رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي
المحقق: محمد الحسين الاعلمي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٦
الصفحات: ٤٨٠
عن يزيد بن خليفة قال : رآنى أبو عبد الله عليهالسلام أطوف حول الكعبة وعلي برطلة ، فقال عليهالسلام : لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود.
عن الحسن بن مختار قال : قال لي أبوالحسن الاول عليهالسلام : اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة فإن السيد مثلي لا يلبس المصنع ( والمصنع : المكسر بالظفر ).
الفصل الثامن
( في لبس الخف والنعل )
عن ياسر الخادم ، عنه عليهالسلام من قال : كان عليهالسلام يدخل المتوضأ (١) في خف صغير.
عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن عليا عليهالسلام كان في سفر وكان إذا سافر أدلج فبينا هو قد أخذ في الدلجة (٢) فلبس ثيابه وتناول أحد خفيه فلبسه ، ثم أهوى إلى الخف الاخر ليلبسه إذ انحط طير من السماء فضرب خفه فأخذه ، فانطلق علي عليهالسلام فاتبعه ليأخذ الخف منه ، فسبقه وارتفع إلى السماء ، فما زال يدور حتى أصبح فألقى الخف فخرج من الخف حنش وهو حية.
من مسموعات ناصح الدين أبي البركات ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لبس الخف يزيد في قوة البصر.
عن الصادق عليهالسلام قال : إدمان لبس الخف أمان من الجذام ، فقيل له : في الشتاء أم في الصيف؟ قال : شتاء كان أم صيفا.
عن أبي الجارود (٣) قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام لابسا خفا أحمر ، فقال لي : أو ما علمت أن الخف الاحمر لبس الجبابرة ، فالابيض المقشور لبس الاكاسرة ، والاسود سنتنا وسنة بني هاشم؟ قال أبوالجارود : فصحبت أبا عبد الله عليهالسلام في طريق مكة وعليه خف أحمر ، فقلت له : يا ابن رسول الله كنت حدثتني منه في الاحمر
__________________
١ ـ المتوضأ : موضع يتوضأ فيه أي يستنجى ويكنى به عن الكنيف والمستراح.
٢ ـ الدلجة ـ من أدلج الرجل ـ : سار الليل كله.
٣ ـ الظاهر هو زياد بن المنذر الهمداني من أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام ، له أصل وكتاب زيدي المذهب وإليه ينسب الجارودية.
أنه لبس الجبابرة ، قال : أما في السفر فلا بأس به فإنه أحمل للماء والطين ، وأما في الحضر فلا.
عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهماالسلام : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من اتخذ نعلا فليستجدها.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : انتعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقام رجل فناوله النعل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهم إن عبدك تقرب إليك فقربه ولا أظنه إلا قال : وأدبه. قال : وتمضمض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم مجه (١) ، فوثب إليه رجل فأخذه فشربه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهم إن عبدك تحبب اليك فأحبه.
وعنه ، عن علي عليهماالسلام قال : استجادة الحذاء وقاية للبدن وعون على الصلاة والطهور.
عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : ( فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ) (٢) قال : كانتا من جلد حمار.
( في استحباب الانتعال بالنعل المخصرة المعقبة )
عن صباح الحذاء قال : أتاني الحلبي بنعل ، فقال لي : إحذ لي على هذه ، فإن هذا حذاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : ومن أين صارت اليك؟ قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : ألا أريك حذاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟ فقلت : بلى. فأخرج إلي هذا النعل ، فقلت : هبها لي ، قال : هي لك. قال صباح : فحذوت عليها نعله وكنت أحذو لاصحابنا عليها ، فقال ابوأحمد : وقد رأيتها وهي مخصرة معقبة (٣).
عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إني لامقت الرجل الذي لا أراه معقب النعلين.
عن صباح الحذاء قال : حذوت نعلا لابي عبد الله عليهالسلام على نعل وجه به إلي فكانت مخصرة من نصف النعل.
__________________
١ ـ مج الماء من فيه : رماه.
٢ ـ سورة طه : آية ١٢.
٣ ـ المخصرة : الدقيق الخصر ، وهي النعل التي قطع خصراها حتى صارا مستدقين أي مستدقة الوسط.
عن منهال قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام وعلي نعل ممسوحة ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : هذا حذاء اليهود ، قال : فانصرف ، فأخذ سكينا فخصرها به.
عن علي السابري قال : رآني أبوالحسن عليهالسلام وعلي نعل غير مخصرة ، فقال : يا علي متى تهودت؟
( في كراهية عقد الشراك )
روي أن أبا عبد الله عليهالسلام كره عقد شراك النعل. قال : وأخذ نعل بعضهم فحل شراكها (١).
وعنه عليهالسلام قال : أول من عقد شراك نعله إبليس.
( في كيفية الانتعال )
عن أبي جعفر عليهالسلام قال : من السنة لبس نعل اليمين قبل اليسار وخلع اليسار قبل اليمين.
من كتاب النجاة ، الدعا المروي عند لبس الخف والنعل يلبسهما جالسا ويقول : « بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ووطئ قدمي في الدنيا والاخرة وثبتهما على الصراط يوم تزل فيه الاقدام » ، فإذا خلعهما فمن قيام ويقول : « بسم الله الحمد لله الذي رزقني ما أوقي به قدمي من الاذي ، اللهم ثبتهما على صراطك ولا تزلهما عن صراطك السوي ».
قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله تعالى : ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) (٢) : النعل والخاتم.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد.
( في الشسع إذا انقطع )
عن يعقوب السراج قال : خرجنا مع أبي عبد الله عليهالسلام وهو يريد أن يعزي
__________________
١ ـ الشراك ـ بالكسر ـ سير النعل على ظهر القدم ، أي حبلها.
٢ ـ سورة الاعراف آية ٣٠.
عبد الله بن الحسن بابنة له أو ابن ، فانقطع شسع نعله فنزع بعض القوم نعله وحل شسعها وناوله إياه ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها (١).
وعنه عليهالسلام قال : من رقع جبته وخصف نعله وحمل سلعته فقد برئ من الكبر (٢).
( في المشي في نعل واحدة وخف واحد )
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن عليا عليهالسلام كان يمشي في نعل واحدة ويصلح الاخرى.
عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من شرب ماء وهو قائم أو تخلي على قبر ، أو بات على غمر (٣) ، أو مشى في حذاء واحد فعرض له الشيطان لم يفارقه إلا أن يشاء الله.
( في خلع النعال والخفاف إذا جلس )
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إخلعوا نعالكم فإنها سنة حسنة جميلة وهو أروح للقدمين. وفي رواية إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لاقدامكم وإنها سنة جميلة.
من كتاب طب الائمة في الخف والنعل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من لبس نعلا صفراء لم يبلها حتى يستفيد مالا ، ثم تلى هذه الاية ( صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) (٤).
وعنه عليهالسلام قال : من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها.
عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : دخلت عليه لابسا نعلا سوداء فقال : مالك ولبس النعل السوداء؟ أما علمت أن فيها ثلاث خصال؟ قلت؟ وما هي
__________________
١ ـ الشسع ـ بالكسر ـ : زمام النعل بين الاصبع الوسطى والتي تليها.
٢ ـ السلعة ـ بالكسر ـ : المتاع وما يشتري للمنزل.
٣ ـ الغمر : الحقد ، العطش.
٤ ـ سورة البقرة : آية ٦٤.
قال عليهالسلام : تضعف البصر وترخي الذكر وتورث الهم وهي مع ذلك من لبس الجبابرة عليك بلبس النعل الصفراء فإن فيها ثلاث خصال ، قلت : وما هي؟ قال : تحد البصر وتشد الذكر وتنفي الهم وهي مع ذلك من لبس الانبياء عليهمالسلام.
وعنه عليهالسلام قال : من السنة الخف الاسود والنعل الصفراء.
وعنه عليهالسلام قال : لبس الخف يريد في قوة البصر.
عن أبي الحسن العسكري عليهالسلام فيمن أصابه عقر الخف والنعل قال : تأخذ طينا من حائط بلبن ، ثم تحكه بريقك على صخرة أو على حجر ، ثم تضعه على العقر فيذهب إن شاء الله (١).
الفصل التاسع
في المسكن وما يجوز منه وما لا يجوز وما يتعلق به
( في المسكن الواسع وغيره )
عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من السعادة سعة المنزل.
وعنه عليهالسلام قال : للمؤمن راحة في سعة المنزل.
وسئل أبوالحسن عليهالسلام عن أفضل عيش في الدنيا؟ قال : سعة المنزل وكثرة المحبين.
وعنه عليهالسلام أيضا قال : العيش بالسعة في المنازل والفضل في الخدم.
عن معمر بن خلاد قال : إن أباالحسن اشترى دارا وأمر مولى له أن يتحول إليها وقال له : إنه منزلك ، فقال له المولى : قد أجرت هذه الدار لي؟ فقال أبوالحسن عليهالسلام : إن كان أبوك أحمق فينبغي أن تكون مثله.
عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله : من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب البهي والولد الصالح.
عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام قال : إن للدار شرفا وشرفها
__________________
١ ـ عقر النعل : الجراحة الحاصلة منها.
الساحة الواسعة والخلطاء الصالحون (١) وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوار جيرانها.
قال الصادق عليهالسلام : من سعادة المرء حسن مجلسه وسعة فنائه ونظافة متوضاه (٢).
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أربع من السعادة وأربع من الشقاوة ، فالاربع التي من السعادة : المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب البهي. والاربع التي من الشقاوة : الجار السوء ، والمرأة السوء ، والمسكن الضيق ، والمركب السوء.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : حرمة الجار على الانسان كحرمة أمه.
( في مقدار سمك البيت )
عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : يا محمد ابن بيتك سبعة أذرع فما كان فوق ذلك سكنة الشياطين. إن الشياطين ليست في السماء ولا في الارض ، إنما يسكنون الهواء.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمك البيت سبعة أذرع أو ثمان أذرع فما فوق ذلك فمحضر للشياطين.
وعنه عليهالسلام أيضا قال : كل شيء يرفع من سمك البيوت على تسعة أذرع فهو مسكن الشياطين.
عن الصادق عليهالسلام قال : إذا كان سمك البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب فيه آية الكرسي.
عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : كل شيء فوق التسع
__________________
١ ـ الساحة : الفضاء. والخلطاء ـ جمع ـ خليط ـ : المخالطون الذين أمرهم واحد من الزوج والزوجة والولد والجار والاهل.
٢ ـ الفناء ـ بالكسر ـ : الساحة ، أمام البيت ، ما امتد من جوانبه. والمتوضأ : المستراح.
يعني سمك البيت فما زاد على التسع فهو مسكون ، يعني البيوت ، أو ما كان سمكها فوق التسع فما كان فوق التسع مسكون.
وعنه ، عن آبائه عليهمالسلام أن رجلا من الانصار شكا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أن الدور قد اكتنفته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ارفع ما استطعت واسأل الله أن يوسع عليك.
عن أبي عبد الله عليهالسلام : ما من إنسان يبني فوق ثمانية أذرع إلا ويأوي الشيطان فيما فوق ثمانية أذرع والواجب أن يكتب له فيه آية الكرسي حتى لا يأوي فيه الشيطان.
وعنه عليهالسلام قال : كل بناء فوق الكفاية يكون وبالا على صاحبه يوم القيامة.
وعنه عليهالسلام أنه قال : ما يبني إنسان فوق ثمانية أذرع إلا وينادي مناد من السماء : إلى أين تريد يا فاسق؟
من جوامع الجامع ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لابد منه.
( فيما يستحب عند البناء )
عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من بنى منزلا فليذبح كبشا وليطعم لحمه المساكين وليقل : اللهم ادحر عني وعن أهلي وولدي مردة الجن والشياطين وبارك لي فيه بنزولي فإنه يعطي ما سأل إن شاء الله.
( في الاسراف في البناء )
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كل بناء ليس بكفاف فهو وبال على صاحبه.
وعنه عليهالسلام قال : من كسب مالا من غير حله سلط على الماء والطين.
( في كنس المنازل )
عنه عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود.
وقال الصادق عليهالسلام : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق.
( في وقت في البيت والخروج عنه )
عنه عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا خرج من البيت في الصيف خرج يوم الخميس ، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة.
وفي رواية ، عن ابن عباس قال : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخرج إذا دخل الصيف ليلة الجمعة ، وإذا دخل الشتاء دخل ليلة الجمعة.
( في اغلاق الابواب وغيرها )
عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهماالسلام ، سئل عن إغلاق الابواب وإكفاء الاناء (١) وإطفاء السراج؟ قال : اغلق بابك فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأطفئ سراجك من الفويسقة وهي الفأرة لا تحرق بيتك. وأكفئ إناءك فإن الشيطان لا يرفع إناء مكفأ.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون.
عن الرضا عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أطفؤا المصابيح ، لا تجرها الفويسقة فتحرق البيت وما فيه.
( فيما يتعلق بالمسكن )
عن أبي جعفر عليهالسلام أنه أتاه رجل [ فشكا إليه ] فقال : أخرجتنا الجن من منازلنا يعني عمار منازلهم ، فقال : إجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار. قال الرجل : ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه.
عن داود الرقي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : رأيت حماما خرج من تحت سريرة فقلت له : جعلت فداك أهدي لك طيورا عندنا بلقا تقرقر (٢)؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : تلك مسوخ من الطير ، إذا كنت متخذا فاتخذ مثل هذه فإنها بقية حمام إسماعيل عليهالسلام.
__________________
١ ـ إكفاء الاناء : قلبه. ويأتي أيضا بمعني الاستتار ومنه الكفاء ، ككتاب.
٢ ـ البلق : الابلق وهو الذي كان في لونه سواد وبياض. وتقرقر الطير : تصوت وتردد صوته.
من كتاب من لا يحضره الفقيه ، شكا رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الوحشة ، فأمره باتخاذ زوج من الحمام.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن خفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين.
وقال عليهالسلام أيضا : إتقوا الله فيما خولكم (١) وفي العجم من أموالكم ، فقيل له : ما العجم من أموالنا؟ قال : الشاة والهر والحمام وأشباه ذلك.
من الفردوس ، عن أنس قال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : الشاة في البيت ترد سبعين بابا من الفقر.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الشاة في الدار بركة. والسنور في الدار بركة.
والرحا في الدار بركة. والشاة بركة. والشاتان بركتان. والثلاثة بركات كثيرة.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الشاة من دواب الجنة.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ما من مؤمن يكون في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم ، فإن كانتا اثنتين قدسوا كل يوم مرتين ، فقال رجل كيف يقدسون؟ قال : يقال لهم : بورك عليكم وطبتم ما طاب إدامكم.
وعنه عليهالسلام قال : إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تمنعوا الخطاطيف أن تسكن في بيوتكم (٢).
وقال : لا تطرقوا الطير في أوكارها فإن الليل أمان لها وذلك لما جعله الله عليه من الرحمة.
من كتاب طب الائمة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اتخذوا في بيوتكم الدواجن يتشاغل بها الشيطان عن صبيانكم.
عن أبي جعفر عليهالسلام : من أحبنا ـ أهل البيت ـ أحب الحمام.
__________________
١ ـ فيما خولكم أي ملككم وأعطاكم. والخول : الخدام والحشم وغيرهم من الحاشية.
٢ ـ الخطاطيف جمع الخطاف : طائر يشبه السنونو ، طويل الجناحين ، قصير الرجلين ، أسود اللون ، وقيل : هو الخفاش.
( مكارم الاخلاق ـ ٩ )
وقال أبوالحسن عليهالسلام : لا ينبغي أن يخلو بيت أحدكم من ثلاثة وهن عمار البيت : الهرة والحمام والديك ، فإن كان مع الديك أنيسة فلا بأس بذلك لمن لا يقدرها.
قال الرضا : في الديك خمس خصال من خصال الانبياء : معرفته بأوقات الصلوات والغيرة والشجاعة والسخاوة وكثرة الطروقة (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه. وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا.
عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الديك الابيض صديقي وعدوه عدو الله ، يحرس صاحبه وسبع دور. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يبيته معه في البيت.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الدجاج غنم فقراء أمتي.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تسبوا الديك فإنه يدل على مواقيت الصلاة.
وقال صلىاللهعليهوآله : لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه وعدوه عدوي والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في قترته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة. وإنه يطرد مذمومة من الجن.
وقال صلىاللهعليهوآله : من اتخذ ديكا أبيض في منزله يحفظ من شر ثلاثة : من الكافر والكاهن والساحر.
من كتاب روضة الواعظين ، عن الباقر عليهالسلام قال : إن الله تعالى خلق ديكا أبيض عنقه تحت العرش ورجلاه في تخوم الارض السابعة ، له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب لا يصيح ديك في الارض حتى يصيح ، فإذا صاح خفق بجناحيه ، ثم قال : سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شيء فيجيبه الله فيقول : ما آمن بما تقول من يحلف بي كاذبا (٢).
روى الجعفري قال : رأيت أبا الحسن عليهالسلام في بيته زوج حمام : أما الذكر فأخضر وأما الانثى فسوداء. ورأيته عليهالسلام يفت لهما الخبز ويقول :يتحركان من الليل فيؤنسان وما من انتفاضة ينتفضانها من الليل إلا اتقى من دخل البيت من عرمة الارض (٣).
__________________
١ ـ الطروقة : الجماع.
٢ ـ تخوم الارض : حدها ومنتهاها. وخفق الطائر أي طار.
٣ ـ الفت : الدق والكسر بالاصابع. الانتفاض : مطاوع نفض وهو حركة الشيء ليزول عنه الغبار.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ليس من بيت نبي إلا وفيه حمام ، لان سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت ، فإذا كانه فيه حمام عبثوا بالحمام وتركوا الناس.
الفصل العاشر
( في النجد والاثاث والفرش والتواضع فيها )
عن عبد الله بن عطا قال : دخلت على أبي جعفر عليهالسلام فرأيت في منزله نضدا ووسائد وأنماطا ومرافق (١) ، فقلت له : ما هذا؟ قال عليهالسلام : متاع المرأة.
عن جابر بن عبد الله ، عن الباقر عليهالسلام قال : دخل قوم على الحسين بن علي عليهالسلام فقالوا : يا ابن رسول الله نرى في منزلك أشياء مكروهة ـ وقد رأوا في منزله بساطا ونمارق ـ فقال : إنما نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شيءن ليس لنا منه شيء.
عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لما تزوج علي فاطمة عليهاالسلام بسط البيت كثيبا وكان فراشهما إهاب كبش ومرفقتهما محشوة ليفا ونصبوا عودا يوضع عليه السقاء فستره بكساء (٢).
عن الحسين بن نعيم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : أدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة على علي عليهماالسلام وسترها عباء وفرشها إهاب كبش ووسادتها أدم محشوة بمسد.
وعنه عليهالسلام قال : إن فراش علي وفاطمة عليهماالسلام كان سلخ كبش يقلبه فينام على صوفه.
وفي كتاب مواليد الصادقين عليهماالسلام ، قال محمد بن إبراهيم الطالقاني روى أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم اعتزل نسائه في مشربة له شهرين ـ والمشربة العلية ـ فدخل عليه عمرو في
__________________
١ ـ النضد ـ بالتحريك ـ : ما نضد من متاع البيت وضم بعضه إلى بعض متسقا أو مركوما. والانماط ـ جمع نمط ـ كسبب وأسباب : ما يفرش من مفارش الصوف الملونة. والمرافق : جمع مرفق ـ بالكسر فالسكون ـ : التي تجعل تحت المرفق من المخدة والمتكأ. والنمارق : جمع نمرق ونمرقة : الوسادة يتكأ عليها.
٢ ـ بسط البيت : سعته. والكثيب : الرمل. إهاب ـ ككتاب ـ : الجلد ، أو ما لم يدبغ.
البيت أهب عطنة وقرظ والنبي صلىاللهعليهوآله نائم على حصير قد أثر في جنبه ووجد عمر ريح الاهب ، فقال : يا رسول الله ما هذه الاهب؟ قال : يا عمر هذا متاع الحي (١) فلما جلس النبي صلىاللهعليهوآله وكان قد أثر الحصير في جنبه. فقال عمر : أما أنا فأشهد أنك رسول الله ولانت أكرم على الله من قيصر وكسرى وهما فيما هما فيه من الدنيا وأنت على الحصير قد أثر في جنبك. فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الاخرة.
عن الفضل قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن السرير يكون فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت؟ قال عليهالسلام : إن كان ذهبا فلا وإن كان ماء الذهب فلا بأس.
عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ربما قمت أصلي وبين يدي وسادة فيها تماثيل طائر ، فجعلت عليها ثوبا. وقد أهديت إلي طنفسة من الشام (٢) فيها تماثيل طير فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر. وقال : إن الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده.
عن أبي الحسن عليهالسلام قال : دخل قوم على أبي جعفر عليهالسلام وهو على بساط فيه تماثيل ، فسألوه؟ فقال : أردت أن أهبه.
عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لا بأس أن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت الصورة.
عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر؟ قال : لا بأس به ، ما لم يكن فيه شيء من الحيوان.
عن أبي العباس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ) (٣) ما التماثيل الذي كانوا يعملون؟ قال : أما والله ما هي التماثيل التي تشبه الناس ولكن تماثيل الشجر ونحوه.
عن أبي بصير قال : قلت لابي عبد الله عليهالسلام : إنما نبسط عندنا الوسائل فيها
__________________
١ ـ العلية ـ بالكسر وقد تضم ـ : الغرفة. وأهب ـ كعمد ـ : جمع إهاب ـ كعماد ـ : الجلد ما لم يدبغ. وعطنة : المنتنة ، والقرظ ـ بالتحريك ـ : ورق السلم يدبغ به الاديم.
٢ ـ الطنفسة : البساط الذي له خمل رقيق. وأيضا : القالي. وقيل : والذي يجعل على ظهر الدابة.
٣ ـ سورة سبأ : آية ١٢.
التماثيل ونفرشها ، قال : لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ ، إنما نكره منها ما نصب على الحائط والسرير.
من كتاب زهد أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن عقيل بن عبد الرحمن الخولاني قال : كانت عمتي تحت عقيل بن أبي طالب فدخلت على علي عليهالسلام بالكوفة وهو جالس على برذعة حمار مبتلة (١) قالت : فدخلت على علي عليهالسلام امرأة له من بني تميم ، فقلت لها : ويحك إن بيتك ممتلئ متاعا وأمير المؤمنين عليهالسلام جالس على برذعة حمار مبتلة ، فقالت : لا تلوميني فوالله ما يرى شيئا ينكره إلا أخذه فطرحه في بيت المال.
عن شريك بن عبد الله ، عن شيخ ، عن أمه قالت : رأيت خبز علي عليهالسلام تحت فراشه أو في فراشه.
__________________
١ ـ بتله بتلا من باب قتل : قطعه وأبانه. وبتل وتبتل : انقطع. والمبتلة على بناء المفعول : القطعة.
الباب السابع
( في الاكل والشرب وما يتعلق بهما وهو ثلاثة عشر فصلا )
الفصل الاول
( في فضل اطعام الطعام واصطناع المعروف وصوم التطوع )
من كتاب من لا يحضره الفقيه ، قال الله سبحانه تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) (١) وقد مدح الله عزوجل [ في ذلك ] صاحب القليل فقال في كتابه [ العزيز ] : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) (٢).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما آمن بالله من شبع وأخوه جائع. ولا آمن بالله من اكتسى وأخوه عريان ، ثم قرأ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة.
وسمع أمير المؤمنين عليهالسلام رجلا يقول : الشحيح أعذر من الظالم. فقال عليهالسلام : كذبت ، إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها والشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقرى الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح.
عن الصادق عليهالسلام قال : المنجيات ثلاث : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام.
وعنه عليهالسلام قال : لو أن رجلا أنفق على طعام ألف درهم وأكل منه مؤمن واحد لم يعد سرفا.
__________________
١ ـ سورة سبأ : آية ٣٨.
٢ ـ سورة الحشر : آية ٩.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليسكت. و [ كان ] يقول : لا تلزم ضيفك بما يشق عليه.
روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : أول ما يبدأ به في الاخرة صدقة الماء يعني في الاجر.
عن الباقر عليهالسلام قال : إن الله تبارك وتعالى يحب إيراد الكبد الحراء ومن سقى كبدا حراء من بهيمة وغيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
عن الصادق عليهالسلام قال : من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة. ومن سقى الماء في موضع لايوجد فيه الماء كان كمن أحيا نفسا. ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) (١).
وعنه عليهالسلام قال : من أحب الاعمال إلى الله عزوجل إشباع جوعة المؤمن وتنفيس كربته وقضاء دينه.
عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقير شيعتنا. ومن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزور قبور صلحاء إخواننا.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الصدقة بعشرة. والقرض بثمانية عشر. وصلة الاخوان بعشرين. وصلة الرحم بأربعة وعشرين.
وعنه عليهالسلام قال : إن الله تعالى يقول : ما من شيء إلا وقد تكفلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة فإني اتلقفها بيدي تلقفا (٢) حتى أن الرجل ليتصدق بالتمرة أو بشق التمرة فأربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله ، فيلقاني يوم القيامة وهو مثل أحد وأعظم من أحد.
وعنه عليهالسلام قال : إن الله عزوجل يحب الاطعام في الله ويحب الذي يطعم الطعام في الله. والبركة في بيته أسرع من الشفرة (٣) في سنام البعير.
__________________
١ ـ سورة المائدة : آية ٣٥.
٢ ـ التلقف : التناول بسرعة : والفلو ـ بضم اللام وتشديد الواو ـ الجحش والمهر يفصل عن أمه.
٣ ـ الشفرة ـ بفتح فسكون ـ : المدية وهي السكين العظيمة العريضة. وأيضا : حد السيف.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن أول من يدخل الجنة المعروف وأهله وأول من يرد علي الحوض.
عن الصادق عليهالسلام قال : أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصله إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعنه عليهالسلام قال : رأيت المعروف كاسمه. وليس شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه وذلك هو الذي يراد منه. وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه. وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه. ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه.
وعنه عليهالسلام قال : رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال : تصغيره وستره وتعجيله ، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه وإذا سترته تممته وإذا عجلته وهنأته. وإن كان غير ذلك محقته ونكدته.
وعنه عليهالسلام قال : إذا أردت أن تعلم أشقى الرجل أم سعيد فانظر معروفه إلى من يصنعه ، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه خير. وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير.
وعنه عليهالسلام قال : خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم.
وعنه عليهالسلام قال : شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما محق الاسلام ماحق مثل الشح ، ثم قال : إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل وشعبا كشعب الشرك.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : صدقة رغيف خير من نسك مهزول (١).
عن الباقر عليهالسلام قال : البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان ميتة السوء.
__________________
١ ـ النسك : الذبيحة وما يقدم لله تعبدا.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن صاحبها سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل.
عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : صدقة السر تطفئ غضب الرب.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : اتبعو قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه قال : من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر.
عن الصادق عليهالسلام قال : ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت إلا أحوجه الله عزوجل إلى السؤال قبل أن يموت ويثبت له بها في النار.
وعنه عليهالسلام قال : قال رجل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا رسول الله علمني شيئا إذا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني أهل الارض؟ قال : ارغب فيما عند الله يحببك الله وازهد فيما عند الناس يحببك الناس.
قال الباقر عليهالسلام : لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا. ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا. وكان علي بن الحسين عليهالسلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤه فتطبخ ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق (١) وهو صائم ، ثم يقول : هاتوا القصاع واغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه.
عن الصادق عليهالسلام قال : من فطر صائما فله أجر مثله.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره طاويا (٢).
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل له : يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما ، فقال : إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثوب منكم من لم يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما ، أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك.
عن الرضا عليهالسلام قال : تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك.
__________________
١ ـ المرق ـ بالتحريك ـ : ماء اللحم إذا طبخ فصار دسما. واغرفوا أي أخذوا بالمغرفة.
٢ ـ طاويا : جائعا. ورجل طيان : لم يأكل شيئا.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لاصحابه : ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح تقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه. ثم قال صلىاللهعليهوآله : لكل شيء زكاة وزكاة الابدان الصيام. وقال صلىاللهعليهوآله : الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال الله تبارك وتعالى : الصوم لي وأنا أجزي به. والصائم فرحتان : حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.
عن الصادق عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصوم حتى يقال : لا يفطر. ويفطر حتى يقال : لا يصوم. ثم صام يوما وأفطر يوما ، ثم صام الاثنين والخميس ، ثم آل ذلك إلى صيام ثلاثة أيام من الشهر : الخميس في أول الشهر ، والاربعاء في وسط الشهر ، والخميس في آخر الشهر. وكان يقول : ذلك صوم الدهر.
وعنه عليهالسلام قال : إذا صام أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن أحدا. ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والايمان بالله. وإن جهل عليه أحد فليتحمل.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : صيام شهر الصبر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر. إن الله عزوجل يقول : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) (١).
سئل الصادق عليهالسلام عمن لم يصم الثلاثة في كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء؟ قال : مد من طعام في كل يوم.
عن علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من صام يوما تطوعا أدخله الله عزوجل الجنة.
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك بسبعين ضعفا او تسعين ضعفا.
__________________
١ ـ سورة الانعام : آية ١٦١.
وعنه عليهالسلام قال : من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب [ الله ] له صوم سنة.
وكان النبي صلىاللهعليهوآله إذا أفطر يقول : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت.
الفصل الثاني
( في آداب غسل اليد وغيرها )
من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أراد أن يكثر خيره فليتوضأ عند حضور طعامه.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم ويصحح البصر.
عن الصادق عليهالسلام : من غسل يده قبل الطعام وبعده بورك له في أوله وآخره وعاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده.
وقال عليهالسلام : اجعلوا في أسنانكم السعد فإنه يطيب الفم [ ويزيد في الجماع ]. (١)
وعنه عليهالسلام قال : من غسل يده قبل الطعام فلا يمسحها بالمنديل ، فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دام النداوة في اليد.
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا أكل أحدكم فلا يمسحن بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يبدأ أولا رب المنزل بغسل يده ومن عن يمينه ، فإذا فرغ من الطعام يبدأ [ بمن عن يساره ] بغير صاحب المنزل ، لانه أولى بالصبر على الغمر (٢) ويتمندل بعد ذلك.
وروي عنه صلىاللهعليهوآله أنه كان يغسل يده من الغمر ، ثم يمسح بها وجهه ورأسه قبل أن يمسحها بالمنديل ، ثم يقول : « اللهم اجعلني ممن لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ».
__________________
١ ـ السعد ـ بالضم ـ : طيب معروف.
٢ ـ الغمر ـ بالتحريك ـ : زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه.
وعنه صلىاللهعليهوآله قال : الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر كما ينفي الكبر خبث الحديد وعاش ما عاش في سعة وأن الملائكة تصلي على من يلعق أصابعه في آخر الطعام.
و [ روي ] عنه صلىاللهعليهوآله أنه كان يكره عند الطعام رفع الطست حتى يمتلئ ويهراق ويقول : من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام وبعده ، فإنه من غسل يده عند الطعام وبعده عاش ما عاش في وعوفي من بلوى في جسده.
وعنه عليهالسلام قال : إذا توضأت بعد الطعام فامسح عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد.
عن صفوان الجمال قال : كنا عند أبي عبد الله عليهالسلام فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه ، ثم قال : منه غسلنا.
وعنه عليهالسلام قال : الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر ويزيد في الرزق.
من كتاب تهذيب الاحكام ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : الوضوء قبل الطعام وبعده يذيبان الفقر.
عن يونس قال : لما تغذى عندي أبوالحسن عليهالسلام وجئ بالطست بدأ الخادم به وكان في صدر المجلس ، فقال : ابدأ بمن عن يمينك. فلما توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست ، فقال أبوالحسن عليهالسلام دعها.
وعن نزار قال : رأيت أباالحسن عليهالسلام إذا توضأ قبل الطعام لم يمس المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مس المنديل.
وفي كتاب مواليد الصادقين عليهماالسلام ، كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا فرغ من غسل اليد بعد الطعام مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه ، ثم يقول : « الحمدلله الذي هدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء صالح أولانا ».
الفصل الثالث
( في آداب الاكل وما يتعلق به )
من طب الائمة ، روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : اذكروا الله عزوجل عند الطعام ولا تلغوا فيه : فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها