مصابيح الظلام - ج ٦

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٦

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-6-X
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٥١

١٣٣ ـ مفتاح

[كيفيّة الأذان والإقامة]

اختلف النصوص في فصولهما ، والمشهور أنّ فصول الأذان ثمانية عشر : التكبير أربع ، والشهادة بالتوحيد ، ثمّ بالرسالة ، ثمّ الحيّعلات الثلاث ، ثمّ التكبير ، ثمّ التهليل ، كلّ منها مرّتان.

والإقامة سبعة عشر ، كلّها مثنى إلّا التهليل في آخرها ، فإنّه مرّة ، ويزاد فيها «قد قامت الصلاة» بعد الحيّعلات ، وعلى هذا ينبغي العمل.

ولو اقتصر في أوّل الأذان على تكبيرتين جاز أيضا ، كما في الصحيح (١) وغيره (٢).

ويشترط فيهما الترتيب ، كما في الأخبار (٣) ، فلو أخلّ به أعاد ما يحصل معه.

ولو شكّ في شي‌ء منها أتى به إن بقي محلّه ، وإلّا فلا ، كما في الأصل المروي

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٤ الحديث ٦٩٦٦.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٤ الحديث ٦٩٦٥ ، ٤١٦ الحديث ٦٩٦٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤١ الباب ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة.

٥٠١

في كلّ ما يشكّ فيه (١).

ويجوز إفراد الفصول في السفر ، وعند العذر ، كما في النصوص (٢) ، لكن الإقامة وحدها تامّة أفضل منهما منفردين.

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٧ الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٢٤ الحديث ٦٩٩٠ ، ٤٢٥ الحديث ٦٩٩٢.

٥٠٢

قوله : (اختلف النصوص). إلى آخره.

أقول : صرّح في «العدّة» بأنّ الشيعة مختلفون في عدد فصولهما ، وأنّ التعيين بأخبار الآحاد (١).

وقال الصدوق في أماليه : من دين الإماميّة أنّ الأذان والإقامة مثنى مثنى (٢).

وغير خفي أنّ ظاهره ليس مراده ، بل الظاهر أنّ مراده ردّ ما قالوا من أنّ الخليفة الثاني جعل فصول الإقامة واحدة واحدة ، فرقا بينها وبين فصول الأذان ، ونقّص من فصول الأذان التهليل في آخرها مرّة ، وكان فصول الإقامة كذلك ، كما قيل (٣) ، واشتهر ما ذكر في ذلك الزمان.

ولذا ورد في أخبارنا الكثيرة أنّ الأذان والإقامة مثنى مثنى (٤) ، وورد أيضا أنّ الأذان مثنى مثنى والإقامة واحدة واحدة (٥) ، وحملت على التقيّة.

ومن هذا ذكر في «الفقه الرضوي» : «أنّ الأذان ثمانية عشر كلمة ، والإقامة سبعة عشر [كلمة]» ، موافقا لظاهر رواية كليب الأسدي الآتية ، إلّا التهليل في آخر الإقامة ، فإنّه صرّح فيه بكونه واحدة ، تارة في مقام الإجمال ، وتارة في مقام التفصيل.

ثمّ بعد تمام الذكر التفصيلي لهما قال : «الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى على ما وصف [لك]» (٦) انتهى.

__________________

(١) عدّة الاصول : ١ / ١٣٧.

(٢) أمالي الصدوق : ٥١١.

(٣) لم نعثر على قائله.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٢٣ الباب ٢٠ من أبواب الأذان والإقامة.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦١ الحديث ٢١٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٧ الحديث ١١٣٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٥ الحديث ٦٩٦٨.

(٦) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ٩٦ و ٩٧ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٤٠ الحديث ٤١٣٢.

٥٠٣

والصدوق ذكر في «الفقيه» خصوص رواية كليب وقال : هذا هو الأذان الصحيح الذي لا يزاد فيه ولا ينقص (١).

ومن هذا أيضا ترى المحقّق في «المعتبر» ـ بعد ما ذكر فصول الأذان والإقامة بالنحو الذي ذكره المصنّف ، وعزاه إلى الشيعة وأتباعهم ـ استدلّ عليهم بما تضمّن الأذان والإقامة مثنى مثنى (٢).

وممّا ذكر وأمثاله يظهر أنّ مرادهم من «مثنى مثنى» هو الذي ذكرنا.

وفي «المدارك» ـ عند ذكر فصول الأذان بالنحو الذي ذكره المصنّف ـ قال : هذا مذهب الأصحاب ، لا أعلم فيه مخالفا ، وعند ذكر الإقامة بذلك النحو ، قال : هذا هو المشهور.

ثمّ حكى عن «الخلاف» أنّ بعض الأصحاب جعل فصولها مثل فصول الأذان ، مع زيادة «قد قامت الصلاة» فيها مرّتين (٣).

وفي «الذخيرة» ـ عند ذكر فصول الأذان بالنحو المذكور ـ قال : هذا هو المشهور ، ثمّ حكى عن «الخلاف» عن بعض الأصحاب تربيع التكبير في آخر الأذان ، وعند ذكر الإقامة بذلك النحو قال : هذا هو المشهور.

ونقل عن ابن زهرة إجماع الشيعة عليه ، وعن «المنتهى» أنّه ذهب إليه علماؤنا ، ثمّ حكى ما حكاه في «المدارك» (٤).

قلت : في «المنتهى» ـ بعد ما ذكر مجموع فصول الأذان والإقامة على النحو المذكور ـ قال : هذا الذي عليه فتوى أكثر علمائنا ، وإن اختلف أخبارهم. وخالف

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ ذيل الحديث ٨٩٧.

(٢) المعتبر : ٢ / ١٤٠.

(٣) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٧٩ و ٢٨١ ، لاحظ! الخلاف : ١ / ٢٨٠.

(٤) ذخيرة المعاد : ٢٥٤.

٥٠٤

الجمهور في مواضع ، ثمّ شرع في ذكرها (١).

في «المختلف» قال : المشهور أنّ فصول الأذان ثمانية عشر [فصلا] ، والإقامة سبعة عشر [فصلا] ، و [قال الشيخ في «المبسوط» و «الخلاف»] : من أصحابنا من جعل فصولها مثل فصول الأذان ، وزاد فيها «قد قامت الصلاة» مرّتين. وقال ابن الجنيد : التهليل في آخر الإقامة مرّة ، إن كان المقيم قد أتى بها بعد أذان ، فإن كان قد أتى بها بغير أذان ، ثنّى «لا إله إلّا الله» في آخرها ، لنا ما رواه إسماعيل الجعفي قال : سمعت الباقر عليه‌السلام يقول : «الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا ، وعدّ ذلك بيده واحدا واحدا ، الأذان ثمانية عشر حرفا ، والإقامة سبعة عشر حرفا» (٢) (٣) انتهى.

أقول : هذه الرواية رواها في «الكافي» بطريق فيه أبان ، وهو ثقة على الأقوى ، ومحمّد بن عيسى عن يونس ، وهما أيضا ثقتان ، ولا غبار في التركيب على المشهور والأقوى (٤).

والشيخ رواها في كتابيه مفتيا بها (٥) ، وكذا سائر الفقهاء ، وجعلوها الأصل ، وأوّلوا باقي الأخبار إليها ، كما ستعرف.

وقال النجاشي : إسماعيل بن جابر روى عن الباقر والصادق عليهما‌السلام ، وهو الذي روى حديث الأذان (٦). إلى آخره.

__________________

(١) منتهى المطلب : ٤ / ٣٧٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٩ الحديث ٢٠٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٣ الحديث ٦٩٦٢.

(٣) مختلف الشيعة : ٢ / ١٣٥ و ١٣٦.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٠٢ الحديث ٣.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٩ الحديث ٢٠٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٥ الحديث ١١٣٢.

(٦) رجال النجاشي : ٣٢ الرقم ٧١.

٥٠٥

وفيه شهادة على معروفيّة هذا المضمون ، واشتهاره عندهم ، بل وإشارة إلى انحصار الأذان فيه عندهم ، وأنّه المعهود المتداول بينهم ، مضافا إلى أنّ الأذان والإقامة من الامور المتكرّرة الصدور ، والمتكثرة الوقوع في كلّ يوم وليلة ، ووقوعهما كذلك علانيّة وجهارا في الجامع والجوامع.

والأصحاب مع أنّهم هم الرواة لسائر الروايات ، تركوها وأخذوا بهذه الرواية ، مع إجمال الدلالة بالنسبة إلى نفس الفصول ، وأنّ البيان يظهر من إجماعهم وفتاواهم ، وطريقة العمل المتداول بينهم ، وإن كانت تشهد بعض الأخبار ، بكون النقص في الإقامة في التهليل الآخر.

مثل : صحيحة معاذ بن كثير في الذي يصلّي خلف من لا يقتدى ، وخشي إن أذّن وأقام رفع رأسه فلم يدركه ، يكتفي بقول : «قد قامت الصلاة» مرّتين ، «الله أكبر» مرّتين ، «لا إله إلّا الله» مرّة واحدة (١) ، فلاحظ!

وبالجملة ؛ الظاهر بالتأمّل فيما ذكرنا ، أنّ الخلاف في المقام ، خلاف شاذّ نادر لا يعتدّ به.

فإنّ الأمر المذكور على رءوس الأشهاد ، في اليوم والليلة مرارا كثيرا لا حدّ له ، من جهة كثرة المكلّفين ، وكثرة احتياجهم ، وأنّه ينادى بها بأعلى صوته ، في كثير منها ، وفي كثير من المجامع ، كيف يبقى مثله في مكمن الخفاء؟ بل يظهر على المخدّرات في الحجل ، فضلا عن غيرهم ، مضافا إلى ما عرفت من شهادة كلام النجاشي وغيره.

وأمّا الإجمال فيها ، وإن كان بحسب تشخيص الفصول ، إلّا أنّها مبيّنة معيّنة مشخّصة ، بالنظر إلى تعيين العدد ، بحيث لا يقبل الزيادة والنقيصة أصلا ، بخلاف

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٠٦ الحديث ٢٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨١ الحديث ١١١٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٣ الحديث ٧٠٤٠ نقل بالمعنى.

٥٠٦

غيرها ، فإنّه يمكن توجيهها بما يرجع إليها ، كما ستعرف.

ويعضدها في الأذان صحيحة حمّاد بن عثمان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن المعلّى بن خنيس ، عن الصادق عليه‌السلام (١) وغيرها وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال له : «تفتتح الأذان بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين وتهليلتين» (٢).

وفي الأذان والإقامة جميعا بالنسبة إلى التهليل الآخر في الإقامة ، عن «الفقه الرضوي» وقد ذكرته (٣) ، مضافا إلى الإجماع الذي نقل عن ابن زهرة وعن «المنتهى» ، والإجماع الذي سنذكره عن «المنتهى» ، ويعضدها في الإقامة خاصّة صحيحة معاذ بن كثير السابقة (٤).

هذا كلّه ؛ مضافا إلى ما ذكرته من كونها متكرّرة الوقوع ، على رءوس الأشهاد وغيره ممّا مرّ وستعرف.

وأمّا ما يعارضها ممّا دلّ على كون الأذان والإقامة مثنى مثنى فقد عرفت الحال فيه ، وظهر لك التوجيه الواضح.

ومثله الجواب عن صحيحة ابن سنان أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الأذان فقال : «تقول : الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، لا إله إلّا الله» (٥).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦١ الحديث ٢١٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٥ الحديث ٦٩٦٧.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٠٣ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٦١ الحديث ٢١٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٧ الحديث ١١٣٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٣ الحديث ٦٩٦٣.

(٣) راجع! الصفحة : ٥٠٣ من هذا الكتاب.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٣ الحديث ٧٠٤٠.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٩ الحديث ٢٠٩ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٥ الحديث ١١٣٣ ، وسائل الشيعة :

٥٠٧

لجواز حملها على كون الفرض إفهام السائل كيفيّة التلفظ ، كما قال في «التهذيب» (١) ، لا أنّه مرّتان لا غير ، مع إمكان الجمع ، بحمل كلّ ما دلّ على تثنية التكبير بأنّها الأصل ، وما دلّ على التربيع على أنّه لزيادة التنبيه من حيث كونه في أوّل الفصول ، فلعلّه يغفل عن أوّلها غافل فزيد لذلك ، على ما ورد في بعض الأخبار.

ولا يظهر منه أنّه يجوز الاقتصار على المرّتين ، بل على أنّ المرّتين هو الأصل ، وأنّه زيد عليهما مرّتان لما ذكر ، وأن السنّة الحال هو الأربع ، وإن كان جهة استحبابها ما ذكر.

مع أنّه قال في «المنتهى» : التكبير في أوّل الأذان أربع مرّات ، ذهب إليه علماؤنا أجمع. وبه قال أبو حنيفة : إلى أن قال : وقال مالك : التكبير في أوّل الأذان مرّتان ، وهو قول أبي يوسف (٢) ، ثمّ احتجّ على مذهبنا برواية من العامة (٣) ، وصحيحة زرارة السابقة (٤).

وفيها إيماء إلى أنّه عليه‌السلام غرضه بذلك الذي ذكره بخصوصه ردّ على الغير ، فظاهر أنّ مذهب مالك في ذلك الزمان كان هو المتداول المشهور بين العامة.

ويدلّ على كونها أربع ، أخبار اخر أيضا سنذكرها ، مضافا إلى «الفقه الرضوي» (٥) ، وقد عرفته.

__________________

٥ / ٤١٤ الحديث ٦٩٦٦.

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦١ ذيل الحديث ٢١٢.

(٢) منتهى المطلب : ٤ / ٣٧٤ و ٣٧٥.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي : ١ / ٣٩٠ و ٣٩١ ، بدائع الصنائع : ١ / ١٤٧.

(٤) مرّ آنفا.

(٥) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ٩٦ و ٩٧.

٥٠٨

وأمّا رواية الفضيل بن يسار عن الباقر عليه‌السلام قال : «لمّا اسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» : ـ إلى أن قال ـ : فقلنا له : كيف أذّن؟ فقال : «الله أكبر ، الله أكبر» وذكر مثل صحيحة ابن سنان. ثمّ قال : «والإقامة مثلها إلّا أنّ فيها : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، بين «حيّ على خير العمل ، وبين الله أكبر» (١) فالجواب عنها هو الجواب عن الصحيحة [وعن رواية كليب الآتية] (٢).

وأمّا رواية الحضرمي وكليب الأسدي عن الصادق عليه‌السلام أنّه حكى لهما الأذان فقال : «الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله» ثمّ ذكر ما ذكر في الصحيحة ، ثمّ قال : «والإقامة كذلك» (٣).

فلعلّ المراد أنّ الإقامة كذلك غالبا ، إلّا فيما ندر ، وهو تثنية التكبير في الأوّل ، ووحدة التهليل في الآخر كما مرّ فيما دلّ على أنّهما مثنى مثنى.

وكيف لا يكون كذلك؟ مع أنّه قطعي كون قد «قامت الصلاة» من فصولها مرّتين ، فلعلّ المراد كون التكبير في أوّلها مرّتين ، عوض «قد قامت الصلاة» حتّى تصير فصولها مثل فصول الأذان.

فيحتمل أن يكون المراد من كون الإقامة مثل الأذان ، أنّها مثله في كونه مثنى مثنى ، ردّا على العامة القائلين بكونها مرّة مرّة مطلقا ، أو إلّا قول «قد قامت الصلاة».

ومن هذا ترى المحقّق والعلّامة ونحوهما (٤) يستدلّون في إثبات فصول الإقامة

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٠ الحديث ٢١٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٥ الحديث ١١٣٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٦ الحديث ٦٩٦٩.

(٢) أثبتناه من (د ١ ، ٢) و (ك) و (ط).

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ الحديث ٨٩٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٠ الحديث ٢١١ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٦ الحديث ١١٣٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٦ الحديث ٦٩٧٠.

(٤) المعتبر : ٢ / ١٤٠ ، نهاية الإحكام : ١ / ٤١٢ ، كشف اللثام : ٣ / ٣٧٦.

٥٠٩

بالأخبار الدالّة على كون الإقامة مثنى مثنى (١) ، وهو بعينه مثل ما دلّ على أنّ الإقامة مثل الأذان ، مضافا إلى ما عرفت من صحيحة إسماعيل الجعفي (٢) المعتضدة بما ذكرنا.

على أنّه قال في «المنتهى» : فصول الإقامة مثنى مثنى ، عدا (٣) التهليل في آخرها ، فإنّه مرّة واحدة ، ذهب إليه علماؤنا ، وقال أبو حنيفة : الإقامة مثنى مثنى ، إلّا أنّه جعل بدل «حيّ على خير العمل» ، التكبير في أوّلها كالأذان (٤) ، انتهى.

ثمّ استدلّ على عدد الإقامة بما رواه الجمهور عن أبي محذورة ، أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علّمه الإقامة سبع عشرة كلمة (٥). فهذا الخبر أيضا ممّا يعضده صحيحة إسماعيل بن جابر.

وممّا يؤيّد ما ذكرناه من الحمل أنّ الشيخ في «التهذيب» جعلها من الأخبار الدالّة على كون الأذان ثمانية عشر فصلا ، والإقامة سبعة عشرة فصلا ، بعد ما نقل عبارة «المقنعة» ، الموافقة لما أفتى به هو والفقهاء ، ولم يتعرّض إلى توجيهها أصلا ، ووجّه صحيحة ابن سنان ، وما وافقها ممّا ذكرنا (٦).

وفي «الاستبصار» ذكر ما يعارض صحيحة إسماعيل ، بعد ما جعلها المستند في العدد ، وجّه ذلك المعارض ، وذكر هذه الرواية ، ولم يشر إلى توجيه لها أصلا (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٣ الباب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٣ الحديث ٦٩٦٢.

(٣) في (ك) و (د ٢) : غير.

(٤) منتهى المطلب : ٤ / ٣٨٤.

(٥) سنن الترمذي ١ / ٣٦٧ الحديث ١٩٢.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٩ ـ ٦١ ، لاحظ! المقنعة : ١٠٠.

(٧) الاستبصار : ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٧.

٥١٠

والصدوق في «الفقيه» لم يذكر إلّا هذه الرواية ، ثمّ قال : هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه. والمفوّضة ـ لعنهم الله ـ قد وضعوا أخبارا وزادوا بها في الأذان ، محمّد وآل محمّد خير البريّة» مرّتين ، و «أشهد أنّ عليّا ولي الله» مرّتين ، ومنهم من روى «أشهد أنّ أمير المؤمنين حقا» مرّتين. ولا شكّ في أنّ عليّا ولي الله ، وأنّه أمير المؤمنين ، وأنّ محمّدا وآله خير البريّة ، ولكن ليس في أصل الأذان ، وإنّما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتّهمون المدلّسون أنفسهم في جملتنا (١) ، انتهى.

فلو لم يكن ما ذكرناه هو المراد من هذه الرواية ، ولم يكن ذلك ظاهر عليهم ، لم يكن لما ذكره الشيخ وما ذكره الصدوق وجه ، لأنّ ظاهر هذه الرواية مخالف للمجمع عليه ، إذ لم يرض أحد بكون الإقامة مثل الأذان ، لأنّ فيها «قد قامت الصلاة» يقينا دون الأذان.

فخلاف الظاهر مراد يقينا ، فإمّا أن يكون المراد ما ذكرنا ، لما ذكرنا من الامور الكثيرة ، فالأمر كما ذكرنا ، وإمّا أن يكون المراد غيره ، ولا قرينة أصلا على تعيين ذلك ، ولا تشير إليه مطلقا.

فكيف لم يجعلها الشيخ معارضه ، ولا وجه إلى وجه الحمل ورفع التعارض ، بإبداء المراد؟

والصدوق كيف ردّ بها المذاهب النادرة التي هي خارجة عن مذهب الشيعة ، ولم يتعرّض لردّ ما هو المذهب المشهور في الشيعة ، لو لم يكن متّفقا عليه؟

ولو لم يكن هو المشهور ، فلا أقلّ من كونه مذهبا مشهورا منهم (٢) ، ولو لم

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ ذيل الحديث ٨٩٧.

(٢) في (ك) : فيهم.

٥١١

يكن كذلك فلا أقلّ من كونه مذهب بعض منهم ، وأين هذا من مذهب من هو خارج من الشيعة؟

هذا ؛ مع أنّه لم يبيّن أيّ شي‌ء اريد من هذه الرواية ، فظاهرها بديهي الفساد ، لا يرتكبه أحد ، فضلا أن يكون مثل الصدوق.

وخلاف الظاهر تتوقّف معرفته على سبيل التعيين ، فإنّ تأليفه «الفقيه» لمن لا يحضره الفقيه ، فمن لا يحضره الفقيه كيف يعرف الاحتمال المخالف للظاهر على سبيل التعيين من غير معيّن؟ بل من يحضره الفقيه لا يمكنه ذلك ، فضلا عمّن لا يحضره.

وخلاف الظاهر ، إما أن يكون المراد أنّها مثل الأذان ، إلّا زيادة «قد قامت الصلاة» مرّتين ، أو تكون هذه الزيادة مكان التكبير مرّتين في أوّل الأذان ، فيصير عددها وفصولهما سواء ، وهو أقرب إلى قوله : والإقامة مثل ذلك (١) من هذه الجهة.

مع أنّ الأوّل في غاية البعد عمّا فهمه الشيخ وغيره عن مستندهم ، إلّا أنّه يوافق رواية الفضيل بعد توجيهها المذكور.

قوله : (ويشترط فيهما الترتيب). إلى آخره.

لا شكّ في ذلك ، لأنّ العبادة التوقيفيّة وردت بالترتيب المذكور.

فلو تغيّر الترتيب ، لم يكن ما ورد من الشرع ، فلم يؤذّن ولم يقم ، إن لم يقع بالترتيب ، ويكون بدعة إن اعتقد كونه شرعيّا ، أو أدخله في الشرعي ، فلا بدّ في كونه شرعيّا ، من الإعادة على ما يحصل معه الترتيب.

ويدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «من سها في

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ الحديث ٨٩٧ مع اختلاف يسير.

٥١٢

الأذان فقدّم أو أخّر أعاد على الأوّل الذي أخّره حتّى يمضي على آخره» (١).

وربّما يظهر منها أنّ الذي ذكره مؤخّرا لا اعتداد به لوقوعه سهوا ، فيعيد عليه وعلى ما بعده ممّا قدمه سهوا ، ويأتي بجميع ما لم يذكره ، حتّى يتمّ الأذان على ترتيبه المعروف ، ومرّ في مبحث الوضوء ماله دخل بالمقام (٢) ، فلاحظ وتأمّل!

وعن الباقر عليه‌السلام في الأذان والإقامة قال : «ابدأ بالأوّل فالأوّل ، فإن قلت : «حيّ على الصلاة» قبل الشهادتين تشهدت ثمّ قلت : «حيّ على الصلاة» (٣).

وفي «الفقيه» عن عمّار عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل نسي من الأذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان والإقامة ، قال : «يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره ، ولا يعيد الأذان كلّه ولا الإقامة» (٤).

وفي موثّقته أيضا عنه عليه‌السلام : «إن نسي حرفا من الأذان حتّى يأخذ في الإقامة فليمض في الإقامة وليس عليه شي‌ء ، فإن نسي حرفا من الإقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه ، ثمّ يقول من ذلك الموضع إلى آخر الإقامة» (٥) ، فتأمّل!

قوله : (ولو شكّ). إلى آخره.

الأمر كما ذكره ، لصحيحة زرارة أنّه قال للصادق عليه‌السلام : رجل شكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة ، قال : «يمضي» قلت : رجل شكّ في الأذان والإقامة وقد كبر ، قال : «يمضي». إلى أن قال : «يا زرارة ، إذا خرجت من شي‌ء ثمّ دخلت في

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٠٥ الحديث ١٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٠ الحديث ١١١٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤١ الحديث ٧٠٣٥.

(٢) راجع! الصفحة : ٣٣٥ و ٣٣٦ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨ الحديث ٨٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٢ الحديث ٧٠٣٧.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٧ الحديث ٨٩٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٢ الحديث ٧٠٣٨.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٠ الحديث ١١١٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٢ الحديث ٧٠٣٦ مع اختلاف يسير.

٥١٣

غيره فشكك ليس بشي‌ء» (١).

وموثّقة ابن بكير ، عن ابن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو» (٢).

إذ منطوقهما أنّ الشكّ إذا وقع في شي‌ء من الأذان والإقامة وغيرهما من أجزاء الصلاة وغيرها ، وقد خرج الشاك من ذلك الشي‌ء المشكوك ـ أي محلّه ـ ودخل في غيره ـ أي شرع فيه ، سواء أتمّه أم لا ـ فشكّه ليس بشي‌ء ، ولا بدّ من البناء على وقوع ذلك المشكوك وإمضائه.

ومفهومهما أنّه لو وقع الشكّ في شي‌ء لم يتجاوز عنه ـ أي عن محلّه ـ ولم يدخل في غيره ، فشكّه معتبر ، لا بدّ من الإتيان بذلك المشكوك حينئذ.

مع أنّ الأصل عدم صدوره من المكلّف ، فلا بدّ من الإتيان بالمشكوك حتّى يتحقّق ذلك المكلّف به.

ويظهر ممّا ذكر أنّه لو وقع الشكّ في أجزائهما ، بكون الحكم كذلك ، مثلا لو شكّ في التكبيرة أو بعضها ، وقد دخل في الشهادة أو فرغ منها ، أو دخل في أجزاء اخر أو فرغ منها ، إلى غير ذلك ، فشكّه ليس بشي‌ء فليمضه.

وإن شكّ في بعض من التكبيرة أو مجموعها ، وهو في محلّ ذلك المشكوك يأتي به ، وقس على ذلك سائر أجزاء الأذان ، وقس عليه الإقامة.

قوله : (ويجوز إفراد). إلى آخره.

قد مرّ التحقيق في ذلك عند شرح قول المصنّف «ويسقط الأذان» (٣).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٥٢ الحديث ١٤٥٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٧ الحديث ١٠٥٢٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٤ الحديث ١٤٢٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٧ الحديث ١٠٥٢٦.

(٣) راجع! الصفحة : ٤٩١ و ٤٩٢ من هذا الكتاب.

٥١٤

١٣٤ ـ مفتاح

[ما يستحب في الأذان والإقامة]

يستحبّ فيهما الطهارة ، والاستقبال ، والقيام ، إجماعا ، ويتأكّد في الإقامة ، للمعتبرة (١) ، وقيل بوجوبها فيها (٢) ، والاستقبال في الشهادتين آكد ، للصحيح (٣) ، والوقوف على أواخر الفصول إجماعا ، وللنصّ (٤).

والتأنّي في الأذان والحدر في الإقامة (٥) ، ورفع الصوت بالأذان للرجل (٦) ، فإنّه يؤجر على مدّ صوته ، ويشهد له كلّ شي‌ء سمعه ، والإفصاح بالألف والهاء (٧)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٣ الحديث ٦٨٩١.

(٢) المقنعة : ٩٨ ، رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٣٠.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٣ الحديث ٦٩٢٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٨ الحديث ٦٩٤٦ ـ ٦٩٤٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٢٨ الباب ٢٤ من أبواب الأذان والإقامة.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٩ الباب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة.

(٧) المراد ب (الألف والهاء) الألف الثانية من لفظ الجلالة ، وهي الساقط خطّا ، وهاؤها وكذا الألف والهاء في الصلاة ، كذا في «الذكرى» ، [ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٠٨].

وعن ابن إدريس : إنّ المراد بالهاء هاء «إله» لا هاء «أشهد» ، ولا هاء «الله» ، لأنّهما مبنيّان [السرائر : ١ / ٢١٤]. وكأنّه فهم من الإفصاح ب (الهاء) إظهار حركتها لا إظهارها نفسها. «منه رحمه‌الله».

٥١٥

فيه (١) ، ووضع الإصبعين في الاذنين عنده (٢) ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ذكره (٣) ، والفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلوس أو تسبيح أو تحميد أو كلام أو سكتة (٤) ، والدعاء بينهما جالسا أو ساجدا بالمأثور (٥) ، وإعادة الإقامة لمن تكلّم بعدها (٦) ، والكلّ منصوص.

وأن يحضر في قلبه عند سماع المؤذّن هول النداء يوم القيامة ، ويتشمّر بظاهره وباطنه للإجابة والمسارعة قاله بعض العلماء (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٨ الباب ١٥ من أبواب الأذان والإقامة.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤١١ الباب ١٧ من أبواب الأذان والإقامة.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥١ الباب ٤٢ من أبواب الأذان والإقامة.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٧ الباب ١١ من أبواب الأذان والإقامة.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٠ الحديث ٦٩١٩ ، ٤٠١ الباب ١٢ من أبواب الأذان والإقامة.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٤ الحديث ٦٨٩٥.

(٧) إحياء العلوم : ١ / ١٦٥.

٥١٦

قوله : (يستحب فيهما الطهارة). إلى آخره.

لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حقّ وسنة أن لا يؤذن أحد إلّا وهو طاهر» (١).

وعن أبي هريرة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّه قال : «لا يؤذن إلّا متوضئ» (٢).

وفي «المعتبر» و «المنتهى» ادّعى إجماع العلماء عليه (٣).

وأمّا التأكّد في الإقامة ؛ فلصحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام : «لا بأس أن تؤذّن وأنت على غير طهر ولا تقم إلّا وأنت على وضوء» (٤).

ومثلها رواية الحلبي عن الصادق عليه‌السلام (٥) ، وفيهما شهادة على أولويّة الطهارة للأذان أيضا.

ومثلهما صحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : عن الرجل يؤذّن وهو يمشي أو على ظهر دابّته وعلى غير طهور؟ فقال : «نعم ، إذا كان التشهّد مستقبل القبلة فلا بأس» (٦).

ورواية إسحاق بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام : «إنّ عليّا عليه‌السلام كان يقول : لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا بأس أن يؤذّن المؤذّن وهو جنب ، ولا يقيم حتّى

__________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : ١ / ٣٩٧ ، كنز العمّال : ٨ / ٣٤٣ الحديث ٢٣١٨ مع اختلاف.

(٢) سنن الترمذي : ١ / ٣٨٩ الحديث ٢٠٠ ، السنن الكبرى للبيهقي : ١ / ٣٩٧.

(٣) المعتبر : ٢ / ١٢٧ ، منتهى المطلب : ٤ / ٣٩٨.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٣ الحديث ١٧٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٢ الحديث ٦٨٨٧ مع اختلاف يسير.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٠٤ الحديث ١١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٣ الحديث ١٨٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩١ الحديث ٦٧٨٦.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٥ الحديث ٨٧٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٦ الحديث ١٩٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٣ الحديث ٦٩٢٨ مع اختلاف يسير.

٥١٧

يغتسل» (١). إلى غير ذلك ممّا دلّ على رجحان الطهارة فيهما ، والتأكّد والاشتراط في الإقامة ، وسنذكر بعضه.

والدلالة على رجحان الطهارة من جهة أنّ الظاهر الفرق بين أن يقال : ليس في الأذان وضوء ، وأن يقال : لا بأس بترك الوضوء في الأذان ، فإنّه ينادي بأنّ فيه الوضوء ، لكن تركه غير مضرّ ، لا أنّه ليس وضوء أصلا.

وأمّا استقبال القبلة ، فيظهر من «المنتهى» رجحانه عند الشيعة في الأذان ، وكراهة الالتفات في أثنائه يمينا وشمالا. ونقل عن الشافعي استحباب الالتفات (٢) ، وعن أبي حنيفة استحباب أن يدور في المأذنة (٣).

واحتجّ بما رواه الجمهور : أنّ مؤذّني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا يؤذّنون مستقبلة (٤) ، وبالإجماع على استحبابه فيه ، فيستحب في أبعاضه (٥).

وفي «المدارك» : أنّ رجحان الاستقبال في الأذان والإقامة مجمع عليه بين الأصحاب ، ويدلّ عليه قوله عليه‌السلام : «خير المجالس ما استقبل به القبلة» (٦) (٧) انتهى.

وأمّا التأكّد والاشتراط في الإقامة ؛ فسنذكر ما يدلّ عليه.

وأمّا القيام ، ففي «المنتهى» : ويستحبّ أن يؤذّن قائما ، ويتأكّد في الاقامة ، وهو قول أهل العلم كافّة ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لبلال : «قم فأذّن» ، وكان مؤذّنوه

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ الحديث ٨٩٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٣ الحديث ١٨١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٢ الحديث ٦٨٩٠ ، ٤٤٠ الحديث ٧٠٣٢ مع اختلاف يسير.

(٢) مغني المحتاج : ١ / ١٣٦.

(٣) المجموع للنووي : ٣ / ١٠٧.

(٤) المغني لابن قدامة : ١ / ٢٥٤.

(٥) منتهى المطلب : ٤ / ٤٠٤ و ٤٠٥.

(٦) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٠٩ الحديث ١٥٧٨٤.

(٧) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٨٣.

٥١٨

يؤذّنون قياما.

ومن طريق الخاصة ، ما رواه الشيخ عن حمران ، عن الباقر عليه‌السلام : عن الأذان جالسا ، قال : «لا يؤذّن جالسا إلّا راكب أو مريض» (١) (٢).

قلت : وفي صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا بأس للمسافر أن يؤذّن وهو راكب ويقيم وهو على الأرض» (٣).

وموثّقة أبي بصير عنه عليه‌السلام أنّه قال : «لا بأس أن تؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ولا تقيم وأنت راكب أو جالس إلّا من علّة أو تكون في أرض ملصة» (٤) إلى غير ذلك ممّا دلّ على لزوم القيام في الإقامة ويومي إلى رجحان فيه في الأذان.

قوله : (وقيل). إلى آخره.

في «المختلف» أنّه قال السيّد المرتضى في «المصباح» و «الجمل» (٥) : لا تجوز الإقامة إلّا على وضوء واستقبال القبلة (٦) ، انتهى.

وقال المفيد : لا يجوز الإقامة إلّا وهو قائم متوجّه القبلة مع الاختيار ، وقال قبله : ولا بأس أن يؤذّن ، وهو على غير وضوء ، ولا يقيم إلّا وهو على وضوء (٧) ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٧ الحديث ١٩٩ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٢ الحديث ١١٢٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٤ الحديث ٦٩٣٢.

(٢) منتهى المطلب : ٤ / ٤٠٢.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٦ الحديث ١٩٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٢ الحديث ٦٩٢٥ مع اختلاف يسير.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٣ الحديث ٨٦٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٦ الحديث ١٩٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٣ الحديث ٦٩٢٩ مع اختلاف يسير.

(٥) نقل عن المصباح في المعتبر : ٢ / ١٢٨ ، رسائل الشريف المرتضى (جمل العلم والعمل) : ٣ / ٣٠.

(٦) مختلف : الشيعة : ٢ / ١٢٤.

(٧) المقنعة : ٩٨ و ٩٩.

٥١٩

والظاهر أنّ الشيخ موافقه ، وكذا الصدوق ، وكذا الكليني في الجملة ، كما لا يخفى على المتأمّل.

ونقل في «المختلف» عن السيّد أنّه استدلّ بصحيحة ابن سنان المتقدّمة ، وعن المفيد احتجّ بموثّقة أبي بصير المتقدّمة.

وأجاب بالحمل على الاستحباب ، محتجّا بأنّ استحباب ذي الكيفيّة مع وجوب الكيفيّة ممّا لا يجتمعان (١).

والظاهر أنّ مراده أنّهما لمّا قالا بوجوب الإقامة قالا كذلك ، ولمّا أبطلنا الوجوب بطل الوجوب الشرعي ، لأنّه المتبادر من لفظ الوجوب لا الوجوب الشرطي ، وهو اشتراط شي‌ء بشي‌ء شرعا ، وعدم تحقّقه به ، وعدم الجواز بدونه كذلك.

فلو قال أحد بذلك لم يمكن الجواب المذكور ، لوضوح دلالة الخبرين على المنع ، وأنّه لا يجوز شرعا بغير طهارة ، واستقبال القبلة ، كما هو الحال في ترتيب الأذان وموالاته المعروفة ، فإنّها شرط شرعا ، وكذا عدم الكفر ، وكذا دخول الوقت ، وغير ذلك.

ولم يظهر من السيّد والمفيد وغيرهما القول بوجوبهما شرعا ، حتّى يجب عن دليلهم بما أجاب ، بل ما قالوا ، إلّا أنّه لا يقيم إلّا مستقبل القبلة ، وطاهرا وقائما.

ويدلّ على ذلك أيضا صحيحة ابن مسلم أنّه قال للصادق عليه‌السلام : يؤذّن الرجل وهو قاعد؟ قال : «نعم ولا يقيم إلّا وهو قائم» (٢) ، وصحيحة أحمد بن محمّد عن العبد الصالح عليه‌السلام مثله (٣).

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ١٢٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٦ الحديث ١٩٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٢ الحديث ١١١٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٢ الحديث ٦٩٢٦.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٠٥ الحديث ١٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٦ الحديث ١٩٥ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٢ الحديث

٥٢٠