مصابيح الظلام - ج ٨

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٨

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٢٨

بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، وكون العبادة توقيفيّة ، وأنّ اشتغال الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة.

وما رواه الجمهور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «لا يقبل الله صلاة إلّا بطهور والصلاة عليّ» (١).

وبطريق آخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من صلّى صلاة ولم يصلّ فيها عليّ ولا على أهل بيتي لم تقبل منه» (٢).

وادّعى في «المنتهى» الإجماع على عدم وجوب الصلاة عليه وعلى آله عليهم‌السلام في غير المقام ، وبهذا استدلّ أيضا بقوله تعالى (صَلُّوا عَلَيْهِ) (٣) (٤).

وفي «الغوالي» عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا صلّى أحدكم فليبدأ بحمد الله ثمّ يصلّي عليّ» (٥).

وعن أبي بصير وغيره عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «من صلّى ولم يصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتركه متعمّدا فلا صلاة له» (٦).

وروى جابر عن الباقر عليه‌السلام عن ابن مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من صلّى صلاة ولم يصلّ فيها عليّ وعلى آلي لم تقبل منه» (٧).

وما رواه الصدوق والشيخ ، عن أبي بصير وزرارة ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال :

__________________

(١) عوالي اللآلي : ٢ / ٣٧ الحديث ٩٣ ، سنن الدار قطني : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٣٢٦ مع اختلاف يسير.

(٢) سنن الدار قطني : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٣٢٨.

(٣) الأحزاب (٣٣) : ٥٦.

(٤) منتهى المطلب : ٥ / ١٨٦.

(٥) عوالي اللآلي : ٢ / ٣٧ الحديث ٩٤ مع اختلاف يسير.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٩ الحديث ٦٢٥ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٣ الحديث ١٢٩٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠٧ الحديث ٨٢٩٨ مع اختلاف يسير.

(٧) بحار الأنوار : ٨٢ / ٢٧٩ ، سنن الدار قطني : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٣٢٨ مع اختلاف يسير.

١٤١

«من تمام الصوم إعطاء الزكاة كالصلاة (١) على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تمام الصلاة ، ومن صام ولم يؤدّها فلا صوم له إذا تركها متعمّدا ، ومن صلّى ولم يصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترك ذلك متعمّدا فلا صلاة له ، إنّ الله تعالى بدأ بها قبل الصلاة ، وقال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى) (٢) (٣).

وإذا ثبت وجوبها في الصلاة ثبت المطلوب ، لما عرفت من الإجماع ، وعدم قائل بالوجوب فيها في غير المقام ، ولانصراف الإطلاق إلى المعهود من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، والمتعارف بين المسلمين من أصحابهم والرواة ، وغيرهم في الأعصار والأمصار.

ومنع كون الزكاة والفطرة شرطا في قبول الصوم ـ مع كونه خلاف منصوص هذا الحديث ـ فيه ما فيه ، لعدم ثبوت الإجماع على خلافه ، ولا نصّ آخر معتبر شرعا ، فتأمّل جدّا!

وفي صحيحة ابن اذينة الطويلة المرويّة في «الكافي» في بدو أمر الأذان والصلاة : «أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ما جلس للتشهّد أوحى الله إليه : يا محمّد! صلّ على نفسك وعلى أهل بيتك ، فقال : صلّى الله عليّ وعلى أهل بيتي وقد فعل. والتفت فإذا بصفوف من الملائكة والنبيّين والمرسلين ، فقيل : يا محمّد! سلّم عليهم ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» (٤) ، الحديث.

ورواية الكليني بسنده عن محمّد بن هارون ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا

__________________

(١) في وسائل الشيعة : كما أنّ الصلاة.

(٢) الأعلى (٨٧) : ١٤ و ١٥.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٩ الحديث ٦٢٥ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٣ الحديث ١٢٩٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠٧ الحديث ٨٢٩٨.

(٤) الكافي : ٣ / ٤٨٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦٥ الحديث ٧٠٨٦ مع اختلاف يسير.

١٤٢

صلّى أحدكم ولم يصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنّة» (١).

وورد منه التهديدات في ترك الصلاة على آله عند الصلاة عليه (٢) ، وباقي التقريب عرفت.

ويؤيّده أيضا ما ورد في كثير من الأخبار من أنّ الدعاء محجوب عن السماء لا يرفع إلى الله تعالى أبدا حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد (٣).

وأيضا الظاهر من غير واحد من الأخبار وجوب الصلاة على نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا عند ذكره (٤).

وفي التشهّد وجوب ذكره ، فوجب الصلاة عليه وعلى آله مثل صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك» (٥) إلى غير ذلك.

لكن الفاضلان ادّعيا الإجماع على عدم الوجوب (٦) وإن كان بعض الأخبار كاد أن يكون صريحا في وجوب الصلاة عليه على من ذكر عنده ، مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطئ به طريق الجنّة» (٧) وأمثال ما ذكر.

وربّما كان أشدّ ممّا ذكر ، لكن أمثال هذه الأخبار غير صحيحة السند ،

__________________

(١) الكافي : ٢ / ٤٩٥ الحديث ١٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠٨ الحديث ٨٢٩٩ مع اختلاف يسير.

(٢) وسائل الشيعة : ٧ / ٢٠٣ و ٢٠٤ الحديث ٩١١١ و ٩١٢٠.

(٣) الكافي : ٢ / ٤٩١ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٩٣ الحديث ٨٨٢٧.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠٧ الباب ١٠ من أبواب التشهّد ، ٧ / ١٥٢ الباب ٣ من أبواب الذكر.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٠٣ الحديث ٧ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٤ الحديث ٨٧٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥١ الحديث ٧٠٥٩.

(٦) المعتبر : ٢ / ٢٢٦ ، منتهى المطلب : ٥ / ١٨٦.

(٧) ثواب الأعمال : ٢٤٦ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٠١ الحديث ٩١١١ مع اختلاف يسير.

١٤٣

وصحيح السند ليس صريحا في الوجوب ، بل يتضمّن الأمر كلّما ذكر عليه‌السلام ، أو ذكره ذاكر.

والأمر ظاهر في الوجوب ، لكن يعارضه بملاحظة كثير من الأدعية المضبوطة المنقولة عن الأئمّة عليهم‌السلام ، إذ يظهر منها أنّه لو كان لازما لذكر فيه البتّة ، كما ذكر في غيره.

ويظهر أيضا من كثير من مواضع ذكر «عليه‌السلام» ، من دون ذكر صلاته عليه ، كما أنّه في كثير من المواضع ذكرت عند ذكره.

ويظهر أيضا من عدم ذكرها في الأذان وأمثاله ، وعدم تعليمها المؤذّنين وأمثالهم ، وإنّ ذكره عليه‌السلام ممّا يعمّ به البلوى ، ويكثر إليه الحاجة نهاية الكثرة ، فلو كانت الصلاة عليه وآله عليهم‌السلام واجبة في كلّ ذكر تحقّق ، لكان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام التزموا به ، وألزموا وبالغوا وشدّدوا وأكّدوا في مدّة أزيد من مائتي سنة ، بل قرب ثلاثمائة سنة ، فاقتضى العادة غاية ظهور الوجوب ، ونهاية الاشتهار ، بحيث لا يقبل الاستتار على جاهل.

ومع ذلك كيف صار الأمر بالعكس ، بأنّ العلماء أفتوا بعدم الوجوب ، وادّعى غير واحد منهم الإجماع عليه (١).

وقال في «الذخيرة» : لم أطّلع على مصرّح بالوجوب من الأصحاب ، إلّا أنّ صاحب «كنز العرفان» ذهب إلى ذلك ، ونقله عن ابن بابويه (٢) ، وإليه ذهب شيخنا البهائي في «مفتاح الفلاح» (٣). وللعامّة هنا أقوال مختلفة ، ثمّ نقل منهم القول بالوجوب كلّما ذكر ، ومنهم القول به في العمر مرّة ، ومنهم القول به في كلّ مجلس

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٢٢٦ ، منتهى المطلب : ٥ / ١٨٦.

(٢) كنز العرفان : ١ / ١٣٣.

(٣) مفتاح الفلاح : ٢٧ و ٢٨.

١٤٤

مرّة ، وإن تكرّر ذكره. نقل الكلّ عن «الكشّاف» ، ثمّ نقل عنه أنّه قال : الذي يقتضيه الاحتياط الصلاة عند كلّ ذكر ، لما ورد في الأخبار (١) (٢) ، انتهى.

ولا شكّ في كون الاحتياط فيه ، وأنّه مهما أمكن لا يترك إن لم يمنع مانع.

وكيف كان ، لا يبقى للمنصف تأمّل في الحكم بوجوب الصلاة عليه وعلى آله عليهم‌السلام في التشهّد لما عرفت من الأدلّة ، إذ بملاحظة المجموع ـ من حيث المجموع ـ يظهر ظهورا معتدّا به للمجتهد في مقام اجتهاده ، وجعله الأظهر والأقرب ، كما هو حاله في غالب فتاويه بل سائرها.

فأمّا حكم الشيخ بأنّها ركن (٣) فمن ظاهر بعض الأخبار التي ذكرنا ، مثل قوله عليه‌السلام : «لا يقبل الله صلاة إلّا بطهور والصلاة عليّ» (٤).

لكن ظهر لك من الأخبار الكثيرة ـ غاية الكثرة ـ عدم الركنيّة ، مثل الأخبار التي ذكرنا في حكم ترك التشهّد نسيانا (٥) ، والأخبار التي ذكرنا في أنّ الصلاة لا تعاد إلّا من الركوع والسجود وغيرهما ممّا ذكر فيهما (٦).

قوله : (كما في الصحيح).

أقول : هو صحيح ابن مسلم السابق حيث قال فيه : التشهّد في الصلاة «مرّتين» ، قلت : وكيف مرّتين؟ قال : «إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، ثمّ تنصرف» قال :

__________________

(١) الكشاف : ٣ / ٥٥٧ و ٥٥٨.

(٢) ذخيرة المعاد : ٢٨٩.

(٣) الخلاف : ١ / ٣٦٩ المسألة ١٢٨.

(٤) سنن الدار قطني : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٣٢٦ ، عوالي اللآلي : ٢ / ٣٧ الحديث ٩٣.

(٥) راجع! الصفحة : ١٢٠ ـ ١٢٣ من هذا الكتاب.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٧١ الحديث ٧٠٩١ ، ٦ / ٤٠١ الحديث ٨٢٨٤.

١٤٥

قلت : قول العبد : التحيّات لله والصلوات الطيّبات ، قال : «هذا اللطف من الدعاء» (١). إلى آخره ، حيث أمر عليه‌السلام بقولهما كما ذكر ، وهو ظاهر في الوجوب سيّما بعد ملاحظة ما قال : «إنّ التحيّات لطف». إلى آخره.

لكن بملاحظة ما عرفت من الأخبار الدالّة على كفاية الشهادتين كيف كانتا المفتى بها عند المعظم ، يمكن أن يقال عند نظر المعصوم عليه‌السلام بيان كيفيّة المرّتين من حيث كونهما مرّتين ، وذكر الهيئتين على سبيل التقريب لا أنّه لا يجوز بغيرهما أصلا.

ويشير إلى ما ذكرنا عدم ذكر الصلاة على محمّد وآله أصلا ، وكون التحيّات لطفا معناه أنّها غير مأخوذة في تحقّق المرّتين ، والله يعلم ، لكن الأحوط عدم الترك كما ذكره المصنّف.

قوله : (وظاهر الصدوق). إلى آخره.

نقل عنه أنّه اقتصر في «المقنع» على الشهادتين ولم يذكر الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ قال : وأدنى ما يجزئ من التشهّد أن يقول الشهادتين ، أو يقول : بسم الله وبالله ثمّ يسلّم (٢) ، مع أنّه في «الفقيه» أيضا ما ذكر في التشهّدين (٣).

نعم ، في باب الفطرة روى رواية أبي بصير وزرارة السابقة المتضمّنة لكونها من تمام الصلاة ، وأنّ التارك متعمّدا لا صلاة له (٤).

وفي باب الأذان صحيحة زرارة السابقة المتضمّنة للأمر بالصلاة على محمّد وآله كلّما ذكره (٥) ، وفي «الذخيرة» قال : ولم يذكرها والده أيضا في التشهّد

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٧ الحديث ٨٢٧٥ مع اختلاف يسير.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٣ / ٤٢٦ ، لاحظ! المقنع : ٩٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٩ ذيل الحديث ٩٤٤.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٩ الحديث ٥١٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠٧ الحديث ٨٢٩٧.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥١ الحديث ٧٠٥٩.

١٤٦

الأوّل (١) ، وحكم في «الذكرى» بأنّ ما في «المقنع» معارض بإجماع الإماميّة (٢).

أقول : قد ذكرت كلامه في أماليه ، فإنّه ينادي بأنّ الشيعة بأجمعهم جعلوا من دينهم الإقرار بأنّ أقلّ الواجب في التشهّد هو الشهادتان مع الصلاة على محمّد وآله ، وأنّ ما زاد على ذلك تعبّد (٣).

ولا شكّ في أنّ والده عنده كان من رؤساء الشيعة (٤) ، كما أنّه في الواقع كان كذلك.

وأشرت إلى ما في «الفقيه» أيضا ، فظهر أنّ عدم الكتابة اتّكالا على ظهور لزوم الصلاة عليه كلّما ذكره ، فظهر أنّ النسبة المذكورة إليهما محض توهّم ، سيّما بعد ملاحظة قوله بوجوب الصلاة عليه كلّما ذكر ، كما مرّ.

مع أنّ عادته في «المقنع» نقل متون الأخبار من دون تصرّف أصلا ، فلعلّه نقل مضمون الصحيح المذكور أو نحوه.

ولهذا ادّعى جماعة الإجماع على وجوبها في التشهّد (٥) ، وعادتهم أنّ الصدوق لو كان مخالفا ، لما يدّعون الإجماع سيّما إذا شاركه والده أيضا.

قوله : (لكن في المعتبر). إلى آخره.

كلامه ينادي بعدم ما يظهر منه الوجوب سوى الإجماع المنقول في «المعتبر» (٦).

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٢٨٨.

(٢) ذكرى الشيعة : ٣ / ٤١٢.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٤) في (ك) : الإماميّة.

(٥) المعتبر : ٢ / ٢٢٦ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٤٠٦ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٤٢٦.

(٦) المعتبر : ٢ / ٢٢٧.

١٤٧

وفيه ما عرفت من عدم انحصار نقل الإجماع فيما نقل في «المعتبر» ، وأنّ الأدلّة على الوجوب كثيرة.

واعلم! أنّ من واجبات التشهّد تقديم الشهادة بالتوحيد على الشهادة بالرسالة ، وتقديمها على الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكون العبادة توقيفيّة ، والصادر من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام يجب الاتّباع لما عرفت ، ولأنّ المتبادر من أقوالهم أيضا ذلك بغير ضميمة الإجماع أو بضميمته.

وكذلك الحال لو بدّل لفظ الشهادة بلفظ أعلم ، أو أخبر عن علم ، أو أقطع ، وأمثالها لا تصحّ صلاته لعين ما ذكر من الأدلّة وكذا الحال في الصلاة على محمّد وآله.

وأقلّ ما يجزئ من الصلاة عليهم هو : «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».

وفي «المنتهى» حصر المجزئ منها في الأقلّ (١) ، ولعلّ مراده على سبيل التمثيل ، وما زاد على الأقلّ مستحبّ إجماعا ونصّا.

والظاهر أنّ تبديل لفظ الصلاة بغيره كتبديل لفظ الشهادة.

واعلم! أيضا أنّه يجب الجلوس في التشهّد ، والصلاة على النبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والطمأنينة بقدر الكلّ ، وهو إجماعي وظاهر من بعض الأدلّة.

وفي «المنتهى» قال : ذهب إليه علماؤنا أجمع في التشهّد الأوّل والثاني ، وهو قول كلّ من أوجب التشهّد ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله والصحابة والتابعون ، وذلك دليل الوجوب لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (٢) ولأنّه فعله بيانا للواجب فكان واجبا ، وإنّما تقدّر بقدر الشهادتين والصلاتين ، لأنّ الواجب فعلها جالسا ، إذ

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ١٨٩ و ١٩٠.

(٢) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨.

١٤٨

لا يجوز الانصراف قبله ولا القيام عمدا قبل الإكمال (١) ، انتهى.

مراده رحمه‌الله أنّ القدر الواجب من الجلوس هو هذا القدر ، وأمّا الجلوس حال مستحبّات التشهّد والصلاتين فهو غير واجب شرعي ، بل واجب شرطي كالوضوء للنافلة ، ولذا يقولون : الوضوء مثلا يجب للصلاة الواجبة مع كونه شرطا في كلّ صلاة بالإجماع والضرورة.

وبالجملة ، لا يجوز الإتيان بمستحبّات التشهّد والصلاتين حال القيام أو الاضطجاع أو غيرهما ، كما لا يخفى.

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ١٨٩ و ١٩٠.

١٤٩
١٥٠

١٧٢ ـ مفتاح

[ما يستحبّ في التشهّد]

يستحبّ فيه ما تضمّنه الصحيح : «فإذا قعدت في تشهّدك فالصق ركبتيك بالأرض ، وفرّج بينهما شيئا ، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض ، وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض ، وطرف إبهامك اليمنى على الأرض ، وإيّاك والقعود على قدميك فتتأذّى بذلك ولا تكون قاعدا على الأرض ، فيكون إنّما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهّد والدعاء» (١).

وأن يخطر بباله حال التورّك فيه حين يرفع اليمنى ويخفض اليسرى : «اللهمّ أمت الباطل وأقم الحقّ» كما في الخبر (٢) ، وما تضمّنه الموثّق الطويل من الأذكار (٣).

وأن يقول حين يقوم من التشهّد الأوّل : «بحول الله وقوّته أقوم

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٢ الحديث ٨٢٦٢.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٣ الحديث ٨٢٦٥.

١٥١

وأقعد» ، كما في الصحيح (١) ، أو «بحولك وقوّتك أقوم وأقعد» كما في الآخر (٢).

وقال المفيد : يكبّر حينئذ (٣) ، ويدفعه حصر تكبيرات الصلوات الخمس ما سوى الافتتاحيّة في خمس وتسعين ، كما في الصحيح (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٤١٣ الحديث ٨٣٠٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ الحديث ٨١٨٨.

(٣) نقل عنه في منتهى المطلب : ٥ / ١٩٥.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ١٨ الحديث ٧٢٣٣.

١٥٢

قوله : (ما تضمّنه الصحيح).

هو صحيح زرارة (١) ، وذكر الفقهاء مستحبّات اخر ، مثل كون وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع ، والنظر إلى حجره ، كما سيجي‌ء.

وسبق قول : «بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله» على الشهادتين ، وهذا مذكور في الموثّق الطويل على ما رواه غير الصدوق (٢).

وعلى ما رواه الصدوق : «بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها لله» (٣) وعلى كلتا الروايتين يكون ما ذكر من جملة أجزاء التشهّدين المتضمّنين لزيادة ثناء وغيره ، سيّما التشهّد الثاني فإنّه طويل ، فليس ما ذكر مستحبا برأسه ، كما قالوه ، وصار الطريقة المعهودة المشهورة المتعارفة بين الشيعة.

ولعلّهم أخذوا ذلك من صحيحة ابن اذينة الطويلة المرويّة في «الكافي» و «العلل» ، في باب علل الوضوء والأذان والصلاة ، إذ في آخرها أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ثمّ ركعت فقلت في الركوع والسجود مثل ما قلت أوّلا» أي في الركعة الاولى ، ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «وذهبت أن أقوم فقال : يا محمّد! اذكر ما أنعمت عليك وسمّ باسمي ، فألهمني الله أن قلت : بسم الله وبالله ولا إله إلّا الله والأسماء الحسنى كلّها لله ، فقال لي : يا محمّد! صلّ عليك وعلى أهل بيتك» (٤) الحديث ، فتأمّل!

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٣٤ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٣ الحديث ٣٠٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٩ الحديث ٣٧٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٣ الحديث ٨٢٦٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٩ الحديث ٩٤٤.

(٤) الكافي : ٣ / ٤٨٢ الحديث ١ ، علل الشرائع : ٢ / ٣١٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦٥ الحديث ٧٠٨٦.

١٥٣

هذا ، مضافا إلى ما ورد في عدّة أخبار (١) من استحباب كلّ ما أراد المكلّف أن يذكر في مستحبّات التشهّد ، وما قدر على لسانه من الدعاء والثناء مثل القنوت ، وأنّهم كانوا يقولون أيسر ما يعلمون.

واعلم! أنّ استحباب التحميد قبل الشهادتين ظاهر من غير واحد من الأخبار ، منها قول الباقر عليه‌السلام : «لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا ، إنّما كان القوم يقولون : أيسر ما يعلمون إذا حمدت الله أجزأ» (٢) ، ومرّ الخبر الوارد في التشهّد الأوّل أنّه «الحمد لله أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وتقبّل شفاعته وارفع درجته» (٣).

ومرّ أيضا أنّ التشهّد الأوّل يجوز أن يقال في الثاني ، ومرّ استحباب أن يقال : التحيّات لله والصلوات الطيّبات لله (٤) ، وورد أنّ التحيّات بمعنى الملك لله (٥).

وقال في «الدروس» : والتحيّات في التشهّد الذي يسلّم فيه لا في الأوّل (٦) ، فتأمّل!

وورد أيضا استحباب أن يقال : «سبحان الله» سبع مرّات بعد التشهّد وقبل أن ينهض إلى الثالثة (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٩ الباب ٥ من أبواب التشهّد.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٣٧ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٠١ الحديث ٣٧٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٢ الحديث ١٢٨٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٩ الحديث ٨٢٨٠.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٣ الحديث ٨٢٦٤.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٧ الحديث ٨٢٧٥.

(٥) لاحظ! تهذيب الأحكام : ٢ / ٣١٦ الحديث ١٢٩١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٤ الحديث ٨٢٦٧.

(٦) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٨٢.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣١٥ الحديث ١٢٨٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٠٩ الحديث ٨٣٠٠ نقل بالمضمون.

١٥٤

والموثّق الطويل من جهة طوله ما ذكرته ، وهو مذكور في «التهذيب» و «الفقيه» و «الوافي» وغيره (١) والزيادة على الصلوات على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والدعاء أيضا مستحبّ ، وإسماع الإمام من خلفه مستحبّ خصوصا في الشهادتين.

وفي «الدروس» : ويكره الإقعاء فيه كراهيّة مغلظة (٢) ، وقال الصدوق والشيخ : لا يجوز (٣).

قوله : (كما في الصحيح).

هو صحيح رفاعة قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : «إذا قمت من الركعتين فاعتمد على كفيك وقل : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد ، فإن عليّا عليه‌السلام كان يفعل كذلك» (٤) ، ومثل ذلك في صحيحة ابن مسلم عنه (٥) ، وفي حسنة أبي بكر الحضرمي عنه عليه‌السلام (٦).

فظهر التفاوت بين ما يقال عند القيام من التشهّد وما يقال عند القيام من السجود ، إذ مرّ استحباب أن يقال عنده : «بحول الله أقوم وأقعد» (٧).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٩ الحديث ٣٧٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٩ الحديث ٢٩ ، الوافي : ٨ / ٧٧٠ الحديث ٧٠٨٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٣ الحديث ٨٢٦٥.

(٢) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٨٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٦ ذيل الحديث ٩٣٠ ، لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ٧٢.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٨ الحديث ٣٢٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ ، الحديث ٨١٨٨ مع اختلاف يسير.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٣٨ الحديث ١١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٨ الحديث ٣٢٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ الحديث ٨١٨٧.

(٦) الكافي : ٣ / ٣٣٨ الحديث ١٠ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٩ الحديث ٣٢٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦٢ الحديث ٨١٨٩.

(٧) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ الحديث ٨١٨٦.

١٥٥

لكن مرّ هناك ما يظهر منه استحباب أن يقول فيه : «بحول الله وقوّته أقوم وأقعد» (١).

قوله : (كما في الآخر).

هو أيضا صحيح رفاعة عن الصادق عليه‌السلام (٢).

قوله : (وقال المفيد). إلى آخره.

مستنده ما في «احتجاج» الطبرسي من توقيعه عليه‌السلام إلى الحميري (٣).

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٧٣ من هذا الكتاب.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٨ الحديث ٣٢٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦١ الحديث ٨١٨٨.

(٣) الاحتجاج : ٢ / ٤٨٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦٢ الحديث ٨١٩٢.

١٥٦

القول في التسليم

قال الله تعالى (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١).

١٧٣ ـ مفتاح

[الواجب من التسليم]

التسليم تحليل الصلاة ، كما أنّ التكبير تحريمها ، والطهور مفتاحها ، كما في الحديث النبوي (٢). وهل هو واجب كأخويه أم مستحبّ ، وعلى التقديرين أجزأ منها أم خارج؟ وعلى التقادير هل يتعيّن فيه «السلام عليكم» أم يتخيّر بينه وبين «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» أم يتعيّن الثاني؟ أقوال (٣) ، والروايات متعارضة بحسب الظاهر ، إلّا أنّها في الوجوب والخروج أظهر ،

__________________

(١) الأحزاب (٣٣) : ٥٦.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ١١ الحديث ٧٢١٤.

(٣) لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٤٢٩ و ٤٣٤ و ٤٣٥.

١٥٧

وعلى تعيين الصيغة الاولى أدلّ ، بمعنى أنّ الواجب لا يتأدّى إلّا به وإن كان الخروج يتحقّق بكلّ من الصيغتين.

نعم يستفاد من بعضها أنّ المنفرد يكتفي بالثانية ولا يأتي بالاولى (١) ، وأكثرها تدلّ على أنّ الثانية من مستحبّات التشهّد كالتسليم على الأنبياء والملائكة عليهم‌السلام كما في الموثّق الطويل (٢) ، وأنّ الانصراف يحصل بها ، وأنّه ينبغي تقديمها على الاولى ، كما في هذا الحديث.

وأوجب الحلبي في الاولى «ورحمة الله» (٣) كما في الصحيح (٤) ، وحمله الأكثر على الاستحباب (٥). أمّا «وبركاته» فمستحبّ بالإجماع.

ولا تجب نيّة الخروج بالتسليم للأصل ، خلافا لمن شذّ (٦).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٢١ الحديث ٨٣٣٠.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٩٣ الحديث ٨٢٦٥.

(٣) الكافي في الفقه : ١١٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٤١٩ الحديث ٨٣٢٤.

(٥) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٨٣ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٤٣٨.

(٦) ذكرى الشيعة : ٣ / ٤٣٩ ، جامع المقاصد : ٢ / ٣٢٨.

١٥٨

قوله : (التسليم). إلى آخره.

الأكثر على وجوب التسليم ، ومنهم المرتضى في «المسائل الناصريّة» و «المحمّديّة» (١) ، وأبو الصلاح ، وسلّار ، والقطب الراوندي (٢) ، وصاحب الفاخر ، وابن زهرة ، والصدوق (٣) ، وابن الجنيد ، وابن أبي عقيل (٤) ، والمحقّق في كتبه (٥) ، وصاحب «البشرى» (٦) ، والعلّامة في «المنتهى» ، وولده فخر المحقّقين في «الإيضاح» ، والشهيد في كتبه (٧).

والظاهر من الصدوق أنّه من دين الإماميّة يجب الإقرار به (٨) ، كما ستعرف ، وممّن اختاره من المتأخّرين المحقّق الشيخ علي في حاشيته على «النافع» ، وغيرها وغيره (٩).

بل قال المحقّق الشيخ علي في «شرح القواعد» : إنّ المرتضى صرّح بكونه ركنا (١٠) ، وظاهر «المنتهى» أنّه ركن عند جمع (١١) وستعرف ، وذهب الشيخان وابن

__________________

(١) الناصريّات : ٢١٣ المسألة ٨٢ ، نقل عن المحمدية في ذخيرة المعاد : ٢٨٩.

(٢) الكافي في الفقه : ١١٩ ، المراسم : ٦٩ ، نقل عن الراوندي في ذكرى الشيعة : ٣ / ٤٢١.

(٣) نقل عن صاحب الفاخر في ذخيرة المعاد : ٢٨٩ ، غنية النزوع : ٨١ ، الهداية : ١٣٣ ، أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٤) نقل عن ابن الجنيد في المعتبر : ٢ / ٢٣٦ ، نقل عن ابن أبي عقيل في منتهى المطلب : ٥ / ١٩٨.

(٥) المعتبر : ٢ / ٢٣٣ ، شرائع الإسلام : ١ / ٨٩ ، المختصر النافع : ٣٣.

(٦) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٤٣١.

(٧) منتهى المطلب : ٥ / ١٩٨ ، إيضاح الفوائد : ١ / ١١٥ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٤١٨ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٨٣ ، البيان : ١٧٦.

(٨) أمالي الصدوق : ٥١٢.

(٩) لم نعثر على حاشية المحقق على النافع ، رسائل المحقق الكركي : ١ / ٧١ و ١١٢ ، الحدائق الناضرة : ٨ / ٤٧١.

(١٠) جامع المقاصد : ٢ / ٣٢٣.

(١١) منتهى المطلب : ٥ / ١٩٨.

١٥٩

البرّاج وابن إدريس إلى الاستحباب (١) ، والشهيد الثاني جعل القول بالوجوب أحوط (٢) ، وكذا المحقّق الشيخ علي في «شرح القواعد» (٣).

دليل الوجوب ما مرّ في بحث وجوب السورة من كون العبادة توقيفيّة ، والثابت من الشارع ما يكون مع التسليم وغيره لم يثبت ، ولأنّ العلم ببراءة الذمّة والخروج عن العهدة في الواجب اليقيني واجب يقينا بالإجماع ، ووجوب الإطاعة وعدم نقض اليقين بغير اليقين وغير ذلك ، ولا يتحقّق إلّا بالتّسليم ، ولأنّ الذي وصل إلينا وثبت عندنا من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام أنّهم كانوا يسلّمون.

بل الظاهر منهم مداومتهم في التسليم كمداومتهم في أمثاله من واجبات الصلاة [و] المسلّم عند الخصم أنّهم كانوا مداومين فيها ، والحكم في الفرق تحكّم.

قال في «الغوالي» : وفي الأحاديث الصحيحة أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : «التسليم المخرج من الصلاة عقيب كلّ صلاته» وإنّه كان يواظب عليه ، وكذلك فعل الأئمّة عليهم‌السلام (٤).

ويجب متابعتهم من الأوامر الكثيرة الواردة فيه ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (٥) ، ولكونه في مقام بيان المجمل أو في حكم ذلك ، لعدم البيان القولي ، ولما رواه العامّة والخاصّة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم» (٦).

__________________

(١) المقنعة : ١٣٩ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٨٩ ، المهذّب : ١ / ٩٩ ، السرائر : ١ / ٢٣١.

(٢) روض الجنان : ٢٨٠.

(٣) جامع المقاصد : ٢ / ٣٢٣.

(٤) عوالي اللآلي : ٣ / ٩٣ الحديث ١٠٣.

(٥) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨ ، سنن الدار قطني : ١ / ٢٨٠ الحديث ١٠٥٦.

(٦) الكافي : ٣ / ٦٩ الحديث ٢ ، عوالي اللآلي : ٣ / ٩٣ الحديث ١٠٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١ الحديث

١٦٠