مكارم الاخلاق

رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي

مكارم الاخلاق

المؤلف:

رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي


المحقق: محمد الحسين الاعلمي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٦
الصفحات: ٤٨٠

ويعرض عميه بقلبه ، فلما قمنا قال : يا حسن إذا كان الغد إن شاء الله فعد أنت وصاحبك إلي ، فلما كان من الغد قلت لصاحبي : إذهب بنا إلى أبي جعفر عليه‌السلام ، فقال : إذهب ودعني ، قلت : سبحان الله أليس قد قال : [ غدا ] عد أنت وصاحبك؟ قال : إذهب أنت ودعني ، فوالله ما زلت به حتى مضيت به ، فدخلنا عليه ، فإذا هو في بيت ليس فيه إلا حصى ، فبرز وعليه قميص غليظ وهو شعث (١) ، فمال علينا ، فقال : دخلتم علي أمس في البيت الذي رأيتم وهو بيت المرأة وليس هو بيتي وكان أمس يومها ، فتزينت لها وكان علي أن أتزين لها كما تزينت لي وهذا بيتي فلا يعرض في قلبك ـ يا أخا البصرة ـ ، فقال ، ـ جعلت فداك ـ قد كان عرض ، فأما الان فقد أذهبه الله.

من كتاب المحاسن ، عن إسماعيل بن يوشع قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن فتاة قد ارتفعت علتها؟ قال : اخضب رأسها بالحناء ، فإن الحيض سيعود إليها ، قال : ففعلت ذلك ، فعاد إليها الحيض.

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : في الخضاب ثلاث خصال : هيبة في الحرب ومحبة إلى النساء ويزيد في الباه.

عن الحسن بن جهم قال : قلت لعلي بن موسى عليه‌السلام خضبت؟ قال : نعم بالحناء والكتم ، أما علمت أن في ذلك لاجرا ، إنها تحب أن ترى منك مثل الذي تحب أن ترى منها ( يعني المرأة في التهيئة ) ولقد خرجن نساء من العفاف إلى الفجور ما أخرجهن إلا قلة تهئ أزواجهن.

عن علي بن موسى عليه‌السلام قال : أخبرني أبي ، عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام أن نساء بني إسرائيل خرجن من العفاف إلى الفجور ، ما أخرجهن إلا قلة تهيئة أزواجهن وقال : إنها تشتهي منك مثل الذي تشتهي منها.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خضاب الرأس واللحية من السنة.

__________________

١ ـ الشعث ـ بفتح الشين وكسر العين ـ : الاشعث. وهو الذي شعره مغبرا متلبدا.

( مكارم الأخلاق ـ ٦ )

٨١

عن عبد الله بن عثمان ، عن الحسن بن الزيات قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام وهو في بيت منجد ، ثم عدت إليه من الغد وهو في بيت ليس فيه إلا حصى ، فبرز وعليه قميص غليظ ، فقال : البيت الذي رأيتم أمس ليس هو بيتي ، إنما هو بيت المرأة وكان أمس يومها.

عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : لا ينبغي للمرأة أن تدع يدها من الخضاب ولو تمسحها بالحناء مسحا ولو كانت مسنة.

من الفردوس ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحناء سيد ريحان [ أهل ] الجنة ، النائم في الحناء كالمتشحط في سبيل الله.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحناء خضاب الاسلام ، يزين المؤمن ويذهب بالصداع ويحد البصر ويزيد في الجماع والحسنة بعشرة والدرهم بسبعمائة.

عن مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : عليكم بسيد الخضاب ، فإنه يزيد في الجماع ويطيب البشرة. وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضل ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم.

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اختضبوا بالحناء ، فإنه يزيد في شبابكم وجمالكم ونكاحكم وحسن وجوهكم ويباهى الله بكم الملائكة. والدرهم في سبيل الله بسبعمائة والدرهم في الخضاب بسبعة آلاف ، فإذا مات أحدكم وأدخل قبره دخل عليه ملكاه ، فإذا نظر إلى خضابه قال أحدهما لصاحبه : أخرج عنه ، فما لنا عليه من سبيل.

عن جعفر بن محمد ، [ عن آبائه ] عليهم‌السلام قال : رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للمرأة أن تخضب رأسها بالسواد. قال : وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النساء بالخضاب ـ ذات البعل وغير ذات البعل ـ ، أما ذات البعل فتتزين لزوجها وأما غير ذات البعل فلا تشبه يدها يد الرجال.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تختضب النفساء.

وعن أبي عبد الله عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام: أنه نهى عن القنازع والقصص ونقش الخضاب (١).

__________________

١ ـ القنازع ـ جمع القنزعة ـ وهي الشعر حول الرأس. والخصلة من الشعر تترك على الرأس. والقصص جمع القاصة ـ بالضم ـ : شعر الناصية تقص حذاء الجبهة. وقيل : كل خصلة من الشعر.

٨٢

الفصل الرابع

في كراهية الخضاب للجنب والحائض وما جاء في ترك الخضاب

وكراهية وصل الشعر

( في كراهية الخضاب )

من كتاب اللباس ، عن علي بن موسى عليه‌السلام قال : يكره أن يختضب الرجل وهو جنب.

وقال عليه‌السلام : من اختضب وهو جنب أو أجنب في خضابه لم يؤمن عليه أن يصيبه الشيطان بسوء.

عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : لا تختضب وأنت جنب ولا تجنب وأنت مختضب ولا الطامث (١) ، فإن الشيطان يحضرها عند ذلك ولا بأس به للنفساء.

عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : لا تختضب الحائض.

عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمام المدينة فإذا رجل في المسلخ ، فقال : ممن القوم؟ فقلنا : من أهل العراق ، فقال : من أي العراق؟ قلنا : من الكوفة ، قال : مرحبا بكم وأهلا يا أهل الكوفة ، أنتم الشعار دون الدثار ، ثم قال : ما يمنعكم من الازار؟ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : عورة المسلم على المسلم حرام ، قال : فبعث عمي إلى كرباسة [ فجئ بكرباسة ] فشقها أربعة ، ثم أخذ كل واحد منا واحدة ، ثم دخلنا فيها ، فلما كنا في البيت الحار صمد (٢) لجدي ، فقال : يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي : أدركت من هو خير منك ومني ولا يختضب ، فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه ، ثم قال : ومن ذلك الذي هو خير منك ومني؟ قال : أدركت علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهو لا يختضب ، قال : فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال : صدقت وبررت ، ثم قال : يا كهل إن تختضب فإن رسول الله

__________________

١ ـ الطامث : الحائض.

٢ ـ الصمد : القصد.

٨٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خضب وهو خير من علي وإن تترك فلك بعلي أسوة ، فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الشيخ ، فإذا هو علي بن الحسين عليه‌السلام ومعه ابنه محمد عليه‌السلام.

عن سليمان بن هارون العجلي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أخضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : نعم ، فقلت : خضب علي عليه‌السلام؟ قال : لا ، ولكن خضب أبي وجدي ، فإن خضبت فحسن وإن تركت فحسن.

عن حريز بن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الخضاب فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخضب وهذا شعره عندنا.

عن حفص الاعور قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في الخضاب؟

ـ خضاب اللحية والرأس ـ ، فقال : من السنة ، قال : قلت : فأمير المؤمنين لم يختضب؟ قال : إنما منع أمير المؤمنين عليه‌السلام قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ستخضب هذه من هذه.

وعنه عليه‌السلام قال : ترك الخضاب بؤس.

( في كراهية وصل الشعر )

عن سليمان بن خالد قال : قلت له : المرأة تجعل في رأسها القرامل (١) قال : يصلح لها الصوف وما كان من شعر المرأة نفسها وكره أن توصل المرأة من شعر غيرها ، فإن وصلت بشعرها الصوف أو شعر نفسها فلا بأس به.

عن عمار الساباطي (٢) قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : إن الناس يروون : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن الوصلة والموصولة ، قال : فقال : نعم ، قلت : التي تمشط وتجعل في الشعر القرامل؟ قال : فقال لي : ليس بهذا بأس ، قلت : فما الواصلة والموصولة؟

__________________

١ ـ القرامل ـ جمع قرمل كزبرج ـ : ما تشد المرأة على رأسها من الصوف والخيوط والشعر.

٢ ـ هو ابواليقظان عمار بن موسى الساباطي ينسب إلى ساباط موضع قريبة من المدائن ، من أصحاب جعفر الصادق وموسى الكاظم عليهما‌السلام ، ثقة وله كتاب كبير ، جيد ، معتمد ، وكان هو وأخواه قيس وصباح كلهم من الثقاة. وقال علماء الرجال : إن عمار وإن كان فطحيا إلا أنه ثقة في النقل لا يطعن عليه فيه.

٨٤

فقال : الفاجرة والقوادة (١).

عن أبي بصير (٢) قال : سألته عن قص النواصي ـ تريد به المرأة الزينة لزوجها ـ وعن الخف (٣) والقرامل والصوف وما أشبه ذلك؟ قال : لا بأس بذلك كله. قال محمد : قال يونس : يعني لا بأس بالقرامل إذا كانت من صوف ، وأما الشعر فلا يوصل الشعر بالشعر لان الشعر ميت.

عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يحل لامرأة إذا هي حاضت أن تتخذ قصة ولا جمة (٤).

الفصل الخامس

في الخاتم وما يتعلق به

( في لبس أنواع الخاتم وكراهيته )

من كتاب اللباس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قاوموا خاتم أبي عبد الله عليه‌السلام فأخذه أبي بسبعة ، قال : قلت : سبعة دراهم؟ قال : سبعة دنانير.

عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مم كان؟ فقال : كان من ورق (٥).

سأل بعض أصحابنا أباعبد الله عليه‌السلام ، فقال له : أي شيء كان خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : كان ورقا فيه مكتوب « محمد رسول الله » ، قلت : كان له فص؟

__________________

١ ـ القوادة : المرأة التي تجمع بين الذكر والانثى حراما.

٢ ـ واعلم أن أبا بصير مشترك بين الرواة ، ولعله أبوبصير ليث بن البختري المرادي من أصحاب محمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم : وكان من أصحاب الاجماع.

٣ ـ الحف : إصلاح الشعر ، وحفت المرأة وجهها من الشعر أي زينته.

٤ ـ القصة ـ بضم القاف ـ : شعر الناصية تقص حذاء الجبهة. والجمة ـ بضم الجيم ـ : مجتمع شعر الرأس.

٥ ـ الورق بالتثليث : الفضة. الدرهم المضروبة.

٨٥

عن السكوني (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما طهر الله يدا فيها خاتم من حديد.

عن أبي عبد الله ، عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسبع ونهانا عن سبع : عن خاتم الذهب ، وعن الشرب في آنية الذهب ، وفي آنية الفضة وعن الجلوس على المياثر الحمر (٢) وعن الارجوان ، وعن الحرير ، وعن الاستبرق ، وأمر بعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وإفشاء السلام ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإبرار القسم وتسميت العاطس.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : إياك أن تتختم بالذهب ، فإنه حليتك في الجنة.

عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا أقول : نهاكم عن التختم بالذهب.

عن داود بن سرحان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذهب يحلى به الصبيان؟ قال : كان أبي ليحلي ولده ونساءه بالذهب والفضة ولا بأس به.

عن محمد بن علي ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتختم بخاتم من ذهب ، فطفق الناس ينظرون إليه ، فوضع يده على خنصره ، ثم رجع إلى منزله فرماه.

في طب الائمة ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : إنه نهى عن لبس الفص البجادي ، قال : إن زيد بن علي كان في يده فص بجادي (٣) يوم قتل.

وروي أنه كان لامير المؤمنين عليه‌السلام أربع خوايتم : خاتم فصه ياقوت أحمر يتختم به لنبله (٤) وخاتم فصه عقيق أحمر يتختم به لحرزه ، وخاتم فصه فيروزج يتختم به

__________________

١ ـ هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني الكوفي ، من أصحاب جعفر الصادق عليه‌السلام ، له كتاب كبير وكتاب النوادر ، وكان رحمه‌الله قاضي الموصل.

٢ ـ المياثر ـ جمع الميثرة بالكسر غير مهموزة وأصله واوي والميم زائدة ـ : ما يحشى بقطن أو صوف تتخذ للسرج ويجعله الراكب تحته. ومراكب تتخذ من الحرير والديباج وهو الاوفق بالمقام.

٣ ـ بجادي : منسوب إلى بجاد ، اسم موضع.

٤ ـ النبل والنبالة : الفضل والنجابة. ويمكن أن يكون من نبل بالسهم أي رمى به.

٨٦

لظفره وخاتم فصه حديد صيني يتختم به لقوته ، ونهى شيعته أن يتختموا بالحديد.

وقال عليه‌السلام في وصيته لاصحابه : من نقش خاتمه وفيه أسماء الله فليحوله عن اليد التي يستنجي بها إلى المتوضئ.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تختموا بخواتيم العقيق ، فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تختموا بالعقيق ، فإن جبريل عليه‌السلام أتاني به من الجنة ، فقال : يا محمد تختم بالعقيق ومر أمتك أن يتختموا به.

( في فصوص الخواتيم )

من كتاب اللباس ، عن الحسين بن عبد الله قال : سألته عن الفص من حجارة زمزم يتختم به؟ قال : نعم ولكن إذا أراد الوضوء نزعه من يده.

عن أحمد بن محمد قال : رأيته وعليه خاتم من عقيق ، فقال : كيف ترى هذا الخاتم ونزعه من يده؟ فقال : انظر إليه [ فنظرت إليه ] وقلت : ما أحسنه! فقال : ما زلت أعرف من الله النعم منذ لبسته وإنه ليدخلني الاشفاق عليه ، فأنزعه إذا أردت الوضوء ، ولقد دخلت الطواف ليلا فبينا أنا أطوف إذ دخلتني الشفقة عليه ، فنزعه من إصبعي ، فوضعته في كفي فسقط ، فقمت قائما أتبصره ، فأتاني آت ، فقال : ما يقيمك؟ قلت : سقط خاتمي ، فضرب بيده الارض فقال : هاكه ، فأخذته منه.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : التختم بالياقوت ينفي الفقر ، ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضى له بالحسنى.

من طب الائمة ، روى معاذ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : من تختم بالعقيق ختم الله له بالامن والايمان.

وروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : تختموا بالعقيق ، فإنه أول جبل أقر لله عزوجل بالربوبية ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ولعلي عليه‌السلام بالوصية وهو الجبل الذي كلم الله عزوجل عليه موسى تكليما ، والمتختم به إذا صلى صلاته علا على المتختم بغيره من ألوان الجواهر أربعين درجة.

٨٧

عن سليمان الاعمش (١) قال : كنت مع جعفر بن محمد عليه‌السلام على باب أبي جعفر المنصور ، فخرج من عنده رجل مجلود بالسوط ، فقال [ لي ] : يا سليمان [ ف ] انظر ما فص خاتمه؟ قلت : يا ابن رسول الله فصه غير عقيق ، فقال يا سليمان أما إنه لو كان عقيقا لما جلد بالسوط ، قلت : يابن رسول الله زدني؟ قال يا سليمان : هو أمان من قطع اليد قلت : يابن رسول الله زدني؟ قال : يا سليمان هو أمان من الدم ، قلت : يابن رسول الله زدني؟ قال : يا سليمان إن الله عز وجل يحب أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فص عقيق قلت يابن رسول الله زدني؟ قال : العجب [ كل العجب ] من يد فيها فص عقيق كيف تخلو من الدنانير والدراهم ، قلت يابن رسول الله زدني؟ قال : يا سليمان إنه حرز من كل بلاء ، قلت يابن رسول الله زدني؟ قال : يا سليمان هو أمان من الفقر ، قلت : يابن رسول الله أحدث بها عن جدك الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام ، قال : نعم.

من كتاب ثواب الاعمال ، عن الرضا عليه‌السلام قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يقول : من اتخذ خاتما من فضة فصه عقيق لم يفتقر ولم يقض له إلا بالتي هي أحسن.

عن علي عليه‌السلام قال : تختموا بالعقيق يبارك عليكم وتكونوا في أمن من البلاء.

عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : شكا رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قطع عليه الطريق ، فقال له : هلا تختمت بالعقيق؟ فإنه يحرس من كل سوء.

قال أبوجعفر عليه‌السلام : من تختم بالعقيق لم يزل ينظر إلى الحسنى مادام في يده ولم يزل عليه من الله واقية.

__________________

١ ـ هو أبومحمد سليمان بن مهران الكوفي ، المعروف بالاعمش ، كان من علماء القرن الثاني ومن رجال الفرس ، وكان من أصحاب الامام جعفر الصادق عليه‌السلام بل من خواص أصحابه ، المعروف بالفضل والثقة والجلالة والتشيع والاستقامة والعامة أيضا مثنون عليه ، مطبقون على فضله وثقته ، مقرون بجلالته مع إعترافهم بتشيعه. وكان من الزهاد والفقهاء ومحافظا على الصلاة في جماعة ، وكان يقرأ كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة. وكان فصيحا عالما بالفرائض ومحدث أهل الكوفة في زمانه وروى عنه خلق كثير من أجلاء العلماء ويقاس بالزهري في الحجاز ، يقال : إنه ظهر له أربعة آلاف حديث.

وكان لطيف الخلق مزاجا ونقلوا عنه نوادر كثيرة. كان مولده رحمه‌الله بالكوفة في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي ٧ وتوفى في ٢٥ ربيع الاول سنة ١٤٧.

٨٨

عن عبد الرحمن القصير قال : بعث الوالي إلى رجل من آل أبي طالب في جناية ، فمر بأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : اتبعوه بخاتم عقيق؟ قال : فاتبع بخاتم فلم ير مكروها.

عن عبد المؤمن الانصاري قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما افتقر كف يتختم بالفيروزج.

عن علي بن مهزيار قال : دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام فرأيت في يده خاتما فصه فيروزج ، نقشه الله الملك ، قال : فأدمت النظر اليه ، فقال لي : ما لك تنظر؟ هذا حجر أهداه جبريل عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الجنة فوهبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام ، تدري ما اسمه؟ قال : قلت : فيروزج ، قال : هذا اسمه بالفارسية ، تعرف اسمه بالعربية؟ قال : قلت : لا ، قال : هو الظفر.

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : تختموا بالجزع اليماني ، فإنه يرد كيد مردة الشياطين (١).

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نعم الفص البلور.

من كتاب مناقب الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. تختموا بالزبرجد ، فإنه يسر لا عسر فيه.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : التختم بالزمرد ينفي الفقر.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من تختم بالياقوت الاصفر لم يفتقر.

( في نقوش الخواتيم )

من كتاب اللباس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان نقش خاتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « محمد رسول الله » ونقش خاتم علي عليه‌السلام « الله الملك » ونقش خاتم أبي جعفر عليه‌السلام « العزة لله ».

عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، قال : أخرج إلينا خاتم أبي عبد الله عليه‌السلام وكان نقشه : « أنت ثقتي فاعصمني من خلقك ».

__________________

١ ـ الجزع ـ واحدته جزعة ـ : خرز فيه سواد وبياض. والخرز ـ محركة ـ : فصوص من حجارة.

٨٩

عن إبراهيم بن عبد الحميد مثل ذلك ، قال : وأخرج إلينا خاتم أبي الحسن عليه‌السلام فكان نقشه : « حسبي الله » وفيه وردة في أسفل الكتاب وهلال في أعلاه.

عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام أنه كان خاتمه من فضة وكان نقشه : نعم القادر الله.

عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام ، قال : قلت له : إنا روينا في الحديث أنه كان نقش خاتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « محمد رسول الله »؟ قال : صدقوا ، قال : فقال لي : تدري ما كان نقش خاتم آدم عليه‌السلام؟ قال : قلت : لا ، قال : كان نقش خاتم آدم لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله قال ابن خالد : قال لي أبوالحسن عليه‌السلام إن الله أوحى إلى نوح عليه‌السلام إذا استويت يا نوح أنت ومن معك على الفلك فهلل ألف مرة ثم سلني حاجتك ، قال : فلما ركب ورفع القلع (١) عصفت عليه الريح فلم يأمن نوح الغرق حيث اضطربت السفينة ، فقال : إن أنا هللت ألف مرة خفت أن تغرق السفينة قبل أن أفرغ من ذلك فأجمل الامر جملة بالسريانية ، فقال : ألفا هو هو هو يا بارئ اتقن قال : فاستوت السفينة وسلمه الله ، قال نوح : إن كلاما نجوت به ومن معي ممن آمن من الغرق ينبغي أن أتختم به ولا يفارقني ، قال الحسين بن خالد : فقلت لابي الحسن عليه‌السلام : وما تفسير كلام نوح عليه‌السلام؟ قال : هذا كلام بالسريانية وتفسيره بالعربية لا إله إلا الله ألف مرة يا الله أصلح. قال : قال : وكان نقش خاتم إبراهيم عليه‌السلام ستة أحرف نزل بها جبريل عليه‌السلام حين وضع في كفة المنجنيق ، فقال له : يا إبراهيم إن الله يقرؤك السلام ويقول لك : طب نفسا فلا بأس عليك ، وأمرة أن يتختم بذلك الخاتم ، فجعل الله النار عليه بردا وسلاما ، وكانت الستة الاحرف [ هي ] : « لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، توكلت على الله ، أسندت ظهري إلى الله ، فوضت أمري إلى الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله فكان هذا نقش خاتم إبراهيم عليه‌السلام. وكان نقش خاتم سليمان بن داود عليه‌السلام « سبحان من ألجم الجن بكلمته ». ونقش خاتم موسى عليه‌السلام حرفين اشتقهما من التوراة : « أصبر توجر أصدق تنج ». وكان نقش خاتم عيسى عليه‌السلام حرفين من الانجيل « طوبى لعبد ذكر الله من أجله ، والويل لعبد نسي الله

__________________

١ ـ القلع ـ بالكسر ـ : شراع السفينة.

٩٠

من أجله ».

الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام قال : كان نقش خاتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « محمد رسول الله » وخاتم أمير المؤمنين عليه‌السلام « الله الملك ». وخاتم الحسن بن علي عليه‌السلام « العزة لله » وخاتم الحسين عليه‌السلام « إن الله بالغ أمره ». وخاتم علي بن الحسين عليه‌السلام خاتم أبيه. وأبوجعفر الكبير عليه‌السلام خاتمه خاتم جده الحسين أيضا. وخاتم جعفر بن محمد عليه‌السلام « الله وليي وعصمتي من خلقه ». وخاتم أبي الحسن الاول عليه‌السلام حسبي الله وأبي الحسن الثاني عليه‌السلام « ما شاء الله لا قوة إلا باالله ». قال الحسين بن خالد ومديده إلي وقال عليه‌السلام : خاتمي خاتم أبي. ونقش خاتم أبي جعفر الثاني عليه‌السلام « حسبي الله حافظي » هكذا كان على خاتم أبي جعفر عليه‌السلام. وعلى خاتم أبي الحسن الثالث عليه‌السلام « الله الملك ».

عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الخاتم فيه اسم الله هل يكره لبسه ويدخل فيه الخلاء ويجنب الرجل وهو عليه؟ قال : كان نقش خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « محمد رسول الله ». ونقش خاتم علي عليه‌السلام « الله الملك » ونقش خاتم أبي جعفر عليه‌السلام « العزة لله ». ونقش خاتم أمير المؤمنين عليه‌السلام الخاتم الذي من جوهر الحديد الصيني الابيض الصافي وعليه منقوش هذه الاسطر على سبعة أسطر وكان يلبسه في الحرب عند الشدائد أعددت لكل هول لا إله إلا الله ولكل كرب لا حول ولا قوة إلا بالله ولكل مصيبة نازلة حسبي الله ولكل ذنب وكبيرة أستغفر الله. ولكل هم وغم فادح ما شاء الله ولكل نعمة متجددة الحمد لله ، ما بعلي بن أبي طالب من نعم فمن الله.

عن إسماعيل بن موسى قال : كان خاتم جدي جعفر بن محمد عليه‌السلام فضة كله وعليه يا ثقتي قني شر جميع خلقك وأنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي علي عبد الله بن جعفر فاشتراه أبي.

عن علي عليه‌السلام قال : من كان نقش خاتمه ما شاء الله لا قوة إلا بالله أستغفر الله فذكر في ذلك ثوابا عظيما.

عن الباقر عليه‌السلام : من كان نقش خاتمه آية من كتاب الله غفر الله له. ورأيت

٩١

نقش خاتم القاسم ( وربك فكبر ) (١).

عن الرضا ، عن جده الصادق عليهما‌السلام قال : كان نقش أبي محمد بن علي الباقر عليه‌السلام « ظني بالله حسن وبالنبي المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن ».

عن محمد بن عيسى قال : سمعت الموفق (٢) يقول : قدام أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : وأراني خاتما في إصبعه ، فقال لي : أتعرف هذا الخاتم؟ فقلت له : نعم أعرف نقشه ، فأما صورته فلا ، وكان خاتم فضة كله وحلقته وفصه فص مدور وكان عليه مكتوبا حسبي الله وفوقه هلال وأسفله وردة ، فقلت له : خاتم من هذا؟ فقال : خاتم أبي الحسن عليه‌السلام ، فقلت له : وكيف صار في يدك؟ قال : لما حضرته الوفاة دفعه إلي ، ثم قال لي : لا تخرج من يدك إلا إلى علي ابني.

( في كيفية التختم )

من كتاب اللباس ، عن بحر (٣) قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التختم في اليمين وقلت : إني رأيت بني هاشم يتختمون في أيمانهم ، فقال : نعم كان أبي يتختم في يمينه وكان أفضلهم وأفقههم.

عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام قال : قلت له : إنا روينا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يستنجى وخاتمه في إصبعه وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين عليه‌السلام. وكان نقش خاتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « محمد رسول الله » ، قال : صدقوا ، قلت : وكذلك ينبغي لنا أن نفعل؟ قال : لا ، إن اولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى وإنكم أنتم تتختمون في اليد اليسرى ، قال : فسكت.

عن ابن القداح ، عن أبي جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام أن عليا والحسن والحسين

__________________

١ ـ سورة ٧٣ آية ٣.

٢ ـ هو موفق بن هارون من أصحاب علي بن موسى ومحمد بن علي عليهما‌السلام بل من خواص أبي جعفر الثاني محمد بن علي عليه‌السلام وأصحاب سره ومن خدامه وملازميه وأنه ثقة ويظهر من بعض الروايات أنه أخرج أبي جعفر الثاني عليه‌السلام وهو طفل على صدره.

٣ ـ إعلم أن بحر مشترك بين خمسة نفر كلهم من أصحاب الصادق عليه‌السلام.

٩٢

عليهم‌السلام كانوا يتختموا في أيسارهم (١).

عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن أخيه عليهم‌السلام قال : كان الحسن والحسين عليهما‌السلام يتختمان في يسارهما.

عن الصادق عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أنهى أمتي عن التختم في السبابة والوسطى.

( في دعاء لبس الخاتم )

« اللهم سو مني بسيماء الايمان (٢) وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الاسلام من عنقي ».

( في نقش فص يصلح لكل علة )

من طب الائمة ، ينقش على بركة الله عزوجل في أول جمعة من شهر رمضان على فص حديد صيني على هذا المثال « كعسلهون لا اه لا الاول بالله لا آلاء إلا آلاؤك يا الله سطرين ».

الفصل السادس

في التزيين للنساء بالحلى والاسورة وغير ذلك

( في تزين النساء بالخمار والحلى وما يكره لهن )

من كتاب اللباس ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وما كان خمارها إلا هكذا : وأومأ بيده إلى وسط عضده وما استثنى أحدا.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس من الخمر والدروع التي لا تواري شيئا.

__________________

١ ـ ابن القداح هو عبد الله بن ميمون القداح مولى بني مخزوم من أصحاب جعفر الصادق ٧ ، وكان من فقهاء الشيعة ، ثقة وله كتب ، منها كتاب مبعث النبي وأخباره وكتاب صفة الجنة والنار. ولعل الرواية محمول على التقية.

٢ ـ يقال : سوم الشيء تسويما : جعل عليه سيمة. والسومة والسيمة والسيماء : العلامة والهيئة.

٩٣

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا يصلح للمرأة المسلمة أن تلبس الخمر والدروع التي لا تواري شيئا وهي تلبسه.

عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام وسئل عن حلي الذهب للنساء؟ فقال ليس به بأس ولا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق في رقبتها قلادة ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها بالحناء مسحا ولو كانت مسنة.

( في الاسورة )

عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد السفر سلم على من أراد التسليم عليه من أهله ، ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة عليها‌السلام فيكون توجهه إلى سفره من بيتها ، وإذا رجع بدأ بها ، فسافر مرة وقد أصاب علي عليه‌السلام شيئا من الغنيمة ، فدفعه إلى فاطمة ، ثم خرج ، فأخذت سوارين من فضة وعلقت على بابها سترا ، فلما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل المسجد ، فتوجه نحو بيت فاطمة عليها‌السلام كما كان يصنع ، فقامت فرحة إلى أبيها [ صبابة وشوقا إليه ] (١) ، فنظر صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر ، فقعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث ينظر إليها ، فبكت فاطمة وحزنت وقالت : ما صنع هذا أبي قبلها ، فدعت ابنيها ونزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يدها ، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الاخر ، ثم قالت لهما : انطلقا إلى أبي فاقرئاه السلام وقولا له : ما أحدثنا بعدك غير هذا ، فما شأنك به؟ فجاءاه فأبلغاه ذلك عن أمهما ، فقبلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه ، ثم أمر بذينك السوارين فكسرا ، فجعلهما قطعا قطعا ، ثم دعا أهل الصفة ـ قوم من المهاجرين ـ لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسمه بينهم قطعا ، ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذي لا يستتر بشيء. وكان ذلك الستر طويلا وليس له عرض ، فجعل يؤزر الرجل فإذا التقا عليه قطعه حتى قسمه بينهم أزرا ، ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال رؤوسهم وذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا ركعوا وسجدوا بدت عورتهم

__________________

١ ـ الصبابة ـ بالفتح ـ : الشوق والولع الشديد ورقة الهوى. والسوار : حلية كالطوق تلبسه المرأة في معصمها أو زندها.

٩٤

من خلفهم ، ثم جرت به السنة أن لا ترفع النساء رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا الستر من كسوة الجنة وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة.

عن الكاظم عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على ابنته فاطمة وفي عنقها قلادة فأعرض عنها ، فقطعها ورمت بها فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني يا فاطمة ، ثم جاء سائل فناولته القلادة.

( في تشبيك الاسنان بالذهب أو بسن غيره )

عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : وسألته عن الثنية تنقصم ، أيصلح أن تشبك بالذهب وإن سقطت يجعل مكانها ثنية شاة؟ قال : نعم ، إن شاء فليضع مكانها ثنية (١) شاة او نحوها بعد أن تكون ذكية.

عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل تنقصم سنة ، أيصلح له أن يسدها بذهب وإن سقطت أيصلح أن يجعل مكانها سن شاة؟ قال : نعم ، إن شاء فليشدها أو ليجعل مكانها سنا بعد أن يكون ذكية.

عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأله أبي ـ وأنا حاضر ـ عن الرجل يسقط سنة فيأخذ من أسنان إنسان ميت فيجعله مكانها؟ قال : لا بأس.

__________________

١ ـ الثنية : أسنان مقدم الفم ـ ثنتان من فوق وثنتان من أسفل ـ والجمع ثنايا. والانقصام بالقاف : انكسار الثنية من النصف. وفي بعض النسخ ( تنفصم ) بالفاء وهي الانكسار من غير بينونة.

٩٥

الباب السادس

في اللباس والمسكن وما يتعلق بهما ، وهو عشرة فصول

( هذا الباب بأسره مختار من كتاب اللباس إلا قليلا أذكره في موضعه )

الفصل الاول

في التجمل باللباس وكيفية لبسه والدعاء عند اللبس

( في التجمل )

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن ابن عباس لما بعثه أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه وتطيب بأطيب طيبه وركب أفضل مراكبه وخرج اليهم فواقفهم ، فقالوا : يا ابن عباس بيننا أنت خير الناس إذا أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم ، فتلا عليهم هذه الاية : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) (١) فألبس وأتجمل ، فإن الله جميل يحب الجمال وليكن من حلال.

عن إسحاق بن عمار قال : سألته عن الرجل الموسر المتجمل يتخذ الثياب الكثيرة ـ الجباب (٢) والطيالسة ( ولها عدة ) والقمص ـ يصون بعضها ببعض ويتجمل بها ، أيكون مسرفا؟ قال : فقال : إن الله يقول ( لينفق ذو سعة من سعته ) (٣).

عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : الدهن يظهر الغنى والثياب تظهر الجمال وحسن الملكة يكبت الاعداء.

عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام8 قال : وقف رجل على باب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستأذن عليه ، قال : فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد في حجرته ركوة فيها ماء ، فوقف يسوي

__________________

١ ـ سورة الاعراف آية ٣٠.

٢ ـ الجباب ـ بالكسر ـ : جمع الجبة ـ بالضم والتشديد ـ : ثوب واسع يلبس فوق الثياب.

٣ ـ أي على قدر وسعه. والاية في سورة الطلاق آية ٧.

٩٦

لحيته وينظر إليها ، فلما رجع داخلا قالت له عائشة : يا رسول الله ـ أنت سيد ولد آدم ورسول رب العالمين ـ وقفت على الركوة ، تسوي لحيتك ورأسك ، قال : يا عائشة إن الله يحب إذا خرج عبده المؤمن إلى أخيه أن يتهيأ له وأن يتجمل.

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : تهيئة الرجل للمرأة مما تزيد في عفتها.

( في لباس السري (١) )

عن سفيان الثوري (٢) قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : أن تروي أن علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يلبس الخشن وأنت تلبس القوهي (٣) والمروي! قال : ويحك إن علي بن أبي طالب كان في زمان ضيق ، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى به.

عن الحسن بن علي عنه ـ يعني الرضا عليه‌السلام ـ قال : كان يوسف يلبس الديباج ويتزر بالذهب ويجلس على السرير وإنما يذم إن كان يحتاج إلى قسطه.

وكان علي بن الحسين عليه‌السلام يلبس الثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه.

عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : بينا أنا في الطواف إذا رجل يجذب ثوبي ، فالتفت فإذا عباد البصري ، فقال : يا جعفر بن محمد تلبس مثل هذا الثوب وأنت في الموضع الذي أنت فيه من علي عليه‌السلام. قال : فقلت له : ويلك هذا الثوب قوهي اشتريته بدينار وكسر وكان علي عليه‌السلام في زمان يستقيم له ما لبس فيه ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا هذا لقال الناس : هذا مراء مثل عباد (٤).

__________________

١ ـ السري : الشريف ، من سرا يسرو وسرى يسري كان سريا أي صاحب مروة وسخاء.

٢ ـ هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي ، المتوفى سنة ١٦١ ، كان من علماء العامة ومحدثيهم ، قيل أصله من مرو.

٣ ـ القوهي : ثياب بياض ، ينسب إلى قوهستان أو قوها ، كورة بين نيسابور وهراة.

٤ ـ المراد به عباد بن كثير البصري وقيل ابن بكير البصري ولعله سهو من الناسخ.

( مكارم الاخلاق ـ ٧ )

٩٧

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ليتزين أحدكم لاخيه إذا أتاه كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة.

عن أبي خداش المهري (١) قال : مر بنا بالبصرة مولى للرضا عليه‌السلام يقال له : عبيد ، فقال : دخل قوم من أهل خراسان على أبي الحسن عليه‌السلام فقالوا له : إن الناس قد أنكروا عليك هذا اللباس الذي تلبسه ، قال : فقال لهم : إن يوسف بن يعقوب عليه‌السلام كان نبيا ابن نبي ابن نبي وكان يلبس الديباج ويتزرر بالذهب ويجلس مجالس آل فرعون فلم يضعه ذلك وإنما [ يذم لو ] احتيج منه إلى قسطه وإنما على الامام أنه إذا حكم عدل [ وإذا وعد وفى ] وإذا حدث صدق. وإنما حرم الله الحرام بعينه ما قل منه وما كثر ، وأحل الله الحلال بعينه ما قل منه وما كثر.

عن محمد بن عيسى قال : أخبرني من أخبر عنه أنه قال : إن أهل الضعف من موالي يحبون أن أجلس على اللبود وألبس الخشن وليس يتحمل الزمان ذلك (٢).

( في كثرة الثياب )

عن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال : نعم ، قلت : عشرين؟ قال : نعم ، وليس ذلك من السرف إنما السرف أن يجعل ثوب صونك ثوبك بذلتك (٣).

عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله ، قال : قلت : يكون للمؤمن مائة ثوب؟ قال : نعم.

عن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي إبراهيم الكاظم عليه‌السلام الرجل يكون له عشرة أقمصة ، أيكون ذلك من السرف؟ فقال : لا ولكن ذلك أبقى لثيابه ، ولكن السرف أن تلبس ثوب صونك في المكان القذر.

__________________

١ ـ اسمه عبد الله بن خداش البصري المهري ، ينسب إلى مهرة محلة بالبصرة ، كان من أصحاب الكاظم عليه‌السلام ، وله كتاب.

٢ ـ اللبود جمع اللبد ـ بالكسر ـ : البساط من صوف وما يجعل على ظهر الفرس.

٣ ـ ثياب الصون : التي تلبس للتجمل. والبذلة : الثوب الرث الخلق وثوب الخدمة وما يلبس كل يوم. يقال : بذل الثوب وابتذله أي لبسه في أوقات الخدمة والامتهان.

٩٨

( في الدعاء عند اللبس )

عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في ثوب يلبسه : « اللهم اجعله ثوب يمن وبركة ، اللهم ارزقني فيه شكر نعمتك وحسن عبادتك والعمل بطاعتك ، الحمد لله الذي رزقني ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس ».

وعنه عليه‌السلام أيضا قال : من قطع ثوبا جديدا وقرأ ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ستا وثلاثين مرة ، فإذا بلغ ( تنزل الملائكة ) قال : تنزل الملائكة ، ثم أخذ شيئا من الماء ورش بعضه على الثوب رشا خفيفا ، ثم صلى فيه ركعتين ودعا ربه عزوجل وقال في دعائه : « الحمد لله الذي رزقني ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي وأصلي فيه لربي » وحمد الله ، لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب.

عن أبي جعفر عليه‌السلام وسألته عن الرجل يلبس الثوب الجديد ، فقال عليه‌السلام : يقول : « بسم الله وبالله ، اللهم اجعله ثوب يمن وتقوى وبركة ، اللهم ارزقني فيه حسن عبادتك وعملا بطاعتك وأداء شكر نعمتك ، الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس ».

من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن صالح الازرق ، عن جده مدان قال : ما رأيت رجلا قط كان أزهد في الدنيا من علي عليه‌السلام ولا أقسم بالسوية ، لا والله ما لبس قط ثوبين قطوانيين حتى هلك وما كان يلبسهما يومئذ إلا سفلة الناس (١).

عن علي بن أبي ربيعة قال : رأيت على علي عليه‌السلام ثيابا فقلت : ما هذا؟ فقال : أي ثوب أستر منه للعورة وأنشف للعرق؟

عن الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام : من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر الذي فيها يكفيه ، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شيء يكفيه.

روي عن عبد الاعلى مولى آل سام قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : إن الناس يروون أن لك مالا كثيرا ، فقال : ما يسوءني ذلك ، إن أمير المؤمنين عليه‌السلام مر ذات

__________________

١ ـ القطوان ـ محركة ـ : موضع بالكوفة ومنه الاكسية. والسفلة ـ محركة ـ : جمع السافل.

٩٩

يوم على ناس شتى من قريش وعليه قميص مخرق ، فقالوا : أصبح علي لا مال له ، فسمعها علي عليه‌السلام فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان منه بشيء وأن يوفره ثم يبيعه الاول فالاول ويجعله دراهم ففعل ذلك وحملها إليه فجعلها حيث التمر ، ثم قال للذي يقوم عليه : إذا دعوت بتمر فاصعد فاضرب المال برجلك كأنك لا تعمد الدراهم حتى تنثرها ، ثم بعث إلى رجل منهم يدعوه ، ثم دعا بالتمر ، فلما لم ير التمر ضرب برجله فانتثرت الدراهم ، فقالوا : ما هذا المال يا أبا الحسن؟ قال : هذا مال من لا مال له ، فلما خرجوا أمر بذلك المال ، فقال : انظروا كل أهل بيت كنت أبعث اليهم من التمر فابعثوا اليهم من هذا المال بقدره ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا أحب أن يرووا غير ذلك.

عن مختار التمار قال : كنت أبيت في مسجد الكوفة وأنزل في الرحبة (١) وآكل الخبز من البقال وكان من أهل البصرة ، فخرجت ذات يوم فإذا رجل يصوت بي : إرفع ازارك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك ، فقلت : من هذا؟ فقيل : علي بن أبي طالب ، فخرجت أتبعه وهو متوجه إلى سوق الابل ، فلما أتاها وقف وقال : يا معشر التجار إياكم واليمين الفاجرة فإنها تنفق السلعة وتمحق البركة ، ثم مضى حتى أتى إلى التمارين فإذا جارية تبكي على تمار ، فقال : ما لك؟ قالت : إني أمة أرسلني أهلي أبتاع لهم بدرهم تمرا ، فلما أتيتهم به لم يرضوه ، فرددته ، فأبى أن يقبله ، فقال : يا هذا خذ منها التمر ورد عليها درهمها ، فأبى ، فقيل للتمار : هذا علي بن أبي طالب ، فقبل التمر ورد الدرهم على الجارية وقال : ما عرفتك يا أميرالمؤمين ، فاغفر لي ، فقال : يا معشر التجار اتقوا الله وأحسنوا مبايعتكم يغفر الله لنا ولكم. ثم مضى وأقبلت السماء بالمطر فدنا إلى حانوت فاستأذن صاحبه فلم يأذن له صاحب الحانوت ودفعه ، فقال : يا قنبر أخرجه إلي ، فعلاه بالدرة (٢) ، ثم قال : ما ضربتك لدفعك إياي ولكني ضربتك لئلا تدفع مسلما ضعيفا فتكسر بعض أعضائه فيلزمك. ثم مضى حتى أتى سوق الكرابيس ، فإذا هو برجل وسيم فقال : يا هذا عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ فوثب الرجل فقال : يا أمير المؤمنين عندي حاجتك ، فلما عرفه مضى عنه ،

__________________

١ ـ الرحبة ـ بالفتح ـ محلة بالكوفة وأصله الارض الواسعة.

٢ ـ الدرة ـ بالكسر ـ السوط يضرب به.

١٠٠