محمّد باقر الوحيد البهبهاني
المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-2-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٤١
«الحمد» و «اذا جاء» ، وفي الثانية «الحمد» و «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» ، «ثمّ صلّى الثالثة وتشهّد وسلّم ، ثمّ جلس هنيئة يذكر الله تعالى وقام من غير أن يعقّب ، فصلّى النافلة أربع ركعات وعقّب بعدها ، وسجد سجدتي الشكر» (١).
وهذا يصلح أن يكون دليل المفيد و «الذكرى» أيضا ، فتأمّل!
لكن في رواية رجاء بن أبي ضحّاك : أنّ الرضا عليهالسلام كان إذا صلّى المغرب جلس في مصلّاه يسبّح الله ويكبّر ويحمده ويهلّله ما شاء الله ، ثمّ يسجد سجدة الشكر ، ثمّ يرفع رأسه ولم يتكلّم حتّى يقوم ، ويصلّي أربع ركعات بتسليمتين (٢). ولا مانع للكلّ ، ولكن الأولى متابعة المشهور في الفتوى.
الخامسة : روى الصدوق ـ في الصحيح ـ عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام : «من قال في آخر السجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة ، وإن قال كلّ ليلة فهو أفضل : اللهمّ إنّي أسألك بوجهك الكريم واسمك العظيم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي ذنبي العظيم ـ سبع مرّات ـ انصرف وقد غفر له» (٣).
السادسة : في موضع سجدة الشكر في رواية حفص الجوهري ، أنه بعد السبع ركعات (٤) ، كما مرّ في رواية «كشف الغمة» أيضا (٥).
وفي رواية جهم ، عن الكاظم عليهالسلام : أنّه سجد بعد الفريضة ثلاث ركعات
__________________
(١) كشف الغمّة : ٢ / ٣٥٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٠ الحديث ٨٥١٥ مع اختلاف يسير.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ / ١٩٤ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٥٥ الحديث ٤٤٩٦.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٧٣ الحديث ١٢٤٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٩٤ الحديث ٩٦٧٣.
(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١١٤ الحديث ٤٢٦ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٧ الحديث ١٠٣٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٨٩ الحديث ٨٥١٢.
(٥) مرّت الإشارة إليها آنفا.
وقال : «لا تدعها فإنّ الدعاء فيها مستجاب» (١) ، والظاهر أنّها سجدة الشكر ، كما مرّ في رواية رجاء بن أبي ضحّاك أيضا (٢) ، والكلّ حسن ، إلّا أنّ الأوّل موافق للفتوى ، ولعلّه أولى أيضا.
السابعة : ذكر جمع من الأصحاب أنّ الجلوس في الوتيرة أولى (٣) ، لكونها في مكان الركعة الواحدة وبدلها ، كما في الأخبار (٤).
لكن في بعض الأخبار أنّ القيام أولى (٥) ، ومنه ما مرّ في رواية الحارث بن المغيرة : «كان أبي يصلّيهما وهو قاعد ، وأنا اصلّيهما وأنا قائم» (٦) ، فإن مواظبته عليهالسلام على القيام وخلاف طريقة أبيه عليهالسلام دليل تامّ على رجحان القيام ، مضافا إلى العمومات الاخر ، وأبوه عليهالسلام كان رجلا بادنا يشقّ عليه القيام.
وكونها مكان الركعة لا تقتضي رجحان كونها جالسة ، لجواز أن يكون ثواب القيام فيها ثوابا خارجا عن ماهيّتها ، بإزاء القيام والمشقّة التي فيها.
الثامنة : روى الشيخ في «المصباح» عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليهالسلام : «من صلّى بين العشاءين ركعتين قرأ في الاولى : «الحمد» و [قوله :] (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً. إلى [قوله :] وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (٧) وفي الثانية : «الحمد»
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢١٧ الحديث ٩٦٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١١٤ الحديث ٤٢٧ ، لاستبصار : ١ / ٣٤٧ الحديث ١٣٠٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٨٩ الحديث ٨٥١٣.
(٢) مرّت الإشارة إليها آنفا.
(٣) روض الجنان : ١٧٥ ، مدارك الأحكام : ٣ / ١٦ ، الحدائق الناضرة : ٦ / ٦٢.
(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٤٥ الباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض.
(٥) وسائل الشيعة : ٤ / ٥١ الحديث ٤٤٨٨.
(٦) وسائل الشيعة : ٤ / ٤٨ الحديث ٤٤٨١.
(٧) الأنبياء (٢١) : ٨٧ و ٨٨.
وقوله تعالى (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) (١) الآية ، فإذا فرغ من القراءة رفع يديه ، وقال : اللهمّ إنّي أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلّا أنت أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا ، تقول : اللهمّ أنت وليّ نعمتي ، والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي فأسألك بحقّ محمّد وآل محمّد عليه وعليهمالسلام لمّا قضيتها لي ، وما سأل الله حاجة إلّا أعطاه» (٢).
ثمّ اعلم! أنّه توهّم بعض العلماء حيث جعل هاتين الركعتين من جملة الأربع التي هي نافلة المغرب (٣) ، ولا يخفى توهّمه ، لأنّه عليهالسلام أتى بلفظ «ركعتين» نكرة في سياق الإثبات الظاهر في عدم كونه بعضا من الموظّف المعهود ، مضافا إلى عدم تعيين ذلك في كونه أيّ واحد من الركعتين المعهودتين ، مع أنّ من كلمات العموم تشمل من أتى بنافلة المغرب أيضا ، وتسمّى هذه الصلاة بالغفيلة ، لأنّ الشيخ رحمهالله قال ـ مقدّما على ما ذكرنا عنه ـ : ويستحبّ التنفّل بين المغرب والعشاء بما يتمكّن من الصلاة ، وهي التي تسمّى ساعة الغفلة ، فممّا روي من الصلاة في هذا الوقت ما رواه هشام بن سالم ، عن الصادق عليهالسلام. إلى آخر ما ذكرنا عنه ، ثمّ أتى بصلوات اخر كلّ واحدة ركعتان لهذا الوقت (٤).
فظهر منه أنّ الغفيلة غير منحصرة في الصلاة المذكورة ، وهذا هو الظاهر ممّا روى الشيخ مسندا ، والصدوق مرسلا ، عن الرسول صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «تنفّلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين فإنّهما تورثان دار الكرامة» ، قيل : يا رسول الله!
__________________
(١) الأنعام (٦) : ٥٩.
(٢) مصباح المتهجّد : ١٠٦ و ١٠٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ١٢١ الحديث ١٠٢١٧ مع اختلاف يسير.
(٣) الحدائق الناضرة : ٦ / ٧١.
(٤) مصباح المتهجّد : ١٠٦ ـ ١٠٨.
ما ساعة الغفلة؟ قال صلىاللهعليهوآله : «ما بين المغرب والعشاء» (١).
وربّما يظهر من هذه الرواية أنّ نافلة المغرب أيضا من جملة الغفلة ، فتأمّل جدّا! لكن ابن طاوس رحمهالله في كتاب «فلاح السائل» بعد ما روى هذه الرواية بإسناده عن هشام بن سالم ، وذكر ما ذكرناه عن الشيخ ، قال : فإنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : «لا تتركوا ركعتي الغفيلة وهما بين العشاءين» (٢).
فظهر منه أنّها بخصوصها صلاة الغفيلة ، والله يعلم.
ثمّ اعلم! أنّ ما ورد من «أن تارك الفريضة كافر» (٣) ، ليس المراد الكفر الحقيقي بمجرّد الترك بإجماع الشيعة ، فلذا يحمل أمثال هذه الروايات على الترك مستحلا ، لأنّ وجوبها ضروري الدين ، أو أنّ المراد الكفر المجازي المشابه للحقيقي في شدّة العقاب في الجملة ، وأمثال ذلك.
وبالأمرين المذكورين وجّهوا (٤) ما ورد من كفر تارك الزكاة والحجّ وغير ذلك (٥).
لكن التوجيهين ربّما لا يتمشّيان في المقام ، لأنّ المراد إن كان الترك مستحلّا ، فكذا الحال في النافلة التي استحبابها ضروريّ ، والتي ليست بضروريّة ، وإنكارها لعدم الثبوت على المنكر جزما ، أو ظاهرا أو احتمالا ، فلا معصية في تركها البتة.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٤٣ الحديث ٩٦٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٥٧ الحديث ١٥٦٤ ، علل الشرائع : ٣٤٣ الحديث ١ ، معاني الأخبار : ٢٦٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ١٢٠ الحديث ١٠٢١٦.
(٢) فلاح السائل : ٢٤٥ و ٢٤٦.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٤ / ٤١ الباب ١١ من أبواب أعداد الفرائض.
(٤) منتهى المطلب : ١ / ٤٧١ ، ٢ / ٦٤٢ ط. ق ، الحدائق الناضرة : ١٢ / ٨ ، ١٤ / ٢٠.
(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ٣١ الباب ٤ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، ١١ / ٢٩ الباب ٧ من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
وكذلك الإشكال لو كان المراد شدّة العذاب ، لأنّ النافلة لا عذاب في تركها أصلا.
ويمكن أن يكون المراد من المعصية خلاف الطاعة ، فكما أنّ الطاعة الواجبة خلافها معصية حرام ، فكذلك الطاعة المستحبّة خلافها معصية مكروهة ، لأنّ العصيان مخالفة الأمر ، فمخالفة الأمر المستحبّ ، ربّما يسمّى عصيانا.
وقيل : منه قوله تعالى (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (١) لأنّه تعالى أمره بالأمر الإرشادي بترك أكل الشجرة المعهودة ، كي لا يخرج من الجنّة ، فنهيه هذا نهي إرشادي ، والإرشادي يستحبّ امتثاله (٢).
ويشهد على ما ذكرنا تعليله بقوله : (لأنّه يستحبّ إذا عمل). إلى آخره ، إذ لا شبهة في كون ذلك مستحبّا ، كما صرّح به.
هذا ، لكن في بعض الأخبار : «أنّ تارك الصلاة كافر من جهة أنّ تركه لها ليس للشهوة واللذّة ، فلا جرم يكون للاستخفاف بربّه ، وعدم المبالاة به ، وعدم الاعتناء بشأن أوامره ونواهيه» (٣).
لكن ظاهر أنّ هذا أيضا ليس بكفر حقيقي ، لأنّه مقرّ به تعالى ، وسائر اصول الدين ، إلّا أنّه في دينه واعتقاده ضعف ، به يترك الصلاة التي ليس في تركها داع قوي ، مثل المقهوريّة تحت الشهوة وشدّة اللذّة ، فلذا يتركها بشهوة ولذّة ضعيفة غاية الضعف ، وهي لذّة الراحة وعدم التعب الذي في الصلاة.
وبالجملة ، يظهر من الأخبار شدّة تأكّد استحباب النوافل ، حتّى أنّه ورد في
__________________
(١) طه (٢٠) : ١٢١.
(٢) التبيان : ٧ / ٢١٧ ، مجمع البيان : ٤ / ١٥٢ (جزء ١٦).
(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٤١ الحديث ٤٤٦٣ نقل بالمعنى.
صحيحة ابن سنان فيمن فاته شيء من النوافل : «إن كان شغله في طلب معيشة لا بدّ منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شيء عليه ، وإن كان شغله لدنيا تشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء ، وإلّا لقي الله عزوجل وهو مستخفّ متهاون مضيّع لحرمة رسول الله صلىاللهعليهوآله» (١).
لكن ذكر في «الذكرى» : أنّه قد تترك النافلة للعذر ومنه الهمّ والغمّ ، لرواية علي بن أسباط ، عن عدّة منّا : أنّ الكاظم عليهالسلام إذا اهتمّ ترك النافلة ، وعن معمّر بن خلّاد ، عن الرضا عليهالسلام مثله : «إذا اغتمّ» (٢) (٣).
وفي الروايتين ضعف ، والأولى أن لا يترك بحال ، لما ورد فيها من الحثّ البالغ والتأكيد الشديد ، منه ما ذكره.
__________________
(١) المحاسن : ٢ / ٣٢ الحديث ١١٠٤ ، الكافي : ٣ / ٤٥٣ الحديث ١٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٥٩ الحديث ١٥٧٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١١ الحديث ٢٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٧٥ الحديث ٤٥٥٣ مع اختلاف يسير.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١١ الحديث ٢٣ و ٢٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٦٨ الحديث ٤٥٣١ و ٤٥٣٢.
(٣) ذكرى الشيعة : ٢ / ٣١٣.
٣٠ ـ مفتاح
[سبب الأمر بالنوافل]
الإتيان بالنوافل يقتضي تكميل ما نقص من الفرائض بترك الإقبال عليها.
ففي الصحيح : «إنّ العبد ليرفع له من صلاته ثلثها ونصفها وربعها وخمسها ، فما يرفع له إلّا ما أقبل منها بقلبه ، وإنّما أمروا بالنوافل ليتمّ لهم ما نقصوا من الفريضة» (١).
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٣٦٣ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٧١ الحديث ٤٥٤١.
قوله : (والإتيان بالنوافل). إلى قوله : (ففي الصحيح). إلى آخره.
هو صحيح ابن مسلم ، عن الباقر عليهالسلام (١).
وروى ابن مسلم في الصحيح أيضا أنّه قال للصادق عليهالسلام : إنّ عمّار الساباطي روى عنك رواية ، قال : «ما هي؟» قال : قلت : إنّ السنّة فريضة ، قال : «أين يذهب؟ ليس هكذا حدّثته ، إنّما قلت [له] : من صلّى فأقبل على صلاته لم يحدّث نفسه فيها ، أو لم يسه أقبل الله عليه ما أقبل عليها ، فربّما رفع نصفها أو ربعها أو ثلثها أو خمسها ، وإنّما امروا بالسنّة ليكمل بها ما ذهب من المكتوبة» (٢).
وفي رواية اخرى : أنّهم عليهمالسلام حين ما قالوا : لا يقبل الله من الصلاة إلّا ما أقبل عليها بقلبه ، قال الراوي : إذا هلكنا ، فقال المعصوم عليهالسلام : ليس كذلك لأنّ الله يتمّ لكم بالنوافل (٣).
فيحتمل أن يكون المراد أنّ نفس النوافل تجبر ما نقص من الإقبال ، ويحتمل أن يكون المراد إنّ الله قرّر لكم النوافل ، إذا وقع النقص في الإقبال في الفريضة يتدارك ذلك النقص بالإقبال في النافلة ، وعلى هذا الاحتمال أيضا هلكنا ، إلّا من أيده الله ووفّقه منّا.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٣٦٣ الحديث ٢ ، علل الشرائع : ٣٢٨ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤١ الحديث ١٤١٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٧١ الحديث ٤٥٤١.
(٢) المحاسن : ١ / ٩٧ الحديث ١٤ ، الكافي : ٣ / ٣٦٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٧٠ الحديث ٤٥٤٠ مع اختلاف يسير.
(٣) علل الشرائع : ٢٣١ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤١ الحديث ١٤١٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٧٨ الحديث ٧١٠٩ نقل بالمعنى.
٣١ ـ مفتاح
[استحباب صلاة الوتر]
من فاته صلاة الليل فقام قبل الفجر فصلّى الوتر وسنّة الفجر ، كتبت له صلاة الليل ، كذا في الصحيح (١).
والمراد بالوتر الركعات الثلاث اللاتي بعد الثمان ، كما يستفاد من الروايات (٢).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤١ الحديث ١٤١١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٥٨ الحديث ٥٠٨٨.
(٢) انظر! وسائل الشيعة : ٤ / ٩٠ الباب ٢٥ من أبواب أعداد الفرائض.
قوله : (كذا في الصحيح).
هو صحيحة معاوية بن وهب ، عن الصادق عليهالسلام أنّه سمعه يقول : «أما يرضى أحدكم أن يقوم قبل الصبح ويوتر ويصلّي ركعتي الفجر فكتب له صلاة الليل» (١).
وقوله : (كما يستفاد من الروايات).
أقول : يوجد في الأخبار إطلاقه على الركعة الواحدة الأخيرة منها أيضا مكرّرا (٢) ، وعند المتشرّعة أيضا يطلق عليها.
بل يطلق عليها على سبيل الحقيقة ، والحقيقة الشرعيّة إن كانت ثابتة ، فعلى طريقة الحقيقة عند المتشرّعة ، كما لا يخفى.
وعلى تقدير عدم الثبوت فالمجاز الشرعي على طريقة الحقيقة عند المتشرّعة.
نعم ، الظاهر في أمثال المقام هو الثلاث ركعات.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤١ الحديث ١٤١١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٥٨ الحديث ٥٠٨٨ مع اختلاف يسير.
(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٩٠ الحديث ٤٥٨٩ ، ٩٦ الحديث ٤٦٠٩ و ٤٦١٠.
٣٢ ـ مفتاح
[ما يستحبّ ويكره بعد النوافل]
يكره الكلام بين أربع ركعات المغرب ، وبينها وبين المغرب للخبرين (١).
ويستحبّ الضجعة بعد نافلة الفجر على الجانب الأيمن ، والدعاء فيها بالمأثور للمستفيضة الخاصيّة (٢) والعاميّة (٣) ، ويجوز بدلها السجدة والقيام والقعود والكلام للخبرين (٤) ، والضجعة أفضل.
ويكره النوم بعد هاتين الركعتين ، للخبر (٥).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٨٨ الحديث ٨٥١٠ و ٨٥١١.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩١ الباب ٣٢ من أبواب التعقيب.
(٣) انظر! سنن أبي داود : ٢ / ٢١ كتاب الصلاة ، سنن الترمذي : ٢ / ٢٨١ الباب ١٩٤ من أبواب الصلاة.
(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٢ الحديث ٨٥١٧ و ٨٥١٨.
(٥) وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٥ الحديث ٨٥٢٦.
قوله : (ويكره الكلام). إلى آخره.
مرّ الكلام فيه ، وأمّا استحباب الضجعة المذكورة ، فلما روى في «التهذيب» بسنده عن المروزي ، عن أبي الحسن الأخير عليهالسلام أنّه قال : «إيّاك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولكن ضجعة بلا نوم ، فإنّ صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته» (١).
وفي الصحيح ، عن الصادق عليهالسلام أنّه سأله سليمان بن خالد عمّا يقول إذا اضطجع على يمينه بعد ركعتي الفجر؟ فقال : «اقرأ الخمس [آيات التي في آخر] آل عمران (٢). إلى (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (٣) ، وقل : استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ، واعتصمت بحبل الله المتين ، وأعوذ بالله من شرّ فسقة العرب والعجم ، آمنت بالله ، وتوكّلت على الله ، ألجأت ظهري إلى الله ، فوّضت أمري إلى الله ، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكلّ شيء قدرا ، حسبي الله ونعم الوكيل ، اللهمّ من أصبحت حاجته إلى مخلوق فإنّ حاجتي ورغبتي إليك ، الحمد لربّ الصباح ، الحمد لفالق الإصباح ثلاثا» (٤).
وفي «الفقيه» إلى آخر ما ذكر ، مع تفاوت ما ، وقال في آخره : «وصلّ على محمّد وآله» مائة مرّة (٥).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٧ الحديث ٥٣٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٩ الحديث ١٣١٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٥ الحديث ٨٥٢٦.
(٢) في المصادر : الخمس آيات التي في آخر آل عمران.
(٣) آل عمران (٣) : ١٩٠ ـ ١٩٤.
(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٦ الحديث ٥٣٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩١ الحديث ٨٥١٦.
(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٣ و ٣١٤.
وفي الصحيح أيضا ، عن علي بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى عليهالسلام ، عن رجل نسي أن يضطجع على يمينه بعد ركعتي الفجر ، فذكر حين أخذ في الإقامة كيف يصنع؟ قال : «يقيم ويصلّي ويدع ذلك فلا بأس» (١).
وأمّا ما ذكره من الخبرين ، فأحدهما : رواية إبراهيم بن أبي البلاد قال : صلّيت خلف الرضا عليهالسلام [في المسجد الحرام] صلاة الليل فلمّا فرغ جعل مكان الضجعة السجدة (٢).
والثاني : مرسلة رجل عن الصادق عليهالسلام قال : «يجزيك من الاضطجاع بعد ركعتي الفجر القيام والقعود والكلام بعد ركعتي الفجر» (٣).
وأمّا الخبر الدالّ على كراهة النوم بعدهما ، فهو رواية المروزي المذكورة (٤).
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣٨ الحديث ١٣٩٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٣ الحديث ٨٥١٩.
(٢) الكافي : ٣ / ٤٤٨ الحديث ٢٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٧ الحديث ٥٣١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٢ الحديث ٨٥١٧.
(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٧ الحديث ٥٣٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٩٢ الحديث ٨٥١٨.
(٤) مرّت الإشارة إلى مصادرها آنفا.
٣٣ ـ مفتاح
[نوافل يوم الجمعة]
يستحبّ التنفّل يوم الجمعة بعشرين ركعة زيادة على كلّ يوم بأربع ركعات ، والصحاح في توزيعها مختلفة ، ففي بعضها : «ستّ ركعات عند ارتفاع النهار ، وستّ ركعات قبل نصف النهار ، وركعتان إذا زالت الشمس قبل الجمعة ، وستّ ركعات بعد الجمعة» (١). وفي بعضها غير ذلك.
ومنها ما يدلّ على أزيد من ذلك ، ومنها ما يدلّ على أقلّ ، ومنها ما يدلّ على أنّها قبل الفريضة أفضل (٢) ، وفي خبر : «أنّها بعدها أفضل» (٣) ، وهو متأوّل (٤).
والعمل بمضمون الكلّ حسن إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٢٤ الحديث ٩٤٨١.
(٢) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٢٢ الحديث ٩٤٧٤ ، ٣٢٨ الحديث ٩٤٩٥ ، ٣٣٠ الحديث ٩٥٠٠.
(٣) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٢٦ الحديث ٩٤٨٥.
(٤) التأويل : هو أن يحمل الخبر بما إذا زالت ولم يصل النافلة بعد ، فتأخيرها عن الفريضة حينئذ أفضل «منه رحمهالله».