الأسرار الفاطميّة

الشيخ محمد فاضل المسعودي

الأسرار الفاطميّة

المؤلف:

الشيخ محمد فاضل المسعودي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الزائر في الروضة المقدسة ـ لحضرة فاطمة المعصومة عليه السلام للطبعة والنشر
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6401-17-1
الصفحات: ٥٣٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

بمثقال ذرَّة من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا أبالي.

يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أُنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إليَّ حاجة فبهؤلاء توسَّل. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن سفينة النجاة ، من تعلَّق بها نجا ، ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت (١).

في بدء خلقتها

* عن النبّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّ الله خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم عليه‌السلام ، حين لا سماء مبنيَّة ، ولا أرض مدحيَّة ، ولا ظلمة ولا نور ، ولا شمس ولا قمر ، ولا جنّة ولا نار. فقال العبّاس : فكيف بدء خلقكم يا رسول الله ؟ فقال : يا عمِّ : لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلَّم بكلمة خلق منها نوراً ، ثمَّ تكلَّم بكلمة أخرىٰ فخلق منها روحاً ، ثمَّ مزج النور بالروح فخلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ، فكنّا نسبِّحه حين لا تسبيح ، ونقدِّسه حين لا تقديس ، فلما أراد الله تعالى أن ينشئ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ، ونوري من نور الله ، ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي عليٍّ فخلق منه الملائكة ، فالملائكة من نور عليٍّ ، ونور عليٍّ من نور الله ، وعلي أفضل من الملائكة ، ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض ، فالسموات والأرض من نور ابنتي فاطمة ، ونور ابنتي فاطمة من نور الله ، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض. ثمَّ فتق نور ولدي الحسن ، ونور الحسن من نور الله ، والحسن أفضل من الشمس والقمر. ثمَّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنَّة والحور العين ، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ، ونور ولدي الحسين من نور الله ، وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين (٢).

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٣٦.

(٢) بحار الانوار : ١٥ / ١٠.

١٦١

في عرض ولايتها على الأشياء

* في حديث الإسراء : يا محمَّد ! إنِّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الضالّين « الظالمين خ ل ». يا محمَّد ! لو أنَّ عبداً من عبيدي عبدني حتَّى ينقطع ، أو يصير كالشنِّ البالي ، ثمَّ أتاني جاحداً لولا يتكم ما غفرت له حتى يقرَّ بولايتكم.

يا محمَّد : أتحبُّ أن تراهم ؟ قلت : نعم ، يا ربِّ ! قال : التفت ، فالتفتُّ عن يمين العرش ، فإذا أنا باسمي وباسم عليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ ومحمَّد وجعفر وموسى وعليّ والحسن ، والمهديّ في وسطهم كأنَّه كوكب درّيٌّ ، فقال : يا محمَّد ! هؤلاء حججي على خلقي ، وهذا القائم من ولدك بالسيف والمنتقم من أعدائك (١).

في سبق دخولها الجنّة

* عن عليّ عليه‌السلام عن النيّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ أوَّل من يدخل الجنّة أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين. قال عليٌّ : فمحبُّونا ؟ قال : من ورائكم (٢).

في كونها في حظيرة القدس

* وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبَّة بيضاء ، سقفها عرش الرحمن (٣).

__________________

(١) تأويل الآيات : ١ / ٩٨.

(٢) مسند فاطمة الزهراء عليها‌السلام للسيوطيّ : ٤٥ ، ٤٦.

(٣) مسند فاطمة الزهراء عليها‌السلام : للسيوطي : ٤٥ ، ٤٦.

١٦٢

في جواز دخولها عليها‌السلام مسجد النبي

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا لا يحلُّ المسجد لجنب ولا حائض إلاّ لرسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام (١).

في سكونتها معهم في الجنّة

* عن النبّي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : في الجنَّة درجة تدعى الوسيلة ، فإذا سألتم الله فاسألوا لي الوسيلة. قالوا : يا رسول الله ! من يسكن معك فيها ؟ قال : عليُّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام (٢).

في كونها ركناً لعليّ عليهم‌السلام

* عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال لعليِّ بن أبي طالب عليه‌السلام : سلام عليك يا أبا الريحانتين ، فعن قليل يذهب ركناك ، والله خليفتي عليك. فلمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عليُّ عليه‌السلام : هذا أحد الركنين ، فلمّا ماتت فاطمة عليها‌السلام قال : هذا الركن الآخر (٣).

أقول : ينبغي إمعان النظر في معنىٰ الركنيّة ، فأيّ معنى تصوِّر لركنيِّة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام فهو ثابت لفاطمة الزهراء عليها‌السلام ، ولعمري هذا مقام شامخ لم ينله أحد إلاّ هي ، وهو من مختصّاتها عليها‌السلام.

__________________

(١) تأويل الآيات : ١ / ٩٨.

(٢) المصدر السابق : ٦٩.

(٣) ذخائر العقبي : ٥٦.

١٦٣

في إصابة نور الله لها

* عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمّا خلق الله الجنَّة خلقها من نور وجهه ، ثمَّ أخذ ذلك النور فقذفه فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة ثلث النور ، وأصاب عليّاً وأهل بيته ثلث النور. فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمَّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضلّ عن ولاية آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أقول : التدبُّر في هذا الحديث يعطي جلالة شأنها وعلوَّ درجاتها عليها‌السلام ، إذ جعلها الله ـ تعالى شأنه ـ في النور قسيم أبيها وبعلها وبنيها عليهم‌السلام ، بل هي أكبر حظّاً منهم. وهذا لعمري شأوٌ لا تنالها أيدي المتناولين ، وبحر لا يدرك قعرها غوص المتعمِّقين.

في كونها خير خلق الله تعالىٰ

* عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل : على ساق العرش مكتوب : لا إله إلاِّ الله ، محمّد رسول الله ، وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله (٢).

في اختيار الله تعالىٰ ايّاها على النساء

* قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام : إنَّ الله عزّ وجلّ أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثمَّ اطَّلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثمَّ اطلع الثالثة فاختار الأئمَّة من ولدك على رجال العالمين ، ثمَّ اطَّلع الرابعة فاختار فاطمة على نساءِ العالمين (٣).

* قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنَّة مكتوباً : لا

__________________

(١) البحار : ٤٣ / ٤٤.

(٢) بحر المعارف : للمولى عبد الصمد الهمداني : ٤٢٨.

(٣) زين الفتى : للحافظ العاصميّ ، كما في « فاطمة الزهراء » للعلاّمة الأميني ص ٤٣.

١٦٤

إله إلاَّ الله ، محمَّد رسول الله ، عليٌّ حبيب الله ، والحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة خيرة الله ، على باغضهم لعنة الله (١).

في وجوب إطاعتها على الكائنات

* عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث طويل : ولقد كانت عليها‌السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجنِّ والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة ـ الحديث (٢).

* عن محمَّد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه‌السلام فأجريت اختلاف الشيعة ، فقال : يا محمَّد إنَّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفرِّداً بوحدانيَّته ، ثمَّ خلق محمَّداً وعليّاً وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثُمَّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها ، وفوّض أمورها إليهم ، فهم يحلّوُن ما يشاؤون ، ويحرِّمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى. ثُمَّ قال : يا محمَّد ، هذه الديانة التي من تقدَّمها مرق (٣) ، ومن تخلَّف عنها محق ، من لزمها لحق ، خذها إليك يا محمَّد (٤).

قال العلامة المجلسيُّ في شرح هذا الحديث : « فأشهدهم خلقها » ، أي خلقها بحضرتهم وهم يطّلعون على أطوار الخلق وأسراره. « وأجرى طاعتهم عليها » أي أوجب على جميع الأشياء طاعتهم حتّى الجمادات والسماويّات والأرضيات. « وفوّض أمورها إليهم » من التحليل والتحريم والعطاء والمنع ، وإن كان ظاهره تفويض تدبيرها إليهم من الحركات والسكنات والأرزاق والأعمار وأشباهها (٥).

* عن أبي سعيد الخدريِّ قال : كنّا جلوساً عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس : « أستكبرت أم كنت من

__________________

(١) تاريخ بغداد : ١ / ٢٥٩.

(٢) دلائل الإمامة : للطبريّ ، ص ٢٨.

(٣) مرق من الدين : خرج منه بضلالة أو بدعة.

(٤) بحار الانوار : ١٥ / ١٩.

(٥) مرآة العقول : ٥ / ١٩٠ ـ ١٩٢.

١٦٥

العالمين » (١) ، من هم يا رسول الله الّذين هم أعلى من الملائكة المقرَّبين ؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا وعليُّ وفاطمة والحسن والحسين ، كنّا في سرادق العرش نسبِّح الله فسبَّحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام ، فلمّا خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ، ولم يؤمروا بالسُّجود إلاّ لأجلنا ، فسجدت الملائكة كلُّهم أجمعون إلاّ إبليس أبي أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : ( يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ) أي من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش. فنحن باب الله الَّذي يؤتى منه ، وبنا يهتدي المهتدون ، فمن أحبَّنا أحبَّه الله وأسكنه جنَّته ، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره ، ولا يحبُّنا إلاّ من طاب مولده (٢).

في ركوبها يوم القيامة

* عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يبعث الله الأنبياء يوم القيامة على الدوابِّ ، ويبعث صالحاً على ناقته كيما يوافي بالمؤمنين من أصحابه المحشر ، وتبعث فاطمة ، والحسن والحسين عليهم‌السلام على ناقتين من نوق الجنَّة ، وعليَّ بن أبي طالب على ناقتي ، وأنا على البراق ، ويبعث بلالاً على ناقته فينادي بالأذان ـ الحديث (٣).

في تكلُّمها في بطن أُمِّها

* عن بعض الرواة الكرام : إنَّ خديجة الكبرى ـ رضي الله عنها ـ تمنَّت يوماً من الأيّام على سيِّد الأنام أن تنظر إلى بعض فاكهة دار السَّلام ، فأتى جبرئيل إلى المفضَّل على الكونين من الجنَّة بتفّاحتين وقال : يا محمَّد ، يقول لك من جعل لكلِّ شيء قدراً :

__________________

(١) ٧٥.

(٢) تأويل الآيات : ٢ / ٥٠٩.

(٣) كنز العمّال : ٦ / ١٩٣ ، كما في فضائل الخمسة : ٣ / ١٦٣.

١٦٦

كُلْ واحدة وأطعم الاُخرى لخديجة الكبرى ، فاغشها ، فإنّي خالق منكما فاطمة الزهراء. ففعل المختار ما أشار به الأمين وأمر. فلمّا سأله الكفّار أن يريهم انشقاق القمر ـ وقد بان لخديجة حملها بفاطمة وظهر ـ قالت خديجة : واخيبة من كذَّب محمَّداً وهو خير رسول ونبيِّ ! فنادت فاطمة من بطنها : يا أمّاه لا تحزني ولا ترهبي فإنَّ الله مع أبي ـ الخبر (١).

في كونها تحت قبّة العرش

* قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا وعليُّ وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبَّة تحت العرش. قلت « الحافظ الكنجيُّ » ما كتبناه إلاّ من هذا الوجه «السند المذكور فيه » وهو حديث حسن عال (٢).

في ثواب السلام عليها

* عن يزيد بن عبد الملك النوفليَّ ، عن أبيه ، عن جدِّه قال : دخلت على الفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : فبدأتني بالسَّلام ، قال : وقالت : قال أبي ـ وهو ذا حيُّ ـ من سلَّم عليَّ وعليك ثلاثة أيّام فله الجنَّة. قلت لها : ذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك ؟ قالت : في حياتنا وبعد وفاتنا (٣).

* عن ابن عبّاس قال : لمّا ولدت فاطمة بنت النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّاها المنصورة ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام فقال : الله يقرئك السَّلام ويقرئ مولودك السَّلام (٤).

__________________

(١) روض الفائق : للعلاّمة الشيخ شعيب الحريفش ، مطبعة المصطفى البابي الحلبي ، ص ٢٥٥ وهذا الاشتراك مع ابنها الحسين عليه‌السلام حيث يكلِّمها في بطنها.

(٢) كفاية الطالب : الباب ٨٥ / ٣١١.

(٣) المناقب : لابن المغازليّ : ٣٦٣.

(٤) ملحقات إحقاق الحقّ : ١٠ / ١٣٤.

١٦٧

في نزول حنوطها من الجنّة

* عن ابن سنان رفعه قال : السُّنة في الحنوط ثلاثة عشر درهماً وثلث. قال محمّد بن أحمد : ورووا أنَّ جبرئيل عليه‌السلام نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحنوط ، وكان وزنه أربعين درهماً ، فقسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثة أجزاء : جزءاً له ، وجزءاً لعليّ ، وجزءاً لفاطمة صلوات الله عليهم أجمعين (١).

اشتراكها معهم في الحرب والسلم

* عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : نظر النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلىٰ الحسن والحسين وفاطمة فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم (٢).

أقول : ولمّا جرَّ البحث بنا إلى هنا ينبغي لنا أن نورد شيئاً من الأخبار ثمَّ من الكلام حول المسألة إتماماً للفائدة وإيفاءً لبعض حقّها عليها‌السلام فنقول :

عن مجاهد : خرج النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد فاطمة ، فقال : « من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمَّد ، وهي بضعة منِّي ، وهي قلبي ، وهي روحي الَّتي بين جنبيَّ ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » (٣).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنَّما فاطمة حذيةٌ (٤) منِّي ، يقبضني ما يقبضها.

وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنَّ فاطمة شعرة منِّي ، فمن آذى شعرة منِّي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله لعنه الله مِلْ السماوات والأرض (٥). وعن ابن عباس قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليُّ إنَّ فاطمة بضعة منِّي ، هي نور عيني وثمرة فؤادي ، يسوءني ما ساءَها ويسرُّني ما سرَّها ، وإنها أوّل من يلحقني من

__________________

(١) البحار : ٢٢ / ٥٠٤.

(٢) مسند أحمد : ٢ / ٤٤٢.

(٣) نور الأبصار للشبلنجي : ٥٢.

(٤) الحذية من اللحم ما قطع طولاً.

(٥) البحار : ٤٣ / ٥٤.

١٦٨

أهل بيتي ، فأحسن إليها من بعدي ، والحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي ، وهما سيدا شباب أهل الجنَّة ، فليكونا عليك كسمعك وبصرك. ثمَّ رفع صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه إلي فقال : اللّهمَّ إنِّي أُشهدك أنّي محبُّ لمن أحبَّهم ، مبغض لمن أبغضهم ، سلم لمن سالمهم ، حرب لم حاربهم ، عدوٌّ لمن عاداهم ، وليٌّ لمن والاهم (١). وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّما فاطمة بضعة منّي ، يسوءني ما ساءها (٢). وعن عليّ عليه‌السلام إنَّ الله عزّ وجلّ ليغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها (٣).

وعنه عليه‌السلام : يا فاطمة إنَّ الله ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك (٤). وإنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : فاطمة بضعة منِّي ، فمن أغضبها أغضبني (٥). وقال عليه‌السلام : إنّما فاطمة بضعة منِّي ، يؤذيني ما آذاها (٦). وعنه عليه‌السلام : فإنَّما ابنتي بضعة منِّي ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها (٧) وعنه عليه‌السلام : إنَّ فاطمة بنت محمّد مضغة منّي (٨). وعنه عليه‌السلام : « إنّما فاطمة بضعة منِّي ، يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها ». هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم ـ يخرجاه (٩). وعنه عليه‌السلام : إنَّما فاطمة مضغة منِّي ، فمن آذاها فقد آذاني (١٠). وعنه عليه‌السلام : فاطمة بضعة منّي ، يسعفني ما أسعفها (١١). وعنه عليه‌السلام : فاطمة شجنة منّي ، يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها (١٢).

__________________

(١) أهل البيت توفيق أبو علم : ١٢٤.

(٢) الطبقات لابن سعد : ٨ / ٢٦٢.

(٣) « كنز العمّال » ١٢ / ١١١ ، « مجمع الزوائد » ٩ / ٢٠٣.

(٤) كنز العمّال : ١٢ / ١١١ ، مجمع الزوائد : ٩ / ٢٠٣.

(٥) صحيح البخاري : ٥ / ٢٦.

(٦) صحيح مسلم : ٧ / ١٤١ ، ١٤٢ ، باب الفضائل ، ورابنى الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره.

(٧) « صحيح البخاري » ٥ / ١٤١ و ١٤٢ ، باب الفضائل ، ورابنى الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره.

(٨) صحيح مسلم : ٧ / ١٤١ و ١٤٢. باب الفضائل. ورابني الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره.

(٩) « مستدرك الصحيحين » : ٣ / ١٥٩.

(١٠) مستدرك الصحيحين : ٣ / ١٥٩.

(١١) كنز العمّال : ١٢ / ١١١. والإسعاف : القرب والإعانة وقضاء الحاجة.

(١٢) كنز العمال : ١٢ / ١١١.

١٦٩

اشتراكها معهم في تكوّن الميزان

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا ميزان العلم ، وعليّ كفّتاه والحسن والحسين خيوطه ، وفاطمة علاقته ، والأئمَّة من أمّتي عموده ، يوزن فيها أعمال المحبّين لنا والمبغضين لنا (١).

اشتراكها معهم في قصّة سفينة نوح عليه‌السلام

* عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لمّا أراد الله عزّ وجلّ أن يهلك قوم نوح عليه‌السلام أوحى الله إليه أن شقّ ألواح الساج. فلمّا شقّها لم يدر ما صنع ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار. فسمر المسامير كلّها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير ، فضرب بيده إلى مسمارٍ منها ، فأشرق في يده وأضاء كما يضيء الكوكب الدرّيّ في أفق السماء ، فتحّير من ذلك نوح ، فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلقٍ ذلق فقال : أنا على اسم خير الأنبياءِ محمّد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال له : يا جبرئيل ، ما هذا المسمار الّذي ما رأيت مثله ؟ قال : هذا باسم خير الأولين والآخرين محمّد بن عبد الله عليه‌السلام ، أسمره في أوّلها على جانب السفينة الأيمن. ثمّ ضرب بيده على مسمار ثانٍ ، فأشرق وأنار ، فقال نوح عليه‌السلام : وما هذا المسمار ؟ قال : مسمار أخيه وابن عمه عليّ بن أبي طالب ، فأسمره على جانب السفينة اليسار في أوّلها. ثمّ ضرب بيده على مسمار ثالثٍ ، فزهر وأشرق وأنار ، فقال له جبرئيل عليه‌السلام : هذا مسمار فاطمة عليها‌السلام ، فأسمره إلىٰ جانب مسمار أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ثمّ ضرب بيده إلىٰ مسمار رابع فزهر وأنار ، فقال له : هذا مسمار الحسن عليه‌السلام فأسمره إلى جانب مسمار أبيه عليه‌السلام. ثمّ ضرب بيده إلىٰ مسمار خامس ، فأشرق وأنار وبكٰى وأظهر النداوة (٢) ، فقال : يا جبرئيل ما هذه النداوة ؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن عليّ سيّد

__________________

(١) مقتل الحسين الخوارزمي : ١٠٧.

(٢) النداوة : البلل.

١٧٠

الشهداء ، فأسمره إلىٰ جانب مسمار أخيه.

ثمّ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الله تعالىٰ : ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) (١) ، قال النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الألواح خشب السفينة ، ونحن الدسر ، ولولانا ما سارت السفينة بأهلها (٢).

توسّل زكريّا بها عليهما‌السلام

* عن مولانا المهديّ عليه‌السلام في جواب سعد بن عبد الله في حديث طويل : إنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل عليه‌السلام فعلّمه إيّاها. فكان زكريّا إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة (٣). فقال ذات يوم : إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصَّته وقال : « كهيعص » (٤) فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره. فلّما سمع ذلك زكريّا عليه‌السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : « إلهي ، أتفجع خير خلقك بولده ؟ أتنزل بلوىٰ هذه الرزيّة بفنائه ؟ إلهي أتلبس عليّاً وفاطمة ثياب هذه المصيبة ؟ أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما » ؟ ثمّ كان يقول : « إلهي ارزقني ولداً تقرُّ به عيني على الكبر ، اجعله وارثاً وصيّاً ، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ، ثمّ افجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك بولده » ، فرزقه الله يحيى عليه‌السلام ، وفجعه به. وكان حمل يحيى عليه‌السلام ستّة أشهر وحمل الحسين عليه‌السلام كذلك (٥).

__________________

(١) القمر : آية ١٣.

(٢) عبقات الأنوار : حديث السفينة / ١٠٨١.

(٣) البهرة : تتابع النفس وانقطاعه.

(٤) مريم : ١.

(٥) البحار : ٥٢ / ٨٤.

١٧١

تحيّة الله تعالى إيّاها معهم بتفّاحة

* عن ابن عبّاس قال : كنت جالساً بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم وبين يديه عليُّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام إذ هبط جبرائيل ومعه تفّاحة فيحّى بها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فتحيّى بها وقبّلها وردّها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها الحسين فتحيّى بها وقبّلها وردّها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها فاطمة عليها‌السلام فتحيّت بها وقبلتها وردّتها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحيّى بها الرابعة وحيّى بها عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فتحيّى بها ، ولمّا همّ أن يردّها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سقطت التفّاحة من بين أنامله فانفلقت نصفين فسطع منها نور حتّى بلغ السماء الدنيا ، فاذا عليها سطران مكتوبان : « بسم الله الرحمن الرحيم ، تحيّة من الله تعالى إلى محمد المصطفى ، وعليّ المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين سبطي رسول الله ، وأمان لمحبيّهم يوم القيامة من النار » (١).

عرض حبّها على البريّة

* قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله له الحمد عرض حبّ عليّ وفاطمة وذرّيتها على البريّة ، فمن بادر منهم بالإجابة جعل منهم الرسل ، ومن أجاب بعد ذلك جعل منهم الشيعة ، وإن الله جمعهم في الجنّة (٢).

اشتراكها معهم في الصلوات

* عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٣) قلنا : يا رسول الله قد علمنا

__________________

(١) مقتل الحسين للخوارزمي : ٩٥.

(٢) المناقب المرتضويّة للعلامة الكشفي : ٩٧.

(٣) الأحزاب : آية ٥٦.

١٧٢

كيف نسلّم عليك ، كيف نصلّي عليك ؟ فقال : قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ـ إلى آخره.

وفي رواية الحاكم : فقلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ قال : قولوا : اللّهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد ـ إلى آخره.

ويروىٰ : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللّهم صلّ على محمّد ، وتسكتون ، بل قولوا : اللّهم صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد (١) ... فقيل له من أهلك يا رسول الله ؟ قال : عليّ وفاطمة والحسن والحسين (٢). وقال العلاّمة المحقّق المولى أحمد الأردبيليّ : واعلم أنّه قد ادّعى المصنّف « العلامة الحلّي ـ ره » في « المنتهى » : إجماع علمائنا أيضاً على وجوب الصلاة على آله عليهم‌السلام ، وأن المجزّي من الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقول : « اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ». ويدلُّ عليه أيضاً ما روي عن طريقهم عن كعب الأحبار في كيفية الصلاة عليه حيث قال : قد عرفنا السلام عليك ، فكيف الصّلاة ؟ قال : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمّد. والعجب أنّهم يحذفون الآل ويتركون هذا المنقول حتّى في هذا الخبر. ويقولون : قال : صلّى الله عليه. أفاده بعض السادة رحمهم‌الله وهو سيّد حسن السفطي. ويدلّ على ذلك غيره أيضاً ، والظاهر أنّ المراد بآله ـ صلوات الله عليه وآله ـ الأئمّة مطلقاً وفاطمة عليها‌السلام حقيقة لا تغليباً ، يدلّ عليه وضع الآل لغة ثمّ عرفاً أيضاً ، وبعض الأخبار أيضاً ، ولا يدل على الاختصاص بأمير المؤمنين وفاطمة وولديهما ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ الروايات الواقعة في سبب نزول آية التطهير ، لأنّهم كانوا موجودين في ذلك الزمان ، والحصر كان إضافيّاً حيث يقول لبعض نسائه : إلى خير. ولهذا أثبت الأصحاب عصمتهم بالآية ، فلا ينبغي قول المحقّق الثاني والشهيد الثاني (٣).

وقال العلامة الأمينيُّ : أخرج الديلميُّ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الدعاء محجوب حتّى يصلّى على محمد وأهل بيته : اللّهمّ صلِّ على محمد وآله. ورواه عنه ابن حجر في « الصواعق »

__________________

(١) ينابيع المودّة : ٢٩٥.

(٢) احقاق الحق : ٩ / ٢٣٧ ، عن عبد الوهاب الشعراني في كشف الغمّة : ١ / ١١٠.

(٣) شرح إرشاد الأذهان : ٢ / ٢٧٦ ، ٢٧٧.

١٧٣

ص ٨٨. وأخرج الطبراني في « الأوسط » عن عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام : كلّ دعاء محجوب حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد. وذكره الحافظ الهيثمي في « مجمع الزوائد » ج ١ ، ص ١٦٠. وقال : رجاله ثقات. وأخرج البيهقيّ وابن عساكر وغيرهما عن عليّ عليه‌السلام مرفوعاً ما معناه : الدعاء والصلاة معلّق بين السماء والأرض لا يصعد إلى الله منه شيء حتّى يصلّي عليه ـ صلّى الله عليه ـ وعلى آل محمّد. ـ « شرح الشفا » للخفاجي ، ج ٣ ، ص ٥٠٦ (١).

وقال الرازي في تفسيره الكبير : وأنا أقول : آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله هم الّذين يؤول أمرهم إليه ، فكلّ من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل. ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل (٢).

وقال أيضاً : أنّ أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يساوونه في خمسة أشياء : في السلام ، قال : السلام عليك أيّها النبيّ ؛ وقال : ( سَلامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) « الصافّات ، ١٣٠ » ، وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد ، وفي الطهارة ، قال تعالى : « أي يا طاهر. وقال : ( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) « الأحزاب ، ٣٣ » وفي تحريم الصدقة وفي المحبّة ، قال تعالى : ( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) « آل عمران ، ٣١ ». وقال : ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) « الشورىٰ ، ٢٣ ».

وقال ابن حجر : صحّ عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلّي عليك ؟ فقال : قولوا : اللّهمّ صلِّ على محمد وآل محمّد ـ إلى آخره. فسؤالهم بعد نزول الآية وإجابتهم باللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمد ـ إلى آخره دليل ظاهر على أنّ الأمر بالصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر ؛ فلمّا أُجيبوا به دلّ على أنّ الصلاة عليهم من جملة المأمور به ، وأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه ، لأنّ القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ، ومنه تعظيمهم. ومن ثَمَّ لمّا

__________________

(١) الغدير : ٢ / ٣٠٤.

(٢) التفسير الكبير : ٢٧ / ١٦٦.

١٧٤

أدخل من مرّ في الكساء قال : اللّهمّ إنّهم منّي وأنا منهم ، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك عليّ وعليهم. وقضيّة استجابة هذا الدعاء أنّ الله صلّى عليهم معه ، فحينئذٍ طلب من المؤمنين صلواتهم عليهم معه.

ويروىٰ : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال تقولون : اللّهم صلّ على محمّد ، وتمسكون ، بل قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد (١).

خامساً : صدر من الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيع المعروف الذي يقول فيه.

« ولولا ما عندنا من محبة صَلاحَكُمْ ورحمتِكم والإشفاق عليكم لكُنا عن مخاطبتكم في شغل ، مما قد امتحنا من منازعة الظالم الضال المتابع في غيِّه ، المُضاد في لربِّه ، المدعي ما ليس له ، الجاحد حقَّ من إفترض الله طاعته ، الظالم الغاصب ، وفي ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي أسوة حَسَنة وسيروى الجاهل رداءة عمله ، وسيعلم الكافر لمن عقبىٰ الدار » (٢).

انظر من خلال فهم مدلول كلمة أسوة حسنة كيف جعل الإمام المهدي « عج » جدتهُ الزهراء عليها‌السلام اسوة حسنة في كل اموره وبحيث يجيب أحد شيعته من خلال بعض المسائل ويذكر له في التوقيع الشريف الصادر منه انه يقتدي بجدته الزهراء عليها‌السلام وجعلها قدوة له في حياته وله فيها اسوة حسنة كما لنا اسوة حسنة برسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

فاطمة عليها‌السلام والمعاد

من الأمور المهمة والقضايا الحساسة في حياة الفرد المؤمن هو مسألة يوم القيامة ـ المعاد ـ حيث نرىٰ الكثير من الناس عندما يسمعون المعاد ويوم القيامة واليوم الآخر يأنون من ذكره حيث هناك تلاقي البشر مع خالقهم والوقوف بين يديه للحساب ،

__________________

(١) الصواعق : ١٤٦.

(٢) البحار : ٥٣ / ١٧٩ ـ ١٨٠.

١٧٥

ولا شك ولا ريب انّ الكثير من الناس يخافون عدل الله تعالىٰ ويطلبون منه ان يحاسبهم برحمته لا بعدله لأنه لو يحاسبهم الله تعالىٰ بعدله لما ترك عليها من دابة ، لذا نجد من خلال القرآن الكريم والروايات الشريفة إنَّه من ظاهر رحمته الله تعالىٰ يوم القيامة هو إعطاءه الشفاعة لبعض أولياؤه حيث تعتبر الشفاعة مظهر من ظاهر رحمة الله لكي يبين الله تعالى قدرة ومنزلة ومقام العبد المؤمن ذلك اليوم ـ أي يوم الحساب ـ ومن هنا نجد إن من الذين تشملهم العناية الربانية في الشفاعة يوم القيامة هم آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا ما أثبتته الكثير من الآيات والروايات ولا نريد الوقوف الطويل مع هذه الآيات والروايات بل نقف مع أحد دعائم أهل بيت النبوة والمتمثلة في الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها‌السلام تلك هي بضعة الرسول وريحانته وزوجة الوصي المرتضىٰ وأُم الحسنين ، وهذه الشفاعة التي نتكلم عنها هي نموذج من يوم المعاد الذي سوف تجتمع به الخلائف ، وبذلك تكون الشفاعة جزءاً مهماً بل هو الامل الوحيد للخلائق يوم القيامة. اذن الشفاعة مظهر من مظاهر رحمة الله تعالىٰ ومظهر من مظاهر المعاد ، ونحن نجد من خلال إستقراء الروايات الشريفة الواردة في مقام الشفاعة يوم القيامة هو الشفاعة التي تعطي للزهراء عليها‌السلام ، وعليه تكون الزهراء مرتبطة إرتباط وثيق بيوم القيامة والمعاد الذي نؤوب إليه ، أما كيف نثبت أن لها هذا الإرتباط من خلال الروايات الشريفة فهذا ما تبينه بعض النصوص الواردة عن أهل البيت النبوة عليهم‌السلام فهلم معي الىٰ ذكر بعض هذه النصوص الشريفه التي تثبت إرتباط الصديقة الشهيدة بيوم المعاد :

* عن أبو القاسم العلوي الحسني ـ معنعناً ـ عن ابن عباس : « إذا كان يوم القيامة نادىٰ مناد : يا معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم حتىٰ تمر فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... فيجوزون بها الصراط حتىٰ ينتهون بها إلى الفردوس فيتباشر فيها أهل الجنان ... فتجلس علىٰ كرسي من نور ويجلس حولها ، ويبعث إليها ملك لم يبعث إلىٰ أحد قبلها ولا يبعث الىٰ أحد بعدها فيقول : إن ربك يقرئك السلام ويقول : سليني أعطيك ؛ فتقول قد أتم عليّ نعمته ، وهنأني كرامته وأباحني جنته ، أسأله ولدي وذريتي ومن ودهم بعدي ، وحفظهم من بعدي ، فيوحي الله إلي الملك من غير أن يزول من

١٧٦

مكانه : أن سرّها وبشّرها أنّي قد شفعتها في ولدها ومن ودهم بعدها وحفظهم فيها. فتقول : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأقر عيني ».

قال جعفر : كان أبي يقول : كان إبن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (١).

* عن الحسن بن سعيد ـ معنعنا ـ عن جعفر ، عن أبيه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة نادىٰ مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق. غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب الله إلىٰ قصرها « فتمر إبنتي فاطمة وعليها » ويطتان خضروان حواليها سبعون الف حوراء ، فإذا بلغت إلىٰ باب قصرها وجدت الحسن قائماً والحسين نائماً مقطوع الرأس ، فتقول للحسن : من هذا ؟ فيقول : هذا أخي إنّ أُمة نبيك قتلوه وقطعوا رأسه. فيأتيها النداء من عند الله : يا بنت حبيب الله إني إنما « » ما فعلت به أُمة أبيك لأني أدخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت تعزيتك اليوم أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخل الجنَّة أنت وذريتك وشيعتك قبل أن أنظر بمحاسبة العباد ، فتدخل فاطمة ابنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولاها معروفاً ممن ليس من شيعتها ، فهو قول الله عزّ وجلّ : ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ ) قال : هول يوم القيامة ( وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) هي والله ـ فاطمة وذريتها وشيعتها ومن أولاهم معروفاً ممن ليس هو من شيعتها (٢).

* روي عن سلمان قال : أتيت ذات يوم منزل فاطمة عليها‌السلام ـ في حديث إلى أن قال ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالرسالة وإصطفاني بالنبوه قد حرم الله تعالىٰ النار علىٰ لحم فاطمة ، ودمها ، وشعرها ، وعصبها وعظمها وذريتها وشيعتها. أن من نسل فاطمة من تطيعه النار ، والشمس والقمر والنجوم والجبال وقد ضرب الجن بين يديه بالسيف ويوافي إليه الانبياء بعهودهم وتسلم إليه الأرض كنوزها وينزل عليه من السماء بركات ما فيها ، الويل لمن شك في فضل فاطمة لعن الله من يبغضها ،

__________________

(١) تفسير فرات : ١٦٩ ، دلائل الإمامة : ٥٧ تأويل الآيات : ٢ / ٦١٨ / ح ٧.

(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٦١ ، الخصائص : ٢ / ٢٦٥ ، الفصول المهمة ١٢٧ فضائل الصحابة : ٢ / ٧٦٣ ح ١٣٤٤ ، ميزان الاعتدال : ٢ / ٥٣٨ ، كفاية الطالب : ٣٦٤ ، تفسير فوات الكوفي : ٩٧.

١٧٧

ويبغض بعلها ولم يرضىٰ بأمامة ولدها ، إن لفاطمة يوم القيامة موقفاً وإن فاطمة تدعىٰ وتكسىٰ وتشفع ، فتشفع علىٰ رغم كل راغم (١).

* عن علي عليه‌السلام : دخلت يوماً منزلي فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وفاطمة بين يديه ، وهو يقول : يا حسن ويا حسين ، أنتما كفتا الميزان وفاطمة لسانه ، ولا تعدل الكفتان إلا باللسان ولا يقوم اللسان إلا علىٰ الكفتين ... إنتما الإمامان ولأمّكما الشفاعة (٢).

* وقد ورد في الخبر أنها لما سمعت بأن أباها زوجها وجعل الدراهم مهراً لها ، قالت يا رسول الله ، إن بنات الناس يتزوجن بالدراهم فما الفرق بيني وبينهن ، أسألك أن تردها وتدعوا الله أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أُمتك ؛ فنزل جبريل عليه‌السلام ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها : جعل الله مهر فاطمة الزهراء عليها‌السلام شفاعة المذنبين من أُمة أبيها ؛ فلما إحتضرت أوصت بأن توضع تلك البطاقة على صدرها تحت الكفن فوضعت ، وقالت : إذا حشرت يوم القيامة رفعت تلك البطاقة بيدي ، وشفعت في عصاة أُمّة أبي (٣).

وكثيرة هي الروايات التي ثبتت شفاعة فاطمة عليها‌السلام للشيعة والمحبين والمذنبين من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هذه تدل دلالة واضحة على ارتباط الزهراء سلام الله عليها بيوم المعاد وان لها منزلة وكرامة على الله تعالى في ذلك اليوم.

لابد أن ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه وخصمائه

والصور في يوم القيامة ينفخ

__________________

(١) الثاقب في المناقب : ٢٩٣ / ح ٢٥٠.

(٢) كشف الغمة : ١ / ٥٠٦.

(٣) اخبار الدول : ٨٨ ، الاحقاق : ١٠ / ٣٦٧ ، وسيلة النجاة : ٢١٧.

١٧٨

١٧٩

١٨٠