مصابيح الظلام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-0-0
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٥٢

وجعل المراد خلوّ الجريان عن الحال المذكور إلى حدّ الانتهاء المحصّل لذلك الحال بعد تماميّة الجريان وانتهائه فيه ما فيه.

ومع ذلك نقول : كون الجريان من ابتداء القصاص حاصلا من مجموع الإصبعين ، وتمام كلّ واحد منهما على ما هو نصّ المعصوم عليه‌السلام يمنع عن الاستدارة الفرضيّة جزما ، لأنّه محصّل للشكل المربع أو ما قاربه بالبديهة ، إلّا أن يجعل المراد من الإصبعين خصوص رأسهما لا غير ، ومن القصاص نقطة وسط منتهى الناصية كذلك ، وفيه أيضا ما فيه ، ومع ذلك لا مانع من إرادة الاستدارة العرفيّة لا خصوص شكل الدائرة ، لو لم نقل بكونه أقرب ، فتأمّل جدّا!

قوله : (ولا يجب تخليل الشعور). إلى آخره.

أي : وإن خفّت ، أو كانت للمرأة ، وهذا هو المشهور ، وإليه ذهب الشيخ والمحقّق (١) ، والشهيد في بعض كتبه ، لما ذكره من أنّ الوجه اسم لما يواجه به (٢).

ولصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال له : أرأيت ما أحاط به الشعر؟ فقال : «كلّما أحاط به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء» (٣).

وصحيحة ابن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام : في الرجل يتوضّأ أيبطن لحيته؟ قال : «لا» (٤).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٠ و ٢٢ ، شرائع الإسلام : ١ / ٢١ ، المعتبر : ١ / ١٤٢.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٢٤.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨ الحديث ٨٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٦ الحديث ١٢٦٥.

(٤) الكافي : ٣ / ٢٨ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٣٦٠ الحديث ١٠٨٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٦ الحديث ١٢٦٣.

٢٨١

ويؤيّده ما ورد في بعض الأخبار من قوله عليه‌السلام : «إنّما عليك أن تغسل ما ظهر» (١).

وفي «كشف الغمّة» : أنّ الكاظم عليه‌السلام كتب إلى عليّ بن يقطين اتّقاء : «اغسل وجهك ثلاثا وخلّل شعرك». إلى آخره ، وكلّه على طريقة العامّة ، ثمّ كتب إليه : «توضّأ كما أمر الله [تعالى] ؛ اغسل وجهك مرّة فريضة ، واخرى إسباغا. إلى آخر ما كتب ، وكلّه على طريقة الشيعة ولم يتعرّض لحال التخليل أصلا ، وقال : «قد زال ما كنّا نخاف عليك» (٢).

والاستدلال بالأخبار الدالّة على الاجتزاء بالغرفة الواحدة على عدم وجوب التخليل بأنّه قد جوّزوا عليهم‌السلام في غسل الوجه بغرفة من الماء ، فلو كان التخليل واجبا لما جوّزوا غسله بها ، إذ لا يمكن الإيصال على البشرة بها منفردة محلّ خدشة ، لورود ذلك في غسل الرأس في الغسل أيضا ، وأين هذا من غسل الوجه خاصّة؟

ونسب إلى العلّامة في عدّة من كتبه (٣) ، والشهيد الأوّل في بعض كتبه (٤) القول بوجوب تخليل اللحية الخفيفة ، وفسّرت بما يرى البشرة منها في مجلس التخاطب.

ونسبه إلى ابن أبي عقيل في «التذكرة» (٥) ، وفي «المختلف» إلى المرتضى وابن الجنيد (٦) ، والشهيد اعترض عليه بأنّ عبارتهما غير دالّة على مطلوبه ، وحملها على

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٧٨ الحديث ٢٠٢ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٣١ الحديث ١١٢٩.

(٢) كشف الغمّة : ٢ / ٢٢٦ و ٢٢٧.

(٣) نسب إليه في ذخيرة المعاد : ٢٧ ، لاحظ! قواعد الأحكام : ١ / ١٠ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٤ و ١٥٥ المسألة ٤٣ ، مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٠ و ٢٨١.

(٤) نسب إليه في ذخيرة المعاد : ٢٧ ، لاحظ! الدروس الشرعيّة : ١ / ٩١ ، البيان : ٤٥ ، اللمعة الدمشقيّة : ١٧.

(٥) لاحظ! تذكرة الفقهاء : ١ / ١٥٥ المسألة ٤٣.

(٦) نسب اليهما في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٠ و ٢٨١ ، لاحظ! الناصريات : ١١٣ و ١١٤ المسألة ٢٦.

٢٨٢

المشهور (١).

ولا يخفى أنّ البشرة إذا كانت مرئية فيجب غسلها ، لأنّها ليست تحت الشعر ، وبالغسل يصل الماء إليها ، ويغسل من غير حاجة إلى التخليل.

وإيصال الماء إلى ما بين شعرين ليس تخليلا ، بل التخليل الإيصال تحت الشعر ، فلعلّه لا نزاع إلّا لفظا.

ولو اريد التخليل الآخر ، فقد عرفت أنّ الظاهر كونه من بدع العامّة ولا وجه للقول به ، ولا القول باستحبابه ، ولا إباحته بالمعنى الأخصّ لو لم نقل بالمنع عنها بالمعنى الأعم أيضا ، بل القول بالمنع عن المعنى الأعم أيضا لا يخلو عن قوّة.

وأمّا المرأة لو نبتت لها لحية يكون حكمها حكم الرجل ، ونقل عليه الإجماع (٢).

نعم ؛ أوجب الشافعي عليها تخليل هذه اللحية ، معلّلا بأنّ المرأة من شأنها أن لا يكون لها لحية ، فكان وجهها في الحقيقة نفس البشرة (٣) ، وفيه ما فيه.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٢٦.

(٢) لاحظ! مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٣.

(٣) فتح الوهّاب : ١٢.

٢٨٣
٢٨٤

٤٩ ـ مفتاح

[المراد من التحديد في الوضوء]

التحديدان في الآية للمغسول والممسوح دون الغسل والمسح ، لأنّه هو المتيقّن ، وللخبر (١) ، ولجواز النكس فيهما ، للصحاح (٢) ، وهو في اليدين إجماع ، بل يجب عند أكثرنا (٣) كوجوب البدأة بالأعلى في الوجه ، ولم يثبت الوجوب عندي لا في ذا ولا في ذاك ، وفاقا للسيّد (٤) والحلّي (٥) لإطلاق الأمر.

نعم يستحب للتأسّي ، وكذا الكلام في مسح الرأس فيستحب الإقبال ، والموجب هنا شاذّ (٦) كما في الرجلين ويدفعه الصحيح : «لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا» (٧).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٨ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٥٧ الحديث ١٥٩ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الحديث ١٠٥٣.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٦ الباب ٢٠ من أبواب الوضوء.

(٣) المعتبر : ١ / ١٤٣ و ١٤٤ ، التنقيح الرائع : ١ / ٨٠ ، لاحظ! رياض المسائل : ١ / ٢٢٨.

(٤) الانتصار : ١٦ و ١٧.

(٥) السرائر : ١ / ٩٩.

(٦) الخلاف : ١ / ٨٣ المسألة ٣١.

(٧) تهذيب الأحكام : ١ / ٥٨ الحديث ١٦١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٦ الحديث ١٠٥٤.

٢٨٥
٢٨٦

قوله : (التحديدان في الآية للمغسول والممسوح).

أقول : هذا بناء على عدم وقوع التغيير في القرآن ، كما هو رأي المصنّف ومن وافقه ، أو عدم وقوع أمثال هذه التغييرات ، أو عدم وقوع التغيير في المقام ، وإن وقع في مقام آخر ، وعدم كون المراد من كلمة «إلى» ، معنى «مع» ، أو «من» ، وإلّا فالمستفاد من رواية هيثم بن عروة التميمي كون التحديد في الغسل فيها للغسل ، حيث قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (١) فقلت : هكذا ، ومسحت من ظهر كفّي إلى المرافق ، فقال : «ليس هكذا تنزيلها ، إنّما هي : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) من (الْمَرافِقِ) ، ثمّ أمرّ يده من مرفقه إلى أصابعه» (٢) ، الحديث.

واورد عليها بأنّها ضعيفة (٣) ، وإن رواها الكليني والشيخ أيضا عنه ، مع أنّ ظاهرها مناف لما تواتر من القراءة ، ولا دليل على حجّية مثله ، إلّا أن يأوّل قوله : «هكذا تنزيلها» على أنّ مراده تعالى من (إِلَى) «من» الابتدائية المقتضية لابتداء الغسل من المرافق.

وربّما يؤيّده كون وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيانا ـ كما سيجي‌ء ـ فتأمّل ، لكن «إلى» هنا بمعنى «مع» ، عند جمع من المفسّرين.

قال الشيخ في «التبيان» : ويجب عندنا غسل الأيدي من المرافق ، وغسل المرافق معها إلى رءوس الأصابع ، ولا يجوز غسلها من الأصابع إلى المرافق ،

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

(٢) الكافي : ٣ / ٢٨ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٥٧ الحديث ١٥٩ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الحديث ١٠٥٣.

(٣) منتهى المطلب : ٢ / ٣٦.

٢٨٧

و «إلى» في الآية بمعنى «مع» ، كقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) (١) وقوله (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (٢) ، ثمّ استشهد بشعر امرء القيس والنابغة (٣).

وفي «الخلاف» أيضا ذكر أنّه قد ثبت عن الأئمّة عليهم‌السلام أنّ المراد بها في الآية معنى «مع» (٤).

وقال الطبرسي في «مجمع البيان» (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، أي : واغسلوا ذلك أيضا ، والمرافق ؛ جمع المرفق ، وهو المكان الذي يرتفق به ، أي يتّكأ [عليه] من اليد ، قال الواحدي : كثير من النحويين يجعلون «إلى» هاهنا بمعنى «مع» ، ويوجبون غسل المرفق وهو مذهب أكثر الفقهاء. إلى آخر ما قال (٥).

وقال في «جوامع الجامع» : لا دليل على دخول المرافق في الوضوء ، إلّا أنّ أكثر الفقهاء ذهبوا إلى وجوب غسلها ، وهو مذهب أهل البيت عليهم‌السلام (٦) ، انتهى. وظاهر ذلك الوجوب بالأصالة ، كما لا يخفى.

ويظهر من «المنتهى» : أن وجوب غسل المرفقين بالأصالة إجماعي عند الشيعة (٧) ، وإن قال في «المدارك» : إنّه ذهب في «المنتهى» وجمع من المتأخّرين إلى أنّ غسلهما من باب المقدّمة لا بالأصالة (٨).

وأعجب من هذا جعله كلام «جوامع الجامع» منشأ لاختيار هؤلاء كونه

__________________

(١) النساء (٤) : ٢.

(٢) الصف (٦١) : ١٤.

(٣) التبيان : ٣ / ٤٥٠ و ٤٥١.

(٤) الخلاف : ١ / ٧٨ المسألة : ٢٦.

(٥) مجمع البيان : ٢ / ٣٦ (الجزء ٦).

(٦) جوامع الجامع : ١ / ٣٢٤.

(٧) منتهى المطلب : ٢ / ٣٣.

(٨) مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٤.

٢٨٨

من باب المقدّمة (١) ، وكلام المحقّق والعلّامة صريح أو ظاهر في الوجوب أصالة (٢) فلاحظ ، وكذا كلام الشهيد الثاني في «المسالك» (٣) ، بل الشهيد الأول أيضا (٤).

وفي «المدارك» أيضا قال : وقد نصّ المرتضى رحمه‌الله وغيره ، على أنّ «إلى» في الآية بمعنى «مع» ، لأنّها تجي‌ء في اللغة بهذا المعنى ، فيجب تنزيلها على ذلك ، توفيقا بين الآية والأخبار المتضمّنة لوصف وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويحتمل كونها للانتهاء ، ويكون التحديد للمغسول ، أمّا جعلها لانتهاء الغسل ؛ فهو باطل لإجماع المسلمين كافّة على جواز الابتداء بالمرفق (٥) ، انتهى.

أقول : ويدلّ على الدخول بالأصالة بعد الإجماعات المذكورة وغيرها ظاهر بعض الأخبار الواردة في الوضوء البياني من أنّه عليه‌السلام غرف غرفة فوضعها على المرفق (٦) ، إذ ظاهره أنّ غسل المرفق في نفسه مطلوب ، كغسل الجبهة والجبينين ، إذ في غسل الوجه قال : غرف فوضعها على الجبهة (٧) ، وفي الخبر الآخر : على جبينيه (٨) ، ولم يقل : على أوّل الناصية.

وربّما يؤيّده أيضا ما ورد من الابتداء في الغسل من المرفق (٩) ، إذ ربّما يظهر منها اتّحاد حال الابتداء مع ما بعده.

__________________

(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٤.

(٢) المعتبر : ١ / ١٤٣ ، شرائع الإسلام : ١ / ٢١ ، منتهى المطلب : ٢ / ٣٣.

(٣) مسالك الأفهام : ١ / ٣٧.

(٤) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٠.

(٥) مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٥ و ٢٠٦.

(٦) الكافي : ٣ / ٢٥ الحديث ٤ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤ الحديث ٧٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الحديث ١٠٢١.

(٧) الكافي : ٣ / ٢٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الحديث ١٠٢١ مع اختلاف.

(٨) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤ الحديث ٧٤.

(٩) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الباب ١٩ من أبواب الوضوء.

٢٨٩

مع أنّ في الوجه ما قال : من الناصية ، بل ورد غسل الجبهة أو الجبينين ، أو قصاص الشعر ، وأمثال ذلك ، فتأمّل فيها!

وبالجملة ؛ لا نزاع بين الشيعة في وجوب غسل المرفق ، إنّما النزاع في وجوبه أصالة أو من باب المقدّمة.

وثمرة النزاع وجوب غسل أزيد من المرفق بشي‌ء قليل من باب المقدّمة لغسله ، ووجوب غسل جزء من العضد ، فيما لو قطعت اليد من المرفق ، إذ على القول بالمقدّمة لم يجب شي‌ء منهما.

مع أنّه روى الشيخ ـ في الصحيح ـ عن رفاعة أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : عن الأقطع اليد والرجل كيف يتوضّأ؟ قال : «يغسل ذلك المكان الذي قطع منه» (١).

وفي الحسن ب ـ إبراهيم بن هاشم ـ عن الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن الأقطع اليد والرجل؟ قال : «يغسلهما» (٢).

قوله عليه‌السلام : «يغسل» في الروايتين تغليب ، أي يغسل ويمسح ، والقرينة هي الضرورة من مذهب الشيعة ، أو الجواب عن الغسل والمسح احيل عليه لاتّحاد حكمهما.

والحمل على التقيّة (٣) لكون ذلك مذهب الشافعي (٤) ليس بسديد ، لأنّ الشافعي لم يكن في زمان الصادق عليه‌السلام ، فضلا عن الباقر عليه‌السلام.

مع أنّه على ذلك أيضا يمكن الاستدلال ، لأنّ كلامهم حجّة إلّا بالنسبة إلى

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٣٥٩ الحديث ١٠٧٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٠ الحديث ١٢٧٤.

(٢) الكافي : ٣ / ٢٩ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٣٦٠ الحديث ١٠٨٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨٠ الحديث ١٢٧٣.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ١٠٢ مع اختلاف يسير.

(٤) المجموع للنووي : ١ / ٣٩١ و ٤٢٦.

٢٩٠

خصوص ما يعلم أنّه تقيّة ، مع أنّه حجّة لحال التقيّة.

فالروايتان أيضا تدلّان على المذهب المشهور ، وعلى أنّ المرفق هو العظمان المتداخلان لا المفصل ، لأنّه لا يبقى منه شي‌ء بعد القطع منه ، حتّى يقال : يجب غسله على القول بوجوبه أصالة ، وعلى هذا القول يجب غسل ما بقي منه استصحابا.

ولقوله عليه‌السلام : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (١) ، و «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (٢) ، و «إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا منه ما استطعتم» (٣).

هذا ؛ لكن روى في الصحيح علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهما‌السلام أنّه سأله : عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضّأ؟ قال : «يغسل ما بقي من عضده» (٤) ، وابن الجنيد عمل بمضمونها دون باقي الأصحاب (٥).

حتّى أنّ العلّامة في «المنتهى» ادّعى الإجماع على عدم الوجوب (٦) ، فيحمل على الاستحباب ، أو كون المراد بقيّة المرفق من العضد حتّى يوافق الخبرين الأوّلين والاستصحاب وغيره من الأدلّة الشرعيّة.

واعلم! أنّ حكم القطع من المرفق ، كما عرفت.

وأمّا القطع من فوق المرفق ؛ فمقتضى الأدلّة سقوط وجوب غسل اليد إلّا على قول ابن الجنيد ومستنده ، فيجب غسل ما بقي من العضد للاستصحاب ،

__________________

(١) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٥ مع اختلاف يسير.

(٢) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٧ مع اختلاف يسير.

(٣) عوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ الحديث ٢٠٦ مع اختلاف يسير.

(٤) الكافي : ٣ / ٢٩ الحديث ٩ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٠ الحديث ٩٩ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٣٦٠ الحديث ١٠٨٦ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٧٩ الحديث ١٢٧٢.

(٥) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١ / ٢٨٧.

(٦) منتهى المطلب : ٢ / ٣٧.

٢٩١

والروايات الثلاث ، وإذا قطعت من تحت المرفق ، فيجب غسل ما بقي من اليد إجماعا ، وللاستصحاب والروايات.

هذا حال اليد ، وحال قطع الرجل حال قطع اليد ، إلّا حكاية مذهب ابن الجنيد ومستنده.

ثمّ اعلم! أنّ الشعر أو الغدّة وأمثالهما إذا كانت على اليد يجب غسلها ، لوجوب غسل اليد ، وغسلها جميعا لا يتحقّق عرفا إلّا بغسل كلّ ما ذكر.

وقال الشهيد بوجوب تخليل الشعر هنا ، لتوقّف غسل اليد عليه ، وهو كذلك (١).

وهل يجب غسل الظفر إن خرج عن حدّ اليد؟ فيه وجهان ، قال بالوجوب العلّامة في «التذكرة» (٢) ، والشهيد في «الذكرى» (٣) ، وهو أحوط ، بل لعلّه أقوى أيضا ، لعدّه جزء اليد عرفا ، فتأمّل!

ولو ثقبت يده ؛ فالظاهر وجوب إدخال الماء في الثقب ، لعدم تحقّق غسل مجموع اليد إلّا به ، والوجه مثل اليد في ذلك.

وفي «الذخيرة» : ينبغي التقييد بالقدر الظاهر من الثقب (٤).

قوله : (بل يجب). إلى آخره.

أقول : اختلف علماؤنا رحمهم‌الله في وجوب الابتداء بالأعلى في غسل الوجه ، وفي اليدين بالمرفق ـ بكسر الميم وفتح الفاء أو بالعكس ـ وهو مجمع عظمي الذراع

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٢.

(٢) تذكرة الفقهاء : ١ / ١٦٠.

(٣) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٣٢.

(٤) ذخيرة المعاد : ٢٩.

٢٩٢

والعضد.

فالمشهور ذهبوا إلى الوجوب ، بل عرفت من كلام الشيخ في «التبيان» وغيره إجماع الشيعة على ذلك (١).

وذهب المرتضى وابن إدريس إلى الاستحباب وتجويز النكس فيهما (٢).

دليل الأول ـ بعد الإجماع المنقول ـ القاعدة الشرعيّة المستفادة من الأخبار المستفيضة الواردة عنهم ، مثل : «لا تنقض اليقين بالشكّ أبدا بل بيقين مثله» (٣) ، لأنّ المكلّف قبل فعل الوضوء كان محدثا جزما ، لأنه المفروض ، فهو باق على حدثه السابق إلى أن يثبت خلافه ، وثبوت الخلاف ـ وهو زوال الحالة المانعة من الصلاة ـ إنّما يحصل في ابتدائه بالأعلى خاصّة.

مع أنّ إطاعة الله تعالى والحجج عليهم‌السلام واجبة علينا جزما ، لقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (٤) ، وغير ذلك من الأدلّة.

والإطاعة عرفا لا تتحقّق إلّا بالوثوق بالإتيان بما امر به ، وهو لا يتحقّق بمجرّد الاحتمال ، سيّما مع كونه مرجوحا من جهة مخالفته المشهور ، لو لم نقل بالإجماع.

وصحيحة زرارة قال : حكى لنا أبو جعفر عليه‌السلام وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا بقدح ماء فأدخل يده اليمنى فأخذ كفّا من ماء فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه (٥) ، الحديث ، فإنّ فعله عليه‌السلام إذا وقع بيانا للواجب المجمل يجب اتباعه ، إلّا فيما

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٢٨٧ و ٢٨٨ من هذا الكتاب.

(٢) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢١٣ ، السرائر : ١ / ٩٩.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٨ الحديث ١١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١ مع اختلاف يسير.

(٤) النساء (٤) : ٥٩.

(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٥٥ الحديث ١٥٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٩٢ الحديث ١٠٢٩ مع اختلاف يسير.

٢٩٣

أخرجه الدليل ، لأنّ العبادة توقيفيّة موقوفة على بيان الشرع.

وما أجاب في «المدارك» و «الذخيرة» بأنّ الآية لا إجمال فيها حتّى يجعل فعله عليه‌السلام بيانا (١) ، لا يخفى فساده ، لما عرفت من أنّ الوضوء توقيفي ، وعدم الإجمال في الآية إنّما ينفع لو كان إنشاء التكليف بالوضوء بها أو يكون بيانا ، وكلاهما فاسدان ، لكون التكليف بالوضوء أوّل البعثة والآية نزلت في آخرها ، والبيان يستوفي ما هو في المجمل.

والآية خالية عن كثير من واجبات الوضوء ، مثل الموالاة والترتيب ، وكون الغسل بالماء الطاهر والمباح. إلى غير ذلك.

ولا شكّ في أنّ مقام نزول الآية لم يكن ما يقتضي أزيد من القدر المذكور فيها ، إذ لو كان لذكر ما زاد عنه قطعا ، لعدم جواز تأخيره عن المقتضي لاستحالة الترجيح من دون مرجّح ، وبين الوضوء وبين القدر المذكور في الآية تفاوت كثير ، فعدم الإجمال في الآية كيف يكون عدم الإجمال في الوضوء؟ فتعيّن كون المبيّن غير الآية ، وليس لنا إلّا فعله عليه‌السلام ، كما لا يخفى.

ولهذا اتّفق المشهور على كون الوضوء المذكور في الصحيحة وأمثالها الوضوء البياني ، وأنّه المبيّن ويجب متابعته إلّا فيما يثبت استحبابه أو إباحته.

ويدلّ على ما ذكر أيضا ورود الأمر بالابتداء من الأعلى في أخبار اخر ، مثل رواية هيثم بن عروة السابقة (٢).

ورواية العيّاشي ، عن صفوان ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (٣). إلى أن قال : فكيف الغسل؟ قال : هكذا ؛ أن

__________________

(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٠ ، ذخيرة المعاد : ٢٧.

(٢) الكافي : ٣ / ٢٨ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٥ الحديث ١٠٥٣.

(٣) المائدة (٥) : ٦.

٢٩٤

يأخذ الماء بيده اليمنى فيصبّه في اليسرى ، ثمّ يفيضه على المرفق. إلى أن قال : قلت له : يردّ الشعر؟ قال : إذا كان عنده آخر فعل وإلّا فلا (١).

ورواية الحميري في كتاب «قرب الإسناد» عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جرير الوقاشي ، قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : كيف أتوضّأ للصلاة؟. إلى أن قال : «ولا تلطم وجهك بالماء لطما ، ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا» (٢).

وهذه الروايات وإن كانت ضعيفة الإسناد (٣) إلّا أنّها منجبرة بالقواعد الشرعيّة ، وبعمل الأصحاب لو لم نقل بالإجماع. والمنجبرة أقوى من الصحيحة ، كما بيّن في محلّه.

ويؤيّده أيضا ما نقل أنّه عليه‌السلام حين أكمل وضوءه ، قال : «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلّا به» (٤).

مع أنّه عليه‌السلام في مقام البيان إن كان ابتدأ من الأسفل لزم وجوبه ، لما عرفت من وجوب الاقتصار على فعله ، حيث لم يصل إلينا بيان قولي ، وقد عرفت عدم الوصول.

واجيب عمّا ذكروا عن الصحيحة المذكورة وما وافقها بأنّه من الجائز أن يكون ابتداؤه بالأعلى لكونه أحد جزئيّات مطلق الغسل المأمور به ، أو لكونه مستحبّا ، أو أقرب إلى العادة (٥).

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ٣٢٩ الحديث ٥٤.

(٢) قرب الإسناد : ٣١٢ الحديث ١٢١٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٩٨ الحديث ١٠٤١.

(٣) في (ك) : وإن ضعف أسنادها.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥ الحديث ٧٦ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٣٨ الحديث ١١٥١.

(٥) مدارك الأحكام : ١ / ٢٠٠ ، ذخيرة المعاد : ٢٧.

٢٩٥

وفيه ؛ أنّ الأقرب إلى العادة صبّ الماء في وسط الوجه ، ولذا ترى العوام يختارونه ، ومع نهي شديد من العلماء عنه يختارون ما قاله العلماء بالمشقّة. وربّما لا يتبعونهم مع ذلك ، وليس إلّا للمشقّة.

ومن هذا ظهر ضعف الاحتمال الأوّل أيضا ، لأنّ أحبّ الدين إلى الله تعالى السهلة ، كما ورد عنه عليه‌السلام (١) وغير ذلك ، فلا وجه لاختيار ما هو أشقّ ، ولم يكن له رجحان شرعا.

مع أنّه لا وجه للالتزام والمواظبة الظاهرة من الأخبار ، بل الأوامر الواردة في أخبار اخر ، والقول بأنّه وضوء لا يقبل الله الصلاة إلّا به ، وغير ذلك ممّا ستعرف.

فظهر الجواب عن احتمال الاستحباب أيضا ، مع أنّ احتمال هذه الامور ليس معناه إلّا أنّه يحتمل مع عدم الابتداء أن يكون آتيا بالمأمور به ، وأن لا يكون آتيا به ، فلا يتحقّق الامتثال لا شرعا ولا عرفا ، كما عرفت.

وممّا يؤيّد ذلك أنّ زرارة ونظراءه مع جلالة قدرهم وعلوّ رتبتهم وفهمهم لمعنى الآية ، كانوا يسألون عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فأجيبوا بوضوء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المتضمّن للواجبات غالبا دون المستحبّات ، مثل المضمضة والاستنشاق والأدعية وأمثالها.

أو كان الأئمّة عليهم‌السلام يقولون لهم : ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ ثمّ يذكرون الامور الواجبة ويقتصرون عليها إلّا الأدعية والآداب المستحبة ، إلّا ما شذّ ، كما لا يخفى على المتأمّل.

بل مرّ في رواية صفوان أنّه سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن كيفيّة الغسل فأجاب

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٩ الحديث ١٦ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢١٠ الحديث ٥٣٧.

٢٩٦

بأنّه كذا ، ولم يقل : إنّه ظاهر من القرآن ، فتأمّل جدّا!

ويدلّ على مذهب المشهور ما سنذكر عن «كشف الغمّة» ، فإنّه في غاية الظهور في ذلك ، كما لا يخفى على المتأمّل.

وممّا ذكر ظهر الجواب عن الاستدلال لمذهب السيّد وابن إدريس بالإطلاقات ، وعدم ثبوت التقييد.

قوله : (وكذا الكلام). إلى آخره.

اختلف علماؤنا رحمه‌الله في جواز المسح بالرأس مقبلا ومدبرا ، فالمشهور بين المتأخّرين الجواز (١).

والسيّد في «الانتصار» ، والشيخ في «النهاية» و «الخلاف» ، وظاهر ابن بابويه عدم الجواز (٢) ، وبه قطع ابن إدريس (٣) ، بل ادّعى المرتضى في «الانتصار» إجماع الإماميّة عليه.

وحجّتهم القاعدة الشرعية من أنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ، واليقين منحصر في المسح مقبلا.

ويعضدهم أيضا قوله عليه‌السلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ أبدا بل بيقين مثله» (٤) ، وقوله عليه‌السلام : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٥) ، وأمثالهما.

ويؤيّدهم أيضا رعاية التناسب بين أجزاء الآية في الغسل أو المسح أيضا.

__________________

(١) منتهى المطلب : ٢ / ٤٩ ، البيان : ٤٧ ، روض الجنان : ٣٥.

(٢) الانتصار : ١٩ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٤ ، الخلاف : ١ / ٨٣ المسألة ٣١ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨.

(٣) نقل عنه في جامع المقاصد : ١ / ٢١٩.

(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ٨ الحديث ١١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١ مع اختلاف يسير.

(٥) عوالي اللآلي : ١ / ٣٩٤ الحديث ٤٠ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٤٤٤ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٧٠ الحديث ٣٣٥١٧.

٢٩٧

حجّة المشهور إطلاقات الآية والأخبار ، والجواب كما مضى في غسل اليدين.

واحتجّوا أيضا بصحيحة حمّاد بن عثمان عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا» (١).

والجواب : مع أنّها موافقة لمذهب العامّة ، يرده ما في «كشف الغمّة» ، عن محمّد بن الفضل ، اختلف الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء أهو من الأصابع إلى الكعبين أم من الكعبين إليها؟ فكتب ابن يقطين إلى الكاظم عليه‌السلام : جعلت فداك أصحابنا اختلفوا في مسح الرجلين فإن رأيت أن تكتب بخطّك ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله ، فكتب الكاظم عليه‌السلام : «فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء» ـ إلى أن قال ـ : «توضّأ كما أمر الله ؛ اغسل وجهك مرّة فريضة واخرى إسباغا ، واغسل يديك من المرفقين كذلك ، وامسح بمقدّم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك» (٢).

مع أنّ تلك الصحيحة واردة بطريقة اخرى أيضا صحيحة أنّه عليه‌السلام قال : «لا بأس بمسح الرجلين مقبلا ومدبرا» (٣) ، فإنّ الظاهر اتّحادهما.

مع أنّه على تقدير التعدّد لا يضرّ أيضا ، لعدم القائل بالفصل.

لكن يظهر من الشيخ في «التهذيب» و «النهاية» أنّه قائل بالفصل (٤) ، إلّا أن يقال : إنّه رجع عنه في كتبه وتصانيفه المتأخّرة ، فلا يبقى عبرة به بعد ما رجع عنه ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٥٨ الحديث ١٦١ ، الاستبصار : ١ / ٥٧ الحديث ١٦٩ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٦ الحديث ١٠٥٤.

(٢) كشف الغمّة : ٢ / ٢٢٥ و ٢٢٦ مع اختلاف.

(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٨٣ الحديث ٢١٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٦ الحديث ١٠٥٥ مع اختلاف يسير.

(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ٥٧٨ ذيل الحديث ١٦٠ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٤.

٢٩٨

وظهر عليه كونه خطأ.

ويعضدها أيضا رواية يونس التي رواها الكليني والشيخ قال : أخبرني من رأى أبا الحسن عليه‌السلام بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب ، ومن الكعب إلى أعلى القدم ويقول : «الأمر في مسح الرجلين موسّع من شاء مسح مقبلا ، ومن شاء مسح مدبرا فإنّه من الأمر الموسّع» (١).

وليس في سند هذه الرواية من يتوقّف في شأنه سوى كونها من رواية محمّد بن عيسى ، عن يونس.

وقد عرفت أنّه لا ضرر فيها من هذه الجهة أيضا ، لعدم صحّة ما ذكره الصدوق وابن الوليد في أنّ ما انفرد به محمّد بن عيسى عن يونس لا يعمل به (٢) ، إذ حقّق في محلّه أنّه لا غبار عليه ، ويونس ممّن أجمعت العصابة (٣) ، فلا يضرّ مجهوليّة الرجل المخبر ، لكن ظاهرها أنّ مسح الرأس لا توسعة فيه ، والاحتياط في مراعاتها.

بل عرفت الإجماع المنقول وغيره ، ولم يثبت إجماع مركّب ، وإن قلنا بعدم العبرة بقول الشيخ بالتفصيل ، فلا يجوز غيره ، بل الأحوط ترك الاستدبار مطلقا.

وما في «الذخيرة» من احتمال كون المسح في هذه الأخبار الجمع بين المقبل والمدبر (٤) ، بعيد مخالف لظاهر رواية يونس ، واتّفاقهم في الفتوى بعدم التكرار في المسح.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣١ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٠٧ الحديث ١٠٥٦.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٣ الرقم ٨٩٦.

(٣) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم : ١٠٥٠.

(٤) ذخيرة المعاد : ٣٤.

٢٩٩
٣٠٠