مكارم الاخلاق

رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي

مكارم الاخلاق

المؤلف:

رضي الدين أبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي


المحقق: محمد الحسين الاعلمي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٦
الصفحات: ٤٨٠

فوقف على غلام فقال : يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ قال : نعم عندي ، فأخذ ثوبين ـ أحدهما بثلاثة دراهم والاخر بدرهمين ـ ثم قال : يا قنبر خذ الذي بثلاثة ، فقال : أنت أولى به تصعد المنبر وتخطب الناس ، قال : وأنت شاب ولك شرة الشباب (١) وأنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون ، فلما لبس القميص مد يده في ذلك ، فإذا هو يفضل عن أصابعه ، فقال : أقطع هذا الفضل ، فقطعه ، فقال الغلام : هلم أكفه ، قال : دعه كما هو فإن الامر أسرع من ذلك.

عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام اشترى قميصا سنبلانيا بأربعة دراهم ثم لبسه ، فمد يده فزاد على أصابعه ، فقال للخياط : هلم الجلم ، فقطعه حيث انتهت أصابعه ، ثم قال : الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس ، اللهم اجعله ثوب يمن وبركة ، أسعى فيه لمرضاتك عمري وأعمر فيه مساجدك ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : من لبس ثوبا جديدا فقال هذه الكلمات غفر له.

( الدعاء )

من كتاب النجاة [ يقول ] عند لبس السراويل : اللهم استر عورتي وآمن روعتي وأعف فرجي ولا تعجل للشيطان في ذلك نصيبا ولا له إلى ذلك وصولا فيصنع إلي المكائد ويهيجني لارتكاب محارمك.

عن الصادق ، عن علي عليهما‌السلام [ قال ] : لبس الانبياء القميص قبل السراويل.

وفي رواية قال : لا تلبسه من قيام ولا مستقبل القبلة ولا الانسان.

عن الصادق عليه‌السلام قال : اغتم أمير المؤمنين عليه‌السلام يوما فقال : من أين أتيت فما أعلم أني جلست على عتبة باب ولا شققت بين غنم ولا لبست سراويلي من قيام ولا مسحت يدي ووجهي بذيلي.

__________________

١ ـ يقال شرة الشباب ـ بالكسر فالتشديد ـ أي نشاطه.

١٠١

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا لبستم وتوضأتم فابدؤا بميامنكم.

عن الصادق عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا كسا الله مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ وليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب وقل هو الله أحد وآية الكرسي وإنا أنزلناه ، ثم ليحمد الله الذي ستر عورته وزينه في الناس وليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنه لا يعصى الله فيه وله بكل سلك فيه ملك يقدس له ويستغفر له ويترحم عليه.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو شرب أو أكل أو لبس أو فعل غير ذلك مما يصنعه ينبغي له أن يسمي ، فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك.

وفي رواية : من أخذ قدحا وجعل فيه ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه خمسا وثلاثين مرة ورش الماء على ثوبه لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب.

وفي رواية أخرى عن الرضا عليه‌السلام كان يلبس ثيابه مما يلي يمينه ، فإذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه عشرا وقل هو الله أحد عشرا وقل يا أيها الكافرون عشرا ، ثم رش ذلك الماء على ذلك الثوب ، ثم قال : فمن فعل ذلك لم يزل كان في عيشة رغد ما بقي من ذلك الثوب سلك (١).

عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم ، فقطع كميه إلى حيث بلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه ، فلما لبسه حمد الله وأثنى عليه (٢).

عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفا.

__________________

١ ـ السلك ـ بالكسر والفتح ـ : الخيوط ، جمع السلكة ـ بالكسر والسكون ـ : الخيط يخاط به.

٢ ـ الكم ـ بالضم والتشديد ـ : مدخل اليد ومخرجها من الثوب.

١٠٢

الفصل الثاني

( في طي الثوب وتنظيفه )

عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أدنى الاسراف هراقة فضل الاناء وابتذال (١) ثوب الصون وإلقاء النوى.

وعنه عليه‌السلام قال : إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك.

وعن الحسن بن علي بن يقطين رفع الحديث قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : طي الثياب راحتها وهو أبقى لها.

وعنه عليه‌السلام قال : الثوب النقي يكبت العدو والدهن يذهب بالبؤس والمشط للرأس يذهب بالوباء والمشط للحية يشد الاضراس.

وعنه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال : غسل الثياب يذهب الهم والحزن وهو طهور للصلاة. قال الله تبارك وتعالى : ( وثيابك فطهر ) (٢) أي فشمر.

وعنه ، عن أبيه عليه‌السلام قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من اتخذ ثوبا فلينظفه.

وعنه عليه‌السلام في ( وثيابك فطهر ) أي فارفعها ولا تجرها.

وعنه عليه‌السلام في قول الله تعالى : ( وثيابك فطهر ) قال : وثيابك فقصر.

الفصل الثالث

في لبس أنواع اللباس مع اختلاف ألوانها

( في لبس الثياب البيض )

عن أبي عبد الله ، عن أمير المؤمنين عليهما‌السلام قال : البسوا من القطن فإنه لباس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولباسنا ، ولم يكن يلبس الصوف والشعر إلا من علة.

وقال عليه‌السلام : إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

__________________

١ ـ ابتذال الثوب : لبسه في أوقات الشغل والخدمة.

٢ ـ سورة المزمل : آية ٤.

١٠٣

وعنه عليه‌السلام قال : الكتان من لباس الانبياء.

عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس من ثيابكم شيء أحسن من البياض فالبسوه وكفنوا فيه موتاكم.

( في لبس الاسود )

عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه قال : رأيت على أبي الحسن عليه‌السلام دراعة سوداء وطيلسانا أزرق (١).

عن أبي ظبيان الجنبي قال : خرج علينا أمير المؤمنين عليه‌السلام ونحن في الرحبة وعليه خميصة سوداء (٢).

عن الحسين بن المختار قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : يحرم الرجل في الثوب الاسود ، فقال : لا يجوز في الثوب الاسود ولا يكفن به الميت.

( في لبس الاصفر والمزعفر )

عن أبي ظبيان الجنبي قال : خرج علينا أمير المؤمنين عليه‌السلام ونحن في الرحبة وعليه إزار أصفر وخميصة سوداء وبرجليه نعلان وبيده عنزة (٣).

عن زرارة قال : خرج أبوجعفر عليه‌السلام يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف (٤) خز أصفر.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من شيء أحسن على الكعبة من الرياط (٥) السابري المصبوغ بالزعفران.

__________________

١ ـ دراعة ، بالضم فالتشديد ، جبة مشقوقة المقدم ولا يكون إلا من صوف كالمدرعة.

٢ ـ الخميصة ، مؤنث الخميص : كساء أسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة. وأبوظبيان الجنبي ، منسوب إلى جنب بطن من العرب وقيل : حي من اليمن ، كان من أصحاب علي عليه‌السلام.

٣ ـ العنزة ـ بالتحريك ـ : رميح بين العصا والرمح ، أطول من العصا وأقصر من الرمح.

٤ ـ المطرف : رداء من خز ذو أعلام.

٥ ـ الرياط ، جمع ريطة : الملاءة إذا كانت قطعته واحدة ونسجا واحدا ولم تكن لفقين أي قطعتين وإذا كانت لفقين فهي ملاءة. ويطلق أيضا على كل ثوب يشبه الملحفة وكل ثوب لين. والسابري : درع دقيقة النسج محكمة وثوب رقيق جيد.

١٠٤

( في لبس المعصفر )

عن عبد الله بن عطا قال : رأيت على أبي جعفر عليه‌السلام ملحفة حمراء مشبعة قد أثرت في جلده ، فقلت : ما هذا؟ فقال : ملحفة المرأة.

عن الحكم بن عيينه قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وعليه ملحفة مصبوغة بعصفر قد نفض صبغها على عاتقه ، قال : فنظرت إليها ، فقال : يا حكم ما تقول في هذا؟ قلت : إنا لنعيب الشاب [ المراهق ] عندنا مثل هذا ، فأي شيء أقول وهي عليك؟ فقال : يا حكم ( من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) يا حكم إني حديث عهد بعرس.

وعنه عليه‌السلام قال : ما زال لبس الاحمر المفدم (١) يكره إلا بعرس.

عن مالك قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وعليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة فتبسمت حين دخلت ، فقال : إني أعلم لم ضحكت؟ ضحكت من هذا الثوب علي إن الثقفية أكرهتني على لبسها ، ثم قال : إنا لانصلي في هذا ، فلا تصلوا في المصبغ المضرج (٢). ثم دخلت عليه بعد فسألته عن الثقفية؟ قال : طلقتها ، إني خلوت بها فإذا هي تتبرأ من علي عليه‌السلام ، فلم يسعني أن امسكها وهي تتبرأ من علي عليه‌السلام.

عن الحكم بن عيينه قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام وعليه إزار أحمر ، قال : فأحددت النظر إليه ، فقال : يا أبا محمد إن هذا ليس به بأس ، ثم تلا ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) (٣).

( في لبس الوردي والعدسي والازرق والاخضر )

عن الحسن الزيات قال : رأيت على أبي جعفر عليه‌السلام ملحفة وردية.

عن محمد بن علي قال : رأيت على أبي الحسن عليه‌السلام ثوبا عدسيا (٤).

__________________

١ ـ المفدم : المشبع حمرة ، كأنه لتناهي حمرته كالممتنع من قبول زيادة الصبغ.

٢ ـ المضرج : المصبوغ بالحمرة والمتلطخ بها.

٣ ـ سورة الاعراف : آية ٣٠

٤ ـ كان يشبه لون العدس.

١٠٥

عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه قال : رأيت على أبي الحسن عليه‌السلام طيلسانا أزرق.

عن أبي العلاء قال : رأيت على أبي عبد الله عليه‌السلام بردا أخضر وهو محرم.

عن أبان بن تغلب قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر ، فقال لي : يا أبان إن جبريل عليه‌السلام نزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر ، فلما صعد إلى السماء دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام ـ وكانت إذا سمعته أجابته ـ فأجابته في عباءة محتجزة (١) بنصفها والنصف الاخر على رأسها ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ادع زوجك عليا ، فدعته فاطمة فأجلسه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن يمينه ، ثم أخذ كفه فوضعها في حجره ، وأجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام عن يساره وأخذ كفها فوضعها في حجره ، ثم قال لهما : ألا أخبر كما بما أخبرني به جبريل عليه‌السلام؟ قالا : بلى يا رسول الله ، قال : أخبرني أني عن يمين العرش يوم القيامة وأن الله كساني ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، وأنك يا علي عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، وأنك يا فاطمة عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، قال : فقلت : جعلت فداك فإن الناس يكرهون الوردي ، قال : يا أبان إن الله لما رفع المسيح عليه‌السلام إلى السماء رفعه إلى جنبه فيها سبعون غرفة وأنه كساه ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، قال : قلت : جعلت فداك أخبرني بنظيره من القران؟

قال : يا أبان إن الله يقول : ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) (٢).

الفصل الرابع

في لبس الخز والحلة وغير ذلك

( في لبس الخز )

عن عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن علي بن الحسين عليه‌السلام كان رجلا صردا (٣) وكان يشتري الثوب الخز بألف درهم أو خمسمائة درهم ، فإذا

__________________

١ ـ إحتجز بالازار : شده على وسطه.

٢ ـ سورة الرحمن : آية ٣٧.

٣ ـ صرد ، ككتف : الذي كان قويا على الصرد وضعيف عنه ( ضد ). والصرد : البرد.

١٠٦

خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه ولم يكن يصنع ذلك بشيء من ثيابه غير الخز.

عن قتيبة بن محمد قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : إنا نلبس الثوب الخز وسداه أبريسم ، قال : لا بأس بالابريسم إذا كان معه غيره ، قد أصيب الحسين عليه‌السلام وعليه جبة خز سداها أبريسم. قلت : إنا نلبس هذه الطيالسة البربرية وصوفها ميت ، قال : ليس في الصوف روح ، ألا ترى أنه يجز ويباع وهو حي؟

عن الحسن بن علي ، عنه قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام يلبس ثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار ، ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه.

عن محمد بن مسعدة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أبي يلبس الثوب الخز بخمسمائة درهم فإذا حال عليه الحول تصدق به ، فقيل له : لو بعته وتصدقت بثمنه ، قال : أبيع ثوبا قد صليت فيه؟!

عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن جلود الخز؟ وأنا حاضر ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ليس به بأس ، فقال له الرجل : جعلت فداك هي من بلادي وإنما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فإذا خرجت من الماء تعيش وهي خارج في البر؟ قال : لا ، قال : ليس به بأس.

من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن علي بن أبي عمران قال : خرج الحسين ابن علي عليه‌السلام ـ وعلي عليه‌السلام في الرحبة ـ وعليه قميص خز وطوق من ذهب ، فقال : هذا إبني؟ قالوا : نعم ، فدعاه فشقه عليه وأخذ الطوق فقطعه قطعا.

( في لبس الحلة )

عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام بحلل فيها حلة (١) جيدة ، فقال الحسين عليه‌السلام : أعطني هذه ، فأبى وقال : اعطيك مكانها حلتين ، فأبى وقال : هي خير من ذلك ، فقال : اعطيك مكانها ثلاث حلل ،

__________________

١ ـ الحلة ـ بالضم ـ : كل ثوب جديد ، والجمع حلل. وقيل : إزار ورداء من برد او غيره.

١٠٧

قال : هي خير من ذلك ، فقال : أربعا ، حتى بلغ خمسا فأعطاه إياها ، ثم قال : أما انك تلبسها فيقال : ابن أمير المؤمنين ، ثم تلبسها فتوسخ فتفسدها وأكسو بهذه الخمس حلل خمسة من المسلمين.

( في لبس الحرير والديباج )

عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : أتى أسامة بن زيد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه ثوب حرير ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذا لباس من لا خلاق (١) له ، ثم أمره فشقه خمرا بين نسائه.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يصلح لبس الحرير والديباج للرجال ، فأما بيعه فلا بأس به.

عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما‌السلام أنه سئل عن لبس الحرير والديباج؟

فقال : أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل.

من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن علي بن عمران قال : خرج الحسين ابن علي عليه‌السلام وعلي عليه‌السلام في الرحبة إلى آخر الحديث.

عن عمرو أو عمر بن نعجة السكوني قال : أتى علي عليه‌السلام بدابة دهقان ليركبها ، فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فلما وضع يده على القربوس (٢) زلت يده [ عن الصفة ] فقال : أديباج هي؟ قالوا : نعم ، فلم يركب حين أنبئ أنه ديباج.

( في لبس القسي وغيره )

عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن عليا عليه‌السلام قال : نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ولا أقول نهاكم ـ عن لبس القسي (٣) والتختم بالذهب وأن أركب على مثيرة حمراء وأن أقرأ وأنا راكع.

__________________

١ ـ الخلاق : النصيب.

٢ ـ القربوس : قسمة المقوس المرتفع من قدام السرج ومن مؤخره أي حنو السرج.

٣ ـ القسي منسوب إلى قس ـ بالفتح وقد يكسر ـ : موضع بمصر.

١٠٨

الفصل الخامس

في التبختر في الثياب والتواضع فيها والترقيع لها والاقتصاد فيها ولبس الخشن

( في التبختر في الثياب )

عن عبد الله بن هلال قال : أمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أن أشتري له إزارا ، فقلت : إني لست أصيب إلا واسعا ، قال : اقطع منه وكفه ، ثم قال : إن أبي قال : ما جاوز الكعبين ففي النار.

عن عبد الله بن هلال ، عنه عليه‌السلام ذكر مثله وقال : ما جاوز الكعبين من الثوب ففي النار.

أبوإسحاق السبيعي (١) رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إتزر إلى نصف الساق أو إلى الكعبين وإياك وإسبال الازار ، فإن إسبال الازار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة قال : إن الاسبال في الازار والقميص والعمامة ، [ وقال ] : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.

ومن كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام عن أبي مطر قال : إن عليا عليه‌السلام مر بي يوما ومعي ابن عم لي ، قال : فضربني بقضيب معه أو بدرة وقال : إرفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض ، فقال ابن عمي : من ذا الذي يضرب ابن عمي؟ قال : فقال : علي عليه‌السلام : إنما أقول ارفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض ، ثم قال عليه‌السلام لقنبر : ألا تمنعني كما يمنع هذا ابن عمه.

عن جابر ، [ عن أبي جعفر عليه‌السلام ] قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن ريح الجنة ليوجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها جار إزاره خيلاء ، إنما الكبرياء لله رب العالمين.

__________________

١ ـ هو عمرو بن عبد الله بن علي الكوفي الهمداني ، إبن اخت يزيد بن الحصين الهمداني ، من أصحاب الحسين عليه‌السلام ، ممن شهد الطف وقتل. وكان أبوإسحاق من أعيان وثقاة علي بن الحسين عليه‌السلام وعاش تسعون سنة ، ونقل عنه أنه قال : رفعني أبي حتى رأيت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يخطب وهو أبيض الرأس واللحية ، إلى آخر الحديث.

١٠٩

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله يبغض الثاني عطفه والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالايمان (١).

وعنه ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المرخي ذيله من العظمة ، والمزكي سلعته بالكذب ، ورجل استقبلك بنور صدره [ فيواري ] وقلبه ممتلئ غشا (٢).

وعنه عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا تصامت أمتي عن سائلها وأرخت شعورها ومشت تبخترا ، حلف ربي بعزته لاذعرن بعضهم ببعض (٣).

وعنه ، عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من مشى على الارض اختيالا لعنته الارض من تحته.

عن بشير النبال قال : إنا لفي المسجد مع أبي جعفر عليه‌السلام إذ مر علينا أسود عليه حلتان متزر بواحدة مترد بالاخرى وهو يتبختر في مشيته ، فقال لي أبوجعفر عليه‌السلام : إنه جبار ، قلت : جعلت فداك إنه سائل ، قال : إنه جبار.

من جملة ما وصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابي ذر رضي الله عنه : يا أباذر إن أكثر من يدخل النار المستكبرون ـ فقال رجل : هل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله؟ قال : نعم ، من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز وجالس المساكين ـ يا أباذر : من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر ـ يعني ما يشترى من السوق ـ. يا أباذر : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. يا أباذر : إزرة الرجل إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه ، فما أسفل منه في النار. يا أباذر : من رفع ثوبه لوجه الله تعالى فقد برئ من الكبر.

__________________

١ ـ أسبل الستر : ، أرخاه. وأنفق ماله أي أنفده وأفناه. والسلعة : المتاع.

٢ ـ الغش ـ بالكسر ـ : اسم من الغش ـ بالفتح ـ بمعنى الغل والحقد.

٣ ـ تصام عن الحديث : تظاهر أنه أصم. وفي بعض النسخ تضامت بالضاد المعجمة. يقال : تضام الشيء : جمعه إلى نفسه. وشعور : جمع شعر. والذعر ، بالفتح : الخوف والدهشة.

١١٠

( في التواضع في الثياب )

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن علي بن الحسين عليه‌السلام خرج في ثياب حسان فرجع مسرعا يقول : يا جارية ردي علي ثيابي فقد مشيت في ثيابي هذه فكأني لست علي بن الحسين. وكان إذامشى كأن الطير على رأسه لا يسبق يمينه شماله.

وعنه عليه‌السلام قال : إن الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى.

عن الحسن الصيقل قال : أخرج إلينا أبو عبد الله عليه‌السلام قميص أمير المؤمنين عليه‌السلام الذي أصيب فيه ، فشبرت أسفله اثني عشر شبرا وبدنه ثلاثة أشبار ويديه ثلاثة أشبار (١).

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن صاحبكم ليشتري القميصين السنبلانيين ، ثم يخير غلامه فيأخذ أيهما شاء ، ثم يلبس هو الاخر ، فإذا جاوز أصابعه قطعه وإذا جاوز كفيه حذفه (٢).

عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم ، فقطع كميه إلى حيث يبلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه ، فلما لبسه حمدالله وأثنى عليه وقال : ألا أريكم؟ قلت : بلى. فدعاه به ، فإذا كميه ثلاثة أشبار وبدنه ثلاثة أشبار وطوله ستة أشبار.

من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن الاصبغ بن نباتة قال : خرجنا مع علي عليه‌السلام حتى أتينا التمارين ، فقال : لا تنصبوا قوصرة على قوصرة ، ثم مضى حتى أتينا إلى اللحامين ، فقال : لا تنكوا في اللحم ، ثم مضى [ حتى أتى ] إلى سوق السمك ، فقال : لا تبيعوا الجري ولا المارماهي ولا الطافي (٣) ، ثم مضى حتى أتى

__________________

١ ـ الشبر ( بالكسر ) : مابين طرفي الابهام والخنضر ممتدين ، جمعة : أشبار. والراوي هو أبومحمد حسن بن زياد العطار الكوفي ، المعروف بالصيقل ، من أصحاب محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام ، حسن وله كتاب.

٢ ـ سنبلاني : منسوب إلى بلدة بالروم ، في اللغة : سنبلان وسنبل بلدان بالروم بينهما عشرون فرسخا. وفي بعض النسخ فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كفيه جذبه.

٣ ـ الجري كذمي : سمك طويل أملس وليس له عظم إلا عظم الرأس والسلسلة ، المعروف بالحنكليس. والطافي : السمك الذي يموت في الماء فيعلو ويظهر فوق الماء.

١١١

البزازين فساوم رجلا بثوبين ومعه قنبر ، فقال : بعني ثوبين ، فقال الرجل : ما عندي يا أمير المؤمنين ، فانصرف حتى أتى غلاما ، فقال : بعني ثوبين ، فماكسه الغلام حتى اتفقا على سبعة دراهم ، ثوب بأربعة دراهم وثوب بثلاثة دراهم ، فقال لغلامه قنبر : إختر أحد الثوبين ، فاختار الذي بأربعة ولبس هو الذي بثلاثة وقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في خلقه ، ثم أتى المسجد الاكبر فكومه كومة من حصباء (١) ، فاستلقى عليه فجاء أبوالغلام فقال : إن ابني لم يعرفك وهذان درهمان ربحهما عليك فخذهما ، فقال علي عليه‌السلام : ما كنت لافعل ، ماكسته وماكسني واتفقنا على رضى.

عن أبي مسعدة قال : رأيت عليا عليه‌السلام خرج من القصر ، فدنوت منه فسلمت عليه ، فوقع يده على يدي ، ثم مشى حتى أتى إلى دار فرات ، فاشترى منه قميصا سنبلانيا بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم ، فلبسه وكان كمه كفاف يده (٢).

عن وشيكة (٣) قال : رأيت عليا عليه‌السلام يتزر فوق سرته ويرفع إزاره إلى أنصاف ساقيه وبيده درة يدور في السوق يقول : إتقوا الله وأوفوا الكيل كأنه معلم صبيان.

عن مجمع قال : إن عليا عليه‌السلام أخرج سيفه فقال : من يرتهن سيفي؟ أما لو كان لي قميص ما رهنته ، فرهنه بثلاثة دراهم ، فاشترى قميصا سنبلانيا كمه إلى نصف ذراعيه وطوله إلى نصف ساقيه.

عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : رأيت على علي عليه‌السلام قميصا زابيا (٤) إذا مد طرف كمه بلغ ظفره وإذا أرسله كان إلى ساعده.

عن أبي الاشعث العبري ، عن أبيه قال : رأيت عليا عليه‌السلام اغتسل في

__________________

١ ـ الكومة : القطعة المجتمعة المرتفعة من التراب وغيره.

٢ ـ الكفاف بالفتح الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدره.

٣ ـ بفتح الواو وكسر الشين المعجمة : الظاهر أنه أيوب بن وشيكة من أصحاب الباقر عليه‌السلام.

٤ ـ الزابي : منسوب إلى الزاب ، في القاموس : الزاب بلد بالاندلس او كورة ونهر بالموصل ونهر باربل ونهر بين سوراء وواسط ونهر آخر بقربه وعلى كل واحد منهما كورة.

١١٢

الفرات يوم الجمعة ، ثم ابتاع قميص كرابيس بثلاثة دراهم ، فصلى بالناس فيه الجمعة وما خيط جربانه (١).

عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن عليا عليه‌السلام كان عندكم فأتى بني ديوار ، فاشترى ثلاثة أثواب بدينار ، القميص إلى فوق الكعب والازار إلى نصف الساق والرداء من قدامه إلى ثدييه ومن خلفه إلى إليتيه ، فلبسها ، ثم رفع يده إلى السماء ، فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله. ثم قال : هذا اللباس الذي ينبغي أن تلبسوه ولكن لا نقدر أن نلبس هذا اليوم لو فعلنا لقالوا : مجنون أو لقالوا : مراء ، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس.

عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إذا هبطتم وادي مكة فالبسوا خلقان ثيابكم أو سمل ثيابكم أو خشن ثيابكم ، فإنه لن يهبط وادي مكة أحد ليس في قلبه شيء من الكبر إلا غفر الله له ، قال : فقال عبد الله بن أبي يعفور : ما حد الكبر؟ قال : الرجل ينظر إلى نفسه إذا لبس الثوب الحسن يشتهي أن يرى عليه ، ثم قال : ( بل الانسان على نفسه بصيرة ) (٢).

عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان لابي ثوبان خشنان يصلي فيهما صلاته ، فإذا أراد أن يسأل الله الحاجة لبسهما وسأل الله حاجته.

( في ترقيع الثياب )

عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : خطب علي عليه‌السلام الناس وعليه إزار كرباس غليظ ، مرقوع بصوف ، فقيل له في ذلك ، فقال : يخشع له القلب ويقتدي به المؤمن.

عن عبد الله بن عباس لما رجع من البصرة وحمل لمال ودخل الكوفة وجد أمير المؤمنين عليه‌السلام قائما في السوق وهو ينادي بنفسه : معاشر الناس من أصبناه بعد

__________________

١ ـ الجربان ، بضم الاول والثاني أو بكسرهما وتشديد الباء : من القميص : جيبه وطوقه.

٢ ـ سورة القيامة : آية ١٤.

( مكارم الاخلاق ـ ٨ )

١١٣

يومنا هذا يبيع الجري والطافي والمارماهي علوناه بدرتنا هذه ـ وكان يقال لدرته : السبتية ـ. قال ابن عباس : فسلمت عليه فرد علي السلام ، ثم قال : يا ابن عباس ما فعل المال؟ فقلت ها هو يا أمير المؤمنين وحملته إليه فقربني ورحب بي ، ثم أتاه مناد ومعه سيفه ينادي عليه بسبعة دراهم ، فقال : لو كان لي في بيت مال المسلمين ثمن سواك أراك ما بعته ، فباعه واشترى قميصا بأربعة دراهم له وتصدق بدرهمين وأضافني بدرهم ثلاثة أيام.

عن يزيد بن شريك قال : أخرج علي عليه‌السلام ذات يوم سيفه فقال : من يبتاع مني سيفي هذا ، فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته.

عن الفضل بن كثير قال : رأيت على أبي عبد الله عليه‌السلام ثوبا خلقا مرقوعا ، فنظرت إليه ، فقال لي : ما لك؟ انظر في ذلك الكتاب ـ وثم كتاب ـ ، فنظرت فيه فإذا فيه لا جديد لمن لا خلق له.

وفي رواية : رؤي على علي عليه‌السلام إزار خلق مرقوع ، فقيل له : في ذلك ، فقال : يخشع له القلب وتذل به النفس ويقتدي به المؤمنون.

( في الاقتصاد في اللباس )

عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يكون قد غنى دهره وله مال وهيئة في لباسه ونخوة ، ثم يذهب ماله ويتغير حاله ، فيكره أن يشمت به عدو ، فيتكلف ما يتهيؤ به ، فقال : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) (١) على قدر حاله.

( في لبس الصوف والخشن )

عن محمد بن كثير قال : رأيت على أبي عبد الله عليه‌السلام جبة صوف بين قميصين غليظين ، فقلت له في ذلك ، فقال : رأيت أبي يلبسها ، وإنا إذا أردنا أن نصلي لبسنا أخشن ثيابنا.

__________________

١ ـ الشماتة : السرور ببلية الاعداء ، يقال : شمت به ـ بالكسر ـ : إذا فرح بمصيبته. والاية في سورة الطلاق ، آية ٧.

١١٤

عن معمر بن خلاد قال : سمعت أباالحسن الرضا عليه‌السلام يقول : والله لئن صرت إلى هذا الامر (١) لاكلن الخبيث بعد الطيب ولالبسن الخشن بعد اللين ولاتعبن بعد الدعة. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وصيته لابي ذر رضي الله عنه : يا أباذر إني ألبس الغليظ وأجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا أباذر البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب (٢) لئلا يجد الفخر فيك مسلكا.

من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه رحمه‌الله ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خمس لا أدعهن حتى الممات : الاكل على الحضيض مع العبيد وركوبي الحمار مؤكفا وغير مؤكف (٣) وحلبي العنز بيدي ولبس الصوف والتسليم على الصبيان ، لتكون سنة من بعدي.

من كتاب الفردوس قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البسوا الصوف وكلوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة.

وقال أيضا : البسوا الصوف وشمروا وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماوات.

من كتاب المحاسن ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ذكر له أن راهبا قال في لباس الشعر : هو أشبه بلباس المصيبة ، فقال : وأي مصيبة أعظم من مصائب الدين؟!

من كتاب الفردوس قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الايمان ، وقلة الاكل تعرفوا في الاخرة. وإن النظر إلى الصوف يورث التفكر والتفكر يورث الحكمة والحكمة تجري في أجوافكم مثل الدم.

__________________

١ ـ أي أمر الخلافة والسلطنة. والدعة ـ بفتحتين ـ : الراحة وخفض العيش ، والهاء عوض الواو.

٢ ـ صفيق اللباس : خلاف السخيف أي ما كثف نسجه ، من سخف وزان قرب : رق لقلة غزله.

٣ ـ الحضيض : قرار الارض. الاكاف والوكاف : البردعة ، وهي كساء يلقى على ظهر الدابة.

١١٥

الفصل السادس

في كراهية لباس الشهرة والنكت في اللباس (١)

( في لباس الشهرة )

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كفى بالرجل خزيا أن يلبس ثوبا مشهرا أو يركب دابة مشهرة.

وعنه عليه‌السلام قال : إن الله يبغض شهرة اللباس.

قيل : دخل عباد بن كثير البصري على أبي عبد الله عليه‌السلام بثياب الشهرة ، فقال عليه‌السلام : يا عباد ما هذه الثياب؟ قال : يا أبا عبد الله تعيب علي هذا؟ قال : نعم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه الله لباس الذل يوم القيامة ، قال عباد : من حدثك بهذا؟ قال عليه‌السلام : يا عباد تتهمني؟ حدثني والله أبي عن آبائي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : لم يكن شيء أبغض إليه من لبس الثوب المشهور وكان يأمر بالثوب الجديد فيغمس في الماء ويلبسه.

( في القناع )

عن عبد الله بن وضاح قال : رأيت أباالحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام وهو جالس في مؤخر الكعبة وتقنع وأخرج أذنيه من قناعه.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : القناع بالليل ريبة (٢).

عن عبد الله بن الوليد بن صبيح قال : سألني شهاب بن عبد ربه أن استأذن له على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فأدخلته عليه ليلا وهو متقنع وأخذت له وسادة فطرحتها له فجلس عليها ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : ألق قناعك يا شهاب ، فإن القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار ، فألقى قناعه.

__________________

١ ـ النكت ـ بضم ففتح ـ : جمع النكتة وهي النقطة السوداء في الابيض او البيضاء في الاسود.

٢ ـ الريبة ـ بالكسر ـ : التهمة والظنة ، هي اسم من الريب.

١١٦

عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار.

( في التوشح )

وعنه عليه‌السلام في الرجل يتوشح بالازار فوق القميص ، قال : لا تفعل ، فإن ذلك من الكبر (١).

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه كره التوشح بالازار فوق القميص وقال : هو من فعل الجبابرة.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنهى امتي عن اشتمال الصماء (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أنهى امتي عن حل الازار وعن الاقبية وكشف الافخاذ (٣).

( في لبس الصوف )

من كتاب مجمع البيان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على فاطمة عليها‌السلام وعليها كساء من ثلة الابل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أبصرها ، فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة ، فقد أنزل الله علي ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) (٤) ( والثلة : الصوف والوبر ) ، عن الزهري من عيون الاخبار ، عن ابن أبي عباد قال : كان جلوس الرضا عليه‌السلام في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح (٥) ، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم.

__________________

١ ـ توشح بثوبه : هو أن يدخله تحت إبطه الايمن ويلقيه على منكبه الايسر كما يتوشح الرجل بحمائل سيفه.

٢ ـ اشتمال الصماء : الالتحاف بالثوب من غير أن يجعل له موضع يخرج منه اليد.

٣ ـ الاقبية : جمع قباء وهو ثوب مشقوق قدامه ولم يكن له أزرار ويلبس فوق الثياب.

٤ ـ سورة الضحى : آية ٥. والثلة : الصوف وحده ومجتمعا بالشعر والوبر.

٥ ـ المسح ـ بالكسر ـ : كساء معروف يعبر عنه بالبلاس ويقعد عليه.

١١٧

( في تشبه الرجال بالنساء )

عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما‌السلام ، سئل عن الرجل يجر ثوبه؟ قال : إني لاكره أن يتشبه بالنساء.

عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزجر الرجل يتشبه بالنساء وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها.

وعنه عليه‌السلام قال : خير شبابكم من تشبه بكهولكم ، وشر كهولكم من نشبه بشبابكم.

( في فرو السنجاب وغيره )

عن يونس بن يعقوب قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو معتل وهو في قبة وقباء عليه غشاء مذاري (١) وقدامه مخضبة حناء يهيئ فيها ريحان مخروط وعليه جبة خز ليست بالثخينة ولا بالرقيقة وعليه لحاف ثعالب مظهر بيمنية ، فقلت : جعلت فداك ما تقول في الثعالب؟ قال : هو ذا علي.

عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما‌السلام ، أنه سئل عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال : أما لحوم السباع ـ والسباع من الطير ـ فإنا نكرهها ، وأما الجلود فاركبوا فيها ولا تلبسوا منها شيئا في الصلاة.

عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اهديت لابي جبة فرو (٢) من العراق ، فكان إذا أراد أن يصلي نزعها فطرحها.

عن عبد الله بن سنان ، عنه عليه‌السلام قال : ما جاءك من دباغ اليمن فصل فيه ولا تسأل عنه.

وسئل الرضا عليه‌السلام عن جلود الثعالب والسنجاب والسمور؟ فقال : قد رأيت السنجاب على أبي ونهاني عن الثعالب والسمور.

__________________

١ ـ مذاري : ينسب إلى مذار بلد بين الواسط والبصرة. والمخضبة ، بالكسر : شبه المركن : وعاء لغسل الثياب أو خضبها.

٢ ـ الفرو ، بالفتح : الذي يلبس من الجلود التي صوفها معها.

١١٨

الفصل السابع

في العمائم والقلانس

( في العمائم )

عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : العمائم تيجان العرب ، فإذا وضعوا العمائم وضع الله عزهم.

وقال عليه‌السلام : اعتموا تزدادوا حلما.

عن أبي إسحاق (١) قال : أراني أبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهو يخطب وعليه إزار ورداء وعمامة.

عن إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله تعالى : ( مسومين ) قال : العمائم ، اعتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسدلها من بين يديه ومن خلفه. واعتم جبريل عليه‌السلام فسدلها من بين يديه ومن خلفه.

عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو يقول : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح ، ثم خرج إلى حنين ، فلما فرغ منهم انتهى إلى أوطاس بقيت منهم بقية ففرغ منهم ، ثم إنتهى إلى الجعرانة فقسم الغنائم بين المسلمين ، ثم أحرم ودخل مكة (٢).

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ركعتان بعمامة أفضل من أربعة بغير عمامة.

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر.

عن عبد الله بن سليمان ، عن أبيه قال : كنت مع أبي في المسجد فدخل علي بن

__________________

١ ـ هو ابوإسحاق السبيعي ، وقد مر ذكره.

٢ ـ حنين : واد بين مكة والطائف ، حارب فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمون ، في العاشر من الهجرة ، وكانوا زهاء إثنى عشر ألفا ، وانهزم المشركون إلى أوطاس ( واد بديار هوازن ) وغنم المسلمون بأموال المشركين وأهلهم ثم ساروا إليهم فاقتتلوا في الاوطاس وانهزم المشركون إلى الطائف. والجعرانة ، بتسكين العين وتخفيف الراء وقد تكسر العين وتشدد الراء : موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة. وفيها قسم رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الغنائم بين المسلمين.

١١٩

الحسين عليه‌السلام ولست أثبته وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها من كتفيه ، فقلت لرجل قريب المجلس مني : من هذا الشيخ الذي أرى؟ فقال : ما لك لم تسألني عن أحد دخل هذا المسجد غير هذا الشيخ؟ قال : قلت : إني لم أر أحدا دخل المسجد أحسن هيأة في عيني منه فلذلك سألتك عنه ، قال : فإنه علي بن الحسين عليه‌السلام.

( في كيفية التعمم )

عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : عمم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا عليه‌السلام بيده فسدلها من بين يديه وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، ثم هكذا يكون تيجان الملائكة.

عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إني ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت ذقنه ثلاثا لا يصيبه : السرق والغرق والحرق.

( الدعاء عند التعمم )

من كتاب النجاة : « اللهم سو مني بسيماء الايمان وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الايمان من عنقي » وليتعمم من قيام محنكا.

( في القلانس )

عن محمد بن علي قال : رأيت على أبي الحسن عليه‌السلام قلنسوة خز مبطنة بسمور.

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلبس قلنسوة بيضاء مضربة وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أذنان.

عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة وذات الاذنين في الحرب. وكانت له عمامته السنجاب. وكان له برنس يبرنس به.

سئل الرضا عليه‌السلام عن الرجل يلبس البرطلة (١) قال : قد كان لابي عبد الله عليه‌السلام مظلة يستظل بها من الشمس.

__________________

١ ـ البرطل ـ كقنفذ ـ : قلنسوة ومظلة.

١٢٠