مصابيح الظلام - ج ٨

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٨

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٢٨

والشيخان حيث حملاه على ما فهماه أفتيا بالبناء في صورة التيمّم خاصّة ، دون ما إذا دخل فيها بالوضوء أو الغسل (١).

قال في «التهذيب» : ولا يلزم مثل ذلك في المتوضّئ إذا صلّى ثمّ أحدث أن يبني على ما مضى من صلاته ، لأنّ الشريعة منعت من ذلك ، وهو أنّه لا خلاف بين أصحابنا أنّ من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته يجب عليه استئنافها (٢) (٣) ، انتهى.

أقول : ما ذكره وإن كان محتملا ، صونا للخبر عن معارضة ما دلّ على بطلان الصلاة بالحدث الواقع في أثنائها (٤) ، إلّا أنّه ربّما يتحقّق بين صدر الرواية وذيلها مخالفة ، لأنّ المستفاد من الصدر حجّية الاستصحاب وجريانه في المقام ، كما فعله الأصحاب ، فإذا كان كذلك فكيف يقول : إذا صلّى ركعة يتوضّأ ويبني ، مع أنّه أيضا دخل في الصلاة ، وهو على طهور بتيمّم؟!

مع أنّ زرارة في غاية الفقاهة فكيف يسأل بعد ما مهّده المعصوم عليه‌السلام من قاعدة الاستصحاب ، وجعله علّة لإتمام الصلاة في إصابة الماء بعد الركعتين؟

وكيف يقول : فما تقول في إصابة الماء بعد ركعة؟ وكيف لم يسأل عن الفرق بين الركعة والركعتين ، مع عدم الفرق أصلا في العلّة التي ذكرها؟

مع أنّ عادته السؤال عن الفارق جزما ، ويعضده أيضا فهم الأكثرين ، ومنهم الشيخان المؤسّسان لمذهب الشيعة الماهران فيما في أيديهما من الأخبار.

مع أنّه لم يقل أحد بمضمون هذه الصحيحة على ما ذكره ، وهو البناء بعد الوضوء مع فساد الطهارة الترابيّة ، سيّما مع الفرق بين الركعة وبين الركعتين ، والبناء

__________________

(١) المقنعة : ٦١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٥ ذيل الحديث ٥٩٥.

(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٥ ذيل الحديث ٥٩٥.

(٣) الوافي : ٤ / ٥٦٣ ذيل الحديث ٤٩٣٤.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٧ / ٢٣٣ الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة.

٥٢١

في الأوّل ، وعدم الضرر أصلا في الثاني.

فالأقرب أن يقال : هذه الرواية أيضا من قبيل الأخبار السابقة ، لا خصوصيّة لها بصورة السهو ، ولا بخصوص صورة التيمّم ، لأنّ السؤال اتّفق أن وقع فيها ، بل ربّما يكون صورة الطهارة المائيّة أولى بما ذكر ، ومثلها بطريق أولى.

على أنّه إن كان تخصيصهم بالتيمّم من جهة أنّ النص خصّص فمعلوم الفساد. وإن كان من جهة أنّ صورة الطهارة المائيّة داخلة فيما دلّ على فساد الصلاة بالحدث في الأثناء ففيه ، أنّ صورة التيمّم أيضا داخلة ، بل بطريق أولى.

والبناء [على] أنّ صورة التيمّم بخصوصها خرجت من جهة هذه الرواية ، فيه ، أنّ صورة الطهارة المائيّة ورد فيها مثل ما ورد في هذا النص ، بل وأكثر كما عرفت.

وإن بنوا على أنّه يتضمّن ما لم يقل به أحد ، وليس ظاهرا في صورة السهو وغير ذلك ، ففيه ، أنّه مشترك الورود ، لما عرفت ، ولأنّ ظاهر قوله عليه‌السلام : «يخرج ويتوضّأ» عدم ضرر الأفعال الكثيرة والالتفات واستدبار القبلة ، وغير ذلك ممّا ظهر من تلك الأخبار.

وإن بنوا على أنّ هذه الرواية مشهورة ، ففيه ، أنّكم إن أردتم الشهرة في الفتوى والعمل ، ففيه ما فيه ، مضافا إلى عدم قصور النصوص في المائيّة عنها فيها ، وإن أردتم الشهرة في النقل ، ففيه ، أنّ النصوص في المائيّة أولى بذلك ، لكثرة الرواية المذكورة في كلّ موضع ذكر فيه هذه.

وإن بنوا على عدم الإجماع في الترابيّة ، والإجماع في المائيّة ، ففيه ، اشتراكهما في القائل والمنكر ، فإنّ جميع الفقهاء لم يتّفقوا على الإبطال سهوا على ما قال في «المعتبر» ـ بعد أن نقل عن الشيخين القول بالبناء في صورة التيمّم ـ : وما قالاه

٥٢٢

حسن ، لأنّ الإجماع على أنّ الحدث عمدا يبطل الصلاة ، فيخرج من إطلاق الرواية ، ويتعيّن حملها على غير صورة العمد ، لأنّ الإجماع لا تصادمه الرواية ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان ، فإنّها رواية مشهورة (١) ، انتهى.

مع احتمال ما ذكره المصنّف ، وإن كان خلاف الظاهر في الجملة ، إلّا أنّ العادة والمدار على توجيه الأخبار رفعا للتعارض بينهما.

وربّما يقرّب ما ذكره المصنّف ويعيّنه أنّ زرارة روى عنه في حديث آخر أنّه روى عن الباقر عليه‌السلام وسأله عن رجل صلّى ركعة على تيمّم ثمّ جاء رجل ومعه قربتان من ماء ، قال : «يقطع الصلاة ويتوضّأ ثمّ يبني على واحدة» (٢).

والشيخ حمله في «التهذيبين» على ما إذا صلّى ركعة ثمّ أحدث ما ينقض الوضوء ساهيا (٣).

ولا يخفى احتمال اتّحاد الرواية مع الرواية السابقة.

مع أنّه روى عن الباقر عليه‌السلام : أنّ المتيمّم الذي وجد الماء وقد دخل في الصلاة أنّه إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضّأ ، وإن كان قد ركع فليمض في صلاته ، ثمّ علّل ذلك بأنّ التيمّم أحد الطهورين (٤).

مع أنّ هذه العلّة جارية في صورة عدم الدخول في الركوع ، وزرارة سكت ولم يسأل عن الفرق مع الجريان من دون تفاوت.

__________________

(١) المعتبر : ١ / ٤٠٧.

(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠٣ الحديث ١٢٦٣ ، الاستبصار : ١ / ١٦٧ الحديث ٥٧٩ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٣ الحديث ٣٩٢٧.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠٣ ذيل الحديث ١٢٦٣ ، الاستبصار : ١ / ١٦٧ ذيل الحديث ٥٧٩.

(٤) الكافي : ٣ / ٦٣ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٠ الحديث ٥٨٠ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨١ الحديث ٣٩٢٣.

٥٢٣

وبالجملة ، لا أقلّ من الاحتمال المنافي للاستدلال ، سيّما بعد ملاحظة جميع ما ذكرنا ، وما ذكره المصنّف من شهادة التفريع.

ثمّ بعون الله تعالى الجزء الثامن من كتاب

«مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع»

حسب تجزئتنا ويتلوه الجزء التاسع ان شاء الله

٥٢٤

المحتويات

١٦٣ ـ مفتاح

[وجوب وضع المواضع السبعة على الأرض]................................... ٥

١٦٤ ـ مفتاح

[ما يجب في السجود]..................................................... ٤٣

١٦٥ ـ مفتاح

[ما يستحب في السجود].................................................. ٤٧

١٦٦ ـ مفتاح

[ما يستحب في السجود].................................................. ٥٥

القول في القنوت

١٦٧ ـ مفتاح

[استحباب القنوت]....................................................... ٧٥

١٦٨ ـ مفتاح

[ما يستحب في القنوت]................................................... ٩٧

٥٢٥

١٦٩ ـ مفتاح

[كيفية القنوت في العيد]................................................. ١٠٩

القول في التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

١٧٠ ـ مفتاح

[أحكام التشهد]........................................................ ١١٣

١٧١ ـ مفتاح

[ما يجب أن يقال في التشهد]............................................. ١٣٧

١٧٢ ـ مفتاح

[ما يستحب في التشهد]................................................. ١٥١

القول في التسليم

١٧٣ ـ مفتاح

[الواجب من التسليم]................................................... ١٥٧

١٧٤ ـ مفتاح

[ما يستحب في التسليم]................................................. ٢١٧

١٧٥ ـ مفتاح

[لزوم التسليم في كل ركعتين من النوافل]................................. ٢٢٣

القول في التعقيب

١٧٦ ـ مفتاح

٥٢٦

[المراد من التعقيب]..................................................... ٢٢٩

١٧٧ ـ مفتاح

[مستحبات حالة التعقيب]............................................... ٢٣٩

القول في سجود الشكر

١٧٨ ـ مفتاح

[موارد سجدتي الشكر وفضلها].......................................... ٢٤١

١٧٩ ـ مفتاح

[كيفية سجدتي الشكر].................................................. ٢٤٩

الباب الثالث

في اللواحق

القول في الجماعة

١٨٠ ـ مفتاح

[استحباب الجماعة في الفرائض].......................................... ٢٥١

١٨١ ـ مفتاح

[ما يشترط في إمام الجماعة].............................................. ٢٦٧

١٨٢ ـ مفتاح

[ما يشترط مراعاته في الجماعة]........................................... ٣٠١

١٨٣ ـ مفتاح

[لزوم ترك القراءة للمأموم].............................................. ٣٥٥

٥٢٧

١٨٤ ـ مفتاح

[اشتراط التوافق بين صلاة الإمام والمأموم]................................. ٣٦٥

١٨٥ ـ مفتاح

[أحكام متعلقة بالمأموم والإمام]........................................... ٣٨١

١٨٦ ـ مفتاح

[ما ينبغي مراعاته في الجماعة]............................................ ٤١١

١٨٧ ـ مفتاح

[حكم من أدرك الإمام في أثناء الصلاة].................................... ٤٣٧

١٨٨ ـ مفتاح

[من لم يدرك الخطبة أو صلاة الجمعة]..................................... ٤٦٩

١٨٩ ـ مفتاح

[ما لو عرض للإمام ضرورة]............................................. ٤٧٣

١٩٠ ـ مفتاح

[ما لو تبين تخلف الإمام عن الشرائط]..................................... ٤٨٣

القول في المنافيات

١٩١ ـ مفتاح

[موارد تجويز قطع الصلاة]............................................... ٤٩٥

١٩٢ ـ مفتاح

[ما لو أحدث في الصلاة]................................................ ٥٠٣

المحتويات.................................................................. ٥٢٥

٥٢٨