الأسرار الفاطميّة

الشيخ محمد فاضل المسعودي

الأسرار الفاطميّة

المؤلف:

الشيخ محمد فاضل المسعودي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الزائر في الروضة المقدسة ـ لحضرة فاطمة المعصومة عليه السلام للطبعة والنشر
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6401-17-1
الصفحات: ٥٣٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

يا أبتاه من الضعف أي انها أعاذت أباها بالله العلي العظيم من الضعف وإن لا يصيبه الضعف لأن العالم كله بحاجة الىٰ هذه الطاقة الجبارة الخلاقة التي تنضح رحمة وتتفجر خيراً وعطاءً.

* « يا فاطمة إيتيني بالكساء فغطيني به فأتيته بالكساء اليماني فغطيته به وصرت أنظر إليه وإذا وجهه يتلألأ كأنَّه البدر في ليلة تمامه وكماله ».

والسؤال المطروح حول هذا المضمون من هذه الفقرة : هو لماذا طلب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كساءً يتغطىٰ به ... لماذا لم يطلب شيئاً آخر كالطعام أو الشراب ؟ لماذا طلب ذلك الكساء ؟ وما هي المناسبة التي جعلت وجهه يتلألأ نوراً كأنه البدر في ليلة تمامه وكماله ؟

إن المناسبة هي تلقي الوحي فهناك عدة شواهد تأريخية تنقل لنا كيفية تغير وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أثناء تلقيه الوحي ، أمّا لماذا طلب الكساء اليماني فذلك ليجمع أهل بيته ويركز عليهم دون غيرهم ، وأنّهم المحور الأساس الذي تدور عليه ولاية الله تعالىٰ ، وأنهم المرتبطين بشأن نزول الوحي أثناء تغطيتهم بالكساء لتكون آية التطهير النازلة وإرادة السماء فيهم عليهم‌السلام ، اذن فالكساء إنّما جاء للحصر ... وليس لشيء آخر كما حديث يوم المباهلة حيث ان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يخرج معه إلاّ هؤلاء الذين هم تحت الكساء بالإضافة إلىٰ أنه أراد تأكيد الوصية وصية الغدير.

* « إني أشم عندك رائحة طيبة كأنها رائحة جدي رسول ... ».

وحديث الكساء فيه تصوير رائع لجمال أهل البيت وطيبة رائحتهم فإنها رائحة طيبة تعبق الشذىٰ ... وأكثر من ذلك فقد كانت صبات عرق الرسول تتفوح بالعطر كما كان عطر الزهراء ورائحتها عطر الجنَّه ... والرسول كان يشم فاطمة ويقول كلما اشتقت إلى رائحة الجنَّة شممت رائحة إبنتي فاطمة ، « ريحانة أشمها وتشمني ».

* ويُظهِر الحديث أدب الكلام والمحادثة مع النبي وأدب المعاملة مع أهل البيت بعضهم من بعض في وقوف كل واحد أمام الكساء وطلب الإذن من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم جواب النبي له وهكذا تجري فصول هذا الحديث المقدس وفاطمة ترقبه وتسجله ثم تجيئ به في النهاية لإكمال المشوار.

٢٠١

* وتقول الزهراء لما إكتملنا جميعاً تحت الكساء أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء ـ وهذا يعني أنهم خمسة أصحاب الكساء لا ينقصون ولا يزيدون ... بل هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها ... خمسه لا غير أي قبل دخول فاطمة لم يكتمل النصاب بعد ولم يكتمل العدد بعد والقول « إكتملنا جميعاً » يشير إلىٰ أنهم خمسة أصحاب الكساء ودعاء الرسول لهم هو تسديد من السماء لأنّ الرسول لا ينطق عن الهوىٰ إنه إلا وحيٌ يوحىٰ.

* قولها عليها‌السلام : أوحىٰ الله إلىٰ ملائكته وسكان سماواته ... وهذا الحدث بحد ذاته يجعل فاطمة في أعلىٰ قمة في الوجود الامكاني وبالاضافة إلىٰ أنه يكشف لنا عن حقيقة أهل البيت وانه لولاهم لما خلق الله الأكوان والأفلاك.

* وحديث الكساء حينما نعرضه علىٰ الميزان الفكري للإسلام وأساسياته فإنه نجد ان الحديث يسير تماماً مع القرآن الكريم وليس فيه خرق ولا تجاوز عن أساسيات القرآن الكريم ، فهم عليهم‌السلام عدل القرآن وعلىٰ أساس ذلك يكون عدل القرآن معصوم ومحفوظ كما أنَّ القرآن معصوم ومحفوظ ، اذن يكون كل شيء في حديث الكساء هو معصوم من الخطأ والزلل وذلك لكون راوي الحديث ومثبته هو معصوم عن الخطأ والزلل ، وهي فاطمة عليها‌السلام.

* وهناك مسألة مهمة تعرض لها حديث الكساء وهي أنَّ جبرئيل يسأل من الله تعالى ويقول يا رب ومن تحت الكساء ؟

وربما أراد بذلك ـ جبرئيل ـ وعبر انتقال هذا الحديث المبارك عبر الأجيال إلينا أن يؤكد على شرافة أصحاب الكساء وأنهم من الله تعالىٰ يستمدون عصمتهم وقداستهم وتربيتهم. والملفت للنظر عندما يجيب الله تعالىٰ عن أسماء أصحاب الكساء يقول هم فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ، ولم يقل مثلاً هم رسول الله وعلي وفاطمة ... كل ذلك للتأكيد علىٰ محورية فاطمة الزهراء عليها‌السلام بالنسبة لأهل بيت النبوة وأنَّها القطب المركزي لدائرة أهل البيت عليهم‌السلام.

* ويشير حديث الكساء الىٰ نزول جبرئيل الىٰ الأرض بعد معرفة اصحاب الكساء والتشرف في خدمتهم وطلب الأذن من الله تعالىٰ في الدخول تحت الكساء

٢٠٢

وكذلك يظهر من الحديث أن الله ورسوله قد أعطوا الاذن لجبرئيل وذلك لكونه معصوم من الخطأ والزلل بالعصمة الربانية الذاتية فلذلك لا ضير أن يكون معهم تحت الكساء لأنه لا يختلف عنهم من جهة العصمة وهذا بخلاف أم سلمة رضوان الله عليها.

* وهناك إشارة لطيفة في الحديث حيث قال الله تعالىٰ هم فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ولم يقل وابنيها ونحن نعلم ان الذي كان تحت الكساء الحسن والحسين وربما أراد بذلك الصلب والذرية الطاهرة للأئمة عليهم‌السلام وأنهم سوف يكونون أيضاً معصومون وامتداد لأصحاب الكساء.

* ويأتي سؤال الإمام علي عليه‌السلام عن الفضل والأجر لهذا الجلوس تحت الكساء ؟ وفضل ذكر هذا الحديث وما له من الأهمية ؟ حيث بين هذا الجواب الذي يظهر من الحديث أنه ـ أي الحديث ـ غذاءاً للروح والعقل والقلب والبدن معاً ، إذ أن حاجات الإنسان مختلفة ومتعددة ومتبانية علىٰ أن الحاجات المادية فيها محدودة كالطعام والشراب واللباس فكمية منها معينة تصل بالإنسان إلىٰ حد الاكتفاء والارتواء والشبع.

أما حاجات الروح والعقل فهي بلا حدود كالصلاة والعلم والتفقه ، فإنّ الروح تبقىٰ في حالة فهم إليها كلما نهلت منها شعرت بانها بحاجة إلىٰ المزيد منها.

لذلك سأل الإمام علي ولذلك كان جواب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ففي المرة الاولىٰ كان جواب الرسول الأعظم تحديد لحاجات العقل والروح والنفس « نزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة وإستغفرت لهم ». أما في المرة الثانية فقد كان في جواب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحديداً لحاجات الجسد « وفيهم مهموم إلاّ وفرج الله همه ولا مغموم إلاّ وكشف الله غمه ولا طالب حاجة إلاّ وقضىٰ الله حاجته ». فتفريج الهموم وكشف الغموم وقضاء الحاجات إنما هي حاجات جسدية بينما الرحمة وإحاطة الملائكة والإستغفار إنما هي هموم عقلية وروحية ونفسية.

* ويكشف الحديث عن السعادة والفوز والنصر والظفر في الحياة ... لأنّ الذي يمشي في خط أهل البيت لابد أن ينتصر ويظفر لا محالة ولو بعد حين.

* ويقول الحديث أنه ما ذكر في حفل فيه جمع ولم يقل علىٰ فرد واحد. وهي إشارة رائعة إلى أهمية تنظيم المجتمع وتكثير المجالس التي يذكر فيها أهل البيت عليهم‌السلام.

٢٠٣

لأن الإمام الصادق عليه السلام يقول تجلسون وتتحدثون ... أحيوا أمرنا فإني أحب تلك المجالس ... والمجلس الذي يذكر فيه هذا الحديث هو قطعاً مجلس في الخير والصلاح ورضوان الله ... لأنّك تذكر قوماً ما عصوا الله طرفة عين أبداً ، وقد ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي : « ... أو لعلك رأيتني ألف مجالس البطالين فخذلتني » يقول من ترك الإستماع من ذوي العقول مات عقله لأن الإبتعاد عن مجالس العلم والعلماء يؤدي الىٰ الخذلان ، « أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني ».

* وحديث الكساء يشير الى الأمور والمسائل العلمية التي وافقت القرآن الكريم كالأرض المدحية والسماء المبنية والقمر المنير والشمس المضيئة وهي من الحقائق المطابقة للواقع واللقرآن الكريم. هكذا يقرأ الحديث وهكذا يفهم جواب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأسئلة التي وردت في الحديث عن لسان الإمام علي عليه فلعل الإمام علي عليه‌السلام أراد من خلال طرحه وكذلك ربط حديث الكساء بهموم الناس وحوائجهم حتىٰ لا يبقى مجرد حديث فحسب نقرأه من أجل معلومة نعلمها أو من أجل حديث نتعرف إليه واذا كان الأمر كذلك فما أجدرنا ونحن نقف مع هذا الحديث ان نستغل هذه المضامين ونعيشها بعقولنا وأرواحنا ونفوسنا لكي نجعل من هذا الحديث المبارك حسنة لنا فنصلح به أحوالنا ونقوّم أخلاقنا ونثبت عقائدنا الصحيحة ونربي أبناءنا تربية صالحة لا سيما أن أهل البيت ليسوا بعيدين عنا وطقوسنا ليست جامدة أو فارغة بل هي طقوس هادفة الىٰ تربيتنا تربية إسلامية حقة.

٢٠٤

٢٠٥

٢٠٦

فاطمة سيدة نساء العالمين

إن قيلَ حَوّا قلت فاطِمُ فـخرُها

أو قيل مريَم قُلتُ فاطمُ أفضلُ

أفهل لحوّا والدٌ كمحمّدٍ

أم هل لمريمَ مثلُ فاطمَ أشبُلُ

كلُّ لها عند الولادةِ حالةٌ

منها عُقُولُ ذوي البصائر تَذهلُ

هذي لنخلتِها التجت فتساقطت

رُطباً جنيّاً فهي منه تأكلُ

وضعت بعيسىٰ وهي غيرُ مروعةٍ

أنّىٰ وحارِسُها السَّرِيُّ (١) الأبسلُ

وإلىٰ الجدارِ وصفحةِ الباب التجت

بنتُ النّبيِّ فأسقَطَتْ ما تَحمِلُ

سقطت وأسقَطَتِ الجنينَ وحولَها

من كلِّ ذي حسبٍ لئيم جحفلُ

هذا يَعنِّفُها وذاك يَدُعُّها

وَيَرُدُّها هذا وهذا يَركُلُ

وأمامَها أسدُ الأسودِ يقودهُ

بالحبلِ قنفذُ هل كهذا مُعضَلُ

ولسوفَ تأتي في القيامة فاطمٌ

تشكو الىٰ ربِّ السماء وتُعْولُ

ولتعرفنَّ جنينها وحنينَها

بشكايةٍ منها السَّما تَتَزلزلُ

ربّاهُ ميراثي وبعلي حقَّه

غصبوا وأبناثي جميعاً قُتِّلوا (٢)

__________________

(١) السِّري : السيّد الشريف السّخي ، الأبسَلُ : الموطّن نفسه على الموت.

(٢) القصيدة للمرحوم الشيخ محسن أبو الحب الكبير. قال السيّد جواد شبّر في « أدب الطفّ » ج ٨ : ص ٥٦ : الشيخ محسن خطيب بارع وشاعرٌ واسع الآفاق خِصْبُ الخيال. ولد سنة ١٢٣٥ ه‍ ونشأ بعناية أبيه وتربيته ، وتحدّر من أسرةٍ عربية تُعرف بآل أبي الحَب تَمُتُّ بنسبها الىٰ قبيلة خثعم. تدرّج علىٰ نظم الشعر ومحافل الأدب وندوات العلم ، ولا سيّما مجالس أبي الشهداء عليه‌السلام مدارس سيّارة وهي من أقوىٰ الوسائل لنشر الأدب وقرض الشّعر ، وشاعرنا الشيخ محسن نظم فأجاد وأكثر من النوح والبكاء علىٰ سيّد الشهداء عليه‌السلام وصوّر بطولة شهداء الطفّ تصويراً شعريّاً لا زالت الأدباء ومجالس العلماء تترشّفُهُ وتستعيده وتتذوّقه. كتب عنه الشيخ محمّد السماوي في كتاب « الطليعة » فقال : محسن بن محمّد الحويزي الحائري المعروف بأبي الحب كان خطيباً ذاكراً بليغاً متصرّفاً في فنون الكلام اذا ارتقىٰ الأعواد تنقّل في المناسبات.

٢٠٧

٢٠٨

البحث السابع

فاطمة عليها‌السلام سيدة نساء العالمين

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : « ان هذا ملك مقرب لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة ، استأذن ربّه أن يُسَلّمَ عليَّ ويبشرني بأنَّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنَّة » (١).

ورد هذا الحديث بسند معتبر في عدة كتب روائية سواء من العامة أو الخاصة والظاهر من خلال مراجعة هذا الحديث أنَّه ممن أتفقت عليه العامة والخاصة حيث

__________________

(١) ٥ / ٦٦٠ ح ٧٣٨١ ، عنه ذخائر العقبى : ١٢٩ ، ومفتاح النجا : ١١٧ ، وجامع الأصول : ١٠ / ٨٢ وتيسير الوصول : ٢ / ١٥٤ ، وكنز العمّال : ١٢ / ٩٦ ح ٣٤١٥٨ و ص ١٠٢ ح ٣٤١٩٢ وص ١٠٧ ح ٣٤٢١٧ وص ١١٠ ح ٣٤٢٣٠ وفي ج ١٣ / ٦٤٠ ح ٣٧٦١٧ وفي ص ٦٧٥ ح ٣٧٧٢٨ ، ومنتخب كنز العمّال: ٥ / ٩٣ وص ٩٧ عن الحاكم ، والصواعق المحرقة : ١٨٥ ص ١٨٩ ، والفتح الكبير : ١ / ٢٨ وص ٢٤٩ وص ٤٢٦. وسعد الشموس : ٢٠٣ ، والإدراك : ٤٩ ، وحسن الأسوة : ٢٩٠ ، وينابيع المودّة : ١٦٥ وص ٢٦٤ ، ومرقاة المفاتيح : ١١ / ٣٩٣ ، وأحمد في مسنده : ٥ / ٣٩١ ، عنه الفصول المهّمة : ١٢٧ وتاريخ دمشق على ما في منتخبه: ٤ / ٩٥ وص ٢٠٦ ، وترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام من تاريخ دمشق : ٥١ ح ٧٣ ، والخصائص : ١١٨ ، ومقتل الحسين : ١ / ٨٠ و ١٣٠ ، وروى في ص ٥٥ « صدره » ، وكفاية الطالب : ٤٢٢ ، وحلية الأولياء : ٤ / ١٩٠ ، عنه المنتخب من صحيح البخاري ومسلم : ٢١٩ « مخطوط » ، وتاريخ الاسلام : ٢ / ٩٠ وص ٢١٧ ، وفوائد السمطين : ٢ / ٢٠ ح ٣٦٣. وأخرجه في الحبائك : ١٠٥ و ١٠٦ ، وتوضيح الدلائل : ٣٤٨ ، ووسيلة المآل : ١٦١.

ورواه في مصابيح السنّة : ١٠٨ ، ومرآة المؤمنين : ١٨٤ ، ومنال الطالب : ٢٢ ، وغالية المواعظ : ٢ / ٧٣ ، والبداية والنهاية : ٣ / ٢٠٦ ووسيلة النجاة : ٢٠٧ ، وابتسام البرق على ما في الإحقاق : ١٩ / ٣٢ ، والتاج الجامع للأصول : ٣ / ٣١٧ ، والمطالب العالية : ٤ / ٦٧ ، وأشعة اللمعات : ٤ / ٧٠٥ ، وآل محمد ٦ : ٩٢ ح ٤١٨ وأخرجه في ص ١٤٥ ح ٦٦٢ ، والروض الأزهر : ٢٠٠ ، والحاوي للفتاوي : ٢ / ٢٦٧ ، وأسد الغابة : ٥ / ٥٧٤ ، وجمع الوسائل : ١ / ٢٦٩ ، وجامع الأحاديث : ٤ / ٥١٥ ح ١٤١٢٠. والحاكم في المستدرك : ٣ / ١٥١ ، عنه جواهر البحار : ١ / ٣٦٠ والخصائص الكبرى : ٢ / ٢٢٦ ، وسير أعلام النبلاء : ٢ / ١٢٣ ، وأرجح المطالب : ٢٤١ ، والجامع الصغير : ١ / ٧١ ، والمختارٍ : ٥٦ ، أخرجه عن بعضها الإحقاق : ١٠ / ٦٩ ح ١ وج ١٩ / ٣١ ، وج ١٨ / ٣٨٤. ورواه مرسلاً في طرح التثريب : ١ / ١٤٩ ، ورسالة المفاضلة : ٢١٦ ، وفي جمع الوسائل : ١ / ٢٧٠ ، وشرح الفقه : ١٢٠ ، عنها الإحقاق : ١٠ / ١٠٢. ورواه مرسلاً أيضاً في تاريخ الإسلام : ٢ / ٨٨ ، عنه الإحقاق ١٠ / ١١٠ ، وفي ج ١٩ / ٢٥ ، عن سير أعلام النبلاء : ٢ / ١٢٠ عن العوالم ج ١ ص ١٣٧.

٢٠٩

نقلته كتب الفريقين المعتمدة خصوصاً عند السنة وفي الصحاح الستة وعليه فلا مجال للطعن أو النقاش في سند هذا الحديث المبارك الذي يُظهر كرامة فاطمة الزهراء عليها‌السلام علىٰ الله وعلىٰ الرسول الأكرم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والحديث يروي لنا قصة مَلكاً لم ينزل إلىٰ أرض سابقاً استأذن الله تعالىٰ أن يسلم علىٰ رسوله الكريم وإنَّ يبشره بأن فاطمة الزهراء عليها‌السلام هي سيدة نساء هل الجنَّة ، وعليه نقف مع هذا الحديث لنرىٰ مدى شموليته وسعته في دلالته على كون فاطمة الزهراء أفضل من مريم عليها‌السلام أم لا ؟ باعتبار وجود آية قرآنية ذكرت مريم عليها‌السلام في كونها سيدة نساء العالمين في قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) فلنقف مع هذه الآية ومع الحديث المبارك :

١ ـ لنعرف ايهما أفضل فاطمة عليها‌السلام ام مريم عليها‌السلام ؟

٢ ـ ومن هي سيدة نساء العالمين ؟

٣ ـ وما هي الثمرة العقائدية في ذلك ؟

كل هذه الأسئلة تطرح في المقام الذي نحن فيه وعليه لابد لنا أن نجيب عليها لكي تكون لنا قدرة خاصة على الفهم العقائدي لحياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام. فنقول ومن باب مقدمة للبحث في هذا الموضوع المهم إنَّه : ـ

لا شك ولا ريب إنَّه ورد في كتب الفريقين عدة أحاديث تبين أفضل النساء في الدنيا والآخرة وإنَّه لم يكمل من النساء إلاّ أربع وإنَّ الجنَّة إشتاقت إلىٰ أربع من النساء وكذلك ورد أيضاً إنَّ الله اختار من النساء أربع وكثيرة هي الأحاديث التي تظهر هذه المسألة وقد تظافرت الروايات من العامة والخاصة في ذلك. ونحن نذكر في هذه المقدمة ، بعض هذه الأحاديث وعلىٰ أثر ذلك ندخل في صلب الموضوع الذي اخترنا البحث عنه والوقوف معه والاستفاده من دلالته ، أما هذه الاحاديث التي نقلت في طياتها النساء اللواتي إختارهن الله تعالى فمنها :

* ما ورد عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله تعالىٰ اختار

٢١٠

من النساء أربعاً : مريم وآسية وخديجه وفاطمة (١).

* وروي عن مسلم والترمذي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلاّ مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد (٢).

* وجاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : اشتاقت الجنة الىٰ أربع من النساء : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون ، وخديجة بنت خويلد وفاطمة (٣).

*وعن ابن عباس قال : خط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأرض أربعة خطوط قال : تدرون ما هذا ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم : فقال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضل نساء أهل الجنّة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون ، ومريم بنت عمران (٤).

إذن يظهر من هذا الأحاديث أن الإيمان كمل فيهن وإن الله تعالى اختارهن

__________________

(١) الخصائص : ٢٢٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٢٥ ح ٥٨ ، البحار : ١٤ / ٢٠١ ح ١١.

(٢) الفصول المهمة ص ١٢٧ ، مطالب السؤول ص ١٠ / شرح ثلاثيات مسند أحمد ٢ / ٥١١. احقاق الحق ١٠ / ١٠٠ ، ١٩ / ٤٩.

(٣) قلائد الدرر على ما في الاحقاق : ١٠ / ٩٩.

(٤) مسند احمد ج ١ / ٢٩٣ ، رواه مثله في الإسيتعاب : ٤ / ٣٧٦ ، ومستدرك الحاكم : ٢ / ٤٩٧ ، وج ٣ / ١٦٠ من طريقين والإصابة : ٤ / ٣٧٨ ، وتهذيب التهذيب : ١٢ / ٤٤١ ، ومرآة المؤمنين : ١٨٤ ، وسير أعلام النبلاء : ٢ / ١٢٦ ، وتهذيب الكمال : ٢٢ ، وجامع الأحاديث : ٦٨٥ ، وتفسير القرآن لابن كثير : ٩ / ٤٦٧ ، وكنز العمّال : ١٢ / ١٤٣ ، ومنتخب كنز العمّال : ٥ / ٢٨٤ ، والفتح الكبير : ١ / ٢١٤ ، وقصص الأنبياء : ٢ / ٣٧٧ ، وينابع المودة : ١٧٢ و ١٩٨ من ثلاث طرق ، ومجمع الزوائد : ٩ / ٢٢٣ ، وتهذيب التهذيب : ١٣٤ ، وأرجح المطالب : ٢٤٠ و ٢٤٣ ، وآل محمّد : ح ١٠٦ ، ومشكل الآثار : ١ / ٤٨ ، وأسد الغابة : ٥ / ٤٣٧ ، والبداية والنهاية : ٢ / ٦٠ ، وتأريخ الخميس : ١ / ٢٦٥ ، وذخائر العقبى : ٤٢ ، ووسيلة المآل : ٨٠ ، وإرشاد الساري : ٦ / ١٦٨ ، وطرح التثريب : ١٤٩ ، وخصائص السيوطي : ٣ / ٣٦٢ ، ومسنده ص ٥٧ ح ١٣٩ ، والجامع الصغير : ١ / ١٦٨ ، والإعتقاد : ١٦٥ ، وروضة الاجباب : ٦٢٦ « مخطوط » والسراج المنير : ٢٧١ ، ومفتاح النجا : ١٠٢ « مخطوط » وحسن الأسوة : ٣١ ، والبيان والتعريف : ١ / ١٢٣ ، وضوء الشمس : ٩١ ، وتأريخ الإسلام : ٢ / ٩٢ من قوله : أفضل ... ، عن بعضها الإحقاق : ١٠ / ٥٢ ، وفي ج ١٩ / ٤١ عن ضوء الشمس ، ورواه في ذخائر العقبي : ٤٢ ، وفي سير أعلام النبلاء : ٢ / ١٢٤ عنه في الإحقاق : ١٩ / ٥١ ، وفي وسيلة المآل : ٨٠ ، عنه الإحقاق : ١٠ / ٥٧ ، وذكره في الدرة اليتيمة على ما في الإحقاق : ١٩ / ٢٥ ، وكذا في الأنوار المحمّدية على ما في الإحقاق : ١٠ / ٨٥ عن العوالم ص ١١٩ / ج ١.

٢١١

وفضلهن على كثير من نساء الدنيا والآخرة فهلمَّ معي لنقف معهن لنرى خصوصية كل واحدة منهن ـ وهنَّ آسية ومريم وخديجة وفاطمة ـ بحيث ورد الحديث بأنَّهن خير النساء ، ونقول :

لو نظرنا إلى حياة هؤلاء النسوة صارفين النظر عن نصوص الكتاب والسنة لألفينا ان كل واحدة منهنَّ تختص بفضيلة دون غيرها من الصالحات الباقيات.

* فآسية إمرأة فرعون آمنت بالله مخلصة له لائذة به وحده وهي في بيت شر العباد ، ورأس الكفر والالحاد ، وقد جاهرت بايمانها منكرة على فرعون كفره وفساده ، متحدية ظلمه وطغيانه ، فأوتد لها الاوتاد ، حتى قضت شهيدة الحق والإيمان ولم تكن هذه الكرامة لواحدة من الثلاثة.

* أما السيدة مريم فقد كرمها بولادة السيد المسيح من غير أب وما عرفت هذه الكرامة لامرأة على وجه الأرض.

* أما السيدة خديجة فأنها أول من آمن وصدّق الرسول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلّت هي وعلي بن أبي طالب عليهم‌السلام أول صلاة أقيمت في الإسلام ، وهي أول من بذل الأموال لنصرة هذا الدين ... ولولا أموالها ، وحماية أبي طالب لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقضي على الإسلام في مهده ، ولم يكن له عين ولا أثر ... ولم تكن هذه الكرامة لغيرها من نساء العالمين.

أما فاطمة الزهراء عليها‌السلام فإنها بضعة من رسول الله ، بل هي نفسه خلقاً وخُلقاً ومنطقاً وصلاحاً وتقىٰ يرضيه ما يرضيها ، ويؤذيها ما يؤذيه ، وهي أم الحسنين سيدي شباب أهل الجنّة ، وعقيلة سيد الكونين ، بعد رسول الله ولم تكن هذه الكرامة لأمها خديجة ولا لآسية ولا لمريم (١). أما التفاضل بينهنَّ فأننا نتركه لئلا يطول المقام بنا ونقف هنا مع حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، ومريم بنت عمران لاثبات المراد من هذا البحث.

فمن القضايا العقائدية المهمة لدى الشيعة الإمامية والتي تأخذ حيزاً كبيراً على الصعيد الفكري والعقائدي هي مسألة تفضيل سيدة نساء العالمين على مريم وبقية

__________________

(١) تفسير الكاشف : ٢ / ٥٩.

٢١٢

النساء المؤمنات الاخريات ، فنحن باعتبارنا شيعة ونعتقد بأهل البيت عليهم‌السلام وبما ورد من مقامهم ومنزلتهم وقداستهم إنَّ هذه مسألة مسلمة لدينا ولكن هناك من يدعي خلاف ذلك وإن مريم عليها‌السلام هي سيدة العالمين وهي المفضلة على بقية النساء الأخريات والسبب إلى ذهاب بعض من يدعي هذه المقولة هو بما ورد من القرآن الكريم حيث جاء قوله تعالى ( وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) (١). ليثبت كون مريم عليها‌السلام رمزاً قرآنياً قد طرحه القرآن في الفكر العقائدي لدى المسيحية ، فكيف اذن تُحل هذه القضية وخصوصاً نحن الشيعة يجب علينا أن نحمل عقائدنا عن وعي وإستدلال وبرهان صحيح معتمد على الإستدلالات العقلية المثبوت في محلها ، أما أن نأخذ عقائدنا في هذه القضية أو في قضايا أخرى اعتماداً على العواطف والمديح والمبالغات فهذا مما لا يقبله أهل البيت عليهم‌السلام وخصوصاً نحن أبناء الدليل حيث ما مال نميل ، وكذلك فإن أهل البيت عليهم‌السلام ليسوا محتاجين مديحنا وقد مدحهم من هو أفضل واحسن وهو القرآن الكريم بأعظم ما يكون ويكون من المدح والثناء العلي حيث وصفهم بأنهم مطهرون ( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وكذلك قال فيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنهم عدل القرآن ، فما يكون كلامنا ومديحنا بعد ذلك ، اذن فالقضية ليست قضية مديح وإطراء مواقف بل هي قضية عقائدية نعم ، إذا أردنا أن نمدحهم ونقدم لهم الذكر والثناء فذلك من باب التقرب إلى الله تعالى وليس من باب رفع مقامهم بل مقامهم رفيع وإذا اوتينا علم وفهم إنما لكي نتعرف على علو مقامهم وشأنهم عند الله تعالى فعليه إذا طرحت هذه الفكرة ، أو القضية بكون فاطمة عليها‌السلام أفضل من مريم يجب أن تكون مدعومة بالدليل العلمي الشرعي والإستدلال المنطقي وخاصة من القرآن الكريم والسنة لكي تكون عقيدتنا في هذه القضية مبنية على المتانة والصحة ، اذن فالسؤال المطروح هو كيفية كون فاطمة أفضل من مريم والحال إن مريم يخاطبها القرآن الكريم ( يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) والظاهر أنَّ نساء العالمين نص قرآني

__________________

(١) آل عمران : آية ٤٢.

٢١٣

بالصراحة يقول مريم اصطفيت على نساء العالمين فكيف تكون فاطمة أفضل منها ؟ هذا سؤال مطروح فيما نحن فيه وكيف نحمله مع الحديث الذي قدمناه في أول البحث من أن فاطمة سيدة نساء الجنَّة.

ومن جهة أخرى ينقدح سؤال مهم أيضاً وهو أنَّ مريم عليها‌السلام ولدت نبياً وهو عيسىٰ ، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام وكانت طريقة ولادتها بمعجزة ربانية حيث حملت به من غير أب ، فهي إذن ليست ولدت شخصاً عادياً بل نبي من الأنبياء العظماء وهذا الحال لم يحدث لفاطمة عليها‌السلام لم تولد نبياً من غير زوج فما هو باب التفضيل والحال ان مريم محاطة ومحفوفة بالمعاجز فهذه الأمور تطرح ولابد أن تعالج واحدة بعد واحدة ، ويجب على ذلك ألاَّ نحمل العقائد على السذاجة وعلى العواطف والتقليد لأن التقليد يفيد في الأحكام الشرعية أما في العقائد فيجب على الإنسان أن يحملها عن وعي وإدراك واستدلال وفهم. لذا أصول الدين لا يجب أن يُقلد فيها الآخرين بل التقليد في الفروع باعتبار إنها تحتاج إلى تفحص وإفناء عمر في دراستها والبحث فيها وهذا لا يتسنى ولا يتيسر لكافة الناس فيكون الوجوب الكفائي فيها أما الأصول فيجب على الجميع ان يفهموها بوعي عميق وإستدلال ولا يكون الإنسان المتدين فيها ساذج وتبعى للآخرين بل لابد من أن يصل إليها بالتفكر والإستدلال ، وعليه تكون هذه الأسئلة مهمة من الناحية العقائدية ولابد من فهمها بالدليل القرآني والسنتي فكيف نصل إلى غاية المطلوب وكيف نحصل على الجواب الصحيح فيها ؟ فنقول :

قبل ان نجيب على هذه الأسئلة وكيفية بنائها البناء الصحيح العقائدي وعلى ضوء القرآن والسنة نقدم مقدمة بسيطة وهي أن هذه الأسئلة والإشكالات التي تطرح حول فاطمة الزهراء عليها‌السلام ليست شبهات ولا إشكالات جديدة بل هي كانت مطروحة من زمن نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واللطيفة إن هذه الإشكالات والإثارات والشبهات هي في الحقيقة تخدمنا جداً ، لأنها تكون مربية ومعمقة لعقائدنا فنحن نجد الكثير من العقائد في حياتنا نمر عليها مرور الكرام إما عندما تثار الشبهات حول عقيدة معينة فكما تؤدي إلى زعزعة بعض النفوس الضعيفة كذلك تؤدي إلى أن يكون

٢١٤

أهل الأقلام والفكر والتحقيق يغوصون في فهم العقائد ودعمها قرآنياً أو روائياً وعلى ضوء الاستدلالات الصحيحة وبالنتيجة تكون العقيدة معمقة ودقيقة وتقف بوجه الشبهات والإشكالات التي تطرح عليها ، والأمثله على ذلك كثير جداً مثلما طرحت بعض الإشكالات المغرضة حول وجود صاحب الزمان « عج » وقضية الزهراء بصورة عامة كل هذه الإشكالات بالنتيجة وكما قلنا كانت مفيدة بقدر ما هي مضرة ببعض ضعاف النفوس وعلى كل فالذي نريد القول به هو أن الردود العلمية الدقيقة للاشكالات والشبهات التي تطرح قد أنضجت القضايا العقائدية بشكل أو آخر.

أما الجواب علىٰ مسألة تفضيل الزهراء عليها‌السلام على مريم عليها‌السلام فيكون علىٰ شكل نقاط نذكرها لكي يتبين لنا الحق في ذلك :

١) إن الحديث الذي بدأنا به البحث قال بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة وهذا القول يحمل نفس معنى أن فاطمة سيدة نساء العالمين لأن الجنّة فيها المؤمنات فقط والقديسات الطاهرات فتكون فاطمة سيدتهنّ فمن باب الأولوية تكون فاطمة سيدتهنّ في الدنيا كما هي سيدتهنّ في الآخرة فالمعنى واحد سواء في الدنيا أو في الجنَّة.

٢) أن ما طرحه القرآن الكريم من كون مريم عليها‌السلام قد إصطفاها الله تعالىٰ علىٰ نساء العالمين كان علىٰ لسان النبي الاكرم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو الذي أخبرنا بالقرآن وهو الذي أوحيَ إليه من الله تعالىٰ ، ونقول كذلك بإعتبار الرسول ما ينطق عن الهوىٰ إن هو إلا وحي يوحىٰ أخبرنا وبلغنا ان فاطمة سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين ومريم سيدة عالمها فكما بلغنا الرسول القرآن في الآيات الاولىٰ من اصطفاء مريم كذلك بلغنا بقوله حول ابنته فاطمة الزهراء عليها‌السلام والشاهد علىٰ قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه القصة هو ما ورد عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان جالساً ذات يوم ، وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام » فقال : اللهم إنك تعلم ان هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي فأُحب من أحبهم وأبغض من ابغضهم وأُوالي من والاهم وأُعادي من عاداهم ... إلىٰ أن يقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حق فاطمة ... وإنها لسيدة نساء العالمين. فقيل يا رسول الله ، أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ذاك لمريم بنت عمران ؛ فأما إبنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من

٢١٥

الأولين والآخرين : وإنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين ، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون : يا فاطمة ! ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ٤٢ ال عمران (١). الىٰ آخر الحديث.

فيكون الحديث بمثابة تحديد لاطلاق كلمة العالمين التي وردت في الآية القرآنية فتكون النتيجة أن مريم سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء الاولين والآخرين.

٣) أما القرآن الكريم فلقد وردت كلمة تفضيل علىٰ العالمين ليست لمريم فقط بل جاءت لبني إسرئيل ولانبياء بني إسرائيل فمثلاً قوله تعالىٰ ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) (٢). فالآية الشريفة بينت أن الله تعالى فضلهم على العالمين هذا هو الظاهر منها ولكن من منا يقول إن هؤلاء الأنبياء أفضل من نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يوجد أحد يقول ذلك فنبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم الأنبياء ، بل هناك فرقاً شاسعاً بينه وبينهم وخاصة نحن نرىٰ أن القرآن الكريم يقول ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ) ... إذن بلسان القرآن الكريم ان هناك فرقاً بين الأنبياء وهناك تفضيل بينهم ، وهذا دليل واضح علىٰ أنهم ـ أي هؤلاء الأنبياء ـ أفضل أنبياء زمانهم ، إذ من القرآن الكريم نستفيد أن هذا الاطلاق يحمل تقييده معه أي يحمل قيده.

وهناك شواهد أُخرىٰ تدل علىٰ هذه المسألة المطروحة في المقام ، فهذا القرآن الكريم يقول ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ). فالمعروف أن بني إسرائيل هم اليهود والقرآن يقول فضلتكم علىٰ العالمين فهل هناك إنسان مسلم أو مسيحي يقول أن اليهود أفضل من عليها أو أفضل من المسلمين ؟ لا شك ولا ريب لا أحد يقول بهذه المقالة إلا من كان منهم إذن ما معنىٰ أني فضلتكم علىٰ العالمين ؟ هل لانه في زمانهم كثرة الأنبياء ؟ وهذا في الحقيقة لا يدل علىٰ

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٩٣ / ح ١٨ ، عنه البحار : ٤٣ / ٢٤ ح ٢٠ / تأويل الآيات : ١ / ١١١ ح ١٧ نور الثقلين : ١ / ٢٨١ ح ١٣٥. اثبات الهداة : ١ / ٥٣٨ ح ١٦٦. بشارة المصطفى : ٢١٨ روضة الواعظين ١٨٠ ، غاية المرام ٥٢ ح ٣٢.

(٢) الانعام : آية ٨٦.

٢١٦

الافضلية وإذا كانت ثمة أفضلية في المقام فهي للانبياء لكثرتهم لا لذلك الشعب المتعجرف فبالعكس أن كثرة الأنبياء تدل على كثرة الفساد وشدة الانحراف عن طريق الأنبياء والطغيان الذي ملأهم ، فالانبياء إنما يبعثون لحاجة البشر اليهم ، وهذا ما أخبَرنَا به القرآن الكريم حيث كان اليهود يقتلون الأنبياء بغير حق فكلما كان يقتل نبي يبعث نبي آخر وهكذا وفي ذلك يقول القرآن الكريم : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ) (١). ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) (٢).

إذن كثرة الأنبياء تدل علىٰ سقوط ذلك الشعب وكفره وإنتشار الفساد فيه وليس تدل علىٰ أفضلية ذلك الشعب ، وبني إسرائيل تلك الأُمة المنحرفه والتي لا زال شرها الىٰ الآن علىٰ العالم الاسلامي بل علىٰ كل العالم كانت في الحقيقة أُمة غير ناجحة وفاشلة جداً والسبب في ذلك هو تمردها علىٰ انبياءها وعلمائها وقدِّيسيها وقادتها وهذا هو السبب في فشلهم ، وعلىٰ هذا الاساس تكون كلمة الاصطفاء على العالمين مثل كلمة التفضيل إذن من نفس مفردات القرآن الكريم نستفيد من كلمة عالمين أي عالم زمانها سواء كانت كلمة عالمين في قضية تفضيل اليهود أو تفضيل الأنبياء أو تفضيل مريم عليها‌السلام ، فتكون كلمة عالمين يعني عالم زمانها ليس إلاّ.

٤) روي أن زكريا كلما دخل علىٰ مريم عليها‌السلام وهي في محرابها ( وكان آنذاك رئيس الهيكل اليهودي فإهتم بها وتفقد شؤونها ) وجد عندها طعاماً وعهده بها أن لا يدخل عليها أحد ، فسألها متعجباً : أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ! ... قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ ـ أي لا بواسطة أحد من الناس ـ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ. ولا شك ولا ريب أن هذه كرامة لمريم عليها‌السلام فهل في فاطمة الزهراء عليها‌السلام موجودة هذه الكرامة أم انها إختصت بمريم فقط فتكون مفضلة علىٰ الصديقة عليها‌السلام ؟ قلنا : نعم حدثت مثل هذه الكرامة لسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد جاء في تفسير روح البيان للشيخ اسماعيل حقي عند تفسير قوله تعالىٰ حكاية عن مريم : ( هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ ) جاء في هذا التفسير ما نصه

__________________

(١) البقرة : آية ٦١.

(٢) النساء : ١٥٥.

٢١٧

بالحرف : « جاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زمن قحط ، فأهدت له فاطمة رغيفين ولحماً .. فأتاها وإذا بطبق عندها مملوء خبزاً ولحماً ، فقال لها : انىٰ لك هذا ؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال : الحمد لله الذي جعلك شبيهه بسيدة بني اسرائيل ، ثم جمع رسول الله علياً والحسنين ، وجمع أهل بيته عليه فأكلوا وشبعوا ، وبقي الطعام كما هو فأوزعت فاطمة علىٰ جيرانها » (١). وفي كتاب ذخائر العقبىٰ لمحب الدين الطبري « إن علياً عليه‌السلام استقرض ديناراً ليشتري به طعاماً لاهله ، فالتقىٰ بالمقداد بن الاسود في حال ازعاج ولما سأله الإمام قال : تركت أهلي يبكون جوعاً ، فآثره بالدينار على نفسه وأهله وانطلق الىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلىٰ خلفه وبعد الصلاة قال النبي لعلي : هل عند شيء تعشينا به ؟ وكأن الله قد أوحى إليه ان يتعشىٰ عند علي ، فأطرق علي لا يحير جواباً ، فأخذ النبي بيده ، وانطلقا الىٰ بيت فاطمة ، وإذا بحفنه من الطعام فقال لها علي عليه‌السلام أنّىٰ لك هذا ؟ قال له النبي : هذا ثواب الدينار ، هذا من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب ، الحمد لله الذي أجراك يا علي مجرىٰ زكريا واجراكِ يا فاطمة مجري مريم ، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ... » (٢). وعليه قد ثبتت هذه الفضيلة للزهراء عليها‌السلام مثلما ثبتت لمريم سواء من طرق العامة أو الخاصة.

٥) واستدل الكثير من العامة والخاصة بأفضلية فاطمة عليها‌السلام علىٰ مريم وخصوصا ما تواتر عن أبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخاصة والعامة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني » فهذا الحديث من المتواترات وفيه دلاله علىٰ كونها من نور الرسول الاعظم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكونها لحمه ودمه فهو خاتم الرسل فانه تكون ابنته أفضل من ابنت عمران.

أوَما قال خاتَمُ الرسل فيها

فاطمُ بضعتي وِلايَ وِلاها

فاطمُ روحي التي بين جنبي

وريحانتي التي أَهواها

__________________

(١) الخرائج والجرائح : ٥٢٨ ح ٣ ، البحار : ٤٣ / ٢٧ ح ٣٠ ، الثاقب في المناقب : ٢٩٥ تفسير الثعلبي : ٢٠٢ / ، فرائد السمطين : ٢ / ٥١ ، ابن كثير البداية والنهاية : ٦ / ١١١ وروح المعاني : ٣ / ١٢٤ ، الدرر المنثور : ٢ / ٢٠ ، واحقاق الحق : ٣ / ٥٣٨.

(٢) ذخائر العقبىٰ : ٤٥ ، كفاية الطالب : ٣٦٧ ، ووسيلة المآل : ٨٩ ، ينابيع المودة : ١٩٩ ، كشف الغمة : ١ / ٤٦٩ ، أمالي الطوسي : ٢ / ٢٢٨ البحار : ٤٣ / ٥٩ ح ٥١.

٢١٨

أيها الناس بابُ فاطِمَ بابي

مثلَما قد غدا حمايَ حماها

أيُّها الناس فأحفظوني فيها

تاه في الغيِّ من بسوءٍ أتاها

٦) إن فاطمة الزهراء عليها‌السلام أفضل من مريم بل هي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين وهذا ما أثبته الحديث المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث طويل : « ولقد كانت عليها‌السلام مفروضة الطاعة علىٰ جميع من خلق الله ، من الجن والانس والطير والوحش والأنبياء والملائكة » (١) وكذلك ما ورد في الحديث الشريف عن أهل بيت العصمة أنه « ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتىٰ أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرىٰ وعلىٰ معرفتها دارت القرون الاولىٰ » (٢). فالذي يظهر من هذين الحديثين ان فاطمة مفروضة الطاعة علىٰ جميع الاولين والاخرين بما فيهم النساء والأنبياء والخلق كلهم وكذلك لا تتكامل نبوة نبي إلاّ أن يقر بفضلها ومحبتها ، فاذا كان حال الصديقة الكبرىٰ هكذا مع الأنبياء فكيف مع مريم عليها‌السلام ولم تكن نبية ؟

٧) ويمكن أن نستفيد من الحديث المروي عن شفاعة فاطمة الزهراء عليها‌السلام يوم القيامة وان لها الشفاعة الكبرىٰ كما لأبيها رسول الله انها الافضل وانها سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين بينما لا يوجد عندنا نص في شفاعة مريم عليها‌السلام فلذلك يكون هذا الحديث المروي عن شفاعة فاطمة دليل علىٰ كونها سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين وإلا كيف يكون لها مقام الشفاعة ؟ واليك الحديث المروي في شفاعتها لمحبيها وشيعتها يوم القيامة.

* عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لفاطمة وقفة علىٰ باب جهنم فاذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كلّ رجل : مؤمن أو كافر ، فيؤمر بمحب قد كثرة ذنوبه الىٰ النار ، فتقرأ بين عينيه محباً ، فتقول : إلهي وسيدي سميتني فاطمة ، وفطمت بي من تولاني وتولىٰ ذريتي من النار ، ووعدك الحقُّ وأنت لا تخلف الميعاد. فيقول الله عز وجل : صدقتِ يا فاطمة إني سميتكِ فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ، ووعدي الحق وأنا لا أُخلف الميعاد وإنما

__________________

(١) دلائل الإمامة : ٢٨.

(٢) البحار : ٤٣ / ١٠٥.

٢١٩

أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأشفعك ، ليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فجذبت بيده وأدخلته الجنَّة (١). إذن لا يبقى أي أشكال في كون فاطمة سيدة نساء الجنّة وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ولا تنافي في كون مريم قد دعمها القرآن الكريم وإن الله قد اصطفاها فإن ذلك كان في زمانها ولا يمتد إلى زمان الصديقة الطاهرة فاطمة عليها‌السلام ، هذا من جهة اصطفاء مريم وكيفية التوفيق بين ذلك ، أمَّا بالنسبة للمعجزة الربانيِّة التي خصت بها مريم عليها‌السلام والكرامة التي أعطاها الله تبارك وتعالى إياها وهي إنها ولدت عيسى من غير أب عيسىٰ عليه‌السلام ، وإنه نبي من الأنبياء ، وهذا غير موجود في الصديقة فاطمة عليها‌السلام ولم يقع لها بل ولدت الحسن والحسين وزينب عليها‌السلام بالطريقة الطبيعية فتكون مريم مفضلة علىٰ فاطمة فيكون الجواب علىٰ ذلك :

إننّا لا نتصور ولا نصدق علىٰ أن يكون هذا دليلاً علىٰ أفضلية مريم عليها‌السلام لماذا ؟ لأنّه بالنسبة لولادتها لعيسىٰ عليه‌السلام وحملها به من غير أب يكون وحسب رأينا القاصر لسببين :

١ ـ إن مريم عليها‌السلام حملت بعيسىٰ بهذه الطريقة لأنَّه لم يكن في بني إسرائيل كفوء لها فمن من بني إسرائيل يستحق أن يكون زوجاً للقديسة الطاهرة وأباً لعيسىٰ عليه‌السلام هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إنَّها نذرت نفسها لخدمة بيت الله آنذاك ولذلك كان اصطفاءها من قبل الله تعالى والدليل على عدم وجود كفوء لها إنها عندما حملت بعيسىٰ وولدته فقدوها بني إسرائيل في المحراب فخرجوا في طلبها وخرج زكريا فأقبلت مريم وعيسىٰ في صدرها وأقبلت مؤمنات بني إسرائيل يبزقن في وجهها فلم تكلمهن حتى دخلت في محرابها فجاء إليها بنو إسرائيل وزكريا فقالوا لها ( يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) أي شيئاً عظيماً في المناهي ( يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) ومعنى قولهم يا أخت هارون إن هارون هل كان رجلا فاسقاً زانياً فشبهوها به يعني أين هذا البلاء الذي جئت به والعار الذي ألزمته بني

__________________

(١) البحار : ٨ / ٥١.

٢٢٠