القول المبين عن وجوب مسح الرجلين

أبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي

القول المبين عن وجوب مسح الرجلين

المؤلف:

أبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي


المحقق: علي موسى الكعبي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
ISBN: 964-319-025-0
الصفحات: ٤٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

بدأ في الجملة الاُولى بغسل الوجوه ، ثمّ عُطفت الأيدي عليها ، فوجب لها من الحكم بحقيقة العطف مثل حكمها.

ثمّ بدأ في الجملة الثانية بمسح الرؤوس ، ثمّ عطفت الأرجل عليها ، فوجب ان يكون لها من الحكم بحقيقة العطف مثل حكمها ، حسبما اقتضاه العطف في الجملة التي قبلها (٨).

ولو جاز أن يخالف في الجملة الثانية بين حكم الرؤوس والأرجل المعطوفة عليها ، لجاز أن يخالف في الجملة الاُولى بين حكم الوجوه والأيدي المعطوفة عليها ، فلمّا كان هذا غير جائز ، كان الآخر مثله.

فعلم وجوب حمل كلّ عضو معطوف في جملة على ما قبله ، وفيه كفاية لمن تأمّله.

* * *

__________________

(٨) عطف النسق بالواو يقتضي التشريك في الحكم مطلقاً.

رصف المباني : ٤٧٣ ، الجنى الداني في حروف المعاني : ١٥٨.

٢١

فإن قال قائل : إنّا نجد أكثر القرّاء يقرؤون الآية بنصب الأرجل ، فتكون الأرجل في قراءتهم معطوفة على الأيدي ، وذلك موجب للغسل.

قيل له : أمّا الّذين قرؤوا بالنصب من السبعة فليسوا بأكثر من الّذين قرؤوا بالجرّ ، بل هم مساوون لهم في العدد.

وذلك أنّ ابن كثير (٩) وأبا عمرو (١٠) وأبا بكر (١١) وحمزة (١٢) عن عاصم (١٣) قرؤوا ( وأرجلكم ) بالجر (١٤).

__________________

(٩) ابو معبد عبدالله بن كثير الداريّ المكّي ، أحد القرّاء السبعة ، ولد وتوفّي بمكّة في سنة ١٢٠ ه‍.

سير أعلام النبلاء ٥ : ٣١٨ ، وفيات الأعيان ٣ : ٤١ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٣٢١ ، تهذيب الكمال ١٥ : ٤٦٨ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٢٠.

(١٠) زبّان بن عمّار التميميّ المازنيّ البصريّ ، أبو عمرو بن العلاء ، من أئمّة اللّغة والأدب ، وأحد القرّاء السبعة ، ولد بمكّة ونشأ بالبصرة ومات بالكوفة في سنة ١٥٤ ه‍.

سير أعلام النبلاء ٦ : ٤٠٧ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٣٤ ، تهذيب التهذيب ١٢ : ١٩٧ ، وفيات الأعيان ٣ : ٤٦٦.

(١١) شعبة بن عياش بن سالم الأزديّ الكوفيّ ، أبو بكر ، أحد مشاهير القرّاء ، وكان عالماً فقيهاً ، توفّي بالكوفة في سنة ١٩٣ ه‍.

سير أعلام النبلاء ٨ : ٤٩٥‎ ، حلية الأولياء ٨ : ٣٠٣ ، ميزان الاعتدال ٤ : ٤٩٩ ، تهذيب التهذيب ١٢ : ٣٧ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٥٦.

(١٢) حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التميميّ ، أحد القرّاء السبعة ، توفّي في سنة ٥٦ ه‍.

سير أعلام النبلاء ٧ : ٩٠ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٢٤ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٦٥ ، وفيات الأعيان ٢ : ٢١٦.

(١٣) عاصم بن أبي النجود بهدلة الكوفيّ الأسديّ بالولاء ، أحد القرّاء السبعة ، توفّي بالكوفة في سنة ١٢٧ ه‍‎.

سير أعلام النبلاء ٥ : ٢٥٦ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٥٥ ، تهذيب التهذيب ١ : ٣٥ ، وفيات الأعيان ٣ : ٩.

(١٤) الحجّة للقرّاء السبعة ٣ : ٢١٤ ، الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٦ ، السبعة في القراءات : ٢٤٢ ، حجّة القراءات : ٢٢٣.

٢٢

ونافعاً (١٥) وابن عامر (١٦) والكسائي (١٧) وحفصاً (١٨) عن عاصم قرؤوا ( وأرجلكم ) بالنصب (١٩).

وقد ذكر العلماء بالعربيّة أنّ العطف من حقّه ان يكون على أقرب مذكور دون أبعده (٢٠) ، هذا هو الأصل ، وما سواه عندهم تعسّف وانصراف عن حقيقة الكلام إلى

__________________

(١٥) نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم اللّيثي بالولاء المدني ، أحد القرّاء السبعة المشهورين ، انتهت إليه رئاسة القراءة في المدينة ، وتوفي بها في سنة ١٦٩ ه‍.

النشر في القراءات العشر ١ : ١١٢ ، وفيات الأعيان ٥ : ٣٦٨ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٣٣٦ ، الكامل ـ لابن عديّ ـ ٧ : ٢٥١٥.

(١٦) عبدالله بن عامر بن يزيد اليحصبيّ الشاميّ ، أحد القرّاء السبعة ، ومقرئ الشاميّين ، توفّي بدمشق في سنة ١١٨ ه‍.

سير أعلام النبلاء ٥ : ٢٩٢ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٤٤ ، تهذيب التهذيب ٢ : ١٥٦ ، الجرح والتعديل ٥ : ١٢٢.

(١٧) أبو الحسن علي بن حمزة بن عبدالله الأسديّ بالولاء الكوفيّ ، إمام اللّغة والنحو والقراءة ، ولد في إحدى قرى الكوفة وتوفّي بالري في سنة ١٨٩ ه‍.

سير أعلام النبلاء ٩ : ١٣١‎ ، النشر في القراءات العشر ١ : ١٧٢ ، الجرح والتعديل ٦ : ١٨٢ ، تأريخ بغداد ١١ : ٤٠٣ ، وفيات الأعيان ٣ : ٢٩٥.

(١٨) حفص بن سليمان بن المغيرة الأسديّ بالولاء ، قارئ أهل الكوفة ، وأعلم الناس بقراءة عاصم ، وهو ربيبه : ابن امرأته ، توفّي في سنة ١٨٠ ه‍.

النشر في القراءات العشر ١ : ١٥٦ ، ميزان الاعتدال ١ : ٥٥٨ ، تهذيب التهذيب.

(١٩) الحجّة للقرّاء السبعة ٣ : ٢١٤ ، السبعة في القراءات : ٢٤٢‎. الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٦ ، حجّة القراءات : ٢٢١.

(٢٠) الأكثر في كلام العرب حمل العطف على الأقرب من حروف العطف ومن العاملين ، واعمال أقرب العوامل في المعمول ، والأمثلة على ذلك كثيرة لا يبلغها الاحصاء سيّما في باب التنازع ، كقوله تعالى من سورة الجنّ ( ٧٢ : ٧ ) : ( وانّهم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً ) حيث أعمل ( ظننتم ) في ( أن ) لقربه منه ، ولو أعمل ( ظنوا ) في ( أن ) لوجب أن يقال : ( كما ظننتموه ) ومثله قوله تعالى : ( آتوني أفرغ عليه قطراً ) الكهف ( ٩٦ : ١٨ ) وقوله تعالى : ( هاؤُمُ اقرؤا كِتابِيَه ) الحاقّة ( ٦٩ : ١٩ ).

كما أنّ عطف الأرجل على الأيدي يترتّب عليه الفصل بين العامل والمعمول بأجنبيّ بلاضرورة ، ويترتّب عليه أيضاً إعمال البعيد دون القريب مع صحّة حمله عليه ، وهما خلاف الأصل.

اُنظر : الإنصاف في مسائل الخلاف ١ : ٩٢ ، شرح الكافية ١ : ٧٩ ، كتاب سيبويه ١ : ٧٣ ، الحجّة للقرّاء السبعة ٣ : ٢١٤ ، الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٦.

٢٣

التجوّز من غير ضرورة تلجئ إلى ذلك ، وفيه إيقاع اللبس ، وربّما صرف المعنى عن مراد القائل.

ألا ترى أنّ رئيساً لو أقبل على صاحب له فقال له : أكرم زيداً وعمراً ، واضرب خالداً وبكراً ، لكان الواجب على الصاحب أن يميّز بين الجملتين من الكلام ، ويعلم أنّه ابتدأ في كلّ واحدة منهما ابتداءً عَطَفَ باقي الجملة عليه دون غيره ، وأنّ بكراً في الجملة الثانية معطوف على خالد ، كما أنّ عمراً في الجملة الاُولى معطوف على زيد ، ولو ذهب هذا المأمور إلى أنّ بكراً معطوف على عمرو لكان قد انصرف عن الحقيقة ومفهوم الكلام في ظاهره ، وتعسّف تعسّفاً صرف به الأمر عن مراد الأمر به ، فأدّاه ذلك إلى ‎إكرام من اُمر بضربه.

ووجه آخر : وهو أنّ القراءة بنصب الأرجل غير موجبة ان تكون معطوفة على الأيدي ، بل تكون معطوفة على الرؤوس في المعنى دون اللّفظ ‎‎؛ لأنّ موضع الرؤوس نصب بوقوع الفعل الذي هو المسح ، وانّما انجرّت بعارض وهو الباء.

والعطف على الموضع دون اللّفظ جائز مستعمل في لغة العرب (٢١) ، ألا تراهم يقولون : مررت بزيد وعمراً ، ولست بقائم ولا قاعداً ؛ قال الشاعر :

معاوي ‎إنّنا بشر فأسجِح (٢٢)

فلسنا بالجبالِ ولا الحديدا (٢٣)

__________________

(٢١) من ذلك قول تأبّط شراً ـ وهو من شواهد سيبويه ـ :

هل أنت باعث دينارٍ لحاجتنا

أو عبدَ ربّ أخا عون بن مخراق

فعطف « عبد » على محلّ « دينار» وكان حقّه الجرّ ، إلا أنّه نصبه عطفاً على الموضع ، لأنّ التقدير « باعث ديناراً » ومثله كثير.

الكتاب ١ : ٦٧ ، ١٧١ ، خزانة الأدب ٨ : ٢١٥ ، الحجّة للقرّاء السبعة ٣ : ٢١٥ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ١١ : ١٦١ ، كنز العرفان ١ : ١٢.

(٢٢) أسجح ، أرفق.« الصحاح ـ سجح ـ ١ : ٣٧٢ ».

(٢٣) البيت لعقبة بن الحارث الأسديّ ، وهو من شواهد سيبويه ، احتجّ به في نسق الاسم المنصوب على المخفوض ، وتبعه في ذلك الزجاج ، والبيت الذي يليه :

أديروها بنو حرب عليكم

ولا ترموا بها الغرض البعيدا

٢٤

والنصب في هذه الأمثلة كلّها إنّما هو العطف على الموضع دون اللّفظ ، فيكون على هذا من قرأ الآية بنصب الأرجل كمن قرأها بجرّها ، وهي في القراءتين جميعاً معطوفة على الرؤوس التي هي أقرب إليها في الذِكْر من الأيدي ، ويخرج ذلك عن طريق التعسّف ، ويجب المسح بهما جميعاً ، والحمد لله.

وشيء آخر : وهو أنّ حمل الأرجل في النصب على أن تكون معطوفة على الرؤوس أوْلى من حملها على أن تكون معطوفة على الأيدي ؛ وذاك أنّ الآية قد قرئت بالجرّ والنصب معاً ، والجرّ موجِب للمسح ، لأنّه عطف على الرؤوس ، فمن جعل النصب إنّما هو لعطف الأرجل على الأيدي أوجبَ الغسل ، وأبطل حكم القراءة بالجرّ الموجب للمسح.

ومن جعل النصب إنّما هو لعطف الأرجل على موضع الرؤوس أوجب المسح الذي اوجبه الجرّ ، فكان مستعملاً للقراءتين جميعاً ، غير مبطل لشيء منهما ، ومن استعملهما فهو أسعد ممّن استعمل أحدهما.

فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون استعمال القراءتين إنّما هو بغسل الرجلين ، وهو أحوط في الدين ، وذلك أنّ الغسل يأتي على المسح ويزيد عليه ، فالمسح داخل فيه ، فمن غسل فكأنّما مسح وغسل ، وليس كذلك من مسح ؛ لأنّ الغسل غير داخل في المسح.

قلنا : هذا غير صحيح ؛ لأنّ الغسل والمسح فعلان كلّ واحد منهما غير الآخر وليس بداخل فيه ، ولا قائم مقامه في معناه الذي يقتضيه.

ويبين ذلك أنّ الماسح كأنّه قيل له : اقتصر فيما تتناوله من الماء على ما يندى به العضو الممسوح ، والغاسل كأنّما قيل له : لا تقتصر على هذا القدر ، بل تناول من الماء ما يسيل ويجري على العضو المغسول.

__________________

الإنصاف في مسائل الخلاف : ٣٣٢ ، الكتاب ١ : ٦٧ ، العقد الفريد ١ : ٥٠ ، مغني اللبيب ٢ : ٦٢١ ، شرح شواهد المغني ٢ : ٨٧٠ ، خزانة الأدب ٢ : ٢٦٠.

٢٥

فقد تبيّن أنّ لكلّ واحد من الفعلين كيفيّة يتميّز بها عن الآخر ، ولولا ذلك لكان من غسل رأسه فقد أتى على مسحه ، ومن اغتسل للجُمعة فقد أتى على وضوئه ، هذا مع إجماع إهل اللّغة والشرع على أنّ المسح لا يسمّى غسلاً ، والغسل لا يسمّى مسحاً (٢٤).

فإن قيل : لم زعمتم ذلك وقد ذهب بعض المفسّرين إلى أن معنى قوله سبحانه : ( فَطَفِقَ مَسْحَاً بِالسُّوقِ وَالأعْناقِ ) (٢٥) أنّه غسل سوقها وأعناقها ، فسمّي الغسل مسحاً.

قلنا : ليس هذا مجمعاً عليه في تفسير هذه الآية ؛ وقد ذهب قوم إلى أنّه أراد المسح بعينه (٢٦) ، وقال أبو عبيدة (٢٧) والفرّاء (٢٨) وغيرهما : أنّه أراد بالمسح الضرب (٢٩).

وبعد : فإنّ من قال : أنّه أراد بالمسح الغسل ، لا يخالف في أنّ تسمية الغسل لا

__________________

(٢٤) المسح : مروراليد على الممسوح ، والغسل : سيلان الماء على المغسول ولو قليلاً.

ولو جاز أن يطلق المسح على الغسل مجازاً ، كما قالوا : تمسّحت للصلاة ، وكقول أبي زيد : المسح خفيف الغسل ، لو جاز ذلك لما جاز شرعاً ، لأنّ الشرع فرّق بين الغسل والمسح ، ولذلك قالوا : بعض أعضاء الطهارة مغسولة وبعضها ممسوحة : وفلان يرى غسل الرجلين وفلان يرى مسحهما.

التعريفات ـ للجرجاني ـ : ٩٣ ، مفردات ألفاظ القرآن ـ للاصفهاني ـ : ٣٦٠ ، التبيان ـ للطوسيّ ـ ٤٥٤ : ٣.

أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ ٢ : ٥٦٧ و ٢ : ٥٦٢ ، تفسير الطبريّ ٦ : ٨٣.

(٢٥) سورة ص ٣٨ : ٣٣.

(٢٦) كابن عبّاس والزهريّ وابن كيسان وابن جرير الطبريّ وعلي بن أبي طلحة والنحّاس ومجاهد والقاضي أبي يعلى. تفسير الطبريّ ٢٣ : ١٠٠ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٤ : ٣٧ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ ٢٦ : ٢٠٦ ، الجامع لأحكام القرآن ‎ـ للقرطبي ـ ١٥ : ١٩٥ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ : ٣٨٢ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٣١٢ ، إعراب القرآن ـ للنّحاس ـ ٣ : ٤٦٣ ، زاد المسير ٧ : ١٣١ ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٤ : ٤٧٥ ، لسان العرب ٢ : ٥٩٥.

(٢٧) معمّر بن المثنّى ، التيميّ بالولاء ، البصريّ ، أبو عبيدة ، من أئمّة العلم والأدب واللغة ، مولده ، ووفاته بالبصرة ، توفّي في سنة ٢٠٩ ه‍.

وفيات الأعيان ٥ : ٢٣٥ ، ميزان الاعتدال ٤ : ١٥٥ ، تأريخ بغداد ١٣ : ٢٥٢.

(٢٨) يحيى بن زياد بن عبدالله بن منظور الديلميّ ، مولى بني أسد ، إمام الكوفيّين وأعلمهم بالنحو والفقه وفنون الأدب ، توفّي في سنة ٢٠٧ ه‍.

وفيات الأعيان ٦ : ١٧٦ ، تهذيب التهذيب ١١ : ١٨٦ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ١١٨ ، تأريخ بغداد ١٤ : ١٤٩.

(٢٩) ويضاف لما ذكره المصنّف ـ قدس‌سره ـ : قتاده والزجّاج وابن الاثير والسدّيّ والحسن البصريّ ومقاتل والخليل

٢٦

تخالف مسحاً مجازاً واستعارة ، وليس هو على الحقيقة ، ولا يجوز لنا أن نصرف كلام الله تعالى عن حقائق ظاهرة إلاّ بحجة صارفة.

فإن قال : ما تنكرون من أن يكون جرّ الأرجل في القراءة إنّما هو لأجل المجاورة لا للنسق ، فإن العرب قد تعرب الاسم باعراب ما جاوره ؛ كقولهم : جحر ضبٍ‎‎ّ‎ خربٍ ، فجّروا خرباً لمجاورته لضبّ ، وإنْ كان في الحقيقة صفة للحجر لا للضبّ.

فتكون كذلك الأرجل ، إنّما جُرّت لمجاورتها في الذكر لمجرور وهو الرؤوس ؛ قال امرؤ القيس (٣٠) :

كأن ثبيراً في عرانين وبله

كبير ‎‎اُناس في بجادٍ مزمل (٣١)

فجرّ مرمّلاً لمجاورته لبجاد ، وان كان من صفات الكبير ، لا من صفات البجاد ، فتكون الأرجل على هذا مغسولة ، وان كانت مجرورة.

قلنا : هذا باطل من وجوه :

__________________

ابن أحمد والكلبيّ وابن السائب وابن قتيبة وأبو سليمان الدمشقيّ.

تفسير الطبريّ ٢٣ : ١٠٠ ، الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٥ : ١٩٥ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٤ : ٣٧ ، زاد المسير ٧ : ١٣١ ، معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٢ : ٤٠٥ ، مجاز القرآن ـ لأبي عبيدة ـ ٢ : ١٨٣ ، الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٦ ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٤ : ٤٧٥ ، لسان العرب ٢ : ٥٩٥ ، العين ٣ : ١٥٦.

(٣٠) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث ، أشهر شعراء العرب ، يمانيّ الأصل ، نجديّ المولد ، من شعراء المعلّقات ، توفّي في سنة ٨٠ ق ه‍.

طبقات فحول الشعراء ١ : ٥٢ و ٨٢ ، خزانة الأدب ١ : ٣٢٩ ، شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٢٤٤.

(٣١) المعنى العامّ للبيت : كأن ثبيراً‎ً في أوائل مطر هذا السحاب سيّد أناس ، قد تلفّف بكساء مخطّط ، شبّه تغطيته بالغثاء بتغطيّ هذا الرجل بالكساء ، وقد جُرّ « مزمّل » صفة لكبير ، وكان حقّها الرفع ، وانّما خفض لمجاورته لبجاد عند بعض العلماء ، ولاُناس عند بعضهم وهو المرجّح ، وقال أبو عليّ الفارسيّ : إنّه ليس على الخفض بالجوار ، بل جعل مزمّلاً صفة حقيقية لبجاد ، قال : لأنّه أراد « مزمّل فيه » ثمّ حذف حرف الجرّ فارتفع الضمير واستتر في اسم المفعول ؛ كما أن الإقواء جار على ألسنتهم ، فيمكن أن يكون حرف الروي مرفوعاً وجرّ إقواءً ، كما قال النابغة الذبياني :

زغم البوارح أن رحلتنا غداً

وبذاك حدثنا الغراب الاسود

لا مرحباً بغد ولا أهلاً به

إن كان توديع الاحبة في غد

مغني اللبيب ٢ : ٦٦٩ و ٨٩٥ ، ديوان امرئ القيس : ٦٢ ، المعلقات العشر : ٩٢ ، خزانة الأدب ٥ : ٩٨ ، لسان العرب ١٢ : ١٧٧.

٢٧

أوّلها : اتّفاق أهل العربيّة على أنّ الأعراب بالمجاورة شاذّ نادر ولا يقاس عليه ، وإنّما ورد مسموعاً في مواضع لا يتعدّاها إلى غيرها ، وما هذا سبيله فلا يجوز حمل القرآن عليه من غير ضرورة تلجئ إليه (٣٢).

وثانيها : أن المجاورة لا يكون معها حرف عطف ، وهذا ما ليس فيه بين العلماء خلاف (٣٣) ، وفي وجود واو العطف في قوله تعالى : ( وأرجلكم ) دلالة على بطلان دخول المجاورة فيه ، وصحة العطف.

وثالثها : أنّ الأعراب بالجوار إنّما يكون بحيث ترتفع الشبهة عن الكلام ، ولا يعترض اللبس في معناه ، ألا ترى أن الشبهة زائلة والعلم حاصل في قولهم : جحر ضبٍ خربٍ ، بأن خرباً صفة للجحر دون الضب ، وكذلك ما أنشد في قوله : مزمّل ، وأنّه من صفات الكبير دون البجاد ؟!

وليس هكذا الآية ، لأنّ الأرجل يصحّ أن يكون فرضها المسح ، كما يصحّ أن يكون الغسل ، فاللّبس مع المجاورة فيها قائم ، والعلم بالمراد منها مرتفع ، فبان بما ذكرناه أنّ الجرّ فيها ليس هو بالمجاورة‎ ، والحمد لله.

فإن قيل : كيف ادّعيتم أنّ المجاورة لا تجوز مع واو العطف ، وقد قال الله

__________________

(٣٢) اتّفق كثير من أئمّة اللّغة على أنّ الجرّ بالمجاورة ضعيف جدّاً ولا يقاس عليه ، وأنكر البعض أن يكون الجرّ بالمجاورة جائزاً في كلام العرب ، ومن جملة من أنكره السيرافي وابن جنّيّ ، وقد تأوّلا « خربٍ » في قولهم : « هذا جُحرُ ضبٍّ خربٍ » صفة للضبّ لا للجحر ، قال السيرافي : أصله « خربٍ الجحر منه » ثمّ حذف الضمير للعلم به ، كما تقول : « مررت برجل حسن الوجه » بالاضافة ، والأصل : « حسن الوجه منه ».

وقال ابن جنّيّ : الأصل : « خرب جحره » ثمّ اُنيب المضاف إليه عن المضاف فارتفع واستتر.

وقال الفرّاء : لا يخفض بالجوار إلا ما استعملته العرب.

وقال ابو إسحاق النحوي : الجرّ بالمجاورة لا يجوز في كتاب الله عز وجل ، وانّما يجوز في ضرورة الشعر.

وقال جل النحاة : إن المسموع من كلام العرب في « جحر ضبٍ خربٍ » وغيره الرفع والجرّ ، والرفع في كلامهم أكثر وافصح.

اُنظر : مغني اللبيب ٢ : ٨٩٤ و ٨٩٦ ، الكتاب ١ : ٤٣٦ ، لسان العرب ٢ : ٥٩٣ ، خزانة الأدب ٥ : ٩١ ، التفسير الكبير ‎ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦١ ، كنز العرفان ١ : ١٦.

(٣٣) خزانة الأدب ٥ : ٩٤ و ٩ : ٤٤٤ ، مغني اللبيب ٢ : ٨٩٥ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦١.

٢٨

عزّ وجلّ : ( يَطُوفُ عَلَيهِم وِلدَانٌ مُخَلَّدُونض * بِأكوابٍ وأبَاريقَ ) (٣٤) ثمّ قال : ( وَحُورٍ عِينٍ ) (٣٥) فخفضهن بالمجاورة ، لأنّهنّ يطفن ولا يُطاف بهنّ.

قلنا : أوّل ما في هذا أنّ القرّاء لم يجمعوا على جرّ ( حورٍ عين ) بل أكثر السبعة يرى أن الصواب فيها الرفع ، وهم : نافع وابن كثير ، وعاصم في رواية أبي عمرو ، وابن عامر (٣٦).

وإنّما قرأها بالجرّ حمزة والكسائيّ وفي رواية المفضّل (٣٧) عن عاصم (٣٨).

وقد حكي عن اُبيّ (٣٩) أنّه كان ينصب فيقرأ. ( وحوراً عيناً ) (٤٠).

ثم إنّ للجرّ فيها وجهاً صحيحاً غير المجاورة ، وهو أنّه لمّا تقدّم قوله تعالى : ( أولئِكَ المُقَرَّبُونَ * فِي جنّات النَّعيمِ ) (٤١) عطف بحور عين على جنّات النعيم ، فكأنّه قال : هم في جنّات النعيم ، وفي مقارنة أو معاشرة حور عين ، وحذف المضاف ، وهذا وجه

__________________

(٣٤) سورة الواقعة ٥٦ : ١٧ ، ١٨.

(٣٥) سورة الواقعة ٥٦ : ٢٢.

(٣٦) الرفع على تقدير « وعندهم حور عين » قال الكسائي : من قال : « وحورٌ عين » بالرفع وعلّل بأنّه لا يطاف بهنّ يلزمه ذلك في « فاكهة ولحم » لأنّ ذلك لا يطاف به ، وليس يطاف إلاّ بالخمر وحدها.

اُنظر : الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٠٤ ، السبعة في القراءات : ٦٢٢ ، حجّة القراءات : ٦٩٥.

(٣٧) المفضّل بن محمّد بن يعلى بن عامر الضبّيّ ، صاحب عاصم ، كان راوية وعلامة بالشعر والأدب وأيام العرب ، من اهل الكوفة ، قيل في وفاته : إنها في سنة ١٦٨ ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء ١٤ : ٣٦٢ ، تاريخ بغداد ١٣ : ١٢١ ، البداية والنهاية ١٠ : ٢٢٨ ، لسان الميزان ٦ : ٨١ ، ميزان الاعتدال ٤ : ١٧٠.

(٣٨) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٠٤ ، السبعة في القراءات : ٦٢٢ ، حجّة القراءات : ٦٩٥.

(٣٩) اُبيّ بن كعب بن قيس بن عبيدة صحابي أنصاري ، كان قبل الإسلام من أحبار اليهود ، شهد كلّ المشاهد مع الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتوفي بالمدينة في سنة ٢١ ه‍.

اُ‎نظر : سير أعلام النبلاء ١ : ٣٨٩ ، الجرح والتعديل ٢ : ٢٩ ، اُسد الغابة ١ : ٤٩ ، حلية الأولياء ١ : ٢٥٠.

(٤٠) كما حكي النصب عن الأشهب العقيلي والنخعي وعيسى بن عمر الثقفي ، وذلك على تقدير إضمار فعلٍ فكأنّه قال : « ويزوّجون حوراً عيناً » كما وجد في مصحف اُبيّ.

اُنظر : الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ١٧ : ٢٠٥ ، معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٣ : ١٢٤ ، إعراب القرآن ـ للنحّاس ـ ٤ : ٣٢٧.

(٤١) سورة الواقعة ٥٦ : ١١ ، ١٢.

٢٩

حسن ، وقد ذكره أبو علي في كتاب الحجّة في القراءات ، واقتصر عليه دون ما سواه (٤٣) ، ولو كان للجرّ بالمجاورة فيه وجه لذكره.

فإن قيل : ما أنكرتم أن تكون القراءة بالجرّ موجبة للمسح ، إلا أنّه متعلّق بالخفين لا بالرجلين (٤٤) ، و أن تكون القراءة بالنصب موجبة للغسل المتعلّق بالرجلين بأعيانهما ، فتكون الآية بالقراءتين مفيدة لكلا الآمرين ؟

قلنا : أنكرنا ذلك لأنّه انصراف عن ظاهر القرآن والتلاوة إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة ولا أوجبته دلالة ، ذلك خطأ لا محالة ، والظاهر يتضمّن ذكر الأرجل بأعيانها ، فوجب أن يكون المسح متعلّقاً (٤٥) بها دون

__________________

(٤٢) الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار ، الفارسيّ الأصل ، أحد الأئمّة في علوم العربيّة ، وله فيها تصانيف قيمة ، ولد في « فسا » من أعمال فارس ، وتجوّل في كثير من البلدان وعاد إلى فارس ومنها إلى بغداد فتوفّي بها في سنة ٣٧٧ ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء ١٦ : ٣٧٩ ، تأريخ بغداد ٧ : ٢٧٥ ، وفيات الأعيان ٢ : ٨٠ ، معجم الأدباء ٧ : ٢٣٢.

(٤٣) قال قطرب : يجوز أن تكون « وحور عين » معطوفة على الأكواب والأباريق ، فجعل الحور يطاف بهنّ عليهم ، لأنّ لأهل الجنّة لذّة في التطواف عليهم بالحور.

وقال النحّاس : الخفض يحمل على المعنى بالعطف على أكواب ، لأنّ المعنى ينعّمون بهذه الأشياء وينعّمون بحور عين ، وهذا جائز في العربيّة كثير.

كما وافق أبا علي الفارسيّ كثير من العلماء فيما ذهب إليه ، فضلاً عن أنّهم ذهبوا مذاهب شتّى في التأويل بعيداً عن العطف بالجوار‎.

اُنظر : الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٠٤ ، معاني القرآن ـ للفرّاء ـ ٣ : ١٢٣ ، مغني اللبيب ٢ : ٨٩٥،خزانة الأدب ٥ : ٩٥، حجّة القراءات : ٦٩٥،الجامع لأحكام القرآن ‎ـ للقرطبي ـ ١٧ : ٢٠٤.

(٤٤) قال به الشافعيّ وبعض علماء الجمهور ، والقائلين به يعوّلون على الخبر ، لكنّ الرجوع إلى القرآن أولى من التعويل على الخبر الواحد سيّما في هذه الآية ، لوجهين :

أوّلهما : أجمع المفسّرون على أ‎ن هذه الايات لا نسخ فيها ، فامتنع أن يكون المسح على الرجلين منسوخاً بالمسح على الخفين.

ثانيهما : إذا افترضنا تقدّم خبر« المسح على الخفين » على النزول فإنه منسوخ بالقرآن بالمسح على الرجلين كما تبين ، والاخبار المروية في المسح على الخفين مؤولة بالمسح على النعل العربيّ لأنّه لا يحول دون مسّ ظاهر القدم ، أو أنها قبل النزول،وقد روي عن ابن عبّاس قوله : المسح على الخفين منسوخ بسورة المائدة.

اُنظر : الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٦ : ٩٣ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦٣ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٢ : ٢٧.

(٤٥) في الأصل : منغلقاً.

٣٠

غيرها ، كما أنّه تضمن ذكر الرؤوس وكان الواجب بها أنفسها دون أغيارها.

ولاخلاف في أن الخفاف لا يعبر عنها بالارجل ، كما أن العمائم لا يعبّر عنها بالرؤوس ، ولا البراقع بالوجوه ، فوجب أن يكون الغرض متعلّقاً بنفس المذكور دون غيره على جميع الوجوه ، ولو شاع سوى ذلك في الأرجل حتّى تكون هي المذكورة والمراد سواها ، لشاع نظيره في الوجوه والرؤوس ولجاز أيضاً أن يكون قوله سبحانه : ( إنّمَا جَزَاءُ الّذينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرضِ فَسَاداً أنْ يُقتّلُوا أو يُصَلّبُوا أو تُقَطّعَ أيدِيهِم وأرجُلُهُم مِّن خِلافٍ ) (٤٦) محمولاً على غير الأبعاض المذكورة ، ولا خلاف في أن هذه الآية دالة بظاهرها على قطع الأيدي والأرجل بأعيانها ، وأنّه لا يجوز أن ينصرف عن دليل التلاوة وظاهرها ؛ فكذلك آية الطهارة لأنّها مثلها.

فإن قيل : إنّ عطف الأرجل على الأيدي أوْلى من عطفها على الرؤوس ؛ لأجل أن الأرجل محدودة كاليدين ، وعطف المحدود على المحدود أشبه بترتيب الكلام (٤٧).

قلنا : لو كان ذلك صحيحاً ، لم يجز عطف الأيدي وهي محدودة ، على الوجوه وهي غير محدودة في وجود ذلك ، وصحة اتّفاق الوجوه والأيدي في الحكم مع اختلافهما في التحديد ، دلالة على صحّة عطف الأرجل على الروؤس ، واتفاقهما في الحكم ، وإن اختلفا في التحديد.

على أن هذا أشبه بترتيب الكلام ممّا ذكر الخصم ؛ لأنّ الله تعالى ذكر عضواً مغسولاً غير محدود ، وهو الوجه ، وعطف عليه من الأيدي بمحدود مغسول ، ثمّ ذكر عضواً ممسوحاً غير محدود ، وهو الرأس ، وعطف عليه من الأرجل بممسوح محدود ،

__________________

(٤٦) سورة المائدة ٥ : ٣٣.

(٤٧) ذهب إليه بعض اللغويين.

اُنظر : لسان العرب ٢ : ٥٩٣ ، معاني القرآن ـ للزجّاج ـ ٢ : ١٥٤ ، الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٧ ، الحجّة للقرّاء السبعة ٣ : ٢١٥.

٣١

فتقابلت الجملتان من حيث عطف فيهما مغسول محدود على مغسول غير محدود ، وممسوح محدود على ممسوح غير محدود.

فأما من ذهب إلى التخيير ، وقال : أنا مخيّر في أن أمسح الرجلين وأغسلهما ؛ لأنّ القراءاتين تدلان على الأمرين كلاهما ، مثل : الحسن البصريّ (٤٨) ، والجبائي (٤٩) ، ومحمّد بن جرير الطبري (٥٠)‎ ، ومن وافقهم (٥١) ، فيسقط قولهم بما قدمناه من أن القراءتين لا يصحّ أن تدلا إلا على المسح ، وأنه لا حجّة لمن ذهب إلى الغسل ، واذا وجب المسح بطل التخيير.

وقد احتجّ الخصوم لمذهبهم من طريق القياس ، فقالوا : إنّ الأرجل عضو يجب فيه الدية ، اُمرنا بإيصال الماء إليه ، فوجب أن يكون مغسولاً كاليدين.

وهذا احتجاج باطل وقياس فاسد ؛ لأنّ الرأس عضو يجب فيه الدية ، وقد اُمرنا

__________________

(٤٨) الحسن بن يسار البصريّ ، كان إمام أهل البصرة ، وهو أحد العلماء الفقهاء العظماء الشجعان النسّاك ، ولد بالمدينة وشب في كنف الإمام علي عليه‌السلام ، وسكن البصرة وتوفي بها في سنة ١١٠ ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء ٤ : ٥٦٣ ، حلية الأولياء ٢ : ١٣١ ، وفيات الأعيان ٢ : ٦٩‎ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٢٦٣.

(٤٩) محمّد بن عبدالوهّاب بن سلام الجبائي ، من أئمّة المعتزلة وإليه نسبت الطائفة الجبّائيّة ، اشتهر في البصرة وتوفّي بها في سنة ٣٠٣ ه‍.

وفيات الأعيان ٤ : ٢٦٧ ، الفرق بين الفرق : ١٨٣ ، سير أعلام النبلاء ١٤ : ١٨٣ ، الملل والنحل ١ : ٧٣ ، لسان الميزان ٥ : ٢٧١.

(٥٠) محمّد بن جرير بن يزيد الطبريّ ، المؤرّخ والمفسّر ، ولد في آمل بطبرستان ، واستوطن بغداد وتوفي بها في سنة ٣١٠ ه‍.

سير أعلام النبلاء ١٤ : ٢٦٧ ، تأريخ بغداد ٢ : ١٦٢ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٩١ ، تذكرة الحفاظ ٢ : ٧١٠.

(٥١) وقد وافقهم أيضاً ابن العربيّ والأوزاعيّ والثوري ، وأوجب الناصر للحق من أئمّة الزيديّة وداود الأصفهاني الجمع بين المسح والغسل.

اُنظر : المبسوط ـ للسرخسيّ ـ ١ : ٨ ، المجموع ١ : ٤١٧ ، المغني ١ : ١٥٠ ، البحر الزخّار ٢ : ٦٧ ، الفتوحات المكيّة ١ : ٣٤٣ ، الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبيّ ـ ٦ : ٩١ ـ ٩٢ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ : ٣٤٥ ، تفسير الطبريّ ٦ : ٨٣ ، أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ ٢ : ٥٧٥ ، التفسير الكبير ‎ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦١ ، الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٤٠٦.

واُنظر : الخلاف ـ للطوسيّ ـ ١ : ٩٠ ، مجمع البيان ـ للطوسي ـ ٢ : ١٦٤.

٣٢

بإيصال الماء إليه ، وهو مع ذلك ممسوح.

ولو تركنا والقياس لكان لنا منه حجّة هي أولى من حجّتهم ، وهي : أن الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، يسقط حكمه في التيمّم ، فوجب أن يكون فرضه المسح ، دليله الرأس (٥٢).

فإن قالوا : هذا ينتقض عليكم بالجنب ؛ لأنّ غسل جميع بدنه واعضائه يسقط في التيمّم ، وفرضه مع ذلك الغسل.

وقد احترزنا من هذا بقولنا : إنّ الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا.

فإن قال قائل : فما تصنعون في الخبر المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه توضّأ فغسل وجهه وذراعيه ، ثمّ مسح رأسه وغسل رجليه ، وقال : « هذا وضوء الأنبياء من قبلي ، هذا الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به » ؟

قيل له : هذا الخبر الذي ذكرته مختلط من وجهين رواهما أصحابك :

أحدهما : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله توضّأ مرّة مرّة ، وقال : « هذا الذي لا يقبل الله صلاة الا به » (٥٣) ولم يأت في الخبر كيفية الوضوء.

والآخر : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله غسل وجهه ثلاثاً ، ويديه ثلاثاً ، ومسح رأسه ، وغسل رجليه إلى الكعبين ، وقال : « هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي » (٥٤) ولم يقل فيه : « لم يقبل الله صلاة إلا به » فخلطت في روايتك أحد الجزءين بالاخر لبعدك عن معرفة الأثر.

__________________

(٥٢) روي عن ابن عبّاس أنّه قال : ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمّم ، وما كان عليه المسح اُسقط ، وروي عن الشعبي مثله.

اُنظر : أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ ٢ : ٥٧٧ ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٢ : ١٦٥.

(٥٣) سنن ابن ماجة ١ : ١٤٥ / ٤١٩ ، مسند الطيالسيّ : ٢٦٠ / ١٩٢٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٧٩ و ٨٠ و ٨١ ، كنز العمّال ٩ : ٤٥٤ / ٢٦٩٣٨ و ٤٥٧ / ٢٦٩٥٧ ٤٣١ / ٢٦٨٣١ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١ : ٩ ، الفقيه ١ : ٢٥ / ٧٦.

(٥٤) مسند الطيالسي : ٢٦٠ / ١٩٢٤ ، سنن الدار قطني ١ : ٧٩ و ٨٠ و ٨١ ، كنز العمّال ٩ : ٤٥٤ / ٢٦٩٣٨ و ٤٥٧ / ٢٦٩٥٧ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١ : ٩.

٣٣

وبعد : فلو كانت الرواية على ما أوردته لم يكن لك فيها حجّة ، لأنّ الخبر إذا خالف ما دلّ عليه القرآن ، وجب إطراحه والمصير ـ إلى القر‎آن دونه ، ولو سلّمنا لك باللفظ الذي تذكره بعينه ، كان لنا أن نقول : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مسح رجليه في وضوئه ، ثمّ غسلهما بعد المسح لتنظيف ، أو تبريد ونحو ذلك ممّا ليس هو داخلاً في الوضوء ، فذكر الراوي الغسل ولم يذكر المسح الذي كان قبله ، إمّا لأنّه لم يشعر به لعدم تأمّله ، أو لنسيان اعترضه ، أو لظنه أن المسح لا حكم له ، وأن الحكم للغسل الذي بعده ، أو لغير ذلك من الأسباب ، وليس هذا بمحال.

فإن قال : فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « ويل للأعقاب من النار» (٥٥) فلو كان ترك غسل العقب في الوضوء جائزاً ، لما توعّد على ترك غسله.

قلنا : ليس في هذا الخبر ذكر مسح ولا غسل فيتعلّق به ، ولا فيه أيضاً ذكر وضوء فنورده لنحتج به ، وليس فيه أكثر من قوله : « ويل للأعقاب من النار».

فإن قال : قد روي أنّه رآها تلوح فقال : « ويل للأعقاب من النار» (٥٦).

قيل له : وليس لك في هذا أيضاً حجّة ، ولا فيه ذكر لوضوء في طهارة.

وبعد : فقد يجوز أن يكون رأى قوماً غسلوا أرجلهم في الوضوء عوضاً عن (٥٧) مسحها ، ورأى أعقابهم يلوح عليها الماء ، فقال : « ويل للأعقاب من النار».

ويجوز أيضاً أن يكون رأى قوماً اغتسلوا من جنابة ، ولم يغمس الماء جميع أرجلهم ، ولاحت أعقابهم بغير ماء ، فقال : « ويل للأعقاب من النار ».

ويمكن أيضاً أن يكون ذلك في الوضوء لقوم من طغام (٥٨) العرب مخصوصين ،

__________________

(٥٥) صحيح مسلم ١ : ٢١٤ / ٢٤١ ، صحيح البخاري ١ : ٥١ ، مسند أحمد ٢ : ٢٠١ و ٤٧١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤ / ٩٧ ، سنن النسائي ١ : ٧٧ ، مسند الطيالسيّ : ١٥٥٢ / ٢١٧ ، تفسير الطبريّ ٦ : ٨٤.

(٥٦) صحيح مسلم ١ : ٢١٤ / ٢٤١ ، سنن النسائيّ ١ : ٧٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٥٤ / ٤٥٠ ، تفسير الطبريّ ٦ : ٨٥.

(٥٧) في الأصل : من.

(٥٨) الطغام : أوغاد الناس. « الصحاح ـ طغم ـ ٥ : ١٩٧٥ » وفي الأصل : طغامة ، وكلاهما بمعنىً.

٣٤

كانوا يمشون حفاة فتشقّق أعقابهم ، فيداوونها بالبول على قديم عادتهم ، ثمّ يتوضؤون ولا يغسلون أرجلهم قبل الوضوء من آثار النجس ، فتوعدهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بما قال‎ ، وكل هذا في حيز الإمكان.

ثم يقال له : وقد قابل ما رويت أخبار هي أصحّ وأثبت في النظر ، والمصير إليها أولى ، لموافقة ظاهرها لكتاب الله تعالى :

فمنها : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قام (٥٩) بحيث يراه أصحابه ، ثمّ توضّأ فغسل وجهه وذراعيه ، ومسح برأسه ورجليه (٦٠).

ومنها : أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال للناس في الرحبة (٦١) : « ألا أدلّكم على وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » ؟

قالوا : بلى.

فدعا بقعب (٦٢) فيه ماء ، فغسل وجهه وذراعيه ، ومسح على رأسه ورجليه ، وقال : « هذا وضوء من لم يحدث حدثاً » (٦٣).

فإن قال الخصم : ما مراده بقوله : « وضوء من لم يحدث حدوثاً » ؟ وهل هذا إلا دليل على أنّه قد كان على وضوء قبله ؟

قيل له : مراده بذلك أنّه الوضوء الصحيح الذي كان يتوضؤه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس هو وضوء من غير وأحدث في الشريعة ما ليس منها.

ويدل على صحّة هذا التأويل ، وفساد ما توهمه الخصم : أنّه قصد ‎أن يريهم فرضاً يعوّلون عليه ويقتدون به فيه ، ولو كان على وضوء قبل ذلك ، لكان لم يعلمهم الفرض الذي هم أحوج إليه.

__________________

(٥٩) في الأصل : قال.

(٦٠) سنن أبي داود ١ : ٤١ / ١٦٠ ، كنز العمّال ٩ : ٤٧٦ / ٢٧٠٤٢ ، تفسير الطبريّ ٦ : ٨٦.

(٦١) الرحبة : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة.« معجم البلدان ٣ : ٣٣ ».

(٦٢) القعب : قدح من خشب مقعّر. « الصحاح ـ قعب ـ ١ : ٢٠٤ ».

(٦٣) تفسير الطبريّ ٦ : ٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٢ : ٢٨ ، الدرّ المنثور ٢ : ٢٦٢.

٣٥

ومن ذلك : ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام من قوله : « ما نزل القرآن إلا بالمسح » (٦٤) ولا يجوز أن يكون أراد بذلك إلا مسح الرجلين ، لأنّ مسح الرؤوس لا خلاف فيه.

ومنه : قول ابن عبّاس رحمة الله عليه : نزل القرآن بغسلين ومسحين (٦٥).

ومن ذلك : إجماع آل محمّد عليهم‌السلام على مسح الرجلين دون غسلهما (٦٦) ، وهم الأئمّة والقدوة في الدين ، لا يفارقون كتاب الله عز وجل إلى يوم القيامة ، وفيما أوردناه كفاية ، والحمد لله.

سؤال : فإن قال قائل : فلم ذهبتم في مسح الرأس والرجلين إلى التبعيض ؟

جواب : قيل له‎ : لما دلّ عليه من ذلك كتاب الله سبحانه ، وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله :

أمّا دليل مسح بعض الرأس فقول الله تعالى : ( وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم ) (٦٧) فأدخل الباء التي هي علامة التبعيض ، وهي التي تدخل على (٦٨) الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها ، فتكون زائدة ؛ لأنّه لو قال : وامسحوا رؤوسكم ، لكان الكلام صحيحاً ، ووجب مسح جميع الرأس‎ ، فلمّا دخلت الباء التي لم يفتقر الفعل في تعديه إليها ، أفادت التبعيض.

وأما دليل مسح بعض الأرجل : فعطفها على الرؤوس ، والمعطوف يجب أن

__________________

(٦٤) التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٥ ، والحديث عينه مرويّ عن أنس والشعبي.

اُنظر : الدرّ المنثور ٢ : ٢٦٢.

(٦٥) اُنظر : الدرّ المنثور ٢ : ٢٦٢ ، تفسير الطبريّ ٦ : ٨٢ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٢ : ٢٧ ، التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٦.

(٦٦) اُنظر : تفسير النيسابوريّ بهامش الطبريّ ٦ : ٧٣ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٢ : ٢٥ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٣ ، سنن أبي داود ١ : ٤٢ / ١٦٤ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦١.

واُنظر‎ : التهذيب ١ : ٦٥ / ١٨٤ ، الاستبصار ١ : ٦٤ / ١٩١ ، الكافي ٣ : ٢٤ / ١.

(٦٧) سورة المائدة ٥ : ٦.

(٦٨) في الأصل : في.

٣٦

يشارك المعطوف عليه في حكمه (٦٩).

وأمّا شاهد ذلك من السنة : فما روي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله توضّأ فمسح بناصيته ، ولم يمسح الكلّ (٧٠).

ومن الحجّة على وجوب التبعيض في مسح الرؤوس والأرجل : إجماع أهل البيت عليهم‌السلام على ذلك ، وروايتهم إياه عن رسول الله جدهم صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧١) ، وهم أخبر بمذهبه.

سؤال : فإن قال قائل : ما الكعبان عندكم اللذان تمسحون إليهما ؟

جواب : قيل له. هما العظمان النابتان في ظهر القدمين عند عقد الشراك ، وقد وافقنا على ذلك محمّد بن الحسن (٧٢) ، دون من سواه (٧٣).

دليلنا : ما رواه أبان بن عثمان ، عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : « ألا أحكي لك وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » فمسح

__________________

(٦٩) العطف بالواو يقتضي التشريك في الحكم مطلقاً.

قال الشافعيّ وابن عمر وإبراهيم والشعبي : يجب أن يمسح من الرأس ما يقع عليه اسم المسح ، واحتج المخالفون لقولهم ، بأن الباء الداخلة على الرؤوس للالصاق ، والمعروف أن باء الالصاق إنّما تدخل على الأفعال غير المتعدّية بنفسها ، مثل : مررت بزيدٍ ، وذهبت بعمرو ، أما إذا كان الفعل متعدّياً بنفسه كالمذكور في الآية ، فلا مناص أن التبعيض هو المراد‎ ، كما قال جل وعلا في سورة الانسان ( ٧٦ : ٦ ) : ( عيناً يشرب بها عباد الله ).

اُنظر رصف المباني : ٤٧٣ ، الجنى الداني في حروف المعاني : ١٥٨ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦٠ ، الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ ٦ : ٨٨ ، مجمع البيان ـ للطبرسيّ ـ ٢ : ١٦٤.

(٧٠) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ : ٣٤٢ ، الكشّاف ـ للزمخشريّ ـ ١ : ٦١٠ ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٢ : ١٦٤.

(٧١) التهذيب ١ : ٩٠ / ٢٣٧ ، الاستبصار ١ : ٦١ / ١٨٢ و ٥ / ٦٢ ، الكافي ٣ : ٢٥ / ٥ ، تفسير العيّاشي ١ : ٢٩٨ / ٥١.

(٧٢) محمّد بن الحسن بن فرقد ، من موالي شيبان ، إمام بالفقه والاصول ، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة ، ولد بواسط وعاش في الكوفة وبغداد ، ومات بالري في سنة ١٨٩ ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء ٩ : ١٣٤ ، الجرح والتعديل ٧ : ٢٢٧ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٨٤ ، تأريخ بغداد ٢ : ١٧٢.

(٧٣) اُنظر : المجموع ١ : ٤٢٢ ، سبل السلام ١ : ٦٢ ، فتح القدير ١ : ١٥ ، المغني ١ : ١٥٥ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١ : ٩ ، شرح فتح القدير ١ : ١٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ : ٣٤٧ ، أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ ٢ : ٥٧٧ ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ ١١ : ١٦٢ ، الدرّ المنثور ٢ : ٢٦٣ ، القاموس المحيط ـ كعب ـ ١ : ١٣٩ ، لسان العرب ـ كعب ـ ١ : ٧١٨.

٣٧

رأسه وقدميه ، ثمّ وضع يده على ظهر القدم ». ثمّ قال ‎‎‎‎‎‎[ : « هذا هو الكعب » قال : وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ، ثمّ قال : « إن هذا هو الظنبوب » ] (٧٤).

__________________

(٧٤) ما بين المعقوفين أثبتناه من التهذيب ١ : ٧٥ / ١٩٠ ، إذ الظاهر أنّ بعد قوله : « ثمّ قال ... » سقطاً في النسختين ـ المخطوطة والمطبوعة على الحجر ـ بدليل عدم إكمال الحديث المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام أولاً ، ولأنّ العبارة التالية لقوله : « ثم قال ... » في النسختين مقتطعة من حديث طويل من احتجاجات الإمام الصادق عليه‌السلام مع أبي شاكر الديصاني عن حدوث العالم ممّا لا يناسب المقام ... كما لا يوجد ما يدلّ على مقدار ما بقي من الرسالة أو على نهايتها.

٣٨

مصادر الترجمة والتحقيق :

١ ـ أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ تحقيق علي محمّد البجاوي ـ دار المعرفة ـ بيروت.

٢ ـ أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ دار الفكر ـ بيروت.

٣ ـ الاستبصار ـ للطوسي ـ تحقيق السيّد حسن الموسوي ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران ـ ١٣٩٠ ه‍.

٤ ـ اُسد الغابة ـ للجزري ـ المكتية الإسلامية ـ طهران.

٥ ـ الإصابة ـ لابن حجر ـ دار صادر ـ بيروت ـ عن مطبعة السعادة ـ مصر ـ ١٣٢٨ ه‍.

٦ ـ إعراب القرآن ـ للنّحاس ـ تحقيق الدكتور زهير غازي زاهد ـ عالم الكتب ـ بيروت ـ ١٤٠٥ ه‍.

٧ ـ الأعلام ـ للزركلي ـ دار العلم للملايين ـ بيروت ـ الطبعة السادسة ـ ١٩٨٤ م.

٨ ـ أعيان الشيعة ـ للسيد محسن الأمين العاملي ـ تحقيق حسن الأمين ـ دار التعارف ـ بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

٩ ـ أمل الآمل ـ للحر العاملي ـ تحقيق السيّد أحمد الحسيني ـ مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف.

١٠ ـ الأنساب ـ للسمعاني ـ تحقيق عبد الرحمن بن يحيى ـ الطبعة الثانية ـ بيروت ١٤٠٠ ه‍.

١١ ـ الإنصاف في مسائل الخلاف ـ للأنباري ـ الطبعة الرابعة ـ ١٣٨٠ ه‍.

١٢ ـ البحر الزخّار ـ لأحمد بن يحيى ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٣٩٤ ه‍.

١٣ ـ بدائع الصنائع ـ للحنفي ـ دار الكتاب العربيّ ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ١٤٠٢ ه‍.

١٤ ـ البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ تحقيق مجموعة من الأساتذة ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٥ ـ تأريخ بغداد ـ للخطيب البغدادي ـ المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة.

١٦ ـ التبيان ـ للطوسي ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

١٧ ـ تذكرة الحفّاظ ـ للذهبي ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

١٨ ـ التعريفات ـ للجرجاني ـ ناصر خسرو ـ عن المطبعة الخيرية ـ مصر ـ ١٣٠٦.

١٩ ـ تفسير البيضاوي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٣٩

٢٠ ـ تفسير العيّاشي ـ تحقيق السيّد هاشم المحلاتي ـ المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران.

٢١ ـ تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

٢٢ ـ التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ الطبعة الثالثة.

٢٣ ـ التهذيب ـ للشيخ الطوسي ـ تحقيق السيّد حسن الموسوي ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

٢٤ ـ تهذيب الأسماء واللغات ـ للنووي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٢٥ ـ تهذيب التهذيب ـ لابن حجر ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الاُولى ـ ١٤٠٤ ه‍.

٢٦ ـ تهذيب الكمال ـ لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي ـ تحقيق الدكتور بشّار عوّاد معروف ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

٢٧ ـ الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ دار احياء التراث العربيّ ـ بيروت ـ ١٩٦٥ م.

٢٨ ـ جامع البيان في تفسير القرآن ـ للطبري ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٢٩ ـ الجرح والتعديل ـ للرازي ـ دار إحياء التراث العربيّ ـ بيروت ـ ١٣٧١ ه‍.

٣٠ ـ الجنى الداني في حروف المعاني ـ للمرادي ـ تحقيق الدكتور فخر الدين قباوه والاستاذ محمّد نديم فاضل ـ دار الآفاق الجديدة ـ بيروت.

٣١ ـ حجّة القراءات ـ لأبي زرعة ـ تحقيق سعيد الأفغاني ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

٣٢ ـ الحجّة للقرّاء السبعة ـ لأبي علي الفارسيّ ـ تحقيق بدر الدين قهوجي ـ دار المأمون ـ بيروت ١٤٠٤ ه‍.

٣٣ ـ حلية الأولياء ـ لأبي نعيم الاصبهاني ـ دار الكتاب العربيّ ـ بيروت ـ ١٤٠٥ ه‍.

٣٤ ـ خزانة الأدب ـ البغدادي ـ تحقيق عبد السلام محمّد هارون ـ الطبعة الثانية ـ القاهرة.

٣٥ ـ الخلاف ـ للطوسي ـ جماعة مدرسي الحوزة ـ قم المقدسة ـ ١٤٠٧ ه‍.

٣٦ ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي ـ مكتبة آية الله العظمى المرعشي ـ قم المقدّسة.

٣٧ ـ ديوان امرئ القيس ـ دار صادر ـ بيروت.

٣٨ ـ الذريعة ـ للطهراني ـ دار الأضواء ـ بيروت.

٣٩ ـ رجال السيّد بحر العلوم ـ مطبعة آفتاب طهران ١٣٦٣.

٤٠ ـ رصف المباني ـ للمالقي ـ تحقيق الدكتور أحمد محمّد الخرّاط ـ دار القلم ـ دمشق

٤٠