مكارم الاخلاق

رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي

مكارم الاخلاق

المؤلف:

رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي


المحقق: محمد الحسين الاعلمي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٦
الصفحات: ٤٨٠

شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها ، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.

وقال عليه‌السلام : إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد. وليأكل على الارض. ولا يضع إحدى رجليه على الاخرى ولا يتربع ، فإنها جلسة يبغضها الله عزوجل ويمقت صاحبها.

عن الصادق عليه‌السلام قال : أطيلوا الجلوس على الموائد ، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم.

من كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن الحسن بن علي عليهم‌السلام قال : في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض وأربع منها سنة وأربع منها تأديب ، فأما الفرض فالمعرفة والرضا والتسمية والشكر. وأما السنة فالوضوء قبل الطعام والجلوس على الجانب الايسر والاكل بثلاث أصابع ولعق الاصابع (١). وأما التأديب فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس.

وعن عمرو بن قيس قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام بالمدينة وبين يديه خوان (٢) وهو يأكل. فقلت له : ما حد هذا الخوان؟ فقال : إذا وضعته فسم الله. وإذا رفعته فاحمد الله. وقم ما حول الخوان (٣) ، فهذا حده.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من وجد كسرة أو تمرة (٤) فأكلها لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له.

عن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما سقط من المائدة مهور الحور العين.

عن محمد بن الوليد قال : أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني عليه‌السلام حتى إذا

__________________

١ ـ لعق الاصابع : لحسها.

٢ ـ الخوان ـ بالكسر والضم ـ : الذي يؤكل عليه ، وهو معرب ، ويقال له : السفرة أيضا.

٣ ـ قم الرجل كاقتمه : أكل ما على الخوان. وفي بعض النسخ ( واقتم ).

٤ ـ الكسرة ـ بالكسر ـ : القطعة من الشيء المكسور.

١٤١

فرغت ورفع الخوان ذهب الغلام يرفع ما وقع من فتات الطعام (١) ، فقال له : ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة وما كان في البيت فتتبعه والتقطه.

عن الصادق عليه‌السلام أنه كره أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام : يا علي افتح بالملح واختتم به ، فإنه شفاء من سبعين داء ، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الاضراس ووجع البطن.

عن ابن عباس قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث لقمات بالملح قبل الطعام وثلاث بعد الطعام تصرف بهن عن ابن آدم اثنين وسبعين نوعا من البلاء ، منها الجنون والجذام والبرص.

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : إبدؤا بالملح في أول الطعام ، فلو علم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب (٢).

عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنا نبدأ بالملح ونختم بالخل.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعم الادام الخل ، ما افتقر بيت فيه الخل.

عن الصادق عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك ، فإذا قال العبد : بسم الله قالت الملائكة للشيطان : اخرج يا فاسق فلا سلطان لك عليهم. وإذا فرغوا فقالوا : الحمد لله قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فأدوا الشكر لربهم. وإذا لم يقل : بسم الله قالت الملائكة للشيطان : ادن يا فاسق فكل معهم. فإذا رفعت المائدة ولم يحمدوا الله قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : يا علي إذا أكلت فقل : « بسم الله » وإذا فرغت فقل : « الحمد لله » ، فإن حافظيك لا يستريحان من أن يكتبا لك الحسنات حتى تنبذه عنك.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ضمنت لمن سمى على طعامه أن لا يشتكى منه.

__________________

١ ـ الفتات ـ بالضم ـ : ما تفتت من الشيء المفتوت أي المكسور بالاصابع كسرا صغيرة.

٢ ـ الترياق ( معرب على زنة فعيال بالكسر ) : ما يستعمل لدفع السم من الادوية والمعاجين.

١٤٢

فقال ابن الكوا (١) : يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني ، فقال : أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع (٢).

وروي عن الصادق عليه‌السلام : أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل : « بسم الله على أوله وآخره ».

عن الصادق عليه‌السلام قال : ما اتخمت قط (٣) وذلك لاني لم أبدأ بطعام إلا قلت : بسم الله ، ولم أفرغ منه إلا قلت : « الحمد لله ».

وقال عليه‌السلام : إن البطن إذا شبع طغا.

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لابنه الحسن عليه‌السلام : يا بني لا تطعمن لقمة من حار ولا برد ولا تشربن شربة ولا جرعة إلا وأنت تقول قبل أن تأكله وقبل أن تشربه : « اللهم إني أسألك في أكلي وشربي السلامة من وعكه (٤) والقوة به على طاعتك وذكرك وشكرك فيما بقيته في بدني وأن تشجعني بقوته على عبادتك وأن تلهمني حسن التحرز من معصيتك » فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه وغائلته (٥). وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا وضعت المائدة بين يديه قال : اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة. وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا وضع يده في الطعام قال : بسم الله ، اللهم بارك لنا فيما رزقنا وعليك خلفه.

وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا طعم قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل ، الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم.

عن الباقر عليه‌السلام قال : كان سلمان إذا رفع يده من الطعام يقول : اللهم أكثرت وأطيبت فزد ، وأشبعت وأرويت فهنئه.

__________________

١ ـ هو عبد الله بن الكوا ، خارجي ملعون ، وهو الذي قرأ خلف علي عليه‌السلام جهرا : ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين.

٢ ـ اللكع كصرد : العبد ، الاحمق ، اللئيم. وأكثر ما يستعمل في النداء ويراد به الذم.

٣ ـ يقال : تخم فلان ، كضرب : ثقل عليه الاكل. والتخمة : حالة تعرض للانسان من كثرة الاكل.

٤ ـ الوعك ، المرض واشتداده. وفي بعض النسخ وعكة وكلاهما مصدر.

٥ ـ الوعث : المشقة. وأصله المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشق عليه.

١٤٣

عن الصادق عليه‌السلام إنه أكل فقال : الحمد لله الذي أطعمنا في جائعين وسقانا في ظمآنين وكسانا في عارين [ وهدانا في ضالين وحملنا في راجلين وآوانا في ضاحين (١) وأخدمنا في عانين ] وفضلنا على كثير من العالمين.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رفعت المائدة فقل : الحمد لله رب العالمين ، اللهم اجعلها نعمة مشكورة.

ومن كتاب النجاة ، الدعاء عند الطعام الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ويجير ولا يجار عليه ويستغني ويفتقر إليه. اللهم لك الحمد على ما رزقتني من طعام وإدام في يسر وعافية من غير كد مني ولا مشقة. بسم الله خير الاسماء رب الارض والسماء. [ بسم الله الذي لا يضر مع اسمه سم ولا داء ]. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء وهو السميع العليم. اللهم اسعدني في مطعمي هذا بخيره وأعذني من شره وانفعني بنفعه وسلمني من ضره. والدعاء عند الفراغ منه الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني ، وسقاني فأرواني ، وصانني وحماني. الحمد لله الذي عرفني البركة واليمن بما أصبته وتركته منه. اللهم اجعله هنيئا مريئا لا وبيا ولا دويا ، وأبقني بعده سويا قائما بشكرك محافظا على طاعتك ، وارزقني رزقا دارا وأعشني عيشا قارا واجعلني ناسكا بارا واجعل ما يتلقاني في المعاد مبهجا سارا برحمتك يا أرحم الراحمين.

من كتاب البصائر ، عن محمد بن جعفر بن العاصم ، عن أبيه ، عن جده قال : حججت ومعي جماعة من أصحابنا فأتيت المدينة فقصدنا مكانا ننزله فاستقبلنا غلام لابي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام على حمار له أخضر يتبعه الطعام. فنزلنا بين النخل وجاء هو فنزل. وأتي بالطست والماء فبدأ وغسل يديه وأدير الطست عن يمينه حتى بلغ آخرنا. ثم أعيد من يساره حتى أتي على آخرنا. ثم قدم الطعام فبدأ بالملح ثم قال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم ثنى بالخل. ثم أتي بكتف مشوي ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . ثم أتي بالخل والزيت ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحمن ، فإن هذا طعام كان يعجب فاطمة

__________________

١ ـ الضاحي من كل شيء : البارز الظاهر الذي لا يستر حائط ولا غيره.

١٤٤

عليها‌السلام. ثم أتي بالسكباج (١) ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين عليه‌السلام. ثم أتي بلحم مقلو فيه باذنجان ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب الحسن بن علي عليهما‌السلام.

ثم أتي بلبن حامض قد ثرد ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب الحسين بن علي عليهما‌السلام. ثم أتي بأضلاع باردة فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم فإن هذا طعام كان يعجب علي بن الحسين ( عليهما‌السلام ). ثم أتي بجبن مبزر (٢) ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب محمد بن علي عليهما‌السلام. ثم أتي بتور فيه بيض كالعجة (٣) ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب أبي جعفر عليه‌السلام. ثم أتي بحلواء ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام يعجبني. ورفعت المائدة فذهب أحدنا ليلتقط ما كان تحتها فقال : مه إنما ذلك في المنازل تحت السقوف ، فأما في مثل هذا الموضع فهو لعافية الطير والبهائم (٤). ثم أتي بالخلال ، فقال : من حق الخلال أن تدير لسانك في فمك فما أجابك تبتلعه وما امتنع تحركه بالخلال ، ثم تخرجه فتلفظه. وأتي بالطست والماء فابتدأ بأول من على يساره حتى انتهى إليه فغسل ، ثم غسل من على يمينه حتى أتي على آخرهم. ثم قال : يا عاصم كيف أنتم في التواصل والتبار؟ فقال : على أفضل ما كان عليه أحد. فقال : أيأتي أحدكم منزل أخيه عند الضيقة فلا يجده فيأمر بإخراج كيسه فيخرج فيفض ختمه فيأخذ من ذلك حاجته فلا ينكر عليه؟ قال : لا. قال : لستم على أفضل ما كان أحد عليه من التواصل. ( والضيقة : الفقر ).

من طب الائمة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك.

__________________

١ ـ السكباج ـ بالكسر ـ : مرق يعمل من اللحم والخل.

٢ ـ الجبن : ما جمد من اللبن ، والمبزر : المطيب بالبزور.

٣ ـ التور ـ بفتح فسكون ، معرب ـ : إناء صغير يشرب فيه ، والعجة ـ بضم فتشديد ـ : طعام يعمل من بيض ودقيق وسمن او زيت.

٤ ـ العافية والعافي : الوارد ، وكل طالب فضل او رزق.

( مكارم الاخلاق ـ ١٠ )

١٤٥

عن عمر بن أبي شعبة قال : ما رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يأكل متكئا ، ثم ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ما أكل متكئا حتى مات.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كل ما يسقط من الخوان ، فإنه شفاء من كل داء لمن أراد أن يستشفي به.

من كتاب الفردوس ، عن أنس قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أكل ما يسقط من المائدة عاش ما عاش في سعة من رزقه وعوفي في ولده وولد ولده من الجذام.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النفخ في الطعام يذهب بالبركة.

ورأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا أيوب الانصاري يلتقط نثارة المائدة (١) ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : بورك لك وبورك عليك وبورك فيك. فقال أبوأيوب : يا رسول الله ولغيري؟ قال : نعم ، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك. أو قال : من فعل ذلك وقاه الله الجنون والجذام والبرص والماء الاصفر (٢) والحمق.

وروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن : طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه ويحرز بها دينه.

عن علي عليه‌السلام قال : أقروا الحار حتى يبرد ويمكن ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرب إليه طعام حار فقال : أقروه حتى يبرد ويمكن ، ما كان الله ليطعمنا النار. والبركة في البارد ، والحار غير ذي بركة.

وقال عليه‌السلام : من لعق قصعة صلت عليه الملائكة ودعت له بالسعة في الرزق وتكتب له حسنات مضاعفة.

وقال عليه‌السلام : من أكل الطعام على النقاء وأجاد الطعام تمضغا وترك الطعام وهو يشتهيه ولم يجس الغائط إذا أتى لم يمرض إلا مرض الموت.

عن الصادق عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتي بفاكهة حديثة قبلها ووضعها على عينه ويقول : « اللهم كما أريتنا أولها في عافية فأرنا آخرها في عافية ».

__________________

١ ـ النثارة ـ بالضم ـ : ما يتناثر من الشيء أي ما يتساقط متفرقة منه.

٢ ـ وهو الماء الذي يجتمع في البطن ويعتريه داء الاستسقاء.

١٤٦

وعنه عليه‌السلام قال : لا ينبغي للشيخ الكبير أن ينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام ، فإنه أهدأ لنومه وأطيب لنكهته.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عجبا لمن يحتمي من الطعام مخافة من الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة من النار.

من كتاب تهذيب الاحكام ، عن الصادق عليه‌السلام : إذا دعي أحدكم إلى الطعام فلا يستتبعن ولده ، فإنه إن فعل أكل حراما ودخل عاصيا.

عنه عليه‌السلام قال : الاكل على الشبع يورث البرص.

عنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أطولكم جشاءا (١) أطولكم جوعا يوم القيامة.

عنه عليه‌السلام قال : إذا حضرت المائدة وسمى رجل من القوم أجزأ عنهم أجمعين.

عنه عليه‌السلام قال : إذا وضع الخوان فقل : بسم الله ، فإذا أكلت فقل : بسم الله على أوله وآخره ، فإذا رفع فقل : الحمد لله.

عنه عليه‌السلام قال : إذا اختلفت الانية فسم عند كل إناء. قلت : فإن نسيت؟

قال : تقول : بسم الله على أوله وآخره.

عن الرضا عليه‌السلام قال : إذا أكلت فاستلق على قفاك وضع رجلك اليمنى على اليسرى.

وقال الصادق عليه‌السلام : كثرة الاكل مكروهة.

عنه عليه‌السلام قال : من أكل طعاما لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار.

من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : توقوا الذنوب فما من بلية أشد وأفظع منها. ولا يحرم الرزق إلا بذنب حتى الخدش والنكبة والمصيبة (٢) ، قال الله عز وجل : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) (٣). أكثروا

__________________

١ ـ الجشاء ـ كغراب ـ : صورت مع ريح يخرج من الفم عند الشبع.

٢ ـ الخدش : تفرق اتصال في الظفر أو الجلد ونحو ذلك وإن لم يخرج الدم. والنكبة : الجرحة بحجر أو شوكة.

٣ ـ سورة الشورى : آية ٢٩.

١٤٧

ذكر الله على الطعام ولا تطغوا ، فإنها نعمة من نعم الله ورزق من رزقه يجب عليكم فيه شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها ، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها. من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل. إياكم والتفريط فتقع الحسرة حين لا ينتفع بالحسرة. إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام وأكثروا ذكر الله عزوجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله وتستوجبوا غضبه. من أراد منكم أن يعلم كيف منزلته عندالله فلينظر كيف منزلة الله منه عند ارتكاب الذنوب ، فإن كانت منزلة الله عنده عظيمة تمنعه منها فكذلك منزلته عندالله.

من كتاب تهذيب الاحكام ، عن مروك بن عبيد مرفوعا ، عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : الرجل يمر على قراح الزرع (١) فيأخذ منه السنبلة. قال : لا. قلت : أي شيء سنبلة؟ قال : لو كان كل من يمر به يأخذ منه سنبلة لا يبقى منه شيء.

من مجموع في الاداب لمولاي أبي طول الله عمره ، روى عن الفضل بن يونس قال : إني في منزلي يوما فدخل علي الخادم فقال : إن بالباب رجلا يكنى أباالحسن يسمى موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، فقلت : يا غلام إن كان الذي أتوهم فأنت خر لوجه الله. قال : فبادرت إليه فإذا أنا به عليه‌السلام ، فقلت : انزل يا سيدي. فنزل ودخل المجلس. فذهبت لارفعه في صدر البيت ، فقال لي : يا فضل صاحب المنزل أحق بصدر البيت إلا أن يكون في القوم رجل [ يكون ] من بني هاشم. فقلت : فأنت إذا جعلت فداك ، ثم قلت : جعلني الله فداك إنه قد حضر طعام لاصحابنا [ فإن رأيت أن تحضر إلينا فذاك إليك ]. فقال يا فضل إن الناس يقولون : إن هذا طعام الفجأة وهم يكرهونه ، أما إني لا أرى به بأسا. فأمرت الغلام فأتى بالطست فدنا منه فقال : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا. فقلت : جعلت فداك فما حد هذا؟ فقال : أن يبدأ رب البيت لكي ينشط الاضياف ، فإذا وضع الطست سمى وإذا رفع حمد الله. ثم أتى بالمائدة ، فقلت : ما حد هذا؟ قال : أن يسمى إذا وضع ويحمد الله إذا رفع. ثم أتى بالخلال ، فقلت : ما حد هذا؟ قال : أن تكسر رأسه لئلا يدمي اللثة. فأتى

__________________

١ ـ القراح : المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر.

١٤٨

بإناء الشراب ، فقلت : فما حده؟ قال : أن لا تشرب من موضع العروة ولامن موضع كسر إن كان به ، فإنه مجلس الشيطان ، فإذا شربت سميت وإذا فرغت حمدت الله. وليكن صاحب البيت يا فضل إذا فرغ من الطعام وتوضأ القوم آخر من يتوضأ. ثم قال : إن أمير المؤمنين أمرك لبني فلان بعشرة آلاف درهم فأنا أحب أن تنفذها إليهم. فقلت : جعلت فداك إن خرج عني لم يعد إلي درهم أبدا. فقال : اخرج إليهم فلا يصل إليهم او يعود إليك إن شاء الله. قال : فلا والله ما وصلت إليهم حتى عادت إلى العشرة آلاف [ تمام الخبر ].

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الاكل في السوق دناءة.

سأل رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ، قال : لعلكم تفترقون عن طعامكم ، فاجتمعوا عليه واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه.

عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه. ولا يتناول مما بين يدي جليسه. ولا يأكل من ذروة القصعة ، فإن من أعلاها تأتي البركة. ولا يرفع يده وإن شبع ، فإنه إذا فعل ذلك خجل جليسه وعسى أن يكون له في الطعام حاجة.

عن أنس قال : ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خوان ولا في سكرجة (١) ولا من خبز مرقق. فقيل لانس : على ماذا كانوا يأكلون؟ قال : على السفرة.

ومن كتاب روضة الواعظين روي عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن أبي جحيفة (٢) قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أتجشأ فقال : يا أبا جحيفة أخفض جشاءك ، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نور الحكمة الجوع. والتباعد من الله الشبع. والقربة إلى الله حب المساكين والدنو منهم.

__________________

١ ـ السكرجة ـ كقنفذة ـ : الصفحة التي يوضع فيها الاكل.

٢ ـ بتقديم الجيم على الحاء مصغرا ، هو وهب بن عبد الله من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام بل من خواصه.

١٤٩

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب ، فإن القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليه الماء.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم. ومن بات يصلي في خفة من الطعام باتت الحور العين حوله.

وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أكثر ما يدخل النار؟! قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الاجوفان البطن والفرج.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ من أكله.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد لعنه كل ملك في السماوات وفي الارض. وما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر الله إليه. ومن أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من الله ، فإن تاب تاب الله عليه وإن مات فالنار أولى به.

الفصل الرابع

( في آداب الشرب وما يتصل به )

من كتاب من لا يحضره الفقيه قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون.

عن الصادق عليه‌السلام قال : لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة ولا الاكل فيهما.

عن الباقر عليه‌السلام قال : لا تأكل في آنية الذهب والفضة.

عن أبي عبد الله قال : إنه كره الشرب في الفضة والقدح المفضض. وكره أن يدهن من مدهن مفضض والمشط كذلك. فمن لم يجد بدأ من الشرب في الفضة والقدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة.

وروي أنه استسقى ماءا فاتي بقدح من صفر فيه ماء. فقال له بعض جلسائه : إن عباد البصري يكره الشرب في الصفر (١). قال عليه‌السلام : فاسأله ذهب أم فضة.

__________________

١ ـ الصفر ـ بالضم ـ النحاس الاصفر.

١٥٠

سئل عن الصادق عليه‌السلام عن الشرب بنفس واحد؟ فقال : إذا كان الذي يناول الماء مملوكا لك فاشرب بثلاثة أنفاس. وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد. وبرواية اخرى ـ وهي الاصح ـ عنه قال : ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من الشرب بنفس واحد. وكان يكره أن يشبه بالهيم وهي الابل (١).

( الدعاء المروي عند شرب الماء )

الحمد لله منزل الماء من السماء ، مصرف الامر كيف يشاء ، بسم الله خير الاسماء.

عن الصادق عليه‌السلام قال : أتى أبي عبد الله عليه‌السلام جماعة ، فقالوا له : زعمت أن لكل شيء حدا ينتهي إليه؟ فقال لهم أبي : نعم. قال : فدعا بماء ليشربوا ، فقالوا : يا أبا جعفر هذا الكوز من الشيء؟ قال : نعم ، قالوا : فما حده؟ قال : حده أن تشرب من شفته الوسطى وتذكر الله عليه وتتنفس ثلاثا ، كلما تنفست حمدت الله ولا تشرب من أذن الكوز ، فإنه مشرب الشيطان ، ثم تقول : الحمد لله الذي سقاني ماءا عذبا ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبي ، وبرواية مثله بزيادة الحمد لله الذي سقاني فأرواني وأعطاني فأرضاني وعافاني وكفاني. اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من حوض محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتسعده بمرافقته برحمتك يا أرحم الراحمين.

عن عبد الله بن مسعود قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتنفس في الاناء ثلاثة أنفاس ، يسمي عند كل نفس ويشكر الله في آخرهن.

عن أنس ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الشرب قائما ، قيل له : فالاكل؟ قال : هو أشر. وفي رواية عنه ، أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شرب قائما.

وقيل للصادق عليه‌السلام : ما طعم الماء؟ فقال عليه‌السلام : طعم الحياة.

وقال عليه‌السلام : إذا شرب أحدكم فليشرب في ثلاثة أنفاس يحمد الله في كل منها : الاول شكر للشربة ، والثاني مطردة للشيطان ، والثالث شفاء لما في جوفه.

عن ابن عباس قال : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شرب الماء فتنفس مرتين.

عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام أنه سئل عن حد الاناء؟ فقال : حده أن

__________________

١ ـ الهيم : الابل العطاش.

١٥١

لا تشرب من موضع كسر إن كان به ، فإنه مجلس الشيطان. وإذا شربت سميت وإذا فرغت حمدت الله.

وعن عمرو بن قيس قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام بالمدينة وبين يديه كوز موضوع ، فقلت له : ما حد هذا الكوز؟ فقال : اشرب مما يلي شفته وسم الله عز وجل ، وإذا رفعته من فيك فاحمد الله ، وإياك وموضع العروة أن تشرب منها ، فإنه مقعد الشيطان ، فهذا حده.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ، فإن في أحد جناحيه داء وفي الاخر شفاء وإنه يغمس بجناحه الذي فيه الداء ، فليغمسه كله ثم لينزعه.

الفصل الخامس

( في آداب الخلال )

من كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن وهب بن عبد ربه قال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يتخلل ، فنظرت إليه ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتخلل وهو طيب الفم. وفي خبر آخر إن من حق الضيف إن يعد له الخلال.

وقال عليه‌السلام : ما أدرت عليه لسانك فأخرجته فابلعه. وما أخرجته بالخلال فارم به.

عن الفضل بن يونس أن سأل الكاظم عليه‌السلام عن حد الخلال؟ قال : أن تكسر رأسه لئلا يدمي اللثة.

عن الصادق عليه‌السلام قال : الكحل يطيب الفم ، والخلال يزيد في الرزق.

من كتاب الفردوس ، عن سعد بن معاذ قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنقوا أفواهكم بالخلال ، فإنها مسكن الملكين الحافظين الكاتبين وإن مدادهما الريق وقلمهما اللسان ، وليس شيء أشد عليهما من فضل الطعام في الفم.

من روضة الواعظين ، عن علي عليه‌السلام قال : التخلل بالطرفاء (١) يورث الفقر.

من كتاب طب الائمة ، عن الرضا عليه‌السلام قال : لا تخللوا بعود الرمان ولا بقضيب

__________________

١ ـ الطرفاء : إسم شجر.

١٥٢

الريحان ، فإنهما يحركان عرق الجذام. قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتخلل بكل ما أصاب إلا الخوص والقصب (١).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله المتخللين من أمتي في الوضوء والطعام.

روي عن الكاظم عليه‌السلام أنه قال : ينادي مناد من السماء : اللهم بارك في الخلالين والمتخللين. والخل بمنزلة الرجل الصالح يدعو لاهل البيت بالبركة. قلت له : جعلت فداك ما الخلالون وما المتخللون؟ قال : الذين في بيوتهم الخل والذين يتخللون. وقال عليه‌السلام : الخلال نزل به جبريل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع اليمين والشاهد من السماء.

عن الصادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تخللوا على أثر الطعام ، فإنه مصحة للفم والنواجذ ويجلب الرزق على العبد.

من صحيفة الرضا قال الرضا ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : حدثني أبي أن الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يأمرنا إذا تخللنا أن لا نشرب الماء حتى نتمضمض ثلاثا.

وروي عن محمد بن الحسن الداري يرفع الحديث أنه قال : من تخلل بالقصب لم تقض له حاجة سبعة أيام.

عن الصادق عليه‌السلام قال : لا تخللوا بالقصب ، فإن كان ولا محالة فلتنزع الليطة (٢).

نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتخلل بالرمان والقصب وقال : هما يحركان عرق الاكلة.

عن الكاظم عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تخللوا ، فإنه ليس شيء أبغض إلى الملائكة من أن يروا في أسنان العبد طعاما.

عن أنس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : حبذا المتخلل من أمتي.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج. ومن اكتحل فليوتر ، من فعل فقد أحسن ومن فلا فلا حرج. من أكل فما تخلل فلا يأكل ، وما لاث بلسانه فليبلع.

__________________

١ ـ الخوص ، بالضم : ورق النخل. والقصب ، بالتحريك : كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا.

٢ ـ الليطة ، بالكسر : قشر القصبة التي تليط بها أي تلزق بها.

١٥٣

وقد انتخب من كتاب طب الائمة فصولا تليق الباب وألحقها بهذا الموضع على ترتيب الكتاب كما يأتي ذكره.

الفصل السادس

( في ما جاء في الخبز )

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : أكرموا الخبز ، فإن الله عزوجل أنزله من بركات السماء وأخرجه من بركات الارض. قيل : وما إكرامه؟ قال : لا يقطع ولا يوطأ.

وعنه عليه‌السلام قال : أكرموا الخبز ، فإن الله عزوجل أنزله من بركات السماء. قيل : وما إكرامه؟ قال : إذا حضر لم ينتظر به غيره.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم بارك لنا في الخبز ولا تفرق بيننا وبينه فلولا الخبز ما صلينا ولا صمنا ولا أدينا فرض الله.

عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : أكرموا الخبز ، فإنه عمل فيه ما بين العرش والارض وما بينهما.

وعنه عليه‌السلام قال : بني الجسد على الخبز.

( في خبز الشعير )

عن الصادق عليه‌السلام قال : كان قوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشعير ، وحلواه التمر ، وإدامه الزيت.

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : فضل خبز الشعير على البر كفضلنا على الناس. ما من نبي إلا وقد دعا لاكل الشعير وبارك عليه. وما دخل جوفا إلا وأخرج كل داء فيه. وهو قوت الانبياء عليهم‌السلام وطعام الابرار ، أبى الله أن يجعل قوت الانبياء للاشقياء.

عن الصادق عليه‌السلام قال : لو علم الله في شيء شفاء أكثر من الشعير ما جعله غذاء الانبياء عليهم‌السلام.

( في خبز الارز )

عنه عليه‌السلام قال : ما دخل جوف المسلول مثله ، إنه يسل الداء سلا (١). وقال

__________________

١ ـ السل ـ بالفتح ـ : إنتزاع الشيء وإخراجه في رفق.

١٥٤

عليه‌السلام : نعم الدواء الارز ، بارد ، صحيح ، سليم من كل داء.

عن الرضا ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سيد طعام الدنيا والاخرة اللحم والارز.

عن ابن أبي نافع وغيره يرفعونه ، قال : من من شيء أنفع ولا أبقى في الجوف من غدوة إلى الليل إلا خبز الارز.

( في خبز الجاورس )

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أما إنه ليس فيه ثقل وهو باللبن ألين وأنفع في المعدة.

الفصل السابع

( في منافع المياه )

عن الصادق عليه‌السلام قال : سيد شراب أهل الجنة الماء.

عن أبي طيفور المتطبب قال : دخلت على أبي الحسن الماضي عليه‌السلام ، فهيته عن شرب الماء ، فقال : وأي بأس بالماء؟ وهو يذيب الطعام في المعدة ويذهب بالصفراء ويسكن الغضب ويزيد في اللب ويطفئ الحرارة.

وعن ياسر الخادم قال : قال الرضا عليه‌السلام : لا بأس بكثرة شرب الماء على الطعام ثم قال : أرأيت لو أن رجلا يأكل مثل ذا طعاما ـ وجمع يديه كلتيهما ولم يجمعهما ولم يفرقهما ـ ثم لم يشرب عليه الماء لم يكن يتسق (١) بطنه؟!

( في ماء زمزم )

عن الصادق عليه‌السلام قال : ماء زمزم شفاء من كل داء.

وعنه عليه‌السلام قال : ماء زمزم شفاء لما شرب له. وروي في حديث آخر : ماء زمزم شفاء من كل داء ، وأمان من كل خوف.

__________________

١ ـ اتسق الشيء : استوى وانتظم. وأيضا امتلاء وفي بعض النسخ ينتسق. وانتسق الشيء : انتظم.

١٥٥

( في ماء الميزاب )

عن صارم (١) قال : اشتكى رجل من أصحابنا حتى سقط للموت. فلقيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : يا صارم ما فعل فلان؟ قلت : تركته للموت ، جعلت فداك ، أما إني لو كنت في مكانك لسقيته ماء الميزاب ، فطلبناه عند كل أحد فلم نجده ، فبينا نحن كذلك إذا ارتفعت سحابة ، فأرعدت وأبرقت فأمطرت ، فجئت إلى بعض من في المسجد ، فأعطيته درهما وأخذت منه قدحا من ماء الميزاب ، فجئته به ، فأسقيته له فلم نبرح من عنده حتى شرب سويقا وبرئ.

( في ماء السماء )

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اشربوا ماء السماء ، فإنه طهور للبدن ويدفع الاسقام قال الله تبارك وتعالى : ( وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام ) (٢).

( في ماء الفرات )

عن خالد بن جرير قال : قال أبو عبد الله : لو أني عندكم لاتيت الفرات كل يوم فاغتسلت ، وأكلت من رمان سوري في كل يوم رمانة (٣).

( في ماء نيل مصر )

قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ماء نيل مصر يميت القلب ولا تغسلوا رؤسكم من طينها ، فإنه يورث الزمانة.

( في الماء البارد )

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : صبوا على المحموم الماء البارد ، فإنه يطفئ حرها.

عن الصادق عليه‌السلام قال : الماء البارد يطفئ الحرارة ويسكن الصفراء ويذيب الطعام في المعدة ، ويذهب بالحمى.

__________________

١ ـ هو صارم بن علوان الجوخي من أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام.

٢ ـ سورة الانفال : آية ١١.

٣ ـ سورى ـ كطوبى ـ : موضع بالعراق من أرض بابل ، وموضع من أعمال بغداد.

١٥٦

من صحيفة الرضا عليه‌السلام ، عنه ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال في قول الله تبارك وتعالى : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) (١) قال : الرطب والماء البارد.

( في الماء المغلي )

عنه عليه‌السلام قال : الماء المغلي ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء.

وعنه عليه‌السلام قال : إذا دخل أحدكم الحمام فليشرب ثلاثة أكف ماءا حارا ، فإنه يزيد في بهاء الوجه ويذهب بالالم من البدن.

عن الرضا عليه‌السلام قال : الماء المسخن إذا غليته سبع غليات وقلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمى ، وينزل القوة في الساقين والقدمين.

( في النهي عن إكثار شرب الماء )

عن الصادق عليه‌السلام قال : إياك والاكثار من شرب الماء ، فإنه مادة كل داء. وقال عليه‌السلام : لو أنهم أقلوا من شرب الماء لا ستقامت أبدانهم. قال : وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أكل دسما أقل من شرب الماء ، فقيل له : يا رسول الله إنك لتقل من شرب الماء؟ فقال : إنه أمرأ للطعام.

( في شرب الماء من قيام )

قال الباقر عليه‌السلام : شرب الماء من قيام أمرأ وأصح.

عن الصادق عليه‌السلام قال : شرب الماء [ من قيام ] بالنهار يمرئ الطعام. وشرب الماء [ من قيام ] بالليل يورث الماء الاصفر. ومن شرب الماء بالليل وقال ثلاث مرات : يا ماء عليك السلام ، من ماء زمزم وماء الفرات لم يضره الماء بالليل.

( في النهي عن العب )

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا ، فإنه يأخذ منه الكباد (٢).

عن علي عليه‌السلام : نهى عن العبة الواحدة في الشرب ، قال : ثلاثة أو اثنتين.

__________________

١ ـ سورة التكاثر : آية ٨.

٢ ـ العب : شرب الماء بلا تنفس وغير مص. والمص : شرب الماء مع جذب نفس. والكباد بالضم ـ : وجع الكبد. وفي بعض النسخ ( فإنه يورث الكباد ).

١٥٧

الفصل الثامن

( في اللحوم وما يتعلق بها )

من صحيفة الرضا عليه‌السلام ، عنه ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وقد ذكر عنده اللحم والشحم ـ : ليس منه بضعة تقع في المعدة إلا أنبتت في مكانها شفاءا وأخرجت من مكانها داء.

عنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا طبخت شيئا من لحم فأكثر المرقة ، فإنها أحد اللحمين واغرفه للجيران ، فإن لم يصيبوا من اللحم يصيبوا من المرق.

عن علي عليه‌السلام قال : اللحم سيد الطعام في الدنيا والاخرة.

عن زرارة قال : تغذيت مع أبي جعفر عليه‌السلام أربعة عشر يوما بلحم في شعبان.

عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن معاشر الانبياء قوم لحميون.

عن أديم (١) قال : قلت للصادق عليه‌السلام : بلغني أن الله عزوجل يبغض القلب اللحم؟ قال : ذلك البيت الذي يؤكل بالغيبة فيه لحوم الناس. وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لحميا يحب اللحم. ومن ترك اللحم أربعين يوما ساء خلقه. ومن ساء خلقه فأطعموه اللحم. ومن أكل من شحمه قطعة أخرجت مثلها من الداء.

قال الصادق عليه‌السلام : أحسن اللحموم لحم الظهر.

( في اللحم باللبن )

عن الصادق عليه‌السلام قال : من أصابه ضعف في قلبه أو في بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن.

من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن عقبة بن علقمة قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام وإذا بين يديه لبن حامض قد أذاني حموضته ، وكسرة يابسة ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين أتأكل مثل هذا؟ قال لي : يا أبا الجنود إني أدركت رسول الله

__________________

١ ـ هو أديم بن الحر الخثعمي أو الجعفي ، الكوفي ، الحذاء ، كان من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، ثقة وله أصل.

١٥٨

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأكل أيبس من هذا ويلبس أخشن من هذا. وإن لم آخذ بما أخد به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خفت أن لا ألحق به.

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن نبيا من الانبياء شكا إلى الله عزوجل الضعف في أمته ، فأمرهم أن يأكلوا اللحم باللبن ، ففعلوا فاستبانت القوة في أنفسهم.

( في الشحم )

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : اللحم ينبت اللحم. ومن أدخل جوفه لقمة شحم أخرجت مثلها من الداء.

عن الصادق عليه‌السلام قال : في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أكل لقمة شحم أنزلت مثلها من الداء ، قال : شحمة البقر.

وعنه عليه‌السلام : سميت اليهود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الذراع. وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحب الذراع ويكره الورك (١).

وعنه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أتى عليه أربعون يوما لم يأكل لحما فليستقرض على الله تعالى وليأكله.

وعنه عليه‌السلام أنه قيل له : إن الناس يقولون : من لم يأكل اللحم ثلاثة أيام ساء خلقه ، قال عليه‌السلام : كذبوا ، من لم يأكله أربعون يوما ساء خلقه.

( في لحم الضأن )

عن سعد بن سعد قال : قلت لابي الحسن عليه‌السلام : إن أهل بيتي لا يأكلون لحم الضأن ، قال : ولم؟ قلت : يقولون : إنه يهيج المرة الصفراء والصداع والاوجاع ، قال : يا سعد لو علم الله شيئا أفضل من الضأن لفدى به إسماعيل عليه‌السلام.

( في لحم البقر )

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لحم البقر داء. وأسمانها شفاء. وألبانها دواء.

عنه عليه‌السلام ـ وذكر لحم البقر عنده ـ قال : ألبانها دواء. وشحومها شفاء. ولحومها داء.

__________________

١ ـ الورك : ما فوق الفخذ ، كالكتف فوق العضد.

١٥٩

عنه عليه‌السلام قال في مرق لحم البقر يذهب بالبياض (١).

عنه عليه‌السلام ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن بني إسرائيل شكوا إلى موسى عليه‌السلام ما يلقون من البرص. وشكا ذلك إلى الله عزوجل ، فأوحى الله تعالى إليه : مرهم فليأكلوا لحم البقر بالسلق.

عن الصادق عليه‌السلام قال : في الشاة عشرة أشياء لا تؤكل : الفرث والدم والنخاع والطحال والغدد والقضيب والانثيان والرحم والحياء (٢) والادواج. وقال : عشرة من الميتة ذكية : القرن والحافر والعظم والسن والانفحة (٣) واللبن والشعر والصوف والريش والبيض.

من الفردوس ، عن معاذ ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : عليكم بأكل لحوم الابل فإنه لا يأكل لحومها إلا كل مؤمن مخالف لليهود [ أعداء الله ].

( في لحم الجزر )

عن إبراهيم السمان قال : من تمام الاسلام حب لحم الجزر (٤).

( في لحم القديد )

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ثلاثة تهدم البدن وربما قتلن : أكل القديد الغاب ودخول الحمام على الدوام. ونكاح العجائز. وزاد فيه أبوإسحاق ، الغشيان على الامتلاء (٥).

( في لحم الدجاج )

عن جابر بن عبد الله قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاغنياء بإتخاذ الغنم والفقراء بإتخاذ الدجاج (٦).

__________________

١ ـ البياض : داء يحدث في الجسم قشرا أبيض.

٢ ـ الحياء ـ بالمد ـ : الفرج.

٣ ـ الانفحة ـ بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الفاء ، كرش الحمل أو الجدي مادام رضيعا ولم يطعم غير اللبن وهي شيء يستخرج من بطنه فيعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن.

٤ ـ الجزر ـ بالتحريك ـ : كل شيء مباح للذبح. والشاة السمينة واحدته.

٥ ـ القديد : اللحم المقدد ، أي المقطوع. وقدد اللحم : جعله قطعا وجففه. والغاب : اللحم المنتن.

٦ ـ الدجاج ـ بتثليث الدال ـ : طائر معروف.

١٦٠