأئمة أهل البيت عليهم‌السلام من خلال اسم الله الاعظم الذي كان عندهم وفي بيان ذلك نقول :

قد تقدم في بداية البحث كيف ان آصف بن برخيا الذي كان وزيرا لسليمان عنده علما من الكتاب وكان عنده ايضا اسم الله الاعظم على ما قيل واستطاع من خلال ذلك التصرف في التكوينات أتى بعرش ملكة سبأ في أقل من طرفت عين ، فاذا كان هذا ثابت لوزير نبي الله سليمان فما ظنك بأهل البيت عليهم‌السلام الذين هم أفضل من جميع الأنبياء ما خلا نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانهم افضل واعظم في هذه الولاية وتوجد عدة أدلة على ذلك ، فان اصف بن برخيا ، استخدم ولايته بما عنده من اسم الله الاعظم بينما عندنا احاديث مأثورة وشواهد تدل على ان أهل البيت عليهم‌السلام كان عندهم اسم الله الاعظم وخصوصا ان الاحرف التي عندهم من اسم الله الاعظم اكثر من الاحرف التي كانت عند آصف بن برخيا ، فلقد ورد في الحديث الشريف عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : « ان اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ، وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت ، اسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الاسم الاعظم اثنان

٢٦٠