مصابيح الظلام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-0-0
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٥٢

لكن في «العيون» بسنده ، عن العسكري عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن الرضا عليهم‌السلام ـ في حديث طويل ـ : إنّ المطر احتبس ، فقال له المأمون : لو دعوت الله عزوجل ، فقال له الرضا عليه‌السلام : «نعم» ، فقال : ومتى تفعل ذلك؟ ـ وكان يوم الجمعة ـ ، فقال : «يوم الإثنين ؛ فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا بني! انظر يوم الإثنين وابرز إلى الصحراء واستسق فإنّ الله عزوجل يسقيهم» (١) الحديث.

وفي «دعائم الإسلام» : عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «ويستحبّ أن يكون الخروج للاستسقاء يوم الإثنين ، ويخرج المنبر كما يخرج للعيدين ، وليس فيها أذان ولا إقامة» (٢).

وبالجملة ؛ التخيير بين كون اليوم الثالث الاثنين أو الجمعة أقوى ، وهو المشهور. أمّا الاثنين ؛ فلهذه النصوص ، وأمّا الجمعة ؛ فللأخبار الكثيرة التي تبلغ التواتر وما فوقه الدالّة على بركته وفضيلته ، وكونه محلّ استجابة الدعوات ونيل الحاجات ، ومقرّبا إلى الله تعالى (٣).

وعدم ثبوت مانع من ذلك من هذه النصوص ، سيّما مع احتمال كونه اتّفاقيّا من جهة ضيق الوقت ، أو أولويّة المسارعة مهما أمكن.

حتّى أنّ أبا الصلاح لم يذكر سوى الجمعة (٤) ، والمفيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلّار لم يعيّنوا يوما للاستحباب أيضا (٥) ، لكن الأحوط عدم التعدّي عن

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٧٩ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٨ الحديث ٩٩٩٧ مع اختلاف يسير.

(٢) دعائم الإسلام : ١ / ٢٠٣ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ١٨٥ الحديث ٦٧٢٥ مع اختلاف يسير.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٧ / ٣٧٥ الباب ٤٠ ، ٣٨٣ الباب ٤١ من أبواب صلاة الجمعة.

(٤) الكافي في الفقه : ١٦٢.

(٥) المقنعة : ٢٠٧ ، نقل عن ابن أبي عقيل وابن الجنيد في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٣٣ ، المراسم : ٨٣.

٢١

اليومين ، بل عن الاثنين.

وأمّا كون الخروج إلى الصحراء ، وكذا كونهم حفاة على سكينة ووقار تذلّلا وخضوعا (١) إلى غير ذلك ، فقد مرّ.

وأمّا استحباب إخراج الشيوخ والأطفال والبهائم معهم ؛ فلما ذكره المصنّف من أنّهم أقرب إلى استجلاب الرحمة والشفقة ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لا أطفال رضّع وشيوخ ركّع وبهائم رتّع لصبّ عليكم البلاء صبّا» (٢). إلى غير ذلك من أمثال ما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعن باقي الأئمّة عليهم‌السلام (٣).

ويعضده الاعتبار أيضا ، ولذا قوم يونس عليه‌السلام ارتكبوا أمثال ذلك لجلب الرحمة ، وفرّقوا بين الأطفال وامّهاتهم لما ذكر (٤) ، ولما ورد من أنّه تعالى عند القلوب المنكسرة (٥) ، ولما ورد في البكاء من خوف الله ورقّة القلب وهيجانه (٦).

وأمّا أنّ الإمام يقلّب رداءه إذا صعد المنبر بالنحو الذي ذكره ؛ فلما عرفت من الأخبار الدالّة على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل هكذا ، فللتأسّي والتفؤّل (٧).

ولما رواه في «العلل» كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته لأيّ علّة حوّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاة الاستسقاء

__________________

(١) في (ف) و (ز ١) و (ط) : وخشوعا.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ٣ / ٣٤٥.

(٣) لاحظ! الكافي : ٢ / ٢٧٦ الحديث ٣١ ، الخصال : ١ / ١٢٨ الحديث ١٣١ ، بحار الأنوار : ٧٠ / ٣٤٤ الحديث ٢٨ ، ٣٨١ الحديث ٢.

(٤) مجمع البيان : ٣ / ٩٩ (الجزء ١١).

(٥) الدعوات للراوندي : ١٢٠ الحديث ٢٨٢ ، بحار الأنوار : ٧٠ / ١٥٧ الحديث ٣.

(٦) الكافي : ٢ / ٤٨١ باب البكاء ، راجع! وسائل الشيعة : ١٥ / ٢٢٣ الباب ١٥ من أبواب جهاد النفس.

(٧) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٩ الباب ٣ من أبواب صلاة الاستسقاء.

٢٢

رداءه الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه؟ قال : «أراد بذلك تحوّل الجدب خصبا» (١) ، والعلّة المنصوصة حجّة.

وأمّا وقت التحويل ؛ فالأكثر أنّه بعد الصلاة قبل الأذكار والخطبة ، كما هو مقتضى رواية محمّد بن خالد ، حيث قال : «يصلّي بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ثمّ يصعد المنبر فيقلّب رداءه فيجعل الذي على يمينه على يساره ، والذي على يساره على يمينه» (٢).

وقد عرفت أنّه وافقها كالصحيحة التي ذكرناها وما نقلناه عن «الدعائم» (٣).

وفي «الفقه الرضوي» أيضا أنّه عليه‌السلام قال : «صلاة الاستسقاء ركعتان بلا أذان ولا إقامة يخرج الإمام يبرز إلى ما تحت السماء ، ويخرج المنبر ، والمؤذّنون أمامه ، فيصلّي بالناس ركعتين ، ثمّ يسلّم فيصعد المنبر فيقلّب رداءه الذي على يمينه على يساره ، والذي على يساره على يمينه مرّة واحدة ، ثمّ يحوّل وجهه إلى القبلة فيكبّر مائة تكبيرة ؛ يرفع بها بصوته ، ثمّ يلتفت عن يمينه ويساره إلى الناس فيهلل مائة رافعا صوته ، ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو الله» (٤) الحديث.

ونقل عن بعض الأصحاب أنّه يحوّل بعد الفراغ من الخطبة (٥) ، وعن المفيد وسلّار وابن البرّاج : أنّه يحوّل رداءه ثلاث مرّات (٦).

قيل : لعلّها بعد الفراغ من الصلاة ، وبعد الصعود على المنبر ، وبعد

__________________

(١) علل الشرائع : ٢ / ٣٤٦ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ١٠ الحديث ١٠٠٠١.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٦٢ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٤٨ الحديث ٣٢٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥ الحديث ٩٩٨٩.

(٣) دعائم الإسلام : ١ / ٢٠٢ و ٢٠٣ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ١٨١ الحديث ٦٧١٩.

(٤) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٥٣ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ١٨١ الحديث ٦٧١٩.

(٥) نقل عن بعض الاصحاب في ذخيرة المعاد : ٢٤٦ ، لاحظ! تذكرة الفقهاء : ٤ / ٢١٦ المسألة ٥٢١.

(٦) نقل عنهم في ذخيرة المعاد : ٣٤٦ ، لاحظ! المقنعة : ٢٠٨ ، المراسم : ٨٣ ، المهذّب : ١ / ١٤٤.

٢٣

الخطبة (١).

وفي «الفقه الرضوي» صرّح بكونه مرّة (٢) ، وباقي الأخبار ظاهرة فيها ، ولعلّ البناء على المرّتين والثلاث من العلّة المنصوصة والتفؤّل.

وفيه ؛ أنّهما إن اقتضيا حسن التكرار ، فلا خصوصيّة له بالمرّتين أو الثلاث.

وهل يستحبّ للمأمومين هذا التحويل؟ قيل : نعم (٣) ، وقيل : لا (٤) ، وهو الظاهر من الأخبار.

نعم ؛ في موثّقة ابن بكير ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه سمعه يقول في الاستسقاء : «يصلّي ركعتين ويقلّب رداءه الذي على يمينه فيجعله على يساره والذي على يساره على يمينه ويدعو الله فيستسقي» (٥).

لكن لا يبعد أن يكون الظاهر منها الإمام على وفق سائر الأخبار.

ثمّ لا يخفى أنّ المستفاد من أخبار التحويل أنّ المطلوب هو أن يجعل ما على اليمين على اليسار ، وما على اليسار على اليمين ، كما هو أفتى بها الفقهاء أيضا.

قال في «الذكرى» : ولا يشترط تحويل الظاهر باطنا وبالعكس ، والأعلى أسفل وبالعكس ، ولو فعل ذلك فلا بأس (٦).

والشهيد الثاني أفتى بحسنهما أيضا في «شرح اللمعة» و «الروض» (٧) ، ولا

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٣٤٦.

(٢) مرّ آنفا.

(٣) المبسوط : ١ / ١٣٥ ، تذكرة الفقهاء : ٤ / ٢١٦ المسألة ٥٢١ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٥٧.

(٤) الخلاف : ١ / ٦٨٨ المسألة ٤٦٣.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٤٨ الحديث ٣٢١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٩ الحديث ٩٩٩٨.

(٦) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٥٧.

(٧) الروضة البهيّة : ١ / ٣١٩ ، روض الجنان : ٣٢٥.

٢٤

يظهر لنا وجهه.

وهل يكفي المسمّى أم يترك محوّلا إلى أن يفرغ؟ الأظهر الثاني ، لظواهر الأخبار (١) وللاستصحاب.

وأمّا ما ذكره من أنّه بعد تحويل الرداء يستقبل القبلة ، فيكبّر الله مائة مرّة إلى. آخره ؛ فيدلّ عليه رواية مولى محمّد بن خالد ، عن الصادق عليه‌السلام ، إذ فيها بعد تقليب الرداء : «ثمّ يستقبل القبلة فيكبّر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوته ، ثمّ يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبّح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ، ثمّ يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلّل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ، ثمّ يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة ، ثمّ يرفع يديه فيدعو ، ثمّ يدعون ، فإنّي لأرجو أن لا تخيبوا» (٢) ، الحديث.

ويؤيّده «الفقه الرضوي» ، كما عرفت ، لكن بعض الفقهاء نقل هذه الأذكار بترتيب آخر ، ولم يظهر وجهه لي ، وأنّ المفيد قال : يكبّر إلى القبلة ، ويسبّح إلى اليمين ، ويحمد إلى اليسار ، ويستغفر للناس مستقبلا (٣) ، والصدوق جعل التحميد إلى اليسار ، والتهليل مستقبل الناس (٤).

وأمّا ما ذكره من قوله : (وأن يكرروا). إلى آخره ؛ فإجماعي عند علمائنا ، مضافا إلى أنّ بقاء سبب هذه الصلاة يقتضي بقاءها ، والأخبار مطلقة.

مع أنّه لا تأمّل في أنّه تعالى يحبّ إلحاح الملحّين ، ويصير سببا للإجابة ودفع الشدّة.

ثمّ اعلم! أنّه لا أذان فيها ولا إقامة ، بل يقول المؤذّن : الصلاة ـ ثلاثا ـ على

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٩ الباب ٣ من أبواب صلاة الاستسقاء.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٦٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥ الحديث ٩٩٨٩.

(٣) المقنعة : ٢٠٨.

(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٣٧.

٢٥

نهج ما مرّ في صلاة العيد ، لحكاية التسوية ، مضافا إلى ما ذكر من الأخبار.

قال في «الذكرى» : أذانها أن يقول : الصلاة ثلاثا ، وقال بعض العامّة : يقول : الصلاة جامعة ، ولا مانع منه (١) ، انتهى. وفيه تأمّل!

ومن جملة المستحبّات في العيدين عدم نقل المنبر ، وأمّا المقام ؛ فمقتضى التسوية أيضا ذلك ، إلّا أنّه مرّ عن «الفقه الرضوي» نقل المنبر (٢) ، بل ورد في رواية مولى محمّد بن خالد أيضا (٣).

قال في «الذكرى» : قال السيّد ، وابن الجنيد ، وابن أبي عقيل : ينقل المنبر فيحمل بين يدي الإمام إلى الصحراء (٤) ، وقد رواه مولى محمّد بن خالد ، عن الصادق عليه‌السلام ، وقال ابن إدريس : الأظهر في الرواية أنّه لا ينقل ، بل يكون كمنبر العيد معمولا من طين (٥) ، ولعلّ الأوّل أولى ، لما روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج المنبر في الاستسقاء (٦) ولم يخرجه في العيد (٧) ، قال : ويستحبّ أن يخرج المؤذّنون بين يدي الإمام في أيديهم العنزة (٨).

ومن جملة المستحبّات أنّ الفقهاء ذكروا أنّ المسلمين لا يخرجوا معهم الكافر. لأنّه بعيد عن الرحمة ، فربّما يبعد عنها عكس الشيوخ والأطفال.

وفي «المنتهى» جوّز الإخراج ، لما روي أنّ فرعون دعا ربّه عند ما غار ماء

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٥٣ ، لاحظ! المغني لابن قدامة : ٢ / ١٤٩ ، فتح العزيز : ٥ / ٩٧.

(٢) راجع! الصفحة : ٢٣ هذا الكتاب.

(٣) مرّ آنفا.

(٤) نقل عنهم في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٣٢.

(٥) لاحظ! السرائر : ١ / ٣٢٥.

(٦) الكافي : ٨ / ٢١٧ الحديث ٢٦٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٧ الحديث ٩٩٩١.

(٧) سنن أبي داود : ١ / ٢٩٦ الحديث ١١٤٠ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٤٠٦ الحديث ١٢٧٥.

(٨) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٥١ و ٢٥٢.

٢٦

النيل فأصبح يتدفّق (١) ، وقال : إنّ الكفّار يطلبون أرزاقهم من الله ، وقد ضمنها لهم في الدنيا (٢) ، ولعلّ الأوّل لا يخلوا عن أولوية.

ومن جملة المستحبّات ، بل الشروط كون الخطبة عن قيام ، كما هو المقرّر المتعارف في الخطبة ، ويقتضي ذلك حكاية التسوية أيضا ، فما في بعض الأخبار في المقام أنّه يجلس ويستسقي (٣) ، محمول على غير الخطبة من الدعاء والتضرّع إليه تعالى.

ومن جملة المستحبّات ؛ بل الواجبات التوبة عن الذنوب ، وردّ المظالم ، والاستحلال ممّن ظلم وله حقّ.

ومن جملة المستحبّات ؛ اختيار القنوتات المأثورة والدعوات المرويّة ، وأن يدعو أهل الخصب لأهل الجدب ، لكونهم في محلّ رحمته الواسعة ، فتقبل شفاعتهم عند الكريم.

ومن جملة الآداب أن يكونوا في حال الصلاة والدعاء ، وبعدهما يظنون الاستجابة ، ويعتقدون ذلك ، ويحسنون ظنونهم بربّهم (٤).

ثمّ إنّ المستسقين لو سقوا في أثناء الصلاة أتمّوها على حسب المقدور ولو مخفّفة ، بل ولو كانت في حال المشي على الأحوط ، ولو سقوا قبل الصلاة يستحبّ الشكر بالصلاة والدعاء ، إلّا أن لا يكون لهم وثوق بتماميّة السقي ، بحيث ترتفع حاجتهم ، إذ الظاهر عدم المانع من صلاة الاستسقاء ، والله يعلم.

ولو كثر الغيث وخيف من ضرره استحبّ الدعاء لإزالته ، ويكره نسبة المطر

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٣٤ الحديث ١٥٠٢.

(٢) منتهى المطلب : ٦ / ١٢١.

(٣) الكافي : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٦ و ٧ الحديث ٩٩٩٠ و ٩٩٩٣.

(٤) في (ف) و (ز ١) و (ط) : ويحسنون قلوبهم.

٢٧

إلى الأنواء ، كما ورد عنهم عليهم‌السلام (١) ، ويحرم اعتقاده ، والنوء سقوط كوكب في المغرب وطلوع رقبة في المشرق ، لأنّه إذا سقط الساقط بالمغرب ، ناء أي نهض الناهض في المشرق.

وروى في «قرب الإسناد» عن الصادق عليه‌السلام : «إنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تشيروا إلى المطر ولا إلى الهلال فإنّ الله يكره ذلك» (٢).

قيل : المراد الإشارة على وجه التعجّب ، بأن يقال مثلا : ما أغزر هذا المطر! وقيل : الإشارة حال الدعاء (٣).

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ١٥ الباب ٩ و ١٠ من أبواب صلاة الاستسقاء.

(٢) قرب الإسناد : ٧٤ الحديث ٢٣٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ١٢ الحديث ١٠٠٠٦ مع اختلاف يسير.

(٣) بحار الأنوار : ٨٨ / ٣٣٨ ، ذيل الحديث ٢٢.

٢٨

٣٧ ـ مفتاح

[نوافل شهر رمضان]

قيل : يستحب في شهر رمضان صلاة ألف ركعة زيادة على النوافل المرتبة على المشهور (١) ، والنصوص بذلك مستفيضة (٢) ، وهي مختلفة في توظيفها وتوزيعها على الليالي ، وكلّها مشتركة في عدم صحّة السند.

وقال الصدوق رحمه‌الله : لا نافلة في شهر رمضان زيادة على غيره (٣) ، وبه صحاح صريحة (٤) ، وأوّلها سائر الأصحاب بتأويلات بعيدة (٥) ، والمسألة محلّ إشكال.

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٣٤٠.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ١٧ الباب ١ ، ٢٨ الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٨٨ و ٨٩ ، نقل عنه في السرائر ، ١ / ٣١٠.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٢ الباب ٩ من أبواب نافلة شهر رمضان.

(٥) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٤ ذيل الحديث ١٠٠٦٠ ، للتوسّع راجع! الحدائق الناضرة : ١٠ / ٥١٢ ـ ٥١٦.

٢٩
٣٠

قوله : (قيل : يستحب). إلى آخره.

المشهور استحبابها ، بل لا يكاد يوجد منكر ، إذ نسب إنكاره إلى الصدوق (١) ، وكلامه في «الفقيه» ظاهر في تجويز البناء على الاستحباب أيضا (٢).

وقال في أماليه : من دين الإماميّة الإقرار بأنّ الصلاة في شهر رمضان كالصلاة في غيره من الشهور ، فمن أحبّ أن يزيد فليصلّ كلّ ليلة عشرين ركعة ، ثمان ركعات بعد الغروب ، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء ، إلى أن يمضي عشرون ليلة من شهر رمضان ، ثمّ يصلّي كلّ ليلة ثلاثين ركعة ، ثمان منها بين المغرب والعشاء ، واثنين وعشرون ركعة بعد العشاء ، ويقرأ في كلّ ركعة منها «الحمد» وما تيسّر له من القرآن ، إلّا في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فإنّه يستحبّ إحياؤهما ، وأن يصلّي الإنسان في كلّ واحدة منها مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة «الحمد» مرّة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، عشر مرّات ، ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل (٣) ، انتهى.

وأمّا الأخبار الواردة (٤) ، فكادت تبلغ التواتر ، بل الظاهر تواترها فلا يضرّ ضعف السند ، فكيف يضرّ عدم صحّته؟ مضافا إلى الانجبار بالشهرة ، بل اتّفاق الكلّ.

إذ عرفت أنّ الصدوق أيضا لا مضايقة له ، مضافا إلى التسامح في أدلّة السنن ، فلا يضرّ الصحاح الدالّة على خلافها لشذوذها ، فلا تكون حجّة ، وإن لم يكن لها معارض وتأويلها متعيّن ، وإلّا تطرح ، والله يعلم.

__________________

(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٤١.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٨٨ الحديث ٣٩٧.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٦ و ٥١٧ مع اختلاف يسير.

(٤) راجع! وسائل الشيعة : ٨ / ١٧ الباب ١ ، ٢٨ الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان.

٣١
٣٢

٣٨ ـ مفتاح

[صلاة جعفر الطيّار]

من الصلوات المؤكّدة ؛ صلاة جعفر بن أبي طالب عليهما‌السلام إجماعا ، وتسمّى ب «صلاة التسبيح» و «صلاة الحبوة» ، وعدد ركعاتها أربعة وهي مشهورة ، والصحاح بها مستفيضة.

منها : «متى ما صليتهن ـ يعني الركعات الأربع ـ غفر لك ما بينهنّ إن استطعت كلّ يوم ، وإلّا فكلّ يومين أو كلّ جمعة أو كلّ شهر أو كلّ سنة ، فإنّه يغفر لك [ما] بينهما» (١).

ومنها : فيمن صلّاها ، لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفرها الله له (٢).

ويجوز جعلها من النوافل والقضاء للصحيح (٣) ، وتجريدها من التسبيح ثمّ قضاؤها بعدها وهو ذاهب في حوائجه لمن كان مستعجلا.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٨٦ الحديث ٤٢٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٠ و ٥١ الحديث ١٠٠٧٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٧ الحديث ١٥٣٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥١ الحديث ١٠٠٧٢ مع اختلاف يسير.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٨٧ الحديث ٤٢٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٧ الحديث ١٠٠٨٣.

٣٣

وأفضل أوقاتها يوم الجمعة صدر النهار للخبر (١).

__________________

(١) الاحتجاج : ٤٩١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٦ الحديث ١٠٠٨٠.

٣٤

قوله : (من الصلوات المؤكّدة). إلى آخره.

اعلم! أنّ لكلّ من الأئمّة وفاطمة عليهم‌السلام نفلا وذكر صلاة ، سيّما الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام وفاطمة عليهما‌السلام.

ولم يتعرّض لها المصنّف قبل صلاة جعفر ، وخالف الفقهاء وتعرّض لصلاة جعفر أوّلا لغاية اشتهارها بين الخاصّة والعامّة ، بل بلغ التواتر ، والأئمّة عليهم‌السلام بأنفسهم كانوا يصلّونها ، وتسمّى «صلاة التسبيح» و «صلاة الحبوة» أيضا.

وبعض العامّة نسبوها إلى العبّاس (١) ، وهي جهل أو تجاهل ، فإنّ جعفرا لمّا رجع من الحبشة استسرّ به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سرورا عظيما ، فقال : «ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟» ، فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهبا أو فضّة ، فقال جعفر : بلى فداك أبي وامّي ، فعلّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الصلاة ، وقال له ما ذكره المصنّف من الثواب وهو المغفرة لجميع ذنوبه إن فعله كلّ يوم ، أو كلّ يومين ، أو كلّ جمعة ، أو كلّ شهر ، أو كلّ سنة ـ وفي بعض الأخبار : وإن لم تستطع ففي عمرك مرّة (٢) ـ وهي أربع ركعات ، كلّ ركعتين بتشهّد وتسليم ، بعد تكبيرة الافتتاح «الحمد» وسورة من سور القرآن ـ أيّ سورة تكون ـ والركوع والسجود على نحو سائر الصلوات إلّا أنّه يقول : «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر» خمس عشرة مرّة في حال القيام ، وعشر مرّات في الركوع ، وعشرا بعد رفع الرأس عن الركوع ، وعشرا في السجدة الاولى ، وعشرا بعد رفع الرأس منها ، وعشرا في السجدة الثانية ، وعشرا بعد رفع الرأس منها ، يكون المجموع في ركعة خمسا وسبعين ، فيصير المجموع ثلاث

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٤٤٢ الحديث ١٣٨٦.

(٢) بحار الأنوار : ٨٨ / ٢٠٤ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ٢٢٣ الحديث ٦٧٧٥.

٣٥

مائة تسبيحة ألف ومائتا ذكر (١).

والكلام فيها في مواضع :

الأوّل : المشهور بين الأصحاب أنّها بتسليمتين ، كما ذكرنا ، بل الظاهر أنّه إجماعي ، وإن نسب إلى الصدوق في مقنعه أنّها بتسليمة واحدة (٢).

قال خالي رحمه‌الله : لا دلالة في عبارة «المقنع» في ما ذكره إلّا من حيث أنّه لم يذكر التسليم ، ولعلّه أحاله على الظهور كالتشهّد والقنوت وغيرها (٣).

الثاني : المشهور أنّ التسبيح في حال القيام إنّما هو بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع ، ذهب إليه الشيخان (٤) وابن الجنيد وابن أبي عقيل (٥) ، وابن إدريس (٦) ، وجمهور المتأخّرين (٧).

وفي «الفقيه» بعد إيراده رواية أبي حمزة الدالّة على كون التسبيح قبل القراءة بعد تكبيرة الافتتاح (٨) ، قال : وقد روي أنّ التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة ، فبأيّ الحديثين أخذ المصلّي فهو مصيب (٩). والمشهور أقوى ، وعليه العمل.

الثالث : في الركعة التي يقرأ القنوت يجعل التسبيحات قبل القنوت.

الرابع : التسبيحات على ما هو المعروف من التسبيحات الأربعة ، كما ذكرنا ،

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٦٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩ الحديث ١٠٠٦٨ نقل بالمعنى.

(٢) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٤٥ ، المقنع : ١٤٠ و ١٤١.

(٣) بحار الأنوار : ٨٨ / ٢١٢.

(٤) المقنعة : ١٦٩ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٤١ ، المبسوط : ١ / ١٣٢.

(٥) نقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٤٨.

(٦) السرائر : ١ / ٣١٢.

(٧) بحار الأنوار : ٨٨ / ٢١٢ ، الحدائق الناضرة : ١٠ / ٥٠٣.

(٨) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٧ الحديث ١٥٣٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥١ الحديث ١٠٠٧٢.

(٩) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٨ ذيل الحديث ١٥٣٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٢ الحديث ١٠٠٧٣.

٣٦

وهو المستفاد من الأخبار (١) سوى رواية أبي حمزة المذكورة ، والصدوق خيّر بينهما أيضا (٢) ، والمشهور أقوى ، وعليه العمل.

الخامس : الثواب المذكور ـ في عبارتنا ، وفي عبارة المصنّف وغيره ـ يعطيه الله تعالى لكلّ من يصلّي هذه الصلاة من الشيعة ، كما هو صريح الأخبار ، وليس مختصّا بجعفر ، سأل إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام من صلّى صلاة جعفر هل يكتب له من الأجر مثل ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجعفر؟ قال : «إي والله» (٣).

السادس : في السورة التي يقرأ بعد «الحمد» يجوز كونها من أيّ سور القرآن ، كما ورد في بعض الأخبار الواردة ، عن الكاظم عليه‌السلام (٤).

وفي «الفقه الرضوي» : إن شئت كلّها ب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٥).

وفي بعض الأخبار الصحيحة : كلّ ركعة ب (قُلْ هُوَ اللهُ) ، و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (٦).

وفي بعض الأخبار : سأل الراوي عن المعصوم عليه‌السلام ، وقال : أعترض من القرآن ـ يعني آخذ من عرض القرآن أيّ سورة تكون ـ فقال عليه‌السلام : «لا ، اقرأ فيها (إِذا زُلْزِلَتِ) ، و (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) ، و (إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٧).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩ و ٥٠ الحديث ١٠٠٦٨ و ١٠٠٧٠ ، ٥٢ الحديث ١٠٠٧٣ و ١٠٠٧٤.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٨ ذيل الحديث ١٥٣٧.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٩ الحديث ١٥٤٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٠ الحديث ١٠٠٦٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٧ الحديث ١٥٣٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥١ الحديث ١٠٠٧٢.

(٥) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٥٥ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ٢٢٨ الحديث ٦٧٨٠.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٥٣٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٣ الحديث ١٠٠٧٥.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٥٣٩ ، ثواب الأعمال : ٦٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٨٦ الحديث ٤٢١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٤ الحديث ١٠٠٧٦.

٣٧

وفي «المدارك» : أنّ هذا الخبر المذكور صحيح ، وفي بعض الأخبار : في الاولى (إِذا زُلْزِلَتِ) ، وفي الثانية (وَالْعادِياتِ) ، وفي الثالثة (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) ، وفي الرابعة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) ، وإلى العمل به ذهب الأكثر (٢).

ومنهم الشيخ والسيّد وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن البرّاج وسلّار والمحقّق والعلّامة والشهيد وغيرهم (٣) ، ومنهم الصدوق في «الفقيه» ، إلّا أنّه قال بعد ذلك : وإن شئت صلّيت كلّها ب «الحمد» ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٤).

ونقل عن علي بن بابويه أنّه يقرأ في الاولى (وَالْعادِياتِ) وفي الثانية (إِذا زُلْزِلَتِ) ، وفي الثالثة (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) ، وفي الرابعة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٥) ، وبهذا النحو ذكر في «الفقه الرضوي» (٦).

وعن الصدوق في «المقنع» : أنّه يقرأ «التوحيد» في الجميع (٧). وعن ابن أبي عقيل : أنّ في الاولى «الزلزلة» ، وفي الثانية «النصر» ، وفي الثالثة «والعاديات» ، وفي الرابعة «التوحيد» (٨).

وقال في «الذكرى» : وروي القراءة ب «الزلزلة» ، و «النصر» ، و «القدر» ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٥٤ الحديث ١٠٠٧٧.

(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٠٦ و ٢٠٧.

(٣) النهاية : ١٤١ ، المبسوط : ١ / ١٣٢ ، رسائل الشريف المرتضى (جمل العلم والعمل) : ٣ / ٤٣ ، نقل عن ابن الجنيد في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٤٧ الكافي في الفقه : ١٦١ ، المهذّب : ١ / ١٤٩ ، المراسم : ٨٤ و ٨٥ ، المعتبر : ٢ / ٣٧٢ ، شرائع الإسلام : ١ / ١١١ ، تحرير الأحكام : ١ / ٤٨ ، قواعد الأحكام : ١ / ٤١ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٢٩١ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٩٨ ، الألفية والنفليّة : ١٤٦.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٥٣٧.

(٥) نقل عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٤٧ و ٣٤٨.

(٦) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٥٥ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ٢٢٨ الحديث ٦٧٨٠.

(٧) المقنع : ١٤٠.

(٨) نقل عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٤٨.

٣٨

و «التوحيد» (١) ، انتهى.

وقد عرفت أنّ الذي ذكرنا عن «المدارك» أنّه صحيح ، هو هذا الذي ذكره في «الذكرى» ، والعمل بالكلّ حسن ، إلّا أنّه لو اختار المشهور يكون أولى وأحوط البتة ، وإن كان في سند روايتهم ضعف لانجبارها بالشهرة التي كادت تكون إجماعا ، وبذكرها في «الكافي» (٢) ، وباختيار صاحب «الكافي».

السابع : المشهور أنّ العشر بعد السجدة الثانية قبل القيام ، كما هو مقتضى الأخبار ، بل في «الفقه الرضوي» صرّح بذلك (٣) ، وكذا في صحيحة بسطام ، كما رواه المفيد (٤).

وعن ابن أبي عقيل : ثمّ يرفع رأسه من السجود ، ينهض قائما ويقول عشرا ثمّ يقرأ (٥) ، والعمل على المشهور البتة ، بل هو الصحيح.

الثامن : هل يكتفى بالتسبيحات المذكورة عن ذكر الركوع والسجود أم لا بدّ من ذكرهما؟ الأحوط بل الأظهر أنّه لا بدّ من ذكرهما ، وأنّ هذه التسبيحات تذكر بعد الفراغ عن ذكرهما ، لظاهر قولهم عليهم‌السلام : «فإذا ركعت قلت عشرا ، وإذا سجدت قلت عشرا» (٦) ، وللاستصحاب في مقام التداخل.

ولا فرق بين المتداخلة وغيرها بالإجماع والأخبار ، ولأنّها لو كانت تكفي عنه لكانوا عليهم‌السلام يقولون : وتقول عوض ذكر الركوع كذا وكذا ، وذكر السجود كذا ،

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٤٣.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٦٦ ذيل الحديث ١.

(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٥٦ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ٢٢٤ الحديث ٦٧٧٦.

(٤) المقنعة : ١٦٨ و ١٦٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٠ الحديث ١٠٠٧٠.

(٥) نقل عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٥١.

(٦) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩ الحديث ١٠٠٦٨.

٣٩

فلا تكفي عن استحباب «سمع الله لمن حمده» بعد الرفع عن الركوع ، والتكبير للهويّ إلى الركوع والسجود ، وللرفع عن السجود ، وعن الاستغفار بين السجدتين ، إذ كفاية تلك التسبيحات عن جميع الامور المذكورة بعيدة ، كما لا يخفى على المتأمّل.

والسياق بالنسبة إليها وإلى الامور المذكورة ، وبالنسبة إليها وإلى ذكر الركوع والسجود واحد.

فيؤيّده عدم سقوط ذكر الركوع والسجود ، وهذه التسبيحات لا تسقط التشهّد في الركعة الثانية ، كما لا تسقط التسليم بالإجماع والأخبار (١). وهذا من مؤيّدات عدم سقوط ذكر الركوع والسجود ، فتأمّل جدّا!

وهذه التسبيحات قبل الشروع في التشهّد بعد رفع الرأس عن السجود ، كما هو ظاهر من الأخبار ، بل وقع التصريح بذلك في بعض الأخبار (٢).

التاسع : ورد في بعض الأخبار المعتبرة أنّ «من كان مستعجلا يصلّي صلاة جعفر مجرّدة عن التسبيحات ، ثمّ يقضي التسبيحات وهو ذاهب في حوائجه» (٣).

وفي خبر آخر معتبر أيضا : «أنّه يصلّي إيّاها مجرّدة ، ثمّ يقضي التسبيح» (٤) ، والفقهاء أفتوا بهما (٥).

وهذا ممّا ينادي بعدم سقوط ذكر الركوع والسجود ولا غيرهما في هذه

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩ الباب ١ من أبواب صلاة جعفر عليه‌السلام.

(٢) راجع! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٩ الباب ١ من أبواب صلاة جعفر عليه‌السلام.

(٣) الكافي : ٣ / ٤٦٦ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٨٧ الحديث ٤٢٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٦٠ الحديث ١٠٠٩٠ مع اختلاف يسير.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٩ الحديث ١٥٤٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٦٠ الحديث ١٠٠٩١.

(٥) المقنع : ١٤١ ، البيان : ٢٢٢ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٨٠.

٤٠