مصابيح الظلام - ج ٢

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٢

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-2-7
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٤١

ولعلّ مراده من الأذان ما ذكرنا من قول : الصلاة ، ثلاثا. ويحتمل التحريم إذا كان منشأ لفوت الفريضة أيّ وقت كان.

وبالجملة ، دليله ما مرّ في الجمعة (١) ، فليلاحظ.

الثاني : لو قنت قبل القراءة ناسيا ، تدارك القراءة واستأنف التكبير والقنوت الذي فعله قبلها ما لم يركع ، فإذا ركع مضى في صلاته وسجد للسهو.

هذا مبني على كون التكبير والقراءة غير ركن ، وقد مرّ الكلام في ذلك (٢).

الثالث : لو نسي التكبيرات أو بعضها ولم يذكر حتّى يركع ، لم يكن عليه إلّا سجود السهو ، وقال الشيخ : يقضيها بعد الصلاة (٣).

ومرّ الكلام في هذا أيضا ، وكذا في القنوت (٤).

الرابع : لو شكّ في عدد التكبيرات بنى على الأقلّ.

وهذا لا يخلو عن إشكال ، لأنّ أصل العدم لا يجري في ماهيّة العبادة.

وما ورد من قوله عليه‌السلام : «إذا شككت فابن على اليقين» (٥) وأنّ هذا أصل سيجي‌ء ما فيه ـ من أنّه على طريقة العامّة ـ مع التأمّل في شموله للمقام ، لأنّ «إذا» من أداة الإهمال.

ويمكن أن يأتي بالمشكوك بنيّة القربة ، وأنّه إن كان جزء للصلاة فبها ، وإلّا فيكون ذكرا ودعاء في وسط الصلاة ، لعدم مانع عنهما.

والأحوط الإعادة ، إلّا أن يكون كثير الشكّ فتصحّ صلاته ، ويبني على أنّه

__________________

(١) راجع! الصفحة : ١١١ من هذا الكتاب.

(٢) راجع! الصفحة : ٣٨٥ ـ ٣٨٧ من هذا الكتاب.

(٣) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ٣١٥ ، منتهى المطلب : ٦ / ٤٠.

(٤) راجع! الصفحة : ٣٨٥ ـ ٣٨٧ من هذا الكتاب.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣١ الحديث ١٠٢٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢١٢ الحديث ١٠٤٥٢.

٤٢١

أتى بالمشكوك ، على أنّه سيجي‌ء في الفريضة اليوميّة أنّ من شكّ في شي‌ء من أفعالها وهو في موضعه أتى به ، وإن دخل فيما بعده فشكّه ليس بشي‌ء ، وهو جار في المقام ، لظاهر الإجماع وبعض الأخبار (١) ، مع أنّ شغل الذمّة اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، فتأمّل!

الخامس : لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ وأتى بالباقي بنفسه ، فإذا خاف فوت الركوع مع الإمام ، أتى من التكبيرات من غير قنوت.

وهذا أيضا مشكل ، لعدم دليل على الصحّة حينئذ على القول بوجوب القنوت.

نعم ، لو أتى بقنوت ما بعد كلّ تكبيرة أمكن القول بالصحّة ، مع الإشكال في ذلك أيضا ، لأنّ المستفاد من الأخبار كون القنوت على قدره المعهود المعروف وما قاربه ، والاحتياط واضح.

السادس : لو شكّ بين الركعتين بطلت صلاته.

وكذا بينهما وبين ما زاد عنهما.

السابع : لو سافر بعد طلوع الشمس قبل صلاة العيد مع وجوبها عليه ، وجب عليه العود واللحوق بها إن أمكنه ذلك ، وإن لم يمكنه لم يعتبر المسافة من البلد إلى الموضع الذي انتفى فيه إمكان العود واللحوق بالصلاة ، لكونه عاصيا في سفره ، ثمّ يعتبر المسافة من ذلك المكان ، فإن كان الباقي مسافة وجب التقصير حينئذ ، وإلّا فلا ، وكذلك لو سافر يوم الجمعة بعد الزوال.

وفي «المختلف» : أنّ الظاهر من كلام المفيد وابن البرّاج ، أنّ الخروج إلى

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٧ الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

٤٢٢

المصلّى قبل طلوع الشمس (١) ، وقال الشيخ في «الخلاف» : وقت الخروج بعد طلوعها (٢) ، واختاره ، واحتجّ بحسنة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام : «ليس في الفطر والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا» (٣) واحتجّ المفيد رحمه‌الله بأنّ فيه المبادرة إلى فعل الطاعة ، وأجاب بأنّ التعقيب أيضا مبادرة وقال أيضا : لو لم يثبت الهلال إلّا بعد الزوال أفطر وسقطت الصلاة فرضا ونفلا. وقال ابن الجنيد : افطروا واغدوا إلى العيد ، واختار الأوّل.

وقال : لنا أنّ الوقت قد فات ، والقضاء بفرض جديد ، والأصل عدمه حتّى يثبت ، ولم يثبت ، بل قد ورد أنّ من فاتته مع الإمام فلا قضاء عليه ، ولأنّ شرطهما شرط الجمعة ، ومن شروط الجمعة بقاء وقتها ، واحتجّ ابن الجنيد بعموم «من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته» (٤) ، وأجاب بأنّ المراد منه اليوميّة. لأنّها المتبادر عند الإطلاق (٥).

ولا يخفى أنّ دليل ابن الجنيد هو صحيحة محمّد بن قيس ، عن الباقر عليه‌السلام : «إذا شهد عند الإمام شاهدان أنّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل الزوال ، فإن شهدا بعد الزوال أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد فصلى بهم» (٦) ومع الصحّة رواها «الكافي»

__________________

(١) المقنعة : ١٩٤ ، نقل عن ابن البرّاج في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٤.

(٢) الخلاف : ١ / ٦٧٥ المسألة ٤٤٩.

(٣) الكافي : ٣ / ٤٥٩ الحديث ١ ، ثواب الأعمال : ١٠٣ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٢٩ الحديث ٢٧٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٩ الحديث ٩٧٦٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الباب ٦ من أبواب قضاء الصلوات.

(٥) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٦ مع اختلاف يسير.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١٠٩ الحديث ٤٦٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٣٢ الحديث ٩٧٧٩.

٤٢٣

أيضا (١).

وروى أيضا بسنده إلى محمّد بن أحمد ـ رفعه ـ قال : «إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أوّل النهار إلى عيدهم» (٢) ورواه في «الفقيه» مرسلا مقطوعا (٣).

فظهر اعتبارها أيضا من رواية «الكافي» ورواية «الفقيه» إيّاها ، مع أنّهما قالا في صدر الكتابين ما قالا.

ويظهر أيضا أنّ الكليني والصدوق أيضا وافقا ابن الجنيد ، فلا غبار على الفتوى ، لصحّة السند واعتضاده بما ذكرنا من «الكافي» والصدوق وغير ذلك.

وعموم «من فاتته» لو لم يكن شاملا كان مؤيّدا ، للتعليق بالوصف المشعر بالعلّية.

ويؤيّده أيضا عمومات ما دلّ على لزوم الصلاة للعيدين وعلّة ذلك ، ولا يضرّ ما ورد من أنّ من فاتته الصلاة مع الإمام ليس عليه قضاء (٤) ، للفرق الواضح بين المقامين.

نعم ، جماعة من العامّة عملوا بمضمون الروايتين ، واختلفوا ، وقال بعضهم : إنّها قضاء ، لكونها من الغد (٥) ، وبعضهم : إنّها أداء ، لكون الغد وقتها في هذه الصورة (٦) ومجرّد هذا يكون مضرّا لا بدّ فيه من تأمّل. وبعض العامّة نفوا هذه الصلاة مطلقا (٧) ، كما هو المشهور عندنا.

__________________

(١) الكافي : ٤ / ١٦٩ الحديث ١.

(٢) الكافي : ٤ / ١٦٩ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٣٣ الحديث ٩٧٨٠.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٠ الحديث ٤٦٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢١ الحديث ٩٧٤٥ ، ٤٢٣ الحديث ٩٧٥٢.

(٥) المجموع للنووى : ٥ / ٢٨ و ٢٩.

(٦) المجموع للنووى : ٥ / ٢٨ و ٢٩.

(٧) المجموع للنووى : ٥ / ٢٨ و ٢٩.

٤٢٤

ثمّ قال : مسألة ، المشهور أنّ مع اختلال الشرائط يستحبّ الإتيان بها كما لو صلّى مع الشرائط. وقال ابن الجنيد : يصلّي مع الشرائط ركعتين ، ومع اختلالها أربعا ، وبه قال علي بن بابويه (١).

وقال الشيخ في «التهذيب» : من فاتته الصلاة يوم العيد ، لا يجب عليه القضاء ، ويجوز له أن يصلّي إن شاء ركعتين ، وإن شاء أربعا من غير أن يقصد القضاء (٢).

لنا : عموم قول الصادق عليه‌السلام : «صلاة العيد ركعتان» (٣) ، وما روى عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابنا ، عن الصادق عليه‌السلام عن صلاة الفطر والأضحى ، فقال : «صلّهما ركعتين في جماعة وغير جماعة وكبّر سبعا وخمسا» (٤).

احتجّ بما رواه أبو البختري ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام : «فإن فاتته العيد فليصلّ أربعا» (٥) ولأنّها عوض عن مساوي الجمعة ، فكان عدده كعدد مساويها. والجواب الطعن في سند الحديث ، والجمعة بدل الظهر ، فإن فاتت وجب البدل بخلاف العيد [ين] (٦) ، [انتهى].

ثمّ اعلم! أنّ ابن الجنيد قال : أربع مفصولات ، محتجّا بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

__________________

(١) نقل عنهما في مفتاح الكرامة : ٣ / ١٩٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣٤ و ١٣٥ ذيل الحديث ٢٩٢.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٢٨ الحديث ٢٧١ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٦ الحديث ١٧٢٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٩ الحديث ٩٧٦٨.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٢٠ الحديث ١٤٦١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣٥ الحديث ٢٩٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٦ الحديث ١٧٢٤ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٦ الحديث ٩٧٥٩.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣٥ الحديث ٢٩٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٦ الحديث ١٧٢٥ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٦ الحديث ٩٧٦٠ مع اختلاف يسير.

(٦) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٦ و ٢٦٧.

٤٢٥

صلاة النهار مثنى مثنى (١) ، خرج اليوميّة بالإجماع (٢).

وعلي بن بابويه قال : موصولات بتسليمة في آخرها ، محتجّا بأصالة براءة الذمّة من التسليم وتكبيرة الافتتاح (٣).

وفي «المختلف» : هذان القولان ساقطان عندنا (٤). وهذا الكلام منه مشعر بخرقهما الإجماع ، والظاهر أنّه كذلك ، مضافا إلى ضعف دليلهما مطلقا إن كان ما ذكره.

ونقل عن ابن إدريس أنّه استحبّ القضاء ، وعن ابن حمزة أنّه فصل القضاء ، وقال بعدم لزوم القضاء إلّا إذا وصل حال الخطبة وجلس مستمعا لها (٥) ، لصحيحة زرارة المتقدّمة في بحث اشتراط الخطبة (٦).

وفيه ، أنّ الظاهر منها القضاء مطلقا ، لا أنّ المستمع خاصّة يقضي ، لأنّ المعصوم عليه‌السلام أمره بالجلوس حتّى يفرغ الإمام.

مع أنّ القضاء بالمعنى الظاهر من هذه الصحيحة لعلّه ليس محلّ تأمّل أحد ، لما عرفت سابقا من أنّ هذه الصلاة مستحبّة عند عدم الإمام ومن نصبه وفاقا ، وإنّما التأمّل في كونها جماعة أو فرادى أو كليهما ، وأنّها ركعتان أو أربع.

وقال الصدوق في «الهداية» في بيان صلاة العيدين : وكبّر [سبع] تكبيرات تقول بين كلّ تكبيرتين ما شئت من كلام حسن. إلى أن قال : وإن صلّيت جماعة بخطبة صلّيت ركعتين ، وإن صلّيت بغير الخطبة صلّيت أربعا بتسليمة واحدة.

__________________

(١) مسند احمد بن حنبل : ٢ / ١٤٨ الحديث ٥١٠١ مع اختلاف يسير.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٧.

(٣) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٧.

(٤) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٧.

(٥) نقل عنهما في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٧٠ ، لاحظ! السرائر : ١ / ٣١٨ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ١١١.

(٦) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٣ الحديث ٩٧٥٢.

٤٢٦

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «من فاتته [صلاة] العيد فليصلّ أربعا» (١). إلى أن قال : ولا صلاة يوم العيد بعد صلاة العيد حتّى تزول الشمس (٢).

وفي «دعائم الإسلام» أيضا : إنّه سأل الصادق عليه‌السلام : عن الرجل [الذي] لا يشهد العيد هل عليه أن يصلّي في بيته؟ قال : «نعم ولا صلاة إلّا مع إمام عدل ومن لم يشهد من رجل او امرأة صلّى أربع ركعات [في بيته] ركعتين للعيد وركعتين للخطبة ، وكذلك من لم يشهد [العيد] من أهل البوادي فيصلّون لأنفسهم أربعا» (٣).

فعلى هذا يحتمل أن تكون الركعتان الاخريان أيضا مستحبّتين على حدة ، كما مرّ عن الشيخ ، سيّما مع التسامح في أدلّة السنن ، لكن الوصل مشكل ، لمخالفته لهيئة الصلاة ، فإنّها على ركعتين ، سوى الظهرين والعشاء وصلاة الأعرابي إن صحّت ، مضافا إلى أنّ الأصل كان ركعتين ، ولا ينافي ذلك إطلاق لفظ الأربع على الإطلاق ، لأنّ تتبّع تضاعيف موارد الاستعمالات يكشف عن كونها ركعتين.

ثمّ اعلم! أنّه ورد في بعض الأخبار : أنّ صلاة العيد يجهر فيها بالقراءة (٤) ، وفي بعض آخر : لا يجهر إلّا الإمام ، لكن انضمّ بها صلاة الجمعة (٥) ، وسيجي‌ء الكلام فيها.

وقال في «التذكرة» : يستحبّ الجهر بالقراءة في صلاة العيدين إجماعا (٦).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣٥ الحديث ٢٩٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٤٦ الحديث ١٧٢٥ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٦ الحديث ٩٧٦٠.

(٢) الهداية : ٢١١ ـ ٢١٣ مع اختلاف يسير.

(٣) دعائم الإسلام : ١ / ١٨٦ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ١٢٢ الحديث ٦٥٨٩ ، ١٢٣ الحديث ٦٥٩٣.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣٠ الحديث ٢٨٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٧٦ الباب ٣٢ من أبواب صلاة العيد.

(٥) قرب الإسناد : ٢١٥ الحديث ٨٤٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٦٢ الحديث ٧٦٢٩.

(٦) تذكرة الفقهاء : ٤ / ١٣٥ المسألة ٤٤٦ مع اختلاف يسير.

٤٢٧

ثمّ اعلم! أنّه يظهر ممّا نقلنا عن الصدوق هنا وفيما سبق ، أنّه أيضا قائل بالمنع عن النوافل بعد صلاة العيدين إلى الزوال ، ولفظة «الصلاة» وإن كانت مطلقا ، إلّا أنّ المتبادر لعلّه النافلة في أمثال المقام ، ولذا نسب إلى الفقهاء كذلك.

نعم ، نقل في «المختلف» عن أبي الصلاح أنّه قال : لا يجوز التطوّع ولا القضاء قبل صلاة العيد ولا بعدها ، لكن قال : هذه عبارة رديّة ، لأنّها توهّم المنع من قضاء الفرائض. إلى أن قال : وما أظنّه يريد سوى ما قصدناه ، يعني قضاء النوافل (١) ، واستدلّ على جواز قضاء الفرائض بالعمومات (٢) الدالّة عليه.

لا يقال : العمومات معارضة بما دلّ على المنع من الصلاة مطلقا.

لأنّا نقول : هذه العمومات أقوى دلالة ، سيّما بملاحظة الفتاوى وأفهام الفقهاء ، وعلى تقدير التقاوم فالأصل الجواز ، لأنّ التعارض بينهما من باب العموم من وجه ، يصحّ أن يكون كلّ منهما مخصّصا للآخر ، كما لا يخفى.

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٩ و ٢٧٠ ، لاحظ! الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٣ الباب ١ ، ٢٥٦ الباب ٢ ، ٢٥٨ الباب ٣ من أبواب قضاء الصلوات.

٤٢٨

٢٤ ـ مفتاح

[وجوب صلاة الآيات]

تجب الصلاة بكسوف أحد النيّرين والزلزلة على المشهور ، للصحيح : «صلاة الكسوف فريضة» (١). وفي رواية : «فإذا انكسفتا أو إحداهما فصلّوا» (٢).

وفي الزلزلة : فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال : «صلّ صلاة الكسوف» (٣).

وقيل باستحبابها في الزلزلة (٤) ، والأكثر على وجوبها للرياح المظلمة وغيرها من أخاويف السماء المخوّفة لعامّة الناس ، وفاقا للأكثر (٥) ، لظاهر الصحاح (٦).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٢٠ الحديث ١٤٥٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٣ الحديث ٩٩١٥.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٦٣ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٥٤ الحديث ٣٢٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٥ الحديث ٩٩٢٣ مع اختلاف يسير.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٣ الحديث ١٥١٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٦ الحديث ٩٩٢٦.

(٤) لم نعثر على هذا القول ، لكن قال البحراني رحمه‌الله ـ بعد ما نقل هذا عن المصنّف رحمه‌الله ـ : (ولم نقف على قائل بذلك) ، الحدائق الناضرة : ١٠ / ٣٠٠.

(٥) المقنع : ١٤١ ، الخلاف : ١ / ٦٨٢ ، المهذّب : ١ / ١٢٤.

(٦) لاحظ! وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٣ الباب ١ من أبواب صلاة الكسوف والآيات.

٤٢٩

وقيل : بل تستحبّ لذلك (١) ، وقيل : بل تجب للريح المخوّفة والظلمة الشديدة خاصّة (٢).

__________________

(١) نقله المحقّق في شرائع الإسلام : ١ / ١٠٣.

(٢) نقله المحقّق في شرائع الإسلام : ١ / ١٠٣.

٤٣٠

قوله : (تجب الصلاة بكسوف). إلى آخره.

يطلق على خسوف القمر أيضا لفظ الكسوف لغة وعرفا وشرعا ، بل ورد في صحيحة زرارة وابن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام : «كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو فزع أو ريح فصلّ له صلاة الكسوف حتّى يسكن» (١).

وربّما ورد في غيرها أيضا ، والفقهاء أيضا ربّما يطلقون على الصلاة التي للأخاويف أيضا صلاة الكسوف.

أجمع علماؤنا كافّة على وجوب هذه الصلاة بكسوف الشمس والقمر والزلزلة على الأعيان ، نقله في «التذكرة» (٢) ، وفي «المعتبر» أيضا نسبه إلى الأصحاب (٣).

ويدلّ على ذلك صحيحة جميل ، عن الصادق عليه‌السلام : أنّها فريضة لكسوف الشمس (٤).

وصحيحة ابن اذينة ، عن رهط ـ وهم الفضيل وزرارة وابن مسلم وبريد ـ عن أحدهما عليهما‌السلام ، ومنهم من روى عنهما عليهما‌السلام جميعا : «إنّ صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات ، صلّاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والناس خلفه في كسوف الشمس ، ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها» (٥).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٦٤ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٦ الحديث ١٥٢٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٥٥ الحديث ٣٣٠ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٦ الحديث ٩٩٢٤.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٤ / ١٦٧ المسألة ٤٧٠.

(٣) المعتبر : ٢ / ٣٢٨.

(٤) الكافي : ٣ / ٤٦٤ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩٣ الحديث ٨٨٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٣ الحديث ٩٩١٤ و ٩٩١٥.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٥٥ الحديث ٣٣٣ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٢ الحديث ٩٩٤١.

٤٣١

وصحيحة اخرى ، عن جميل : «صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة» (١).

والرواية النبويّة المشهورة ـ التي ذكرها المصنّف ، إذ يظهر من سياقها كون هذه الصلاة موظّفة شرعا للكلّ على نهج واحد ـ : «إذا انكسفتا أو إحداهما فصلّوا» (٢). إلى غير ذلك.

ورواية سليمان الديلمي ، عن الصادق عليه‌السلام : «إذا أراد الله أن يزلزل الأرض أمر الملك أن يحرّك عروقها فيحرّك بأهلها» قلت : فإذا كان كذلك فما أصنع؟ قال : «صلّ صلاة الكسوف» (٣) ، وضعفها منجبر بالشهرة ، بل الإجماع.

وصحيحة الفضلاء السابقة (٤) ، وغيرها مثل ما رواه في «دعائم الإسلام» عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «تصلّي في الرجفة والزلزلة والريح العظيمة والظلمة والآية تحدث وما كان مثل ذلك ، كما يصلّي في كسوف الشمس والقمر سواء» (٥).

ولعلّ مراد المصنّف من القائل بالاستحباب أبو الصلاح ، إذ نقل عنه أنّه لم يتعرّض لغير الكسوفين (٦).

لكن لم يذكر أحد أنّه تعرّض لاستحبابه ، ومع ذلك في «المختلف» : إنّ أبا الصلاح لم يتعرّض لذكر غير الكسوفين (٧) ، وإن كان خالي رحمه‌الله نقل ، كما ذكرت

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٢٠ الحديث ١٤٥٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤١٩ الحديث ٩٧٣٩.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٥٤ الحديث ٣٢٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٥ الحديث ٩٩٢٣ مع اختلاف يسير.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٣ الحديث ١٥١٧ ، علل الشرائع : ٥٥٦ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٦ الحديث ٩٩٢٦.

(٤) مرّت الإشارة إليها آنفا.

(٥) دعائم الإسلام : ١ / ٢٠٢ ، مستدرك الوسائل : ٦ / ١٦٥ الحديث ٦٦٨٥.

(٦) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٧٨ ، لاحظ! الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٧) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٧٨ ، لاحظ! الكافي في الفقه : ١٥٥.

٤٣٢

أوّلا (١) ، ولعلّه كان سقط في مختلفه.

لكن في «المدارك» أيضا كما ذكره خالي رحمه‌الله (٢) ، ولعلّه أخذه من «المدارك» ، وظاهر «المدارك» ، اعتماده على الإجماع ورواية الديلمي بالنسبة إلى الزلزلة ، كما لا يخفى على المتأمّل.

وفي «مجالس الصدوق» بسنده إلى الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام : «إنّ الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة ، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكّروا قيام القيامة وافزعوا إلى مساجدكم» (٣).

قوله : (والأكثر على وجوبها). إلى آخره.

وهم الشيخ والمفيد والمرتضى وابن الجنيد وابن أبي عقيل وابن إدريس من القدماء (٤) ، مضافا إلى المتأخّرين (٥) والصحاح ، منها صحيحة زرارة وابن مسلم السابقة (٦).

وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن الصادق عليه‌السلام عن الريح والظلمة التي تكون في السماء والكسوف؟ فقال عليه‌السلام : «صلاتهما سواء» (٧).

وصحيحة ابن مسلم وبريد بن معاوية ، عن الباقر والصادق عليهما‌السلام : «إذا وقع

__________________

(١) بحار الأنوار : ٨٨ / ١٤٥.

(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ١٢٧.

(٣) أمالي الصدوق : ٣٧٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٧ الحديث ٩٩٢٧.

(٤) المقنعة : ٢١٠ ، رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٤٦ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٣٦ ، نقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٧٨ ، السرائر : ١ / ٣٢٠ و ٣٢١.

(٥) ذكرى الشيعة : ٤ / ٢٠٢ ، روض الجنان : ٣٠٣ ، مدارك الأحكام : ٤ / ١٢٧.

(٦) راجع! الصفحة : ٤٣١ من هذا الكتاب.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤١ الحديث ١٥١٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٦ الحديث ٩٩٢٥.

٤٣٣

الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة ، فإذا فرغت فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى» (١) ، الحديث.

وصحيحة الفضلاء السابقة (٢) ربّما يكون دليل المنكر ، إذ يظهر من السياق لزومها وكونها موظّفة للأمور المذكورة خاصّة ، وكونها بالنسبة إلى الكلّ على نهج واحد.

وأمّا القائل بالاستحباب فيها ، فلم نطّلع عليه سوى ما ذكرنا عن أبي الصلاح (٣) ، وقد عرفت ما فيه.

نعم ، في «الشرائع» : وقيل : لا ، بل يستحبّ للريح المخوفة والظلمة الشديدة حسب (٤) ، فتأمّل!

ويمكن أن يكون مراد المصنّف من القول بالاستحباب القول بعدم الوجوب ، لكنّه بعيد عن عبارته.

فيحتمل أن يكون حكمه بقوله بالاستحباب من جهة أنّه بعيد يرد هذه الصحاح بالمرّة ، فيكون قائلا بالاستحباب ، فتأمّل!

وأمّا القائل بالوجوب في الرياح المخوفة والظلمة الشديدة خاصّة زائدا على الوجوب للكسوفين والزلزلة ، فهو الشيخ في «النهاية» (٥). وينسب إلى جمله القول بالوجوب للرياح المظلمة السود خاصّة زائدا على الوجوب المذكور (٦).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٦ الحديث ١٥٣٠ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩١ الحديث ٩٩٣٧ ، مع اختلاف.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٣١ من هذا الكتاب.

(٣) مرّ آنفا.

(٤) شرائع الإسلام : ١ / ١٠٣.

(٥) النهاية للشيخ الطوسي : ١٣٦.

(٦) نسب إليه في الحدائق الناضرة : ١ / ٣٠٢ ، لاحظ! الرسائل العشر (الجمل والعقود) : ١٩٤.

٤٣٤

والذي وجدت في نهايته ، أنّه على وفق ما نسب إليه في جمله (١). ولعلّ ذكره خصوص الرياح السود من باب المثل ، لأنّ طريقته رحمه‌الله في نهايته أنّه يفتي بنفس مضامين الأخبار التي ذكرها في «التهذيب» و «الاستبصار» ، كما لا يخفى على المطّلع ، مع أنّه لا وجه لاقتصاره عليها من جهة الأخبار والأدلّة.

واحتجّ في «المختلف» للمانعين بالأصل ، وأنّه لم ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فعلها لغير الكسوف (٢). والأصل لا يعارض الدليل ، وعدم النقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يستلزم العدم واقعا ، سلّمنا ، لكنّها ذات سبب ، فلعلّه لم يتحقّق سببه له.

وقوله : (المخوفة لعامّة الناس).

يقتضي أن يكون الخوف الحاصل لبعض الناس غير مضرّ ، إذ ربّما كان جبانا يخاف من شي‌ء سهل ، وإطلاق لفظ «الأخاويف» ينصرف إلى الفروض الشائعة.

فعلى هذا ، لو كسف بعض الكواكب جرم أحد النيرين ، لم يكن فيه صلاة ، لأنّ أغلب الناس لا يخافون من مثله ، إلّا أن يقال : عدم خوفهم ، لعدم اطّلاعهم ، ولو كانوا يطّلعون لكانوا يخافون ، كما هو الحال في الأخاويف المسلّمة ، فإنّ غير المطّلع بها لا يخاف البتة ، والخوف فرع الاطّلاع ، لكن كون العامّة يخافون من مثله إن اطّلعوا محلّ تأمّل ، وكذا كون الأخاويف التي لا يطّلع عليها إلّا نادر موجبا للصلاة ، والأحوط أن يصلّي المطّلع عليه.

__________________

(١) لم ترد في (ز ٣) : في جمله.

(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٨٠.

٤٣٥
٤٣٦

٢٥ ـ مفتاح

[كيفيّة صلاة الآيات]

هذه الصلاة عشر ركعات وأربع سجدات بالإجماع والصحاح (١) ، ويشترط فيها زيادة على ما يشترط في اليوميّة ، العلم بالآية لاستحالة تكليف الغافل.

نعم ، يجب القضاء في الكسوفين مع الاستيعاب وعدم العلم ، ولكنّه فرض مستأنف ، كما يأتي.

واشترط بعضهم في غير الزلزلة اتّساع الوقت (٢) ، وفيه نظر.

__________________

(١) راجع! وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٢ الباب ٧ من أبواب صلاة الكسوف والآيات.

(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ١٣٠.

٤٣٧
٤٣٨

قوله : (هذه الصلاة). إلى آخره.

وكيفيّة هذه الصلاة أن ينوي ، ثمّ يكبّر للإحرام ، ثمّ يقرأ «الحمد» وسورة ، ثمّ يركع ، ثمّ يرفع رأسه ، فإن كان لم يتمّ السورة قرأ (١) من حيث قطع تلك السورة من دون أن يقرأ الحمد ، وإن كان أتمّ قرأ (٢) «الحمد» ، ثمّ يقرأ سورة ، حتّى يتمّ خمس ركعات على هذا الترتيب ، ثمّ يركع ويسجد سجدتين ، ثمّ يقوم ويقرأ «الحمد» وسورة معتمدا ترتيبه الأوّل ، ثمّ يركع ويسجد سجدتين ويتشهّد ويسلّم ، فيكون عشر ركعات بحسب الركوع ومن جهته ، وركعتين بحسب السجود ومن جهته.

يدلّ على ذلك صحيحة ابن اذينة ، عن رهط ـ وهم الفضيل وزرارة ومحمّد بن مسلم وبريد بن معاوية ـ عن كليهما عليهما‌السلام ، ومنهم من رواه عن أحدهما عليهما‌السلام : «إنّ صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات ، صلّاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والناس خلفه في كسوف الشمس ، ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها».

ورووا : «أنّ الصلاة في هذه الآيات كلّها سواء ، وأشدّها وأطولها كسوف الشمس ، تبدأ فتكبّر بافتتاح الصلاة ، ثمّ تقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع ، ثمّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع الثانية ، ثمّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع الثالثة ، ثمّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع الرابعة ، ثمّ ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثمّ تخرّ

__________________

(١) في (د ٢) و (ز ٣) : قرأ الآن.

(٢) في (د ٢) و (ز ٣) : قرأ الآن.

٤٣٩

ساجدا فتسجد سجدتين ، ثمّ تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الاولى» ، قال : قلت : وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات ففرقها بينها؟ قال : «أجزأه أمّ القرآن في أوّل مرّة ، فإن قرأ خمس سور فمع كلّ سورة أمّ القرآن والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع إذا فرغت من القراءة ، ثمّ تقنت في الرابعة مثل ذلك ، ثمّ في السادسة ، ثمّ في الثامنة ، ثمّ في العاشرة» (١).

وصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم المرويّة في «الكافي» قالا : سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن صلاة الكسوف كم هي ركعة وكيف نصلّيها؟ فقال : «هي عشر ركعات وأربع سجدات ، تفتتح الصلاة بتكبيرة ، وتركع بتكبيرة ، وترفع رأسك بتكبيرة إلّا في الخامسة التي تسجد فيها ، وتقول : سمع الله لمن حمده ، وتقنت في كلّ ركعتين قبل الركوع ، وتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة والركوع والسجود ، فإن فرغت قبل أن ينجلي فاقعد وادع الله حتّى ينجلي ، إن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتمّ ما بقي ، وتجهر بالقراءة».

قال : قلت : كيف القراءة فيها؟ قال : «إن قرأت سورة في كلّ ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب ، وإن نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت ولا تقرأ فاتحة الكتاب» ، قال : «وكان يستحبّ أن يقرأ فيها «الكهف» و «الحجر» إلّا أن يكون إماما يشقّ على من خلفه ، وإن استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يخبيك بيت فافعل ، وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر ، وهما سواء في القراءة والركوع والسجود» (٢).

ويستفاد من هاتين الصحيحتين التخيير الذي ذكرنا بين قراءة سورة كاملة

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٥٥ الحديث ٣٣٣ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٢ الحديث ٩٩٤١.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٦٣ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٤ الحديث ٩٩٤٦.

٤٤٠