مصابيح الظلام - ج ٨

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٨

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٢٨

إذا كان هناك مانع من البصر (١).

وكذا نقل عن ابن إدريس (٢) ، فظهر منهما أنّهما فهما كون الكراهة من جهة شغل المصلّي بالقراءة.

والظاهر كون الكراهة من جهة عدم ملاقاة القرطاس مقدارا معتدّا به في السجود ، نظير السجود على الخمرة المعمولة بالسيور ، فتأمّل ، فعلى هذا ، لا كراهة إذا كانت الكتابة ممّا يصحّ السجود عليه ، مثل ماء البقم وغيره ، ممّا يتحقّق به الكتابة ، مع كونه من نبات الأرض غير المأكول والملبوس العاديين ، فتأمّل!

فرع : الوحل لا يصحّ (٣) السجود عليه ، بل لا يمكن لما عرفت من كونه الوضع على الشي‌ء فالطين إذا كان بحيث لا تغرق الجبهة فيه وتثبت عليه ، يصحّ السجود عليه ، فإذا تطيّنت الجبهة بالسجود عليه ، أزيل الطين عنها للسجود ثانيا وهكذا ، حتّى يتحقّق وضع الجبهة على الأرض ، وعلى ما يصحّ السجود عليه منها وإذا غرقت ولم تثبت ، فلا شكّ في عدم الصحّة والإمكان.

وممّا ذكر ظهر التأمّل في صحّة صلاة من يربط التربة الحسينيّة أو غيرها بالجبهة للسجود عليهما في مقام التقيّة أو غيرها ، إلّا أن لا يكون ملاصقا بالجبهة حال الربط ، ويصير ملاصقا حال السجود ، فيتحقّق وضع الجبهة عليه.

وفي صحيحة الحلبي أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : أيمسح الرجل جبهته في الصلاة إذا لصق بها التراب؟ فقال : «نعم ، قد كان أبو جعفر عليه‌السلام يمسح جبهته في الصلاة إذا لصق بها التراب» (٤).

__________________

(١) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٢٤٢ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ٩٠.

(٢) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٢٤٢ ، لاحظ! السرائر : ١ / ٢٦٨.

(٣) في (ز ٣) : لا يجوز.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٠١ الحديث ١٢١٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٣ الحديث ٨٢١٤.

٤١

وقال الصدوق : ويكره أن يمسح الرجل التراب من جبهته وهو في الصلاة ، ويكره أن يترك بعد ما يصلّي (١).

وسيجي‌ء أيضا أنّ الصّادق عليه‌السلام كان كلّما رفع رأسه من السجود أخذ الحصى من جبهته فوضعه على الأرض (٢) ، فتأمّل جدّا.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٧ ذيل الحديث ٨٣٩ مع اختلاف يسير.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٦ الحديث ٨٣٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٣ الحديث ٨٢١٦ مع اختلاف.

٤٢

١٦٤ ـ مفتاح

[ما يجب في السجود]

ويجب فيه الذكر والطمأنينة بقدره ، ورفع الرأس من كلّ من السجدتين ، مطمئنّا بعد أوّلهما ، إجماعا في الجميع ، وللصحاح المستفيضة (١) ، والكلام في الذكر هنا كما في الركوع بعينه ، والخلاف الخلاف ، إلّا أنّه يقول في التسبيح التامّ هنا بدل «العظيم» «الأعلى» ، كما في النصوص (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، ٦ / ٢٩٨ الباب ٣ ، ٢٩٩ الباب ٤ من أبواب الركوع.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٩ الحديث ٨٠١٨ ، ٣٠٠ الحديث ٨٠٢٢ ، ٣٠١ الحديث ٨٠٢٤.

٤٣
٤٤

قوله : (يجب فيه).

قد ذكرنا في الركوع ما يظهر منه الحال في السجود أيضا (١).

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٥١ ـ ٤٥٦ (المجلّد السابع) من هذا الكتاب.

٤٥
٤٦

١٦٥ ـ مفتاح

[ما يستحبّ في السجود]

يستحبّ فيه ما تضمّنه الصحيح من فعل الصادق عليه‌السلام تعليما لحمّاد :

ثمّ كبّر وهو قائم ، ورفع يديه حيال وجهه ، ثمّ سجد وبسط كفّيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه ، فقال : سبحان ربّي الأعلى وبحمده ثلاث مرّات ، ولم يضع شيئا من جسده على شي‌ء منه وسجد على ثمانية أعظم : الكفّين ، والركبتين ، وأنامل إبهامي الرجلين ، والجبهة ، والأنف.

وقال : سبعة منها فرض يسجد عليها ، وهي التي ذكرها الله في كتابه فقال (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١) وهي : الجبهة والكفّان والركبتان والإبهامان ، ووضع الأنف على الأرض سنّة ، ثمّ رفع رأسه من السجود فلمّا استوى جالسا قال : «الله أكبر» ، ثمّ قعد على فخذه الأيسر قد وضع ظهر قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر وقال : «أستغفر الله ربّي وأتوب إليه» ، ثمّ كبّر وهو جالس وسجد السجدة الثانية ، وقال كما قال في الاولى ، ولم يضع شيئا من بدنه على شي‌ء منه في ركوع ولا سجود ، وكان مجنّحا ، ولم يضع

__________________

(١) الجنّ (٧٢) : ١٨.

٤٧

ذراعيه على الأرض (١).

والصدوق أوجب الإرغام (٢) بالأنف (٣) ، وله الموثّق : «لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف فيها ما يصيب الجبين» (٤). ولعلّ المراد بالإجزاء الكامل.

وما تضمّنه الصحيح الآخر : «فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخرّ ساجدا وابدأ بيديك تضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ، ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعه ، ولا تضعنّ ذراعيك على ركبتيك ، ولكن تجنّح بمرفقيك ، ولا تلزق كفّيك بركبتيك ، ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ، ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ، ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا وابسطهما على الأرض بسطا واقبضهما إليك قبضا ، وإن كان تحتهما ثوب فلا يضرّك ، وإن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل ، ولا تفرّجن بين أصابعك في سجودك ، ولكن ضمهنّ جميعا» (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦٠ الحديث ٧٠٧٧ ، ٤٦١ الحديث ٧٠٧٨.

(٢) الإرغام : إلصاق الأنف بالرغام بالفتح وهو التراب. انظر الصحاح : ٥ / ١٩٣٤ ، مجمع البحرين : ٦ / ٧٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٥ ذيل الحديث ٩٣٠.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٤ الحديث ٨١٣٦ مع اختلاف يسير.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩ مع اختلاف يسير.

٤٨

قوله : (والصدوق أوجب). إلى آخره.

في «المنتهى» ادّعى إجماع علمائنا على الاستحباب ، ونقل القول بالوجوب عن غير واحد من العامّة ، وردّه بروايتين من العامّة ، وروايات من الخاصّة (١).

والموجبون من العامّة رووا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) مضمون الموثّقة الآتية ، والظاهر أنّه يجزئ إصابة الأرض بما حصل من الأنف ، وإن اعتبر السيّد إصابة الطرف الذي يلي الحاجبين ، لإطلاق الأخبار (٣).

والظاهر أنّ فتواه عين مضمون الموثّقة ، وهي موثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام أنّه قال : لا تجزي (٤) إلى آخر ما ذكره المصنّف.

مع أنّ الكليني رحمه‌الله أيضا روى في الصحيح (٥) عن عبد الله بن المغيرة ، عمّن سمع الصادق عليه‌السلام يقول : «لا صلاة لمن لا يصيب أنفه ما يصيب جبينه» (٦).

مع أنّ الصدوق قال أيضا : إنّه سنّة في الصلاة ، فمن تركه متعمّدا فلا صلاة له (٧) ، وفتواه في قوله : سنّة عين مضمون صحيحة حمّاد (٨) ، والذي ذكره المصنّف.

وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «السجود على سبعة أعظم :

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ١٥٩ و ١٦٠.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٢٩٧ الحديث ٢٣٠ و ٢٣١ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٢ / ١٠٣.

(٣) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٣٢.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٨ الحديث ١٢٠٢ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٧ الحديث ١٢٢٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٤ الحديث ٨١٣٦.

(٥) في (د ٢) و (ك) : في الكافي كالصحيح.

(٦) الكافي : ٣ / ٣٣٣ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٥ الحديث ٨١٣٩.

(٧) الهداية : ١٣٧.

(٨) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٦ الحديث ٩١٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الحديث ٧٠٧٧.

٤٩

الجبهة ، واليدين ، والركبتين ، والإبهامين ، وترغم بأنفك إرغاما ، فأمّا الفرض فهذه السبعة ، وأمّا الإرغام [بالأنف] فسنّة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (١).

فيحتمل أن لا يكون مخالفا للمشهور ، وعلى تقدير المخالفة فلا ريب في ضعفه ، لرواية محمّد بن مصادف ، قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : «إنّما السجود على الجبهة ليس على الأنف سجود» (٢) ، وهي منجبرة بالشهرة العظيمة بل الإجماع ، وبما مرّ في شرح قول المصنّف : يجب وضع سبعة أعظم (٣) ، من أنّ ظاهر صحيحة زرارة استحباب الإرغام ، كما لا يخفى على المتأمّل.

مع أنّ الإرغام هو وضع الأنف على الرغام وهو التراب ، فيكون فتواه خاليا عن الدليل ، إلّا أن يكون تحقّق فيه اصطلاح في وضعه على ما يصحّ السجود عليه ، ويكون مرادهم منه ذلك ، كما صرّح به الشهيد الثاني (٤) ، وإن كان في «المنتهى» صرّح بأنّه إلصاق الأنف بالرغام ، حين ادّعائه الإجماع عليه (٥).

وكيف كان ، الظاهر كون وضع الأنف على التراب مستحبّا ، كما أنّ وضع الجبهة على خصوص التراب مستحبّ ، وأفضل ممّا يصح السجود عليه من غير التراب ، بل على الأرض أيضا أفضل ، لرواية إسحاق بن الفضيل أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن السجود على الحصر والبواري ، فقال : «لا بأس ، وأن يسجد على

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٩ الحديث ١٢٠٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٧ الحديث ١٢٢٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٣ الحديث ٨١٣٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٨ الحديث ١٢٠٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٦ الحديث ١٢٢٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٣ الحديث ٨١٣٣.

(٣) راجع! الصفحة : ٩ من هذا الكتاب.

(٤) روض الجنان : ٢٧٧ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٢٠.

(٥) منتهى المطلب : ٥ / ١٥٩.

٥٠

الأرض أحبّ إليّ فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحبّ [ذلك] أن يمكن جبهته على الأرض فأنا احبّ لك ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبّه» (١).

ولعلّ أفضليّة خصوص التراب من غيره لا تأمّل فيه ، لكونه أبلغ في التذلّل والتواضع والخضوع والانكسار ، ويظهر أيضا من الأخبار.

وأفضل من الكلّ السجود على التربة الحسينيّة ، لما ورد فيه من الثواب العظيم (٢).

فلا يبعد كون الأنف مثل الجبهة فيما ذكر سوى وجوب الوضع على ما يصحّ السجود عليه.

مع أنّ إرغام الأنف وإلصاقه بالتراب فيه من التواضع لله ، والخضوع والتذلّل والانكسار ما لا يكون في غيره ، ووضعه على ما يصحّ السجود عليه آكد ، إلى أن ورد فيه ما ورد ، كما مرّ.

قوله : (وابدأ بيديك). إلى آخره.

قال الصدوق في أماليه : من دين الإماميّة الإقرار بأنّه لا يجوز وضع الركبتين على الأرض في السجود قبل اليدين (٣).

ويظهر من الشيخ أيضا في «التهذيب» ذلك (٤) ، ويشهد لهما ما ورد من أنّ «من تشبّه بقوم فهو منهم» (٥). ومعلوم أنّ وضع الركبتين على الأرض قبل اليدين

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣١١ الحديث ١٢٦٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٦٨ الحديث ٦٨١٣.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٣٦٥ الباب ١٦ من أبواب ما يسجد عليه.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٨ ذيل الحديث ٢٩٣.

(٥) عوالي اللآلي : ١ / ١٦٥ الحديث ١٧٠.

٥١

من شعار العامّة ، كما أنّ عكسه صار من شعار الخاصّة.

والظاهر من غيرهما استحباب ذلك لما ذكر ، بل ادّعى في «المنتهى» إجماع علمائنا عليه (١).

ويدلّ على عدم الوجوب صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل إذا ركع ثمّ رفع رأسه أيبدأ فيضع يديه إلى الأرض أم ركبتيه؟ قال : «لا يضرّه وأيّ ذلك بدأ به فهو مقبول منه» (٢).

وموثّقة أبي بصير عنه عليه‌السلام أنّه قال : «لا بأس إذا صلّى الرجل أن يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه» (٣).

وحملها الشيخ على حال الضرورة (٤) ولعلّ مراده الضرورة من جهة العامّة ، لأنّهم متى رأوا أحدا بدأ بيديه عرفوه كونه من الخاصّة ، ويحكمون بكونه منهم ، لكن هذا يقتضي أمرهم بما هو شعار العامّة ، لا تجويزهم أيّ ذلك فعل ، [كما] هو صريح الصحيحة وظاهر الموثّق.

ويدلّ على رجحانه أيضا صحيحة ابن مسلم قال : رأيت الصادق عليه‌السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد ، وإذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه (٥).

ورواية الحسين بن أبي العلاء قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن الرجل يضع يديه

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ١٥٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٠٠ الحديث ١٢١١ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٦ الحديث ١٢١٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣٧ الحديث ٨١١٩.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٨ الحديث ٢٩٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٦ الحديث ١٢١٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣٨ الحديث ٨١٢١.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٩ ذيل الحديث ٢٩٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٦ ذيل الحديث ١٢١٨.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٨ الحديث ٢٩١ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٥ الحديث ١٢١٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣٧ الحديث ٨١١٧.

٥٢

قبل ركبتيه في الصلاة؟ قال : «نعم» (١). إلى غير ذلك من الأخبار ، فظهر استحباب رفع الركبتين قبل اليدين أيضا إذا أراد أن يقوم.

واعلم! أنّه قال في «الذكرى» : ويستحبّ أن يكونا معا ، وروي السبق باليمنى (٢).

أقول : في صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام الأمر بوضعهما معا (٣) ، وقد ذكره المصنّف ، وفي «الفقيه» أيضا هكذا (٤).

وأمّا ما ورد في تقديم اليمنى ، فلم أعثر عليه إلّا في حال الركوع (٥) ، والشهيد أعرف.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٨ الحديث ٢٩٢ ، الاستبصار : ١ / ٣٢٥ الحديث ١٢١٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣٨ الحديث ٨١٢٠.

(٢) ذكرى الشيعة : ٣ / ٣٩٤.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٣٤ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٣ الحديث ٣٠٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٧ الحديث ٩١٦.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٣٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣٤ الحديث ٨١١٥.

٥٣
٥٤

١٦٦ ـ مفتاح

[ما يستحبّ في السجود]

ومن المستحبّ أن يتساوى مساجده جميعا في العلوّ والهبوط ، كما مرّ (١) للموثّقين (٢) ، [و] أن يختار الأرض على النبات لأنّه أبلغ في الخضوع والتواضع ، وللخبر (٣) ، ثمّ التربة الحسينيّة لأنّه ينوّر إلى الأرضين السبع ويخرق الحجب ، كما في النصوص (٤).

وأن يمكّن جبهته منها لتحصيل أثره الذي مدح الله تعالى عليه ، كما قال جلّ شأنه (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (٥) وللخبرين (٦).

وأن يضع تمامها كما مرّ ، وأن يدعو قبل الذكر بأحد المأثورات.

__________________

(١) راجع! مفاتيح الشرائع : ١ / ١٤٢ المفتاح ١٦٢.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٥٧ الحديث ٨١٧٥ و ٨١٧٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٦٧ الحديث ٦٨١٠.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٦٥ الباب ١٦ من أبواب ما يسجد عليه.

(٥) الفتح (٤٨) : ٢٩.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٦٨ الحديث ٦٨١٣ ، ٦ / ٣٥٣ الحديث ٨١٦٦.

٥٥

ويجوز الدعاء فيه للدين والدنيا ، كما في الصحيح (١) وغيره (٢) ، وفيه : «أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد» (٣).

وأن يزيد في الذكرى إلى ما يتّسع له الصدر ، كما مضى (٤).

وأن يكون سجوده بقدر ركوعه وقراءته ، إمّا في الآئيّة أو في جميع الصلوات كما مرّ (٥).

وأن يخطر بباله في السجدة الاولى : «اللهمّ إنّك منها خلقتنا ـ أي من الأرض ـ وفي رفعها : ومنها أخرجتنا ، وفي الثانية : وإليها تعيدنا ، وفي رفعها : ومنها تخرجنا تارة اخرى» كما في الخبر (٦).

وأن تبدأ المرأة عند سقوطها للسجود بالقعود بالركبتين قبل اليدين ثمّ تسجد لاطئة بالأرض ، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض ، فإذا نهضت انسلّت انسلالا (٧) لا ترفع عجيزتها أوّلا ، كما في الصحيح (٨).

وأن لا يعتمد على ظهور الأصابع مضمومة إلى الكفّ عند النهوض ، ولكن يبسط كفّيه من غير أن يضع مقعدته على الأرض ، كما في الحسن (٩) ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧١ الحديث ٨٢١٠.

(٢) راجع! وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٠ الباب ١٧ من أبواب السجود.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٨٠ الحديث ٨٢٣٧.

(٤) راجع! مفاتيح الشرائع : ١ / ١٤٠.

(٥) راجع! مفاتيح الشرائع : ١ / ١٤٠.

(٦) علل الشرائع : ٣٣٦ الحديث ٤.

(٧) الانسلال : النهضة بتأنّ وتدريج. لاحظ! مجمع البحرين : ٥ / ٣٩٨.

(٨) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦٢ الحديث ٧٠٨٠.

(٩) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٤ الحديث ٨٢١٩.

٥٦

ونعني بالأخير الإقعاء ، وهو مكروه بين السجدتين ، كما في المعتبرة (١) ، خلافا للسيّد (٢) لنفي البأس عنه في الصحيح (٣) ، وحمل على نفي التحريم (٤).

وأن يجلس بعد السجدة الثانية مطمئنّا ، كما في المعتبر (٥) ، ويسمّى بجلسة الاستراحة ، وأوجبها السيّد (٦) ، ويدفعه النصوص (٧).

وأن يقول عند القيام من السجود : «اللهمّ ربّي بحولك وقوّتك أقوم وأقعد» وإن شاء قال : «وأركع وأسجد» كذا في الصحيح (٨).

وفي آخر : «بحول الله أقوم وأقعد» (٩) ، وأن يقول في آخر سجدة من نافلة المغرب بالمأثور في الصحيحين (١٠) ، وفي آخر سجدة من صلاة جعفر بالمأثور في الصحيح (١١).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٨ الباب ٦ من أبواب السجود.

(٢) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ٢١٨.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٨ الحديث ٨١٥٠.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٤١٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٦ الباب ٥ من أبواب السجود.

(٦) الانتصار : ٤٦.

(٧) راجع! وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٦ الباب ٥ من أبواب السجود.

(٨) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ الحديث ٨١٨٥.

(٩) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ الحديث ٨١٨٥.

(١٠) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٩٤ الحديث ٩٦٧٣ و ٩٦٧٤.

(١١) وسائل الشيعة : ٨ / ٥٥ الحديث ١٠٠٧٨.

٥٧
٥٨

قوله : (أن يتساوى).

مرّ الكلام فيه (١).

قوله : (وأن يختار).

مرّ الكلام فيه مفصّلا آنفا (٢).

قوله : (وأن يمكّن جبهته). إلى آخره.

الأخبار في ذلك كثيرة ، منها صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهما‌السلام : عن الرجل يسجد على الحصى ولا يمكّن جبهته من الأرض ، قال : «يحرّك جبهته حتّى يمكّن» (٣) الحديث.

وفي «الغوالي» عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال لمن علّمه الصلاة : «ثمّ اسجد ممكّنا جبهتك من الأرض ثمّ ارفع رأسك حتّى ترجع مفاصلك وتطمئنّ جالسا» (٤).

وفيه أيضا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إذا سجدت فمكّن جبهتك من الأرض ولا تنقر نقرا» (٥) إلى غير ذلك ، فتأمّل!

قوله : (وأن يدعو).

المأثور المشهور : «اللهمّ لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٩٧ ـ ٥٠٣ (المجلّد السابع) من هذا الكتاب.

(٢) راجع! الصفحة : ١٩ ـ ٢٣ من هذا الكتاب.

(٣) قرب الإسناد : ٢٠٢ الحديث ٧٧٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣١٢ الحديث ١٢٧٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٣١ الحديث ١٢٤٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٥٣ الحديث ٨١٦٦.

(٤) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٧ الحديث ٧ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٤٥٧ الحديث ٥١٥١ مع اختلاف يسير.

(٥) عوالي اللآلي : ١ / ٣٣١ الحديث ٨٤ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٤٦٩ الحديث ٥١٨٥.

٥٩

توكّلت ، وأنت ربّي ، سجد وجهي للّذي خلقه وشقّ سمعه وبصره ، الحمد لله ربّ العالمين ، تبارك الله أحسن الخالقين ، ثمّ قال : سبحان ربّي الأعلى وبحمده ، ثلاث مرّات».

هكذا في الصحيح في «الكافي» (١) والعامّة رووا كذلك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأدنى نقيصة (٢).

وفي «الفقيه» أيضا ذكره بتفاوت زيادة (٣).

وفي «الكافي» أيضا في الصحيح عن أبي عبيدة عن الباقر عليه‌السلام دعاء آخر في الأربع ركعات (٤) ، كلّ ركعة منها دعاؤها مغاير لدعاء الاخرى.

قوله : (كما في الصّحيح).

لعلّ المراد منه صحيحة أبان عن عبد الرحمن بن سيابة ـ وهو مجهول ـ قال : قلت للصادق عليه‌السلام : أدعو الله وأنا ساجد؟ فقال : «نعم ، فادع للدنيا والآخرة فإنّه ربّ الدنيا والآخرة» (٥).

نعم ، ورد صحيح ظاهر في عدم بطلان الصلاة بدعاء ردّ الضالّة في سجودها (٦) ، بل ربّما كان ظاهرا في مرجوحيّته ، والله يعلم.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٢١ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣٩ الحديث ٨١٢٤.

(٢) سنن ابن ماجة : ١ / ٢٨٧ الحديث ٨٨٨ و ٨٩٠.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٥ الحديث ٩٣٠.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٢٢ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٤٠ الحديث ٨١٢٥.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٢٣ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٩ الحديث ١٢٠٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧١ الحديث ٨٢١٠.

(٦) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧٠ الحديث ٨٢٠٩.

٦٠