مصابيح الظلام - ج ٦

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٦

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-6-X
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٥١

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (١).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابّة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة ، أو كنت مستعجلا بالكوفة ، فقال : «إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوّفت فوت ذلك إن تركته وأنت راكب فنعم ، وإلّا فإنّ صلاتك على الأرض أحبّ [إليّ]» (٢).

وصحيحة حمّاد بن عثمان ، عن الكاظم عليه‌السلام : في الرجل يصلّي النافلة على دابّته في الأمصار ، قال : «لا بأس» (٣).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن الكاظم عليه‌السلام في الرجل يصلّي النوافل في الأمصار وهو على دابّته حيثما توجّهت به فقال : «نعم ، لا بأس» (٤).

وفي «الفقيه» عن الصادق عليه‌السلام مثله (٥). إلى غير ذلك ممّا ورد في الصلاة على الدابّة.

وأمّا الصلاة ماشيا فلصحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل يصلّي على راحلته ، قال : «يؤمي إيماء وليجعل السجود أخفض من الركوع» ، قلت يصلّي وهو يمشي؟ قال : «نعم ، يؤمي إيماء وليجعل السجود أخفض من الركوع» (٦).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢٨ الحديث ٥٨١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٢٩ الحديث ٥٣٠٠ و ٥٣٠١.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٣٢ الحديث ٦٠٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٣١ الحديث ٥٣٠٦.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢٩ الحديث ٥٨٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٣٠ الحديث ٥٣٠٤ مع اختلاف يسير.

(٤) الكافي : ٣ / ٤٤٠ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٣٠ الحديث ٥٩١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٢٨ الحديث ٥٢٩٥ مع اختلاف يسير.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٥ الحديث ١٢٩٨.

(٦) الكافي : ٣ / ٤٤٠ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٣٢ الحديث ٥٣٠٩ ، ٣٣٥ الحديث ٥٣٢٢.

١٠١

ومرسلة حريز المرويّة في «الكافي» و «الفقيه» عن الباقر عليه‌السلام : أنّه لم يكن يرى بأسا أن يصلّي الماشي وهو يمشي ولكن لا يسوق (١).

وصحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا بأس أن يصلّي الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشي ، ولا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو يمشي ، يتوجّه إلى القبلة ويكبّر ثمّ يمشي فيقرأ ، فإذا أراد أن يركع حوّل وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثمّ مشى» (٢).

مع أنّه إذا جاز على الدابّة فحال المشي بطريق أولى ، لأنّه أقرب إلى الهيئة المعهودة من الشارع الخالية عن وصمة الشبهة ، هذا مع عدم القول بالفصل بين الركوب والمشي.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٤١ الحديث ٩ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٩ الحديث ١٣١٨ وسائل الشيعة : ٤ / ٣٣٥ الحديث ٥٣٢٣ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢٩ الحديث ٥٨٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٣٤ الحديث ٥٣١٩ مع اختلاف يسير.

١٠٢

١١٨ ـ مفتاح

[أحكام المساجد]

يستحب بناء المساجد (١) ، وجعل الميضاة على أبوابها (٢) ، وعمارتها بالمرمّة والعبادة (٣) ، وكثرة الاختلاف إليها (٤) ، وتعاهد النعل عند أبوابها ومسح ما بها من أذى (٥) ، وتقديم الرجل اليمنى عند الدخول ، واليسرى عند الخروج (٦) ، عكس المكان الخسيس ، والدعاء عند الأمرين بالمأثور (٧) ، والتحيّة بركعتين (٨) ، وكنسها (٩) ، وتنويرها (١٠) ، كلّ ذلك للنصوص.

ويكره تشريفها وتظليلها إلّا أن يجعل عريشا (١١) وكذا زخرفتها ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٣ الباب ٨ من أبواب أحكام المساجد.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٠ الباب ٢٥ من أبواب أحكام المساجد.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٣ الباب ٨ من أبواب أحكام المساجد.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ١٩٧ الباب ٣ من أبواب أحكام المساجد.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٩ الباب ٢٤ من أبواب أحكام المساجد.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٦ الباب ٤٠ من أبواب أحكام المساجد.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٤ الباب ٣٩ ، ٢٤٦ الباب ٤١ من أبواب أحكام المساجد.

(٨) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٧ الباب ٤٢ من أبواب أحكام المساجد.

(٩) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٨ الباب ٣٣ من أبواب أحكام المساجد.

(١٠) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤١ الباب ٣٤ من أبواب أحكام المساجد.

(١١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٥ الباب ٩ من أبواب أحكام المساجد.

١٠٣

وتصويرها (١) ، وقيل بتحريمها (٢) ، والمحاريب (٣) ، وقيّدت بالداخلة ، وفسّرت تارة بالداخلة في المسجد ، واخرى بالداخلة في الحائط (٤) ، وليس التقييد في النص.

وتطويل المنارة (٥) ، وجعلها في الوسط ، وقيل بتحريم ذلك (٦) ، وتعليتها ، وإخراج الحصى منها (٧) ، فإن فعل فليردّ ، فإنّها تسبّح ، أمّا القمامات المشوّهة ؛ فيجوز إخراجها ، بل يستحبّ (٨).

وإنشاد الشعر إلّا ما لا بأس به (٩) ، والبيع والشراء ، وتمكين المجانين والصبيان ، وإقامة الحدود ، ورفع الصوت المتجاوز عن العادة (١٠) ، وإنشاد الضالّة (١١) ، وحديث الدنيا (١٢) ، وعمل الصنائع (١٣) ، وكشف العورة (١٤) ، والاتكاء (١٥) ، فإنّها لغير هذه بنيت.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٥ الباب ١٥ من أبواب أحكام المساجد.

(٢) المبسوط : ١ / ١٦٠ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٤٢٩ ، شرائع الإسلام : ١ / ١٢٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٧ الباب ٣١ من أبواب أحكام المساجد.

(٤) شرائع الإسلام : ١ / ١٢٨ ، مسالك الأفهام : ١ / ٣٢٨ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٤٠٠ و ٤٠١.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٠ الباب ٢٥ من أبواب أحكام المساجد.

(٦) النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٩.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣١ الباب ٢٦ من أبواب أحكام المساجد.

(٨) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٨ الحديث ٦٤٣٨.

(٩) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٣ الباب ١٤ من أبواب أحكام المساجد.

(١٠) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٣ الباب ٢٧ من أبواب أحكام المساجد.

(١١) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٤ الباب ٢٨ من أبواب أحكام المساجد.

(١٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٣ الباب ١٤ من أبواب أحكام المساجد.

(١٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٧ الباب ١٧ من أبواب أحكام المساجد.

(١٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٤ الباب ٣٧ من أبواب أحكام المساجد.

(١٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٥ الباب ٢٩ من أبواب أحكام المساجد.

١٠٤

والنوم في المسجدين (١) ، وقيل : جميع المساجد (٢) ويدفعه الحسن (٣) ، والدخول مع رائحة الثوم والبصل وشبههما (٤) ، والتبصّق (٥) وهو في المسجد خطيئة ، وكفّارته دفنه ، وكذا التنخّم (٦) ، وينزوي به المسجد ، والحق بهما قتل القمّل (٧) فليدفن.

وأن يجعل طريقا بغير صلاة (٨) ، ورطانة الأعاجم فيها (٩) ، أي التكلّم بما لا يفهمه الجمهور من المواضعات ، والوضوء من البول والغائط (١٠) ، وقيل بتحريمه (١١). كلّ ذلك للرواية.

ويحرم إدخال النجاسة إليه وإزالتها فيه ، لظاهر بعضها (١٢) ، وخصّه المتأخّرون بالمتعدّية (١٣) ، وهو الأصح.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٩ الباب ١٨ من أبواب أحكام المساجد.

(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٢٨ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٤٢٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٩ الحديث ٦٣٧٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٦ الباب ٢٢ من أبواب أحكام المساجد.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢١ الباب ١٩ من أبواب أحكام المساجد.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٣ الباب ٢٠ من أبواب أحكام المساجد.

(٧) النهاية للشيخ الطوسي : ١١٠ ، شرائع الإسلام : ١ / ١٢٨ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٤٢٨ المسألة ٩٥ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ١٢٧.

(٨) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٩٣ الباب ٦٧ من أبواب أحكام المساجد.

(٩) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٦ الباب ١٦ من أبواب أحكام المساجد.

(١٠) وسائل الشيعة : ١ / ٤٩٢ الباب ٥٧ من أبواب الوضوء.

(١١) النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٩.

(١٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٩ الحديث ٦٤١٠.

(١٣) البيان : ١٣٦ ، جامع المقاصد : ٢ / ١٥٤ ، مسالك الأفهام : ١ / ٣٢٧.

١٠٥
١٠٦

قوله : (يستحب بناء المساجد). إلى آخره.

هذا إجماعي ، بل ضروري الدين ، ويدلّ عليه الأخبار المتواترة ، منها حسنة أبي عبيدة الحذّاء ، عن الصادق عليه‌السلام يقول : «من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنّة» ، قال أبو عبيدة : فمرّ بي الصادق عليه‌السلام في طريق مكّة وقد سوّيت أحجارا لمسجد ، فقلت : جعلت فداك ، نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ فقال : «نعم» (١) ، إلى غير ذلك من الأخبار.

منها : الخبر المشهور منهم عليهم‌السلام : «من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنّة» (٢).

والمفحص : الموضع الذي يكشف عنه التراب ليبيض فيه أو يسكن (٣).

هذا التشبيه مبالغة في الصغر ، وعدم الحاجة إلى الجدار.

وقيل : المفحص : موضع حركتها للطيران إلى أن تطير ، لأنّ عادتها الحركة متفحصة بصدرها وبطنها قدرا قليلا ، إلى أن ترتفع من الأرض ، وتشرع في الطيران في الهواء ، فيصير كناية عن الصغر ، ويحصل مسجد شخص واحد.

قوله : (وجعل الميضاة). إلى آخره.

وهي المطهرة للحديث والخبث ، واستحباب الجعل لما رواه عبد الحميد عن الكاظم عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : جنّبوا مساجدكم صبيانكم

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٦٨ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٤ الحديث ٧٤٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٣ الحديث ٦٣٣٣ مع اختلاف يسير.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٢ الحديث ٧٠٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٤ الحديث ٦٣٣٤.

(٣) لسان العرب : ٧ / ٦٣ ، مجمع البحرين : ٤ / ١٧٧.

١٠٧

ومجانينكم وبيعكم وشراءكم ، واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم» (١).

وممّا يعضد ذلك كراهة الوضوء في المسجد من البول والغائط ، لما رواه الشيخ عن رفاعة ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه سأله عن الوضوء في المسجد ، «فكرهه من الغائط والبول» (٢).

وعن «النهاية» عدم جواز هذا الوضوء (٣) ، وتبعه ابن إدريس (٤) ، ولم يثبت من الرواية المذكورة أزيد من الكراهة ، وعن «المبسوط» المنع عن إزالة النجاسة في المساجد ، وعن الاستنجاء من البول والغائط (٥).

وفي «الذكرى» كأنّه فسّر الوضوء في الرواية بالاستنجاء ، ولعلّه مراده في «النهاية» وهو حسن (٦) ، انتهى.

ويمكن أن يكون فهم ذلك من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جنّبوا مساجدكم النجاسة» (٧) ، وأنّه إذا منع عن رفع حدث البول والغائط ، فرفع خبثهما بطريق أولى.

قوله : (وعمارتها). إلى آخره.

لما ورد في الآية (٨) والأخبار (٩) ، سيّما المرمّة بالعبادة فيها.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٤ الحديث ٧٠٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣١ الحديث ٦٤١٤ ، ٢٣٣ الحديث ٦٤٢٠ مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٦٩ الحديث ٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٧ الحديث ٧١٩ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٩٢ الحديث ١٢٩٨.

(٣) النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٩.

(٤) السرائر : ١ / ٢٧٩.

(٥) المبسوط : ١ / ١٦١.

(٦) ذكرى الشيعة : ٣ / ١٣٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٩ الحديث ٦٤١٠.

(٨) التوبة (٩) : ١٨.

(٩) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٣ الباب ٨ من أبواب أحكام المساجد.

١٠٨

قوله : (وكثرة). إلى آخره.

يدلّ عليه أخبار كثيرة ، منها : ما رواه في «الفقيه» : «أنّ في التوراة مكتوبا : إنّ بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي ، ألا إنّ على المزور كرامة الزائر ، ألا بشّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة» (١) إلى غير ذلك ، ومرّت هذه الرواية في بحث فضيلة الصلاة في المساجد (٢).

قوله : (وتعاهد النعل). إلى آخره.

هو استعلام حالة استظهار للطهارة ، والحق به ما كان به مظنّة النجاسة كالعصا.

ويدلّ عليه رواية عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليهم‌السلام : أنّ عليّا عليه‌السلام قال : «قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم» (٣).

والتعبير بالتعاهد لإرادة المواجهة ، فكأنّ المكلّف يلاحظ نعله ونعله يلاحظه ، لأنّه يصير بينهما المواجهة والمطالعة والملاحظة والمعاينة ، فتدبّر.

فما قال الجوهري من أنّ التعهد أصحّ من التعاهد ، لأنّ التعاهد إنّما يكون بين اثنين (٤) ، لا يضرّ المقام بل ينفع.

قوله : (وتقديم الرجل اليمنى). إلى آخره.

في «الكافي» بسنده عن يونس عنهم عليهم‌السلام قال : «الفضل في دخول المسجد

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٤ الحديث ٧٢١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٤ الحديث ٦٤٥٢.

(٢) راجع! الصفحة : ٢٥ من هذا الكتاب.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٥ الحديث ٧٠٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٩ الحديث ٦٤٠٩ مع اختلاف يسير.

(٤) الصحاح : ٢ / ٥١٦.

١٠٩

أن تبدأ برجلك اليمنى إذا دخلت وباليسرى إذا خرجت» (١) ، مع أنّ اليمنى أشرف ، فيقدّم إلى الشريف.

قوله : (والدعاء). إلى آخره.

في كالصحيح عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا دخلت المسجد فصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإذا خرجت فافعل ذلك» (٢).

وفي الموثّق عن سماعة قال : «إذا دخلت المسجد فقل : بسم الله وبالله والسلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وملائكته يصلّون على محمّد وآل محمّد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته ، ربّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ، وإذا خرجت فقل مثل ذلك» (٣).

وعن عبد الله بن الحسن قال : «إذا دخلت المسجد فقل : اللهمّ اغفر لي وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرجت فقل : اللهمّ اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك» (٤). إلى غير ذلك ممّا ورد في الأخبار.

قوله : (والتحيّة بركعتين). إلى آخره.

الظاهر أنّه وفاقي وورد النصّ به ، مثل قولهم عليه‌السلام : «لا تجعلوا المساجد طرقا حتّى تصلّوا فيها ركعتين» (٥) ، قيل : أيّ صلاة صلّاها المكلّف أجزأ عنها (٦) ، وفي

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٠٨ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٦ الحديث ٦٤٥٨.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٠٩ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٦ الحديث ٦٤٥٧.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٣ الحديث ٧٤٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٥ الحديث ٦٤٥٥.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٣ الحديث ٧٤٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٥ الحديث ٦٤٥٦.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٩٣ الحديث ٦٥٨٠.

(٦) الروضة البهيّة : ١ / ٢١٦.

١١٠

«الدروس» : أنّه يستحب الدعاء عقيب هاتين الركعتين (١).

قوله : (وكنسها).

في «الكافي» (٢) و «التهذيب» بسنديهما إلى الكاظم عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة وأخرج منه من التراب ما يذرّ [في] العين غفر الله له» (٣).

وربّما يظهر رجحان فعله مطلقا منه ومن تعظيم شعائر الله وترغيب الناس ، إلّا أنّ خصوص ليلة الجمعة يقتضي كنسها الثواب المذكور ، مع أنّ الفقهاء أفتوا باستحبابه مطلقا ، وهو يكفي لنا.

قوله : (وتنويرها).

لما روي عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ «من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج» (٤).

والظاهر من هذه الرواية استحبابه في الليل خاصة إلى أن ترتفع الحاجة إلى ضوئه ، إلّا أن يكون مظلما يحتاج إليه في النهار.

ولعلّ الاستحباب غير مشترط بتردّد المصلّين ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما دام». إلى

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٥٦.

(٢) لم نعثر على هذه الرواية في «الكافي».

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٢ الحديث ٧٠١ ، أمالي الصدوق : ٤٠٥ الحديث ١٥ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٤ الحديث ٧٠٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٨ الحديث ٦٤٣٧.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٤ الحديث ٧١٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦١ الحديث ٧٣٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤١ الحديث ٦٤٤٤.

١١١

آخره. مع أنّ المتعارف عدم تردّدهم إلّا في أوائل الليل وأواخره.

مع أنّه تعظيم للمسجد الذي هو من شعائر الله ، ولا يتوقّف على إذن الناظر ، إلّا أن يكون وضعه في موضع يصير منشأ لاسوداد جدرانه وآلاته ، إلّا أن يكون الاسوداد حصل سابقا ، ولم يحصل منه تفاوت يحتاج إلى إذن الناظر فتأمّل!

وإذا كان السراج أو دهنه أو الفتيلة من مال المسجد اعتبر الإذن ، وإن لم يكن ناظر يستأذنه استأذن الحاكم ، فإن تعذّر فيحصل الإذن ممّن اعتبر إذنه حسبة ، فإن تعذّر لم يبعد جوازه لآحاد المسلمين لكونها مقررة للصرف في المسجد ، فتأمّل جدّا!

قوله : (ويكره). إلى آخره.

أمّا التشريف ؛ فلما روي في «التهذيب» و «الفقيه» : «إنّ عليّا عليه‌السلام رأى مسجدا في الكوفة قد شرّف ، فقال : كأنّه بيعة ، وقال : إنّ المساجد تبنى جمّا لا تشرّف» (١).

جمّا ـ بضمّ الجيم وتشديد الميم ـ جمع أجمّ ، وهو من الكبش ما لا قرن له ، شبّه الشرف بالقرون (٢).

وأمّا التظليل ؛ فلما روي في أخبار متعددة ، من أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يظلل إلّا بالسواري من الجذوع التي طرحت عليها العوارض والخصف والإذخر ، وقال : «عريش كعريش موسى عليه‌السلام» (٣) ، وإنّ «أوّل ما يبدأ قائمنا عليه‌السلام سقوف

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٣ الحديث ٧٠٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٣ الحديث ٦٩٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٥ الحديث ٦٣٦٦ مع اختلاف يسير.

(٢) النهاية لابن الأثير : ١ / ٣٠٠ ، مجمع البحرين : ٦ / ٣٠.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٩٥ الحديث ١ ، معاني الأخبار : ١٥٩ حديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦١ الحديث ٧٣٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٥ الحديث ٦٣٣٩.

١١٢

المساجد فيكسرها ويأمر فتجعل عريشا» (١).

بل ورد في غير واحد من الأخبار ، أنّ المساجد المظللة تكره الصلاة فيها ، لكن لا يضرّ بالشيعة (٢) اليوم (٣).

وفي «الذكرى» : أنّ الكراهة مختصّة بتسقيف جميع المسجد وتظليل خاصّ ، وإلّا فالحاجة ماسّة إلى التظليل لدفع الحرّ والبرد والمطر (٤) ، انتهى.

وقيل : إنّ العريش يدفع أذى الحرّ والبرد ، ومع المطر لا يتأكّد استحباب التردّد إلى المساجد ، كما يدلّ عليه إطلاق النهي عن التسقيف ، وما اشتهر من قوله عليه‌السلام : «إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال» (٥) (٦) ، وهو حسن.

وأمّا الزخرفة والتصوير ؛ فعلّل بعدمهما في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبما روي في «الكافي» وغيره ، عن عمرو بن جميع أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الصلاة في المساجد المصوّرة؟ فقال : «أكره ذلك ولكن لا يضرّكم [ذلك] اليوم ، ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» (٧).

والمراد من الزخرف النقش بالذهب ، أو مطلق النقش.

والقائل بحرمتها العلّامة في «الإرشاد» (٨) ، وفي «البيان» : حرم زخرفتها

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٣ الحديث ٧٠٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٧ الحديث ٦٣٤٢ مع اختلاف يسير.

(٢) في (د ١ ، ٢) و (ز ٣) و (ك) زيادة : ذلك.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٢٠٥ الباب ٩ من أبواب أحكام المساجد.

(٤) ذكرى الشيعة : ٣ / ١٢٤ مع اختلاف يسير.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٦ الحديث ١٠٩٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٩٥ الحديث ٦٣١٣.

(٦) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٩٢ و ٣٩٣.

(٧) الكافي : ٣ / ٣٦٩ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٩ الحديث ٧٢٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٥ الحديث ٦٣٦٥.

(٨) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٥٠.

١١٣

ونقشها وتصويرها بما فيه روح ، وكره غيره كالشجر (١).

والأقوى الكراهة ، لضعف المستند ، وإن كان نقش تصوير ذي الروح حراما لما روي من أنّ المصوّر يعذّب بنفخ الروح وليس بنافخ (٢).

ويحتمل أن يكون الأمر بتصوير الصورة المذكورة حراما أيضا ، لكونه إعانة في الإثم.

وأمّا المحاريب الداخلة ؛ فلما روى (٣) طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام : «أنّه كان يكسر المحاريب [إذا رآها في المساجد] ، ويقول : كأنّها مذابح اليهود» (٤).

والظاهر من لفظ «الكسر» كون المراد المحاريب الداخلة في المسجد ، والظاهر أنّها التي أحدثها الجبّارون من الأئمة ، لقيامهم فيها حال إمامتهم خوفا من القتل ، كما صدر بالثاني ، أو لتجبّرهم وتكبّرهم ، كما يظهر من الأخبار (٥).

وأمّا تطويل المنارات ؛ فلما روي عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليه‌السلام «أنّ عليّا عليه‌السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها ، ثمّ قال : لا ترفع [المنارة] إلّا مع سطح المسجد» (٦) ولعلّ علّة المنع لئلّا يشرف المؤذّن على الجيران.

__________________

(١) البيان : ١٣٥.

(٢) راجع! وسائل الشيعة : ١٧ / ٢٩٥ الباب ٩٤ من أبواب ما يكتسب به.

(٣) في (د ١) و (ز ٣) : فلرواية.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٣ الحديث ٦٩٦ ، علل الشرائع : ٢ / ٣٢٠ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٧ الحديث ٦٤٣٦.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٨٥ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٥٢ الحديث ١٨٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٧ الحديث ١١٠٣٣.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٥ الحديث ٧٢٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٦ الحديث ٧١٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٠ الحديث ٦٤١٣.

١١٤

وأمّا علّة عدم جعلها في الوسط التوسعة على المصلّين ، ورفع الحجاب بينهم على ما قيل (١).

والقائل بالتحريم هو الشيخ في «النهاية» (٢).

وأمّا عدم تعليتها ، فلعلّه لما ذكر ، ولعلّه ارتفاع بيوت الناس بالنسبة إليها تعظيما لها ، ولعلّه وردت الرواية أيضا بذلك ، كما يتخيّل بخاطري ، والله يعلم.

وأمّا إخراج الحصى ؛ فلما روي في القوي ، عن زيد الشحّام ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال له : أخرج من المسجد وفي ثوبي حصاة؟ قال : «فردّها أو اطرحها في مسجد» (٣).

وعن وهب بن وهب ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام : «إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردّها مكانها أو في مسجد آخر فإنّها تسبّح» (٤).

وأمّا القمامات ؛ فإخراجها تنظيف للمسجد ، فيكون مستحبّا على ما مرّ.

وأمّا إنشاد الشعر ؛ فلصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سمعتموه ينشد الشعر في المسجد فقولوا له : فضّ الله فاك إنّما نصبت المساجد للقرآن» (٥).

وأمّا رواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام : من أنّه «لا بأس بإنشاد

__________________

(١) قاله العلّامة في نهاية الإحكام : ١ / ٣٥٢.

(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٩.

(٣) الكافي : ٤ / ٢٢٩ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٥ / ٤٤٩ الحديث ١٥٦٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٢ الحديث ٦٤١٧ مع اختلاف يسير.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٤ الحديث ٧١٨ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٦ الحديث ٧١١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٢ الحديث ٦٤١٨.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٦٩ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٩ الحديث ٧٢٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٣ الحديث ٦٣٦١.

١١٥

الشعر» (١). لا ينافي الكراهة ، ويمكن حملها على ما لا بأس به ممّا تضمّن حكمة ، أو فائدة اخرى ، مثل مراثي الحسين عليه‌السلام ، لصحيحة علي بن يقطين ، عن الكاظم عليه‌السلام عن إنشاد الشعر في الطواف ، فقال : «ما كان من الشعر لا بأس به» (٢).

وأمّا البيع والشراء وتمكين المجانين والصبيان ؛ فقد مرّ في رواية إبراهيم بن عبد الحميد في استحباب الميضاة (٣).

وسيجي‌ء أيضا ـ مضافا إلى ما ظهر من الأخبار ـ من أنّ المسجد نصب لغير ذلك ، وللقرآن.

ومنه يظهر كراهة إقامة الحدود أيضا ، مضافا إلى رواية علي بن أسباط عن بعض رجاله ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «جنّبوا مساجدكم الشراء والبيع والمجانين والصبيان والأحكام والضالّة والحدود ورفع الصوت» (٤).

ومنها ظهر كراهة رفع الصوت ، وإنشاد الضالّة ، ويكره السؤال عنها أيضا فيها ، لما في «الفقيه» مرسلا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه سمع رجلا ينشد ضالّة في المسجد ، فقال : «قولوا : لا راد الله عليك فإنّها لغير هذا بنيت» (٥).

ويظهر من العلّة المذكورة في هذه ، وغيرها من الأخبار كراهة ما سوى العبادة من الأفعال ، فالأنسب الحكم بكراهة الكلّ ، لوضوح دلالة أخبار

__________________

(١) قرب الإسناد : ٢٨٩ الحديث ١١٤٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٩ الحديث ٦٨٣ ، بحار الأنوار : ١٠ / ٢٧١ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٣ الحديث ٦٣٦٢.

(٢) تهذيب الأحكام : ٥ / ١٢٧ الحديث ٤١٨ ، الاستبصار : ٢ / ٢٢٧ الحديث ٧٨٤ ، وسائل الشيعة : ١٣ / ٤٠٢ الحديث ١٨٠٧٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٤ الحديث ٧٠٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣١ الحديث ٦٤١٤ ، ٢٣٣ الحديث ٦٤٢٠.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٩ الحديث ٦٨٢ ، علل الشرائع : ٣١٩ الحديث ٢ ، الخصال : ٢ / ٤١٠ الحديث ١٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٣ الحديث ٦٤١٩.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٤ الحديث ٧١٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٥ الحديث ٦٤٢٥ مع اختلاف يسير.

١١٦

كثيرة عليه.

وأمّا حديث الدنيا ؛ فلما ورد في بعض الأخبار من أنّ عقربا عظيما في غاية عظم الجثة من عقارب جهنّم مقرّر لعذابه (١).

وأمّا عمل الصنائع ؛ فقد عرفت دليلها ، مضافا إلى رواية ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن سلّ السيف في المسجد ، وعن بري (٢) النبل فيه ، وقال : إنّما بني لغير ذلك» (٣) فظهر من هذه العلّة أيضا كراهة الكلّ.

بل ربّما يظهر من العلل حرمة الكلّ ، مضافا إلى ما ورد في الأخبار من أنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها (٤) ، الا أن يقال : إنّ الوقف لفعل الصلاة والعبادة مقتضاه وقوعها فيها ، لا منع غيرها ، وإلّا لزم حرمة كلّ ما هو ليس بعبادة ، مثل الجلوس ساعة ، أو دقيقة ، أو النوم كذلك ، وأمثال ذلك ، ممّا هو عادة المسلمين في الأعصار والأمصار ، وعادتهم في عدم المنع التحريمي ، والفقهاء أفتوا بالكراهة.

وظهر الجواز في الجملة من الأخبار ، مثل ما سنذكر في النوم ، وغير ذلك ، منها الثواب في الجلوس في المسجد (٥).

وبالجملة ، المقام يحتاج إلى تأمّل تامّ.

وأمّا كشف العورة ؛ فعلّله في «المعتبر» بأنّه استخفاف بالمسجد ، وهو محلّ

__________________

(١) بحار الأنوار : ٧٦ / ١٤٩ الحديث ٥٨.

(٢) بري النبل في المسجد : أي نحته وعمله فيها. (مجمع البحرين : ١ / ٥٢).

(٣) الكافي : ٣ / ٣٦٩ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٨ الحديث ٧٢٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٧ الحديث ٦٣٧٢.

(٤) راجع! وسائل الشيعة : ١٩ / ١٧٥ الباب ٢ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات.

(٥) وسائل الشيعة : ٤ / ١١٥ الباب ٢ من أبواب المواقيت.

١١٧

وقار ، ثمّ قال : وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنّ كشف السرّة والفخذ والركبة في المسجد من العورة» (١) (٢).

قلت : ربّما يظهر من ذلك المنع من كشف العورة بطريق أولى ، فيظهر أنّ للمسجد خصوصية في المنع.

وأمّا الاتّكاء ؛ فلما روي عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «الاتّكاء في المسجد رهبانيّة العرب ، المؤمن مجلسه مسجده ، وصومعته بيته» (٣) ، فتأمّل في الدلالة ، مع أني لم أظفر بمفت بكراهة غير العلّامة في «المنتهى» (٤) والمصنّف ، بل في بعض نسخ هذا الكتاب أيضا لم يذكر هذه.

وأمّا النوم في المسجدين ؛ فلصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : ما تقول في النوم في المساجد؟ قال : «لا بأس إلّا في المسجدين : مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومسجد الحرام» قال : وكان يأخذ بيدى في بعض الليالي فيتنحّى ناحية ثمّ يجلس فيتحدّث في المسجد الحرام فربّما نام ونمت ، فقلت له في ذلك فقال : «إنّما يكره أن ينام في المسجد الذي كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمّا النوم في هذا الموضع فليس به بأس» (٥).

مع أنّه ورد في الصحيح عن معاوية بن وهب قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن النوم في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : «نعم ، فأين ينام

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٣ الحديث ٧٤٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٤٤ الحديث ٦٤٥٠.

(٢) المعتبر : ٢ / ٤٥٣.

(٣) الكافي : ٢ / ٦٦٢ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٩ الحديث ٦٨٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٥ و ٢٣٦ الحديث ٦٤٢٧ و ٦٤٣٠.

(٤) منتهى المطلب : ٦ / ٣٢٧.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٧٠ الحديث ١١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٩ الحديث ٦٣٧٨ مع اختلاف يسير.

١١٨

الناس» (١) ، لكن لا تنافي الكراهة.

وأمّا النوم في سائر المساجد ؛ فقيل بكراهته أيضا ، والقائل العلّامة في «المنتهى» ، والشهيد في «الذكرى» ، وغيرهما (٢).

ودليله ما مرّ من العلل في الأخبار من أنّها لغير هذا بنيت (٣) ، وظهر من هذه الأخبار عدم كراهيّته ، ويمكن التخصّص ، أو الحمل على تفاوت مراتب الكراهة ، أو أنّه ترك الأولى.

ويمكن الفرق بين النوم الذي يأخذ الجالس لا لقصده ، والنوم عمدا ، فتأمّل!

أو الذي له موضع ينام فيه فيكره أن ينام فيه ، بخلاف الغرباء الذين ليس لهم مأوى ينامون فيه ، فتأمّل جدّا!

وأمّا الدخول مع رائحة الثوم وغيره من المؤذيات روائحه ؛ فلأنّه يؤذي المسلمين ، بل الملائكة أيضا ، ولما روى أبو بصير ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «من أكل شيئا من المؤذيات ريحها ، فلا يقرّبن المسجد» (٤). إلى غير ذلك من الأخبار.

بل ورد في أكل الثوم عن أحدهما عليهما‌السلام أنّه قال : «أعد كلّ صلاة صلّيتها ما دمت تأكله» (٥).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٦٩ الحديث ١٠ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٨ الحديث ٧٢٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٩ الحديث ٦٣٧٧.

(٢) منتهى المطلب : ٦ / ٣٢٤ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ١٢٦ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٩ ، الجامع للشرائع : ١٠٢.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٢١٧ الحديث ٦٣٧٢ ، ٢١٨ الحديث ٦٣٧٤ ، ٢٣٥ الحديث ٦٤٢٥.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٥ الحديث ٧٠٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٧ الحديث ٦٤٠٣.

(٥) تهذيب الأحكام : ٩ / ٩٦ الحديث ٤١٩ ، الاستبصار : ٤ / ٩٢ الحديث ٣٥٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٢١٦ الحديث ٣١٧٢٥.

١١٩

وأمّا التبصّق ؛ فلما روي عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام : «إنّ عليّا عليه‌السلام قال : البصاق في المسجد خطيئة وكفّارته دفنه» (١).

وعن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : «من تنخّع في المسجد ثمّ ردّها في جوفه لم تمرّ بداء في جوفه إلّا أبرأته» (٢).

واشترط بعض الفقهاء في بلعها عدم بلوغها فضاء الفم حتّى لا يصير البلع أكل الخبيث (٣).

واحتجّ بعضهم بأمثال هذه الروايات على عدم كونها من الخبائث وإن بلغ الفم لإطلاقها (٤).

وعن إسماعيل بن مسلم ، عنه عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : «من وقّر بنخامته المسجد لقى الله يوم القيامة ضاحكا قد اعطي كتابه بيمينه» (٥).

لكن ورد في روايات كثيرة جواز البصاق (٦) ، مع اختلاف فيها أيضا ، ولعلّها لا تنافي الكراهة ، فلاحظ!

وأمّا أنّه يؤذي به المسجد ؛ فلما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنّه رأى نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون فحكّها ، ثمّ رجع القهقرى فبنى على صلاته» (٧).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٦ الحديث ٧١٢ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٢ الحديث ١٧٠٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٢ الحديث ٦٣٨٧.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٢ الحديث ٧٠٠ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٦ الحديث ٧١٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٢ الحديث ١٧٠٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٣ الحديث ٦٣٩١.

(٣) لاحظ! مسالك الأفهام : ٢ / ٣٤.

(٤) لاحظ! مجمع الفائدة والبرهان : ٥ / ٢٩ ـ ٣٢.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٦ الحديث ٧١٣ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٢ الحديث ١٧٠٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢٣ الحديث ٦٣٩٢.

(٦) راجع! وسائل الشيعة : ٥ / ٢٢١ الباب ١٩ من أبواب أحكام المساجد.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٠ الحديث ٨٤٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٩٢ الحديث ٩٣٧٧ مع اختلاف يسير.

١٢٠