مصابيح الظلام - ج ٨

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٨

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٢٨

الميدان المشهور ، والعامّة نقلوا أنّهم ضربوا الكوس حينئذ وشنّعوا عليهم (١).

فظهر من ذلك أنّ ما رواه الحلبي كان معتبرا عندهم غير متأمّلين فيه ، إلى أن ارتكبوها في بطن بغداد بالجماعة المذكورين بالنحو المذكور ، مع أنّهم أفتوا بالمنع ، حتّى ادّعى العلّامة إجماعهم على المنع ، فيما سوى الاستسقاء والعيدين على ما ذكر (٢) ، ولم يعهد منهم في نافلة أصلا سوى ما ذكر ، ولم يحكم واحد منهم بالاستحباب في مطلق النوافل ، بل من غير خصوصيّة المستثنيات.

قوله : (ويدلّ عليه الصحاح).

هي صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «صلّ بأهلك في رمضان الفريضة والنافلة» (٣).

وصحيحة هشام عن الصادق عليه‌السلام : أنّ المرأة تؤمّ النساء في النافلة دون الفريضة (٤) ، وصحيحة الحلبي (٥) ، وسليمان بن خالد مثله (٦).

وفيه ، أنّ الاولى محمولة على التقيّة قطعا ، لكون شعار العامّة الجماعة في نافلة شهر رمضان ، وكون ذلك من بدع الثاني أشهر من الشمس ، وأنّ

__________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) راجع! الصفحة : ٢٥٧ من هذا الكتاب.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٧ الحديث ٧٦٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٨ الحديث ١٠٨٣٩ ط. ق.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٩ الحديث ١١٧٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٥ الحديث ٤٨٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٣ الحديث ١٠٨٢٥ نقل بالمضمون.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٨ الحديث ٧٦٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٧ الحديث ١٦٤٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٣.

(٦) الكافي : ٣ / ٣٧٦ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٩ الحديث ٧٦٨ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٦ الحديث ١٦٤٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٦.

٢٦١

أمير المؤمنين عليه‌السلام لمّا منع عن ذلك في أيّام خلافته في الكوفة وصاح أهلها : وا عمراه!! إلى أن سمع أمير المؤمنين عليه‌السلام ذلك ، فلمّا رأى ذلك تركهم على حالهم ورفع المنع عنهم (١) ، ولذا صار شعار الشيعة تركها.

وفي صحيحة الفضلاء أنّهم سألوا الباقر [والصادق عليهما‌السلام] عن نافلة ليالي شهر رمضان فقالا : «إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج في أوّل ليلة من شهر رمضان كما كان يصلّي فاصطفّ الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ، ففعلوا ذلك ثلاث ليال فقام على منبره فحمد الله وأثنى عليه فقال : أيّها الناس! إنّ الصلاة [بالليل] في شهر رمضان [من] النافلة في جماعة بدعة. إلى أن قال : وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار» (٢).

وقريب منها صحيحة البقباق وعبيد بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام (٣) ، إلى غير ذلك من الأخبار ، منها ما مرّ عند شرح قوله : (ولا يجوز). إلى آخره (٤).

وأمّا حكاية منع أمير المؤمنين عليه‌السلام وصياح الناس : وا عمراه!! فقد رواها عمّار في الموثّق (٥).

وبالجملة ، لا شكّ في فساد العمل بما هو ظاهر صحيحة عبد الرحمن ، ويمكن أن يكون المراد غير الجماعة الشرعيّة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٧٠ الحديث ٢٢٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦ الحديث ١٠٠٦٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٨٧ الحديث ٣٩٤ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٦٩ الحديث ٢٢٦ ، الاستبصار : ١ / ٤٦٧ الحديث ١٨٠٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٥ الحديث ١٠٠٦٢.

(٣) الكافي : ٤ / ١٥٤ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٦١ الحديث ٢٠٨ ، الاستبصار : ١ / ٤٦١ الحديث ١٧٩٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦ الحديث ١٠٠٦٤.

(٤) راجع! الصفحة : ٢٥٧ ـ ٢٦٠ من هذا الكتاب.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٧٠ الحديث ٢٢٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦ الحديث ١٠٠٦٣.

٢٦٢

وأمّا الصحيحتان الأخيرتان ، فغاية ما يظهر منهما الجواز في النافلة في الجملة ، لا كلّ نافلة ، فلعلّ المراد الإمامة في صلاة العيدين ، وتمام التحقيق سيجي‌ء إن شاء الله.

قوله : (ويستحبّ الدخول). إلى آخره.

الأخبار في ذلك كثيرة ، في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال : «من صلّى معهم في الصفّ الأوّل كان كمن صلّى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (١).

وفي آخر : «كمن صلّى خلفه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصفّ الأوّل» (٢).

وفي آخر : «من أتى مسجدا من مساجدهم فصلّى معهم خرج بحسناتهم» (٣).

وفي آخر : «فيخلف عليهم ذنوبه ويخرج بحسناتهم» (٤).

وفي آخر : «المصلّي معهم في الصفّ الأوّل كالشاهر سيفه في سبيل الله» (٥).

وفي آخر : «خالقوا الناس بأخلاقهم ، صلّوا في مساجدهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمّة والمؤذّنين فافعلوا فإنّكم إذا فعلتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفريّة ، رحم الله جعفرا ما كان أحسن ما يؤدّب أصحابه ، وإذا تركتم ذلك قالوا : [هؤلاء الجعفريّة] فعل الله بجعفر ، ما كان

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٨٠ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٠ الحديث ١٠٧٢٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٠ الحديث ١١٢٦ ، أمالي الصدوق : ٣٠٠ الحديث ١٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٩ الحديث ١٠٧١٧.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٨٠ الحديث ٨ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٥ الحديث ١٢٠٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٧٠ الحديث ٧٧٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٤ الحديث ١٠٧٣٦ نقل بالمضمون.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٧٣ الحديث ٧٨٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٣ الحديث ١٠٧٣٣.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٧٧ الحديث ٨٠٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠١ الحديث ١٠٧٢٣.

٢٦٣

أسوأ ما يؤدّب أصحابه» (١). إلى غير ذلك.

قوله : (إلّا أنّه). إلى آخره.

لا تأمّل في عدم السقوط ، لأنّ الصلاة لا تفتح بغير القراءة ، كما عرفت في مبحثها ، والاقتداء ليس بحقيقي ، لعدم عدالة الإمام ، فتقرأ سرّا تقيّة.

وفي الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا صلّيت خلف إمام لا تقتدي به فاقرأ خلفه ، سمعت قراءته أولم تسمع» (٢).

وفي الصحيح الآخر ، عن الكاظم عليه‌السلام : «اقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس» (٣).

وفي خبر آخر : أجزأ الحمد وحدها إذا عجّلوا فما يمكن من قراءة غيره (٤).

لكن الأولى والأحوط تحصيل قراءة السورة بالتعجيل في الدخول في الصلاة ، وإن كان قبل دخول إمامهم إن أمكنه ذلك بحيث لا يفهمون ، وإلّا فالتعجيل في القراءة ، واختيار سورة «إنّا أعطيناك» ونحوها ، وإن غفل عن ذلك وقرأ أطول ، أو اتّفق التعجيل بحيث لا يمكنه إتمام القصيرة قرأ ما تيسّر من السورة ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور (٥).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥١ الحديث ١١٢٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٣٠ الحديث ١١٠٩٢.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٧٣ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٥ الحديث ١٢٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٩ الحديث ١٦٥٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٦٦ الحديث ١٠٩١٩.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٦ الحديث ١٢٩ ، الاستبصار : ١ / ٤٣٠ الحديث ١٦٦٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٦٣ الحديث ١٠٩١١.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٧ الحديث ١٣٢ ، الاستبصار : ١ / ٤٣١ الحديث ١٦٦٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٦٥ الحديث ١٠٩١٦ نقل بالمعنى.

(٥) لاحظ! عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥.

٢٦٤

وإن اتّفق فراغه قبل الإمام سبّح إلى أن يركع ، كما ورد هذا أيضا (١) ، وورد أيضا الأذان والإقامة خلف كلّ من يقرأ خلفه (٢).

لكن لا بدّ من الاحتياط التام في الإخفاء فيهما ، وفي القراءة والقنوت ، بحيث لا يطّلع أحد منهم بوجه من الوجوه المنافية للتقيّة.

ومع ذلك لا بدّ من اتّساع الوقت لهما ، فلو لم يتمكّن منهما اكتفى بقول : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله. وإن لم يتمكّن من ذلك أيضا تركه أيضا ، وإن تمكّن منهما أو واحد منهما ، لكن يخاف فوت وقت القراءة ترك الأذان.

وإن خاف من إتيان الإقامة ذلك تركها أيضا ، مكتفيا بما ذكرنا من قول : قد قامت الصلاة ، وإن خاف من هذا أيضا تركه أيضا.

وبالجملة ، القراءة واجبة ، والأذان سنّة ، بل الإقامة أيضا ، إلّا أنّها قريبة إلى الوجوب ، كما عرفت في موضعه.

والأخبار الواردة في عدم وجوب القراءة خلفهم إذا جهروا بالقراءة ، وأنّه يجب عليه حينئذ إنصاته ، واستماع قراءتهم ، واحتساب ذلك مكان قراءته ، محمولة على التقيّة والاتّقاء ، إذ ربّما برز من العوام شي‌ء من القراءة في ذلك المقام ، كما هو ظاهر ، وجميع ما ذكر ظاهر من الأخبار والآثار.

ولو تمكّن من أن يصلّي قبلهم خفية ، ثمّ يخرج فيصلّي معهم ، فهو أحسن وأحسن ، كما ورد في الأخبار (٣) ، بل ربّما كان واجبا ، لأنّ رفع اليد عن الواجب مع

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٧٣ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٧٠ الحديث ١٠٩٢٩ نقل بالمعنى.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٧٦ الحديث ٨٠٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٦٣ الحديث ١٠٩١٢.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٢ الباب ٦ من أبواب صلاة الجماعة.

٢٦٥

التمكّن منه باطل ، إلّا أن يستلزم ذلك حرجا ، أو يخاف من بروز ذلك ، لعدم وثوقه بعدم الإبراز ، أو لعدم تماميّة وثوقه به ، والله يعلم.

واعلم! إنّه ربّما كانت الصلاة معهم تخالف التقيّة ، وتركها أنسب إلى التقيّة ، كما هو الحال في زماننا في بلادنا ، أنّ من ترك الصلاة معهم وهجرهم بالمرّة ، ولم يخالط معهم بالكليّة ، أسلم حالا ممّن يصلّي معهم ، فإنّهم يحتسبون عن أحواله إلى أن يظهر عليهم حاله ولو بالغ في التقيّة غاية المبالغة ، كما أنّهم قتلوا شخصا ، بل وأزيد كانت صلاتهم في جميع الأوقات خلفهم وفي غاية المبالغة في التقيّة كان سلوكهم ، ولذا ورد أنّ الإنسان أبصر بنفسه في معرفة التقيّة ، والحوالة فيها صارت إلى معرفته بنفسه.

٢٦٦

١٨١ ـ مفتاح

[ما يشترط في إمام الجماعة]

أقلّ ما تنعقد الجماعة باثنين أحدهما الإمام ، بلا خلاف للمعتبرة (١) ، ويشترط أن يكون الإمام مكلّفا على المشهور ، خلافا لـ «الخلاف» (٢) ، فجوّز إمامة المراهق المميّز العاقل ، للخبر (٣) ، وهو معارض بمثله (٤).

وفي الموثّق : «لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤمّ القوم» (٥).

وأن يكون ذكرا إذا كان المأمومون ذكرانا أو ذكرانا وإناثا بالإجماع ، وأمّا إذا كنّ جميعا إناثا فجاز إمامة المرأة على المشهور للأخبار (٦) ، خلافا للسيّد والإسكافي (٧) والجعفي (٨) فلم يجوّزوا إمامتها مطلقا ، واختاره في «المختلف» (٩) ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٦ الحديث ١٠٧٠٩.

(٢) الخلاف : ١ / ٥٥٣ المسألة ٢٩٥ ، المبسوط : ١ / ١٥٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٣ الحديث ١٠٧٩٠.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٢ الحديث ١٠٧٨٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢١ الحديث ١٠٧٨٥.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٣ ، الباب ٢٠ من أبواب صلاة الجماعة.

(٧) نقل عنهما في مختلف الشيعة : ٣ / ٥٩.

(٨) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٧٦.

(٩) مختلف الشيعة : ٣ / ٥٩ و ٦٠.

٢٦٧

للصحاح : «تؤمّهنّ في النافلة ، أمّا المكتوبة فلا» (١). وحملت على الكراهة.

وأن يكون مؤمنا ، عادلا ، طاهر المولد ، سالما من الجذام والبرص والحدّ الشرعي والأعرابيّة ، وفاقا لجماعة من القدماء (٢) للمعتبرة (٣) ، والمشهور كراهة الأربعة الأخيرة ، لأخبار تدلّ على الجواز (٤).

نعم ، يجوز إمامتهم بمثلهم ، كما اختاره المحقّق في الأعرابي (٥) ودلّ عليه النصّ (٦) ، وأفتى بعضهم في المجذوم والأبرص (٧). وقد مرّ تحقيق ما يثبت به الإيمان والعدالة وطهارة المولد (٨).

وأن لا يكون ملحنا في قراءته ، والمأموم ليس كذلك على المشهور ، وفيه قول آخر ضعيف (٩).

وأن لا يكون قاعدا والمأموم قائم ، بالنصّ (١٠) والإجماع.

وأن لا يكون بينهما حائل يمنع المشاهدة على المشهور ، للإجماع

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٣ و ١٠٨٣٦.

(٢) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٣٩ ، المقنع : ١١٥ ـ ١١٨ ، غنية النزوع : ٨٨ ، المبسوط : ١ / ١٥٥ ، الخلاف : ١ / ٥٦١ المسألة ٣١٢.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٥ الحديث ١٠٧٩٦.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٣ الباب ١٥ من أبواب صلاة الجماعة.

(٥) المعتبر : ٢ / ٤٤٣.

(٦) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٥ الحديث ١٠٧٩٧.

(٧) المهذّب : ١ / ٨٠ ، غنية النزوع : ٨٨.

(٨) مفاتيح الشرائع : ١ / ١٨.

(٩) المبسوط : ١ / ١٥٣.

(١٠) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٣٤٥ الباب ٢٥ من أبواب صلاة الجماعة.

٢٦٨

والصحيح (١) ، إلّا إذا كان المأموم امرأة والإمام رجلا على المشهور للموثّق (٢).

وفي الصحيح : «لا أرى بالوقوف بين الأساطين بأسا» (٣).

وأن لا يكون المأموم بعيدا عن الإمام أو الصفّ الذي يتقدّمه بما يزيد عن قدر التخطّي ، وفاقا للحلبي (٤) والسيّد ابن زهرة (٥) ، للصحيح : «إن صلّى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطّى فليس ذلك الإمام لهم بإمام ، وأيّ صفّ كان أهله يصلّون بصلاة إمام وبينهم وبين الصفّ الذي يتقدّمهم قدر ما لا يتخطّى فليس تلك لهم بصلاة» (٦).

واقتصر الأكثر على التباعد الزائد على المعتاد ، فجوّزوا ما دونه وإن كان أكثر من التخطّي ، وحملوا الرواية على الاستحباب (٧) ، أو أنّ المراد ما لا يتخطّى من الحائل لا المسافة. وهو كما ترى ، مع أنّه لا ضرورة داعية إلى التأويل.

وقيل : ينبغي للبعيد عن الصفوف أن لا يحرم بالصلاة حتّى يحرم قبله من المتقدّم من يزول معه التباعد (٨).

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٧ الباب ٥٩ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٩ الحديث ١١٠٣٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٨ الحديث ١١٠٣٤.

(٤) الكافي في الفقه : ١٤٤.

(٥) غنية النزوع : ٨٨ و ٨٩.

(٦) وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٣٩.

(٧) المبسوط : ١ / ١٥٦ ، المعتبر : ٢ / ٤١٩ ، منتهى المطلب : ٦ / ١٧٨ و ١٧٩.

(٨) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٢٢ و ٣٢٣.

٢٦٩
٢٧٠

قوله : (أقلّ). إلى آخره.

أقول : في «الكافي» و «التهذيب» بسندهما عن الباقر عليه‌السلام قال : «إنّ الجهني قال : يا رسول الله! أكون في البادية ومعي أهلي وولدي وغلمتي ، فاؤذّن واقيم واصلّي بهم ، أفجماعة نحن؟ فقال : نعم ، فقال : إنّ الغلمة يتبعون القطر وأبقى أنا وأهلي وولدي فاؤذّن واقيم واصلّي بهم ، أفجماعة نحن؟ فقال : نعم ، فقال : إنّ ولدي يتفرّقون في الماشية فأبقى أنا وأهلي فاؤذّن واقيم واصلّي بهم ، أفجماعة نحن؟ فقال : نعم ، فقال : إنّ المرأة تذهب في مصلحتها فأبقى وحدي فاؤذّن واقيم ، أفجماعة أنا؟ فقال : نعم ، المؤمن وحده جماعة» (١).

ومرّ في مبحث الأذان ، أنّ المؤذّن والمقيم إذا صلّى يصلّي خلفه صفّان من الملائكة (٢).

وعنه عليه‌السلام : «المؤمن وحده حجّة ، والمؤمن وحده جماعة» (٣).

وعنه عليه‌السلام : «الاثنان جماعة» (٤).

وعن الصيقل أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : كم أقلّ ما تكون الجماعة؟ فقال : «رجل وامرأة» (٥) ، هذا بناء على كون المرأة نصف الرجل.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٧١ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٥ الحديث ٧٤٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٦ الحديث ١٠٧١٠.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٥٩ و ٤٦٠ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٦ الحديث ١٠٩٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٧ الحديث ١٠٧١٣.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٦ الحديث ١٠٩٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٧ الحديث ١٠٧١٢.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٦ الحديث ١٠٩٥ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦ الحديث ٩١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٨ الحديث ١٠٧١٥.

٢٧١

وفي رواية أنّ «الصبي عن يمين الرجل [في الصلاة] إذا ضبط الصف جماعة» (١).

قوله : (خلافا للخلاف). إلى آخره.

مع أنّه في كتابي الأخبار اختار المنع (٢) ، ولعلّه في غيرهما أيضا اختاره ، إذ نسب إليه أنّه في «الخلاف» و «المبسوط» اختار جواز إمامة المميّز العاقل المراهق. واحتجّ عليه بإجماع الفرقة ، ورواية طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام قال : «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤمّ» (٣) (٤).

وفيه ، أنّه كيف ادّعى الإجماع مع عدم موافقته بنفسه ، فضلا عن غيره. إذ لم ينقل له موافق أصلا ، والرواية ضعيفة راويها عامّي.

ومع ذلك معارضتها بما هو أقوى منها سندا ، وهي موثّقة إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ عليّا عليه‌السلام كان يقول : لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤمّ حتّى يحتلم ، فإن أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة [من] خلفه» (٥) ، لأنّ إسحاق بن عمّار هذا هو الثقة الإمامي لا الفطحيّ ، على ما حقّقته (٦).

وغياث بن كلوب ، قال الشيخ في عدّته : إنّ الطائفة عملت بما رواه حفص

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٥٦ الحديث ١٩٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٨ الحديث ١٠٧١٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ و ٣٠ ذيل الحديث ١٠٢ و ١٠٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٤ ذيل الحديث ١٦٣٣.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٤ الحديث ١٦٣٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٣ الحديث ١٠٧٩٠.

(٤) نسب إليه في مدارك الأحكام : ٤ / ٣٤٨ ، لاحظ! الخلاف : ١ / ٥٥٣ ، المبسوط : ١ / ١٥٤.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٨ الحديث ١١٦٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠٣ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٣٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٢ الحديث ١٠٧٨٩.

(٦) تعليقات على منهج المقال : ٥٢ ـ ٥٤.

٢٧٢

بن غياث ، وغياث بن كلوب ، والسكوني ، ومن ماثلهم (١) من الثقات ، والصدوق أيضا رواها في «الفقيه» (٢) ، مع أنّه قال في أوّله ما قال.

إلّا أن يقال : رواية طلحة معاضدة بحسنة إبراهيم ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «لا بأس بالغلام الذي لم يحتلم أن يؤمّ القوم ، وأن يؤذّن» (٣) ، ورواية سماعة المرويّة في «الفقيه» عن الصادق عليه‌السلام قال : «يجوز صدقة الغلام وعتقه ، ويؤمّ الناس إذا كان له عشر سنين» (٤).

لكن نقول : رواية إسحاق منجبرة بالشهرة العظيمة ، وبأصالة عدم سقوط القراءة عن المأمومين ، وأصالة عدم كونها الجماعة المطلوبة ، وبتوقيفيّة العبادة ، مع عدم ثبوت كون الجماعة المفروضة العبادة المطلوبة ، وبأنّ شغل الذمّة اليقيني يتوقّف على البراءة اليقينيّة ، كما مرّ في مبحث الأذان ، وبعدم الوثوق بفعل الصبي ، فإنّ المستأهل للإمامة يعرف أنّه غير مكلّف لا يؤاخذ بما يفعله مطلقا ، وبالأخبار الآتية الدالّة على جلالة الإمام وعظم منصبه ، كما عرفت سابقا في مبحث العدالة وستعرف ، ويقبح تفضيل المفضول على الفاضل ، فتأمّل! وبالأخبار التي مرّت في مبحث حدّ البلوغ ، من أنّ الصبي إذا لم يبلغ لا عبرة بأفعاله ، فلاحظ!

مع أنّ رواية طلحة وغياث خاليتان عن القيود التي اعتبرها الشيخ ، ورواية سماعة مخالفة للأخبار والأدلّة التي تقتضي عدم اعتبار صدقة الغلام وعتقه ، مع أنّ فيها تجويز الإمامة إذا كان ابن عشر سنين. والشيخ لا يرضى بذلك البتّة ، لاشتراط المراهقة.

__________________

(١) عدّة الأصول : ١ / ١٤٩.

(٢) لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٨ الحديث ١١٦٩.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٧٦ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢١ الحديث ١٠٧٨٥ مع اختلاف يسير.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٥٨ الحديث ١٥٧١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٢ الحديث ١٠٧٨٧.

٢٧٣

هذا كلّه ، مع ما حقّق في محلّه من أنّ غير الصحيح من الأخبار لا يكون حجّة إلّا مع الانجبار ، والله يعلم.

ويمكن حمل رواية طلحة على جواز إمامته لمثله.

قوله : (وأن يكون ذكرا). إلى آخره.

في «المعتبر» أنّه متّفق عليه بين العلماء كافّة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أخّروهنّ من حيث أخّرهنّ الله» (١) ، ولأنّها مأمورة بالاستتار ، والإمامة للرجال تقتضي الظهور والاشتهار (٢).

قلت : ولما يظهر من أخبارنا من لزوم تأخيرهنّ عن الرجال في الجماعة ، وأنّ الإمام لا بدّ أن يتقدّم ، ولا أقلّ من التساوي إن صحّ ، كما سيجي‌ء ، ولما ستعرف في المنع من إمامتها للنساء.

قوله : (على المشهور). إلى آخره.

بل عن «التذكرة» أنّه قول علمائنا أجمع (٣) ، لكن في «المنتهى» أنّه قول الأكثر ، ونقل عن السيّد منعها في المكتوبة ، وتجويزها في التطوّع (٤).

ونقل ذلك عن ابن الجنيد أيضا ، ونفى عنه البأس في «المختلف» (٥).

ونقل عن الجعفي أيضا موافقته لهما (٦) ، والظاهر من الصدوق موافقته لهم ،

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٣ / ٣٣٣ الحديث ٣٧١٥.

(٢) المعتبر : ٢ / ٤٣٨.

(٣) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٢٣٦ المسألة ٥٣٨.

(٤) منتهى المطلب : ٦ / ١٩٤.

(٥) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ٥٩ و ٦٠.

(٦) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٧٦ و ٣٧٧.

٢٧٤

لاقتصاره على ذكر صحيحة هشام ، وصحيحة زرارة (١) الآتيتين.

والظاهر من الكليني أيضا موافقته لهم. لاقتصاره على ذكر صحيحة سليمان ابن خالد (٢) الآتية.

واحتجّ للمشهور في «المنتهى» برواية العامّة ، أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر أمّ ورقة بنت عبد الله الأنصاري أن تؤمّ أهل دارها ، وجعل لها مؤذّنا (٣).

ورواية الخاصّة عن سماعة عن الصادق عليه‌السلام : عن المرأة تؤمّ النساء؟ قال : «لا بأس» (٤).

ورواية ابن بكير ، عن بعض أصحابنا عنه عليه‌السلام عن الرجل يؤمّ المرأة؟ قال : «نعم تكون خلفه» ، وعن المرأة تؤمّ النساء؟ قال : «[نعم] ، تقوم وسطا بينهنّ ولا تتقدّمهنّ» (٥) (٦).

احتجّ المرتضى بصحيحة هشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام : عن المرأة هل تؤمّ النساء؟ قال : «تؤمهنّ في النافلة ، فأمّا في المكتوبة فلا» (٧).

وصحيحة سليمان بن خالد عنه عليه‌السلام أيضا : عن المرأة تؤمّ النساء ، فقال : «إذا

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٩ الحديث ١١٧٦ و ١١٧٧.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٧٦ الحديث ٢.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي : ٣ / ١٠٣.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣١ الحديث ١١١ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٦ الحديث ١٦٤٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٥.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣١ الحديث ١١٢ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٦ الحديث ١٦٤٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٤.

(٦) منتهى المطلب : ٦ / ١٩٥.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٩ الحديث ١١٧٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠٥ الحديث ٤٨٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٣ الحديث ١٠٨٢٥.

٢٧٥

كنّ جميعا أمّتهنّ في النافلة ، فأمّا المكتوبة فلا» (١).

وصحيحة الحلبي عنه عليه‌السلام أيضا قال : «تؤمّ [المرأة] النساء في الصلاة وتقوم وسطا منهنّ [ويقمن عن يمينها وشمالها] تؤمّهنّ في النافلة ولا تؤمّهنّ في المكتوبة» (٢).

وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : عن المرأة تؤمّ النساء ، قال : «لا ، إلّا على الميّت إذا لم يكن أحد أولى منها ، تقوم وسطا معهنّ في الصفّ فتكبّر ويكبّرن» (٣).

وهذه الصحيحة رويت عن زرارة بطرق صحاح. مع أنّ جميع الاصول والقواعد التي ذكرنا في عدم إمامة الصبي جار هنا أيضا ، خرج إمامتها في النافلة بالنصوص والإجماع ، وبقي الباقي.

مع أنّ الصلاة أعمّ شي‌ء بلوى ، والدواعي على الجماعة فيها متواترة ، فلو كانت إمامتها جائزة ، لشاع وذاع بمقتضى العادة ، كما شاع في الرجال ، وكان لهنّ إمام معروف منهنّ يصلّين خلفها في البيوت ومواضع الستر ، ويجتمع إليها من الجيران ولو نادرا ، كما اتّفق ذلك من الرجال كثيرا.

مع أنّه لم يعهد من النساء أصلا في عصر ولا مصر ، ولا نادر ولا أندر ، بل ولا واحدة منهنّ في مجموع الأعصار والأمصار.

مع أنّه ربّما كان النساء أحوج إلى الجماعة من الرجال ، بل لم يعهد صدورها

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٧٦ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٩ الحديث ٧٦٨ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٦ الحديث ١٦٤٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٨ الحديث ٧٦٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٧ الحديث ١٦٤٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٩ الحديث ١١٧٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٨ الحديث ٧٦٦ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٧ الحديث ١٦٤٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٤ الحديث ١٠٨٢٧.

٢٧٦

من الصدّيقة فاطمة عليها‌السلام ، ولا أحد من بناتها ، وبنات غيرها من الأئمّة عليهم‌السلام ، ولا زوجاتهم ، ولا مثل حكيمة من نسائهم.

ولو صحّت لاقتضت العادة صدورها عن فاطمة عليها‌السلام ، أو أحد أجلّة النساء ، وعدم خروجهنّ إلى أندية الرجال والجماعة معهم غالبا ، موانعها ظاهرة من منافيات الحياء ، وموانع الستر وغيرها ، أو أسباب عدم التيسّر ، مع أنّهنّ مع جميع ذلك وجدنا وسمعنا أنّهنّ يصلّين جماعة معهم ، بل وتكرّر ، وأنّ بعض الأعصار والأمصار بما وجد أو سمع ذلك كثيرا.

ولم يعهد في عصر ولا مصر إمامة واحدة منهنّ ، كما لا يخفى ، مع الخلو عن الموانع ، وعن أسباب عدم التيسّر ، والغالب في التكاليف والأحكام المشتركة بين الرجال والنساء اتّحاد حالهما بحسب التحقيق بالنسبة إلى الرجال والنساء جميعا ، أو تفاوت يسير ، أو تفاوت كثير ، لا كونه بالمرّة بالنحو الذي ذكر.

فالروايات الضعاف لا تقاوم الصحاح الكثيرة ، الواضحة الدلالة ، المعتضدة بالامور المذكورة ، لا سندا ـ وهو ظاهر ـ ولا دلالة ، لأنّ المطلق يحمل على المقيّد إجماعا ، لقوّة دلالته ، وضعف دلالة المطلق وإن قلنا بعمومه ، سيّما مع الموهنات التي لا تحصى ، إذ كلّ ما يعضد المقيّد يوهن إطلاق المطلق ، فكيف يغلب على المقيّد المذكور؟ سيّما وأن يغلب عليه ، يجب تحصيل البراءة اليقينيّة ، سيّما مع التأكيد في الدلالة في كلّ واحد من الصحاح ، حيث لم يكتفوا أصلا بتخصيص الجواز بالنافلة ، بل أكّدوا ذلك بقوله عليه‌السلام : «فأمّا في المكتوبة فلا» (١) ، وقولهم : «ولا تؤمّهنّ في المكتوبة» (٢) فتدبّر!

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٩ الحديث ١١٧٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٣ الحديث ١٠٨٢٥.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٨ الحديث ٧٦٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٦ الحديث ١٠٨٣٣.

٢٧٧

وممّا ذكر ظهر فساد الاستدلال المشهور بصحيحة علي بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى عليه‌السلام عن المرأة تؤمّ النساء ما حدّ رفع صوتها بالقراءة والتكبير؟ قال : «قدر ما تسمع» (١) للاتّفاق على إمامتها في الجملة ، مع أنّ هذا الإطلاق في كلام الراوي ذكر لبيان حكم آخر ، فتدبّر!

وأجاب في «المنتهى» عن أخبار السيّد بالندرة ، وعدم قائل بها (٢) ، وفيه ما فيه.

بل عرفت أنّ الصدوق وثقة الإسلام والجعفي وابن الجنيد أيضا قالوا بها (٣) ، بل ربّما كان غيرهم أيضا ، وليس عندي من كتب القدماء ، ولذا اختار في «المختلف» عدم الجواز (٤) ، وهو آخر تصانيفه على ما سمعت.

قوله : (وأن يكون مؤمنا عادلا طاهر المولد).

اشتراط الامور المذكورة مقطوع به في كلام الأصحاب مدّعى عليه الإجماع ، بل غير خفي كونه إجماعيّا ، بل شعار الشيعة اشتراط الإيمان والعدالة.

بل نقل بعض أهل السنّة إجماع أهل البيت عليهم‌السلام على اشتراط العدالة فاختاره لهذا الاختيار كون إجماعهم حجّة (٥).

ثمّ أنّه يلزم من اشتراط العدالة اشتراط طهارة المولد أيضا ، لأنّ ولد الزنا شرّ الثلاثة.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٣ الحديث ١٢٠١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٧ الحديث ٧٦١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٣٥ الحديث ١٠٨٣١.

(٢) منتهى المطلب : ٦ / ١٩٦.

(٣) راجع! الصفحة : ٢٧٤ و ٢٧٥ من هذا الكتاب.

(٤) مختلف الشيعة : ٣ / ٦٠.

(٥) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٣٠٢.

٢٧٨

ويلزم من ذلك اشتراط العقل أيضا ، ومرّ التحقيق في صدر الكتاب في بحث صلاة الجمعة (١).

قوله : (سالما من الجذام). إلى آخره.

مرّ التحقيق فيما ذكر أيضا في مبحث صلاة الجمعة ، وكذا فيما يثبت به الإيمان والعدالة وغيرهما (٢).

قوله : (وأن لا يكون).

يدلّ عليه توقيفيّة الجماعة ، وعدم عموم ثبت الصحّة ، وأصالة عدم سقوط القراءة إلّا عند ثبوتها ، وأنّ القراءة الواجبة لا تسقط إلّا مع تحمّل الغير ، وهو غير متحقّق هنا.

وعن الشيخ في «المبسوط» كراهة إمامته ، سواء كان لحنه في الحمد ، أو السورة ، أو غيرهما ، أخلّ بالمعنى أو لم يخلّ ، إذا لم يحسن إصلاح لسانه ، فإن كان يحسن وتعمّد اللحن ، فإنّه تبطل صلاته وصلاة من خلفه إن علموا بذلك ، لأنّه إذا لحن لم يكن قارئا للقرآن ، لأنّه ليس بملحون (٣).

واستدلّ في «المختلف» بأنّ صلاة من هذا حاله صحيحة ، فجاز أن يكون إماما (٤) ، ولعلّ مراده أنّ العمومات حينئذ تشمله ، حتّى يثبت المنع ، ولم يثبت كما ثبت في الامّي والأخرس ، لكن الشأن في ثبوت العمومات ، حتّى يحصل البراءة

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٤٩ ـ ٤٥٩ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.

(٢) راجع! الصفحة : ٣٠٢ ـ ٣٠٥ و ٣٢٣ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.

(٣) المبسوط : ١ / ١٥٣.

(٤) مختلف الشيعة : ٣ / ٦٣ و ٦٤.

٢٧٩

اليقينيّة ، مع أنّ الذي أخرج الامّي والأخرس لعلّه يخرجه أيضا.

قوله : (بالنص).

أقول : هو مرسلة الصدوق ، عن الباقر عليه‌السلام قال : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى بأصحابه جالسا ، فلمّا فرغ قال : لا يؤمّن أحد بعدي جالسا» (١).

ومثلها رواية العامّة عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وببالي أنّها من الأخبار الثابتة المشهورة المعروفة المسلّمة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه من جهة شدّة المرض أمّ أصحابه وهم قيام ، ومنع غيره عن الإمامة كذلك بالقول المذكور (٢) ، وأنّ المراد منه إمامة الجالس بالقائمين ومن قاربهم ، على حسب ما مرّ في مبحث وجوب القيام.

وأمّا إمامة الجالس مثله وأدون منه مثل المضطجع والمستلقي ، فلا مانع منها إجماعا ، وخصوصا وردت في صلاة العراة.

منها : صحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : عن قوم صلّوا جماعة وهم عراة ، قال : «يتقدّمهم الإمام بركبتيه ويصلّي بهم جلوسا وهو جالس» (٣) ، وكذا يجوز إمامة المضطجع مثله وأدون منه.

ويجوز إمامة القائم للقاعد والمضطجع والمستلقي ، وكذا إمامة القاعد للمضطجع والمستلقي ، والمضطجع للمضطجع والمستلقي على ما يظهر من بعض الفقهاء (٤) ، ولعلّه يظهر من العمومات ، ولو تجدّد العجز عن القيام في الأثناء ، فالوجه الاستخلاف ، كما قال في «المنتهى» (٥).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٩ الحديث ١١١٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٤٥ الحديث ١٠٨٦٣ مع اختلاف يسير.

(٢) سنن الدار قطني : ١ / ٣٨٣ الحديث ١٤٧٠ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٣ / ٨٠ مع اختلاف يسير.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٦٥ الحديث ١٥١٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٤٥٠ الحديث ٥٦٨٩.

(٤) نهاية الأحكام : ٢ / ١٤٥.

(٥) منتهى المطلب : ٦ / ٢١٨.

٢٨٠