مصابيح الظلام - ج ٨

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٨

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٢٨

والأكثر اعتبروها كما ستعرف ، وخلوّها عن اعتبار تقديم ما قدّمه المأمومون مطلقا ، وكذا غيره ممّا اعتبره الكلّ ومن المسلّمات عند المستدلّين بها. إلى غير ذلك ، مثل خلوّها عن اشتراط التشاحّ وغيره ، فتأمّل جدّا!

مع أنّه ربّما كانت المصلحة في زمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تقديم الأقرأ ، وكذا في نقل الصادق عليه‌السلام ذلك عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زمانه ، مع أنّه ربّما كان منشأ تقديم الأقرأ في زمانهما عليهما‌السلام غلبة وجود الأقرأ وندرة وجود الأعلم ، بحيث يعرف أنّه أفقه في الدين ، ويسلّم في جنب وجود الأقرأ ، فتأمّل!

وكيف كان ، تقديم الأفقه الأعلم بالنظر إلى الأدلّة أقوى.

ثمّ اعلم! أنّ المراد من الأقرأ الذي قراءته من القرآن أكثر ، وكان أكثر حفظا ومعرفة من الحفظ ، كما كان المتعارف في زمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الناس كان هكذا حالهم ، وظهر ممّا نقلنا عن ابن مسعود (١) ، واختاره في «المنتهى» (٢).

ويدلّ عليه ما رواه الشيخ عن ابن مسلم ـ في الصحيح ـ عن أحدهما عليهما‌السلام : «أنّ العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به ، وكان أكثرهم قرآنا» (٣).

وما رواه الصدوق عنهم عليهم‌السلام : «إنّ الأعمى يؤمّ القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قراءة وأفقههم» (٤).

لكن في «التذكرة» اختار كون المراد منه الأجود قراءة ، بعد أن قال : يرجّح بكثرة القرآن ، فإن تساويا في قدر ما يحفظ كلّ منهما وكان أحدهما أجود قراءة

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٠٠ من هذا الكتاب.

(٢) منتهى المطلب : ٦ / ٢٣٩.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ٩٩ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٢٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٦ الحديث ١٠٧٩٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٨ الحديث ١١٠٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٨ الحديث ١٠٨٤٠.

٤٠١

وإعرابا فهو أولى ؛ لأنّه أقرأ ، وإن كان أحدهما أكثر حفظا ، والآخر أجود قراءة فهو أولى (١) ، انتهى.

ثمّ اعلم! أنّ المحقّق وإن قدّم الأقرأ ، إلّا أنّه قدّمه على الأفقه ، ثم قدّم الأفقه على الأقدم هجرة (٢).

وفي «المنتهى» أيضا وافق المحقّق (٣) ، وكذا في «التذكرة» مصرّحا بأنّ ذلك عند أكثر فقهائنا.

بل جعل المخالف في ذلك خصوص المرتضى ، حيث قدّم الأسنيّة على الأفقهيّة ، ولم يشر إلى مخالف آخر ، ولا خلاف غيره أصلا (٤).

فظهر أنّ رواية أبي عبيدة غير معمول بها عند الفقهاء ، لتأخير الأفقهيّة فيها عن الأقدميّة هجرة وعن الأسنّية أيضا ، بل كلّ ما هو مرجّح.

وممّا ذكر ظهر ما في كلام المصنّف : وفي الخبر المشهور. إلى آخره.

وفي «التذكرة» : أنّ للشيخ قولا بأنّه يقدّم بعد التساوي في الفقه ، الأشرف فإن تساويا في الشرف قدّم الأقدم هجرة (٥) ، ولم نجد مأخذه.

وفي «التذكرة» في تفسير الأقدم هجرة : أنّ المراد به سبق الإسلام ، أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ، أو يكون من أولاد من تقدّمت هجرته ، سواء كانت الهجرة قبل الفتح أو بعده.

ووجّه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا هجرة بعد الفتح» (٦) ، بأنّ المراد : لا تجب ، لقوّة

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٠٧ المسألة ٥٨١.

(٢) المعتبر : ٢ / ٤٤٠.

(٣) منتهى المطلب : ٦ / ٢٣٩.

(٤) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٠٨.

(٥) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٠٨ و ٣٠٩ المسألة ٥٨٣.

(٦) مسند أحمد : ١ / ٣٧٤ الحديث ١٩٩٢ ، سنن الدارمي : ٢ / ٣١٢ الحديث ٢٥١٢.

٤٠٢

الإسلام ، والتمكّن من إظهار شعائره في بلاد الشرك ، معلّلا بأنّ الهجرة قربة وطاعة ، فقدّم السابق لسبقه إلى الطاعة (١).

وعن الفاضل يحيى بن سعيد : أنّ المراد بالأقدم هجرة في زماننا : المتقدّم في التعلّم (٢).

وعن «الذكرى» أنّه قال : وربّما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار ؛ لأنّها تقابل البادية مسكن الأعراب ؛ لأنّ أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة (٣).

وفيه ؛ أنّ المفروض كون الإمام مستجمعا لشرائط الإمامة ، واستفادة ما ذكر إلى آخره من لفظ الأقدم هجرة فيه ما فيه ، بل ما ذكره في «التذكرة» من أنّ المراد منه سبق الإسلام ، وكذا كون المراد أولاد من سبق هجرته أيضا محلّ نظر ، فالظاهر اختصاص ذلك بزمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والتابعين ونحوهما ممّن تحقّق منه الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام ، والله يعلم.

ولم يتعرّض المصنّف لذكر التقديم بالأصبحيّة وجها ، والأكثر اعتبروا ذلك بعد الأقدميّة هجرة ، وهذا مختار الثلاثة وأتباعهم (٤) ، ورواه المرتضى رواية على ما صرّح في «التذكرة» (٥).

أقول : قد ذكرت عن «العلل» الرواية الصريحة في اعتبارها ، بعد التوافق في

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٠٨ المسألة ٥٨٣.

(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٤ / ٤١٨.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ٤١٧.

(٤) نقل عن المفيد في المعتبر : ٢ / ٤٤٠ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١١١ ، المراسم : ٨٧ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ١٠٥ ، المهذّب : ١ / ٨١.

(٥) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣١٠ المسألة ٥٨٥ ، لاحظ! رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٤٠.

٤٠٣

السن (١).

واختلفوا في تفسيره ، فبعضهم : أحسنهم صورة ؛ لأنّ الظاهر عنوان الباطن ، وحسن الصورة علامة حسن الأخلاق ، كما صرّح به أهل القيافة ، واشتهر بين الناس ، وجرى التخلّف نادرا من جهة سوء خلقه في عضو لا يتفطّن به ، مع أنّ النادر غير مضرّ ، فتأمّل جدّا!

وورد : «اطلبوا الحاجة عند حسان الوجوه» (٢) على ما هو ببالي.

وقال الآخرون : أحسنهم ذكرا بين الناس (٣) ؛ لدلالته على حسن الحال عند الله ، وورد مدحه في الأخبار ، منها عن علي عليه‌السلام في عهده إلى الأشتر رضى الله عنه حيث قال : «وإنّما يستدلّ على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده» (٤).

وقال في «التذكرة» : فإن استووا في ذلك كلّه قدّم أشرفهم ، أي أعلاهم نسبا ، وأفضلهم في نفسه ، فإن استووا في هذه الخصال قدّم أتقاهم وأورعهم ؛ لأنّه أشرف في الدين ، وأقرب إلى الإجابة (٥).

قلت : لما ورد عنهم عليهم‌السلام : «إن سرّكم أن تزكّوا صلاتكم فقدّموا خياركم» (٦) ، وأمثال ذلك ممّا لا يحصى ، ويظهر منها أنّه موجب التقديم مطلقا.

ثمّ قال : فإن استووا في ذلك كلّه ، فالأقرب القرعة.

وقال : وهذا كلّه تقديم استحباب ، لا تقديم اشتراط ولا إيجاب ، فلو قدّم

__________________

(١) علل الشرائع : ٣٢٦ الحديث ٢.

(٢) الخصال : ٣٩٤ الحديث ٩٩ ، وسائل الشيعة : ١٢ / ١٣٩ الحديث ١٥٨٧٨ مع اختلاف يسير.

(٣) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣١٠ المسألة ٥٨٥.

(٤) نهج البلاغة (عبده) : ٦٠٠ الكتاب ٥٣.

(٥) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣١٠ المسألة ٥٨٥.

(٦) المقنع : ١١٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣١٥ الحديث ١٠٧٧٠.

٤٠٤

المفضول جاز ، ولا نعلم فيه خلافا (١) ، انتهى.

ومثل ذلك قال في «المنتهى» (٢) ، لكن في «المختلف» : أنّه يظهر من كلام الشيخ أنّه على الاشتراط (٣) ، وعن سلّار أنّه على الوجوب (٤).

أقول : عدم صحّة سند الروايات ، مضافا إلى الاختلاف الشديد بينها ، والأصل والعمومات تقتضي الاستحباب.

نعم ؛ في بعض المقامات يكون المقتضي قبح ترجيح المرجوح على الراجح ، وهذا ظاهر في الوجوب.

واعلم! أنّه قال في «الذخيرة» : وذكر غير واحد من الأصحاب أنّه ليس للمأمومين أن يقتسموا الأئمّة ، فيصلّي كلّ قوم خلف من يختارونه ؛ لما فيه من الاختلاف المثير للإحن (٥) ، انتهى.

أقول : كما أنّ الجماعة مستحبّة ، كذلك كثرة عددهم مستحبّة على حدة ؛ لما في الأخبار من أنّه كلّما زاد شخص من المأمومين يضاعف الله ثواب كلّ واحد من المأمومين وإمامهم ، وربّما يصل إلى حدّ لا يعلم حسابه إلّا الله تعالى (٦) ، فيقتضي هذا وقوع الجماعة واحدة غير متعدّدة مهما أمكن.

فإذا أراد الإمام هذا المعنى ، ويكون الإمام متعدّدا يلزم التشاحّ ؛ لأنّ كلّا من الأئمّة يريد أن يكون جميع الحاضرين يأتمّون به إماما كانوا أو مأموما.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣١١ المسألة ٥٨٥.

(٢) منتهى المطلب : ٦ / ٢٤٢ و ٢٤٣.

(٣) مختلف الشيعة : ٣ / ٦٥.

(٤) المراسم : ٨٧.

(٥) ذخيرة المعاد : ٣٩١.

(٦) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٨٥ الباب ١ من أبواب صلاة الجماعة ، مستدرك الوسائل : ٦ / ٤٤٣ الباب ١ من أبواب صلاة الجماعة.

٤٠٥

ولهذا قال الفقهاء : إذا تشاحّ الأئمّة ، وفي المأمومين : إذا اختلفوا ؛ لعدم تحقّق تشاحّ بينهم.

وهذا التشاحّ أمر مطلوب شرعا ولا ينافي المروءة ، فضلا عن العدالة ؛ لأنّه من باب استبقوا الخيرات ، وسارعوا إلى مغفرة ونحوها.

فإنّ الإمام إذا صار إمام الكلّ ربّما لا يحصي أجره إلّا الله ، فوحدة الجماعة في غاية المطلوبيّة شرعا للإمام والمأموم جميعا.

فالإمام والمأمومين إمّا أن يريد كلّ منهم وحدة الجماعة أو لا وحدتها ، أو الإمام يريد الوحدة ، والمأموم غير الوحدة ، أو العكس.

والثلاثة الاخر لا وجه لأن يتعرّض لها الفقيه أصلا ، كما أنّه لا وجه أن يتعرّض لصورة عدم إرادة الجماعة من الإمام أو المأموم أو كليهما.

والصورة الاولى إن لم يتحقّق منها فساد شرعيّ فلا وجه للتعرّض لذكرها أيضا ، بل يكفي ذكر كون وحدة الجماعة وكثرة عددهم مطلوبة شرعا.

فانحصر ما يتعرّض الفقيه لذكره في صورة وقوع التشاحّ من الأئمّة ، أو الاختلاف في المأمومين ، للاحتياج إلى علاج صدر من الشرع ، ورفع الفساد في ذلك ، بالنحو الذي قرّره الشارع.

فلذا قالوا : إذا وقع التشاحّ من الأئمّة. إلى آخر ما ذكروا ، فلا وجه لذكرهم صورة عدم إرادة الإمام ، أو المأموم ، أو كليهما عدم وحدة الجماعة ، كما لا يذكرون عدم إرادة الجماعة.

ومع هذا لهم أن يقتسموا الأئمّة ، إلّا أنّهم تركوا الأفضل ، كما أنّ لمن أراد الاقتسام له ذلك ، كما هو الحال في ترك نفس الجماعة.

وهم ذكروا علاج التشاحّ ـ وقع الاختلاف في المأمومين أم لا ـ ولم يذكروا علاج الاختلاف ، وإن لم يقع تشاحّ في الأئمّة ، ولعلّهم أحالوا ذلك إلى ما ظهر من

٤٠٦

أدلّتهم وتعليلاتهم.

نعم ؛ في «شرح اللمعة» قال : لو تشاحّ الأئمّة أو تشاحّ المأمومون قدّم الأقرأ (١) ، فصرّح بذلك.

ويحتمل أن يكون نظر غير الشهيد الثاني إلى أنّ العلاج الشرعي إنّما يكون إذا كان تزاحم حقوق أو حقّين ، وليس من حقوق المأموم أن يختار المأموم الآخر الإمام الذي اختاره هو ، سيّما إذا لم يكن مختاره ، سيّما إذا كان المأمومون كثيرين ، ولذا لم يعبّروا [عن] خلافهم بالتشاحّ ، كما عبّر في «شرح اللمعة» ، وهذا الاحتمال أظهر.

قوله : (للنصوص). إلى آخره.

أقول : هي رواية جابر ، عن الباقر عليه‌السلام قال : «ليكن الذين يلون الإمام اولي الأحلام منكم والنّهى ، فإن نسي الإمام أو تعايا قوّموه ، وأفضل الصفوف أوّلها ، وأفضل أوّلها ما دنا من الإمام» (٢).

ومرسلة الكاظم عليه‌السلام : «إنّ الصلاة في الصفّ الأوّل كالجهاد في سبيل الله عزوجل» (٣).

ورواية سهل بإسناده قال : قال : «فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد» (٤).

__________________

(١) الروضة البهيّة : ١ / ٣٩١.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٧٢ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٥ الحديث ٧٥١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٥ الحديث ١٠٧٣٨ و ٣٠٦ الحديث ١٠٧٤١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٢ الحديث ١١٤٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٧ الحديث ١٠٧٤٥.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٧٣ الحديث ٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٧ الحديث ١٠٧٤٢.

٤٠٧

وفي «المنتهى» روى بطريق العامّة عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «خير صفوف الرجال أوّلها وشرّها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرّها أوّلها» (١).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ليلينّ منكم اولو النهى والأحلام» (٢).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا أنّه رأى في أصحابه تأخّرا ، فقال : «تقدّموا فأتمّوا بي وليأتمّ بكم من بعدكم ، لا يزال قوم يتأخّرون حتّى يؤخّرهم الله عزوجل» (٣) (٤).

قوله : (للمعتبرة). إلى آخره.

أقول : منها صحيحة الفضيل بن يسار ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «أتمّوا الصفوف إذا وجدتم خللا ، ولا يضرّك أنّ تتأخّر إذا وجدت ضيقا في الصفّ وتمشي منحرفا حتّى تتمّ الصفّ» (٥).

ومثلها صحيحة الحلبي عنه عليه‌السلام (٦) ، ورواية السكوني عنه عن آبائه عليهم‌السلام «إنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «سوّوا بين صفوفكم ، وحاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان» (٧). إلى غير ذلك.

وممّا ذكر ظهر النصوص المستفيضة أيضا.

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٢٧٣ الحديث ١٣٢ مع اختلاف يسير.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٢٧١ الحديث ١٢٢ و ١٢٣.

(٣) صحيح مسلم : ١ / ٢٧٣ الحديث ١٣٠.

(٤) منتهى المطلب : ٦ / ٢٥٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٣ الحديث ١١٤٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٠ الحديث ٨٢٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٢٢ الحديث ١١٠٧١.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٣ الحديث ١١٤٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٠ الحديث ٨٢٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٢٢ الحديث ١١٠٧١.

(٧) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٣ الحديث ٨٣٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٢٣ الحديث ١١٠٧٣.

٤٠٨

قوله : (وأن لا يقوم). إلى قوله : (للخبر).

وهو رواية السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تكن في العثكل ، قلت : وما العثكل؟ قال : أن تصلّي خلف الصفوف وحدك ، فإن لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الإمام أجزأه ، فإن هو عاند الصفّ فسدت عليه صلاته» (١).

وهذا محمول على الكراهة المغلظة ؛ لما ظهر من الأخبار المعمول بها من جواز ذلك ، منها كصحيحة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه‌السلام عن الرجل يقوم في الصفّ وحده ، فقال : «لا بأس ، إنّما يبدو واحد بعد واحد» (٢).

ومثلها رواية موسى بن بكر عن الكاظم عليه‌السلام (٣) ، وغيرهما من المطلقات.

والأولى أن لا يقوم كذلك إلّا مع ضيق الصفّ ، ومع ذلك يقوم بحذاء الإمام ؛ لصحيحة سعيد الأعرج ، عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصفّ مقاما ، أيقوم وحده حتّى يفرغ من صلاته؟ قال : «نعم ، لا بأس ، يقوم بحذاء الإمام» (٤).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٢ الحديث ٨٣٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٧ الحديث ١١٠٣٢ ، الوافي : ٨ / ١١٨٩ الحديث ٨٠١٧ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٠ الحديث ٨٢٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٦ الحديث ١١٠٢٩.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٤ الحديث ١١٤٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٦ الحديث ١١٠٣١.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٨٥ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٧٢ الحديث ٧٨٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٦ الحديث ١١٠٣٠.

٤٠٩
٤١٠

١٨٦ ـ مفتاح

[ما ينبغي مراعاته في الجماعة]

ينبغي أن لا يؤمّ الحاضر المسافر وبالعكس ؛ لما مرّ (١) ، ولا المقيّد المطلقين ، ولا صاحب الفالج الأصحّاء (٢) ، ولا المتيمّم المتوضّئين (٣) ، ولا الأعمى في الصحراء إلّا أن يوجّه إلى القبلة (٤) ، ولا العبد إلّا لأهله (٥) ؛ للأخبار. وإنّما حملت على الكراهة لضعفها (٦) ، مع معارضتها الأصل والعمومات والصحاح المستفيضة (٧).

وأن يقوم للصلاة عند قول المؤذّن : قد قامت الصلاة ، كما في الخبر (٨).

__________________

(١) مفاتيح الشرائع : ١ / ١٦٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٤٠ الباب ٢٢ من أبواب صلاة الجماعة.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٧ الباب ١٧ من أبواب صلاة الجماعة.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٨ الباب ٢١ من أبواب صلاة الجماعة.

(٥) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٥ الباب ١٦ من أبواب صلاة الجماعة.

(٦) لاحظ! منتهى المطلب : ٦ / ٢٢٨ ـ ٢٣٣.

(٧) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٩ الحديث ١٠٨١٠ و ١٠٨١١ ، ٣٢٧ الحديث ١٠٨٠٣ و ١٠٨٠٤ و ١٠٨٠٥ ، ٣٣٨ و ٣٣٩ الحديث ١٠٨٣٨ و ١٠٨٤٢ ، ٣٢٥ الحديث ١٠٧٩٨.

(٨) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٠ الحديث ٧٠٥٨.

٤١١

وأن لا يتنفّل حال الإقامة ؛ للصحيح (١) ، وقيل بالمنع من ذلك (٢) ، وحمل على ما لو كانت الجماعة واجبة وأدّى ذلك إلى فواتها (٣).

وأن يعدل إلى النفل وأتمّ الركعتين ، لو شرع في الفريضة ثمّ جاء من يصلّي جماعة ؛ للصحيح (٤) وغيره (٥).

وأن يعيد المنفرد صلاته إذا وجد من يصلّي تلك الصلاة جماعة ، إماما كان أو مأموما ؛ للإجماع والصحاح المستفيضة (٦).

وأن يسرّ الإمام بالتكبيرات الستّ الافتتاحيّة ، ويجهر بتكبيرة الإحرام ؛ للصحيح (٧) وغيره (٨).

وأن يسمع من خلفه جميع الأذكار ، ولا يسمعه من خلفه شيئا ؛ للموثّق (٩) ، ويتأكّد [في التشهّد] للصحيحين (١٠).

وأن يقرأ المأموم مع عدم سماع الهمهمة في الجهريّة ، كما مرّ (١١) ، ويسبّح

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٢٨ الحديث ٤٩٩٥.

(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ١١٩ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ١٠٦.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ٤٧٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٤ الحديث ١١٠٢٦.

(٥) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٥ الحديث ١١٠٢٧ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ٤٩٦ الحديث ٧٣٤٨.

(٦) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠١ الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة.

(٧) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣ الحديث ٧٢٧٣.

(٨) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣ الباب ١٢ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٩) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٩٦ الحديث ١١٠٠٠.

(١٠) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠١ الحديث ٨٢٨٣ ، ٨ / ٣٩٦ الحديث ١٠٩٩٨.

(١١) مفاتيح الشرائع : ١ / ١٦٢.

٤١٢

في الاخفاتيّة ؛ للصحاح (١). وقيل : يقرأ كما مرّ (٢).

وأن يسبّح في نفسه مع الإنصات إذا سمع القراءة ؛ للحسن (٣).

وأن ينبّه الإمام إذا أخطأ في القراءة أو تعايا ؛ للمعتبرة (٤).

وأن يسبّح إذا أكمل القراءة قبل الإمام ؛ للموثّق (٥) ، وفي الآخر : «أمسك آية ومجّد الله واثن عليه فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع» (٦).

وأن يقول عند فراغ الإمام من الفاتحة : «الحمد لله ربّ العالمين» ؛ للحسن (٧) ، وكذا عند سمعلته ؛ للصحيح (٨).

وأن لا يختصّ الإمام نفسه بالدعاء ؛ فإنّه خيانة ، كما في الخبر (٩).

وأن يصلّي الإمام صلاة أضعف من خلفه للمعتبرة (١٠) ، وهو مؤكّد إلّا إذا علم منهم حبّ الاستطالة فاستحبّ التطويل ، كما قاله في «الذكرى» (١١) ، لكن بشرط إحاطة علمه بهم.

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٦٠ الباب ٣٢ من أبواب صلاة الجماعة ، ولم ترد كلمة (للصحاح) في متن مفاتيح الشرائع المطبوع.

(٢) مفاتيح الشرائع : ١ / ١٦٢ و ١٦٣.

(٣) راجع! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٥٧ الحديث ١٠٨٨٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٥ الحديث ١٠٧٣٨.

(٥) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٧٠ الحديث ١٠٩٣٠.

(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٨ الحديث ١٣٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٧٠ الحديث ١٠٩٢٨.

(٧) وسائل الشيعة : ٦ / ٦٧ الحديث ٧٣٦٢.

(٨) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٢٢ الحديث ٨٠٨٤.

(٩) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٢٥ الحديث ١١٠٨١.

(١٠) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٢٠ الحديث ١١٠٦٤.

(١١) ذكرى الشيعة : ٤ / ٤٥٤.

٤١٣

وأن لا يقوم الإمام من مصلّاه إلى أن يتمّ المسبوقون صلاتهم ؛ للصحاح (١) ، وهو من الوكيدات ، ولا يجب ؛ للموثّق (٢).

وأن لا يصلّي في مقامه ركعتين حتّى ينحرف عن مقامه ذلك ؛ للصحيح (٣).

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٦ / ٤٣٣ الباب ٢ من أبواب التعقيب.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٣٥ الحديث ٨٣٧٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ١٨٦ الحديث ٦٢٨٧.

٤١٤

قوله : (ينبغي أن لا يؤمّ). إلى قوله : (وإنّما حملت).

قد عرفت الحال في ائتمام المسافر خلف الحاضر وبالعكس (١) وأنّ الأخبار متّفقة في الجواز من دون معارض أصلا ، حتّى رواية داود بن الحصين (٢) ، فإنّ ظاهرها أيضا الكراهة ، بملاحظة تتمّة الخبر.

وعلى فرض ظهورها في الحرمة ، فلا يمكنها المعارضة للصحاح والمعتبرة الكثيرة المفتى بها عند جلّ الفقهاء ، لو لم نقل كلّهم.

وعلى فرض المعارضة ، فالحمل على الكراهة متعيّن ؛ لوجوب الجمع ، وهو أقرب الوجوه ، بل ومتعيّن ، كما لا يخفى.

وأمّا البواقي ؛ فروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : «لا يؤمّ المقيّد المطلقين ولا صاحب الفالج الأصحّاء ولا صاحب التيمّم المتوضّئين ، ولا يؤمّ الأعمى في الصحراء إلّا أن يوجّه إلى القبلة» (٣).

وفي كالصحيح عن ابن المغيرة ، عن السكوني عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا يؤمّ صاحب التيمّم المتوضّئين ، ولا يؤمّ صاحب الفالج الأصحّاء» (٤).

وفي الصحيح عن الحسن بن محبوب ، عن عبّاد بن صهيب قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : «لا يصلّي المتيمّم بقوم متوضّئين» (٥).

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٣٧٠ و ٣٧١ من هذا الكتاب.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٩ الحديث ١١٨٠ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٤ الحديث ٣٥٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٦ الحديث ١٦٤٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٠ الحديث ١٠٨١٥.

(٣) الكافي ٣ / ٣٧٥ الحديث ٢ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٨ الحديث ١١٠٨ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٧ الحديث ٩٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٩ الحديث ١٠٨٤٤ ، ٣٤٠ الحديث ١٠٨٤٥.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٦ الحديث ٣٦٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٨ الحديث ١٠٨٠٧.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٦ الحديث ٣٦١ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٤ الحديث ١٦٣٤ ، وسائل الشيعة :

٤١٥

وابن محبوب ممّن أجمعت العصابة ، على قول (١) ، وعبّاد ثقة كما صرّح به النجاشي (٢).

وتوهّم اتّحاده مع ابن كثير الضعيف فاسد ، كما حقّقته في الرجال (٣).

فالحمل على الكراهة ليس من جهة ضعف السند ، بل من الإجماع الظاهر من كلام الفاضلين (٤) ، ومن معارضة الصحيح وكالصحيح.

مثل صحيحة جميل بن درّاج أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن إمام قوم أجنب وليس معه ماء يكفيه للغسل ومعهم ما يتوضّئون ، أيتوضّأ به بعضهم ويؤمّهم؟ قال : «لا ، ولكن يتيمّم الإمام ويؤمّهم ؛ فإنّ الله عزوجل جعل التراب طهورا» (٥).

وقريب منها موثّقة ابن فضّال (٦) ، عن ابن بكير ، عن الصادق عليه‌السلام (٧) ، وكصحيحة ابن المغيرة عن ابن بكير عنه عليه‌السلام (٨) ، وما دلّ على أنّ التراب بمنزلة

__________________

٨ / ٣٢٨ الحديث ١٠٨٠٨.

(١) رجال الكشي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

(٢) رجال النجاشي : ٢٩٣ الرقم ٧٩١.

(٣) تعليقات على منهاج المقال : ١٨٧.

(٤) شرائع الإسلام : ١ / ١٢٥ ، المعتبر : ٢ / ٤٤١ ، منتهى المطلب : ١ / ٣٧٣ ، تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٠٣ ، نهاية الإحكام : ٢ / ١٥١.

(٥) الكافي : ٣ / ٦٦ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٦٠ الحديث ٢٢٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٧ الحديث ٣٦٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٥ الحديث ١٦٣٨ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٦ الحديث ٣٩٤١ و ٨ / ٣٢٧ الحديث ١٠٨٠٣ مع اختلاف يسير.

(٦) كذا ، والظاهر الصحيح : فضالة بن أيّوب.

(٧) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٧ الحديث ٣٦٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٤ الحديث ١٦٣٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٧ الحديث ١٠٨٠٤.

(٨) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٧ الحديث ٣٦٦ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٥ الحديث ١٦٣٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٧ الحديث ١٠٨٠٥.

٤١٦

الماء (١).

ومرّ في مبحث صلاة الجمعة أنّ العلّامة نقل الإجماع على جواز إمامة الأعمى بمثله وبالبصير (٢).

ورأيت في «التذكرة» أنّه ادّعى على ذلك إجماع جميع العلماء ، وعدم خلاف منهم ؛ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استخلف ابن أمّ مكتوم.

ثمّ نقل عن بعض الشافعيّة أنّ البصير أولى ؛ لأنّ الأعمى لا يتوقّى عن النجاسات ، وعن بعض آخر منهم عكس ذلك ؛ لأنّ الأعمى أخشع في صلاته ، وعن الشافعي التساوي ، واختاره معلّلا بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدّم الأعمى كما يقدّم البصير (٣) ، ومع ذلك نقل عنه أنّه أفتى في نهايته (٤) بالمنع من إمامته.

ونقل عنه أيضا أنّه جوّز إمامته إذا كان من وراءه يسدّده ، ويوجّهه إلى القبلة (٥).

وفي صحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام : «لا بأس بأن يصلّي الأعمى بالقوم ، وإن كانوا هم الذين يوجّهونه» (٦).

وروى الصدوق عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنّهما قالا : «لا بأس أن يؤمّ الأعمى إذا رضوا به وكان أكثرهم قراءة وأفقههم» (٧) ، ويدلّ على ذلك العمومات

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٣ / ٣٤٣ الباب ٣ من أبواب التيمّم.

(٢) راجع! الصفحة : ٣٠٨ و ٣٠٩ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.

(٣) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٢٩٨ المسألة ٥٧٣ وانظر! الامّ : ١ / ١٦٥ ، فتح العزيز : ٤ / ٣٢٨ و ٣٢٩ ، المجموع للنووي : ٤ / ٢٨٦ و ٢٨٧.

(٤) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٣٠٧ ، لاحظ! نهاية الإحكام : ٢ / ١٥٠.

(٥) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٣٠٧ ، لاحظ! منتهى المطلب : ٦ / ٢١٤.

(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٠ الحديث ١٠٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٨ الحديث ١٠٨٣٨.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٨ الحديث ١١٠٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٨ الحديث ١٠٨٤٠.

٤١٧

أيضا (١).

وأمّا العبد ؛ فظهر (٢) في مبحث الجمعة أنّه لا يشترط الحرّية (٣) ، ولا مانع من إمامته إذا كان بشرائط الإمامة ، وإن كان هذا نادرا.

وأندر منه اتّصافه بالمرجّحات للتقديم على الغير ، ولذا ورد في صحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (٤) ، وصحيحته الاخرى عن الصادق عليه‌السلام : عن العبد يؤمّ القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرآنا ، قال : «لا بأس به» (٥).

وموثّقة سماعة قال : سألته عن المملوك يؤمّ الناس ، فقال : «لا ، إلّا [أن يكون هو] [أفقههم وأعلمهم» (٦).

ورواية السكوني عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام قال : «لا يؤمّ العبد إلّا أهله» (٧) ؛ فإنّ الغالب أنّ أهله أدون منه ، أو مساو له دون غيرهم ، مع احتمال الحمل على التقيّة.

ثمّ إنّه من جملة ما ورد النهي عن إمامته المحدود (٨) ، وحمل على ما قبل التوبة ؛

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٨ الباب ٢١ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) في (د ١) : فقد ظهر.

(٣) راجع! الصفحة : ٣٠٥ ـ ٣٠٧ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ٩٩ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٢٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٦ الحديث ١٠٧٩٩.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠٠ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٢٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٦ الحديث ١٠٧٩٩.

(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠١ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٣٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٦ الحديث ١٠٨٠٠.

(٧) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠٢ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٣١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٦ الحديث ١٠٨٠١.

(٨) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٢ الحديث ١٠٧٨٨.

٤١٨

لأنّ الحدّ لا يجعله عادلا.

ولعلّ الإطلاقات الواردة في الأخبار مبنيّة على ذلك ، أي دفع توهّم كون الحدّ مطهّرا للذنوب ، مخرجا عن العيوب ، إلى أن يصير عادلا.

فإنّ المتبادر من المحدود هو ما ذكرناه ، لا أنّه يشمل الذي يتوب إلى الله تعالى توبة واقعيّة ، تظهر على من يريد أن يصلّي وراءه.

وقيل بمنع إمامة التائب المذكور أيضا إلّا بمثله (١) ، بناء على دعوى ظهور الشمول ، وردّ بأنّه ليس أسوأ حالا من الكافر ، وبالتوبة واستجماع شرائط الإمامة تصحّ إمامته ، كما هو الحال في الكفّار ، وغيرهم من أصناف الفسّاق.

وقيل بالكراهة لاحتمال الشمول (٢) ، مع أنّ في المحدوديّة مهانة تنقص مرتبته به ، وللخروج عن الخلاف ، كلّ ذلك مع المسامحة في أدلّة السنّة والكراهة ، وهو حسن.

قوله : (وأن يقوم). إلى آخره.

هذا هو المشهور ، واستدلّ عليه بأنّ هذا اللفظ إخبار عن الإقامة ، فيجب المبادرة إلى التصديق.

ولقول الصادق عليه‌السلام في رواية معاوية بن شريح : «إذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة ، ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم ويقدّموا بعضهم» (٣).

وعن الشيخ في «المبسوط» و «الخلاف» : أنّ وقت القيام إلى الصلاة عند

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٣ / ٦١.

(٢) المعتبر : ٢ / ٤٤٢.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٤٢ الحديث ١٤٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٨٠ الحديث ١٠٩٥٦.

٤١٩

فراغ المؤذّن من كمال الأذان (١) ، ولم نعرف مأخذه.

وعن «المختلف» أنّه حكى فيه قولا عن البعض ، بأنّ وقت القيام إليها عند قوله : حيّ على الصلاة ؛ لأنّه دعاء إليها ، فاستحبّ القيام عنده.

واجيب بالمعارضة بالأذان ، لوجود ذلك فيه أيضا ، مع عدم استحباب عنده ، وبأنّ هذا اللفظ دعاء إلى الإقبال إلى الصلاة ، وقد قامت الصلاة صيغة إخبار بمعنى الأمر بالقيام ، فكان القيام عنده أولى (٢) ، انتهى.

والعمدة هي النصّ ، سيّما مع اشتهار العمل به ، وما ذكر مؤيّدات اخر له.

قوله : (للصحيح). إلى آخره.

هو صحيح عمر بن يزيد أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الرواية التي يروون أنّه لا ينبغي أن يتطوّع في وقت فريضة ما حدّ هذا الوقت؟ قال : «إذا أخذ المقيم في الإقامة» ، فقال له : إنّ الناس يختلفون في الإقامة ، فقال : «المقيم الذي تصلّي معه» (٣).

وعن الشيخ في «النهاية» وابن حمزة أنّهما منعا عن التنفّل بعد الإقامة (٤).

وعن «الذكرى» : وقد يحمل كلامهما على ما لو كانت الجماعة واجبة ، وكان ذلك يؤدّي إلى فواتها (٥) ، انتهى.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٥٧ ، الخلاف : ١ / ٥٤٦ المسألة ٣١٥.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٤ / ٣٤٦ و ٣٤٧ ، لاحظ! مختلف الشيعة : ٣ / ٩٠ و ٩١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٢ الحديث ١١٣٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨٣ الحديث ٨٤١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٢ الحديث ٧٠٦٣.

(٤) النهاية للشيخ الطوسي : ١١٩ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ١٠٦.

(٥) ذكرى الشيعة : ٤ / ٤٧٣.

٤٢٠