مصابيح الظلام - ج ٦

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٦

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-6-X
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٥١

١٣٠ ـ مفتاح

[حكم من تبيّن خطأه في القبلة]

من صلّى إلى جهة ثمّ تبيّن خطأه ، فإن صلّى بين المشرق والمغرب في جهة القبلة صحّت صلاته ، للإجماع والصحيح (١) ، وإلّا أعاد في الوقت دون خارجه ، للصحاح المستفيضة (٢).

وقيل : إن استدبر القبلة يعيد مطلقا (٣) ، للموثّق (٤) ، ولا دلالة فيه عليه ، وإن كان أحوط.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الحديث ٥٢٤٦.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٥ الباب ١١ من أبواب القبلة.

(٣) المقنعة : ٩٧ ، المبسوط : ١ / ٨٠.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٥ الحديث ٥٢٤٩.

٤٤١
٤٤٢

قوله : (من صلّى). إلى آخره.

لو صلّى باجتهاد أو لضيق الوقت عن أربع صلوات ، أو لاختياره واجتهاده ، صحّت الصلاة الواحدة عن المتحيّر مطلقا ، ثمّ انكشف كون صلاته تلك إلى غير القبلة (١) ، فإمّا أن يكون مستدبرا ، أو إلى اليمين واليسار ، أو ما بينهما ، بأن تكون صلاة العراقي مطلقا ، أو أوائل العراقي ، أو اليمني ما بين المشرق والمغرب.

فعلى الأوّل : يجب الإعادة في الوقت وخارجه عند الشيخين ، وأبي الصلاح ، وسلّار ، وابن البرّاج ، وابن زهرة (٢).

وعن السيّد إن كان الوقت باقيا أعاد وإلّا فلا (٣) ، واختاره ابن إدريس ، والمحقّق والعلّامة في «المختلف» في خطأ الاجتهاد ، والشهيد ، وجماعة من المتأخّرين (٤).

ونسب ذلك إلى ظاهر ابن الجنيد والصدوق أيضا (٥) وهو الأقرب ، لأنّ القضاء فرض جديد يتوقّف على الدليل ، والأداء لم يظهر بطلانه رأسا حتّى يشمل القضاء ، العمومات الدالّة على أنّ من فاتته الصلاة فليقضها ، وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه‌السلام إنّه قال : «إذا صلّيت وأنت على غير القبلة فاستبان لك أنّك صلّيت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد ، وإن فاتك فلا

__________________

(١) في (ك) : الكعبة.

(٢) المقنعة : ٩٧ ، المبسوط : ١ / ٨٠ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٦٤ ، الكافي في الفقه : ١٣٨ و ١٣٩ ، المراسم : ٦١ ، المهذّب : ١ / ٨٧ ، غنية النزوع : ٦٩.

(٣) الناصريات : ٢٠٢.

(٤) السرائر : ١ / ٢٠٥ ، المعتبر : ٢ / ٧٤ ، المختلف : ٢ / ٦٩ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ١٨٠ و ١٨١ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٦٠ ، المهذّب البارع : ١ / ٣١٩ ، الجامع للشرائع : ٦٣.

(٥) نسب إليهما في ذخيرة المعاد : ٢٢١ ، لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٩.

٤٤٣

تعد» (١).

وروي عنه أيضا عن الصادق عليه‌السلام بطرق اخرى صحيحة وغير صحيحة ، وصحيحته أيضا : عن رجل أعمى صلّى على غير القبلة ، فقال : «إن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى فلا يعد» قال : وسألته عن رجل صلّى وهي مغيمة ثمّ تجلت فعلم أنّه صلّى على غير القبلة ، فقال : «إن كان في وقت فليعد ، وإلا فلا يعد» (٢).

وصحيحة سليمان بن خالد عنه عليه‌السلام أنّه «إن كان في وقت فليعد [صلاته] ، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده» (٣).

وروى عنه عليه‌السلام أيضا بطريقين آخرين (٤) ، وصحيحة يعقوب بن يقطين (٥) ، وصحيحة زرارة (٦) ، وغير ذلك من الأخبار.

احتجّ الشيخ (٧) بموثّقة عمّار السابقة (٨) ، وفيه أنّها لا تدلّ على محلّ النزاع ، واستدلّ له بموثّقة معمّر بن يحيى عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل صلّى على غير القبلة

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٨٤ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٧ الحديث ١٥١ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٦ الحديث ١٠٩٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٥ الحديث ٥٢٥١ مع اختلاف يسير.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٩ الحديث ٨٤٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٨ الحديث ٥٢٥٨ ، مع اختلاف يسير.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٨٥ الحديث ٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٧ الحديث ١٥٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٦ الحديث ١٠٩١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٧ الحديث ٥٢٥٦.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٧ الحديث ١٥٣ ، ١٤٢ الحديث ٥٥٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٧ الحديث ٥٢٥٦.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٨ الحديث ١٥٥ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٦ الحديث ١٠٩٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٦ الحديث ٥٢٥٢.

(٦) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٦ الحديث ٥٢٥٣.

(٧) الخلاف : ١ / ٣٠٤ و ٣٠٥.

(٨) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٨ الحديث ١٥٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٥ الحديث ٥٢٤٩.

٤٤٤

ثمّ تبيّنت القبلة وقد دخل وقت صلاة اخرى ، قال : «يصلّيها قبل أن يصلّي هذه التي دخل وقتها إلّا أن يخاف فوت التي دخل وقتها» (١).

وروي أيضا بإسناده عن الطاطري ، عن محمّد بن زياد ـ والظاهر أنّه ابن أبي عمير ـ عن حمّاد ، عن عمرو بن يحيى عنه عليه‌السلام مثله (٢) ، إلّا قوله عليه‌السلام : «إلّا أن يخاف». إلى آخره.

وحملها في «الاستبصار» على من صلّى مستدبر القبلة مستدلّا بموثّقة عمّار المذكورة (٣).

وفيه أنّ ظاهر الموثّقة الإعادة في الوقت كسائر الأخبار.

نعم ؛ مقتضى الجمع بينها وبين الروايتين ما ذكره.

والظاهر أنّ هذا مراده ، وبنى على أنّ الموثّقة من جهة التصريح بدبر القبلة يكون وجوب الاستيناف أعم من أن يكون مع سعة الوقت أو ضيقها بحيث يصير خارج الوقت ، وفيه بعد ظاهر.

وأمّا الجمع ؛ فهو فرع التقاوم ، والروايتان واحدة بحسب الظاهر لاتّحاد السند والمتن ، فيكون لفظ الميم ساقطا وهما من النسّاخ في الثانية ، وكون حمّاد ساقطا عنه في الاولى ، أو تكون الرواية بدون وساطة ، ومجرّد ذلك لا يوجب التعدّد.

فهذه الرواية على تقدير صحّتها ، لا تقاوم المعتبرة المذكورة من الصحاح وغيرها ، فكيف إذا لم تكن صحيحة ولا خالية عن اضطراب؟ فالاحتمال كونها عن

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٦ الحديث ١٥٠ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٧ الحديث ١٠٩٩.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٦ الحديث ١٤٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٧ الحديث ١٠٩٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٣ الحديث ٥٢٤٥.

(٣) الاستبصار : ١ / ٢٩٨ ذيل الحديث ١١٩٩.

٤٤٥

عمر وبن يحيى المشترك بين مجاهيل (١) مع أنّ معمّر بن يحيى أيضا لا يخرج عن (٢) الاشتراك (٣).

ومع ذلك تضمّنت وجوب القضاء على من صلّى على غير القبلة ، وإن لم يكن مستدبرا ، ولم يقل به أحد ، فتكون شاذّة لا عمل عليها.

مضافا إلى أنّ القضاء فرض مستأنف (٤) يتوقّف على دليل تام. وإلّا فالأصل عدم وجوبه.

مضافا إلى الاستصحاب ، والعمومات الدالّة على كفاية التحرّي ، مع أنّ الجمع غير منحصر فيما ذكر ، لجواز حمل المعارضة على صورة التقصير في الاجتهاد بأنّه لم يجتهد أو سامح ، أو حملها على الاستحباب ، بل هو متعيّن للأصول والعمومات والتسامح في أدلّته.

وممّا ذكر ظهر الجواب ، عمّا لو استدلّ بصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «لا صلاة إلّا إلى القبلة». قلت : أين حدّ القبلة؟ قال : «ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه». قلت : فمن صلّى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت. قال : «يعيد» (٥) لو لم نقل بظهور الإعادة في كونها في الوقت ، مع أنّه أقرب المحامل في مقام الجمع بين المتعارضين.

وعلى الثاني : وهو كون صلاته على المشرق أو المغرب يجب الإعادة في الوقت دون خارجه ، وهذا إجماعي نقل الإجماع عليه المحقّق والعلّامة

__________________

(١) جامع الرواة : ١ / ٦٢٩ ، راجع! معجم رجال الحديث ١٣ / ١٣١.

(٢) في (ز ٣) : لا يخلو من.

(٣) جامع الرواة : ٢ / ٢٥٤ ، راجع! معجم رجال الحديث : ١٨ / ٢٦٩ ـ ٢٧١.

(٤) في (د ٢) : جديد.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٠ الحديث ٨٥٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٢ الحديث ٥٢٤٢.

٤٤٦

وغيرهما (١).

ويدلّ عليه بعد الإجماع الأخبار السابقة ، وأنّ القبلة كانت شرطا ، كما عرفت ، فإذا انتفى انتفى المشروط.

ولا يجزي هذا في القضاء على القول بأنّه فرض جديد ، وهو الأقوى ، كما مرّ (٢) وحقّق في محلّه.

ولا يتوهّم أنّ صحيحة عبد الله بن المغيرة السابقة ـ في بيان عدم كون القبلة مجموع ما بين المشرق والمغرب ـ عن القاسم بن الوليد ، تعارض ما ذكر من الإجماع وغيره ، لأنّ الضمير في قوله عليه‌السلام : «يستقبلها» (٣) راجع إلى القبلة ، لا إلى الصلاة ، كما أشرنا إليه وستعرف.

وعلى الثالث : وهو كون الصلاة بين المشرق والمغرب ، بالنسبة إلى أهل العراق وأهل اليمن ، وبين الشمال والجنوب ، بالنسبة إلى أهل المشرق وأهل المغرب ، وما بين القوس الجنوبي بالنسبة إلى أهل الشام ، وقس على هذا غيرهم لا يجب القضاء ولا الإعادة أصلا ، وهذا الحكم أيضا إجماعي ، نقل الإجماع عليه المحقّق والعلّامة وغيرهما (٤) ، ودلّ عليه بعد الإجماع ، الروايات المتضمّنة لكون ما بين المشرق والمغرب قبلة (٥) وقد مرّت ، وسنذكر أيضا.

لكن مقتضى كثير ممّا مرّ من الأخبار المعمول بها أنّ من ظهر وقوع صلاته إلى غير القبلة يجب عليه الإعادة في الوقت دون خارجه (٦).

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٧٢ ، منتهى المطلب : ٤ / ١٩٥ ، مدارك الأحكام : ٣ / ١٥١ ، ذخيرة المعاد : ٢٢٢.

(٢) راجع! الصفحة : ٢٢٢ و ٢٢٣ (المجلّد الأوّل) من هذا الكتاب.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الحديث ٥٢٤٨.

(٤) المعتبر : ٢ / ٧٢ ، منتهى المطلب : ٤ / ١٩٥ ، مدارك الأحكام : ٣ / ١٥١.

(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الباب ١٠ من أبواب القبلة.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٥ الباب ١١ من أبواب القبلة.

٤٤٧

وهذا هو مقتضى كلام القدماء أيضا ، مثل المفيد ، والشيخ ، وابن إدريس (١) ، وحمل غير القبلة في الكلّ على ما إذا لم يكن بين المشرق والمغرب ، أي بين القوس الذي في سمت القبلة ، لصحيحة زرارة ، وصحيحة معاوية السابقتين (٢) ، الصريحتين في كون ما بين المشرق والمغرب قبلة للعراقي ، لكون الراوي عراقيا.

وكذا حال غيرهم ، لعدم القول بالفصل ، بل ظهور كون المراد فيهما أيضا نصف القوس ، لأنّ الراوي من أهل الكوفة ، لا من أهل الموصل وما والاها ، فتأمّل جدّا!

والظاهر أنّ القدماء أيضا كانوا قائلين بذلك ، وأنّ هذا القدر قبلة في الجملة ، وبالنسبة إلى الخاطئ والساهي ونحوهما ، لا أنّه قبلة مطلقا ، لما عرفت.

مع أنّ القبلة المذكورة في صحيحة زرارة هي التي تكون شرطا لصحّة الصلاة في حال السهو والخطأ ونحوهما أيضا ، ومن المعلوم أنّ هذه القبلة واسعة بالقدر المذكور.

وأمّا القبلة التي تكون مراعاتها واجبة حال العمد والاختيار خاصّة فغير واجب اتّحادها معها ، فإذن لا معارضة بين الآية الشريفة ، والأخبار الموافقة لها المتواترة وغيرهما ممّا عرفت.

وممّا ذكر ظهر الحال بالنسبة إلى صحيحة معاوية أيضا ، بل في الصحيحة إشعار أيضا ، فإنّ معاوية الثّقة الجليل الفقيه سأل الصادق عليه‌السلام أنّ الرجل بعد ما فرغ من صلاته يرى أنّه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا (٣).

__________________

(١) المقنعة : ٩٧ ، المبسوط : ١ / ٨٠ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٦٤ ، السرائر : ١ / ٢٠٥.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٢٣ و ٤٤٦ من هذا الكتاب.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٩ الحديث ٨٤٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الحديث ٥٢٤٦.

٤٤٨

وهذا ينادي بأنّ الثّقة المذكور كان يعتقد أنّه منحرف عن القبلة ، لا أنّه متوجّه إليها ، فلو كان خاطئا في اعتقاده ، كان يقول صلوات الله عليه : أخطأت بل هو متوجّه إلى القبلة ، لا أن يقول : مضت صلاته ، لأنّ مضي الصلاة ظاهر في وقوع خلل لم يضرّها لمضيّها ، وأنّه لو لم تمض ، لم تكن كذلك.

ويشير إليه تنكير لفظ «القبلة» في قوله عليه‌السلام : «ما بين المشرق والمغرب قبلة» (١) أي نوع قبلة ، لا أنّه القبلة المعروفة المعهودة.

ولو كان ما ذكر بعده من قول : وهذه الآية نزلت في قبلة المتحيّر. إلى آخره من تتمّة الرواية ، كما ادّعاه المتوهّمون ، في كون القبلة مجموع ما بين المشرق والمغرب مطلقا ، لكان ينادي بأنّ هذه القبلة قبلة متحير.

وممّا ذكر ظهر الحال في صحيحة زرارة أيضا ، لأنّ لفظ «القبلة» فيها أيضا بعنوان النكرة ، فتأمّل جدّا ، على أنّه يمكن أن يكون المراد من المشرق جهته ، وكذا المغرب.

ولا شكّ في أنّ القبلة حينئذ تنحصر في جهتها ، ومرّ في كتاب الطهارة في بحث حرمة الاستقبال والاستدبار في الخلاء (٢) ما يشير إليه ، فتأمّل ، إلّا أنّ الأظهر هو الذي ذكرنا هنا ، لو لم نقل الأقوى.

وممّا ينادي بفساد التوهّم المذكور ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّ الفقهاء يقولون : لو ظهر الخلل وهو في الصلاة استدار إلى القبلة ، إن كان قليلا ، وفسّروا القبلة بأن لا يبلغ حدّ التشريق والتغريب.

ونقل في «المعتبر» الإجماع على ذلك (٣) ، وباقي الفقهاء أفتوا كذلك ، وكتبهم

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الحديث ٥٢٤٦.

(٢) راجع! الصفحة : ٢٢٦ و ٢٢٧ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.

(٣) المعتبر : ٢ / ٧٢.

٤٤٩

مشحونة منه.

وعن الشهيد : أنّ ظاهر كلام الأصحاب أنّ الكثير ما كان إلى سمت اليمين أو اليسار أو الاستدبار (١) ، ولم ينقل العلّامة ولا غيره خلافا في هذه المسألة. وإن نقل عن ظاهر «المبسوط» أنّ المستدبر يعيد الصلاة من أوّلها (٢) ، لأنّ الظاهر أنّ مراده من المستدبر من لم يكن ما بين المشرق والمغرب.

وكيف كان ؛ لا شكّ في أنّ من ظهر عليه في صلاته كونها على المشرق والمغرب ، يجب عليه أن يعيدها.

ولو ظهر كونها ما بينهما لا يعيدها ، بل يستقبلها ، لصحيحة زرارة وصحيحة معاوية السابقتين (٣) وموثّقة عمّار ، ورواية القاسم بن الوليد السابقتين (٤) في بيان عدم كون القبلة مجموع ما بين المشرق والمغرب.

فلو كان مجموع ما بينهما قبلة مطلقا ، لم يكن للفتاوى والإجماع المنقول والموثّقة ورواية القاسم وجه أصلا.

فروع :

الأوّل : لو ظهر الخطأ في أثناء الصلاة ، يرجع إلى القبلة لو كان المصلّي ما بينهما ، ولو كان وصل المشرق أو المغرب أعاد ، وكذا لو استدبر ، لما عرفت الآن.

الثاني : ما ذكر من عدم الإعادة في الوقت أو مطلقا إنّما هو بالنسبة إلى

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٣ / ١٨٠.

(٢) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٢٢٢ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ٨١.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الحديث ٥٢٤٦ و ٥٢٤٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٤ الحديث ٥٢٤٨ ، ٣١٥ الحديث ٥٢٤٩.

٤٥٠

الخاطئ في الاجتهاد ، أو غير المتمكّن منه ، لا تاركه مع إمكانه ، ولا المسامح في التحرّي ، لعدم تأتّي قصد القربة منهما ، إن لم يكن جاهلا بالحكم ولا ناسيا.

وأمّا الجاهل فيه ؛ فقد مرّ أنّه غير معذور ، وعرفت أنّ الاستقبال شرط.

وأمّا الناسي ؛ فلعدم إتيانه بالشرط ، فيبقى تحت العهدة ، وعن الشيخين : أنّ الناسي كالمجتهد الظان (١) ، لعموم قوله عليه‌السلام : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان» (٢).

وفيه أنّ الظاهر منه رفع مؤاخذتهما ، لا صحّة المشروط بالشرط المنسي.

لا يقال : أكثر الأخبار الدالّة على عدم وجوب الإعادة مطلقة.

لأنّا نقول : الظاهر منها كون الشروع في الصلاة على وجه المشروع ، إلّا أنّه ظهر بعد الصلاة وقوعها على غير القبلة ، وأنّه لو لم يظهر ذلك لم يكن فيه ضرر.

وجاهل الحكم غير داخل كالناسي ، لأنّهم عليهم‌السلام قالوا : «استبان لك أنّك صلّيت إلى غير القبلة» (٣) ، أو علمت ذلك ، ولم يقولوا : عرفت الحكم والمسألة أو تذكّرت ، مضافا إلى أنّ الأصل حمل أفعال المسلم على الصحّة.

ويشهد عليه أيضا ، كون منشأ الخلل الغيم ونحوه ، على ما يظهر منها ، وأنّه بطلوع الشمس ونحوه يظهر الخلل ، لا بمعرفة الحكم ولا بالتذكّر.

ويشهد أيضا قوله عليه‌السلام في صحيحة سليمان : «فحسبه اجتهاده» (٤) ، مضافا إلى أنّ نسيان المراعاة أمر بعيد نادر لو وقع ، فلا يحمل المطلقات عليه.

الثالث : الظاهر أنّ المراد من المشرق والمغرب هو الاعتدالي لتبادره ، وللقرائن المانعة عن غيره ، بل ربّما يحصل القطع منها به ، ولذا صرّح بعض الفقهاء

__________________

(١) المقنعة : ٩٧ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٦٤ ، لاحظ! مختلف الشيعة : ٢ / ٧٢ و ٧٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٦ الحديث ١٣٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٤٩ الحديث ١٠٥٥٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٥ الحديث ٥٢٥١.

(٤) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٧ الحديث ٥٢٥٦.

٤٥١

بذلك (١).

والبناء على كون المراد مجموع جهتيهما تجعل القبلة منحصرة في جهتها ، لكون الجهات أربعة : الجنوب والشمال والمغرب والمشرق ، فيصير قبلة المختار العامد ، على حسب ما مرّ ، فتأمّل!

الرابع : المشهور المعروف كون الجهات على خطّين مستقيمين وقع أحدهما على الآخر ، بحيث يحدث زوايا قوائم ، لأنّه المتبادر ، ولأنّ حصول العلم بالقبلة منحصر فيه ، على حسب ما مرّ ، فما قيل من الاجتزاء بالأربع كيف ما اتّفق (٢) ، ظاهر الفساد.

الخامس : نقل عن السيّد ابن طاوس رحمه‌الله استعمال القرعة في صورة التحيّر (٣) ، وهو خلاف الإجماع البسيط أو المركّب ، وخلاف الفتاوى ، وخلاف مقتضى القاعدة ، لما عرفت من حصول العلم بالقبلة للصلاة أربعا.

ولو لم يحصل فالنص الموافق للفتاوى والنصوص المعتبرة موجودة في المقام (٤).

مع أنّ الحكم الشرعي ، والموضوعات التي يعرف بها الحكم لم يعهد في معرفتها استعمال القرعة أصلا حتّى من السيّد فما الفارق؟

السادس : لو تبيّن في أثناء الصلاة الاستدبار ، أو اليمين ، أو اليسار ، وقد خرج الوقت ، فالأقرب أنّه ينحرف من غير إعادة ، كما اختاره الشهيدان وغيرهما (٥) لأنّ الإعادة توجب القضاء. وقد تقدّم في مبحث التيمّم أنّ مراعاة

__________________

(١) التنقيح الرائع : ١ / ١٧٨ ، البيان : ١١٤ ، مسالك الأفهام : ١ / ١٥٣ و ١٥٤.

(٢) البيان : ١١٧.

(٣) نقل عنه في كشف اللثام : ٣ / ١٧٥.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٠ الباب ٨ من أبواب القبلة.

(٥) نقل عن الشهيد الأوّل في مدارك الأحكام : ٣ / ١٥٤ ، مسالك الأفهام : ١ / ١٦١ ، ذكرى الشيعة :

٤٥٢

الوقت مقدّمة على مراعاة القبلة وأمثالها (١) ، ولذا يجب على المتحيّر مطلقا ، أو بعد العجز عن الأربع ، قبل خروج الوقت أن يصلّي بغير قبلة.

وكذا من لم يتمكّن من الاستقبال ، مثل الصلاة في السفينة ، وعلى الدابّة أو ماشيا ، وصلاة المطاردة ونحوها.

وبالجملة ؛ إذا دارت الصلاة بين فواتها ، ومراعاة القبلة يقدّم نفس الصلاة على مراعاة القبلة لها ، لأنّ القضاء فرض مستأنف.

بل لو كان تابعا للأداء يكون الأداء مقدّما جزما ، فضلا عن كونها فرضا جديدا ، وللاستصحاب وغيره.

السابع : لا يتعدّد الاجتهاد بتعدّد الصلوات إلّا أن يتجدّد شكّ ، لأنّه الظاهر من الدليل.

وعن «المبسوط» : أنّه أوجب التجديد دائما لكلّ صلاة ما لم تحضره الأمارات ، للسعي في إصابة الحقّ ، ولأنّ الاجتهاد الثاني ، إن خالف الأوّل وجب المصير إليه ، لأنّه لا يكون إلّا لأمارة أقوى من الأوّل ، وإن وافق تأكّد (٢) ، وهو جيّد ، إن احتمل التغيير.

الثامن : إذا تغيّر الاجتهاد في أثناء الصلاة لزم الانحراف ، إن لم يبلغ موضع الإعادة وإلّا أعاد.

ولو تغيّر بعد الفراغ لم يعد ما لم يتيقّن الخطأ الموجب للإعادة ، وفي «المنتهى» : لا نعلم فيه خلافا (٣).

__________________

٣ / ١٨٠ و ١٨١ ، ذخيرة المعاد : ٢٢٢.

(١) راجع! الصفحة : ٢٣٢ (المجلّد الرابع) من هذا الكتاب.

(٢) المبسوط : ١ / ٨١ ، لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ١٥٤.

(٣) منتهى المطلب : ٤ / ١٧٤.

٤٥٣

التاسع : لو خالف اجتهاده فصلّى ، فصادف القبلة لم يصحّ ، لعدم تأتّي قصد القربة ، ولعدم إتيانه بالمأمور به وقت الإتيان إلى الفراغ ، وعن «المبسوط» الصحّة ، للإتيان بالتوجّه بالمأمور به (١) ، وفيه ما فيه.

وممّا ذكر ظهر حال من خالف يقينه ، فصادف الموافقة للواقع ، بل ، هو أولى بالفساد.

وكذا من صلّى من دون مراعاة القبلة ، لعدم المبالاة ، أو الجهل بالحكم ، مع تقصيره في ذلك.

العاشر : لو قلّد مجتهدا فأخبره بالخطإ انحرف إليها ، إذا كان توجّه إلى ما بين المشرق والمغرب ، وإلّا استأنف.

ولو صلّى بقول واحد ، مجتهدا كان أم لا ، فأخبره غيره بخلافه عمل بقول أقواهما ظنّا ، إن تساويا في غير ذلك ، وإلّا عمل بأقوى الظنون عنده ، وإن تساويا في حصول الظن منه تخيّر.

وإن كان الإخبار حال صلاته رجع إلى الأقوى ، ما لم يظهر عليه الخطأ الموجب للإعادة على المجتهد الخاطئ على حسب ما مرّ فيعيد ، وعلى تقدير التساوي لم يرجع ، ويستصحب الحالة السابقة.

وممّا ذكر ظهر حال ما لو اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده ، من أنّه يعمل بما هو الأقوى عنده ، ومع التساوي يتخيّر بالنحو الذي ذكر.

الحادي عشر : لو اختلف المجتهدون في القبلة لم يأتم بعضهم ببعض ، على ما قاله أكثر أصحابنا ، لأنّ كلّا منهما يعتقد خطأ الآخر (٢).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٨٠.

(٢) المبسوط : ١ / ٧٩ ، المعتبر : ٢ / ٧٢ ، قواعد الأحكام : ١ / ٢٧.

٤٥٤

وعن «التذكرة» احتمال الصحّة ، لأنّ كلّا منهم متعبّد بظنّه ، فكانوا كالقائمين حول الكعبة (١).

وربّما فرّق بينهما بتعدّد الجهة في المصلّين حولها بخلاف المقام ، ودفع بأنّ الخطأ إنّما هو في مصادفتها لجهة الكعبة ، لا للجهة التي يجب استقبالها ، للقطع بأنّ فرض كلّ منهم استقبال ما أدّى إليه اجتهاده.

لكن الاعتماد عليه ، في مقام تحصيل البراءة اليقينيّة في العبادات التوقيفيّة مشكل ، سيّما مع ملاحظة قول الأكثر.

وما في «الفقه الرضوي» من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تصلح قبلتان في أرض واحدة» (٢).

فإذا اختلف اجتهاد شخصين ، لم يكن قبلة كلّ واحد منهما صحيحة ، فتأمّل!

الثاني عشر : قد عرفت أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة للخاطئ في الاجتهاد والغافل ، والشهيد ألحق بهما جاهل الحكم أيضا (٣).

وفيه إشكال ، كما في إلحاق المتحيّر مطلقا أيضا ، بل عرفت أنّ الأقوى كون فرضه الصلاة أربع مرّات ، أحدهما إلى القبلة البتّة.

نعم ؛ بعد ضيق الوقت عنها ـ لو قلنا بكفاية الواحدة ـ تكون ملحقة بهما.

ولو قلنا بوجوب القدر الذي يفي الوقت به ، كما هو أحد القولين ـ لأنّ «الميسور لا يسقط بالمعسور» (٤) ، ولأنّه أحرى إلى الصواب ، ولأنّ المفروض

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٦.

(٢) لم نعثر عليه في «الفقه الرضوي» ، ولكن ورد في عوالي اللآلي : ١ / ١٧١ الحديث ١٩٨.

(٣) ذكرى الشيعة : ٣ / ١٨١.

(٤) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥ مع اختلاف يسير.

٤٥٥

تساوي الاحتمالات ، فيسقط الترجيح ـ لم يكن يلحقه أصلا على الأقوى ، لما مرّ من أنّ انكشاف الفساد في المعذور يوجب الإعادة في الوقت خاصة. مع أنّ الظاهر أنّ الصلاة أربع مرّات لدرك القبلة.

فإذا لم يتيسّر لم يبق الوجوب ، لعدم بقاء العلّة ، وعدم سقوط الميسور بالمعسور في المطلوب بالأصالة ، لا من باب المقدّمة ، فتأمّل!

٤٥٦

الباب الثّالث

في أفعال الصلاة وأذكارها المتقدّمة عليها

والمقارنة لها والمتأخّرة عنها

القول في الأذان والإقامة

قال الله تعالى (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) (١) ، وقال عزوجل (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) (٢).

١٣١ ـ مفتاح

[استحباب الأذان والإقامة]

يستحبّ الأذان والإقامة في الفرائض اليوميّة والجمعة خاصّة ، ويتأكّد

__________________

(١) المائدة (٥) : ٥٨.

(٢) الجمعة (٦٢) : ٩.

٤٥٧

للرجال ، وسيما في الجماعة ، وفي الصبح والمغرب آكد ، والإقامة أشدّ تأكيدا ، وفاقا للأكثر (١) ، للصحاح المستفيضة (٢).

وقيل بوجوبهما في الجماعة (٣) ، ولا يخلو من قوّة ، وقيل باشتراطهما فيها (٤).

وقيل بوجوب الأذان في الفجر والمغرب والجمعة على الرجال والنساء ، وفي الجماعة على الرجال خاصّة ، والإقامة في كلّ فريضة على الرجال (٥). وقيل فيه أقوال اخر شاذّة (٦).

وفي الصحيح : «إذا أذّنت وأقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة ، وإن أقمت إقامة بغير أذان صلّى خلفك صفّ واحد» (٧).

__________________

(١) الناصريّات : المسألة ٦٥ ، الخلاف : ١ / ٢٨٤ المسألة ٢٨ ، السرائر : ١ / ٢٠٨ ، المراسم : ٦٧.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨١ الباب ٤ من أبواب الأذان والإقامة.

(٣) المقنعة : ٩٧.

(٤) الكافي في الفقه : ١٤٣.

(٥) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٢٩.

(٦) لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٢٥٧ ، الحدائق الناضرة : ٧ / ٣٥٢.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨١ الحديث ٦٨٥١.

٤٥٨

قوله : (يستحب الأذان).

الأذان عبادة خاصة ، وهي إذا كانت مخصوصة وضعت وطلبت للإعلام بأوقات الصلاة.

ويسمّى بالإعلامي بالإجماع والأخبار ، مثل قول الصادق عليه‌السلام : «المؤذن يغفر له مدّ صوته ، ويشهد له كلّ شي‌ء سمعه» (١).

وعن الباقر عليه‌السلام مثل ذلك ، مع زيادة : «مدّ بصره [وصوته في السماء ، ويصدّقه كلّ رطب ويابس سمعه] وله من كلّ من يصلّي معه في مسجده سهم ، ومن كلّ من يصلّي بصوته حسنة» (٢).

وعن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أذّن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنّة» (٣) إلى غير ذلك من الأخبار ، منها الحديث الطويل عن بلال رحمه‌الله (٤).

والأذان مطلوبة أيضا لأداء فريضة ، وكذلك الاقامة مطلوبة لها ، لما ورد منهم عليهم‌السلام أنّه : «لا صلاة إلّا بأذان وإقامة» (٥) ، وأنّ «من صلّى بأذان وإقامة صلّى خلفه من الملائكة صفّان لا يرى طرفاهما ، ومن صلّى بإقامة صلّى خلفه ملك» (٦).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٠٧ الحديث ٢٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٢ الحديث ١٧٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٤ الحديث ٦٨٢٧.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٤ الحديث ١١٣١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٢ الحديث ٦٨٢١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٥ الحديث ٨٨١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٣ الحديث ١١٢٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧١ الحديث ٦٨١٧.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٩ الحديث ٩٠٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٥ الحديث ٦٨٢٩.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٢ الحديث ١١٢٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٠ الحديث ١١٠٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٤ الحديث ٧٠٤٤.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٦ الحديث ٨٨٩ ، ثواب الأعمال : ٥٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨٢

٤٥٩

وفي الصحيح عن الصادق عليه‌السلام «[إنّك] إذا أذّنت وأقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة وإن أقمت بغير أذان صلّى خلفك صف واحد» (١).

وورد أنّ حدّ هذا الصف ما بين المشرق والمغرب (٢). إلى غير ذلك من الأخبار.

ويستحبّان للمولود أيضا بأن يؤذّن في اذنه اليمنى ، ويقام في اليسرى.

ويستحب الأذان لغير ما ذكر أيضا ، مثل أن يقع في المواضع الموحشة ، لدفع الخيالات الحاصلة والغول ، وبعد أن لا يأكل اللحم أربعين يوما ، بأن يؤذّن في اذنه حفظا عن سوء الخلق ، بل لمطلق الحفظ عنه ، وأن يؤذّن قبل الصبح على ما ستعرف ، إلى غير ذلك.

ثمّ اعلم! أنّ الأذان هيئة متلقّاة من الشرع ، وكذا الإقامة ، وهما وحي من الله تعالى على ما ورد في أخبارنا (٣) ، واتّفق عليه الشيعة ، لا أنّه أخذه من عبد الله بن زيد ، لأنّه رأى في منامه ، كما اتّفق عليه العامة (٤).

بل عن ابن أبي عقيل ، أنّ الشيعة أجمعت على أنّ الصادق عليه‌السلام لعن قوما زعموا أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذه منه (٥).

واعلم! أيضا أنّ المشهور أنّ الأذان والإقامة مستحبّان في الفرائض اليوميّة ، أداء وقضاء ، والجمعة مطلقا سيّما الرجال ، فإنّهما أشدّ استحبابا عليهم ، وخصوصا

__________________

الحديث ٦٨٥٤.

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٢ الحديث ١٧٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨١ الحديث ٦٨٥١.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨٢ الحديث ٦٨٥٥ و ٦٨٥٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٦٩ الحديث ٦٨١٤ ـ ٦٨١٦.

(٤) المغني لابن قدامه : ١ / ٢٤٢ و ٢٤٣ الفصل ٥٥٤.

(٥) نقل عنه الشهيد في ذكرى الشيعة : ٣ / ١٩٥.

٤٦٠